مراسلو الجزيرة

جامعات سوريا الخاصة وخسائر السياحة العراقية

فكرة إنشاء جامعات خاصة في سوريا, حل لمشكلات التعليم أم تجارة؟ مهرجان الشاشة العربية المستقلة تعبير عن الذات بدون رقابة الحكومات -الدمار الذي لحق بالسياحة العراقية بسبب الحصار -قبائل الزولو رمزا للتقاليد والقوة في إفريقيا.
مقدم الحلقة محمد البوريني
تاريخ الحلقة 31/03/2001

undefined

undefined
undefined
undefined

محمد خير البوريني: مشاهدينا الكرام، أهلاً وسهلاً بكم معنا إلىٍ حلقة هذا الأسبوع من برنامجكم (مراسلو الجزيرة) نشاهد معاً في حلقة هذا الأسبوع تقريراً من سوريا، نحاول تسليط الضوء من خلاله على ما يوصف بعلاقة سياسة التغيير الجديدة للجدل الدائر حول فكرة إنشاء جامعات خاصة، يرى فيها البعض حلاً لمشكلات كثيرة، بينما يخشى آخرون أن تكون تلك الجامعات مشاريع تجارية تؤدي إلى تدني مستوى التعليم في البلاد.

وتشاهدون تقريراً حول مهرجان الشاشة المستقلة عن الحكومات والرقابة بما يمكن الشباب العربي بشكل خاص من التفكير بحرية وبصوت مرتفع. ويتحدث التقرير عن محاولات إسرائيل اختراق المهرجان الذي عرض أعمالاً عديدة تناولت نضال الشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل التحرير وإنهاء الاحتلال.

وبعد الرد على مجموعة من رسائلكم نعرض لكم تقريراً حول تأثير حصار المفروض على العراق منذ عشر سنوات على قطاع السياحة الذي خسر مليارات الدولارات خلال هذه الفترة، ويتطرق القرير إلى أسباب إحجام السياح عن التوجه إلى هذا البلد العربي على الرغم من احتوائه على الآف المواقع الأثرية والتاريخية العريقة.

ومن جنوبي إفريقيا نزور قبائل (الزولو) التي تعتبر بمثابة الرمز التاريخي للبلاد، بالإضافة إلىٍ كونها رمزاً للتقاليد والقوة والتمسك بالأرض، ونتحدث عن ثقافة أبناء هذه القبائل الذين وصفهم الأوروبيون بالمتوحشين، ووصفهم آخرون بالمحاربين النبلاء، أهلاً بكم معنا إلى أولى فقرات هذه الحلقة.

جدل يدور في أوساط سورية مختلفة حول إنشاء جامعات خاصة يأمل قطاع من الناس أن تلبي حاجتهم التعليمية، وأن تحد من خروج الطلبة السوريين للدراسة خارج حدود الوطن، بالإضافة إلى فوائد أخرى من بينها استيعاب الجامعات الخاصة لأعداد الطلبة الذين لا يتمكنون من الحصول على معدلات معينة تلبي شروط القبول في الجامعات السورية في تخصصات بعينها، الجدل يدور في الوقت الذي بدأت فيه سوريا سياسة انفتاح إصلاحية في عدد من مجالات الحياة بعد تسلم الرئيس بشار الأسد مقاليد السلطة إثر رحيل والده حافظ الأسد، ولكن البعض يخشون من أن تكون الجامعات الخاصة في حال إقرار إنشائها تجارية وطبقية تؤدي إلى تدني مستوى التعليم في البلاد وإلى حرمان أعداد كبيرة من الطلبة الفقراء من متابعة التحصيل العلمي لضيق ذات اليد، هذا في الوقت الذي تكفل لهم فيه الدولة الآن دراسة مجانية في جامعتها تقرير ليلى موعد أعدته من دمشق.

إعلان

تقرير/ليلى موعد: حسب جولة ميدانية لكاميرا (الجزيرة) في بعض الجامعات السورية فإن قرار إحداث جامعات خاصة أو مشتركة أو فروع لجامعات عربية وعالمية بدا ملبياً طموح آلاف الطلبة الراغبين بمتابعة دراستهم في اختصاصات محددة وحال بينهم وبين ذلك مجموع العلامات.

طالب 1 (جامعة دمشق): علامة ممكن تعتبر أنه يعني مشكلة أحياناً علامة ممكن تغير المحافظة اللي بيدرس فيها الواحد.

طالب 2 (جامعة دمشق): واحد متوقع أنه يجيب 85 جاب 47 رسب بالمادة، من شان هيك نتمنى أنه تكون فيه جامعات خاصة تعطي للطالب حقه. طالب 3 (جامعة دمشق): فيه طلاب كتير بتتمنى تدخل الفروع وما بتحصل (…) على علاماتها، هذا ضروري إنه تكون فيه جامعات خاصة عندنا بالبلد.

ليلى موعد: وإذا كان مجموع العلامات يشكل شرطاً أحادي الجانب للتعبير عن كفاءة الطالب وملكاته العقلية التي قد تنخفض لعوامل تتعلق بالمرض أو الخوف من الامتحان فإن شروط الاستيعاب في الجامعات الحكومية، ألقت بظلالها الثقيلة أيضاً على طالب بات مضطراً لدراسة مادة لا توافق هواه وميوله فلم يجد بداً من مغادرة البلاد.

علي عقيل (باحث اجتماعي): بره.. غربياً بأوروبا أو بأميركا معمول فيها، أنه فيه اختبارات نفسية إنه أنت بتنجح كميكانيكي، أنت بتنجح كأداء نظري، أنت بتنجح كفنان، فالفنان بيروح بيشتغل بالهندسة المدنية وطبعاً الهندسة المدنية بيشتغل.. فمسألة وضع الإنسان بغير مكانه المناسب هاي ببتشكل خربطة.

