موضوعات من الكويت والنرويج وبلجيكا وسنغافورة
مقدم الحلقة | محمد البوريني |
تاريخ الحلقة | 03/03/2001 |
![]() |
محمد خير البوريني:
أهلاً وسهلاً بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة جديدة من برنامجكم (مراسلو الجزيرة) نشاهد في حلقة اليوم تقريراً من الكويت، بعد عشر سنوات على إخراج القوات العراقية منها على يد قوات التحالف الغربي الذي قادته الولايات المتحدة، وشاركت فيه دول عربية، فيما عرف بعاصفة الصحراء في أكبر حشد عسكري عرفه التاريخ.
وتشاهدون من (النرويج) تقريراً يتحدث عن الليل الذي يستمر طويلاً في الدول الاسكندنافية وكيف يعتاد أناس على الظلام، بينما يراه آخرون مدعاة للضجر، والألم، والوحدة، والأمراض النفسية التي تدفع أحياناً إلى الانتحار.
وبعد الرد على مجموعة من رسائلكم نستعرض تقريراً حول إلغاء (بلجيكا) للخدمة العسكرية الإلزامية بعد زوال الأخطار وانتهاء حقبة الحرب الباردة التي يرى كثيرون أنها ولت إلى غير رجعة على المدى المنظور على الأقل.
كما نشاهد قصة من (سنغافورة) حول إحدى مسرحيات الشوارع التي عرضت على سطح بناية شاهقة الارتفاع، وتتحدث عن مدن غابات الأسمنت التي تنحسر فيها المشاعر الإنسانية إلى أدنى مستوياتها ولم تعد تعبر عن هويات الشعوب وثقافاتها.
أهلاً بكم معنا إلى أولى فقرات هذه الحلقة.
قبل نحو عشر سنوات من الآن دخلت قوات التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة وشاركت فيه دول أوروبية وعربية عسكرياً فيما عرف بعاصفة الصحراء، دخلت إلى الكويت بعد تدمير وتشتيت جزء من القوات العراقية التي احتلتها لمدة سبعة أشهر وانسحاب الجزء الآخر، فقد حشد التحالف ما يزيد على نصف مليون جندي مسلحين بأحدث ما وصلت إليه الآلة العسكرية الغربية والأميركية من تكنولوجيا طائرات، ودبابات، وصواريخ ألقيت على القوات العراقية، وعموم العراق من البر والبحر والجو في أضخم حملة عسكرية شهدها العالم، منذ يوم تحرير الكويت في 26 من شهر شباط/فبراير من عام 91 تغلب الكويتيون على معظم المشكلات التي سببها الغزو، وتم إصلاح آثار ذلك الغزو على العلاقات بين عدد من الدول العربية، ولكن إشكالية الأسرى حسب وجهة النظر الكويتية، والمفقودين حسب وجهة النظر العراقية لا تزال قائمة، بالإضافة إلى حالة التوتر التي تسود المنطقة نظراً لعدم تحقيق مصالحة بعد بين الطرفين أو بين جميع الأطراف التي دخلت بشكل مباشر في معمعة حرب الخليج الثانية، وبشكل أساسي بين العراق من جهة، والكويت والسعودية والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة ثانية، تقرير سعد العنزي من الكويت.
تقرير/ سعد العنزي:
ارتدت الكويت زينة فرحها فأضاءت لياليها وازدانت شوارعها، وعمتها المهرجانات وارتفعت أعلامها ترفرف.
أحمد الفهد (وزارة الإعلام الكويتي):
يوم 26 فبراير يعني صوت الحق، صوت الإنسانية، صوت الأسرة الدولية، والطمأنينة للعالم ككل.
سعد العنزي:
وبعد عقد من السنين يسأل الكويتيون أنفسهم، ويسأل العالم أين تقف الكويت اليوم؟
محمد الصقر (رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة):
الكويت الآن في وضع جيد إن كان على المستوى السياسي، أو كان على المستوى الاجتماعي، أو على المستوى الاقتصادي، يعني أنا أعتقد الكويت هي أكثر دولة الآن آمنة باعتراف الأمم المتحدة بتوقيع اتفاقية بين الأمم المتحدة والعراق عام 1995م.
د. حسن جوهر (نائب في البرلمان الكويتي):
فيما يتعلق بإعادة الإعمار، فيما يتعلق بترتيب البيت الكويتي من الناحية السياسية والناحية الاقتصادية، لله الحمد -يعني- خطينا خطوات مهمة جداً، والوضع أنا في رأيي سياسياً واقتصادياً أفضل من فترة ما بعد.. ما قبل الاحتلال.
أحمد الفهد:
الكويت استطاعت خلال هذه العشر سنوات أن تقطع شوطاً إيجابي في كثير من القطاعات، وهذه القطاعات هي البنية الأساسية والمؤسسية، البنية الأساسية -ولله الحمد- أعيدت وتطورت بشكل إيجابي، المؤسسي -ولله الحمد- أيضاً تطورت وأصبحت الارتكازات الديمقراطية، والمشاركة الشعبية، والتعاون مرتكزات أساسية، لا الناس تستغني عنها و لن يستغني عنها النظام.. الديمقراطي في الكويت والنظام والمؤسسي في الكويت، ولكن -وللأسف- لازال هناك جزء أساسي يعاني وهو الجزء البشري والعلاقات الإنسانية، فلا شك إن مثل هذه التجارب تجعل نوع الثقة وعودة الثقة أمر صعب يحتاج إلى كثير من الجهد.
