زراعة الحشيش في لبنان وموضوعات أخرى
مقدم الحلقة: | محمد البوريني |
تاريخ الحلقة: | 11/08/2001 |
– زراعة المخدرات في لبنان
– الألغام الأرضية في السودان
– أوضاع البوسنة الاقتصادية بعد الحرب
– المعالم الحضارية في زنجبار بين المحافظة والاندثار
محمد خير البوريني: أهلاً وسهلاً بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة جديدة من برنامجكم "مراسلو الجزيرة".
نشاهد في حلقة اليوم تقريراً من لبنان نتناول فيه عودة مزارعين لبنانيين لزراعة المخدرات وتحديداً الحشيش في مناطق معينة، ونتناول الدوافع التي تقف وراء عودتهم لهذا النوع من الزراعة التي تدر أرباحاً طائلة تقدر بمئات ملايين الدولارات سنوياً.
كما نشاهد قضية الألغام الأرضية في السودان، وكيف أودت بحياة عشرات آلاف الضحايا، وألحقت وتلحق أضراراً جسيمة في الثروتين الزراعية والحيوانية.
ومن البوسنة نستعرض المزيد حول ما تركته الحرب هناك من آثار اجتماعية وإنسانية، وعسكرية، ويتحدث التقرير عن غزو منظمات مشبوهة للبوسنة بعضها يهودية.
ثم نشاهد تقرير من زنجبار مهد الحضارة السواحلية التي شكلت مزيجاً من الحضارة العربية والإسلامية والأفريقية، ونرى كيف يخشى أهلها من اندثار تراثهم وسط الحداثة والتطور.
أهلاً بكم معنا إلى أولى فقرات هذه الحلقة.
زراعة المخدرات في لبنان
عاد المزارعون اللبنانيون لزراعة المخدرات لا سيما الحشيش في مناطق زراعتها التقليدية، ولكن هل عادوا لزراعتها حباً بالإتجار فيها؟ الجواب قطعاً لا، في سنوات الحرب اللبنانية عاشت آلاف العائلات اللبنانية على مردود هذا النوع من الزراعة التي كانت تدر مئات ملايين الدولارات سنوياً ما يشجع المزارعين على زراعة الحشيش هو أرباحها، وقلة تكاليف الزراعة مقارنة بأي نبات آخر، الناقوس عاد يدق من جديد، والقضاء على زراعة المخدرات في لبنان التي تشكو دول عربية وأجنبية عديدة من تسربها إليها يحتاج إلى دعم الزراعة البديلة في هذا البلد العربي، مع تأمين أرباح تؤمن بدورها عيشاً كريماً للمزراع اللبناني العامل في هذا المجال، هذا ما استخلصه المتخصصون، تقرير ميا بيضون أعدته من مزراع الحشيش في لبنان.
أبو محمد (مزارع لبناني): بعد تجربتنا الفاشلة مع برنامج الأمم المتحدة، كانت ها المزارعين إنه على يقين إنه ما فيه إنقاذ ينقذهم إلا يعودوا لزراعة المخدرات.
تقرير/ ميا بيضون: وليس أبو محمد المزارع الوحيد الذي عاود زرع الحشيشة، فقبل عشر سنوات، وعندما أتلفت السلطات اللبنانية الزراعات الممنوعة فشلت في المقابل بتوفير زراعات بديلة أو أي نوع من التعويض على أكثر من 27 ألف عائلة كانت الحشيشة والأفيون مردودها الوحيد، وتشير بعض الأرقام غير الرسمية أن مردود زراعة المخدرات كان يتراوح بين 500 مليون دولار ومليار دولار سنوياً، إضافة إلى أن صناعة هذه المخدرات وتحويلها إلى هيروين كانت تصنع محلياً في السابق، سارة فضلت عدم الظهور للكاميرا خوفاً من العواقب التي قد تنزل عليها في حال تم التعرف عليها بأنها عادت إلى زراعة الحشيشة.
سارة (مزارعة لبنانية): كنا بالأول نزرع، كنا عايشين الحمد لله، مستورين يعني، ساعة منعوا المخدرات –يعني- عشنا في بؤس وبالعذاب وبالويل، ولادنا ما عدنا حطيناهم بالمدارس، يعني.. يعني شو بدي أقول لك: يعني أكل لأولادنا ما عاد فيه.
ميا بيضون: وليس البؤس وحده الذي دفع المزارعين إلى اختيار الحشيشة بالتحديد فالذين حاولوا زراعة البطاطا مثلاً تكبدوا الخسائر، كما أن تكاليف زراعة الحشيشة زهيدة جداً.
أبو محمد (مزارع لبناني): أنا من أحد الناس راح يعني صار معي تجربة من 95.. 96، حاطط حوالي 150 ألف دولار، لحتى أربح 5% قمت خسرت 50%، يعني أنا خسران 75 ألف دولار بالبطاطا.. زراعة البطاطا، كلفني كيلو البطاطا بأرضه 350 ليرة لبناني، يعني تصوري بعناه بـ 150 ليرة، الحشيشة بتزرع الألف متر أي الدونم بتزرعيه بدولار واحد، يعني بده كيلو من البذر بتزرعي الألف متر بكيلو واحد حقه دولار، بيرجع –راح أقول شغلة- إنه تكاليف فلاحته دولارين صاروا 3 دولارات، هذا ها البذرة هذه، إذا جيت تركيتها بدون أي عناية ليوم الحصاد يعني بتكوني أنت اتكلفت عليها 3 دولارات فلاحة وبدار (…) كيف، تعطيك نتيجة حوالي الدونم بيعيطك لحد الـ 200 دولار، هذا (..) بدون مي أما المي، إذا بتيجي إلى المي بتكلفك حوالي الـ 100 دولار الدونم..، الألف متر مربع بيكلفوك حوالي 100 دولار مع فلاحة، مع بدار، مع سقي، مع سماد بتاخدي 500 دولار وما فوق.