محمد كوكشن: (طالب أدب إنجليزي): أنا مثلاً أنا كنت بدي أفوت حقوق ونقصني علامة، ففت أنا أدب إنجليزي أنا، وكان كمان وضعي بالإنجليزي مو كتير منيح، يعني ما كنت أفكر إني أفوت أدب إنجليزي، وبعدين الكمبيوتر اختارني بالأحرى، ففت أدب إنجليزي وكملت الاتجاه، أنا.. اختلف الوضع لأني حبيت هذا القسم، بس يعني كان بيجوز مجرى حياتي كله بيختلف لو طلعت الـ.. أو يجوز كنت أبدع أكتر بهذاك القسم.

ليلى موعد: وإذا كان البعض يؤيد قرار إحداث جامعات خاصة في سوريا والذي يأتي في إطار حملة الإصلاح والتطوير التي تشهدها البلاد، فإن آخرين لم يجدوا فيه ما يلبي طموحهم، ويقتصر الأمر –من وجهة نظرهم- على أنه شكل من أشكال استجرار العملة المغادرة والتي قدرت بنحوة 400 مليون دولار سنوياً تصرف على نحو 40 ألف طالب سوري في الخارج.

لؤي أيوبي (طالب حقوق): دول يفتحوا جامعات بس كيف ما بيقولوا رزقهم بس مو يعني بشان.. بشان الطلاب اللي عم بتدفع 70 و 75 و 80 ألف بلبنان تفوت هون، يوجد نفس الشيء.

ليلى موعد: لكن للبعض رأياً آخر.

أنس أرزق (صحفي): إذا كانت هذه الإيجابية الوحيدة فهي إيجابية جديرة بأن تؤخذ بعين الاعتبار، مع اعتقادي بأن هناك إيجابيات أخرى: أهمها منع اغتراب الشباب السورين يعني هناك مسألة مهمة، منع اغتراب الشباب السوري عندما يذهب الشاب السوري إلى الغرب ربما لا يعود.

ليلى موعد: ولعل تخوف الأبرز هو حصول فجوة واسعة في المستوى التعليمي قد تحرم الطالب الفقير من فرصة إتمام دراسته في الجامعات الحكومية الأقل كلفة كونها ستصبح مشروطة أكثر بقدرتها على الاستيعاب.

إعلان

طالب 4 (جامعة دمشق): حصر الجامعات الحكومية بفئة محددة، وحصر الجامعات الخاصة بفئة محددة كمان بالمقابل يعني، يعني يصير الطالب الشاطر الممتاز يدخل الجامعات الحكومية والطالب الزنجيل يدخل الجامعات الخاصة.

طالبة سورية: يصير الخوف على الطبقة الفقيرة يعني هيك بيصير سحق للطبقة الفقيرة، ما بيعود الطالب الفقير يقدر يدخل جامعة بعدين، يعني بيصير ظلم بالنسبة للطبقات الفقيرة، وفيه كتير فقراء أذكياء يعني، بس بالمقابل راح.. ما يقدروا يفوتوا على الجامعة..

ليلى موعد: بعض وجهات النظر في السلك التعليمي بدت متشائمة حيال القدرة على تطبيق هذا القرار بموضوعية، لكنها حاولت سبر السلبيات في إطارها العام مسبقاً كي لا يقع المحظور.

طيب تيزيني (أستاذ جامعي وباحث): إن طرح هذه الأمور الآن قد يحدث خللاً جديداً في إطار البنية التعليمية العالية، ولذلك من الناحية الاقتصادية والسياسية والتعليمية قد لا يكون الأمر وارداً الآن، وغير مشجع، أنا أعني بذلك إن هذا من شأنه أن يكون ذا جدوى حقيقة إذا ما أتى في سياق إصلاح جامعي عمومي في سوريا وليس قبلها

ليلى موعد: وإذا كان البعض يرى في هذا القرار شكلاً من أشكال الاستثمار البشري لطاقات مؤهلة، وما يعنيه هذا من تحسن قد يطرأ على المستوى المعاشي للكادر التعليمي، فإن السؤال المطروح كيف يمكن توظيف العقول الطلابية السورية بعد التخرج وتمكينها من الحصول على فرص عمل ضمن اختصاصاتها، خصوصاً أن الأكثرية هنا تعاني من إشكالية فصل العلم عن العمل.

محمد كوكش (طالب آداب إنجليزي): الطلاب مثلاً اللي بيطعلوا من الجامعات يعني.. يعني ما بيلاقوا.. يعني حقهم، بعد حتى ما ياخدوا الشهادة بيطلعوا عم بيشتغلوا غير شغلاتهم يعني غير اختصاصهم غير مسارهم اللي هم اشتغلوا فيه أربع سنين أو حتى سقط له سنتين واحد سبع سنين، يعني ست سنين، عم.. عم يشتغلوا غير شغلات بعد ما يتخرجوا.

طيب تيزيني: يعني لا يمكن أن نطلب من مجموعة من الأساتذة والآخرين أن.. أن يصنعوا قطعة من التقدم في بنية ما تزال متخلفة عن هذا التقدم، لأن التقدم لا يتجزأ كالتخلف، إذاً لابد من رؤية استراتيجية عمومية تنظر إلى الجزء في سياق الكل.

ليلى موعد: أما التساؤلات المشروعة المتعلقة باستقلالية هذه الجامعات وطرق تنفيذ القرارات فقد ألقت بأعتمالها على مختصين في الجامعات السورية بناء على قرار من القيادة السياسية.