سعد العنزي:
من يسير في الكويت يصعب عليه تخيل آثار الدمار الذي شمل معظم أوجه الحياة الكويتية، فقد أعيد إنشاء البنية التحتية، وأعيد تأهيل قطاع النفط الذي أصابه تدمير شبه كامل، حيث أحرقت القوات العراقية أكثر من 600 بئر نفطي في كارثة بيئية غير مسبوقة، حيث تدفقت ملايين البراميل من النفط تغطي ثلث مساحة الكويت، وكانت معالجة هذه الكارثة تحدياً كبيراً، لكن الكويتيين -وبمساعدة أشقائهم وأصدقائهم- قد تمكنوا من التخلص من معظم آثارها، بل قد حولوا بعض الأراضي المغطاة بالسموم إلى حدائق غناء، غير أن الآثار الصحية لهذه الحرائق لازالت شائعة، فأمراض الجهاز التنفسي وأمراض أخرى شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في معدلاتها في العقد الأخير، الكويتيون يعون أن العراق حقيقة تاريخية وجغرافية، وأنه سيبقى جارهم الشمالي، ويقولون أنهم يتطلعون إلى علاقة طيبة مع الشعب العراقي الذي يرون أنه ضحية لنظامه، وبالنسبة للكويتيين فإن أول مؤشر لحسن النوايا هو تغيير موقف الحكومة العراقية من قضية الأسرى الكويتيين.
بينما ترفرف أعلام الكويت لا يستطيع الزائر إغفال رؤية أعلام صفراء تنتشر في كل أرجاء الكويت، إنها رمز الأسى الذي يخيم على هذا الشعب رغم مرور كل تلك السنين، مصير أكثر من 600 كويتي تؤكد الكويت أن لديها براهين على أسرهم من قبل القوات العراقية أثناء الاحتلال، ومصير هؤلاء ما زال مجهولاً بعد مرور أكثر من 3800 يوم على فقدهم فالأطفال شبوا، والشباب شاخوا، والشيوخ فنى بعضهم ولازال ذويهم في الانتظار، وتبقى قضية الأسرى الكويتيين تعتلي سلم أولويات الخطاب الكويتي.
دعيج العنزي (مستشار لجنة شؤون الأسرى):
نحن ما نطلب من العراق خلال الفترة الماضية وسنستمر بمطالبته فيه إذا كانوا أحياء فنحن نرحب بأولادنا وبناتنا، وإن كانوا أموات فهناك طريقة نتعامل معها من خلال اللجنة الدولية للصليب الأحمر باستلام رفاتهم والتأكد أن هذه الرفاة هي حقيقية لهذا الأسير، نحن في النهاية نود أن ننهي هذه المعاناة الإنسانية على فئات الشعب الكويتي، حقيقة معاناة دامت وأثمرت عن ألم كبير لا يشعر به إلا من فارق أعز الناس لديه.
سعد العنزي:
أما إنكار العراق لوجودهم في سجونه فلا يأخذه الكويتيون محمل الجد.
دعيج العنزي:
وجود أسرى كويتيين لدى العراق هي حقيقة راسخة باعتراف العراق نفسه في بدايات التفاوض مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هناك أدلة، ووثائق، وبراهين على وجود أسرى كويتيين، وأسرى آخرين لدى العراق.
سعد العنزي:
ويعتقد الكويتيون أن حل قضية الأسرى سيكون مفتاح حل مشاكلهم والعراق.
دعيج العنزي:
إطلاق سراح الأسرى الكويتيين هو –حقيقة- مفتاح حل أزمة العراق مع.. سواء مع الدول المجاورة أو مع الأمم المتحدة، هي قضية أساسية للكويت والمطالبة بها تأكد تماماً راح تعود بالمنفعة على العراق وعلى شعب العراق.
سعد العنزي:
وإلى أن تحل هذه القضية الإنسانية تستمر محنة أهالي الأسرى الذين يدورون في دوامة الحزن وحالة عدم اليقين بسبب جهل مصير ذويهم، التاريخ الحديث للعلاقات الكويتية العراقية مليء بالتوتر وحافل بالتهديد.
محمد الصقر:
من المستحيل أن يكون هناك علاقة مع نظام صدام حسين، لأن نظام صدام حسين لا يريد أن تكون لنا معه علاقة، الآن عشر سنوات سنوياً مرة أو مرتين يعتدي على الكويت سواءً بالتلميح أو بالتلويح أو بالـ يعني بالأكاذيب.
سعد العنزي:
الكويتيون يعتقدون أن الاستقرار السياسي في العراق هو مطلب ملح لهم كما هو للشعب العراقي، فهم الأقرب من العراقيين حيث يربط البعض منهم صلة رحم، كما أنهم يجدون في العلاقة الطيبة مع العراق بعد تغيير نظامه خيراً للبلدين.
محمد الصقر:
ليس من مصلحتنا.. من مصلحتنا أن يكون الشعب العراقي معدم، أو فقير، أو جاهل، أو أمي، أو تنتشر الأوبئة، أو يكون هناك فيه حرب أهلية، ويكون نزوح إلى الأراضي الكويتية، ليس من صالحنا..
وليد السيف (اقتصادي كويتي):
إذا تغير النظام العراقي الحالي الموجود الآن راح يصير طلب كبير في العراق، لعديد من المنتجات وغيرها، والكويت -بحكم قربها وموقعها الاستراتيجي- سيكون هناك تعامل واسع مع النظام الذي سيأتي بعد صدام، وهذا هو يعني سينعش الاقتصاد الكويتي، وأعتقد حتى العربي بشكل غير مباشر.
سعد العنزي:
ولأن النزاع مع الحكم في العراق لم يعد نزاعاً حدودياً محدوداً بل جعله الاجتياح العراقي عام 90 صراع وجود، من هذا المنطلق أعادت الكويت بناء جيشها ليكون خط دفاعها الأول وأساس أمنها الذي يرتكز على بعده العربي والدولي، استمرار العراق في تهديد الكويت جعل الكويتيون يجمعون على ضرورة الإبقاء على الاتفاقيات الأمنية التي أبرمتها حكومتهم مع الدول الخمس دائماً العضوية وعلى رأسها الولايات المتحدة، معتبرين ذلك الخيار الوحيد في ظل غياب البديل العربي والإقليمي.