ميا بيضون: ووصلت حالة البؤس لدى المزارعين إلى درجة لم يعودوا معها يبالون من العقوبة التي قد تنزل بهم في حال قررت الدولة تشدداً في هذا المجال، وتتراوح العقوبة بين السجن مدى الحياة مع الأشغال الشاقة، ودفع غرامة تبلغ قيمتها 200 مليون ليرة لبنانية، أي ما يساوي نحو مائة ألف دولار أميركي، وإضافة إلى سهولة زراعة المخدرات وسرعة تصريفها، هناك سبب مناخي شجع إلى زراعة هذه النبتة الممنوعة.
علي علاو (مزراع لبناني): طبيعة المناخ هون، وتعرض هاي المناطق للسقعة، الزراعات التانية بتسقع من الصيف، فهاي النبتة الوحيدة، والقمح اللي بيتحملوا ها الحالة، وبما إنه الآن نحن ما فيه حماية من الدولة، فمضطر المزارع يزرع حشيشة.
ميا بيضون: وبعد أتلاف الحشيشة والأفيون وعد لبنان بمساعدات من أجل التعويض عن الخسارة التي تكبدها المزارعون وحدهم، غير أن المساعدات بقيت حبراً على ورق، ويعزو البعض عدم تدفق المساعدات إلى رضوخ الدول المانحة إلى الضغوط الأميركية التي تعارض منح مساعدات لمنطقة تعتبرها تابعة لنفوذ حزب الله وبالتالي مساعدة هذه المنطقة يعني بالنسبة لها مساعدة حزب الله، غير أن بعض المراقبين يرون هذا الاستنتاج خاطئ، إذ إن الفقر الذي أصاب المزارعين هو الذي دفعهم إلى أحضان الحزب الذي يقدم مساعدات اجتماعية ومعيشية واسعة في هذه المناطق، ويتبادل كل من مسؤولي برنامج الأمم المتحدة للتنمية الريفية والدولة اللبنانية التهم في تحمل مسؤولية هذه المنطقة، ويرى القائمون على البرنامج أن الجهات اللبنانية المختصة لم تقدم أية إرشادات للمزارعين فيما يتعلق بالزراعات البديلة.
علي عبد الله (وزير الزراعة اللبناني): وزارة الزراعة مش كان المعول عليها هي، إنها تقدر توجد الزراعات البديلة، لأنه ما عندها الإمكانات، لذلك كان البرنامج على أساس إنه وعدوا فيه.. وعدت فيه الحكومة اللبنانية ووعد فيه المزارع والمواطن ابن منطقة بعلبك الهرمل إنه راح يكون فيه برنامج متكامل يقدر يؤمن لها المواطن هذا زراعة بديلة، تخليه يقدر يعيش وعائلته عيشة كريمة.
ميا بيضون: أما برنامج الأمم المتحدة للتنمية الريفية والذي أوكلت عليه مهمة إيجاد الزراعات البديلة، أخفق بذلك حسب رأي المزارعين، وهو متهم بأنه أنفق الأموال المخصصة له على دراسات فقط، غير أن المسؤولين الدوليين يؤكدون أن هذه الدراسات أساس لتقديم المساعدات.
ندى الناشف (مكتب برنامج الأمم المتحدة للتنمية): كانت للدول المانحة عدة تحفظات بالنسبة لإمكانية المنطقة إنها تستوعب التمويل الموجود، أو التمويل المرتقب..
ميا بيضون: كيف يعني؟
ندى الناشف: يعني كان فيه شعور إنه الأجهزة على الأرض غير قادرة إنها تستوعب تمويل أكثر، كان لازم نعمل بالأول دراسات، كان لازم نعمل تدريب للعناصر الموجودة، وهلا بأعتقد عندنا البنية التحتية ممكن إنها تستوعب، هلا فيه محاولات كتير كتير قائمة لجلب استثمارات من الخارج وموارد إضافية، وراح نبدأ هلا في ضوء المسودات الأخيرة للبرنامج التالت المرحلة التالتة، إنه بنحكي مع ممثلي الدول المانحة، مع ممثلي المنظمات الدولية، بالذات الأمم المتحدة مثل برنامج مكافحة المخدرات اللي الحقيقة دعمنا في ها المرحلة الانتقالية.
ميا بيضون: وقد حاول أحد الخبراء الزراعيين في المنطقة طرح زراعات بديلة ليساعد المزارعين الآن على تخطي مصاعبهم، إنما هو أيضاً يشكو من غياب الأموال اللازمة لإنجاح برنامجه.
