مراسلو الجزيرة

السينما الإيرانية ومدن الملح في مالي

السينما الإيرانية بين الملكية والجمهورية الإسلامية دعوات الانفتاح والمصارحة، آخر مدن الملح في مالي من واقع حي إلى أطلال، لفائف السيجار الكوبي التقليدي التي ينفقها الأثريا في الهواء بينما يموت الآلآف فقرا ومرضا وجوعا.

مقدم الحلقة

محمد البوريني

تاريخ الحلقة

28/04/2001

undefined
undefined
undefined
undefined
undefined

محمد خير البوريني: مشاهدينا الكرام، أهلاً وسهلاً بكم معنا إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامجكم (مراسلو الجزيرة) نشاهد معاً في حلقة هذا الأسبوع تقريراً حول السينما الإيرانية منذ قيام الثورة الإسلامية وبعد نحو 70 عاماً من انطلاقتها، ونستعرض أوجه الاختلاف بينها وبين صناعة السينما في هذا البلد الإسلامي إبان الحكم الملكي، وتشاهدون تقريراً آخر من مدينة (أروان) في وسط صحراء مالي، التي تحولت من مركز للعلم وقوافل تجارة الملح إلى مدينة تتعرض للاندثار مع زحف الرمال وقساوة العيش.

وبعد الرد على مجموعة من رسائلكم نعرض لكم تقريراً حول الصناعة التقليدية للسيجار الثمين، الذي يقتصر تعاطيه على الأثرياء في العالم، في الوقت الذي يتعرض فيه الآلاف من الأشخاص للموت فقراً أو مرضاً في العديد من تلك الدول، كما نتابع تقريراً مفصلاً يتحدث عن مرض الدرن أو السل الذي عاد من جديد ليصبح غولاً يهدد حياة الآلاف من الناس في دول العالم الأكثر فقراً وتخلفاً وتحديداً في أفريقيا.
أهلاً بكم معنا إلى أولى فقرات هذه الحلقة.

سبعون عاماً ويزيد على تجربة إيران في مجال السينما، لكن هذه التجربة اختلفت كثيراً عما كانت عليه في عصر الملكية من حيث المعايير، كثير من الفنانين والعاملين في صناعة السينما الإيرانية غادروا بلادهم بعد الثورة الإسلامية التي أغلقت لدى وصولها إلى السلطة العشرات من دور عرض الأفلام، كما وضعت السلطات الإيرانية محاذير كثيرة أمام هذه الصناعة التي خضعت لرقابة مشددة، جدل كبيرة يدور في الأوساط الفنية هناك بين دعوات لتحرير العمل السينمائي وطرح القضايا الاجتماعية بجرأة وصراحة، وبين محافظين محذرين من الوقوع في تقليد النمط الغربي في العمل السينمائي ويعتبر عاملون في السينما الإيرانية أنها سلاح ذو حدين، ويشيرون إلى الفوارق الكبيرة بين السينما الإيرانية والسينما العالمية، من حيث التباينات في الظروف والإمكانيات والأهداف، تقرير محمد حسن البحراني من العاصمة الإيرانية.

إعلان

محمد حسن البحراني: لا يختلف المتابعون لتجربة السينما الإيرانية في القول، إن هذه التجربة التي تمتد إلى أكثر من 70 عاماً شهدت تحولاً جذرياً خلال العقدين الماضيين جعلها تختلف إلى حد كبير عما كانت عليها حالها في الخمسين سنة الأولى من عمرها إبان العهد الملكي، والأكبر هو أن المتغيرات السياسية التي عصفت بإيران عام 79 تركت بصماتها بصورة مباشرة على السينما الإيرانية المعاصرة، إذ أوجدت هذه المتغيرات واقعاً جديداً بضوابط ومعايير لم تكن مألوفة في السابق لدى غالبية العاملين في الحقل الفني عموماً والسينمائي على وجه الخصوص فباستثناء القلة من الذين قرروا مواصلة عملهم السينمائي في ظل الواقع الجديد، فإن نسبة كبيرة من الفنانين القدامى فضلوا مواصلة نشاطهم الفني خارج بلادهم، أو تجميده لسنوات عديدة، ويقر المسؤولون الحاليون عن السينما الإيرانية، إن التجربة السينمائية في بلادهم واجهت حالة من الإرباك والركود في السنوات الأولى للثورة نتيجة إغلاق 180 صالة عرض سينمائية فضلاً عن حملة المضايقات التي تعرض لها العديد من الفنانين الذين عملوا في عهد الشاه لكن هذه الحالة توقفت لتشهد الأجواء السينمائية حالة نسبية من الاستقرار والانفراج، في عام 83 بعد إنشاء مؤسسة الفارابي التي عنيت برعاية الشؤون السينمائية ووضعت أطراً عامة للنشاط السينمائي.

سيف الله داد (معاون وزير الثقافة والإرشاد الإيراني): المخرجون والمنتجون السينمائيون، بإمكانهم عمل أي فيلم في إطار ما يسمح به القانون، لدينا لجنة هي التي تقوم بفحص الفيلم قبل عرضه لتحدد مسألتين: الأولى مدى انسجامه أو عدم انسجامه مع قوانين البلد وأعرافه والثانية مستوى الفيلم وتصنيفه ضمن الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة، والغرض من هذا التصنيف هو تشجيع الفنانين على الإنتاج السينمائي الأفضل.

