
المرزوقي: 3 سنوات في قصر قرطاج لم أنم ليلة سعيدا أو مرتاحا
وفي حوار ضمن برنامج "مغارب"، يقول المرزوقي إنه وعلى مدار 3 سنوات قضاها في قصر قرطاج خلال فترة رئاسته ما بين 2011 و2014 لم ينم سعيدا أو مرتاحا.

وفتح المرزوقي نافذة على مشواره السياسي والشخصي، حيث أكد أن معارضته للنظم الدكتاتورية لم تكن مجرد موقف سياسي، بل كانت جزءًا من نضاله الشخصي الذي نشأ في بيئة أسرية متأثرة بالعقلية الأبوية.
ويرى أن تربيته في أسرة ذات طابع سلطوي شكلت وعيه المبكر حول أهمية الحرية والكرامة، إذ أسهمت هذه التجربة في بلورة مواقفه السياسية الرافضة لأي شكل من أشكال الاستبداد.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالمنصف المرزوقي للجزيرة نت: المشروع الصهيوني فشل وإسرائيل لن تفلت من العقاب
تونس.. الحكم غيابيا على المنصف المرزوقي بالسجن 8 سنوات
رئيس عربي ثروته الكتب والسمفونيات والأصدقاء.. حوار مع المنصف المرزوقي
المرزوقي أوضح أن رؤيته السياسية تتجاوز الأبعاد الشخصية، مشيرًا إلى أن رفضه للدكتاتورية هو موقف مبدئي يشمل جميع أنواع الحكم الاستبدادي، سواء كان عسكريا، أو دينيا، أو حتى مدنيا.
رفض من الجذور
يعود المرزوقي إلى طفولته ليشرح كيف كانت علاقته بوالده جزءا من رحلته الشخصية في مواجهة الاستبداد، وذكر أن والده كان يمارس عليه سلطته الأبوية بشكل صارم، مما دفعه إلى إدراك أهمية الحرية منذ صغره.
ورغم إعجابه الشديد بوالده وأثره الكبير في مسيرته، فإن ذلك لم يمنع المرزوقي من الدخول في صراع معه لإثبات ذاته، وروى قصة طرده من المنزل، حيث قال والده: "لا يتعايش أسدان في قفص واحد"، معتبرا ذلك اعترافا ضمنيا بقوة شخصيته.
ويعتبر المرزوقي أن تلك التجارب الأسرية أسهمت في تشكيل وعيه السياسي ورفعت من حساسيته تجاه جميع أشكال القمع والظلم، فبالنسبة له، الدكتاتورية ليست مجرد نظام سياسي، بل هي عقلية تتغلغل في المجتمع وتبدأ من أصغر الخلايا الاجتماعية، وهي الأسرة.
وتطرق المرزوقي في حديثه إلى مرحلة المنفى التي عاشها بعد خروجه من تونس نتيجة معارضته لحكم زين العابدين بن علي، وأشار إلى أن تلك الفترة كانت من المراحل الصعبة في حياته، لكنه أكد أن التجربة عززت لديه الإصرار على متابعة نضاله السياسي.
ورغم البعد عن بلاده، ظل المرزوقي نشطا في الدفاع عن حقوق الإنسان وقضايا الحرية، وكان على تواصل مستمر مع القوى السياسية المعارضة في الداخل والخارج، وأكد أن تلك الفترة كانت حاسمة في تعميق فهمه لدور المثقف والسياسي في مواجهة الأنظمة القمعية.
الثورات العربية
ومع اندلاع الثورات العربية في 2011، عاد المرزوقي إلى تونس حيث لعب دورا بارزا في المشهد السياسي خلال تلك الفترة الحاسمة، وكان أبرز الداعمين لعملية الانتقال الديمقراطي في البلاد، وتولى رئاسة الجمهورية بعد الثورة.
ويرى المرزوقي أن الثورات العربية كانت فرصة لإعادة صياغة المشهد السياسي في المنطقة، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن التحديات الهائلة التي تواجه عملية الانتقال الديمقراطي.
وتطرق إلى الفترة التي أعقبت الثورة التونسية، وكيف أنه دخل في صراع مع جميع الأطراف لأنه كان يرى أنها جميعها "لم تكن تقوم بالمطلوب" على حد تعبيره.
وعن تجربته في الرئاسة، قال المرزوقي: "حين دخلت قصر قرطاج كان هناك الكثير من الأمور الغامضة التي لم أكن أعرفها"، مضيفًا: "خلال الـ3 سنوات التي عشتها في قرطاج لا أتذكر أنني نمت ليلة سعيدًا أو مرتاحًا".
ولم تكن فترة رئاسة المرزوقي خالية من الصعوبات، حيث واجه تحديات داخلية وخارجية كبيرة، وكان من أبرز تلك التحديات هو التعامل مع القوى السياسية التقليدية التي كانت تحاول عرقلة مسار الانتقال الديمقراطي.
وأشار إلى أن المشهد السياسي في تونس بعد الثورة كان مليئًا بالتعقيدات، وبرغم هذه التحديات، يؤكد المرزوقي أنه لم يتخل عن مبادئه وأنه سعى دائمًا إلى تحقيق أكبر قدر من التقدم نحو ترسيخ الديمقراطية.
النقد والخطأ
ورغم مسيرته السياسية التي اتسمت بالمواقف المبدئية تجاه الحريات والديمقراطية، لم يخلُ تاريخ المرزوقي من الانتقادات، سواء من خصومه السياسيين أو حتى من بعض مؤيديه السابقين.
وعن تلك الانتقادات، قال المرزوقي: "لا أحد معصوم عن الخطأ، لكنني أؤمن بأن النقد البناء هو جزء من العملية الديمقراطية، ويجب أن يكون هناك حوار دائم بين القادة والشعوب".
واعترف المرزوقي بما اعتبره خطأً في التعامل مع ملف العدالة الانتقالية خلال فترة رئاسته، وكيف أنه كان المفترض أن يكون العمل بمبدأ العدالة وفقط دون أي اعتبارات أخرى، لا عدالة انتقالية ولا انتقامية.
وسخر المرزوقي من اتهامه بـ"الخيانة العظمى" من قبل نظام الرئيس الحالي قيس سعيد، واعتبره "شيئا مضحكا"، كما لفت إلى أنه بدأ حياته بهذه التهمة حيث كان والده متهما بها أيضا.
ورغم المرارة التي يشعر بها، فإن المرزوقي يرى أن تجربته تعكس "فشل شعب كامل في أن يتجاوز هذه التفاهات ويرقى لمستوى آخر".