سمير الشيخ علي (أستاذ في الاقتصاد): نحن الآن طور إعداد صيغ أو صيغة ونحن اقترحنا في قسم علم الاجتماع أن يقوم قسم علم الاجتماع بدارسة مسح، ودراسة لاتجاهات الرأي العام ومسح للطلاب وللأساتذة وللملكات الإدارية لمعرفة آرائهم للاستفادة من هذه الآراء حتى تكون في متناول صناع القرار وحتى يكون هذا القرار، قراراً يعني علمياً ومدروساً.

ليلى موعد: ويبقى الباب مفتوحاً أمام جدال عام قد يستمر على مدى أربع أو خمس سنوات قادمة، وهي الفترة المتوقعة قبل البدء بالتنفيذ العملي لهذا القرار، ويتوقع المراقبون أ يتقدم القطاع الخاص بطلبات لترخيص مثل هذه الجامعات، فيما تؤكد مصادر في وزارة التعليم العالي أن عشرات المستثمرين من الجامعات العربية والأجنبية باتوا يراقبون عن كثب ويجرون اتصالاتهم من أجل الدخول في هذا الاستثمار الموصوف "بالرابح" على اعتبار أنه يحصل لأول مرة في سوريا، ليلى موعد -برنامج (مراسلو الجزيرة) دمشق.

محمد خير البوريني: مهرجان الشاشة العربية المستقلة، والاستقلالية هنا هي عن الحكومات والمؤسسات الرسمية والرقابة بما يضمن أن يتمكن المبدعون العرب من التنفس بحرية دون رقيب أو تصنت على موجات عقولهم، تناول المهرجان الذي تبنته واحتضنته قناة (الجزيرة)، تناول أفلاماً روائية وتسجيلية وأعمالاً مختلفة طويلة وقصيرة تحدثت بقوة عن نضال الشعب الفلسطيني على أي حال حاولت إسرائيل كعادتها اختراق هذا التجمع العربي الشبابي ولكنها فشلت في تحقيق ذلك، تقرير عياش دراجي من الدوحة.

إعلان

عياش دراجي: كان مهرجان الشاشة العربية المستقلة في دورته الثانية التي احتضنتها الدوحة ورعتها قناة (الجزيرة) موعداً متميزاً للمخرجين العرب الشباب وفرصة واعدة لعرض أعمالهم بعيداً عن تأطير الأوساط السينمائية و التليفزيونية التقليدية، ويقاوم كل أشكال الاختراق.

محمد مخلوف (مدير ومؤسس المهرجان): هناك الكثير من الدعوات التي أتتني أخيراً عن طريق البريد الإلكتروني من مؤسسات صهيونية تدعونني إلى المشاركة بأفلام فلسطينية إسرائيلية في بعض الدول الغربية، ومحاولة تدجين أو احتواء، أو التطبيع مع مهرجان الشاشة العربية المستقلة، ولكننا نرفض لأننا دائماً نتضامن مع الشعب الفلسطيني ومع قضايا العرب، ومع قضايا الإنسان أينما كان.

عياش دراجي: وعلى الرغم من بعض الانتقادات، فإن أهم ما تميز به المهرجان هي العناصر الشابة التي غلبت على لجنة التحكيم لتكريس الاستقلالية والتخلص من الوصاية، وقد استمرت العروض أسبوعاً كاملاً، وتم في الختام تقديم جائزة أفضل فيلم تسجيلي للمخرج الجزائري بلقاسم حجاج عن فيلمه "سائقة تاكسي في سيدي بلعباس"، والفيلم يصور واقع أرملة فضلت أن تكافح من أجل لقمة العيش، واختارت أن تكون سائقة لسيارة أجرة متحدية واقع منطقة سيد بلعباس التي كثيراً ما استهدفها العنف الأعمى، وإضافة إلى فوزه بجائزة النقاد فاز الممثل الكوميدي والمخرج التونسي كمال شريف بجائزة أفضل فيلم روائي قصير عن فيلمه "عيد الميلاد الأول" الفيلم مدته خمس عشرة دقيقة، يحكي قصة عائلة تونسية في فرنسا تصدم بواقع غربي، فابنها الذي شهد لأول مرة طقوس الاحتفال بعيد الميلاد طالب أهله الاحتفال به، وبعد محاولة فاشلة استسلم والده وجرب حطة هو الآخر، ولأن البابا نويل لم يأت بأي هدية لأي فرد من العائلة اشتاط الوالد غضباً فحطم المدخنة التي كان من المنتظر أن يدخل منها بابا نويل محملاً بالهدايا، أما الولد فقد انهار وغضب هو الآمر فحرض أصدقاءه على الانتقام من أي أحد يستغل سذاجة الأطفال ويمثل دور البابا نويل وكانت جائزة إخراج أفضل فيلم تسجيلي لبدر بن حرصي، الشاب اليمني الأصل، البريطاني المولد عن فيلمه "الشيخ الإنجليزي والجنتل مان اليمني"، والذي كان تحفه فنية رائعة صور فيه المخرج نفسه وهو يرى وطنة الأصلي لأول مرة، وقد ساعده صديق إنجليزي مولع بالعيش في اليمن على فهم واكتشاف أعماق اليمن وشوارعه وأزقته الضيقة وتقاليده الغنية، وقد كانت اللحظات القوية في الفيلم التسجيلي هي التقاء بدر بعمه وأقاربه الذين يزورهم لأول مرة، حينما امتزجت روح المغامرة وحب الاكتشاف بالعاطفة الجياشة.

جائزة أفضل إخراج لفيلم روائي قصير فاز بها المخرج المصري أحمد ماهر، كما فاز بتقدير الخاص وبجائزة أحسن مونتاج عن فيلمه "علامات أبريل".

