عالم الجزيرة

شرطي كراتشي القوي

تسلط الحلقة الضوة على كراتشي التي كانت تسمى مدينة الأضواء، أما الآن فهي تقف على حافة الظلام، حيث تجتمع الجريمة والابتزاز ويُقتل مواطنوها يوميا بسبب المعتقدات والطمع.

تبدو كراتشي -العاصمة التجارية لباكستان- على نحو متزايد مثل مدينة خارج نطاق السيطرة، فهي تعج بالأسلحة والمشتبه فيهم من العصابات التي ترتبط بالأحزاب السياسية والمسلحين من الجماعات الدينية، بمن فيهم حركة طالبان.

يصفها المفتش العام بشرطة كراتشي شاهد حياة خان بالمدينة المعقدة جدا، ففيها الكثير من المشاكل: التسليح، والسياسي والديني، والطائفية، كما أن لحركة طالبان وجودا كبيرا هناك.

سكان كراتشي البالغ عددهم أكثر من عشرين مليون شخص، تعودوا على رؤية مشاهد الاغتيالات والإرهاب، حيث قتل العام الماضي أكثر من ألفين وسبعمائة شخص، بينهم 171 ضابط شرطة، بحسب ما أورد حياة خان.

وفي عام 2013، وصلت الجريمة مستويات تاريخية، مما جعل وكالات تطبيق القانون تشرع في تطبيق إستراتيجية هجومية جديدة عرفت باسم عملية كراتشي، كان يقصد بها مجابهة القوة بالقوة والتعامل مع المجرمين المعروفين عبر سلسلة حملات أمنية محددة، أسفرت عن قتل العشرات من المشتبه فيهم.

يقول أحد السكان لحلقة 26/10/2014 من برنامج "عالم الجزيرة" إنه لا أحد لديه سلطة كاملة في كراتشي، فلا يوجد قانون، وإذا كانت الشرطة غير آمنة، فما الذي سيحدث للناس؟

أثبتت المحكمة العليا في باكستان أن الأحزاب السياسية لديها أجنحة مسلحة وتستخدمها لخلق مساحة سياسية لها، وأن هذه الأحزاب متورطة في العنف السياسي، وبعض الأحزاب لديه تاريخ من العداء تجاه الشرطة.

إعلان

سلطة الأحزاب
وتعد "الحركة القومية المتحدة" الحزب الأقوى في كراتشي، رغم أنها ليست في السلطة حاليا. وحينما تشعر هذه الحركة بالاستياء تلجأ لإغلاق أجزاء كبيرة من المدينة من خلال إضرابات واسعة، تقول إنها مشروعة ضد قوة الشرطة التي ترى أنها مسيسة. وفي عام 1992 تسببت الاحتجاجات التي نظمتها هذه الحركة في عنف عمّ المدينة ثلاث سنوات، قُتل فيها المئات من رجال الشرطة.

ورغم أن الشرطة غالبا ما تكون على خلاف مع حزب "الحركة القومية المتحدة"، فهناك مشكلة جديدة في كراتشي جعلت لهما عدوا مشتركا، إنها حركة طالبان التي يعتبرها حيدر عباس ريزفي أكبر تهديد للأمن القومي الباكستاني، وأنها قتلت أكثر من مائة من نشطاء الحركة.

وبحسب ما يؤكده ريزفي، فإن الأحزاب السياسية لا يمكنها أن تقاتل أو تحارب أو تطلق النار على طالبان لأنها لا تملك سلاحا. في حين تؤكد الشرطة أن كل الأحزاب بكراتشي بما في ذلك الجماعات الدينية لها صلات بمسلحين.

ويرى المحرر بصحيفة إكسبريس تريبيون ماهيم ماهر أن الأحزاب تحتاج إلى المال وهي تحصل عليه من خلال الابتزاز، ويقول إن  كراتشي تنقسم إلى مناطق نفوذ بين الأحزاب السياسية وهناك مناطق محل خلاف في ما بينها.

وأفضل وسيلة لإيصال رسالة لطرف ما تكون عبر قتل نشطاء سياسيين من حزب منافس.

حماية الشهود
وليس لباكستان حاليا برنامج لحماية الشهود، رغم أن الحكومة تخطط لتبني برنامج مماثل. فمثلا عندما يذهب الشرطي إلى المحكمة ويكون برفقته متهمٌ مكبل اليدين، فإنه يجلس ويطلب الشاي له وللمتهم أيضا. وفي الوقت نفسه يذهب الشاهد للمحكمة لحضور الجلسة فماذا يرى؟ إنه يرى المتهم جالسا يحتسي الشاي بجوار الشرطي، وبالتالي هل ستكون لديه قناعة بهذا النظام؟

ولا تتحقق العدالة في هذا البلد بدليل أن هناك قضايا جنائية يحكم فيها بعشرة أو 15 عاما والقضايا المدنية بعشرين أو 25 عاما، أي أنه ليس هناك تناسب بين الأحكام والعقوبات.

إعلان

ويخلص المفتش العام بشرطة كراتشي إلى أن المجتمع الباكستاني وقيمه في خطر، وأن هذا الخطر لا يتمثل فقط في طالبان، ولا يمكن تخليص كراتشي -التي تساهم بحوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي لباكستان- من الجريمة ما لم يتم التخلص من تسلح الأحزاب السياسية.

المصدر : الجزيرة