د. حسام مخلوف (خبير زراعي): الزراعات الاستراتيجية: زراعة الفستق، الحلبة، البندق، الكستناء، الجوجوبال، الجوايولا، زراعات شجرية أخرى تتطلب حوالي 6،7 سنوات لتدخل بالإنتاج، والزراعات السريعة الإنتاج هي زراعة الزعفران و(الكابر)، وزراعات أخرى كزراعات موسمية، هذه الزراعات ستؤدي فيما لو تم تنفيذها حسب الخطة الموضوعة لزراعة 40 ألف هكتار إلى تحسين واقع الحالة الزراعية في منطقة بعلبك هرمل، ودفع المزارعين إلى التخلي عن زراعة المخدرات، الزراعات الممنوعة في هذه السنة مقدرة بين 200 و225 ألف دونم، منتشرة خاصة في المناطق البعيدة عن نظر السلطة، هذه المساحة هي المساحة التقليدية لزراعة الحشيشة تقريباً في لبنان، في سنوات الحرب وصلت الزراعة لحوالي 60، 70 ألف هكتار، يعني 700 ألف دونم.
ميا بيضون: ويربط بعض المراقبين مسألة عودة زراعة المخدرات في تلك المنطقة بالعلاقات السورية الأميركية، التي تشهد احتقاناً في الوقت الراهن، إذ يرون أنه كلما تحسنت هذه العلاقة يتم إتلاف زراعة المخدرات، بينما يتم غض الطرف عنها خلال فترات التوتر، يبدو أن معضلة الزراعات الممنوعة لن تحل في المستقبل القريب بسبب إهمال الحكومات المتعاقبة لهذه المناطق النائية، غير أن الخطر يكمن في العقوبات التي قد يضعها المجتمع الدولي على لبنان في حال اتساع انتشار زراعة الحشيشة والأفيون. ميا بيضون – الجزيرة- لبرنامج مراسلو الجزيرة –من جرود الهرمل شمال لبنان.
الألغام الأرضية في السودان
محمد خير البوريني: توجد في السودان أعداد كبيرة من الألغام الأرضية التي يبدو وأنه لا توجد إحصائية لأعدادها أو أماكن زراعتها، أرقام تتحدث عن أعداد ضخمة من القتلى والجرحى والمعوقين بسبب هذه الألغام، كما تتحدث عن قضائها على الملايين من رؤوس الماشية، بالإضافة إلى إلحاقها أضراراً فادحة بزراعة البلاد، إلى السودان.
تقرير/ الطاهر المرضي: الأرض التي تبدو مسالمة هنا لا يدري من يمشي عليها أن الموت في باطنها يتربص به ولا يدرك أن خطواته قد تقوده إلى المصير المظلم، سعدان رجل تغير مجرى حياته للبحث اليومي عن أرجل اصطناعية بعد أن فقد ساقيه بسبب زراعة الألغام في مناطق الحرب بجنوب السودان إثر انفجار لغم حول حياته إلى بؤس وشقاء رغم محاولاته لتوفير العيش الكريم لأسرته.
سعدان (أحد ضحايا الألغام): ومتزوج -الحمد لله- ولي 3 أطفال، وبنتي الكبيرة عندها شلل (..) مشلولة، وأنا أصلاً فارش في السوق علشان أعيشهم بس ما أكتر من كده عايز أتحرك علشان يعني ما (..) علشان ما يحسس أطفاله أو أهله بينهم بالعجز (…) طبعاً اتقطعوا (..) ما أقدر أعيشهم، ما أقدر أعمل لهم.
الطاهر المرضي: ومثل سعدان كثيرون، فالسودان من بين عشرة دول في العالم عرفت زراعة الألغام بطريقة مكثفة تسببت في أضرار بشرية هائلة، ما لا يقل عن مليون شخص معظمهم من المدنيين الأبرياء هم ضحايا الألغام في السودان، 50% منهم لقوا حتفهم في الحال أو متأثرين بجراحهم في رحلة من العذاب تكون محطتها الأخيرة الموت، وأما من بقي منهم على قيد الحياة، فهم يعانون الظروف المأساوية في مجابهة تحديات الحياة، بعد أن فقدوا أطرافهم وأبصارهم، وأصبحوا عالة على مجتمع يعاني نفسه من شظف العيش.
أحد ضحايا الألغام1: حصل في وجهي يعني تشوية خلقي، من ضمن التشويه الخلقي، فقدت يعني واحد من أعضائي المهم، اللي هو مثلاً العين، والحمد لله يعني ربنا -سبحانه وتعالى- أراد إن أنا يجعل لي كده (…) تقع.. تقع في جوه البيت، وتأثروا منها أكثر من 6 شخص من ضمنها الأشخاص اللي هو اللي توفى ابن أختي، وأنا اللي (تأثرت) وبرضو عندي ضرب في رجلي.
الطاهر المرضي: يقدر عدد ضحايا الألغام في السودان الذين فقدو أطرافهم بنحو 70 ألف شخص، ولم تعرف بعد الحالات التي لم يبلغ عنها بالرغم أنها عادة تكون أكبر بكثير مقارنة بأعداد الوفيات المسجلة رسمياً، والتي بلغت 70 ألف من الأشخاص ماتوا بسبب الألغام، 92% منهم من المدنيين الأبرياء، الذين يعملون في حرفة الزراعة والرعي والتجارة، وتتنوع إصاباتهم بتنوع تكنولوجيا صناعة الألغام، حيث عرفت الحرب في السودان 46 نوعاً منها تنتجها 16 دولة من بينها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي السابق، وبلجيكا وإيطاليا، وإسرائيل، ومصر، والعراق، وإيران، ويقدر عدد الألغام الأرضية والذخائر التي لم تنفجر في السودان بنحو المليونين ونصف المليون تهدد حياة الكثيرين من الأبرياء.