أحمد الفهد:
التجربة المريرة اللي مرت فيها دولتنا الكويت هي تجربة يعني جعلتنا نبحث عن الأمان والاستقرار، تاريخياً الكويت لم تكن من الدول الأولى التي تملك مثل هذا النوع من الاتفاقيات، ولم تحرص عليها لولا التجربة المريرة، نتيجة الغزو العراقي للكويت، ولذلك أنا أعتقد هو حق دفاع شرعي لتجربة مريرة مررنا بها نتمنى أن لا تتكرر حتى نستطيع أن نبني وطننا.
سعد العنزي:
الاقتصاد الكويتي تعرض لضربة قاصمة لم يقتصر تأثيرها على الكويت بل تعداها إلى شقيقاتها العربيات.
وليد السيف:
حجم الخسائر اللي هو 223 مليار دولار يمثل حوالي 50% من حجم الناتج القومي الإجمالي لجميع اقتصاديات الدول العربية مجتمعة لعام 1990م، فهذا المبلغ الحقيقة مبلغ كبير و.. وكان هذا العدوان بمثابة تبديد شامل للثروة العربية بأسوأ صورها.
سعد العنزي:
وقد بدأت الكويت في إعادة هيكلة الاقتصاد الذي يهيمن عليه القطاع العام، والذي يوظف أكثر من 98% من مواطنيه من خلال برامج الخصخصة وسن قوانين تسهل تدفق الاستثمارات الأجنبية وما يرتبط بها من خبرة إلى الكويت، فتح الكويت اقتصادياتها للاستثمار الأجنبي يعد تحولاً جذرياً عن السياسات الاقتصادية التي سادت منذ استقلالها، ولا يختلف اثنان على أن الغزو قد شق الصف العربي وأحدث شرخاً كبيراً بين دوله وأبنائه، ويضع الكويتيون علامات استفهام كبيرة على الدول التي توصف بأنها تهرول نحو العراق، ولهؤلاء فإن الرسالة الكويتية واضحة.
أحمد الفهد:
نحنا لا نريد أن نتدخل في الأمور الداخلية، ولكن نتمنى أن لا تكون العاطفة، والمصالح السياسية، والمصالح الاقتصادية هي سبب هذه الأمور، ونتمنى أن يكون العدل والقانون الدولي هما أساس العلاقات الدولية حتى نستطيع أن نصل إلى نظام دولي متقدم وعادل، ويستطيع فيه الصغير أن يضمن حقوقه واستقلاله كما هو الكبير.
سعد العنزي:
الكثيرون يرون أن الغزو كان نتيجة لخلل في النظام العربي تسبب في كثير من المشاكل بين الدول العربية ويرى هؤلاء أن هذا الخلل يرجع إلى غياب الديمقراطية عن كثير من هذه الدول.
الثقافة الكويتية التي نالت نصيبها من الدمار ازدهرت من جديد، فالكويت بعد عقد من الزمن تحتضن الثقافة العربية فهي عاصمتها لعام 2001م.
وتبقى ذكرى السادس والعشرين من فبراير تحيي الأفراح والشجون. الكويتيون يحلمون بجيرة عراق مسالم لا عراق يخافه أشقاؤه، عراق يكون سنداً لهم، لا نظام يسخر طاقات كل شبعه لتدميرهم، حلم يتمنى الكويتيون أن يصبح حقيقة وإلى أن يتحقق ذلك فليس أمامهم إلا البقاء مستعدين لمواجهة الأسوأ.
سعد العنزي – برنامج (مراسلو الجزيرة)- الكويت
محمد خير البوريني:
ومن جنوب إفريقيا نتحول إلى النرويج ليل يستمر طويلاً في الدول الاسكندنافية وتحديداً في فصل الشتاء، يرى النرويجيون أن فيه فوائد مختلفة ويرى آخرون أنه مصدر للتعاسة، و الوحدة، والأمراض النفسية والعصبية، هل يمكن لشرقي أن يتخيل العيش بدون دفء الشمس وقتاً طويلاً من الزمن؟! تقرير أحمد كامل أعده من النرويج.
تقرير/ أحمد كامل:
تعرف الدول الاسكندنافية وسكان أقصى شمالي كندا وروسيا ظاهرة الليل الطويل وأحياناً المتواصل في الشتاء فالنهار الشتائي القصير في وسط الكرة الأرضية يتناقص مع التوجه شمالاً ليصبح دقائق أو ساعات، ثم ينعدم في أقصى الشمال حيث تشهد تلك المناطق ليلاً متواصلاً لعدة أشهر، اجتماع البرد القارص مع الظلمة الطويل أو الممتدة لأسابيع أو أشهر حسب الموقع على خطوط العرض يسبب مشكلات نفسية وجسدية لسكان الشمال منهم النرويجيون الذين يحاولون التأقلم مع هذه الظاهرة التي تشكل جزءاً من دورة الحياة المتغيرة.
آن كريستين (مواطنة نرويجية):
هذه الظاهرة هي جزء من تنوع واختلاف الفصول، هناك الصيف حيث النهار طويل وممتد لأربعة وعشرين ساعة، وهناك الشتاء، هذا جزء من الحياة هنا في الشمال وأنا أحب ذلك، أحب التنوع.
مواطن نرويجي:
أنا أتمتع بالليل الممتد الآن لأن الصيف يحمل ضوءاً ممتداً لعدة أشهر ويحمل التعويض.
أحمد كامل:
ما ينظر إليه الآخرون على أنه اختلال في إيقاع الشمس ونمط الحياة الطبيعي يرى فيه بعض النرويجيين شيئاً رائعاً يحمل التجدد والتنوع المثير.
