السجون في المغرب، الجفاف في أستراليا، جمهورية إيران
مقدم الحلقة: | محمد خير البوريني |
تاريخ الحلقة: | 01/03/2003 |
– تدهور أوضاع السجون في المغرب
– الجفاف في أستراليا وأضراره على الثروة الزراعية والحيوانية
– الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد ربع قرن من قيامها
محمد خير البوريني: أهلاً ومرحباً بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة هذا الأسبوع من (مراسلو الجزيرة).
نشاهد معاً تقريراً تخترق فيه كاميرا (الجزيرة) لأول مرة كمحطة دولية تليفزيونية جدران أحد السجون المغربية بعد الضجة والجدل الكبيرين بشأن سجن الجديدة، ومقتل أكثر من 50 سجيناً حرقاً خلف القضبان، ويتحدث التقرير كذلك حول قضايا الاتجِّار بالمخدرات وما يثار حول فساد إداري داخل السجون، ومظاهر شذوذ جنسي وحالات اغتصاب، كما يعالج أسئلة حول الرعاية المختلفة التي يحظى بها سجناء غربيون لا تختلف الأسباب التي أوصلتهم إلى السجون كثيراً أو قليلاً عن تلك التي أوصلت غالبية السجناء المغاربة إليها.
ومن أستراليا نستعرض تقريراً يلقي الضوء على حالة الجفاف التي لم تشهد البلاد مثيلاً لها منذ ما يزيد على خمسة عقود، ونرى الأضرار التي يتركها الجفاف على مجمل الوضع الزراعي والثروة الحيوانية في أستراليا.
ونحاول إيران تسليط الضوء بشكل موجز على الجمهورية الإسلامية بعد نحو ربع قرن على قيامها، ونرى ما استجد على البلاد من تغيُّرات لاسيما ما يتعلق بجيل الشباب الذي لم يشهد قيام الثورة، ولم يشارك في حمل لواء التغيير، كما نتناول وجهات النظر التي تقول إن الحقبة الماضية شهدت فشلاً في التعامل مع عقلية الجيل الحديث من أبناء البلاد وتطلعاته.
أهلاً بكم إلى أولى فقرات هذه الحلقة.
تدهور أوضاع السجون في المغرب
استناداً إلى مجموعة من الشواهد لم يعد هناك من خلاف بشأن تدهور أوضاع السجون في المغرب، كان حريق سجن الجديدة بمثابة ناقوس إنذار من نوع دامٍ كشف بما لا يدع مجالاً للشك ما آل إليه حال السجون المغربية، ولكنه جاء عقب مقتل عشرات السجناء الذين التهمتهم ألسنة اللهب، بعد التأكيد على أن الاتِّجار بالمخدرات يحتل مرتبة متقدمة في نسبة الجريمة في المغرب، نسأل: ما هو حال السجون المغربية؟ وما هي قضايا الفساد بين بعض موظفي هذه السجون الذين من المفترض أنهم يسهرون على رعاية السجناء حسب قوانين السجون المعمول بها دولياً؟ وما هي صحة ما يقال عن مظاهر الشذوذ الجنسي وحالات الاغتصاب داخل عدد من السجون؟ وما مدى صحة ما يقال أيضاً عن أن السجناء الغربيين يحظون بمعاملة خاصة نظراً لمتابعة دولهم لأحوالهم وحرصها على تأمين حياة لائقة لهم وراء القضبان.
كاميرا (الجزيرة) كانت الأولى لمحطة دولية التي تدخل سجن سلا المغربي، وتحاول رصد واقع الحال هناك، علماً بأن حال هذا السجن يعتبر أفضل بكثير من سجون أخرى في البلاد. تقرير إقبال إلهامي.
![]() |
تقرير/إقبال إلهامي: قد يكون الإقرار بتدهور أوضاع السجون في المغرب من حالات التوافق النادرة التي يلتف حولها نشطاء حقوق الإنسان والسلطات المختصة كما هو الحال في لقاءات نادرة كهذه لا تخلو من توتر.