د. حسين العبيد (الحملة السودانية لمكافحة الألغام): تجاوز الناس والباحثون الآن الحديث عن قضية الألغام بحسبان أرقام اللي سلاح مدفون تحت الأرض، وتوسع المفهوم ليشمل الأبعاد التنموية والاقتصادية والبيئية والأمنية لقضية الألغام، فما عدنا نتحدث عن كم عدد من الألغام مزروع تحت الأرض، إنما نتحدث عن ما أصاب البيئة من دمار، وما أصاب الاقتصاد من تدهور، وما أصاب الحياة الاجتماعية من شلل.
الطاهر المرضي: مشهد أحد الأشخاص متوكأ على عصا أو مستخدماً طرفاً اصطناعياً مشهد لا يكاد يستوقف أحداً في الشارع السوداني فما بالك بأعداد أخرى من المعاقين أقعدتهم قلة المال في بيوتهم عن تكملة مشوار حياتهم حتى ولو بساق اصطناعية.
اللواء عبد الحي (مدير مؤسسة الأطراف الاصطناعية): معظم مصابي العمليات الحربية بسبب الألغام وبالذات المدنيين يأتون إلى هذا المصنع ولا يستطيعون دفع قيمة الأطراف الصناعية، ومصنع الأطراف الصناعية تسعى، لأن السلام آت
-إن شاء الله- والسلام تكلفته ستكون كثيرة جداً جداً، لأنه هناك كثير من ميادين الألغام غير معروفة، وحالياً.. سنوياً إن مسألة الأطراف الصناعية تقدم ما يقارب من الثلاثة ألف طرف.
الطاهر المرضي: يحتاج الطفل المعاق إلى 25 طرفاً اصطناعياً طوال حياته، حسب مراحل نموه، وتبلغ تكلفة الساق الاصطناعية 125 دولاراً، فيما يزيد سعر اليد الاصطناعية أضعاف هذا المبلغ، فكيف يكون الحال إذا كان ضحايا الألغام في السودان معظمهم من الفقراء والمساكين.
أحد ضحايا الألغام2: أنا.. الواحد ما يمشي بعيد أو قريب، ما الواحد ما يقدر يتناول حاجة، خاصة لما نشرب ميه لما نقول: إلا زول يسقينا في محلنا، ما نقدر إلا زول والمشي به، كتير من الناس ما يقدر يتناول حاجة، ووراك شايف ها الحال حقنا يعني ما شيء نقدر نقول، ولا السودان ولا الدول الخارجة.. تساعد القتيل في الجيل السابق ماتوا.
الطاهر المرضي: فبالرغم من أن إعاقة البشر هي الجانب الأكبر من المأساة إلا أن هنالك 10 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة لا يمكن استصلاحها، حيث تقول الحكومة: إن المعارضة المسلحة لها قامت بزراعتها بالألغام، وهذا يعني أن ثلث المساحة الكلية للقطر غير صالحة للتنقل، بينما تقدر الحيوانات التي قتلت بسبب الألغام بحوالي 3 ملايين رأس، هذا بجانب أن الألغام بالسودان تعيق تقديم مواد الإغاثة للمحتاجين، إذا إنها تحيط كلية ببعض الممرات والمواقع السكنية، مما دفع الجهات العاملة في مجال الإغاثة للاعتماد على العمليات الجوية التي تستنزف قسماً معتبراً من المبالغ المرصودة لإعانة المحتاجين.
د. حسين العبيد: حتى الآن لا توجد في الدولة يعني برامج ضمان اجتماعي وتأمين صحي لضحايا الألغام، يعني تجد شخص وعائل لأسرة أو جندي أو موظف أو مزارع لمجرد أن يفقد –يعني- جزء من جسمه بيصبح يعني ليست هناك جهة تقف من ورائه، أو تعيد تأهيله اجتماعياً أو اقتصادياً، حتى يساهم بصورة إيجابية في التنمية والتقدم بالنسبة لأسرته، لمجتمعه، وللسودان عامة.
الطاهر المرضي: ويظل خطر الألغام جاثماً لمدة قد تطل لعشرات السنين متحينة الفرصة للفتك بضحايا جدد، خاصة وأن أمر إزالتها غير وارد -على الأقل في الوقت الحاضر، نظراً للتكلفة الباهظة فضلاً عن زراعتها بطريقة عشوائية، ثم إن تبني أي خطة لإزالة هذه الألغام أمر شبه مستحيل وسط استمرار الحرب الأهلية التي تستنزف السودان، هذه الحقائق المفجعة في مناطق الحرب في جنوب وشرق السودان هي التي تجعل سلاح الألغام ممقوتاً تتجاوز تكاليفه الإنسانية قيمته العسكرية المحدودة. الطاهر المرضي: لبرنامج مراسلو الجزيرة ولاية كسلا.