أما عن الفيلم الفلسطيني الذي كان حاضراً بقوة خلال المهرجان فقد فازت المخرجة عزة الحسن بجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلمها "زمن الأخبار".

توقف اللعب إذ جاء الانفجار، فيلم "زمن الأخبار" يصور الحياة اليومية لأربعة أطفال قرب بيت لحم، وأرادت المخرجة أن ترصد واقعها حيث كل الناس نجوم للأخبار، حين ترصد الكاميرات تحركاتهم لتتغذى بها وسائل الإعلام. وقد عايشت الحياة العادية لهؤلاء الأطفال، وبينت كيف يصبح الأطفال مشهورين بعد استشهادهم وتعليق صورهم على الجدران وفي ذاكرة التاريخ، وكيف يقطعون لعبهم بسبب لعب الكبار، ليكونوا أبطالاً في قلب الانتفاضة فيقاومون بقوة البراءة.

وهكذا حمل جيل المخرجين الشباب إلى جمهوره الهموم الحقيقة للأمة وتحمل مسؤولية التعبير عن قضاياها المشتركة بعيداً عن السينما الرسمية.

محمد ملص (مخرج سوري): لأنه مهرجان الشاشة المستقلة فالإنتاج هو ليس خاضع لأنظمة الإنتاج السائدة التي غالباً ما ترفض أمثال هيك المشروعات، وترفض أن تنتج أفلام على النحو، ولذلك هذه الأفلام هي التي تلجأ إلى الأساليب البسيطة إلى الطرق التقنية المتطورة للإنتاج، والاعتماد على الإمكانيات الذاتية أو المساعدات البسيطة من جهات داعمة للسينما، فأنا أحب هذا النوع من الإنتاج لأنه يساعد على حرية التعبير وحرية التجديد اللغوي.

عياش دراجي: شاشة المهرجان في ليلة الافتتاح كانت على موعدٍ مع الانتفاضة حيث تم عرض سلسلة أفلام شارك في إنتاجها عدد من المخرجين العرب الشباب، تم بثها تحت شعار "بيان بصري" وقد تميزت الأفلام الفلسطينية التي جاءت لتتنفس هنا في إجواء مستقلة بفيلم "التحدي" للمخرج نزار حسن، الذي حاول خلال عملية الإنتاج تخطي حواجز الجيش الإسرائيلي للتنقل بين المناطق الفلسطينية لتصوير مشاهد تحكي استشهاد الطفل محمد الدرة، لكن الكاميرا تحولت إلى تصوير فريق العمل ذاته، وبرع المخرج في توضيح المشكلة الأم، وبعثر هو وأصحابه في سخرية مريرة الهويات المختلفة للفلسطينيين كأنها أوراق لعب بعد أن فرقها الواقع المتناقض.

إعلان

نزار حسن (مخرج فلسطيني): إحنا كلتنا فلسطينيين OK، بس فيه سلطة معينة اللي بدها توزع عليها أوراق مختلفة، حتى يكون إلنا هويات مختلفة، فإحنا وزعناها يعني OK هذا اللي موجود عندنا، فصارت هي الحالة تبعتنا، وهاي الحالة اللي إحنا بنتحداها.

عياش دراجي: وقد فضل سمير زيدان -من العراق- فكرة الاسقاط، واعتماداً على فيلم "الحياة جميلة" للممثل والمخرج الإيطالي (روبرتو بنيني)، قارن بين مشهد محمد الدرة وأبيه وبين مشاهد من الفيلم الإيطالي الذي لعب فيه بنيني دور أب يهودي مع ابنه في المعسكرات النازية، وتبقى صورة محمد الدرة أقوى رمزاً والجريمة أكثر بشاعة، ويبقى التساؤل. ومع انتهاء المهرجان يبقى الإلحاح والأمل معلقاً على أن تنظم الدورة المقبلة في داخل الوطن العربي.

محمد ملص: السؤال هل طرح ها المهرجانات، أنا أطالب وأناشد واستصرخ الإخوة اللي ساهموا في إقامة هذه الدورة حماية هذه الدورة في بلد عربي وأن يكون، أو حماية هذا النوع من المهرجانات ثم حماية إقامتها في بلد عربية.

عياش دراجي: انتهى المهرجان وكل المخرجين الشباب يأملون أن يظل المهرجان بعيداً عن الرقابة التعسفية وقريباً من جمهوره، وألا يضطر إلى الهجرة نحو الشمال بحثاً عن نسمة حرية، وأن يبقى مهرجاناً للفيلم والفيلم الآخر، وهذا ما تقتضيه حرية التعبير بالكاميرا.

مهرجان الشاشة العربية في دورته الثانية لم يكن فقط مناسبة لنيل الجوائز، بل كان فرصة حقيقية للالتقاء بين المخرجين الشباب وفرصة أيضاً للتطلع نحو إنتاج أفضل، إنتاج يراعي وضع الأمة واحتياجاتها، عياش دراجي (مراسلو الجزيرة) الدوحة.

محمد خيري البوريني: ونصل إلى فقرة الردود على رسائلكم، نبدأ برسالة فاكس بعثها المشاهد ياسر محمد سعيد جعيدي من جامعة (النجاح الوطنية) في فلسطين، اقترح المشاهد تخصيص إحدى فقرات البرنامج عن الجامعات الفلسطينية والصعوبات التي يواجهها الطلبة بسبب الحصار والسياسات التعسفية الإسرائيلية ضد هؤلاء الطلبة التي ألحقت أضراراً كبيرة بالمسيرة التعليمية في فلسطين، كما اقترح ياسر تكثيف برامج (الجزيرة) حول مدينة القدس، شكراً على الرسالة بالنسبة لقضية الجامعات الفلسطينية، وما يلحق بها من أذى يحتاج بالفعل إلى تقرير موسع نرجو أن تتمكن من مشاهدته في أقرب وقت ممكن، أما بالنسبة لتكثيف (الجزيرة) البرامج التي تتحدث عن مدينة القدس، فقد قامت (الجزيرة) بعرض كل ما بحوزتها حتى الآن من إنتاجات حول المدينة المقدسة، وحول جميع الأراضي العربية الفلسطينية، ولن تتوانى عن عرض أي جديد تحصل عليه، أو تقوم بإنتاجه بهذا الشأن وستواصل العمل على إبراز جميع حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.

