
موضوعات من العراق والمغرب ونيويورك وسينغافورة
مقدم الحلقة | محمد البوريني |
تاريخ الحلقة | 09/06/2001 |
– مشكلة القطارات في العراق وطرق مواجهتها
– المملكة المغربية و مواجهة ظاهرة الجفاف
– حي هارلم للسود الأميركان من الجريمة إلى السياحة
– حديقة (هونج لم) السنغافورية ووهم الديمقراطية وحقيقتها
![]() | |
![]() | |
![]() | |
![]() | |
![]() |
محمد خير البوريني: مشاهدينا الكرام، أهلاً وسهلاً بكم معنا إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامجكم (مراسلو الجزيرة). نشاهد معاً في حلقة هذا الأسبوع تقريراً حول القطارات في العراق التي ما زالت تعمل بجهود المهندسين والتخصصين، على الرغم مما لحق بهذا القطاع الحيوي من دمار بسبب استهداف طائرات التحالف له في حرب الخليج الثانية، وما أعقب ذلك من هجمات صاروخية وضغط هائل للحصار المفروض منذ ما يزيد على عشر سنوات.
كما تشاهدون تقريراً آخر من المغرب التي ترصد مبالغ كبيرة من موازنتها لمواجهة الجفاف الذي تكرر خلال السنوات الماضية حتى بات ظهراً من مظاهر حالة البلاد المناخية.
وبعد الرد على مجموعة من رسائلكم نشاهد معاً تقريراً يتحدث عن حي (هارلم) للسود في مدينة نيويورك الأميركية، الذي كان مرتعاً للجريمة والمخدرات وتمرد الفقراء ثم تحول إلى حي مسالم يجذب السياح والزائرين، ثم نتحول بكم إلى موضوع يعالج سماح حكومة (سنغافورة) لمواطنيها بحرية الرأي والتعبير ضمن شروط وضوابط تنظيمية وتخصيصها حديقة لتكون منبراً لهذا التعبير على غرار حديقة (هايد بارك) في العاصمة البريطانية، وكيف يرى معارضون سنغافوريون أن الانفتاح الحكومي ليس إلا وهماً وخيالاً، بينما يراه آخرون تحولاً إيجابياً قد يؤثر على الدول المجاورة.
مشكلة القطارات في العراق وطرق مواجهتها
أهلاً بكم معنا، إلى أولى فقرات هذه الحلقة. لحق بالسكك الحديد والقطارات في العراق أضرار كبيرة، كما لحق ببقية قطاعات النقل والحياة في البلاد خلال حرب الخليج الثانية، وخلال سنوات الحصار الدولي. انتهى العمر التشغيلي للقطارات العراقية، لكنها مازالت تذرع البلاد طولاً وعرضاً، تتهادى متثاقلة وتعمل بما تيسر لها من قطع غيار تمكن المهندسون والفنيون العراقيون من تصنيعها محلياً، تحت ضغط الحصار والحاجة الماسة لها، وبهذا الصدد تقول بغداد: إن لجنة العقوبات الدولية، التي تتحكم الولايات المتحدة وبريطانيا في قراراتها تتعمد عدم التفريق بين سكك الحديد والغذاء والدواء والتعليم، وبين المعدات العسكرية والذخيرة الحربية التي تحدثت عنها قرارات الأمم المتحدة، ولهذا السبب فإنها –إي اللجنة- لم توافق سوى على نسبة ضئيلة من حجم العقود التي طلب العراق إبرامها مع شركات دولية ضمان استمرار العمل في منشآته المختلفة ومن بينها قطاع سكك الحديد لكن اللجنة تنفي ذلك وتقول: إن المواد التي ترفض الموافقة عليها تدخل في إطار الاستخدام المزدوج. تقرير فائزة العزي أعدته من العراق.
فائزة العزي: تعد السكك الحديد العراقية واحدة من أقدم المنشآت في المنطقة، فقد تأسست عام 1916م، وساهمت في نقل البضائع والمسافرين داخل العراق وخارجه، العمر الطويل لهذا لسكك خلق حالة تآلف بين القطار والناس هنا، حتى أنه دخل ضمن الموروث الشعبي وضمن أغانيهم، تحت مسميات مختلفة منها الرام.
هذه السكك عانت منذ عقدين من الزمن من قلة الصيانة والسبب يعود إلى ظروف البلد جراء الحصار وصعوبة الحصول على قطع غيار جديدة، بسبب التعقيدات التي تفرضها لجنة المقاطعة في مجلس الأمن وموافقات المجلس نفسه.
غسان العاني (المدير العام لسكك الحديد العراقية): طبعاً الشركة متعاقدة على مبلغ بحدود 300 مليون دولار، ولكن ما صادقت عليه اللجنة يعادل حوالي 25% من العقود.
فائزة العزي: هذا الحال لم يبق كما هو عليه حيث قررت الجهات العراقية المسؤولة الاعتماد على الإمكانات المحلية، شأنها في ذلك شأن كل القطاعات الأخرى، إذ قامت بتطوير خطوط السكك بغرض الاستفادة منها في مجال نقل المسافرين والبضائع، يبلغ طول السكك العراقية 2200 كيلو متر، وقد تم تحديث ألف كيلو متر منها لحد الآن والباقي قيد الدراسة والإنجاز.
