
الصين.. إما الموت جوعاً أو بالتسمم الغذائي
في عام 2008، نُقل مئاتُ الآلاف من الأطفال في الصين إلى المستشفيات، إثرَ إرضاعهم مادة الميلامين السامة في حليب الأطفال، والتي استخدمت، وفق ما اكتشفه المحققون وقتها، من أجل دعم مستويات البروتين في مسحوق الحليب. حدثت هذه الفضيحة في الصين التي بات سكانها يرفعون شعار "إما أن نموت جوعاً، أو أن نموت بالتسمم الغذائي".
ففي الصين، أكثر بلدان العالم سكانا، ومن أجل الربح السريع، يلجأ بعض المزارعين ومربي الحيوانات وأصحاب المطاعم إلى استخدام المواد الكيميائية والهرمونات والمبيدات استخداما جائرا، لينتهي ذلك في أمعاء المستهلكين.

ويثير هذا الاستخدام القلق لباقي أنحاء العالم، إذ أن عمليات تصدير الغذاء المصنوع في الصين ما فتئت تتزايد لتصل إلى كل الموائد القريبة منك.
ستيف تشاو من برنامج "عالم الجزيرة" استعان بكاميرا مخفية، ليكشف خفايا الاستخدام غير الآمن للمواد الكيميائية التي تسبب أمراضا خطيرة للبشر، وقد تؤدي إلى وفاتهم أحيانا. كما يفتح أعين الناس على مراقبة كل ما يتناولونه من أطعمة دون البحث في مكوناتها.
حَساء النودلز، هو الطبق الذي يُقدم في كل شوارع الصين تقريبا، بعدما كان يقدم للأباطرة، وهو يحتوي على كل العناصر الغذائية التي يحتاجُها الإنسان، لكن الفضائح التي ظهرت مؤخرا، كشفت أنه تحول في كثير من الأحيان لطعام سامٍّ أمرض وقتل آلافا.
ويُعد الطاهي وو جين يون، أحد أشهر صانعي طبق حَساء فطائر لحم الخنزير المسلوقة، ويقول إن المفتاح للطعم الرائع للطبق هو استخدام مكونات طبيعية ولا شيء صناعيا. ويقوم جين يون بخلط الطحين بالبيض، ثم يُعجَن الخليط ليتحول إلى عجينة، حتى تصبح بالقوام المطلوب ليتم تقطيعُها بشكل أشرطة النودلز التي تحمل بصمته المميزة.
لكن الطاهي جيْتشيانغ تيت من العاصمة بكين يكشف الأسرار الخفية والقذرة لمهنة صناعةِ حَساء النودلز، حيث يقول إن مطاعم كثيرة تقدم طبقا مزيفا للحَساء يشبه في مذاقه الطبق الحقيقي، من خلال استخدام مواد تحفز النكهة في اللحم المستعمل، وحشوات صناعية وغيرها من الخدع التي تضر بصحة الإنسان وتشبع جشع من يضعون الربح فوق كل الاعتبارات الأخرى.
مبيد حشرات
وكشفت فحوص اختبارية أجرتها حلقة "عالم الجزيرة" للطبق الزائف من نودلز عدداً من المواد الممنوعة، ففي الطحين كانت هناك مادة الفورمالدِهايد التي تستعمل في حفظ الجثث، وحينما تؤكل فبإمكانها أن تسبب سرطان الكبد. وكذلك في المسحوق الأبيض الغامض الذي يستعمل في إعطاء النودلز قوامها المرن، كانت هناك معادنُ سامة مثل الرصاص.

كما وجد المختبر مادة البوراكس، وهي مادة كيميائية سامة، وأيضاً مبيد حشري ومبيد للفطريات، ويمكن لملعقة شاي منها أن تقتلَ طفلاً، وقد منع استخدامها في الصين.
ومن المكونات الشائعة في حَساء النودلز، هناك كِرشة البقرة التي يستعمل البائعون مواد كيميائية صناعية ليجعلوها تبدو طازجة.
إضافة إلى الاستعمال المفرِط للمبيدات، حيث تبيّن دراسات حديثة أن معظم الأراضي الزراعية في الصين اليوم ملوّثة تلوثا كبيرا بهذه المبيدات. كما تبين أن الاستخدام المفرِطَ للمضادات الحيوية -خصوصاً في المواشي- أوجد أنواعا من البكتيريا مقاومةً للأدوية. فبإمكان تلك البكتيريا أن تنتقل بسهولة إلى بني البشر حينما يتناولون لحوم المواشي.
وتقول الدوائر الحكومية الصينية من جهتها إنها بذلت منذ عام 2008 جهوداً كبيرة في مجال الرقابة الغذائية، وإنها تحاول تحسين سلامة نظام التموين الغذائي برمته.