بفهن فرمان آرا (مخرج سينمائي): منذ مجيء السيد خاتمي رئيساً للجمهورية بات للعمل السينمائي مجال حرية أوسع، وأستأنف بعض السينمائيين نشاطاتهم، كانت الحرية في بلدنا تعنى تأييد السلطة، وقد يرفض السيناريو إذا بدأ مخالفاً للسلطة، لكن التطورات التي حصلت في السنوات الأخيرة تبشر بخير.

محمد حسن البحراني: وبعد قرابة العشرين عاماً على تجربة السينما الإيرانية الحديثة فإن وجهات النظر التي تعبر عنها الجهات الرسمية حول ضوابط العمل السينمائي وحدوده المسموح بها خاصة تلك المتعلقة بالمشاهد التي تصور العلاقة بين الرجل والمرأة غالباً ما تواجه بحالة من عدم الرضا من قبل بعض الأوساط السينمائية سيما الليبرالية منها التي ما تزال كما يبدو غير مستعدة لاستيعاب ما يحدده الرأي الشرعي لعلماء الدين في إيران والذي يحظر عرض أي لقطات تعتبر محرمة أياً كانت مبرراتها.

تهمينة ميلاتي (مخرجة سينمائية): من المصاعب التي تواجهني أن أبطال أفلامي من النساء، وهذه الخصوصية تستدعى منهن رعايتهن للحجاب حتى في المشاهد التي تجمع بين الزوج والزوجة تحت سقف واحد، لذلك فإن فناناتنا عادة ما يلجأن في هذه الحالة للقيام ببعض الحركات الإيحائية لمعالجة هذه السلبية.


undefinedمحمد حسن البحراني: غير أن الفنانة (تهمينة ميلاني) التي أخرجت مؤخراً فيلمها السينمائي السادس "النصف المخفي" وهي واحدة من عشرين فنانة إيرانية أخرى احترفن مهنة الإخراج السينمائي في التسعينات تقول إن ما تواجهه من تحديات ومشاكل ناجم في الأساس عن النبرة الاجتماعية القاصرة لدور المرأة ، لكنها تضيف أيضاً أن هذه التحديدات بدأت تخف حدتها في السنوات الأخيرة بعض الشيء.

تهمينة ميلاني: مادام منطق سيادة الرجل هو السائد في بلدنا فإن مشكلة حقوق المرأة ستبقى قائمة، وسأبقى أحاول في أفلامي السينمائية معالجة الخلل القائم في علاقة الرجل بالمرأة.

إعلان

محمد حسن البراني: والواضح أن الوسط الفني الإيراني تتنازعه حالياً نظرتان قد تتفقان في الهدف لكنهما تختلفان في الأسلوب والوسائل، ونمط التفكير، فبينما يرى قسم من الفنانين الإيرانيين ضرورة تحرير العمل السينمائي من بعض القيود المفروضة عليه ومنحه مزيداً من الحرية ليتمكن من طرح المشاكل العديدة التي تواجه شرائح اجتماعية معينة لاسيما الشباب والنساء وبأساليب أكثر جرأة وصراحة، فإن آخرين من هذا الوسط وفي الوقت الذي يقرون فيه بوجود هذه القيود، إلا أنهم يحذرون من أن تقليد النمط الغربي في طرح العلاقات الإنسانية وما تعتري هذه العلاقات من نقاط ضعف وقوة سيحمل معه في المستقبل مخاطر الوقوع في ذات الاشكالات التي وقعت فيها السينما الغربية وأدت فيما بعد إلى التسبب بانحرافات اجتماعية لا عد لها ولا حصر.

داريوش أرجمند (مخرج سينمائي): السينما سلاح ذو حدين، إما أن تساهم في توجيه المجتمع نحو القيم الأخلاقية والعلاقات الإنسانية، وإما أن توجهه نحو كل أنواع الفساد والانحراف، ولابد لنا كفنانين إيرانيين أن تكون من أنصار الخيار الأول، والسينما الإيرانية رغم كل المصاعب والقيود المفروضة عليها استطاعت أن تعكس للعالم أعمق واقدس قصص العلاقات الإنسانية.