هلال القريشي (مهندس في مشاريع سكك الحديد/العراق): تنفذ وزارة النقل والمواصلات، الشركة العامة للسكك الحديد العراقية مشروع تطوير سكة حديد بغداد-البصرة- مقصر، وقد تم تنفيذ الجزء الأول منه وهو بغداد – بابل بطول مائة كيلو متر، والآن باشرنا بتنفيذ المرحلة الثانية وهي من بابل إلى المثنى بطول 152 كيلو متر يتضمن المشروع إعادة إنشاء خط سكة بغداد البصرة قصر الذي مضت على إنشائه فترة أكثر من 40 سنة.
فائزة العزي: هذه الخطوط ليست داخلية حسب إذ تم مؤخراً مد خطوط جديدة تربط العراق بدول الجوار مثل خط حساب ألبو كمال في سوريا، إذ تستطيع القاطرة السير بسرعة 140 كيلو متراً في الساعة على السكك الحديد الممدودة حديثاً، هذا الخط ينتظر إكماله نهاية هذا العام، إضافة إلى خط موصل-حلب الذي أعيد افتتاحه العام الماضي وما تزال رحلاته الأسبوعية مستمرة، ومن المؤمل نقل بضائع اتفاقية منطقة التجارة الحرة مع سوريا، وبضائع مذكرة التفاهم من خلال هذا الطريق البري.
غسان العاني: طبعاً الخطوط الجديدة راح تكون من الخطوط الحديثة الملحومة التي تتحمل سرعة عالية، إضافة إلى تأمين سلامة سير القطارات على هذه الخطوط.
فائزة العزي: من المشاكل التي تواجه الكوادر العاملة في مد خطوط السكك الحديد نوعية التربة في العراق، إذا تخضع لعدة عمليات قبل مد الخطوط حتى تصل إلى الحالة المطلوبة.
عبد الهادي محمد (رئيس دائرة الهندسة/شركة سكك الحديد): من المشاكل اللي نعاني بها حالياً كهندسة مدنية هي إنه التربة الموجودة عندنا خاصة في المنطقة الجنوبية من.. من العراق فيها زيادة نسبة الأملاح وارتفاع المياه الجوفية، هاي الظاهرة تؤثر علينا بالأعمال التنفيذية مما يحذي بنا إلى أنه نقوم بمعادلة التربة بتربة أخرى نظيفة من مواقع بعيدة هي تؤثر علينا من ناحية الكلفة، وبس يعطينا جودة عالية بالتنفيذ.
فائزة العزي: الملاحظ أن القاطرات التي تسير حالياً تقادمت بفعل الزمن، إذا يعود عمرها إلى أكثر من ثلاثين عاماً، والحال هذه مع ضرورة إبقاء هذه المنشأة في الخدمة دخل استخدام البدائل من أوسع الأبواب.
مهدي عبد المحسن (رئيس مهندسين/معمل خراطة/ شركة سكك الحديد): بسبب الحصار أكثر قاطرات السكك استحقت الأمر العامة ولا تزال تعمل بإدامة مركزة بسبب عدم توفر المواد الاحتياطية نديمها ونسوي صيانة مركزة وصيانة أكثر من اللازم لغرض أداء عملها بصورة تخدم السكك والمواطن والنقل.
فائزة العزي: لكن الأمر لم يتوقف على التحوير فقط، بل تعداه إلى تصنيع قطع كاملة لتحل محل قطع الغيار المستورة.
عبد الهادي العبيدي (مدير معمل الخراطة/شركة سكك الحديد): مسنن محرك السحب الـ attraction motor القاطرات الألمانية أجرينا عليها تجارب وقدرنا ننجح بها وتصنيعها كبديل وألغيت من كفقرة استيرادية وأجريت عليها تجارب ممتازة ونجحت.
فائزة العزي: في ورش التصليح عمل مستمر لا يتوقف يصل الليل بالنهار حتى يخيل للداخل أنه في خلية نحل قوانينها الصارمة لا تعرف الاستراحة.
فاروق عبد الله (مدير فني لورشة صيانة في شركة سكك الحديد): قبل الحصار كان كل شيء متوفر، والشغلة كان عندنا بسيطة رأساً من أي جهاز يعطل نبدله موجود له، وبعدين نهيئ جهاز تاني أما حالياً فنجمع قطع عاطلة وهاي لكون شغلة ضاغطة هوائية حتى نمشي القطار من عدة ضاغطات عشان توفر سابقاً. ونمشي الشغل ما عندنا.
فائزة العزي: التحوير واستخدام البدائل هو الأساس الذي تقوم عليه هذه الورش التي تعتمد بالدرجة الأولى على المهارة اليدوية وعلى الخبرة التي اكتسبها العاملون هنا بفعل الحاجة.
عبد الحسين عبد الله (حداد): أي شغلة يجيبوا إلنا إياها أسويها، يعني امستات، افلنجات، مدور، براقي، صار لي 26 سنة وأنا هنا، وأي شغلة يجيبوها أسويها.
فائزة العزي: هذه الورش التي استوردت بالأصل لصيانة القاطرات حورت إلى ورش تصنيع لا تعرف معنى "غير ممكن"، فكل شيء ممكن تصنيعه والاستفادة منه لغرض تسيير القاطرات.
محمد علي هاشم (رئيس مهندسين/ورشة القوالب الآلية): المعمل أساساً استورد بالسبعينات وبالـ 79 بالتحديد لتصنيع مواد خاصة بالـ Break للقطارات والشاحنات والعربات، يسمون هاي المواد هي مواد Break قباقيب اللجام، أو
Break Block بالإنجليزي، فهو كان مستورد خصيصاً لهذه.. يعني لهذه المادة فقط، حالياً إحنا استبعدينا من.. من خاصية هذا المعمل لتضيع كثير من المواد المفقود واللي يعني كانت تستورد.