آن بور (مواطنة نرويجية):
أنا لا أتوقع الحياة بدون فصل ظلام، إنه جزء من دورة الحياة، كل سنة تمثل دورةً فيها الربيع، والصيف، والخريف، وأيضاً الشتاء والظلمة، هذا شيء رائع لأنه لا يدوم، أنا أنظر للغد ستعود الشمس ويعود الضوء بدءاً من الغد ستزداد فترة الضوء باستمرار وهذا شيء رائع.
أحمد كامل:
وينظر البعض من النرويجيين إلى الجانب الإيجابي من هذه الظاهرة وهو اجتماع الأسرة لمدة أطول.
جيني (مواطنة نرويجية):
فترة الظلام لها فوائدها، أنها تعطينا الفرصة للبقاء مدة أطول في البيت، نصبح اجتماعيين أكثر وهذا أمر حسن.
أحمد كامل:
هذه الانطباعات المتفائلة لا تخفي حقيقة أن الليل الطويل أو الممتد يترك آثاراً سلبية للغاية، على حياة الاسكندنافيين عموماً والنرويجيين خصوصاً، حيث تعاني نسبة عالية من هؤلاء من أمراض نفسية وجسدية بسبب طول الظلام وغياب الشمس.
د. بشير كاظم (طبيب نفسي متخصص في علاج مرض كآبة الشتاء):
هو معظم الحالات كان بكثير من النرويج بسبب الظلام، يعني (أعتقد) الحالات عندهم..الحالات النفسية بحدود 400 ألف شخص من حالات صعبة إلى حالات بسيطة يشكل حوالي 20% من الشعب النرويجي واسمه (وينتر دبرشون) اسم خاص إلى مرض يتعالج بالضوء، يفتحوا له الضوء، يقعد فيه قد ينفع قد ما ينفع، يجي الخمول، يجي الكآبة، فقدان الشهية، عدم.. عدم وجود تحفيز للعمل، انطواء، ترك العمل، أمراض نفسية كثيرة، القرحة وعدم الشهية بالأكل.
إيهاب إسماعيل (مهاجر مصري):
والله يا أخي الليل طويل هنا مشكلة يعني، يعني أحياناً ما فيش شغل، أو الواحد مثلاً يكون فيه أيام عطلة أو أيام راحة أو كده، فالواحد ما بيلاقيش فيه مكان يروحه، مكان..، فالليل هنا فعلاً طويل بطريقة مميتة، بطريقة متعبة جداً يعني.
أحمد كامل:
ويهرب عدد غير قليل من النرويجيين من الظلمة المستديمة إلى الإدمان على الكحول أو المخدرات، ولا يطيق البعض هذا السجن الدائم، فيلجأ إلى الانتحار.
د. جمال جواد (طبيب عراقي مقيم في النرويج):
ظلام البرد طبعاً تسبب كآبة شديدة، وأكثر الناس ينطوون في بيوتهم، أنت تلاحظ يمكن إن أنا.. طبعاً بالنسبة لـ (أوسلو) تبقى منطقة مزدحمة، وتعتبر –خلي نقول- اجتماعية، أكثر الناس يطلعون ويفطرون بيها، بس بالنسبة لمناطق أخرى أكثرهم ينطوون في البيوت ومن شدة البرد وعدم الاختلاط بالآخرين ممكن تتسبب هذه في الظاهرة أنه الإنسان ممكن يتجه إلى أشياء كثيرة منها. الانتحار والإدمان..
أحمد كامل:
العلاج بالضوء وبالمعالجة النفسية دُعم مؤخراً بعقاقير كيماوية تقدم للجسم البشري ما تقدمه الشمس..
د. جوال جواد:
قلة الشمس، تسبب يعني أمراض كثيرة، فالكثير هنا حتى الموجودين يعني بالدول الإسكندنافية يستعملون حبوب حتى يغطون النقص اللي عندهم بالشمس، وإحنا بدينا نستعمل طبعاً هذا الشيء، يعني الواحد يصير عنده يعني خمول وتعب.
أحمد كامل:
عموم المعاناة وكبر عدد ضحاياها يجعل منها مشكلة تفوق قدرة النرويج.
د. بشير كاظم:
عندنا نقص كبير في الأطباء من ناحية الأطباء النفسيين ونقص في الكوادر لكتر ما يعاني من مشاكل النفسية بسبب الظلام و البرد والعزلة، البلد كبير والنفوس قليلة.
أحمد كامل:
ولا شك في أن الأجانب عموماً أكثر معاناة من الظلمة الطويلة التي تضيف إلى مشاكلهم عبئاً إضافياً كبيراً.
إيهاب إسماعيل:
أكيد بيأثر على المهاجرين أكتر بحيث المهجرين -زي ما أنت عارف- بيبقى جديد عليهم الجو إلى حد ما، غير المولود هنا وطبيعة البلد اللي هو منها وكده يعني، فلازم بيأثر.. بيأثر بالزايد على الأجانب الموجودين في البلد يعني.
أحمد كامل:
وكما أن بعض النرويجيين يرى في الظلمة شيئاً طبيعياً، بل ورائعاً، فإن بعض المهاجرين يتناسون ليل هذا البلاد، ويندفعون نحو تحقيق طموحاتهم الكبيرة.
د. بشير الكاظم:
المهاجر يجي من بلده، قد تكون بلده تعبانة سياسياً، أو اقتصادياً وينجح بعمله هنانه قد يكون بعض الأجانب أكثر قوة وفعالية من النرويجي نفسه، ودا يقدر يزور بلده بين فترة وفترة فما عنده أي مشكلة نهائياً موضوع الظلام، وحبه للعمل، وبلد جديد وحرية وديمقراطية، فشو ها القضية.. أكتر من النرويجي فهو الطبيب الأجنبي جه يعالج النرويجي اللي عنده كآبة ونفس الوقت ما عنده كآبة.