محمد حسن البحراني: وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن حصيلة النشاط السينمائي الإيراني بلغت خلال السنوات الثماني عشر الماضية أكثر من ألف فيلم سينمائي تركز القسم الأكبر منها على معالجة قضايا وهموم المرأة والشباب، وظاهرة الإدمان على المخدرات، إضافة إلى أن عدداً من هذه الأفلام عالجت مشاكل الأطفال والمراهقين، كذلك فإن الأفلام الحربية التي تناولت جوانب من الحرب العراقية الإيرانية احتلت نسبة مهمة في قائمة الإنتاج السينمائي، ورغم أن القسم الأكبر من الأفلام يندرج في خانة الأفلام التجارية حيث يسعى أصحابها لتحقيق الربح المادي ليس أكثر، إلا أن عدداً محدوداً من المخرجين الإيرانيين استطاع أن يتألق في منتجاته الفنية ويكتسب شهرة تجاوزت حدود إيران كما هو الحال بالنسبة للمخرج (عباس كياروستمي) الذي حصل عام 97 على جائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان الدولي لفيلمه "طعم الكرز" و(مجيد مجيدي) الذي اشتهر بفيلمه " أطفال السماء" و"لون الله" الذين حصدا العديد من الجوائز في المهرجانات العالمية للسينما، وأخيراً فيمله "المطر" الذي حاز على جائزة العنقاء في الإخراج في مهرجان الفجر السينمائي الأخير، والذي يقام سنوياً بمناسبة ذكرى قيام نظام الجمهورية الإسلامية لمدة عشرة أيام، وبمشاركة عشرات الأفلام الإيرانية والأجنبية، وفي "المطر" يعكس مجيدي قصة حب عذري بين شاب إيراني وفتاة أفغانية اضطرتها ظروف الحرب في بلادها إلى اللجوء مع عائلتها إلى إيران لتواجه فيها مصاعب من نوع جديد، ويبقى المخرج الشهير (بهرام بيضائي) الأكثر تميزاً وجماهيرية من بين زملائه الآخرين نظراً لما تتسم به أفلامه رغم قلتها من نقد جريء لبعض المظاهر الاجتماعية السلبية ونقد أكثر جرأة لبيروقراطية الأنظمة الإدارية السائدة، وحقق فيلم (بيضائي) الأخير "مقتل الكلب" إقبالاً جماهيرياً وسعاً وفيه يحاول بيضائي تسليط الضوء بأسلوب تهكمي واضح على إحدى صور المجتمع الإيراني بعد انتصار الثورة عام79 ، والتناقض القائم بين بعض المفاهيم الثورية والغريزة الإنسانية في حب المال.

سيف الله داد: والمادة لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن تجربة السينما الإيرانية هي من التجارب القليلة في الشرق الأوسط التي تمكنت أن تحتل موقعاً لائقاً في المهرجانات الدولية للسينما كمهرجان "كان" ومهرجان هوليود والوصول إلى مستوى الأفلام الخمسة الأولى المرشحة لجائزة الأوسكار.

إعلان

بهمن فرمان آرا: الأكيد أن السينما الإيرانية باتت عالمية، ومعظم المهرجانات الدولية بدأ يعبر لنا رغبته في مشاركة الفيلم الإيراني، لكننا من حيث التوزيع نواجه مشكلة كبرى بسبب عدم امتلاكنا شركات توزيع عالمية.

محمد حسن البحراني: وتتناقض هذه الرؤية مع رؤية أخرى تنطلق من الوسط الفني ذاته وتشدد على أن أية مقارنة للسينما الإيرانية مع السينما العالمية هي مقارنة غير موضوعية نظراً للتباين الشاسع بين المثالين في الظروف والإمكانات والأهداف.

محمد علي طالبي: نظراً للخصوصيات التي تتسم بها السينما الإيرانية فإن من الخطأ مقارنتها بالسينما العالمية، وما أريد قوله هنا: هو أن السينما الإيرانية عالمها الخاص بها.

محمد حسن البحراني: وفي كل الأحوال فإن بغض النقاد يرون أن الفيلم الإيراني وبعض النظر عن نقاط ضعف أو قوته إلا أن ما اكتسبه من هوية خاصة جعله دون شك جديراً بالدراسة والتقويم نظراً لما قدمه لعالم السينما من تجربة جديدة.

إذن الميزة الأهم للسينما الإيرانية تتمثل فيما برهنت عليه من قدرة على المصالحة بين الفن والدين، والجمع بين مفردات كانت حتى وقت قريب تبدو وكأنها غير قابلة للجمع، والمثير للتأمل في الشريط الإيراني، هو ما حققه من نجاحات في سوق السينما العالمية ومهرجاناتها رغم تقنيته البسيطة وابتعاده الواضح عن عناصر الإثارة المتعارف عليها.
محمد حسن البحراني لبرنامج (مراسلو الجزيرة) طهران.


undefinedمحمد خير البوريني: مدينة (أروان) تقع أروان في وسط صحراء (مالي) المقفرة على الخط التجاري القديم لقوافل الملح، كانت أروان في غابر الزمان مدينة للعلم والمخطوطات على الرغم من قساوة الحياة فيها، ولكنها تتعرض اليوم للنسيان وربما للاندثار، ولم يبقى منها سوى بيوت متنافرة، تقرير عبد الله محمدي من هناك.

عبد الله ولد محمدي: الصحراء ليست الأفق الممتد وشاعرية المكان، فذلك النصف الملآن لكم، أما النصف الآخر فهو قسوة الحياة وغول الرمال الزاحفة الذي يقضي على المدن تلو الأخرى، هذه أروان إحدى تلك المدن، البيوت القليلة المتناثرة بين الكثبان الرملية هي ما تبقى منها، المدينة التي بنيت على حافة طريق تجارة الملح مدينة في وجودها وسنوات ازدهارها للمعدن الذي كان يساوي الذهب، بل ويتفوق عليه، فمن ألواح الملح كان سكان المدنية يبنون بيوتهم وقد بقيت في الأذهان، ذكرى أربعين عاماً ماتوا لحظة واحدة حين دمرتهم جدران المسجد في عاصفة ممطرة أذابت ألواح الملح، وبقى ركامها مزاراً مشهوداً وإلى اليوم، الملح لم يعد ذو قيمة كبيرة إزاء حجم المنافسة وهو ما يقلق سكان البلدة المرتمية في أحضان الصحراء.

محمد صالح سلطان (مواطن من أروان): أروان حتماً مدنية قديمة، كان فيه هون علماء كبار يدرسوا، لكن اقتصادياً اقتصاد للملح، الملح اليوم هذا ما عنده دور في العالم به ملح موجود بصفة غير صعيبة، لأنه يأتي من البحر المالح.