ومن فلسطين أيضاً بعث صديق البرنامج و (الجزيرة) الدائم الصحفي حسام جبارة بعث رسالة أخرى جاء في نصها: أهنئكم على موقع الإنترنت الذي منحنا فضاءً رحباً يضمن لنا حرية الرأي في الوقت الذي أضحى فيه سجناء الكلمة في الوطن العربي أكثر من معتقلي الحق العام والخاص مجتمعين -حسب تعبير المشاهد ونص رسالته- كما أشكركم على زيادة وقت برنامجكم الهادف (مراسلو الجزيرة) الأمر الذي يوسع من نطاق معرفتنا بهموم وقضايا أمتنا العربية والإسلامية بفضل مراسليكم الأكفاء، يقترح المشاهد على البرنامج موضوعات مختلفة، نذكر من بينها معاناة سكان المخيمات الفلسطينية في داخل فلسطين وفي الشتات، كما اقترح إبراز قضايا طالبي اللجوء السياسي العرب في دول أوروبية، أهلاً بك يا حسام من جديد.

ومن بنغازي في ليبيا أرسل المشاهد محسن المبروك سعد، طالباً من البرنامج تقديم حول مثلث (برمودا) وآخر عن إمارة (موناكو) الفرنسية، نقول للمشاهد الكريم: الرسالة وصلت وهي قيد الدراسة.

ومن الجزائر شنت المشاهدة (ب) مريم هجوماً عنيفاً على قناة (الجزيرة) في رسالة فاكس، وجاء في الرسالة: الملاحظ أنكم تنتقون مراسلات من يشيدون بقناة (الجزيرة) وتتجنبون منتقديكم إلا في حالات معينة، والواضح أنكم تضيقون ذرعاً بمن يحاولون كشف عيوبكم ومصارحتكم، وتقول المشاهدة: كنت قد أشدت كثيراً بمناقب (الجزيرة) ومنها الموجودة فيها أصلاً، ومنها ما اخترعتها بنفسي لأنني اعتبرتها نموذجاً لصدق وشرف المهنة، ولكن خاب ظني وخاب أملي وفقدت الثقة التي وضعتها فيكم يوماً ما -وتتابع- بعد المدة التي تابعت فيها مختلف البرامج لا أستطيع أن أكون ضد وطني، وتضيف المشاهدة: أنتم تتذرعون بقصة أن السلطات الجزائرية لم تسمح لكم بفتح مكتب هنا في الجزائر، ولها الحق في ذلك لأنكم لا تنصفون الجزائريين كوطن، خالص الشكر والتقدير والاحترام للمشاهدة الجزائرية على رسالتها، ونقول: إننا لا نضيق ذرعاً على الإطلاق بآراء ووجهات نظر المشاهدين الكرام الذين نبادلهم الاحترام والتقدير ونرحب بجميع وجهات النظر التي تصل إلينا ونحن على أتم الاستعداد لبحثها ومناقشتها والوصول إلى نتائج حقيقية بشأنها، كيف نضيق ذرعاً ونحن قناة "الرأي والرأي الآخر" وها نحن نقوم بعرض نص رسالتك أمام السادة المشاهدين الذين نعود إليهم في كل شؤون عملنا، نحن نعرض جميع الرسائل الواردة إلينا، ونعرض فيها ما هو لنا وما هو علينا، ولكن حسب ما يسمح به الحيز المخصص لهذه الفقرة في كل حلقة من حلقات البرنامج، كما سبق ونوهنا إننا لا نقوم بانتقاء رسائل المشاهدين على الإطلاق وأننا نقوم بإلغاء الرسائل التي لا تحمل مضمونا أو طلبات أو استفسارات أو اقتراحات محددة تتعلق بالبرنامج، أو الرسائل غير واضحة الخط، وقد سبق ونوهنا وتحدثنا عن مثل تلك الرسائل في العديد من حلقات هذا البرنامج، وذلك حرصاً منا على وقت الحلقات وأوقات السادة المشاهدين، وحرصاً على بث كل ما يفيد وينفع العين والعقل معاً، بالنسبة لتنويهنا بين الحين والآخر حول موضوع عمل (الجزيرة) على الأرض الجزائرية فإنما نجيب بذلك على الرسائل الواردة إلينا من الجزائر والتي تستفسر عن أسباب عدم تغطية (الجزيرة) للأحداث والقصص البرامجية المختلفة مباشرة من هناك، ونذكر هنا أننا نتعرض لانتقادات أحياناً من مشاهدين جزائريين يصفوننا بالتقصير في تغطية وعرض العديد من الموضوعات التي تتعلق بالشأن الجزائري، لا يمكن (للجزيرة) أن تكون ضد أي دولة على الإطلاق فما بالك عندما تكون تلك الدولة عربية أو إسلامية، أو كلتاهما معاً؟! ثم ألم تسألي ما هي مصلحة (الجزيرة) في اتخاذ موقف من أي دولة كانت على وجه الأرض؟! (الجزيرة) ليست جزءاً من أي صراعات سياسية حدثت أو تحدث أو سوف تحدث في المنطقة العربية، أو في أي مكان من العالم، إننا حريصون على الدوام أن نحافظ على ثقة المشاهدين في كل مكان ولا نسمح بخدش هذه الثقة بأي شكل من الأشكال، أخيراً نقول للمشاهدة الكريمة: إن من السهولة بمكان كيل الاتهامات من أي جهة لأي طرف كان، نرجو أن تكوني على ثقة بأن (الجزيرة) لا تنطلق إلا بالصدق -إن شاء الله- ولا تسعى إلا إلى وضع المشاهد العربي في صلب الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة التي تكون على درجة من المرارة أحياناً بحيث لا تعجب الكثيرين كما أن (الجزيرة) لا تقوم سوى بعرض وجهات نظر أصحاب الرأي والمتخصصين بالإضافة إلى أبناء الشارع العربي بغض النظر عن التفاوت في وجهات النظر التي لا تتبناها (الجزيرة)، وإنما تنقلها فقط للمشاهد العربي، أخيراً نرحب مجدداً بالمشاهدة الجزائرية الكريمة وبجميع رسائل السادة المشاهدين.

