برامج متفرقة

مسؤولة يهودية سابقة بإدارة بايدن: استقلت لأنني لا أستطيع تأييد كارثة غزة

في خطوة غير مسبوقة، أعلنت ليلي غرينبرغ كول، المساعدة الخاصة السابقة لرئيس الأركان بالداخلية الأميركية، استقالتها احتجاجا على دعم إدارة الرئيس جو بايدن اللامحدود للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

بانر - المنشقون

وتُعد غرينبرغ أول موظفة سياسية يهودية معينة من قبل بايدن تستقيل علناً بسبب الموقف الأميركي من الحرب، لتنضم بذلك إلى سلسلة متنامية من الاستقالات الاحتجاجية داخل الإدارة الأميركية.

وفي مقابلة مع برنامج "المنشقون" كشفت غرينبرغ عن تفاصيل قرارها المصيري، قائلة "لا يمكنني بعد الآن وبضمير مرتاح الاستمرار في تمثيل هذه الإدارة في ظل الدعم الكارثي المستمر من قبل بايدن للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة".

وقد نشأت غرينبرغ في بيئة يهودية تقليدية جنوب كاليفورنيا، حيث تشكلت هويتها وانتماؤها منذ طفولتها المبكرة، والتحقت بحضانة يهودية وكانت منخرطة بقوة في نشاطات الكنيس (المعبد اليهودي) في مجتمع متنوع ضم يهوداً من إسرائيل وإيران وأميركا اللاتينية ومختلف أنحاء العالم.

وتصف تلك المرحلة قائلة "نشأت متدينة وفخورة جداً بثقافتنا وتراثنا اليهودي.. كان مجتمعنا يؤيد إسرائيل بشكل كبير، حيث كان يُنظر إلى تأييدها وتأييد الشعب اليهودي على أنهما الشيء نفسه".

وتضيف "كان يُنظر إلى إسرائيل على أنها الرد على معاداة السامية، وأنها توفر لنا الأمن في عالم سمح بحدوث الهولوكوست.. وكان مهما جدا لوالديّ أن أنشأ في هذا المجتمع المنغلق علينا كيهود داخل المجتمع الأميركي".

إعلان

رحلة إلى إسرائيل

وشكلت رحلة قامت بها غرينبرغ إلى إسرائيل خلال دراستها الجامعية نقطة تحول محورية في وعيها السياسي والإنساني، فخلال زياراتها للضفة الغربية، واجهت للمرة الأولى الواقع الفلسطيني عن قرب.

وتقول "حين كنت في الضفة ورأيت الجدار ومررت عبر الحواجز وتعرفت على نظام الفصل العنصري عن قرب، ساعدتني تجربتي في التعرف على الوجه الآخر من الرواية التي تم تلقينها لي".

وتكشف عن تحول عميق في تفكيرها و"كنت قد فكرت في الانتقال للعيش في إسرائيل وأنا أصغر سناً، وحتى في الانضمام للجيش الإسرائيلي، لأن هذا أمر طبيعي يقوم به الناس في مجتمعي.. لكنني توقفت".

وبدأت غرينبرغ مسيرتها السياسية في سن مبكرة جداً، حيث تطوعت في الحملات الانتخابية منذ العاشرة من عمرها، وتوضح دوافعها بكونها كنت مهتمة بشكل كبير بالعدل الاجتماعي وبدا لها أن السياسة وسيلة لتحقيق التغيير الذي أرادته.

وتدربت مع كامالا هاريس عندما كانت عضوا بمجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا، وبعد شهرين من تخرجها في الجامعة انتقلت للعمل بحملة هاريس الرئاسية الأولى، وعندما انسحبت انضمت إلى حملة بايدن بولاية أريزونا، وهو ما مهد الطريق لتعيينها لاحقا في الإدارة.

وفي وزارة الداخلية، شغلت غرينبرغ منصباً سياسياً رفيعاً، حيث تم تعيينها مباشرة من قبل البيت الأبيض. وتوضح طبيعة عملها بأنها كانت من الموظفين الذين يقومون بدور سياسي في الحكومة ويسمون السياسيين أو المعينين.

مسار الاستقالة

وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، بدأت غرينبرغ رحلة التفكير في الاستقالة متأثرة باستقالة زملائها جوش بول وطارق حبش، وتصف تلك الفترة قائلة "شعرت أنني يجب أن أرى ما يمكنني فعله من الداخل وشعرت أنني في منصب مميز يمنحني الفرصة لرفع صوتي".

لكنه ومع تصاعد العمليات العسكرية في غزة، وخاصة اقتحام رفح، وصلت غرينبرغ إلى نقطة اللاعودة، واختارت يوم ذكرى النكبة الفلسطينية لإعلان استقالتها، في خطوة رمزية عميقة الدلالة، وتؤكد "بمجرد اتخاذ القرار أدركت أن لدي القدرة على فعل شيء".

إعلان

وتقدم غرينبرغ رؤية مختلفة تماماً لمفهوم الأمن اليهودي، مخالفة بذلك التيار السائد في مجتمعها، وتقول "لا أعتقد أن إسرائيل تبقي الشعب اليهودي آمناً. لا أعتقد أن تحويلها لدولة عسكرية حيث إرسالك لأبنائك البالغين سن الـ18 للجيش هو الأمان".

وتضيف بحزم "لن نحل مشكلة معاداة السامية أو مأساة المحرقة عن طريق خلق مأساة لآخرين. فالأمن سيتحقق فقط من خلال التضامن الحقيقي ومن خلال ديمقراطية متعددة الأعراق حيث تتساوى فيها حقوق الجميع".

وقد واجهت غرينبرغ ردود فعل قاسية من مجتمعها اليهودي، حيث اعتبر البعض موقفها خيانة، وبهذا السياق تقول "للأسف، صدق الناس في مجتمعي هذه الخرافة لفترة طويلة وهي أن علينا الاختيار بين أمننا وبين حرية الشعب الفلسطيني.. سنوات عديدة من الصدمة تدفع الناس لتصديق تلك الأكذوبة".

لكنها في الختام تؤكد أن موقفها ينبع من صميم هويتها اليهودية وتقول "ما أفعله برأيي يتناغم مع كل ما تعلمته من القيم اليهودية أكثر من أي شيء فعلته بحياتي، لأن اليهودية هي العدل والكفاح من أجل شعب قد يعرف كيف يفعل ذلك لنفسه".