عبد الله ولد محمدي: لكن ملح الصحراء وخصوصاً في مقلعه في (تودني) لا يزال يهب بعض الحياة إلى البلدة خصوصاً عندما تبدأ قوافل الجمال المعرفة بأزلاي المحملة بالملح، ورحلتها الشهيرة من (تودني) الواقعة على بعد 400 كيلو متر من أروان إلى (تومبكتو) وغيرها من المدن الواقعة على ضفاف نهر النيجر، فأروان مشهورة بإعداد اللوازم للجمال التي تحمل الملح مثل الأشرطة والمساند التي توضع تحت الصفائح، لكن المنافسة أيضاً قوية، ولذلك تخسر أروان جزءاً آخر من شهرتها.

محمد صالح سلطان: نساعد قوافل الملح بالأشياء الذي يجد في لنقل الملح اللي هو الحوليه شيء يجعله على جمل ويأتي ويجيب به الملح، واليوم هنا الملح ما عنده أي دار، كان في أفريقيا السودا كلها تشترى الملح من (تودني) اللي هي بوركينا فاسو، والنيجر وموريتانيا وإلى كوت ديفوار.

عبد الله ولد محمدي: الجزء الآخر من شهرة أروان هو تاريخها المثقل بالأمجاد العلمية، تاريخ رسخه علماء كبارذاع صيتهم في أرجاء مختلفة من العالم الإسلامي، ومنهم: سيدي محمد نجاد، الذي يتحدر معظم أهالي البلدة من صلبه، والذي يظل ضريحه مزاراً يتعلق به السكان، وينسبون إليه مختلف الخوارق والكرامات.


undefinedمحمد صالح سلطان: اشتغلوا أوائلنا في القراءة وعادوا علماء كبار واستمع بهم أفريقيا كاملة وللجزيرة سمعوا بها أوائلنا ساكنين في أروان بعد هذا عدنا نحن ملتحقين بأوائلنا وساكنين في الأرض التي عندنا جدود كبار، وعندهم بركة وساكنين في الأرض ونحن اليوم ساكنين مع جدنا في الأرض هون ينقال له سيدي أحمد نجاد كان ولي كبير من أولياء الله الصالحين وساكنين في ظله هون ونعيش بحالة صعيبة، ولكن ما نبدل أروان بغير بلد ما هو أروان.

عبد الله ولد محمدي: بين ضريح الولي وأطلال فندق حاول أحد الأميركيين تسييره لجلب سياح قد تستهويهم أروان وصحرائها المقفرة تكمن أطراف معادلة الحياة الصعبة، فيما تمتد البيوت والأطلال حيث يعيش أقل من مائتي شخص من أصل عشرين ألفاً كانوا عدد سكان البلدة قبل قرن من الزمان بعدما فرغت البلدة من سكَّانها بسبب التواطؤ بين نزيف الهجرة المستمر وكابوس الرمال الجاثم على صدور سكانها القلائل.

إعلان

ففي كل يوم تطمس الرمال بيوتاً جديدة وتجعل وقع الحياة صعباً، فحتى المدرسة التي ظل بناؤها حلماً أصبحت على حافة الانهيار قبل أن تبدأ الدروس، ولذلك انهار الحلم الجميل الذي راود الأطفال بالجلوس على المقاعد ورسم الأشكال والحروف بدل البقاء أسر الحياة الرتيبة داخل أسوار البيوت.

محمد صالح سلطان: أكبر مشكلة هون هي.. هي زحف الرمال يملا الأبيار من الأرض كل يوم نقلعه منها لكي نرى الماء اللي نشرب ومدارسنا وبيوتنا كلهم يمتلوا من الرمال يومياً، عندنا مدرسة هنا جاءت عاصفة كبيرة ونحَّت الرمال كلها من تحتها وهبطت إلى الأرض.

عبد الله ولد محمدي: في باحة البيوت المفروشة بالرمل يتداول الرجال شؤون وشجون الحياة العسيرة ويتغلبون على (…) الزمن بكؤوس الشاي الأخضر، ورواية التاريخ في عصره البالش.

المخطوطات جزء من ذلك التاريخ، كتب كثيرة في الطب والفلك والفقه والتاريخ، مكتبات كثيرة تُركت لحال سبيلها بعد أن فقدت من يعتني بها بعضها نهبه لصوص الآثار والبعض الآخر لا يزال مكدَّساً في مخازن الأمتعة وقد أصابه التلف، فيما بقى الباقي تسلية للأطفال الصغار أو غذاءً للكتاكيت.

محمد سالم (وارث مكتبة): ما فيه خدم، ولا فيه شيء، مجاور بكتب هذا، وبقينا نحنا هون وكتبنا لهم لهون ولبلادنا ما إحنا باغيين نمشي عنه ولكن البلاد صعيب.

عبد الله ولد محمدي: الجد والأرض والوطن ومعهم تكبر هموم أروان ولا تنتهي وسكانها الذين لم يبرحوها يدفعون ضريبة البقاء المُر، ففي هذه الصحراء الجرداء يندر الماء، وتظل الحاجة هي أم الاختراع، كل شيء هنا قابل للاستعمال والدخول في دورة للحياة، فقد أضاف سكان أروان إلى فوائد الإبل الكثيرة أن بعرها يفلح كوقود للطبح في غياب أي بديل آخر، فتحت بعر الإبل الملتهب ينضج الطعام في مطابخ أروان المزودة بمداخن تمرق ماءها سقوف الدخان الكثيف، تكبر معاناة أروان مجسِّدة واقع العزلة القاسية، معاناة تكبر في انتظار قوافل الملح التي تعبر من هنا كل سنة، والتي رغم مردوديتها السيرة فإنما تحقق ولو قليلاً من معاناة أروان المستمرة، المدينة التي ظلت وفية لوصفها كآخر مُدن الملح.