محمد خير البوريني: ونصل مشاهدينا الكرام إلى فقرة الردود على رسائلكم، ونبدأ برسالة وصلت من المشاهد سلامة العوفي (من ولاية الرستاق في سلطنة عمان)، أرسل يطلب من البرنامج تقريراً حول العمارة في السلطنة، وتتمثل في القلاع والحصون، وأساليب البناء، بالإضافة إلى بعض الآثار القديمة التي يرجع بعضها إلى ما قبل الإسلام كما طلب المشاهد من البرنامج تقريراً آخر عن واقع السياحة في الوطن العربي، وعن مدى تأثير أو تأثر قطاع السياحة بالأوضاع الحالية، التي تمر بها المنطقة، شكراً للمشاهد العماني على الرسالة، كان البرنامج قد عرض تقريراً مفصلاً عن القلاع وعمارتها وتاريخها في سلطنة عمان أعده الزميل أحمد الهوتي من هناك ضمن معالجة العديد من الموضوعات، بالنسبة لطلبك الثاني سنحاول أن نلبي ذلك –إن شاء الله- في وقت قريب.
ورسالة أخرى وصلت من تونس بعثها المشاهد أيمن، وطلب فيها من البرنامج إعداد تقرير من إيطاليا حول الجالية المغربية والتونسية والجزائرية في مدينة (مودينا) هناك، شكراً لك يا أيمن على الرسالة، ولكنك لم توضح القضية التي تريد أن نعالجها من خلال التطرق إلى أبناء هذه الدول العربية في إيطاليا، إذا أننا لا نطرح موضوعات محددة إلا عند وجود قضية ما تعطيها أهمية إعلامية وتعطي مبرراً موضوعياً لتطرقنا إليها، مثلاً أن يكون لها قيمة إعلامية محددة تعود بالفائدة على المشاهدين.
والمشاهد محمد اليحياوي من المغرب، بعث إلينا طالباً إعداد تقرير حول منطقة الريف المسماة (بني ورياغل) في منطقة البلاد الشمالية، يقول المشاهد: إن هذه المنطقة تشكو من العزلة والتهميش الاقتصادي، كما يطلب الحديث عن دور هذه المنطقة في محاربة المستعمر الفرنسي بقيادة الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي، نشكر المشاهد الكريم على رسالته، ونحن نواصل المتابعة من المغرب، وستشاهد المزيد من الموضوعات قريباً من هناك. والمشاهد سيد أحمد ولد خيري من (أنواذيب) وهي العاصمة الاقتصادية لموريتانيا، بعث إلينا رسالة جاء فيها: إنني ألاحظ بموضوعية وحياد إخلاص (الجزيرة) وتفانيها واحترام الأهداف النبيلة في زمن أصبحت فيه الصحافة وسيلة للارتزاق والابتزاز والنفاق السياسي والاجتماعي بعيداً عن الخبر الصحفي الصادق -على حد تعبير المشاهد- يطلب سيد أحمد من البرنامج تسليط الضوء على الاقتصاد الموريتاني، وخاصة الثروة السمكية وإبراز ما يعانيه هذا القطاع من نهب وسوء إدارة دون شعور بالمسؤولية الوطنية أو الدينية من طرف الدولة أو أصحاب الشركات الخاصة، الذين يهمهم جني الأرباح مهما كلف الأمر مرة أخرى، حسب نص رسالة المشاهد، نجيب بالقول: هناك الكثير من الموضوعات التي نحن بصدد تغطيتها من موريتانيا والدول المجاورة لها سنحاول تلبية طلبك في وقت قريب بعد التقصي والبحث.
ومن الكويت بعث المشاهد سعد عايد الصعيدي أو السعيدي بعث رسالة يثني فيها على البرنامج ويتمني أن تكون هناك حلقتين أسبوعياً لا حلقة واحدة، يقول المشاهد: سوف أطرح اقتراحاً تغفله الكثير من المحطات الإخبارية ولكنه ليس مستحيلاً على الجزيرة، اقتراح المشاهد يتعلق بإعداد تقرير شامل عن الرؤساء العرب وأهم إنجازاتهم مع تسليط الضوء على الجوانب التي يجهلها المواطن العربي، شكراً للمشاهد على الرسالة، وسنقوم بدراسة إمكانية إنجاز مثل هذا الموضوع، ونرجو أن نوفق في ذلك، ومحمد الشالك أحمد من جمهورية النيجر أرسل رسالة طلب فيها عرض المزيد من الموضوعات حول القارة الأفريقية، وشعوبها وعاداتها وتقاليدها، نرحب بك صديقاً للبرنامج وللجزيرة، إذا كنت متابعاً لمراسلو الجزيرة، فلابد وأنك ترى الموضوعات التي نعرضها حول القضايا الأفريقية ومن دول مختلفة في القارة، ستشاهد المزيد من موضوعات حول ما طلبت خلال الفترة المقبلة.
أخيراً من إسبانيا أرسل عزيز رحماني رسالة طلب فيها من البرنامج إعداد تقرير حول المهاجرين المغاربة في إسبانيا، كما طلب من مراسل (الجزيرة) في فرنسا الزميل ميشيل الكيك إعداد تقرير مطول حول الحالة المزرية التي يعيشها المهاجرون عموماً في منطقة (مورسيا) الإسبانية، وضواحيها وعلى ما يصفه بالحيف والظلم من طرف الأسبان.
