عالم الجزيرة

رفقا بالأرض

تفتح حلقة 28/9/2014 من برنامج “عالم الجزيرة” ملف معاناة سكان مناطق بأستراليا جراء صناعة غاز الفحم الحجري التي يقولون إنها تشكل خطورة على صحتهم وبيئتهم.

في مدينة تارا النائية في الجنوب الشرقي لمقاطعة كوينزلاند بأستراليا، ينتفع السكان من ثروة الوظائف الجديدة والاستثمارات التي وصلت المنطقة عن طريق صناعة غاز الفحم الحجري، بينما يجد ملاك الأراضي في المناطق المجاورة أنفسهم محاطين بآبار غاز أدت إلى انخفاض قيمة أراضيهم، إضافة إلى ما يدعيه البعض من تدهور وضعهم الصحي.

اشترى براين مونك وعائلته عام 2003 أرضا نائية ومنعزلة طامحين إلى خلق أسلوب حياة مستدام، ولكن كل شيء انهار بفظاعة، فقد أصيب أطفاله وهم يستحمون في أحد الأيام بحز حول أجسادهم التي كانت تحت مستوى الماء، وباحمرار كأنه حرق بمادة كيميائية، في حين أن الجزء الذي لم يصل إليه الماء كان طبيعيا.

واكتشف مونك لاحقا أن إحدى آبار الغاز قد تم حفرها حينها على بعد أكثر من ثلاثة كيلومترات عن مكانهم.

ويُرد النمو السريع لحقول الغاز في تارا إلى التطورات الحاصلة في إحدى تقنيات الحفر المثيرة للجدل والتي يطلق عليها اسم "التهشيم"، حيث يتم فيها استخدام ماء مضغوط مع رمل وخليط من المواد الكيميائية لتهشيم الفحم الحجري تحت الأرض وإطلاق الغاز الطبيعي المحصور داخله.

براين مقتنع بأن طريقة التهشيم التي استخدمت في آبار الغاز القريبة منه أدت إلى تلوث إمدادات المياه الجوفية، وهذا ما عرض عائلته إلى الغازات السامة.

وتؤكد ديبي أور أن أطفال مونك (جارها) قد أصابهم الطفح الجلدي وهو شبيه بالحروق الكيميائية.

وديبي هي أم لستة أطفال، وتعتبر المؤسسة لمجموعة الدعم لمجتمع حقول الغاز، حيث تجمع الأدلة التي تأمل أن تكون البرهان على نمط الأمراض التي بدأت تظهر مع وصول غاز الفحم الحجري.

تقول هذا السيدة إنهم اكتشفوا بعد البحث عن ماهية غاز الفحم الحجري أن له أعراضا صحية سلبية، فقد كان ابنها يعاني من الصداع ومن نزيف بالأنف، وهي نفس أعراض طفل آخر في الجوار حيث يعاني من طفح جلدي ونزيف بالأنف والأذن أيضا.

وبحسبها، فهناك الكثير من العائلات في المنطقة تعاني من الأعراض ذاتها والتي بدأت في الظهور مع وصول صناعة غاز الفحم الحجري إلى المنطقة.

تكذيب حكومي
وقامت شركات غاز الفحم الحجري بأخذ خطوات عاجلة من أجل تكذيب ادعاءات ديبي وجارها براين مونك، غير أن هناك عالما في جامعة موناش الأسترالية -وهو المهندس البيئي غافن- مقتنعا بأن ادعاءاتهم تستحق دراستها بجدية، ويعتقد أن سكان تارا لديهم مخاوف مشروعة ولها ما يبررها.

غير أن جيف سيني نائب رئيس وزراء كوينزلاند وزير الدولة للتطوير، ويعتبر من المؤيدين المتحمسين لصناعة غاز الفحم الحجري الخاص بالحكومة، يؤكد أن من واجب الحكومة أن تضمن لمالكي الأراضي المتضررين من عملية استخراج الغاز كافة حقوقهم وتعويضاتهم، وأن تشملهم بالرعاية، لكن ذلك لا يمنحهم الحق في منع باقي سكان كوينزلاند من الاستفادة من تلك الموارد.

وكان المسؤول الحكومي يرد على تحالف "لوك ذي غيت" (أقفل البوابة)، وهي منظمة تشجع أصحاب الأراضي على تحدي القانون عن طريق إقفال أبوابهم وعدم السماح لمصنعي غاز الفحم الحجري بالدخول إلى ممتلكاتهم.

وبينما تظل الحكومة وشركات الغاز واثقة من سلامة عملية التهشيم، فإن الأمر أدى إلى انقسام العلماء، وأقلق المهتمين بشؤون البيئة، وهناك مخاوف من أنه في حال انطلاق الملوثات بسبب عملية التهشيم وتسربها إلى المنظومة المائية تحت الأرض فإن ذلك قد يلوث الحوض الارتوازي العظيم، والذي يعتبر أكبر مخزون مياه في البلاد، وهو المصدر الوحيد للمياه الحلوة في كل الداخل الأسترالي.