يصاب المرء بدهشة بالغة حين يدرك مدى قدرة سكان هذه البلدة على العيش وسط هذه الصحراء القاسية، البلدة التي كانت يوم ما منارة للعلم والمعرفة ولم تعد اليوم سوى بيوت قليلة وأطلال متهاوية.
عبد الله محمدي –الجزيرة- أروان- صحراء مالي.

محمد خير البوريني: ونصل إلى فقرة الردود على رسائلكم، نبدأ برسالة بعثها المشاهد عبد المحسن الهيرشي من المملكة العربية السعودية وجاء فيها: من خلال متابعتي لهذه القناة العربية ربما يكون هناك إهمال من مراسلة القناة في لبنان لطائفة الأرمن التي نريد أن نعرف عنها أكثر ما هو سبب عدائهم للعرب مع العلم أن لبنان هي الدولة العربية الوحيدة التي فتحت لهم الباب؟ شكراً على الرسالة أو الاقتراح، ونجيب بالقول: إنه ليس هناك من إهمال على الإطلاق لأي طائفة كانت، ثم إنه لا يوجد عداء بين الأرمن والعرب حيث أن مشكلة الأرمن هي مع تركيا وليست مع العالم العربي.

الأرمن يا عبد المحسن لا يتركزون في لبنان فقط، وإنما كذلك في الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين والعراق، وهم من أمهر الصُّناع والحرفيين ويعيشون في تلك الدول كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، ومنهم من اعتلى مناصب مرموقة في تلك البلاد، نحن نعمل على النظر في جميع اهتمامات السادة المشاهدين وطلباتهم، وربما نتمكن في وقت لاحق -إن شاء الله- من تسليط الضوء على الأرمن في واحدة من الدول المذكورة أعلاه.

وبعث إلياس شرقة -من عَّنابة في الجزائر- بعث رسالة بريدية طلب فيها أن يقوم البرنامج بإعداد تقرير حول العقول العربية المهاجرة، لا سيما في الولايات المتحدة، بكل ما يشمل ذلك من تفاصيل.

نشكر المشاهد الكريم على رسالته، ونقول: إن الجزيرة تقوم بعرض سلسلة من الحلقات المتتابعة التي تتناول هذا الأمر من دول مختلفة في العالم، وسوف يتابع البرنامج أيضاً كل ما هو جديد على هذا الصعيد -إن شاء الله- من خلال مراسلينا، ومن المغرب أرسل الأزرق من حي الأمل في تازا العليا قائلاً: صحيح أننا نشاهد برامج في مستوى تتيح لنا الفرصة للاستماع إلى بعض الأشخاص الشرفاء الذين تستضيفهم (الجزيرة) ولكن في المقابل فإن الخطير فيما تعرضه القناة يتمثل في إطلالة شخصيات العدو الصهيوني بين الفينة والأخرى، حيث يعرضون وجهة نظرهم والتي تكون عبارة عن كذب وافتراء، ويسأل المشاهد في ختام رسالته: لماذا لا تسمون العدو الصهيوني عدواً صهيونياً في نشرات الأخبار بدل اسم إسرائيل؟ لأنه مهما تكن من اتفاقيات بيننا وبينه فإنه ينقضها ويتجاوزها، وبالتالي فإنه يبقى عدواً.
شكراً للمشاهد الكريم، ونؤكد هنا أن الجزيرة تقوم بعرض جميع وجهات النظر، وأنها لا تتبنى شيئاً منها على الإطلاق، وحرصاً على الموضوعية والمهنية ووضع جميع وجهات النظر أمام المشاهد العربي فإنها تقوم باستضافة جميع أطراف الصراعات أو النزاعات، ليس ما يتعلق منها بالقضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني فحسب، وإنما ما يتعلق بجميع القضايا الأخرى، بالنسبة لما تصفها بالأكاذيب والافتراءات فإننا نترك الحكم لفطنة المشاهد العربي الذي نحن على ثقة بأنه على درجة من الوعي بحيث لا يمكن للأكاذيب أن تنطلي عليه مهما كان مصدرها، بالنسبة لتسمية إسرائيل بالعدو الصهيوني فإنه لا يمكن لأي محطة إعلامية مستقلة في العالم أن تفعل ذلك تجاه أي طرف، كان هذا الأمر يمكن أن يحدث في القنوات الرسمية للدول العربية، (الجزيرة) تلتزم بثوابت الأمة وبحقوق الشعب الفلسطيني الراسخة في العودة وتقرير المصير، وإقامة دولة مستقلة بعاصمتها القدس الشريف، ولكنها تلتزم أيضاً بكونها مستقلة.

