عالم الجزيرة

جنوب السودان.. بلد الأحلام المجهضة

عاين “عالم الجزيرة”حرب أبناء دولة جنوب السودان التي تسببت في تشريد مليوني إنسان وقتل عشرات الألوف. البلد الذي تحول بعد سنوات قليلة على استقلاله من بلد الأحلام إلى كابوس لأهله.

قبل أربع سنوات ولدت دولة جديدة. بعد عقود من الحرب الأهلية مع الجزء الشمالي من السودان، كان الأمل من وراء هذه الولادة أن تكون الحلم الذي يتحقق. لكن دولة جنوب السودان انحدرت اليوم إلى الفوضى، فقد نشبت الحرب بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار.

وفي حلقة 25/6/2015 من سلسلة "عالم الجزيرة"، كانت الصحفية أنجالي كامات بصحبة القوات الدولية تنقل على أرض الواقع كيف تحول حلم الدولة إلى كابوس.

إنها حرب ذات بعد عرقي تسببت في تشريد مليوني إنسان من منازلهم، وقتل عشرات الألوف، في وقت يتواصل القتال في عموم البلاد.

وتقدر تقارير أولية أن ما لا يقل عن خمسين ألف شخص قُتلوا منذ اندلاع القتال في ديسمبر/كانون الأول 2013. غير أن مواطنين يقولون إن الرقم أكبر بكثير.

ورغم ملايين الدولارات التي قدمت بشكل عون دولي وخزائن الحكومة التي كانت ذات يوم تمتلئ بالأموال، لا تكاد تجد طريقاً ممهدة في جنوب السودان.

ملكال
في بلدة مالكال التي انتقلت السيطرة عليها بين المتقاتلين ست مرات منذ بدء الصراع، تعاين الكاميرا مأساة من حالفهم الحظ وبقوا على قيد الحياة.

يحكون عن هروب الآلاف إلى ملكال لدى اندلاع القتال في بادئ الأمر بين قوات الحكومة والمتمردين. لجؤوا في بادئ الأمر إلى مستشفى مَلكَال التعليمي، معتقدين أنهم سيكونون في مأمن. لكن قوات المتمردين، الموالية لنائب الرئيس السابق رياك مَشار، دخلت من البوابات.

إعلان

تسأل أنجالي كامات كم عدد الذين قتلوا في المستشفى، فقال لها أحد العاملين في الإغاثة دانيال دينغ إنهم 56 ومنهم مرضى قتلوا على أسرتهم.

لكن قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها الرئيس سلفاكير كانت تقاسم الفريق الآخر في حصد الضحايا. ويقول أحد الهاربين إن الدينكا كانوا يسألون الشخص بلغتهم العرقية فإذا لم يفهم السؤال فهذا يعني أنه ليس منهم، أي أن مصيره سيكون القتل.

تغذى الشرخ السياسي الذي حدث في صفوف القيادة من الانقسامات العرقية. فالرئيس سلفاكير من جماعة الدينكا، ونائب الرئيس السابق رياك مشار من النوَير.

اتفاق السلام
كانت الجهود الدولية أثمرت في عام 2005، ووصلت الحرب الأهلية بين شمال السودان وجنوبه إلى نهايتها. وأصبح قائد المتمردين جون غرانغ نائبا لرئيس السودان. وفي توقيع اتفاق السلام الشامل كان هناك مسار واضح إلى الأمام نحو استقلال جنوب السودان. لقد حقق الجيش الشعبي لتحرير السودان نصرا كبيرا.

لم تبلغ الدولة سنتها الثالثة بعد ولادتها في يوليو/تموز 2011 انتهى حلم دولة جنوب السودان بشكل مفاجئ في العاصمة جوبا في إحدى أمسيات ديسمبر/كانون الأول 2013.

رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان- التغيير الديمقراطي جوبا لام أكول يقول "لقد رأيتم الخراب الذي حلّ. الأسوأ من ذلك هو تمزيق النسيج الاجتماعي. فالنوير لا يستطيعون التكلم مع الدينكا، ولا مع الشلوك".

ويضيف أن "الجنوبيين حاربوا في السابق من أجل حقوقهم. كانوا يقاتلون ضد القمع والاضطهاد. أما هذه الحرب فهي صراع على السلطة. وليس لها تبرير بأي شكل".

المصدر: الجزيرة