أحمد كامل:
ليل الشمال مهما طال، فإنه لا يدوم في أول أيام الربيع تعود الشمس للظهور ويطول النهار كل يوم، حتى تعيش هذه البلاد ظاهرة معاكسة هي النهار الطويل أو الممتد لأسابيع أو أشهر حسب الموقع على خطوط العرض وهي مشكلة أخرى لها ضحاياها أيضاً، لأن الليل وسكونه حاجة إنسانية ماسة.
الظلمة والبرودة والتضاريس الصعبة، كل ذلك يفسر الكثافة السكانية المنخفضة في هذه البلاد، لكنه وبالمقابل يزيد الإعجاب بشعب نجح في جعل بلاده مهوى لأفئدة المهاجرين، بعد أن كان بلداً يهجره الطامحون من أبنائه.
أحمد كامل -برنامج (مراسلو الجزيرة)- أوسلو
أحمد خير البوريني:
شكراً لله على نعمة الشمس حتى وإن كانت مصدراً لحرارة مرتفعة أحياناً، ونتحول في الفقرة التالية إلى ردودي على رسائلكم.
نبدأ برسالة بعتها أحمد عبد الله العمري من سلطنة عمان جاء في بدايتها "لا أعرف كيف أعبر عن مدى تأثير قناة (الجزيرة) علينا نحن أجيال اليوم، والتي لولاها –يعلم الله- سوف نعيش في بحر من الظلمات –ويضيف المشاهد- ونحن نعلم أن الحاقدين على القناة ليس لهم سوى رفع الرايات البيضاء، وهذا بفضل الله والقائمين عليها، وبفضل تفاني وإخلاص جميع العاملين في برامج قناة العرب" يقترح المشاهد على (الجزيرة) عمل برنامج خاص حول المرأة والشباب في شبه الجزيرة العربية، كما يقترح على البرنامج إعداد تقرير خاص حول اقتصاديات المدن، وتنمية وتمويل المشروعات الصغيرة في دول الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة الأميركية واليابان، شكراً لأحمد على رسالته، ومقترحاتك باتت قيد الدراسة.
ومن اليمن بعث فهد حميد حمد الورافي رسالة يشيد فيها بالبرنامج وبقناة (الجزيرة) ولكن الرسالة لا تحمل طلبات أو استفسارات أو مقترحات محددة، نتمنى يا فهد لو كان في مضمون الرسالة ما يخص عمل البرنامج.
كما بعث فؤاد صالح، وهو فلسطيني يعيش في الولايات المتحدة رسالة قال فيها "إنني كعربي فلسطيني أحييكم، وأشد على أياديكم وأتمنى لكم كل التقدم والازدهار، فأنتم الضوء الذي يكشف الظلام ويوضح الحقائق، وإن أحداً لن يستطيع أن ينال من (الجزيرة) مهما أوتي من قوة وجبروت". نتمنى على صالح أيضاً وعلى جميع السادة المشاهدين أن يضمنوا رسائلهم ما يخص عمل البرنامج فقط.
ورسالة أخرى من الولايات المتحدة الأميركية بعث بها حسام كامل، وجاء في الرسالة "صار مألوفاً أن يدخل في برامجكم كردي دون مناسبة، -ويتابع حسام- يتحدثوا هؤلاء بعد أن تركوا قضيتهم وصار همهم محاربة أمة العرب، إن من غير المقبول أن تتلقفوا هذه المداخلات ويسأل المشاهد، هل تتعاطفون مع من مزق العراق، ومع من جعل من شمال قطر عربي مسرحاً للبعثات العسكرية الإسرائيلية، ألم يجعلوا شمالي العراق قاعدة إسرائيلية؟ ويسأل أيضاً إذا استقل الأكراد، هل سيسمحون لقطرة ماء واحدة بالدخول إلى العراق بعد أن تغلق تركيا نهر الفرات، وينتهي إلى القول: "اتقوا الله في إخوتكم في العراق" شكراً لحسام على الرسالة، سبق ونوهنا يا حسام في مناسبات مختلفة أننا لا نتبنى وجهة نظر أحد أياً كانت (والجزيرة) تنقل الصورة الكاملة وتحاور أصحاب الشؤون والقضايا، وتطرح ما يدور في عقول الناس، وعلى ألسنتهم حول القضايا المختلفة في كل مكان، كما أنها تتناول ما يدور ويقال أمام الناس وفي الخفاء، وخلف الظهور، إذا ما تمكنت من الوصول إلى معرفته، وتقوم بوضعه كما هو أمام المشاهدين دون رتوش أو عمليات تجميلية، بغض النظر عن التباين أو الاختلاف في وجهات النظر، وذلك بهدف وضع المشاهد أمام الحقيقة أو الحقيقة أما المشاهد، وإطلاعه على صورة ما يجري، لا نريد العودة يا حسام إلى مقولة أننا لا نريد أن نسمع من الكلام إلا ما يعجبنا ويرضينا وينعش خلايانا فقط، نسأل.. هنا ألا يوجد شعب كردي ألا توجد قضية شائكة لهؤلاء الأكراد الموزعين بالملايين بين عدة دول؟ هل تعتقد يا حسام أن سياسية عدم الاكتراث أو التعامي عن أمر أو قضية ما سوف يؤدي إلى حلها، وهل يمكن لمثل هذه السياسة أن تغير من شيء على الأرض في شمالي العراق، أو أي مكان آخر من العالم، أم أنها ستؤدي إلى مزيد من الاحتقان والحقد والدمار والخسائر البشرية والتعقيد، لا سيما في الأمور السياسية والعسكرية الشائكة التي تدخل فيها أطراف مختلفة –وللعلم فقط- فإننا نتلقى رسائل عتاب من مشاهدين أكراد يعتقدون أن (الجزيرة) تقصر في متابعة وتغطية الموضوع الكردي في نشرات أخبارها وبرامجها، وهذا لا يحصل بالطبع.