ومن الجماهيرية الليبية تسلَّم البرنامج رسالة من نور الدين عبد الله القلاَّوي، تسلَّم رسالة جاء فيها: مهما أوتيت من فصاحة اللسان، وروعة البيان فلن أستطيع أن أعبِّر لكم عن مدى مشاعري تجاهكم، وأتوجه لكم بالشكر لما تبذلونه من جهود في سبيل توعية المشاهد، يقترح نور الدين تخصيص برنامج يجري حوارات مع الزملاء مذيعي ومذيعات، ومعدي ومعدات، ومقدمي البرامج في قناة الجزيرة، بالإضافة إلى الصحفيين والصحفيات العاملين في إنتاج الأخبار. نشكر المشاهد الليبي الكريم، ونأمل أن نتمكن من تحقيق ما طلبت في وقت قريب.

ومن ليبيا أيضاً بعث المشاهد محمد علي، بعث عاتباً على البرنامج، يقول محمد: عتب خاص على برنامج (مراسلو الجزيرة) لعدم تطرقه ولو مرَّة واحدة إلى موضوع أو فقرة تتحدث عن الجماهيرية الليبية، أود معرفة السبب. شكراً على الرسالة والمتابعة، كان البرنامج قد عرض عدَّة موضوعات من الجماهيرية الليبية أعدَّها مراسل الجزيرة هناك خالد الديب، هناك بالفعل إقلال في الموضوعات الواردة من ليبيا. ونعدك بأن نبذل مزيد من الجهد لعرض مزيد من الموضوعات، ونطلب من الزميل خالد أن يزودنا بعدد من المقترحات القيمة والتي تهم المشاهد العربي من ليبيا.

ومن تونس بعث المشاهد محمد بعث رسالة جاء فيها: باختصار ودون مقدمات لن تزيد (الجزيرة) شيئاً مما عليه من تألق وريادة وتميز من بقية القنوات العربية بدون استثناء، ويتابع المشاهد قائلاً: اعلموا أن ما يكتب عنكم في الصحف والإعلام الحكومي لا يمثل البتَّة رأي أي فرد مثقف وواعٍ في جميع الأقطار العربية، وما نراه هذه الأيام على شاشات عدَّة ما هو إلا التقليد الأعمى لبرامجكم وهو بمثابة المسخرة والضحك على عقول البسطاء من الشعوب -على حد تعبير المشاهد كاتب الرسالة، ويتابع- ولكن هذه المسرحيات الفارغة لا تنطلي على الأغلبية، ولا تلق مشاهدين يتابعونها -حسب قول المشاهد- يطلب محمد إلغاء أحد البرامج التي تعرضها الجزيرة، كما يستفسر عن بعض الأمور الفنَّية التي يشاهدها على الهواء، الرسالة وصلت يا محمد وهي قيد البحث، وإبراهيم كَسِيَرة أو كِسِيرة -من الجزائر- بعث إلى البرنامج طالباً أو مقترحاً تسليط الضوء على المغتربين المغاربة في فرنسا وزيادة بعض.. أو زيارة بعض المناطق الجزائرية والتطرق إلى قضية مياه نهري دجلة والفرات التي تعبر الأراضي العراقية، والفرات الذي يعبر الأراضي السورية قادمين من الأراضي التركية.

شكراً للمشاهد على رسالته ونجيب على طلبك بشأن زيارة الجزائر بالقول: إننا سنقوم بزيارة جميع المناطق الجزائرية -إن شاء الله- حال حصولنا على إذن رسمي من السلطات الجزائرية، أما بالنسبة لنهري دجلة والفرات فقد سبق وأن عرضنا موضوعات حول هذه القضية من سوريا والعراق، كما كنت أنا شخصياً قد أنجزت تقريراً مفصلاً حول هذه القضية في زيارة قمت بها إلى تركيا وزرت خلالها عدداً من السدود التركية المقامة على نهري دجلة والفرات، وهي السدود التي تشكِّل عنصراً أساسياً من عناصر النزاع حول المياه في الشرق الأوسط وخاصة بين العراق وسوريا مع تركيا، على أي حال يمكن التطرق إلى هذه القضية من زوايا مختلفة، ومن خلال متابعتك للبرنامج سوف تشاهد قريباً تقريراً مفصلاً حول هذا الأمر، أما بالنسبة للمغتربين المغاربة في فرنسا فقد سبق وأن قام مراسل الجزيرة هناك الزميل ميشيل الكك بإعداد تقارير مفصلة عنهم، وسوف نتابع ذلك -إن شاء الله- مستقبلاً.
مشاهدينا الكرام إلى هنا نكتفي بهذا القدر من الردود على رسائلكم، ونأتي إلى نهاية هذه الفقرة من البرنامج، نعود الآن لمتابعة ما تبقى من فقرات.


undefinedيستهلك مسؤولون وأثرياء في دول فقيرة شهرياً من لفائف السيجار ما يمكن أن يسد احتياجات مئات، أو ربما آلاف العائلات المعوذة في دولهم، وينقذ أعداداً مماثلة من البشر من غول المرض والجوع والتشرد، يتعاطاه الأثرياء نظراً لارتفاع أسعاره واختلاف أنواعه، التقرير التالي من (هافانا) يتحدث من جانب من الصناعة التقليدية للسيجار والتبغ، التبغ الذي يعتبر مسبباً أساسياً للعديد من الأمراض القاتلة. تقرير خالد المحمود.

خالد المحمود: هذه هي مدينة (هافانا).. هي عاصمة (كوبا)، وعاصمة السيجار أيضاً، في هذا البلد يستعين الناس بالتبغ علة يخفف عن كاهلهم عب الفقر، من هذه المزارع المنتشرة في أنحاء الجزيرة تبدأ رحلة أفخر أنواع السيجار في العالم، ومتى حانت ساعة الحصاد نقلت هذه الأوراق الخضراء لتجفيفها في منازل مخصصة لهذا الغرض.

