برامج متفرقة

مجزرة الغوطة.. هل يفلت الجناة من العقاب؟

ناقشت حلقة الخميس 21/8/2014 من برنامج “تغطية خاصة” التي حملت عنوان “الغوطة.. مجزرة القرن” تفاصيل مجزرة الغوطة التي ارتكبها النظام السوري العام الماضي، إضافة إلى فرص محاكمة المتهمين بارتكابها.
أطلقت قوات النظام السوري في مثل هذا اليوم من العام الماضي صواريخ محملة بغازات سامة على عدد من بلدات الغوطتين "الشرقية والغربية" بريف دمشق، مما تسبب في مصرع نحو ألف وأربعمائة شخص -وفق المخابرات الأميركية- عقب استنشاقهم الغازات السامة.
واستعرضت حلقة الخميس 21/8/2014 من برنامج "تغطية خاصة" التي حملت عنوان "الغوطة.. مجزرة القرن" بالذكرى الأولى على مرور المجزرة، موقف المجتمع الدولي الذي جاء مخيبا لآمال الضحايا -وفق مراقبين- إضافة إلى فرص محاكمة المتهمين بارتكاب هذه المجازر وتحقيق العدالة.

ولتوضيح موقف الأمم المتحدة، قال عضو المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية جيمس روبنز إن المنظمة الدولية تجنبت معاقبة النظام السوري حينما قررت سحب الأسلحة الكيميائية، وأضاف أنه يرى وجوب محاسبة من استخدم هذه الأسلحة المحرمة دوليا.

وأرجع عدم تحرك الإدارة الأميركية رغم تصريح الرئيس باراك أوباما بأن الكيميائي يمثل خطا أحمر، إلى عدم وجود رأي عام داخلي بأميركا داعم لعمل عسكري بسوريا، فقام أوباما بالتحرك ضد الأسلحة الكيميائية وترك محاسبة المسؤولين.

ورأى روبنز أن عدم تدخل أميركا في الشأن السوري لا علاقة له بأمن إسرائيل، ولكن برغبة أوباما في عدم التورط في حرب خارجية، وأضاف أن الإدارة الأميركية أعلنت أنها ستقدم بعض الأسلحة للمعارضة السورية، ولكن الأمر معقد جدا إذ من الصعب تحديد المجموعات التي يمكن دعمها بالسلاح.

نظام عميل
ومن ناحيته، قال المفكر السوري برهان غليون إن السلاح الكيميائي محرم دوليا ولم يستخدم منذ الحرب العالمية الأولى، وأعرب عن دهشته لنجاح الرئيس السوري في استخدام ذلك السلاح والإفلات من العقاب والمتابعة الجنائية.

وأضاف غليون أن الروس وفروا للنظام في سوريا حماية مكشوفة، إضافة إلى الدول الأخرى التي قبلت أن تمر الجريمة دون مساءلة، مؤكدا أن ذلك يشير لوقوع أزمة في الضمير الإنساني والمجتمع الدولي.

وأكد أن الرؤية الأميركية للأزمة كانت واضحة منذ البداية، وكانت تتمثل في عدم دخول حرب جديدة، إضافة إلى التفتت الموجود بين صفوف المعارضة، وأكد عدم استعداد الدول للتضحية من أجل حياة شعب سوريا أو الدخول في حرب قد تستمر أشهرا وتواجه فيها هذه الدول خسائر بشرية.

وأوضح غليون أن إسرائيل والنظام السوري مسموح لهما بأن يفعلا ما يشاءان بالمنطقة، فالأخير قدم خدمات أمنية واستخبارية للأميركيين والروس على حد سواء، وقام بنفي الشعب السوري وغيبه في السجون تحت الأرض حتى يضمن بقاء نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد ويورثه من بعد لابنه الرئيس بشار الأسد.