ومن السعودية بعث دكتور عبد الله سليمان العودة طالباً زيادة مدة الردود على رسائل المشاهدين، كما أرسل مقترحاً يتعلق بالبرنامج، الرسالة وصلت ونرجو أن تتمكن من مشاهدة ما طلبت في وقت لا حق إن شاء الله.
وبعث سيد محمد بن فال من نواكشوط في موريتانيا رسالة يحي فيها البرنامج ويقول: "إنني أتابعه باستمرار، كما أن قناة (الجزيرة) هي القناة الوحيدة التي أشاهدها وأحبها، وأفضلها على جميع القنوات -ويتابع المشاهد في رسالته- تعقيباً على وقف أو محاولات حجب (الجزيرة) عن المشاهدين في موريتانيا باستثناء من يملكون الصحون اللاقطة يقول نرجو أن يهدي الله حكامنا وأن يعيدوا إلينا هذه القناة، التي تزعج الصهاينة، ويتابع أن نشرات الأخبار في التلفزيون الموريتاني تنتهي دون أن تذكر القضية الفلسطينية التي نسمع عنها في جميع القنوات الأخرى -حسب قول المشاهد- الذي يطلب من البرنامج إعداد حلقة خاصة حول واقع الصحافة المهمشة والتي ليس لها رأي أو حرية تعبير في موريتانيا حسب نص رسالته.
ومن الجزائر بعث أو بعثت المشاهدة (ب.و) رسالة طلبت فيها تسليط الضوء على القضايا الجزائرية، وجاء في الرسالة "تتكلمون عن كل القضايا في العالم و تهملون قضية الجزائر -وتتابع المشاهدة – إن شعب الجزائر في أمس الحاجة إليكم، وتسأل هل تتعمدون نسياننا، نحن لن نغفر لكم"، شكراً للمشاهدة الجزائرية على رسالتها، نقول لها القضايا الجزائرية ليست غائبة على الإطلاق ولا مغيبة، و(الجزيرة) تقوم بنقل أخبار الجزائر والأحداث المؤسفة فيها بشكل متواصل، ونحن على استعداد للخوض في المزيد والمزيد من الموضوعات الجزائرية، كما أننا على استعداد لتلبية جميع طلبات الأهل في هذا البلد العربي، ولكن عندما نتسلم موافقة الجهات الجزائرية المختصة على طلباتنا السابقة بالعمل التلفزيوني على الأراضي الجزائرية، ما يبدو لك تناسياً، ما هو إلا بسبب انتظارنا الذي طال أمده لتلك الموافقة، وكنا قد نوهنا إلى ذلك رداً على رسائل كثيرة وصلت من مشاهدين جزائريين ونكرر هنا القول إن (الجزيرة) لا تدخل البيوت إلا من أبوابها.
وبعثت سمية الغلابيني من السويد إلى (مراسلو الجزيرة) عاتبة على عدم تغطية العديد من المهرجانات التي تقام في العديد من الدول العربية، ودول العالم، نقول للمشاهدة الرسالة وصلت ولكن (الجزيرة) ليست قناة منوعات بل قناة إخبارية، وأن المهرجانات على درجة من الكثرة والأهداف في دول العالم، بحيث لا يمكن (للجزيرة) أن تتابعها جميعاً، حرصاً على تقديم نوعية عالية من الجودة والمعرفة الإخبارية والبرامجية للمشاهدين في كل مكان، والحدث -يا سمية- هو الذي يفرض نفسه في النهاية على طاولة الأخبار والبرامج.
مشاهدينا الكرام، إلى هنا نكتفي بهذا القدر من الردود على رسائلكم في هذه الحلقة، ونعود لاستكمال ما تبقى من فقرات البرنامج.
احتفلت بلجيكا بعيدها الوطني بعد أن قررت إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية، التي لا زالت تؤرق الكثير من شباب دول العالم لاسيما الدول العربية والإسلامية، يبدو أن القرار البلجيكي بهذا الشأن كان منطقياً، فبلجيكا عانت كثيراً من الاحتلال خلال الحرب العالمية الثانية، وأصبحت بعد ذلك عضواً يُعَّول عليه في حلف شمال الأطلسي (الناتو). قبل إلغاء الخدمة الإلزامية تساءل البلجيكيون، لماذا التجنيد الإجباري أو الإلزامي، طالما أن بلادهم لم تعد تتعرض للأخطار، أو تفكر في خوض الحروب؟ فالاستقرار والتقارب والتنسيق يعم أوروبا نحو وحدة فريدة من نوعها يبدو أنها تتحقق شيئاً فشيئاً، على أي حال خطوة إلغاء التجنيد الإلزامي في بلجيكا تركت ردود فعل إيجابية في أوساط الناس هناك، حيث تتقلص حسابات الحديث عن حرب باردة أو ساخنة إلى مستويات قياسية منذ انهيار المعسكر الشيوعي في أوروبا الشرقية، تقرير لبيب فهمي من بروكسل.
تقرير/ لبيب فهمي:
إنها شوارع بروكسل في يوم غائم كالعادة، جيش يستعد، شرطة، طائرات حربية، وسيارات إسعاف كل هذه القطع الحربية لم تتجمع هنا لقمع تظاهرة عمالية أو شن حرب دفاعية أو عدوانية، ولكن فقط للمشاركة في عرض في ذكرى العيد الوطني البلجيكي، فأوروبا الغربية الآن تعيش في زمن السلم، ونهاية الحرب الباردة تلاشت معها التهديدات بالحرب، مما أدى إلى إعادة تنظيم القوات المسلحة البلجيكية بداءً بإلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية وخفض عدد هذه القوات.
روبير بربيت (الناطق باسم الجيش البلجيكي):
على المستوى الدولي سقوط جدار برلين في نوفمبر 89 أدى إلى غياب التهديد، وبالتالي تطبيق سياسة أمنية جديدة، وعلى المستوى الاجتماعي والسياسي الداخلي، ونظراً لعدم وجود تهديد خارجي لم يكن من الممكن الحفاظ على خدمة عسكرية بشكلها القديم.