فائزة العزي: ففي ورشة المقابلة الأتوماتيكية مثلاً إذ يتم تصنيع القوالب أضيفت إليها أعمال أخرى مثل: تصنيع قطع كتل اللجام الخاصة بالموقفات للوحدات المتحركة، أما المقالبات الأرضية فتعمد على المهارات اليدوية، إذ تدخل الخبرة في هذا المجال في تصنيع المسبوكات ذات الطبيعة غير النمطية المعادن المستخدمة هي: حديد الصلب والمعادن الملونة، أما في ورش تصليح القاطرات فتتم صيانة جميع أنواع القاطرات على اختلاف مناشئها، وكالعادة تستخدم البدائل المحلية لأكثر الأجزاء لأكثر الأجزاء التي تستهلك في القاطرات.
عبد المهدي حسن (مدير فني-ورشة إصلاح القطارات): قبل أن تجينا مواد احتياطية جاهزة كاملة وننشدها و.. أما هسه بنعاني شغلات، هسه المواد الاحتياطية نجري عليها عمليات تصليح وتحوير بالمواد الاحتياطية ونررد -إن شاء الله- فهسه بنعاني من هالشغلة هالمواد الاحتياطية ما موجودة بس عملية تحوير وتصليح هي حالياً اللي بده تسوي.
فائزة العزي: وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة فإن السكك الحديد العراقية بحاجة أكثر للتطوير حتى تستطيع مواكبة التطور التكنولوجي المتسارع في العالم.
ويبدو أن مقولة "تبَّاً للمستحيل" التي أطلقها العراقيون لم تأت من فراغ وإلا فبماذا نفسر الإصرار على تشغيل قاطرة انتهى عمرها التشغيلي منذ أكثر من عقدين من الزمن؟
فائزة العزي برنامج (مراسلو الجزيرة). بغداد.
المملكة المغربية ومواجهة ظاهرة الجفاف
محمد خير البوريني: ومن قطارات العراق تحت الحصار نتحول إلى الجفاف في المغرب، حيث تنفق الحكومة المغربية مبالغ من موازنتها لأغراض مواجهة الجفاف الذي بات مظهراً من مظاهر حالة البلاد المناخية. معروف أن المغرب يعاني من شح موارده المائية كما تعاني السدود فيه من عجز في مناسيب المياه. تقرير إقبال إلهامي أعدته من هناك.
إقبال إلهامي: لم تعد الموازنة العامة للحكومة المغربية تخلو من إجراءات لمحاصرة الجفاف الذي أصبح تعاقبه يؤرق مضاجعها، ورصد حوالي سبعة ملايين دولار له هذا العام يشير إلى عمق الأزمة التي أصبحت آثارها بارزة في الأرياف والقرى في بلد لازال يعتبر فلاحياً بالدرجة الأولى.
مختار البزويوي (مهندس مياه): بصفة عامة المغرب عرف في عشرين سنة الأخيرة سنوات جفاف متتالية ابتدأ في.. في التمانينات بداية التمانينات وفي بداية للتسعينات كانت حتى الأربع أو خمس سنوات متتالية للجفاف، وكانوا يعيشوا في الوقت الراهن سنتين متتاليتين للجفاف، هذه بطبع الحال وضعية تتأثر بكثير على النشاطات الاقتصادية والاجتماعية.
إقبال إلهامي: أزمة ندرة المياه التي يعاني منها المغرب واحتدت وتيرتها خلال الأعوام الأخيرة يصعد منها موقعه الجغرافي في المدار شبه الجاف، ورغم أن المغرب لا يعاني على خلاف عدد من بلدان الشرق الأوسط من مشكل اقتسام المياه مع جيرانه لكن ذلك لم يحد من آثار الأزمة.
مختار البزويوي: كان هناك إحصاء ديال السكان اللي متضررين من.. من الجفاف، تقريباً مليون.. مليون نسمة، بواسطة البرامج اللي في.. في الماضي اللي كنا منهم باش نوصلوا الماء المصالح للشرب للسكنة القرابية، كان هذا رقم يمكن يوصل حتى يمكن 3 أو 4 ملايين، إذن في المستقبل تكثيف هذه البرامج لإيصال الماء الصالح الشرب للبادية هو أن يكون واحد حافز باش وخي يجي له الجفاف.. وخي يكون جفاف ما يكونش هناك مشكل.
إقبال إلهامي: السدود التي تنبه المغرب باكراً إلى دورها لم تسلم من أزمة ندرة المياه، وها هو سد وادي المخازن الذي كانت مياهه تنساب في كل وقت وحين أصبح لا يفتح سوى بضع ساعات في اليوم تتهافت عليها الأهالي والبهائم من كل أنحاء المنطقة.
محمد بلجيبو (مدرس): الواد هو النقطة النابضة ديال المنطقة، هو به بكي يشربوا ها المناطق كلها جات تشرب منه، حتى أن الناس ديال.. ديال عندهم جفاف في نواحي أخرى يشربوا..
يجيوا هنا بيش يسقوا من هنا، بيش كي يتعتقوا من هاي الناحية ديال الجفاف.
إقبال إلهامي: وغير بعيد يبدو نهر المخارزن وقد جفت ينابيعه كلياً بفعل قساوة الطبيعة والجفاف والذي انهارت بسبب قوة مياهه أطماع البرتغاليين في واحدة من أعتى المعارك في المنطقة العربية كلفت مصرع ثلاثة ملوك.