مشاهدي الكرام، إلى هنا نأتي إلى نهاية هذه الفقرة من البرنامج نعود الآن لمتابعة فقرات البرنامج.
أوضاع البوسنة الاقتصادية بعد الحرب
مازالت حرب البوسنة تترك بصماتها على الناس الذين خسروا فيها الكثير، وبعد نهاية الحرب خسروا قسماً كبيراً من جيشهم، ليس في ساحات المعارك، وإنما إذعاناً للشروط الأميركية، إذا اشترطت (واشنطن) -كما تفعل دائماً- خفض عدد القوات البوسنية المحترفة مقابل مساعدات مالية، الوضع في البوسنة لا يبشر كثيراً، فقر ودعارة، فساد، وهجرة للشباب عن بلدهم بحثاً عن حياة أفضل، ومنظمات مشبوهة بعضها يهودية تصول وتجول مستغلة كعادتها أوضاع الناس الصعبة.
تقرير/ سمير حسن: بايرو هوجيتش الجندي المحترف في الجيش البوسني عاد ذات يوم إلى البيت الذي يعيش فيه منذ تهجيره إلى (سراييفو) بعد سقوط مدينته (سربر نتسا) ليخلع زيه العسكري إلى الأبد، فقد اشترطت واشنطن لمنح البوسنة مساعدات عسكرية، تقليص حجم الجيش البوسني، وهو ما ترتب عليه تسريح ما يقرب من 90 ألف جندي بوسني، لم يجدوا أمامهم سوى متاهة البطالة.
بايرو هوجيتش (عسكري بوسني سابق: منذ تركت الجيش لم أشتغل، وإذا اشتغلت فهي أعمال صعبة وغير دائمة، وعائدها غير مضمون.
سمير حسن: بايرو كان ضحية خدعة Certificate، أو المستندات ذات القيمة المالية التي منحتها الحكومة البوسنية كمكافأة للجنود الذين شاركوا في الحرب، لكن هذه المستندات ظلت حبراً على ورق، ومع بدء الأخذ بنظام الخصخصة في البوسنة سمحت الحكومة بدفع قيمة المنشآت الحكومية المباعة بـ 70% من قيمة هذه المستندات و 30% نقداً، الأمر الذي نتج عنه ظهور شبكة من الأثرياء تستغل الوضع المتردي للجنود المسرحين، وتشتري منهم هذه المستندات بثمن بخس، وهكذا بيع أشهر فندق في البوسنة، ولم تجد الحكومة المتهمة بالفساد المالي إلا الاستنكار والتنديد.
أيوب جانيتش (رئيس فيدرالية البوسنة): لا نريد رأسمالية على الطريقة الروسية، لأننا لا نقبل أن يشتري أحد كومة من الشهادات النقدية بمبلغ بخس، لأن هذا ظلم غير مقبول.
سمير حسن: إيمان بايرو بالله شجعه على الصمود أمام تعاطي المخدرات الذي زاد بنسبة بثلاثة أضعاف عن قبل الحرب، وعصمه من الإقدام على الانتحار إذ سجل عام 99 أعلى معدلات الانتحار بثلاثة وستين حالة، وعرفت شوارع البوسنة أطفالاً يتسولون وآخرين يسرقون، فقد ارتفعت معدلات الجريمة بين الأطفال بنسبة 300%، المصانع المعطلة، والمدراء المشغولون بالخصخصة، والرواتب المتأخرة دفعت العمال للخروج إلى الشوارع للتظاهر من أجل المطالبة بحقوقهم لكن دون جدوى.
سليمان هيرلا (نقيب العمال في البوسنة): نطالب بحل جميع مشاكلنا فوراً وهي: إصلاح المصانع المدمرة، والانتظام في دفع الرواتب، تشغيل العاطلين عن العمل، ودفع مستحقات المتقاعدين وإلا سيعم البلاد إضراباً شاملاً.
سمير حسن: هذا الوضع أفسح الطريق أمام بنات الليل المحليات والمستوردات من روسيا ورومانيا، ووجود القوات الدولية في البوسنة ضمن توفير الزبون المناسب لهذه التجارة التي تستهدف المراهقات، ويبيحها القانون طالما أن القائمين عليها يدفعون الضرائب، ولما ضاقت البوسنة بالبوسنيين، فإن عدد الذين هاجروا إلى الخارج ارتفع إلى حوالي 90 ألفاً العام الماضي فقط، فهل يهاجر بايرو.
بايرو هوجيتش: أنا في حيرة من أمري هل أهاجر أم لا؟ أنا أحب بلدي ولا أرغب في الهجرة لأن الهجرة صعبة، لكن في الجهة المقابلة يؤلمني وضع أولادي.
سمير حسن: الجميع يبحث عن حل غير أن هناك من يتطوع ويعرض على البوسنيين جنة مزعومة وراحة بال موعودة، من خلال طوائف ومنظمات تنشر أفكاراً هدامة وتتعدد أهدافها ووسائلها وأسمائها من (شهرديهوي) و(هاري كريشنا) إلى (المتأملين) و(إبراهام)، وكلها تنشط علانية وبإذن من القانون وتمويل من قواعدها في الخارج ولا تفرق بين مسلمين وكروات وصرب.