لبيب فهمي:
وفي دولة تحكمها القوانين، فإن قرار إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية هو قرار سياسي وليس عسكرياً، فالجيش لا يتدخل في الشؤون السياسية.
روبير بربيت:
الجيش لا يمارس السياسة فأي قرار يخص الجيش من الموازنات حتى العمليات هو قرار سياسي محض، الجيش يتكون من موظفين في خدمة الدولة، ولا يأخذون أية قرارات سياسية.
لبيب فهمي:
وإذا كانت المستجدات السياسية على الساحة الدولية في بداية التسعينيات قد ساهمت في إلغاء الخدمة العسكرية عام 93، فإن تطور الرأي العام البلجيكي قد لعب أيضاً دوراً مهماً في اتخاذ هذا القرار.
ماتيو (مسرحي بلجيكي):
أنا لست ضد الخدمة العسكرية، ولكن ضد الخدمة العسكرية الإلزامية فأنا مرتاح يكون لدى بلجيكا جيش محترف، لذا فإنني أجد من الطبيعي ألا يُجبر المواطنون على أداء خدمة عسكرية إلزامية.
روبير بربيت:
الرأي العام البلجيكي لم يعد يطبق أداء خدمة عسكرية إلزامية تدوم حوالي سنة في وقت غاب فيه التهديد الخارجي.
لبيب فهمي:
قبل إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية كان هاجس الكثيرين هو كيفية تفادي تأدية هذه الخدمة، فالشباب البلجيكي كان يرى في هذا الواجب ضياعاً للوقت.
شاب بلجيكي:
لم أُرد تأدية الخدمة العسكرية، لأنها بالنسبة لي أعتبرها سنة ضائعة من حياتي، فلا أتعلم شيئاً خلال هذه الخدمة، وقد فكرت في الأساليب المختلفة التي تعينني على تفادي أداء هذه الخدمة العسكرية ووجدت أن أفضل وسيلة هي تكوين ملف طبي يضخم من مواطن الضعف في صحتي.
لبيب فهمي:
أما الذين لم يجدوا مفراً من تأدية الخدمة، ففي الغالب يحتفظون بانطباعات وذكريات جيدة عن هذه التجربة.
فيليب دوهان (إعلامي):
لم أستطع تفادي هذه الخدمة العسكرية، لأنها كانت إلزامية عندما كنت في سن الثالثة والعشرين، لذا فقد أديت هذه الخدمة ولم أكن مستاء من هذا، بالعكس كنت مسروراً.
لبيب فهمي:
إلغاء الخدمة العسكرية قوبل بالارتياح من قبل الشباب الذين يعتبرون أن هذا القرار إيجابي جداً.
ماتيو:
أتذكر يوم أُعلن عن إلغاء الخدمة العسكرية، فقد قفزت من الفرح لأنني وجدت حلاً لمشكلتي، فلم أعد مجبراً على تأديتها.
لبيب فهمي:
والآن وبعد إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية، فقد أصبح التجنيد يتم بوسائل تساير العصر.
روبير بربيت:
يتم التجنيد حالياً عبر الإعلانات ونشر قائمة الوظائف الشاغرة في الجيش، وفي كل من وحدات المتطوعين وضباط الصف، والضباط الذين يتخرجون من المدرسة العسكرية.
لبيب فهمي:
ورغم أن الجيش عانى جراء الإلغاء السريع للخدمة العسكرية من نقص في كثير من الميادين، إلا ،أنه سرعان ما تم تعويض هذا النقص، باستقدام موظفين جدد وإعادة تنظيم شاملة للجيش، ويبقى أن دور الجيش لم يتغير، ولكنه فقط ارتقى من جيش للدفاع عن الوطن إلى جيش في خدمة الشعب.
وربير بربيت:
دور الجيش لم يتغير، لكنه تطور بمشاركته في عمليات حفظ السلام عبر العالم، والجيش البلجيكي، هو أيضاً جيش في خدمة الشعب، لقد تركنا جانباً الدور التقليدي للجيش، أي الدفاع والحرب، ليتحول إلى جيش للخدمات.
لبيب فهمي:
نهاية الحرب الباردة وانهيار الكتلة الشرقية ساهم في إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية في العديد من الدول الغربية، ولكنه لم يلغي لا دور الجيش ولا مكانته في مجتمع القرن الحادي والعشرين.
لبيب فهمي –برنامج (مراسلو الجزيرة ) – بروكسل.
محمد خير البوريني:
ومن الاستقرار إلى الفزع، (مدن الفزع) إحدى مسرحيات الشارع في سنغافورة التي تتحدث عن العيش في المدن الأسمنتية، المدن التي لم تعد تعبر عن هويات الشعوب وثقافتها، مدن الفزع هي تلك التي ينعدم فيها الفضاء، وتنحصر فيها المشاعر الإنسانية إلى أدنى مستوياتها ويعمل فيها الإنسان ويعامل كآلة لا تجيد سوى الحركة النمطية المكررة، تقرير صالح السقاف من هناك.
تقرير/ صالح السقاف:
المعاناة اليومية ومحاولة الربط بين الذاكرة والمكان والإحساس الإنساني هي محور أحداث العرض المسرحي (مدن الفزع)، والذي تقدمه فرقة (انشطار الفن السنغافورية) على سطح الطابق الـ 35 لمبنى في وسط سنغافورة.