كريم أو كريم (مؤرخ مغربي): البرتغال بدأوا يستعدوا لغزو المغرب منذ 71، هذه الجملة، يصعب علينا تعداد عدد أساطيلها وعدد قواتها، وعدد جنودها بحيث جاءت الجملة وهذه الحملة نزلت في مدينة أصيلة، إنما استطاع المغاربة أو بقيادة عبد الملك المعتصم يجعلوا، أن يستدرجوا الحملة البرتغالية نحو الداخل، يعني أن يعملوا معهم عملية الكر والفر إلى منطقة التي زارت فيها الحملة أو دارت فيها الحملة المعركة، هذه المنطقة منطقة سهل.. يعني هضبة، هذه الهضبة محاطة بثلاث أودية، معنى 3 حفر، وادي ورور يصب في وادي المخازن، وادي المخازن يصب في وادي اللوكوس واللوكوس يصب في المحيط الأطلسي، إذن المغاربة خططوا للمعركة وفرضوا على الغزاة البرتغاليين مكان المعركة، نحن نعلم الذي يستطيع أن يفرض مكان المعركة وظروف المعركة والمحيط العام للمعركة يعي يتمكن من أن يلحق الهزيمة.
إقبال إلهامي: نهر المخازن الذي يخلد المغاربة ذكراه في آب من كل عام يعيش اليوم على إيقاع حرب طبيعية تبدو نتائجها أكثر شراسة من حرب السيوف، لكن جفافه ليس إلا امتداداً على ما يبدو لأزمة نقص المياه في العالم العربي والتي تهدد آثارها ساكنته بالانتقال من نصف مليار شخص حالياً إلى حوالي 3 ملايين بعد 20 عاماً.
وادي المخازن الذي كان محور واحدة من أعتى المعاركة في المنطقة العربية وأدي إلى مصرع تلاتة ملوك و آلاف من الجنود يشكل الآن مصدر حياة بالنسبة للآلاف في المنطقة. إقبال إلهامي، الجزيرة، وادي المخازن- شمال غربي البلاد.
محمد خير البوريني: ونصل إلى فقرة الردود على رسائلكم ونبدأ برسالة وصلت من المشاهد بسام محمد قائد –من اليمن- وجاء فيها:
إن قناة (الجزيرة) انفردت بكل ما هو جميل وتقوم بعرض هموم الأمة العربية التي تعاني من الضيق والانقسام بينما القنوات العربية الأخرى لا هم لها سوى أغاني الفيديو كليب والأفلام وغيرها على حد تعبير المشاهد.
يعرب بسام عن أمله في أن يتمكن من مشاهدة موضوع في البرنامج حول حرب عام 94 التي أدت إلى توحيد اليمن، ويتحدث المشاهد عن الاعتداءات التي تقوم بها القوات الأميركية والبريطانية ضد العراق، ويسأل: من هو المستفيد من الأزمة المستمرة في الخليج، هل هم العرب، أم الولايات المتحدة وإسرائيل؟
نجيب على ما يتعلق بموضوع الحرب التي أدت إلى توحيد اليمن، فالبرنامج يعمل على إنجاز تقرير مفصل ومطول حول تداعيات ما بعد تلك الحرب، وسوف تتمكن من مشاهدة ما طلبت قريباً إن شاء الله.
ورسالة وصلت من شخص وقَّع تحت اسم المحجوز غافل هادي –وهو عراقي يقيم في مخيم رافحة للاجئين العراقيين الذي أقامته السلطات السعودية لإيواء اللاجئين الذين غادروا أو فروا من العراق خلال الأحداث التي وقعت هناك بعد وقف إطلاق النار في حرب الخليج الثانية، وهي الأحداث التي تصفها المعارضة العراقية بالانتفاضة الشعبية وتصفها السلطات العراقية بصفحة الغدر والخيانة، وتتهم من شاركوا فيها بالعمالة لجهة أجنبية وتحديداً لإيران – يقول غافل: إنني أخاطبك في هذه اللحظة العصيبة التي تمر على وقد تكلفني حياتي بسبب عشر سنوات من المرارة مما أدى إلى إقدامي على الانتحار بغرز إبرة في وريدي لأننا مقطوعون عن العالم –ويتابع المشاهد- وا أسفاه على الدول الإسلامية التي تركتنا نلاقي مصيرنا المجهور بلا عمل أو مستقبل أو حياة أو حرية، وأنا أرسل لكن هذه الصورة لتؤكد مأساتنا، وللتوضيح فقط فالصورة هي لساق وقدم محروق جزئياً أو كان قد تعرض لإصابة معينة، ولكن المشاهد لم يوضع سبباً محدداً لتلك الإصابة، ويضيف قائلاً: إنني مصمم على الانتحار للخلاص من هذه الكارثة التي وقعت على رأسي منذ عشر سنوات، نرجو الإسراع في رفع معاناتنا حيث أننا محجوزون ورهائن بيد أميركا التي قررت قتلنا في صحراء العقارب والأفاعي القاتلة حسب نص الرسالة.
شكراً لغافل على رسالته وننوه في البداية أنه سبق وأجبنا على العديد من الرسائل التي وردت إلى البرنامج بهذا الشأن، ونقول مجدداً: أنه لا يمكنني الحديث عن مخيم اللاجئين المذكور في الصحراء السعودية دون الاطلاع عن كثب على أوضاع المقيمين فيه ودون حصولنا على الصوت والصورة، نعتذر شديد الاعتذار لصاحب الرسالة حيث مازلنا بانتظار موافقة السلطات السعودية على السماح للجزيرة بالعمل على الأراضي السعودية، وكنا قد نوهنا سابقاً إلى أننا بانتظار تلك الموافقة.