عبد الرحيم الجامعي (المرصد المغربي للسجون): هل للإدارة الآن مستقبل في ظل هذه الأوضاع الحالية والانتكاسة التي وقعت على.. داخل السجون أخيراً؟ هل لها تطلعات؟ ما هو برنامجها؟ كيف تنظر للإصلاح الشامل؟
مصطفى مداح (مديرة إدارة السجون في المغرب): ليس هذه المكاشفة ولا هذه الصراحة الغير معهودة أن هذه تبرير، من يبرر لمن يبرر؟ إن الإدارة كشخص يعني مدته وجيزة على هذه الإدارة، ولا الحكومة بنفسها كذلك حكومة جديدة، إذاً ليس هناك للتغطية أو لذر الرماد على.. في العيون أننا نبرر لمن، لا نبرر، وإنما ننقل للجميع ومن خلفكم محترمين من خلفكم الرأي العام، نريد أن ننقل وأن نكون عيناً فاحصة وعيناً مراقبة للسجون.
إقبال إلهامي: حريق سجن مدينة الجديدة، الذي ذهب ضحيته عشرات النزلاء يؤرخها السكان المحليون، وهو بالنسبة لهم حدث لا يُنسى، حيث ودَّعوا في حلة قاتمة أكثر من 50 ضحية باغتتهم النيران وهم نيام.
مأساة عائلات الضحايا كانت مضاعفة، بعضها إزاء عدم التعرف على جثث ذويها المتفحمة، وأخرى تلقت جثثاً كان أصحابها سيفرج عنهم في اليوم ذاته، عدا عن أن نصف الضحايا كانوا ضمن الاعتقال الاحترازي.
عبد الرحيم الجامعي: من هو المسؤول بعد أن أصبحت السجون تقريباً أفران لإحراق الجثث؟ المسؤول هو الإدارة، المسؤولة هو الدولة، لها اليد الأولى والأخيرة في مجال السجن، فهي أولاً تعرف الأوضاع بكل تفاصيلها، الحاجيات، السلبيات، المخاطر، وأمام ذلك ليست هناك إرادة لتفوق وحل هذه الإشكاليات.
إقبال إلهامي: لكن حريق سجن الجديدة، وهو الرابع من نوعه، الذي يحدث في السجون المغربية أدى إلى كسر الصمت الذي كان يطوِّق أوضاع نحو 60 سجناً آخر تضم خلف قضبانها أكثر من 60 ألف نزيل، وطالما نبهت منظمات حقوق الإنسان لخطر اكتظاظها الذي يفوق 40% من حجم استيعابها الحقيقي.
عبد السلام العسال (الجمعية المغربية لحقوق الإنسان): أنجزنا تقريراً سنة 1995، ووقفنا فيه على تدهور خطير لحقوق السجناء ولوضعية السجن ككل، وسجلنا بالحرف في ختام هذا التقرير بأنه إذا لم يتم تدارك هذه الوضعية فإنها مرشحة للانفجار، وراسلنا جميع الجهات المختصة، ونشر تقريرنا في الصحافة الوطنية والدولية، وخصوصاً في الصحافة الوطنية، ولم يتم الاهتمام بصدق تقريرنا.
محمد بوزوبع (وزير العدل المغربي): ناقوس الخطر سبق لي أنا كذلك أن ساهمت في دق هذا الناقوس باعتباري عضو في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وعضو في اللجنة المكلفة بأوضاع السجون، وقد قامت هذه اللجنة بمسح شامل لأوضاع سجون المغرب، ووضعت تقريراً مفصلاً واقتراحات للتغلب على المشاكل التي تعرفها السجون المغربية.
إقبال إلهامي: سجن سلا تُفتح أبوابه للمرة الأولى لقناة دولية، وهو ضمن تسعة سجون خارج التصنيف حسب مقياس إدارة السجون المغربية ما يعني أن ظروف إيواء نزلائه وهم خمسة آلاف لا بأس بها مقارنة بالسجون الأخرى التي قد لا تتعدى فيها مساحة الزنزانة نصف المتر فقط.