ونبقى في السياق نفسه حيث بعث الحسين متيجي -وهو من الجزائر- رسالة تستفسر عن عدم وجود مراسل (للجزيرة) في الجزائر يقول المشاهد في نص الرسالة: أتساءل أخي محمد عن عدم وجود مراسل في بلادنا الجزائر كما في البلدان الأخرى، نرجو أن نكون قد أجبنا على رسالتك يا حسين في ردنا على الرسالة السابقة التي نأمل أن تكون قد شاهدت وسمعت الرد عليها وشكراً جزيلاً على رسالتك.

ومن موريتانيا أرسل أحم ولد الشين أرسل رسالة جاء فيها: إنني أطلب من القائمين على برنامج (مراسلو الجزيرة) أن يقدموا لنا تقارير من موريتانيا إذ أن البرامج التي قدمت من هذا البلد العربي تكاد تعد على الأصابع مقارنة بما عرض حول الدول العربية الأخرى، شكراً لأحمد على الرسالة، ونرجو أن تشاهد المزيد والمزيد من الموضوعات التي تتحدث عن موريتانيا والزميل عبد الله محمدي سيوافينا -إن شاء الله- بكل جديد وفريد من هناك.

مشاهدينا الكرام إلى هنا نأتي إلى نهاية هذه الفقرة من البرنامج ونعود الآن لمتابعة ما تبقى من فقرات.

على مدى السنوات العشر الماضية والأضرار تتوالى بقطاع السياحة في العراق كغيره من القطاعات التي ترفض الاقتصاد العراقي، فقد خسر هذا القطاع مبالغ ضخمة تقدر بمليارات الدولارات بسبب الحصار المفروض عل كل مناحي الحياة في هذا البلد العربي، عزوف، أو توقف شبه كامل من سياح العالم عن زيارة ما يزخر به العراق من إرث تاريخي إنساني هائل لا يقدر بمال، لا سيما ما يتعلق بآثار الحضارة الإسلامية وخلافة بني العباس، وزيارة العتبات المقدسة في النجف وكربلاء، بالإضافة إلى الآثار التاريخية الأخرى التي تحكي قصص حضارات عظيمة آشورية كانت، أم كلدانية، أم سومارية، أم بابلية.

يقول متخصصون في شؤون السياحة إذا كان النفط نهراً من زيت فإن السياحة نهر من ذهب، ولكن الحصار على العراق جففت حتى الآن جميع روافد هذا النهر بانتظار رفع العقوبات أو تغير المعادلة القائمة الآن، تقرير فائزة العزي من العراق.

فائزة العزي: الحصار على العراق وهو يدخل عامه الحادي عشر تظل أبواب آثاره السلبية مشرعة على مرافق ومجالات عدة، وربما يشكل واقع السياحة صورة بليغة لما تركه الحصار من هذه الآثار، وأمام تناقص عدد أفواج السياح خلال السنين العشر الماضية نرى بأن أشياء كثيرة قد تغيرت.

رعد علاوي الدليمي (مدير عام دائرة المجاميع السياحية – العراق): حقيقة هذا القطاع الحيوي الحضاري الثقافي تأثر تأثير كبير بسبب الحصار، حيث لمسنا أن هناك انحسار كبير في أعداد الوفود والمجاميع (الجروبات) السياحية الثقافية، الحضارية التي كانت تؤم هذا البلد بأعداد كبيرة جداً قبل الحصار.

فائزة الغزي: السياحة بوجوهها المتعددة كانت تجد ما ترجوه في أرض امتلأت بالكثير من الشواهد والمعالم، بدءاً من معالم فجسر الحضارة البشرية مروراً بشواخص الحضارة الإسلامية، إضافة إلى ظاهرة التنوع في جمال وطبيعة البيئة العراقية، ولعل لأحداث حرب الخليج الثانية الأثر البالغ في عزوف السياح الذين يبحثون أولاً عن ملاذٍ آمن يجدون فيه متعة السياحة، المواجهة المسلحة، التي مازالت مستمرة رغم محدوديتها في مناطق حظر الطيران شمالي وجنوبي العراق، لها الأثر الذي لا يمكن تجاهله في تدني عدد السياح خصوصاً وأن هاتين المنطقتين هما من أكثر مناطق العراق ثراءً بما يحتاجه السائح.

سائحة إيطالية: هذه زيارتي الأولى للعراق، كان العراق بالنسبة لي حلماً من الناحية الأثرية، بغداد هي أول مدينة شاهدتها إنها مدينة كبيرة لأنها العاصمة، وهي مختلفة كثيراً عن روما، لأنها مدينة حديثة جداً بشوارع كبيرة وسيارات كثيرة، أعتقد إن العراق بلد آمن، فقد انتظرنا على الحدود كثيراً، وفحصوا كل شيء وقالوا: يجب التأكد بأننا سنكون بأمان داخل العراق.