ومن الدوحة بعثت المشاهدة أم سلطان بعثت رسالة جاء فيها: أشكركم على ما تقدمونه من تقارير متنوعة من شتى البقاع في هذا البرنامج، وأحيي جميع العاملين في الجزيرة ومقدمي البرامج حيث أنني عاشقة للجزيرة.
للمشاهدة الكريمة عديدة طلبات بعضها يتعلق مباشرة بالبرنامج والبعض الآخر يتعلق بأمور أخرى تخص عمل القناة، أما ما يتعلق بعمل البرنامج فهي تطلب: تسليط الضوء على الآثار الإسلامية في الأندلس وما خلفه المسلمون الأوائل من تراث وحضارة عظيمين.
شكراً على الرسالة، أما بالنسبة لموضوع آثار الأندلس فسنفعل ما بوسعنا لتسليط الضوء عليه، أما بالنسبة للقضايا الأخرى التي تضمنتها الرسالة فقد قمنا بتحويلها إلى الجهة المعنية في (الجزيرة).
ورسالة فاكس وصلت من إبراهيم خيري الحراحشة -من الجامعة الأردنية في عمان- طلب فيها من البرنامج تسليط الضوء على مجالس الطلبة في الجامعات الأردنية والانتخابات فيها.
شكراً على الرسالة سوف نحاول تلبية ما طلبت، ولكننا نعتذر في الوقت الراهن عن الخوض في مثل هذا الموضوع نظراً لكثرة الجامعات العربية ومجالس الطلبة فيها التي تطلب أيضاً منا تسليط الضوء عليها، ونعتقد أن في ذلك خروج للبرنامج عن مساره ونتمنى أن تتمكن هذه المجالس يا إبراهيم من معالجة قضاياها داخل الأطر المعروفة وأهلاً وسهلاً بك ثانية، ولكننا سنحاول.
وبعث بلال بن حبشي طبري بعث رسالة فاكس ولكنها مطولة جداً ضمنها انتقادات عديدة لقناة "الجزيرة" وقال: محبة لكن أتقدم بين أيديكم ببعض النصائح التي يعتريها شيء من العتاب الذي أرجو أن يتسع صدركم له.
نجيب بالقول: بسبب طول الرسالة ولعدم اختصاص البرنامج بالقضايا المطروحة قمنا بتحويلها إلى الجهة المتخصصة في (الجزيرة) وتأكد يا بلال أن جميع الملاحظات التي وردت في رسالتك سوف تُعطى القدر الكافي من الاهتمام لأن (الجزيرة) هي ملك للمشاهد العربي وتعمل من أجله.
مشاهدينا الكرام إلى هنا نأتي إلى نهاية هذه الفقرة من البرنامج، نعود بكم الآن لاستكمال تبقى من فقرات.
حي هارلم للسود الأميركان من الجريمة إلى السياحة
بعد عقود كان فيها حي "هارلم" في مدينة نيويورك الأميركية مرتعاً للجريمة والمخدرات وتمرد الفقراء يعود هذا الحي تدريجياً ليصبح مسالماً ومتصالحاً مع المدينة بعد معارك شرسة للشرطة مع العصابات استمرت سنوات طويلة.
تقرير غيدا فخري من هناك.
غيدا فخري: شوارع (هارلم) تضج بحيوية غير مألوفة، وهارلم هو حي الأفارقة الأميركيين الذي طالما عانى من الحرمان والفقر المدقع، هذه المشاهد قد تبدو عادية لمن لا يعرف هارلم، لكنها نتيجة التغيير الكبير الذي يعيشه الحي، فمع هذا التغيير جاء نمو اقتصادي غير مسبوق وهبوط لافت في الجريمة، ويتفق الكثيرون ممن يعيشون هنا على أن الجيل الجديد من الشباب السود هم على استعداد أكبر للاندماج في المجتمع والتخلي عن تجارة المخدرات التي تورط بها آباؤهم، ولعل الوجود المكثف للشرطة النيوركية في شوارع هارلم أدى إلى محاصرة تجارة المخدرات وإن لم يؤدي إلى اختفائها تماماً.
روبرت لو (شرطي متقاعد/شرطة نيويروك): مشكلة المخدرات لا تزال موجودة فلم يتم استئصالها حتى الآن، ولا أعتقد أنه بإمكاننا استئصالها في المستقبل، هناك أرباح طائلة في تجارة المخدرات وهذا ما يجعل القضاء عليها أمراً صعباً جداً، لكنها بدأت في التراجع وتكاد أن تختفي من الشوارع، وتحصر الآن في العالم السلفي بسبب الإقبال عليها، لكن عامة الناس لم تعد تسمح بهذه التجارة في الشوارع.
غيدا فخري: السياسية الصارمة التي بدأت الشرطة بتنفيذها لملاحقة تجار المخدرات وللقضاء على أعمال العنف أثارت نقاشاً حاداً بين سكان الحي الذي يرى بعضهم فيها عنصرية البيض الأميركيين، ومع ذلك فإن أغلبية الذين تحدثنا إليهم يشعرون بارتياح أكبر نتيجة ما تقوم به الشرطة، ويتعاونون معها لحماية استثماراتهم كلما شعروا بأنها عرضة للتهديد، لكن وجود الشرطة أدى إلى فرض قوانين جديدة في الحي وضعت قيوداً على سكانه تمنعه من التجمع والغناء في الهواء الطلق وإحياء احتفالاتهم في الشوارع.