المحجوب صنكرة (سجين مغربي – مفتش أمن سابق): محكوم بعشر سنوات سجن هنا في…، كنت بأشتغل بالأمن الوطني، مفتش شرطة ممتاز، قضيت 19 سنة بالخدمة.. يعني من الرؤساء الكبار، وجبت جائزة من الولايات.. من الأمم المتحدة، أنا شاركت في واحد مهمة في.. في كمبوديا، وتحت تعليمات ديال الرئيس اللي كنت.. كنت أباشر العمل تحت السلطة دياله، يعني ما.. ما سبق لي ما أعرفش شنو قال، هو اتهموه بقضية تزوير محاضر، وكان تنفذ عليَّ الحكم هكذا، لأنني كنت مجرد عون.
جورج بوفان (سجين فرنسي في المغرب): أنا محكوم بست سنوات سجن نافذة، بسبب قيامي بنقل الحشيش في شاحنتي التي أُنجزت في طنجة، إضافة إلى غرامة مالية لإدارتي الجمارك والتبغ بسبع ملايين يورو، أنا مجرد سائق شاحنة، وزوجتي تعمل نصف دوام، ولا يمكنها أن تقوم بدفع الغرامة عني، بينما أنا محتجز هنا، ولا يمكن نقلي إلى فرنسا، أما عن ظروف اعتقالي في سجن سلا فهي جيدة.
إقبال إلهامي: في سجون المغرب التي أسس نصفها المستعمر الفرنسي يحتل الاتِّجار بالمخدرات مرتبة متقدمة في نسبة الجريمة في البلاد، وربما هذا ما يفسر وجود أكثر من أربعمائة أوروبي في سجون المغرب، لكن الأخطر ما يتداول عن استهلاك منظم للمخدرات بداخلها، الأمر الذي يزيد الطين بلة، والوضع تعقيداً وقتامة.
مصطفى مداح: إن السجون لا تعتبر حقول لزراعة المخدرات، فالمخدرات هي تدخل من الخارج، أما عبر الزوَّار وإما وبكل صراحة قد يكون هناك تواطؤ بعض الموظفين القلة الذين لا ضمير لهم، والإدارة لهم بالمرصاد، ونتعاون جميعاً لضبط هؤلاء في حالة تلبُّس لكي ينالوا جزاءهم، وهناك عدد من الحالات، جميع الحالات التي ضُبطت من المخدرات كلها كان وراءها المسؤولون عن.. عن السجون، المديرون الذين يضبطون سواء الزوَّار، أو السجناء، أو الموظفين في.. في هذا الشأن، ولكن ليس بالشكل الذي ربما فيه هناك تهويل وفيه هناك تضخيم.
جورج بوفان: هنا نشتري الحشيش كما نشتري كيلو من السكر، ماذا تريدون أن نعمل؟ فالحشيش ينتشر في كل مكان، وهذا هو أساس المشكلة، أما إذا قررت الحكومة يوماً أن تضع حداً نهائياً لزراعة هذا المنتج فربما يقل عدد الأوروبيين هنا، 90% من الأوروبيين يعني 90% من الحشيش، القضية ليست كيف هي المعاملة في السجن، كل هؤلاء معتقلون بسبب الحشيش، وهذه مشكلة كبيرة، قد نتصارع كثيراً، لكنه سيظل أمراً حاضراً ما دام الكل يحب المال السهل الذي يُجنى دون تعب أو عناء.
إقبال إلهامي: لكن هذا السجين وغيره من الأوروبيين يحظون بمعاملة خاصة يعززها حرص بلدانهم على تتبع أوضاعهم داخل السجن، هذا الحفل الذي صادفته كاميرا (الجزيرة) يحمل طابعاً دينياً تنظمه السفارة الألمانية في الرباط لمواطنيها من المعتقلين في سجن سلا، وهو تقليد تداوم عليه القنصليات الغربية لسجنائها في المغرب.
