عالم الجزيرة

الصبية الضائعون

يعملون في أكثر أعماق الأرض ظلمة دون أن يراهم أو يسمع بهم العالم من فوقهم، إنهم آلاف الأطفال الذين يتم استغلالهم للعمل بحُفر الفحم القاتلة بولاية “ميغالايا” بشمال شرق الهند.

عندما كان صغيرا حلم عامل التعدين النيبالي كارما بأن يصبح طيارا، لكن حلم هذا الفتى (16 عاما) تلاشى داخل حفر الفحم في ولاية "ميغالايا" بشمال شرق الهند، حيث تطور استخراج الفحم هناك إلى تجارة قيمتها ملايين الدولارات، لكن بكلفة بشرية وثمن باهظ يدفعهما أطفال حرموا من حقوقهم وبراءتهم.

معاناة هؤلاء الأطفال تتطرق إليها حلقة 23/11/2014 من برنامج "عالم الجزيرة".

يقوم كارما بمهمة الحفر وقطع الفحم وسحبه للخارج، ويقضي سبع ساعات يوميا في الزحف داخل ما يطلق عليه السكان "حفرة الجرذان"، فالنفق مليء بغاز الكبريتيك، وكي يعثر على الفحم عليه أن يذهب للعمق في الداخل.

يعمل كارما مع أخيه الأكبر، وكذلك عمل والدهما هناك قبل وفاته بالسل، ويجنيان نحو 160 دولارا أسبوعيا.

أما رام كومار راي -الطفل النيبالي الآخر- فكاد أن يدفن حيا في "جحر الجرذان" عندما سقطت عليه الصخور، وقد تعرض للعديد من الآلام في ظهره وصدره، لكنه لم يتلق أي علاج أو تعويض من قبل من يقومون بتشغيله.

يعيش كارما في مقاطعة "جاينتيا هيلز" بولاية ميغالايا على الحدود مع بنغلاديش، وهو الإقليم الغني بالثروة الطبيعية، وتشير تقديرات وزارة التعدين والجيولوجيا إلى أن هناك نحو ستمائة مليون طن من احتياطيات الفحم تحت هذه التلال، وقد كان هذا الاكتشاف فاتحة خير بالنسبة للجماعات القبلية التي تملك الحقوق الحصرية لاستثمار هذه الأرض.

إعلان

غير أن ناشطين في مجال حقوق الأطفال يقولون إن آلاف الأطفال أمثال كارما يتم استغلالهم في هذه المناجم المربحة، فهم يحفرون يدويا لاستخراج الفحم لأن مالكي الأراضي لا يريدون الاستثمار بالمعدات المكلفة فيعملون دون أبسط وسائل الأمان كشرب الماء أو التأمين الصحي.

وبحسب هسينا كاربهيه -وهي ناشطة بارزة في إدارة حملات حقوق الأطفال- لا أحد يعلم بالتحديد عدد الأطفال العاملين في جحور الجرذان، وأشارت إلى أن هؤلاء الأطفال يعانون من سوء التغذية، والكحة المزمنة وأمراض الجلد.

كما يؤكد نشطاء أن الشاحنات المحملة بأطنان من الفحم -والتي تذهب إلى القطاع الصناعي الهندي المتعطش للطاقة ومن ثم لموانئ بنغلاديش المجاورة لتصديرها- غالبا ما تعود محملة بشحنة من المهاجرين غير الشرعيين من نيبال وبنغلاديش ليعملوا في المناجم بمن فيهم الأطفال. 

استغلال الأطفال
وتقول كاربهيه إن جاينتيا هيلز نقطة ساخنة بالاتجار المشبوه بتشغيل الأطفال، وتشير إلى أن الأغلبية العظمى من أصحاب المناجم هم من القادة السياسيين أنفسهم، سواء كانوا الأصحاب المباشرين للمناجم أو من خلال أسماء زوجاتهم أو عائلاتهم.

مع العلم أن تشغيل الأطفال غير الشرعي دام لأكثر من ستين عاما في الهند، لكن العديد من القوانين والدساتير الوطنية منعت عمل الأطفال تحت سن الـ18 في حال الأعمال الخطرة كالتعدين، وهي القوانين التي لا تطبق في ولاية ميغالايا من طرف أصحاب الأراضي والمناجم.

وتؤكد ديبا ديكسيت -وهي محامية وعضوة سابقة في اللجنة الوطنية لحماية حقوق الطفل- أن حكومة ميغالايا تجاهلت عمدا استغلال الأطفال لصالح صناعة التعدين والأرباح التي تولدها. ودعت ديكسيت حكومة الولاية إلى فرض عقوبات سريعة على مالكي المناجم الذين ينتهكون القوانين الوطنية.

في المقابل، تنفي وزيرة العمل إمبارين لينجدوه ميجهاليا عمل الأطفال في التعدين، وتقول إن انخراط طفل أو اثنين أو ثلاثة في أعمال التعدين لا يعني أن جميع العاملين في مناجم الولاية هم من صغار السن.

إعلان

كما أن هينسون لينجدوه -مالك منجم فحم- ينفي تشغيل الأطفال في المناجم، ويقول إن الدولة بحاجة ماسة لوضع سياسة رسمية للتعدين وتوحيد المعايير الصناعية، وأن تجبر أصحاب المناجم على استخدام الآلات بدلا من الرجال.

المصدر : الجزيرة