مريم سوازو (مطربة): الآن تغير الوضع عما كان عليه في السابق عندما كان المارة يرون الباعة على جانبي الطريق، الآن أصبحت الشوارع خاضعة لسيطرة أجهزة الشرطة حيث لم يعد المارة يشعرون بنفس الأحاسيس السابقة، وأصبح الباعة المتجولون يخافون من الغرامات المالية التي تفرضها عليهم البلدية في حال الإمساك بهم وهم متلبسون، الآن تغير الوضع.
غيدا فخري: لكن لهذا التغيير جوانبه الإيجابية فقد أدى الجو المستجد من الأمن والاستقرار إلى تشجيع أعداد كبيرة من الشباب العودة إلى هارلم وقد أقنع الطبقة الوسطى من الناس بإمكانية العيش في هذا الحي دون الخوف من تعرضهم للسطو والسرقة. لكن للاستقرار العائد لهارلم مفاجأته غير السارة، أسعار العقارات ارتفعت وإيجارات الشقق بدأت تتجاوز قدرات وإمكانيات نسبة كبيرة من سكان هارلم السود، كما أن البيض بدأوا يعودوا إلى حي كان وقفاً على السود لوقت طويل.
روبرتا واشنطن (مهندسة معمارية): مرت فترة في الستينات عندما هاجر الكثير من الناس عن الحي بسبب ارتفاع نسبة الجريمة وتدهور الأوضاع، وأعتقد هؤلاء أنه كان بإمكانهم أن يعيشوا في ظروف أفضل، لكن نتيجة للتغيير الحاصل في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية يسعى العديد من هؤلاء إلى العودة إلى هارلم، وحتى جيل الشباب في الحي لم يعد يبحث عن بديل.
غيدا فخري: هارلم تحول أيضاً إلى نقطة اجتذاب للسياح الأوروبيين وغيرهم الذين يقصدونه بأعداد كبيرة للاطلاع عن كتب على معالمه الشهيرة مثل مسرح (أبولو) وغيره وأصبح على لائحة المعالم السياحية التي تروج له الوكالات السياحية، وقد وصل مستوى الأمن والاستقرار إلى حدٍ أن السياح عادت إليهم من جديد الرغبة في عيش حياة الليل التي يشتهر بها هارلم.
هذا التغيير الديموغرافي لم يحل دون تحرك السكان الأفارقة من أجل الحفاظ على الطابع الخاص لهذا الحي، وذلك من خلال تشجيع ما هاجروه من السود على العودة ومطالبته السلطات بترميم الخراب الذي لحق بالكثير من بيوتهم المهجورة، وبالفعل فقد تشجع البعض منهم في العودة للعيش في هارلم وشراء البيوت التي تخلى عنها آباؤهم.
الكساندر سمول (رئيس جمعية هارلم التاريخية): قبل عامين ونصف العام عدت إلى هارلم حيث شعرت بطاقة جبارة وحيوية عالية، وما ساعدني على العودة هو أصدقاء سبقوني إلى هناك وتحدثوا إليَّ عن التغيرات الإيجابية، وإن كانت أعيش في شقة في حي (مانهاتن) مع احتفاظي بمنزلي الريفي، لكن بعد أن عدت إلى هارلم لم أعد بحاجة إلى أي منزل في أي مكان آخر.
غيدا فخري: هذه الرغبة عند عدد متزايد من سكان هارلم في العودة إلى الجذور ساهمت في ترميم التصاميم المعمارية الجميلة التي اشتهر بها، لكن هذه الأعمال لا تزال محدودة وغالبية المباني هذه لا تزال تنتظر دورها.
مع ذلك فإن نتائج حملات الترميم باتت واضحة علماً بأن المبلغ الذي صرفته مدينة نيويورك على إعادة الإسكان في هارلم منذ عام 94 تجاوز الثلاثمائة مليون دولار، وتؤدي حملات الترميم هذه إلى اجتذاب رؤوس الأموال والاستثمارات التي أنعشت اقتصاد هذا الحي.
ليروي شتيل (متقاعد): بدأت الحياة تعود إلى هارلم، فالناس بدأوا يختارون هذه المنازل القديمة ويقومون بترميمها، والمؤشرات تدل على أننا ننتظر حياً جديداً يعيد أمجاد الماضي، فالشباب الصغار يغادرون الحي وكبار السن يعودون إليه ولن يعود أهالي الحي بحاجة إلى اللجوء إلى وسط المدنية لشراء احتياجاتهم بعد افتتاح محال جديدة في الحي، فكل شيء يختلف الآن.
غيدا فخري: الاستثمارات والخدمات الاجتماعية التي لم يكن يعرفها سكان الحي قبل سنوات قليلة أصبحت كثيرة، لكن رغم تزايد فرص العمل فإن مشكلة البطالة المزمنة التي يعاني منها سكان الحي السود لم تحل، ويدرك القائمون على المشاريع التنموية وجود الصعوبات والمشاكل لكنهم لا يستطيعون إخفاء حماسهم إزاء الإنجازات الكبيرة التي تحققت حتى الآن.
باربارا أنكينزا(رئيسية جمعية التجارة في هارلم): إنها تشهد ازدهارا كبيراً، في الماضي كنا نعلن ونروج ليستثمر الناس في هارلم، كان لدينا العديد من محلات المجوهرات والكثير من البضائع التي لا يحتاجها سكان المنطقة، أما الآن فالبضائع الموجودة جذبت المستثمرين والمشترين إلى هارلم وبدأنا نستقبل طلبات من جميع أنحاء العالم لاستئجار المحلات في المنطقة.