فائزة العزي: الحظر الجوي الذي عطل حركة الطيران المدني جعل السائح يفكر وقبل كل شيء في طريق برية عبر الصحراء طولها أكثر من 800 ميل كأقصر الطرق وأيسرها للوصول إلى بغداد.

رعد علاوي الدليمي: توقف الملاحة الجوية اللي تنقل السواح وتنقل هذه المجاميع من بلدانهم إلى بلدنا، العراق البلد الغني بالآثار والحضارة والثقافة، وحقيقة إحنا طالبنا في كل المؤتمرات السياحية ومؤتمرات الجامعة العربية، سواء وزراء السياحة العرب، ورفعنا شعار بأنه لا سياحة بلا طيران، وطالما الطيران متوقف والملاحة الجوية متوقفة فإن الأعداد تبقى أعداد قليلة، وأعداد ضعيفة ولدينا إحصائيات ومقارنة في هذا المجال حيث تأشر لدينا أنه النسبة الآن لا تزيد عن 10% من أعداد السواح اللي كانت تصل أو ترد أو تفد إلى القطر قبل الحصار.

فائزة العزي: وبين ضعف التمويل بسبب الحصار وما خلفته العقوبات الدولية على الاقتصادي العراقي، وبين الخدمات التي تحتاجها صناعة السياحة ومحدودية حركة الاستثمار، في ظل هذه الظروف وجدت السياحة نفسها وهي تتنفس من زاوية ضيقة جداً.

رعد سمير هادي (مدير المدينة السياحية في سد صدام): فالحصار أيضاً أثر على المرافق السياحية والحركة فيها، بسبب تأثير الحصار على القوة الشرائية للمواطن نفسه مما أدى إلى انخفاض نوعاً ما في نسب التشغيل.

فائزة العزي: تداعيات حرب الثماني سنوات شغلت حيزاً كبيراً في قائمة أسباب معاناة السياحة في العراق، فالسياحة الدينية التي كان السياح الإيرانيون يمثلون الجزء الأكبر من وافديها تضررت بشكل واسع، وشهدت أعداد أفواج السياح تناقصاً واضحاً مع توتر العلاقة المستمر بين البلدين الجارين وعلى هامش الركود الذي تعانيه السياحة العراقية بشكل عام دفعت مهن أخرى أثماناً باهظة من فاتورة الركود هذا، التجارة غير المنظورة هذه -كما يسميها الاقتصاديون- باتت اليوم منظورة مع رؤية الآثار السلبية على المطاعم والحركة الفندقية والمواصلات وصناعة وبيع المنتوجات الأثرية والمحلية، وما تعانيه محلات الصيرفة التي وجدت لها مكاناً متأخراً في السوق العراقية، ومهن عدة تضررت وتراجعت بسبب تراجع السياحة في العراق، وإذا كانت القدرة الشرائية التي يتيحها فارق العملات وتباين ذلك مع أسعار الخدمات والبضائع قد شجعت وتشجع قسماً من السياح الأجانب إلى التوجه للسياحة في العراق على الرغم من كل الصعوبات، وهو أمر يجعل من انتعاش السياحة الخارجية أمراً ممكناً بعض الشيء، فإن السياحة الداخلية قد تجمدت بشكل كبير، المجتمع العراقي -الذي ينوء تحت عقوبات وحصار قاس- أعطى ترتيب أولوياته بما يعينه على ديمومة العيش ولو بالحد الأدنى حتى بات موضوع السياحة عنده موضوعاً ثانوياً لم يكن قد خرج من حساباته بشكل مؤقت على أقل تقدير.

السياحة نهر من ذهب هذا النهر توقف عن التدفق في العراق منذ أكثر من عشر سنوات، بفعل عوامل عدة، منها اقتصادية وسياسية وحتى عوامل اجتماعية، بانتظار من يعيد إليه جريانه مرة أخرى.

فائزة العزي -برنامج (مراسلو الجزيرة) بغداد.

محمد خير البوريني: قبائل الزولو في جنوبي أفريقيا وصفهم الأوروبيون بالمتوحشين، ووصفهم آخرون بالمحاربين النبلاء، الذين ألحقوا الهزائم بقوات الاستعمار البريطاني في العديد من المعارك أبرز ملامح ثقافة قبائل الزولو، أن مصلحة الجماعة تعلو على مصلحة الفرد، وأن الإنسان يحظى بقدر من الاحترام يعادل تماماً ما يقدمه من خير ومنفعه لمجتمعه، تقرير وضاح خنفر من نوبي أفريقيا.

وضاح خنفر: وصفهم الأوربيون بالمتوحشين الأشداء، ووصفهم المؤرخون بالمحاربين النبلاء، ووصفوا أنفسهم بأنهم عشاق حرية، وفد أجداد هم إلى الأرض من عالم السماء، يعتبر شعب الزولو من أكثر الشعوب الإفريقية تميزاً وأكثرها ترابطاً وحفاظاً على الثقافة والهوية، ويربو تعدادهم على تسعة ملايين، ويتوزعون على 383 قبيلة ويعيشون في إقليم أرض الزولو في جنوب إفريقيا وفي عدد من دول الجنوب الإفريقي الأخرى.

اشتهر الزولو كمحاربين أشداء في منتصف القرن التاسع عشر بعد أن وحد ملكهم (شاكازولو) كلمة جميع القبائل وخاض بها في هذه السهول من أرض الزولو معارك طاحنة ضد القوات البريطانية المستعمرة، فأوقع في صفوفها خسائر فادحة، ووصفت هزيمتهم بأنها أشد هزيمة للقوات البريطانية في القارة السمراء.