بروفيسور يوسف جيكا (أستاذ علم الاجتماع –جامعة سراييفو): تستغل بعض الهيئات والطوائف الأزمات الناتجة عن أي حرب، وحاجة المتضررين من هذه الأزمات للمساعدة من أجل نشر أفكار قد تكون بناءة وقد تكون هدامة، وهذا يحدث في العالم كله.
سمير حسن: ولا يزال أمام البوسنة طابور طويل من المشاكل أهمها: كثرة المؤسسات السياسية والإدارية الموزعة على القوميات الثلاث، واستمرار محاولات الصرب والكروات لتعويق عمل المؤسسات المشتركة، بالإضافة إلى قلة موارد البوسنة، والفساد المالي الذي ينخر في جسدها، سمير حسن –(مراسلو الجزيرة)- سراييفو.
المعالم الحضارية في زنجبار بين المحافظة والاندثار
محمد خير البوريني: زنجبار مهد الحضارة السواحلية التي التقى فيها العرب المسلمون والأفارقة، تعني كلمة زنجبار: بر الزنج حسب العديد من المراجع، كانت هذه البلاد تحت الحكم العربي العماني فترة طويلة من الزمن، كما حافظت طويلاً على مزيج حضاري مميز، لكن أهلها يخشون على الماضي من الإندثار، وضاح خنفر كان هناك وأعد التقرير التالي.
تقرير/ وضاح خنفر: تقف المدينة القديمة بزنجبار مثالاً حياً على اللقاء الحضاري العربي الإفريقي، وتعكس عمق التأثير العربي الإسلامي في الساحل الشرقي لإفريقيا، وعلى الرغم من محاولات فصل زنجبار عن تاريخها إلا أن الكثير من أبناء الجزيرة يحاولون تثبيت الهوية الزنجبارية في الحفاظ على رموزها وآثارها، تعتبر زنجبار مهد الحضارة السواحلية، فقد شهدت شواطئها لقاءً فريداً بين العرب المسلمين والأفارقة، وُلدت على إثره الحضارة السواحلية، التي مازالت معالمها المعمارية واللغوية والاجتماعية الأهم في الساحل الإفريقي الممتد من مقديشيو إلى موزبيق، عرف العرب زنجبار أو بر الزنج -كما هو أصل التسمية- منذ عهود بعيدة ترجع إلى ما قبل الإسلام، غير أن علاقتهم بالجزيرة توطدت بعد أن استوطنها المسلمون الأوائل، وتشير المصادر التاريخية إلى أن هذا المسجد في جنوب الجزيرة قد بني في بداية القرن الثاني عشر، ومنذ ذلك التاريخ بقي الإسلام العامل الأهم في تشكيل الهوية الزنجبارية، وفي بداية القرن التاسع عشر زار الجزيرة السلطان العماني سعيد بن سلطان، وأعجب بالجزيرة إلى حد قرر فيه أن يجعلها عاصمة لسلطنته، ثم انفصلت بعد ذلك عن مسقط، لتصبح سلطنة مستقلة ومنذ ذلك الحين بقيت زنجبار تحت حكم العرب العمانيين، إلى أن أطاحت بسلطنتهم ثورة دموية عام 64، واتحدت الجزيرة بتنجانيقا، لتشكل ما يُعرف بجمهورية تنزانيا الاتحادية، وتعد المدينة القديمة بزنجبار من أهم المعالم المعمارية للحضارة السواحلية، فدروبها الضيقة، وأسواقها التقليدية، ومشربياتها الخشبية ذات التصاميم الفنية البديعة بالإضافة إلى قصور سلاطينها المطلة على المحيط الهندي، وطبيعتها الهادئة، وأشجار جوز الهند السامقة، كل ذلك قد جعل منها قبلة للباحثين عن عبق التاريخ المتصل في الحاضر الإفريقي، ومآذن زنجبار انعكاس للعوامل الثقافية المتداخلة، التي أثرت العمارة الزنجبارية، والتي تجمع سمات عربية وأخرى هندية، وتعيد صياغتها لتشكل نمطاً فريداً، وليس معمار المدينة ما يوحي بتأثرها بالعروبة والإسلام فحسب، فالكوفية التي يعتمرها الزنجباريون صارت شعاراً لهويتهم، ويحبذ الكثيرون أن يخيطوها بأيديهم، وهي مهمة قد تستغرق عدة أسابيع، وعلى جوانب الطرقات وأمام المساجد يجتمع شيوخ المدينة القديمة يتبادلون الأحاديث، ولا يترددون في أن يعربوا عن عدم رضاهم بما آلت إليه أحوال الجزيرة من بعد الثورة، ولا يملكون إلا ترديد بعض الذكريات.
محمد سعيد (مواطن زنجباري): الحمد لله فيه تجارة، وأمور كثير كان أوله في زنجبار، الكهربا هذا، في بلدان في أوروبا في ذاك الوقت، لما كان عندنا الكهربا في زنجبار، حتى في أوروبا بعض البلدان ما كان عندهم كهربا، نعم.
وضاح خنفر: أما اليوم فتاريخ المدينة محاط بالأخطار، كثير من المباني القديمة قد تصدعت، كما أن الثقافة الغربية بمظاهرها الشاملة قد صارت أكثر وضوحاً، خصوصاً مع تزايد أعداد السائحين في الأعوام الفائتة، ويخشى البعض من عاقبة البعد عن الأصول.