غيدا فخري: حتى الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون اختار هارلم ليكون مقراً لمكاتبة الجديدة، وهذا يعطي مؤشراً للمستقبل الباهر والنمو الذي ينتظر هذا الحي وسكانه.
هارلم تغير من حي للجريمة إلى حي سياحي، ومن خط تماس بين السود الأفارقة في الولايات المتحدة والبيض إلى حي أميركي عادي جداً والطموح الأكبر الذي يسعى إليه القائمون على عملية التنمية وسكان الحي.
غيدا فخري لبرنامج (مراسل الجزيرة) نيويورك.
حديقة هونج لم السنغافورية ووهم الديمقراطية وحقيقتها
محمد خير البوريني: سمحت حكومة سنغافورة التي عرفت بحزمها سمحت لمواطنيها بحرية التعبير عن الرأي والفكر فذلك ضمن التحولات الديمقراطية التي تشهدها البلاد، وقد خصصت حديقة (هونج لم) لتكون منبراً لهذا التعبير على غرار حديقة الـ (هايد بارك) التي خفا نجمها مؤخراً في العاصمة البريطانية، لكن رواداً لهذه الحديقة يتذمرون من شروط حكومة بلادهم مقابل التعبير عن آرائهم، ويرون أن السماح بحرية التعبير ليس إلا وهماً وسراباً. ويعتقد مراقبون مستقلون أن التجربة الجديدة ذر للرماد في العيون كما يحدث في عدد من دول العالم تارة تحت ضغوط دولية وتارة أخرى للحصول على مساعدات وقروض مالية وأخرى لتحسين صور أنظمتها السياسية أو نزولاً عند رغبات ومطالب وضغوطات وتوجهات الشارع والقوى السياسية فيها، وسرعان ما تتعرى تلك الأنظمة عندما توضع على أول محكٍ يزيل الغمامة والغبار عن واقع وحقيقة مؤلمين. تقرير صالح السقاف من سنغافورة.
صالح السقاف: في خطوة لم يسبق لها مثيل بين دول جنوب شرق آسيا سمحت حكومة سنغافورة لمواطنيها بحرية الكلام والتعبير عن الرأي علناً ودون فرض أي قيود رقابية أو أمنية، وحددت الحكومة حديقة (هونج لم) في وسط سنغافورة لتكون منبراً ديمقراطياً في نقد القضايا الداخلية والخارجية وطرح الأفكار والبرامج.
ك. س. تان (رجل أعمال): نسبة البطالة 3.6، اخبروني كيف يبرر ذلك رواتب الوزراء العالية؟
صالح السقاف: حديقة (هونج لم) في سنجافورة تعيد للأذهان حديقة (هايد بارك) لندن العريقة والتي شهدت العديد من المتحدثين في مختلف المواضيع، وتشكل هذه الخطوة إحدى ثمار الانفراج الديمقراطي الذي تشهده هذه البلاد التي تحتل مكانة مرموقة في تقدمها الاقتصادي والتكنولوجي واستقرار أوضاعها الأمنية. الناشطون السياسيون اعتبروا هذه الخطوة مقدمة لمزيد من الحريات.
جيمس جومير (محلل سياسي): النقطة الأساسية في زواية المتحدثين أنها تزودنا بحرية سيكولوجية حرمها الكثيرون منا بسبب حزم الدولة والقوانين الصارمة التي تمنع حرية التعبير عن الرأي.
صالح السقاف: فيما اعتبرت بعض أحزاب المعارضة خطوة الحكومة ما هي إلا فقاعة ماءٍ بسبب الشروط التي فرضتها على المتحدثين في حديقة (هونج لم) والتي قللت –حسب قولهم- من مصداقية الحكومة في توجهها نحو مزيد من الانفراج الديمقراطي.
غاندي إميلام (نائب رئيس الحزب الديمقراطي المعارض): زاوية المتحدثين هي وهم وخرافة، كانت لدينا ديمقراطية وحرية التعبير قبل أن تتولى الحكومة الحالية إدارة البلاد.
صالح السقاف: الحكومة السنجافورية كانت مترددة في الموافقة على هذه الخطوة تخوفاً من أن تتحول المناظرات والانتقادات في حديقة هونج لم إلى فوضى في الأمن والنظام في مجتمع متعدد الأعراق والأديان، لكنها فضلت التجربة والمخاطرة حيث يمكن معالجة آثارها كما وضعت الحكومة تعليمات طالبت المتحدثين اتباعها، من أهمها أن يكون المتحدث سنجافوري الجنسية، وأن يحصل على تصريح من مركز الشرطة يحدد فيه اليوم الذي سيتحدث فيه دون تحديد الوقت أو الموضوع الذي سيناقشه، وشددت التعليمات على عدم الخوض في مواضيع الأديان والأعراق وعدم التهديد بالقتل، وعدم استخدام الميكرفون أو مكبرات الصوت.
جيمس جومير: أفضل استخدام الميكروفون، تحدثت لمدة عشر دقائق وأشعر أن صوتي متعب.
صالح السقاف: إن حرية التعبير عن الرأي ليست جديدة على السنجافوريين الذين استطاعوا بعزيمتهم القوية أن يجعلوا من انفصالهم القسري عن ماليزيا عام 1965م منطلقاً لبناء دولتهم العصرية، والتي قاد مسيرتها وعلى مدى ثلاثين عاماً رئيس وزرائها السابق (لي كوان د. يوسف القرضاوي:) والذي لا تزال بصماته واضحة المعالم في أركان هذه الدولة، من هذه الحديقة انطلقت هتافات "ميردكا ميردكا" وتعني الاستقلال باللغة المالوية، وها هي "ميردكا" أمس يرددها أبناء سنجافورة اليوم، ولكن القضايا تختلف من الستينيات.