الملك (جودول زولاتيني) هو الحفيد السابع للملك (شاكا) وقد اعترفت به الحكومة الجنوب إفريقية ملكاً للقبيلة، ومنح صلاحيات معينة تمكنه ممن ممارسة دوره التقليدي العريق.

الملك/ جودول زولاتيني: أعمل مع العديد من المنظمات للمساعدة في عملية التنمية في البلاد، كما أرعى العديد من المشروعات الشعبية والتنموية والخيرية.

وضاح خنفر: وثقافة شعب الزولو تتمحور حول الشجاعة والفروسية، فرقصاتهم التقليدية والبنية اللغوية المتميزة بأحرف الطقطقة، وعادات الزواج والأفراح ومنمط البناء المعماري للأكواخ التقليدية كلها مظاهر لثقافة متميزة شكلت فيها الشجاعة والجاهزية للنزال عاملاً حاسما.

ومن مميزات ثقافة الزولو احترام الآباء والكبار، وهو أمر قد يصل في بعض الأحيان إلى تقديس أرواحهم واعتبارهم حلقة الوصل بين عالم البشر وعالم السماء، والزولو يتبعون أدياناً متعددة، كالمسيحية بكنائسها المختلفة وعبادة الأرواح، ولعل أهم ديانات الزولو ما يعرف بدين (الشمبي) وهو مزيج من المسيحية والثقافات المحلية ويلتقي أتباع هذا الدين في أيام السبت ويستمعون إلى مواعظ دينية ويترنمون بإنشاد ديني متميز، أمام النظام الاجتماعي للزولو فيركز كثيراً على الثقافة الجمعية والترابط القبلي، فالكل في نظر الزولو أهم من الفرد، وهي فلسفة اجتماعية تعرف بـ (الأوبونتو) وقوامها أن الفرد إنسان خير بالقدر الذي ينفع فيه الآخرين، وتتجلى مظاهر الترابط الاجتماعي في مساعدة الأقرباء بعضهم بعضاً، خاصة في دفع (النوبولا) وهي الأبقار التي يدفعها الزوج لأهل زوجته والتي قد تستنزف ما يدخره أفراد العائلة لعدة سنوات.

سدني فاكوتي (خبير ثقافي): (الأوبونتو) هو الشعور الإنساني العميق، أن تشعر بضرورة مساعدة الآخرين، مشاركتهم في كل شيء فتعطي الطعام وتمد يد العون لكل محتاج.

وضاح خنفر: ومع هجرة أعداد كبيرة من أبناء الزولو إلى المدن العمل في مناجمها ومصانعها، جعلت الحكومة العنصرية من هذه ا لمباني المكتظة مساكن للعمال المهاجرين، فبدأت مظاهر الحياة الثقافية والاجتماعية تتغير لتناسب البيئة الجديدة، فتأثر قاطنو المدن بالأنماط المادية المختلفة وضعف ارتباطهم بالنظام القبلي وترعرعت ثقافات جديدة أعادت صياغة العلاقات الاجتماعية والأسرية بل وأنماط الفنون والموسيقى.

بروفيسور هربرت فالا كازي (أستاذ الدراسات السكانية – جماعة يونيسا): لقد كان للثورة الصناعة وما رافقها تأثير كبير على أنماط الحياة الريفية والخصوصيات الثقافية، تأثير يصل حد الاستئصال، لقد اعتبر الريفي أقل مرتبة من ساكن المدينة، واستهدفت ثقافته وعادته.

وضاح خنفر: واليوم يواجه سكان المدن من الزولو أزمة اغتراب ثقافية فحياة المدينة بمتطلباتها المادية الملحة وارتفاع نسبة البطالة ومعدلات الجريمة والثقافة الغربية بمظاهرها الشاملة، كلها عوامل أضعفت ارتباط هؤلاء بثقافتهم غير أنها لم تذهب بها تماماً.

عيسى السبي (مركز التدريب والتأهيل الإداري): لقد فتحت الديمقراطية الغربية أسواقنا للغرب، فارتفعت المعدلات الاستهلاكية لكل ما هو أجنبي وافد، فزادت نزعة الفردية الرأسمالية، وتراجعت ثقافة المشاركة الجماعية أي (الأوبونتو).

وضاح خنفر: ومع التحول السياسي الذي شهدته البلاد عام 94 بدأ العديد من المثقفين والمفكرين التركيز على العوامل الثقافية المتميزة للزولو، من أجل بناء حاضر إفريقي غير منبت عن جذوره الضاربة في أعماق الزمان. وضاح خنفر لبرنامج (مراسلو الجزيرة) جوهانسبرج.

محمد خير البوريني: مشاهدينا الكرام، إلى هنا نأتي إلى نهاية حلقة هذا الأسبوع من البرنامج لمتابعي البرنامج يمكنكم مشاهدة تفاصيل هذه الحلقة من خلال موقع (الجزيرة) على شبكة الإنترنت، والموقع هو www.aljazeera.net ويمكنكم مراسلة البرنامج على العنوان التالي (برنامج (مراسلو الجزيرة) صندوق بريد رقم 23123 الدوحة –قطر)، أما رقم الفاكس فهو 4860194، علماً بأن الرقم الدولي هو 00974.

تقول من جديد نتابع طلباتكم واستفساراتكم واقتراحاتكم أولاً بأول، وسنرد عليها كذلك أولاً بأول، بحول الله -تعالى- حتى الأسبوع المقبل هذه تحية من المخرج صبري الرماحي وفريق البرنامج وهذه تحية أخرى مني، محمد خي البوريني، إلى اللقاء.

المصدر: الجزيرة