أما بالنسبة للسجناء المغاربة فلهم حصتهم الأسبوعية في لقاء ذويهم، أكثر من عشرة آلاف زائر يفدون يومياً على السجن، يراقبهم عشرة حراس، الإيجابي في العملية أثرها النفسي على سلوك السجناء، لكن السلبية فيها ما تحمله من مخاطر تمرير محظورات للمعتقلين في ظل ضعف الرقابة أو تواطؤ بعض موظفي السجن. تقارير إدارة السجون المغربية تفيد بإحالة عشرات الموظفين على القضاء بتهم تتراوح بين الفساد المالي وتسهيل فرار السجناء، لكن بعض موظفي السجون صرَّحوا (للجزيرة) أنهم يعملون في ظروف قاسية تتجاوز 16 ساعة يومياً، ويغامرون بحياتهم لأجل أجرة لا تتعدى في أحسن الأحوال 150 دولاراً.
محمد بوزوبع: أكيد، وأنا أعتبر بأنه أجور هؤلاء الحراس هزيلة وضئيلة جداً بالنسبة للمجهود الذي يبذلونه، وبالنسبة هم.. هم في الواقع هم كذلك يمكن يُعتبرون بأنهم نزلاء السجون، يعني هم كذلك في حكم المعتقلين، لأنهم يعيشون مع المعتقلين يعني في مآسيهم وظروف عيشهم، إذاً لابد كذلك من العناية بهم حتى لا يضطروا إلى أن يلتجئوا إلى أساليب من أجل يعني إضافة كسب إلى عيشهم.
إقبال إلهامي: لكن أسوأ الانتقادات الموجَّهة إلى إدارة السجون تتحدث عن انتشار مظاهر شاذة ليس بدءاً بالاغتصاب ولا انتهاءً بالشذوذ الجنسي.
عبد الرحيم الجامعي: الآن أصبح السجن قضية عمومية، قضية رأي عام، لم تعد قضية.. في إدارة السجن أو وزارة العدل، تعالجه بتخوف، أو تعالجه بسكوت أو بعدم مكاشفة حقيقية، السجن أصبح كأي مرفق من مرافق الدولة، عليه أن يتعامل بشفافية، يقول ها أنا ذا، ها هي وضعيتي، ها هي حالتي، ماذا أحتاج لأن أقوم بواجبي في مواجهة أكثر من 56 ألف سجين، فيلق كبير، جيش كبير من السجناء يوجد في أوضاع مرعبة، فلا يجب أن.. أن نترك الرعب يستمر أكثر مما هو عليه الحال الآن.
مصطفى مداح: الشذوذ الجنسي هو شذوذ ليس لصيق بالسجون في العالم، وإنما لصيق بالحياة اليومية للإنسان، ويختلف الشأن بالنسبة للملكة المغربية وباقي الدول الإسلامية والعربية عن تلك التي هي في أوروبا نظراً لثقافتنا وديننا الحنيف، فالشذوذ الجنسي حينما إن شخص مثلاً مصاب بشذوذ جنسي خارج السجن، فيدخل وهو مصاب بهذه.. بهذه الآفة، كما قلت أن ثقافتنا وتقاليدنا وديننا لا يسمح أن نطرح عليها السؤال، وكذلك تجعل هذا المرء أو هذا المعتقل يتستر على ما فيه.
إقبال إلهامي: برامج التعليم هذه التي تشرف عليها إحدى السجينات تعتبر من مفاخر المؤسسة السجنية، وهي ترمي إلى فك العزلة عن السجينات وإبعاد الاتهامات بإهمال السجناء.
سجينة مغربية 1: ساعدونا بالذات في القراءة، ساعدونا بالذات في القراءة، عرفنا شيء ما كنا عارفينه وإحنا كنا بره.
سجينة مغربية 2: لي 6 شهور في سلا، (..) يعني أربع شهور، ممكن.. قبل سنتين تعلمنا محو الأمية كملنا معاهم هنا، تعلمنا كيف القراءة والصنعة، بالذات في حوائج (…) اللي تعملناها هون.. طموحياتنا.. تصرف مزيانه معانا.