ك. س. تان: استقلال.. استقلال.. حسناً فعلتم، ستسيروا على درب (لي كوان يو) أنا لست ضد رفع رواتب مرتفعة للوزراء، ولكن يجب تبرير ذلك، هنالك بروفيسور أميركي يدعي (كروس مان) يقول: إننا نجذب من الاستثمارات ورؤوس الأموال. نعم، ولك هل نزيد من إنتاجية؟ لا.
صالح السقاف: وبعد خمسة وثلاثين عاماً قضايا السنجافوريون في العمل المتواصل دون الالتفات إلى سياسات حزب الشعب الحاكم وعدم التعرض لنقد الحكومة، هل أصبح السنجافوريون أكثر جرءة في التعبير عن آرائهم وأفكارهم دون خوف؟!
أوغستين يانغ (محاضر في كلية الإعلام-جامعة سنغافورة): إلى حدٍ ما مفهوم العامة في الحديث علناً ونقد الحكومة أنه سيؤدي إلى دخلولهم السجن، هذا من مفهوم العامة، أنا أخالف ذلك الرأي، لأنه من الإنصاف القول: أن الحكومة لم تسجن أحداً لمجرد معارضته للحكومة.
صالح السقاف: لكن أغلبية المواطنين ترى أن التعبير عن الرأي والكلام في الأماكن العامة وتوجيه النقد للحكومة يغلب عليه الطابع السياسي، فكيف يمكن تغيير هذا المفهوم؟
أوغستين يانغ: أعتقد أن السنجافوريين أصبحوا أكثر وعياً اجتماعياً وسياسياً، أعتقد أنهم ليسوا خائفين من الكلام علناً حيث تم رفع القيود، وأعتقد أن زاوية المتحدثين ستضيف بعداً آخر لثقافة التعبير عن الرأي، وأتمنى أن تصبح هذا الزاوية مكاناً حيوياً للحوار البناء.
صالح السقاف: إن ما يجري اليوم في حديقة. هو هونج لم هايد بارك سنجافورا يشكل تحدياً للحكومة والمعارضة، فالحكومة تخشى أن تتحول هذه الحديقة إلى معقل دائم للمعارضة يتردد المواطنون لسماع آرائهم وانتقاداتهم لبرامج الحكومة.
متسئال في هونج لم: لكن شركات أخرى تحوم حولها الشبهات.
جميس جومبير: هل تدري لماذا؟ لأننا فاسدون كلنا نعاني من الفساد، لأننا لا نحصل على مليون دولار كراتب.
صالح السقاف: بينما ترى المعارضة في هذا الحديقة ملاذها الآمن وفرصتها للتعبير عن أفكارها وبرامجها، وعليها يعتمد نجاحها في الوصول إلى الناخبين بسبب سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام.
كواك هاي يوتغ (سائق تاكسي-سنغافورة): لكن بعض أنظمة الحكومة تجعل حياتنا تعيسة، لذلك نطالب الحكومة بتعديل هذه الأنظمة.
صالح السقاف: وبرغم محاولة حكومة سنجافورة تجنب البهرجة الإعلامية لهذا الحدث الفريد في منطقة جنوب شرق آسيا إلا أن وسائل الإعلام الأجنبية وجدت في موضوع حديقة هونج لم مادة دسمة في مجتمع محكوم بنظام حازم أعطى فيه المجال للشعب في حرية التعبير عن الرأي، مع بعض القيود.
كما تناول بعض الكتاب المحليين الإيجابيات والسلبيات لحرية التعبير في ظل ديمقراطية الانفتاح، واليوم وبعد أن غابت شمس هايد بارك لندن فهل تشرق الشمس من جديد ويكتب النجاح والاستمرارية لهونج لم بارك في سنجافورا؟ ووسائل التقنية الحديثة جعلت حرية التعبير عن الرأي أمراً ميسوراً دون عناء الوقوف لسماع الآراء والاجتهادات.
ك. س تان: أقول التقنية المتقدمة يجب أن تنطبق على اللا تقنية، لأن المستقبل في الوصول والتأثير، أرجوك صافحني.
صالح السقاف: إن تجربة سنجافورا الديمقراطية ستجعلها محط أنظار الدول الآسيوية المجاورة، فإذا كتب لهذه التجربة النجاح فستكون لها دلالات إيجابية على مسيرة الانفراج الديمقراطي في سنجافورا والدول المجاورة. صالح السقاف-برنامج (مراسلو الجزيرة)- سنجافورا.
محمد خير البوريني: ومن حرية التعبير عن الرأي في سنجافورا نأتي إلى نهاية حلقة هذا الأسبوع من البرنامج. لمتابعي البرنامج يمكنكم مشاهدة تفاصيل هذا الحلقة من خلال موقع "الجزيرة" على شبكة الإنترنت، والموقع هو: www.aljazeera.net ويمكنكم مراسلة البرنامج على العنوان التالي: برنامج مرسلو الجزيرة – صندوق بريد رقم 23123 الدوحة قطر، أما رقم الفاكس فهو 009744860194 نقول من جديد نتابع طلباتكم واستفساراتكم واقتراحاتكم أولاً بأول وسنرد عليها كذلك أول بأول بحول الله تعالى.
حتى الحلقة المقبلة هذه تحية من المخرج صبري الرماحي وفريق البرنامج، وهذه تحية أخرى مني محمد خير البوريني، إلى اللقاء.