انفصال أسكتلندا عن بريطانيا.. مزايا ومخاطر
تتبعت الجزيرة قضية الاستفتاء على انفصال أسكتلندا عن المملكة المتحدة، وسلطت الضوء على المهام الشاقة التي سيفكر فيها الأسكتلنديون في حال الانفصال ومزايا هذه الخطوة وعيوبها.
وفي حلقة الخميس (18/9/2014) من برنامج "عالم الجزيرة"، استعرض فيلم "أسكتلندا الشجاعة" حروب أسكتلندا من أجل الانفصال، موضحا أنها بدأت بعد قيادة ملك إنجلترا إدوارد جيشا غازيا واحتلاله قلعة ستيرلنغ عام 1276، التي كانت أحد أهم معاقل أسكتلندا.
وتناولت المعارك التي دارت بين الطرفين قبل دخول أسكتلندا في اتحاد مع المملكة المتحدة عام 1707.
واستادا لقياسات الرأي العام، أشارت الحلقة لعدم وجود مستوى عظيم من العداء للإنجليز لدى الراغبين في الانفصال بقدر رغبتهم في شعور أسكتلندا بهوية سياسية جديدة، وشعورهم بأن هذه فرصة تاريخية لا تتكرر لأن تسلك بلادهم مسلكا مختلفا وتتجه اتجاها مختلفا عن اتجاه المملكة المتحدة.
يشار إلى أن استطلاعات الرأي تظهر أن أسكتلندا بشكل عام لا تريد الانفصال عن المملكة المتحدة، لكن الحلقة أوضحت أن امتناع الأسكتلنديين عن الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء قد يساعد القوميين على الفوز بتحقيق الانفصال.
وألمحت الحلقة إلى أن نتائج الاستفتاء لن تقتصر على أسكتلندا، بل ستكون لها آثار تتجاوز حدود هذا البلد ذي الخمسة ملايين نسمة، فثمة بلدان أخرى حالها كحال أسكتلندا ترقب الموقف.
إذا صوت الأسكتلنديون لصالح الانفصال فستبرز مسائل تتعلق بتسليح الدولة وضبط ديونها واختيار عملة لها |
غرائب التصويت
لكن المثير للاستغراب في عملية التصويت بالاستفتاء أنه لن يحق التصويت لأي من ملايين الأسكتلنديين القاطنين حول العالم، الذين يريدون أن يكون لهم دور في هذه المسألة، في حين يسمح لبعض المقيمين بالتصويت.
وأبانت الحلقة أنه إذا صوت الأسكتلنديون لصالح الانفصال، فستبرز مسائل تتعلق بتسليح الدولة وضبط ديونها واختيار عملة لها، وسيبرز عدد لا حصر له من التحديات الأخرى.
وردا على سؤال "كيف ستتمكن أسكتلندا إذا ما انفصلت من أن تبقى بلا ديون؟"، قال الوزير الأول -في البلد الذي يتمتع بوجود برلمان وحكومة لهما صلاحيات في مجالات التعليم والقضاء والصحة- أليكس سالموند إن ذلك لا يقلقه.
وأضاف "ما نقوله هو أن هذا بلد يتمتع بموارد بشرية وطبيعية هائلة. يمكن أن تجعله بلدا ناجحا جدا يتميز مجتمعه بعدالة تزيد كثيراً على ما هو عليه الحال الآن".
وبالمقابل، قال زعيم حملة رفض الانفصال ألاستير دارلنغ إنه يشعر بالثقة بأن الشباب الأسكتلندي يرفض فكرة الانفصال. وأضاف "لقد استُطلعت آراء الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما على مدى السنوات الخمس الماضية فظهر أن الغالبية الساحقة منهم تعارض الانفصال".
وسلطت الحلقة الضوء على وجود فجوة هائلة بين الأغنياء والفقراء، مؤكدة أن العاصمة الاقتصادية غلاسكو تعكس هذه المشكلة في أبشع صورها. وأشارت إلى أن عدد العاطلين عن العمل فيها يزيد عن عدد نظرائهم في بقاع المملكة المتحدة الأخرى، وعدد من يموتون في سن مبكرة، بفعل أمراض القلب، يرتفع عن عدد نظرائهم في أي مكان آخر من العالم.
إذا لم يتحقق انفصال أسكتلندا في سبتمبر/أيلول 2014 فسيطرح هذا السؤال نفسه مرة أخرى فيما بعد لأنه يأبى أن يغيب تماما كما لا تأبى 300 سنة من التاريخ أن تنمحي |
فرصة للإصلاح
عضو حزب البيئة الأسكتلندي باتريك هارفي مقتنع بأن الانفصال "فرصة لإصلاح الأحوال"، ويقول "إذا كان المواطن راضياً عن مستوى الفقر وعن انعدام المساواة، فقد يصوت لصالح الإبقاء على الوضع الراهن. ولكن لدى أسكتلندا فرصة كي تكون نموذجاً لمجتمع ديمقراطي صغير ومسالم، مثل كثير غيره في شمال أوروبا، وأعتقد أن ذلك سيكون أكثر إلهاماً لمجتمعنا من الوضع الراهن الذي يحكمنا فيه البرلمان البريطاني".
وناقشت الحلقة موارد أسكتلندا من النفط كونه يمثل لبّ التفاؤل القومي حيث يقول القائمون على الحملة الداعية إلى الانفصال إن المخزونات الهائلة من نفط بحر الشمال ستحمي البلاد من عجز مالي.
كما بحثت مستقبل رادع بريطانيا النووي الموجود في قاعدة فازلين بأسكتلندا.
واختتمت الحلقة بتساؤل عن استعداد أسكتلندا لأن تكون شجاعة وتقرر الانفصال، مؤكدة أنه إذا لم يتحقق ذلك في سبتمبر/أيلول 2014 فسيطرح هذا السؤال نفسه مرة أخرى فيما بعد لأنه يأبى أن يغيب تماما كما لا تأبى 300 سنة من التاريخ أن تنمحي.