سجينة 3: خدم، أكثر خدم (….) تخدم.. هتشارك هي ديال.. تصادر ديال (…) وجيت السجن.
إقبال إلهامي: لكن إضافة إلى التعليم هناك ورش للخياطة والتطريز يُعرض إنتاجها في معارض تقام لنزلاء السجون، ويصرف محصولها المادي عليهم.
فضيلة فضول (نزيلة في سجن سلا – مصرفية سابقة): تنفق هذه صباح، ونقوم بفطور ديالي، يجينا خدم، تمشي عبر مدينة 12 وقت يعني يكون نص الليل ديا، وجيه الأكل ديالي، كل كان يجينا خدم في الأشيا، والليل كذلك تجد (…) ديالي (…) ما يمضوا وصل (….) كلها، ماشية ضايعة الحمد لله.
إقبال إلهامي: شعار التهذيب والتربية الذي ترفعه إدارة السجون المغربية، والذي تشترك فيه للمرة الأولى منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني أعطى ثماره في تأطير عشرات السجناء ضمن ورش للحرف المختلفة.
عبد الحق عواج (سجين مغربي): وإحنا قبل.. بنحاول نصلح أنفسنا ..، ولقينا هذه الفرصة أيضاً.. تكون يعني..
إقبال إلهامي: إبداعات وصناعات السجناء تباع في مزادات خاصة، ويتقاسم السجناء مع إدارة السجون أرباح الناتج بعد بيعه، ويتم من خلال ذلك تمويل مطبوعات وإصدارات حديثة العهد كُتَّابها من السجناء أنفسهم، والأهم في الأمر أنه للمرة الأولى تصدر نشرة تحكي عن واقع السجون، بينما كان الأمر سابقاً يقتصر على منظمات حقوق الإنسان.
عمر نشاط (سجين مغربي): الحكم أتحكم 25 سنة، وقضيت تقريباً تسع سنين هذه، وبقي عند الحبس بقي.. الحبس، وهو من الخدمات يعني خدم خدمة ديالي.. في الحبس شغلة.. صناعة ديالي لازال، بقي الحبس يعني، بقي عندي الحبس.
محمد بوزوبع: خلال هذه الخمس سنوات هناك 19700 سجين اللي هم يعني سجنوا في.. في أطوار التعليم ومنها الجامعي، حيث 739 اللي مسجلين الآن في التعليم الجامعي من هؤلاء النزلاء في السجون، وكذلك في إطار التكوين المهني 3150 عدد المسجلين.
إقبال إلهامي: لكن برامج التأهيل الطموحة تظل قطرة في بحر حين لا تشمل جميع سجون البلاد، وقد يكون أكثر ما يزعج المسؤولين في إدارة السجون التفسيرات المتفاوتة حول تزايد إضراب السجناء عن الطعام إلى أكثر من ثلاثمائة سنوياً، عدا عن معدَّل وفيات بين السجناء يصل إلى نحو 150 سنوياً، 7% منها ناجم عن الانتحار.
مصطفى مداح: 138 وفاة التي حصلت سنة 2001، عندما راجعنا الألف.. قارننا ما بين العدد الإجمالي الذي دخل السجون وهو حوالي 90 ألف نجد أنه يمثل تقريباً 1.44، وإذا ما يعني استقرأنا الرقم المتعلق بالوفيات على الصعيد الوطني نجد.. لوجدناه أنه 5.8 في الألف، في حين السجون تقريباً 1.55، وهذه الوفيات كلها أيضاً وفيات عادية.
إقبال إلهامي: لكن ما يطلبه نشطاء حقوق الإنسان الآن هو مراجعة السياسة الجنائية والبحث في تجارب دولية لاستبدال عقوبة سلب الحرية والسجن بإجراءات أكثر نجاعة ومنفعة تتوخى إصلاح السجين لا مجرد إنزال العقوبة به فقط.
