برامج متفرقة

تحالفات ما بعد الأزمة الخليجية

في حلقة خاصة بعنوان “التحالفات الجديدة بعد الأزمة الخليجية”، حاولت الجزيرة تقصّي كيف حدثت كل تلك التحولات السريعة؟ ومن المستفيد منها؟ ومن الخاسر؟ وكيف يمكن أن تتطور في المستقبل؟

لا تزال أصداء الأزمة الخليجية تتردد في المنطقة بعد نحو ثلاثة أشهر على اندلاعها، خاصة أن هذه الأزمة غير المسبوقة والممتدة حتى الآن، أحدثت شرخا عميقا في الجسم الخليجي وأضافت إلى الجسم العربي المنهك أصلا وهنًا على وهن.

لكن آثار الأزمة لم تقتصر على ذلك، بل امتدت لتغير بعض معالم المشهد في منطقة الشرق الأوسط، فقد أطاحت الأزمة بتحالفات تقليدية قديمة وفسحت المجال واسعا أمام تشكيل تحالفات جديدة،.كما كشفت الاتصالات بين إيران وتركيا في الأيام الأولى لهذه الأزمة عن تحول في طبيعة العلاقة بين طهران وأنقرة، التي كانت تتسم بالتنافس والمواجهة غير مباشرة.

كما أدت هذه الأزمة إلى تقوية التحالف التركي القطري إلى درجة التسريع في وصول قوات تركية إلى الدوحة للاستقرار في قاعدة عسكرية هناك ضمن اتفاق ثنائي. في الوقت ذاته تخلت إسرائيل عن مواقفها الغامضة واصطفت إلى جانب معسكر الدول التي تحاصر قطر، خاصة مع رفع تلك الدول شعار العداء مع إيران، وهو الشعار الذي لم يصمد طويلا مع بدء الرياض مسارا تطبيعيا تدريجيا مع طهران.

في حلقة خاصة بعنوان "التحالفات الجديدة بعد الأزمة الخليجية"، حاولت الجزيرة معرفة كيف حدثت كل تلك التحولات السريعة؟ ومن المستفيد منها؟ ومن الخاسر؟ وكيف يمكن أن تتطور في المستقبل؟

أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات إبراهيم فريحات رأى أن منطقة الشرق الأوسط تشهد خلطا لجميع الأوراق، وكأنها أمام حالة مخاض لولادة خرائط سياسية جديدة، فقد ساهمت الأزمة في تحسن العلاقة بين السعودية والعراق التي شهدت خلافا استمر نحو 15 عاما، بالإضافة إلى محاولات سعودية للتقارب مع روسيا وإيران.

وأضاف أن العلاقة بين تركيا وإيران تحولت هي الأخرى من العداء الشديد في الملف السوري إلى الاتفاق بين البلدين حول الملف الكردي، كما قررت قطر إعادة سفيرها إلى إيران بعد حالة الجفاء التي شهدتها العلاقات بين البلدين منذ حرق السفارة السعودية في إيران.

ومضى فريحات قائلا "كذلك الموقف المصري في سوريا فبعد أن كان يتأرجح بين السعودية وإيران مع انحياز نحو الرؤية الإيرانية قبل الأزمة، أصبحنا نلاحظ أن هناك عملية توريث للدور السعودي في سوريا إلى مصر. أما اليمن فقد شهدت مؤخرا تصدع التحالف بين الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وهو التحالف الذي استمر طوال ثلاث سنوات هي فترة الحرب في اليمن".

لكن أستاذ النزاعات الدولية تحفظ على وصف ما يجري في المنطقة بالتحالفات، مشددا على أن معظم ما يجري هو لقاءات مصلحية مؤقتة وليس تحالفات، وقد تتحول هذه اللقاءات مع مرور الوقت إلى تحالفات حقيقية.

مكسب إيراني
من جانبها أكدت الباحثة المختصة في الشؤون الإيرانية فاطمة الصمادي أن هذه الأزمة أعطت إيران فرصة لاختبار سياسات خصومها والطريقة التي يتعاملون بها، وأيضا لاختبار مدى نجاح سياساتها في الإقليم ومدى قدرتها على الاستمرار في تلك السياسات، كما أعطت إيران فرصة لاكتشاف مدى هشاشة عاصفة الحزم في اليمن ولترتب مع روسيا وتركيا سبل حل سياسي في سوريا، كما أعطتها فرصة لتختبر هل يمكن أن تكون السعودية طرفا في أي عملية تفاوضية بشأن قضايا المنطقة.

وأضافت أنه قبل الأزمة كانت هناك أحاديث متكررة عن تحالفات ضد إيران، لكن الأزمة كشفت أن هذه لا تعدو أن تكون مجرد عبارات لفظية. ويمكن القول إنه بالمجمل إيران سعيدة بما جرى وإن هذه الأزمة ستدفعها لزيادة نفوذها في المنطقة العربية.

وفيما يتعلق بالسعودية شددت الصمادي على أن هناك أزمة كبيرة في السياسات السعودية، فمنذ سنوات كل قرار تتخذه الرياض يصب في السلة الإيرانية بداية بمحاربة الربيع العربي ثم الحرب في اليمن وأخيرا حصار قطر، لافتة إلى أن عاصفة الحزم ستكون لها تبعات قانونية وإنسانية بالنسبة للسعودية حتى لو توقفت الحرب وتم التوصل إلى حل سياسي، خاصة مع استمرار التقارير الدولية التي تتحدث عن انتهاكات وجرائم في اليمن.

وتابعت أن "ما يجري في اليمن يطرح أسئلة كبيرة، وهي: إذا كانت السعودية غير قادرة على حل النزاع في بلد على حدودها، فكيف يمكن أن تكون قادرة على القيام بدور في الملفات الإقليمية الأخرى؟ وهل لديها القدرة لتواجه سياسات إيران في المنطقة؟ وهل هي قادرة على تمرير قرارات للدول الخليجية بشأن علاقاتها بالخارج؟".

أزمة خليجية
بدوره قال عبيد الوسمي الأستاذ في جامعة الكويت والنائب السابق في مجلس الأمة الكويتي "للأسف الشديد من الناحية القانونية أو السياسية لم يعد هناك مجلس تعاون خليجي، كما أن القرار المتخذ بحصار قطر تم خارج المنظومة الخليجية ولم يطرح للنقاش، لكن المشكلة الأعمق في هذه الأزمة هي أن العلاقات في الخليج ليست علاقات سياسية أو اقتصادية فقط وإنما علاقات مجتمعية، وقد تعرضت لشرخ كبير بسبب هذا العمل المفاجئ وغير المدروس".

وأضاف أن "الخليج ما زال يعيش صدمة من هذه الأزمة المفتعلة التي ليس لها أهداف واضحة، لكن الخاسر الأكبر هو السعودية، خصوصا في ظل وجود ملفات عالقة في المنطقة لاسيما في اليمن وسوريا. في المقابل، إيران هي المستفيد الأكبر من الأزمة حيث كشفت أن قراراتها مبنية على إستراتيجية بعيدة المدى في مقابل القرار المزاجي في الخليج".

وبحسب الوسمي فإن ما يحدث في المنطقة من اختلاط للأوراق أقرب إلى توافق وقتي حول بعض القضايا، كالتقارب السعودي مع العراق وإيران، أو التقارب بين إيران وتركيا.