أنجيلا بين ليونغ (مخرجة مسرحية ومدربة رقص):
بالإضافة لنقد المدن الآسيوية الجديدة فإننا نهدف أيضاً إلى استخدام المسرح بطريقة أكثر حركة وفاعلية، إنها طريقة مبتكرة لتقديم التقاليد المسرحية القديمة لمسرح الشارع، أو ما كان يعرف بمسرح (واينج) لأن مسرح (واينج) كان في السنين الماضية يطوف المدن والقرى وكان مصدر الترفيه لفئات المجتمع، واليوم نستخدم مواد وأدوات عصرية في إيصال رسالة المسرح للجمهور، لقد استخدمنا القضبان الحديدة وأنابيب التوصيل ومواسير المياه، ودعائم البناء، وأدوات الربط والتركيب في بناء المسرح، حيث جعلنا المسرح يحلق فوق سطح الطابق الـ 35 لناطحة السحاب.
صالح السقاف:
الممثلون وعلى مدى 50 دقيقة، ومن خلال حركاتهم الإيمائية ورقصاتهم التعبيرية الفردية والجماعية يغوصون في أعماق الحياة اليومية، يبحثون عن متنفس في مدن الفزع التي ترتفع في سمائها دعائم الحديد الصلب، وخيام من الأسمنت بين شوارعها وأحيائها خليط من البشر يسيرون على عاصفة مكتظة، وشوارع مزدحمة، ومركبات تفث سمومها وتصم الآذان بضجيجها، ومولدات أجهزة التبريد تزيد الأجواء توتراً بسيمفونيتها الصاخبة.
أرون كيك (ممثل وراقص):
أعتقد أن هذا العرض هو فريد من نوعه بسبب المكان الواسع ليس كما هو الحال في المسرح المغلق حيث تكون محصوراً في صندوق. ما أقوم بأدائه في (مدن الفزع) ليس نصاً مكتوباً وإنما أقوم بعرض بعض المشاهد القصيرة، والتي تجسد حياتنا اليومية في المدينة، استيقظ أمشي في طريقي، التقي أصدقائي ربما هنالك مشكلة ما، كل ذلك من خلال الحركات الإيمائية في إطار ذلك المكان الذي نستعرض مختلف جوانبه، لهذا السبب نقدم هذا العمل بالتحديد.
صالح السقاف:
(مدن الفزع) في نظر من يتأملها عن بعد تبدو علاقات معمارها صورة موازية لعلاقات أفكارها المتصارعة، تظهر فيها الإبداعات المكانية للحيز المعماري والتداخل المقحم لطراز العمارة الذي يفرض نفسه على التخطيط القديم بحيث غدت مدن الفزع خالية من التعبير عن الهوية والأصالة.
أنجيلا بين ليونغ:
لقد توجب علينا الالتزام بتنفيذ الكثير من المتطلبات، للحصول على تصريح العرض، فمثلاً كان علينا أن نقدم ضماناً بالالتزام بشروط السلامة العامة لهيئة المطافئ، لأنه عندما يكون الجمهور على سطح المبنى وهو مكان ليس معداً لتقديم عرض مسرحي فإنه يتطلب الالتزام بتلك الشروط كما أنهم كانوا على وشك أن يطلبوا منا عمل بوليصة التأمين ضد الغير بقيمة ثلاثة ملايين دولار.
صلاح السقاف:
وبينما يتم التركيز في العمارة على نظريات التصميم والشكل واستغلال الفضاء الشاسع، والتوسع عمودياً و أفقياً، وتمكين الإنسان من البناء بغاية التمتع، يعكس الممثلون في (مدن الفزع) نظرة يوتوبية فحركات أجسادهم وتعابير وجوههم تعبر عن البلبلة والفوضى التي يحدثها انتشار البناء حيث فقدت السيطرة على المتغيرات الاجتماعية المؤثرة فيها، ولم يعد للأفق صورة في أذهان سكان تلك المدن، ولم تبقى مساحة خضراء إلى وطالتها عمليات الإزاحة والتداخل والإحلال، في عمران المكان الذي يستبدل واقع أمسه بوعود غده، في مدن الفزع لا يحظى السكان إلا بشعاع خجول من أشعة الشمس يتساقط على زجاج نوافذ المباني الشاهقة، ثم تنعكس بقاياه عليهم.
أرون كيك:
أعتقد بأن المكان، وبالتحديد السطح أضفى الكثير على جمالية العرض وحيويته فعندما كنا نجري التدريبات في استوديو الرقص، كان الوضع مختلفاً، إذ كنا بين أربعة جدران، هذا المكان مفتوح وشاسع، ونحن هنا بين الأنابيب، والقضبان والدعائم الحديدية، ونحن الآن هنا فوق ناطحة السحاب في أعلى سقف، مما أعطانا الكثير من المرونة ورشاقة الحركة لتقديم العرض المسرحي.
صالح السقاف:
(مدن الفزع) خضعت لمجموعة من الثوابت والمتحولات، لكن ما يميزها عن المدن القديمة التقليدية، هو خلوها من الارتباط الروحي والعاطفي بالنسبة للإنسان الآسيوي، الذي مهما اختلفت طبائعه، فإنه يبقى بحاجة إلى التعاطف مع محيطه.
صالح السقاف – برنامج (مراسلو الجزيرة) – سنغافورة.
محمد خير البوريني:
مشاهدينا الكرام، إلى هنا نأتي إلى نهاية حلقة هذا الأسبوع من البرنامج، لمتابعي البرنامج يمكنكم مشاهدة تفاصيل هذه الحلقة من خلال موقع (الجزيرة) على شبكة الإنترنت، والموقع هو WWW.ALJAZEERA.NET ، ويمكنكم مراسلة البرنامج على العنوان التالي برنامج (مراسلو الجزيرة) صندوق بريد رقم 23123 الدوحة – قطر، أما رقم الفاكس فهو 4860194 علماً بأن الرقم الدولي هو 00974، نقول من جديد نتابع طلباتكم واستفساراتكم واقتراحاتكم أولاً بأول، وسنرد عليها كذلك أولاً بأول، بحول الله تعالى.
حتى الأسبوع المقبل، هذه تحية من المخرج صبري الرماحي، وفريق البرنامج، وهذه تحية أخرى مني محمد خير البوريني إلى اللقاء.