قد يكون هذا السجن نموذجياً مقارنة مع السجون الأخرى، لكن ما ينقص ليس ظروف إيواء السجناء، وإنما ظروف اعتقالهم ومحاكمتهم والمدد التي أدينوا بها.
إقبال إلهامي -لبرنامج (مراسلو الجزيرة)- من داخل سجن سلا.
الجفاف في أستراليا وأضراره على الثروة الزراعية والحيوانية
محمد خير البوريني: حالة من الجفاف لم تشهدها أستراليا منذ أكثر من 50 عاماً، أضرار واسعة لحقت بثروتي البلاد الزراعية والحيوانية، لنشاهد معاً التقرير التالي الذي أعده من هناك صالح السقاف.
![]() |
تقرير/صالح السقاف: سهول جرداء، سنابل صفراء، سدود جفَّت مياهها، أشجار تموت واقفة، وأبقار تلهث وراء أعشاب جافة، مناظر لم تعهدها هذه البلاد منذ عقود.
جيف فايل (منسق شؤون الجفاف في وزارة الزراعة الأسترالية): انتشر الجفاف عبر معظم أستراليا، توينزلاند، نيوساوث ويلز، الجزء الشمالي من فيكتوريا، وجنوب أستراليا وغرب أستراليا، إنه انتشار واسع للجفاف في مناطق أستراليا، وهذا ما يجعله جفافاً غير عادي.
صالح السقاف: حالة الجفاف التي أصابت أستراليا قاربت على إنهاء عامها الأول، تعد الأسوأ منذ الأربعينيات من القرن الماضي، حيث أتلفت المحاصيل الزراعية، وجعلت من الصعب على المزارعين نقل قطعان ماشيتهم من مكان لآخر بحثاً عن الكلأ والماء نظراً لانخفاض مستوى المياه في سدود المزارع والأنهار.
ستيفن تيربارلي (صاحب مزرعة أبقار): نقوم بتغذية الأبقار بالتبن والحشائش المجففة، وندفع الآن ثلاثة أضعاف ما كنا ندفعه عادة للتبن من هذه النوعية.
صالح السقاف: قطاعات واسعة من المزارعين تضرروا من جرَّاء استمرار انحباس الأمطار، حيث ارتفعت تكاليف تهوية المواشي، وزادت النفقات الجارية في المزارع مما أثقل كاهل المزارعين، وباتوا غير قادرين على تغطية نفقاتهم، وتسديد قروضهم المصرفية.
أماندا شوفيلد (صاحبة مزرعة أبقار): لقد تأثرنا بالجفاف من عدة نواحي، سنتأثر به هذا العام، وسنتأثر به للأعوام الخمسة القادمة، لأن الأمطار لم تهطل منذ مدة طويلة في ولاية نيوساوث ويلز، وليس هناك من محاصيل لتتغذى عليها قطعان الماشية، هذه المشكلة لن يتم التغلُّب عليها هذه السنة على الأغلب، حتى وإن هطلت الأمطار فإن مصاريف إطعام الأبقار ستستمر في التصاعد حتى نهاية العام المقبل، مما سيجعلنا عاجزين عن تنفيذ العديد من المشاريع، وأيضاً تسديد الديون، كما لن نتمكن من تحقيق أية أرباح لهذا العام.
بريت شوفيلد (صاحب مزرعة أبقار): لقد مُنيت شخصياً بخسارة كبيرة، فنحن عائلة شابة وارتفعت مصاريفنا، وبالنسبة لعملنا فقد ارتفعت نفقات الإنتاج بمعدل الضعف، لم أقم بعد بالتأكد من المبلغ، لكنه يعادل نسبة 22% من فوائد القروض المصرفية، ولا أعتقد أن هناك مصلحة تجارية في هذا البلد بإمكانها مواصلة العمل بهذه التكاليف المرتفعة.