هذا المصنع الواقع في وسط العاصمة هافانا هو الأكبر فيها، وفيه يتم إنتاج قرابة خمسة آلاف سيجار بشكل يدوي يومياً، وتتفاوت الأحجام والأسعار بحسب اختلاف الأنواع التي تبلغ حوالي ثلاثين نوعاً، لكل اسم من هذه الأنواع شهرته، وبالتالي كلفته، فسيجار (كوهيبا) هو النوع الذي كان الرئيس الكوبي (فيديل كاسترو) يفضله على غيره قبل أن يمنعه الأطباء من التدخين، ولهذا فإنه يعد أشهر وإلى أنواع السيجار في العالم، وسعر العلبة الواحدة التي تحوى خمسة وعشرين سيجاراً تبلغ في المصنع 390 دولاراً أميركياً، أما في الخارج فإن الرقم قد يتضاعف ثلاث مرات على أقل تقدير، ولأن تجارة السيجار رائجة في أنحاء المعمورة فلابد له من مجلات متخصصة تبحث فيما قد يكون مستقبلاً علماً إنسانياً.


undefinedبمجرد أن يعلم مدخن أنك قادم إلى كوبا فإن أول طلب يمكن أن تتوقعه منه هو أن تجلب له واحدة من هذه، رواج تجارة السيجار أو التوباكو كما يسميه أهل الصنعة دفع العديد من أهالي البلاد إلى الاستثمار الشخصي في هذا الميدان، ولم يعدم المرء في بعض هذه البيوت من يقوم بتصنيع التوباكو سراً، في هذا المنزل تعمل الزوجة على إعداد ما يأتي به زوجها من مستلزمات المهنة، وما تنتجه لا يقل إتقانا عن منتج أي مصنع في كوبا بأسرها، فكل أنواع السيجار يمكن تصنيعها متى ما توافرت المعدات، وليس هذا فحسب، فالعاملون في السوق السوداء يسرقون كل ما يمكن تخيله من مصانع السيجار، ابتداءً بخاتمه الذي يحدد نوعه، ومروراً بعلبه الفاخرة وأختامه المميزة، وانتهاءً بالسيجار نفسه، وإذا كان هناك من يبيع سيجاراً مغشوشاً لا يحمل من نكهة الأصلي إلا الاسم وهو أمر وارد فإن هناك من يقف لهم بالمرصاد من العارفين ذوى الخبرة.
خالد المحمود لبرنامج مراسلو الجزيرة – العاصمة الكوبية هافانا.

محمد خير البوريني: ومن سيجار الأثرياء إلى مرض الدرن أو السل الذي يلاحق الفقراء في صحارى وأزقة العديد من الدول الأفريقية الفقيرة، فقد عاد هذا المرض من جديد ليصبح غولاً يهدد حياة الآلاف من الناس في تلك المناطق يعتبر سوء التغذية من أهم الأسباب للإصابة بهذا المرض الخطير، تقرير الطاهر المرضي أعده من السودان.


undefinedالطاهر المرضي: (هوال دينج) لم يعد قادراً حتى على مقاومة الريح وهو في رحلة يومية من وإلى مركز العلاج بعد أن أوهن مرض الدرن قواه وأقعده عن توفير القوت لأطفاله، منظمة الصحة العالمية دقت ناقوس الخطر بعد أن تحول مرض الدرن إلى وباء عالمي خصوصاً في الدول النامية، والسودان أحد هذه الدول بلغت نسبة الدرن فيه مرحلة الوباء، وبسبب ضعف الإمكانيات المحلية وقلة الاعتمادات الموجهة من المنظمات الطوعية في بلد يمثل فيه المجتمع الريفي 90% لم يتم تشخيص أكثر من ثلاثة آلاف حالة قبل العام 90.

مواطن مصاب بالدرن 1: مسكنا دول الخليج وهناك ما عندهم علاج ولا بيعرفوا هو ذات شو المرض شنو ذاته حجزونا ورجعونا السودان، جيت اتعالجت هنا في دكتور بيعالجني هنا.

مواطن مصاب بالدرن 2: المرض جعلني غير قادر على العمل، المركز يوفر لي العلاج مجاناً لكن أسرتي تعيش حياة صعبة.

مواطن مصاب بالدرن 3: المرض مسكني طول من 8 شهور، من 8 شهور جيت للعلاج للدكاترة إلى هناك ما عندي قروش ما عالجوني، من جيت الليلة عندي عشرين صباح أنا اسأل المحل مسكوني.

الطاهر المرضي: ويسعى برنامج مكافحة الدرن إلى خفض معدل الوفيات الذي تزداد نسبته وسط الفئات العمرية المنتجة التي بلغت 5.2% وتقول التقارير العالمية: أن 32% من مرضي نقص المناعة المكتسبة الأيدز يموتون بالدرن، كما أنه من أهم أسباب الوفاة في أوساط النساء، ويشكل خطر هذا المرض كابوساً في أوساط معسكرات اللاجئين من الدول المجاورة للسودان في ظل التناقض الكبير لمساعدات الدول المانحة التي أحجمت حتى عن تقديم الغذاء لهم، خاصة وأن نقص التغذية يمثل أحد أسباب الإصابة بهذا المرض، كما أن العلاج من الدرن باهظ التكاليف.