فريد باوزيد (باحث): أعتقد أن الناس يشعرون بالإحباط، لأن المدينة القديمة قد هجرت، ليس هناك تاريخ، الناس لا يعرفون تاريخ هذه المدينة، وبالتالي لا يعتزون بها، الكثيرون لا يتذكرون هذه المدينة، والناس، الذين يعيشون اليوم في هذه المدينة ليسوا من أبنائها الأصليين.
وضاح خنفر: وفي دار الوثائق الوطنية تتكدس آلاف الوثائق التاريخية المهمة التي تحوي ذاكرة زنجبار ما قبل الثورة، خصوصاً المخطوطات السواحلية التي كتبت بالخط العربي منذ مئات السنين.
بروفيسور عبدل شريف (مدير عام الوثائق والمتاحف- زنجبار): ليس لدينا الكثير من المخطوطات القديمة جداً باللغة السواحلية المكتوبة بالحرف العربي، الكثير منها اندثر، وأعتقد أن أقدم ما لدينا يرجع إلى القرن السابع عشر.
وضاح خنفر: ويبدو أن الروح قد عادت مرة أخرى إلى هذه الوثائق إذا يعمل فريق من الباحثين على إعادة تصنيفها لدراسة أعمق للتاريخ الزنجباري بعيداً عن وصاية الساسة وحكر الرقباء.
بروفيسور فيليب (أستاذ الدراسات الشرقية- جامعة مانشستر): أول مطبعة في شرق إفريقيا كانت بزنجبار مطبعة عربية من أيام السلطان برغش، وأول مرة نشروا الكتب الإباضية كان هنا في زنجبار قبل.. قبل صدور المطبعة في عمان نفسها، وكان حتى الحضرموتيين بيلعبوا دور مهم هنا في الثقافة ونشر الكتب.
وضاح خنفر: الزنجباريون شديدو الاعتزاز بتاريخهم، ويحلوا لهم أن يذكروا زائريهم بأنه كان لديهم سفراء مقيمون في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية في منتصف القرن التاسع عشر، وليس ذلك ما يفتخر به الزنجباريون فحسب، بل يؤكدون على أهمية زنجبار العلمية كمركز حضاري مهم، على الساحل الشرقي لإفريقيا.
محمد إدريس (باحث وجامع مخطوطات): لعل أهم ما امتازت به زنجبار إنها كانت مركزاً إسلامياً لشرق إفريقيا عامة، لقد استوطن الكثير من العلماء زنجبار، والطلبة من دول مختلفة كانوا يأتون إلى زنجبار للدراسة.
وضاح خنفر: يزدان منزل محمد إدريس بصور العديد من العلماء الزنجباربين الذين ينتمون إلى مذاهب ثلاثة التقت وتآلفت في زنجبار منذ زمن بعيد: الشافعية، والشيعة، والأباضية وتعد محفوظات متحفه المنزلي والتي جمعت بمبادرة فريدة من أهم ما اجتمع لشخص واحد في الجزيرة، فبالإضافة إلى التحف والقطع النقدية، هناك العشرات من المخطوطات العربية والسواحلية النادرة، ويقوم بجمع ذلك كله للحفاظ على الذاكرة الزنجبارية.
محمد إدريس: كل العلماء رحلوا، والأجيال الجديدة منشغلة بالسياسة وغيرها، ولذلك فإن شخصاً ما ممن التقى بأولئك العلماء عليه أن يكتب عنهم، فإذا أراد الناس أن يدرسوا تراث زنجبار فسوف يعرفون من أين يبدؤون.
وضاح خنفر: غير أن ضيق ذات اليد وغياب الاهتمام الرسمي، لم تمكن محمد إدريس من صيانة هذا الكنز الثمين، فهذه المخطوطة التي تحمل اسم "روض الأدب" في الشعر العربي، والتي تعود إلى القرن الثامن عشر قد تآكلت وتفككت، بينما تسير هذه النسخة الزنجبارية الفريدة من المصحف إلى نفس المصير، على الرغم من الإهمال الذي تعاني منه المدينة القديمة، إلا أن تراثها المعماري ذو الطابع العربي، وعادات أهلها وتقاليدهم تقف شاهداً حياً على عمق الحوار الحضاري بين الحضارة العربية الإسلامية والبانتو الإفريقية، وضاح خنفر -لبرنامج (مراسلو الجزيرة)- زنجبار.
محمد خير البوريني: مشاهدينا الكرام، إلى هنا نأتي إلى نهاية حلقة هذا الأسبوع من البرنامج، يمكنكم متابعة تفاصيل هذه الحلقة في مواعيد بثها بالصوت والصورة من خلال موقع (الجزيرة) على شبكة الإنترنت، والعنوان هو:
www.aljazeera.net
كما يمكن مراسلة البرنامج من خلال البريد الإلكتروني على العنوان التالي:
Reporters@aljzeera.net
أما عنوان البرنامج البريدي فهو برنامج (مراسلو الجزيرة) صندوق بريد رقم 23123 الدوحة –قطر، أخيراً يمنكم مراسلة البرنامج على رقم الفاكس التالي 4860194 00974 نحن بانتظار ملاحظاتكم واستفساراتكم المتعلقة بالبرنامج، في الختام هذه تحية من المخرج صبري الرماحي وفريق البرنامج، وهذه تحية أخرى مني محمد خير البوريني.. إلى اللقاء.