وحول الموقف العربي، قال رئيس البرلمان العربي السابق علي الدقباسي إن الموقف العربي متردد ومتخاذل وغير قادر على توحيد موقفه وطرد سفراء النظام السوري، مؤكدا أن مثل هذه الإجراءات كان يمكن أن تمهد للتحرك الدولي.

وأضاف الدقباسي أن التدخل الإيراني بالملف السوري كان واضحا، وكان يمكن للدول العربية التدخل وطلب وقف هذا التدخل، مشيرا إلى أن النظام السوري أمن حدوده مع إسرائيل وبقي دون مخالب وأنياب، مؤكدا أن واجب الأمة يحتم عليها أن تدافع عن نفسها ولا تنتظر أن يخدمها الآخرون.

شهادات
وشهد ماجد أبو علي -أحد الأطباء الذين عالجوا ضحايا مجزرة الغوطة- بأن تلك المذبحة لم تكن الأولى، إذ تم استخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين مرات عديدة قبل المجزرة.

وأضاف أن الغوطة تعرضت للسلاح الكيميائي بكثافة في منطقة مكتظة بالسكان، وأكد أن السلاح تم استخدامه أكثر من خمس مرات بعد المجزرة، وصاحبته أعراض مختلفة بمنطقة حرستا "ولعدم وجود التجهيزات اللازمة للتشخيص السليم لم نستطع معرفة نوع السلاح الكيميائي المستخدم".

وتفيد بعض التقارير بأن قوات نظام الحكم في سوريا فرضت حصارا على الغوطة استمر عامين وتم قطع المياه والكهرباء والغاز عنها، مما تسبب في هجرة بعض السكان ونفوق العديد من الحيوانات وجفاف الحقول، ولكن من تبقى من السكان استطاعوا أن يتغلبوا على هذه الظروف ويطوعوا إمكاناتهم البسيطة لصناعة الحياة.

وحول المسؤولية القانونية، قال مدير برنامج العدالة الدولية في منظمة هيومن رايتس ووتش ريتشارد ديكر إن هناك محاور أساسية يتم استخدامها لتحقيق المساءلة الجنائية، تتمثل في ضرورة إخضاع المسؤولين بالقوات السورية للمساءلة الجنائية.

وأوضح أن الحديث يتم عن جرائم شائنة تمثلت في استخدام الكيميائي ضد المدنيين، وهي جريمة بموجب اتفاقيات جنيف، وأكد أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، وأن الأدلة المادية قد تتقادم ويصعب الحصول عليها ولكن المسؤولين عن هذا الأمر سيجدون أنفسهم متهمين بجرائم خطيرة.

ولتسجيل مشاهداته حول المجزرة، قال المراسل محمود الزيبق -رئيس مجموعة الجزيرة الصحفية التي دخلت الغوطة عقب المجزرة- إن الوضع كان صعبا جدا تلك الأيام، إذ انعدم الطعام تماما، وكانت حالة الناس لا توصف "فكنا نشاهد تفاصيل الألم أمام الحالات الإنسانية التي بدأت بالمجزرة ولم تنته" وترحم على روح المنتج المتعاون حسين عباس أبو علي الذي استشهد هناك بعد خروج المجموعة من الغوطة.

ومن داخل الغوطة نفسها، أوضح مستطلعون أن القصف ما زال متواصلا بكل أنواع الأسلحة، وأن الحصار ما زال متواصلا.

الناشطة السياسية التي شهدت مجزرتي الغوطة الشرقية والغربية أمينة صوان، قالت إن النظام استهدف المنطقة بصواريخ تحمل رؤوسا كيميائية "وكان الناس يستبعدون أن يستخدم النظام هذا النوع من السلاح لقرب المنطقة من الفرقة الرابعة ومطار المزة العسكري". وأوضحت أن الإصابات كان بعضها قاتلا جدا في ظل عدم وجود التجهيزات الطبية اللازمة لمواجهة مثل هذه الحالات.