د. أحمد بلال (وزير الصحة السوداني): التكلفة العالية للعلاج بالدرن إذ تكلف الجرعة ما لا يقل عن ما يعادل100 ألف جنيه سوداني، اللي هي تقريباً 40 دولار، وإذا أخذنا دخل الفرد السوداني لا يتعدى الثلاثين، وأخذنا إنه هذا الجانب، الشريحة التي تعانى من هي؟ أسوأ.. أفقر الشرائح السودانية نجد هذا الفارق الكبير، وبالتالي السودان يحتاج إلى وقفة من المجتمع الدولي وممثلاً في منظماته في محاربة هذا الدعم ويقدم برنامج (مكافحة الدرن) بالسودان معالجة كيميائية معيارية قصيرة الأمد لا تتجاوز العام، ويحرص المشرفون على هذا البرنامج على متابعة المرض وهم يتناولون العلاج حسب الوصفات الطبية بطريقة مباشرة في مراكز معدة لذلك، ويعود المريض بعدها إلى ممارسة حياته المعتادة.

د. أسماء إسماعيل (مديرة مشروع مكافحة الدرن): نسبة الإصابة في السودان هي 1.8 % وبالفهم ده توجد أربعين ألف حالة سنوياً في السودان، تم علاج 27 ألف حالة منها في عام 99 وتبقت حوالي 13 ألف حالة، يمكن القول: إنه سيطرنا على مشكلة الدرن في السودان بعد علاج الـ 13 ألف حالة، والحالات المتراكمة في السودان وبعدها بنتوقع إنه نسبة الإصابة تقل لأقل من 1%.

الطاهر المرضي: ولتطور أساليب علاج الدرن لم يعد الأطباء يلجأون إلى عزل المصابين بعد أن أصبح هؤلاء لا يمثلون خطراً بفضل تلقيهم للعلاج الصحيح، لكن علاج مرض الدرن يستوجب الاستمرارية، فانقطاعه يؤدي إلى كارثة أكبر من المرض نفسه.

د. أسماء إسماعيل: انقطاع العلاج شيء خطير للغاية بيؤدي للدرن المقاوم للأدوية ودي هتكون مشكلة إذا اتفشت في المقاوم للأدوية علاجه غالى للغاية الحالة الواحدة بتكلف أكثر من 7 مليون جنيه سوداني.

الطاهر المرضي: تدفقات اللاجئين والنازحين من ويلات الحرب في الحدود السودانية خاصة من الجارتين أثيوبيا وإريتريا تمثل ضغطاً إضافياً امتداداً لأمراض سوء التغذية، كما أن نسبة الإصابة في هذه الدول حسب تقارير منظمة الصحة العالمية قد سجلت أعلى معدلات في منطقة القرن الأفريقى، مما ينعكس على حجم الخدمات المقدمة، وبالتالي تدهور بيئات المناطق التي ينتشر فيها المرض، والتي يعانى سكانها من فقر مدقع.

ابتهاج محمد أوهاج (باحثة ومحللة إحصائية): المرض بتاع T.B يعني بيصيب الفئة اللي فقيرة جداً جداً في المجتمع، والناس دول أساساً سوء التغذية المشكلة الأساسية اليوم، يعني إحنا لما ندي المريض العلاج بتكون مشكلته إنه هو هياخد العلاج وهو جعان، إذا لو بقى فيه برنامج مع البرنامج بتاع العلاج، برنامج بتاع تغذية فنحنا بنضمن إنه المريض هيداوم لنا على العلاج، بيكون ما فيه انقطاع بتاع علاج، وبكده نحنا بنكون حلينا له مشكلة من مشكلاته الأساسية اللي هي كانت السبب الرئيسي في إصابته بالمرض ده.

الطاهر المرضي: خطورة مرض الدرن تحتم على المجتمع الدولي بذل المزيد من المساعدات لمكافحة هذا المرض الفتاك الذي ينتشر في دول فقيرة تعجز حكوماتها عن مجابهته. المصادر الشحيحة والمسخرة لمكافحة الدرن لا تتناسب وخطورة هذا المرض، والمطلوب هو مزيد من الدعم الحكومي والطوعي لوقف خطر حقيقي يهدد حياة الكثيرين في مجتمع يعانى الفقر والجهل.
الطاهر المرضي لبرنامج مراسلو الجزيرة- الخرطوم.

محمد خير البوريني: وقانا الله من شرور الأمراض، مشاهدينا الكرام إلى هنا نأتي إلى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم (مراسلو الجزيرة) لمتابعي البرنامج يمكنكم مشاهدة تفاصيل هذه الحلقة من خلال موقع الجزيرة على شبكة الإنترنت والموقع هو www.aljazeera.net ويمكنكم مراسلة البرنامج على العنوان التالي برنامج (مراسلو الجزيرة) – صندوق بريد رقم 23123 –الدوحة –قطر، أما رقم الفاكس فهو 4860194، علماً بأن الرقم الدولي هو 00974، نواصل متابعة طلباتكم واستفساراتكم واقتراحاتكم أولاً بأول إن شاء الله حتى الأسبوع المقبل هذه تحية من المخرج صبري الرماحي وفريق البرنامج، وهذه تحية أخرى منى محمد خير البوريني، إلى اللقاء.

المصدر: الجزيرة