صالح السقاف: استمرار حالة الجفاف انعكست سلباً على الاقتصاد الأسترالي، وخاصة في مجال الصادرات الزراعية ومنتجات الألبان، كما انعكست أيضاً على المواطنين الأستراليين، والذين بدءوا يشتكون من ارتفاع أسعار الخضار والفواكه والخبز والحبوب في بلد يعد من أهم المصدرين للمنتوجات الزراعية.
جيف فايل: حتى الآن لا يوجد تأثير ملحوظ، ولكننا سنشهد ارتفاعاً في أسعار المواشي، وخاصة الجيدة منها، إلا أن قطاع منتجات الألبان هو الأكثر تأثراً بسبب الارتفاع الحاد في النفقات.
صالح السقاف: مزارع الفواكه، والتي يدير اللبنانيون أغلبها لم تسلم أشجارها من ويلات الجفاف، حيث نفذ مخزون الأرض من المياه التي تغذي جذورها، فأنتجت ثماراً هزيلة تساقط أغلبها، كما جفت أغصانها وأوراقها.
رهيف الناهي (مزارع فاكهة أسترالي من أصل عربي): هلا مثل ما أنت شايف هون هذا كلاته هذا كرز قبل.. قبل ما يكبر ويوصل لحدود إن إحنا ممكن نقطفه، كيف صار هو هلا هو.. وهو صغير نشف ويبس، وما بقى عنده مي، الشجرة ماله ما بتعطيه مي، فيبس وصار ما بينفعشي.
صالح السقاف: ربما كان اللجوء إلى مياه الشرب إحدى الوسائل الممكنة لري هذه الأشجار والمحافظة على بقائها، لكنها وسيلة مكلفة، وثمة محاذير من استخدامها في ري الأشجار.
رهيف الناهي: هي.. هي الواقع نحن.. نحنا بنستعمل المياه اللي بنحصرها (…) هون، من شان نسقي منها الشجر، بس هايدي المياه نحنا بس بنستعملها للطوارئ، هي الحقيقة ما إنها صالحة، لأنه فيها كلورين، وفيها أشياء ثانية، فهي صالحة لإلنا، بس ما إنه صالحة للشجر، لأنه الشجر بده.. بده.. بده مياه مختلفة، ما بترويه إلا مياه المطر.
صالح السقاف: تفاقم خطر الجفاف دفع الحكومة الأسترالية باتخاذ سلسلة من الإجراءات والبرامج لمساعدة المزارعين المتضررين الذين بدءوا هجرة أراضيهم.
جيف فايل: على مستوى الولايات لدينا حوالي ثلاثين برنامج مساعدة، تتراوح بين مساعدة المزارعين في نقل قطعانهم إلى مناطقهم أو إلى أسواق بيع المواشي، كذلك مساعدتهم في دفع 50% من قيمة مصاريف نقل الأعلاف والمياه، هذه المواصلات مدعومة بنسبة 50%، أما على مستوى الحكومة الفيدرالية، فهناك برنامج الحالات الاستثنائية حيث يطبق هذا البرنامج لمرة واحدة على مزارعي المناطق التي تضررت بنسبة أكثر من 5%.
صالح السقاف: هذه الأشجار قاومت عوامل الطبيعة القاسية في أستراليا لآلاف السنين، لكنها لم تتعرض لأخطار الفناء الذي يتهددها، وهي واقفة.
ستيفن تيربارلي: لأن هذا الجفاف يعد الأسوأ منذ مائة عام، هذه الحالة جعلت معظم الأشجار البرية تمتص جذورها رطوبة الأرض للبقاء بدلاً من دفعها إلى الأغصان.
صالح السقاف: ونظراً لشح المياه في أغلبية مناطق أستراليا اتخذت حكومات الولايات سلسلة من الإجراءات لتقنين استخدام مياه الشرب في المنازل في المدن المكتظة بالسكان.
إحباط ويأس يسيطر على المزارعين هنا في أستراليا بسبب استمرار حالة الجفاف، وفي انتظار تساقط حبات المطر يبقى المزارعون هنا كالمستجير من الرمضاء بالنار.
صالح السقاف – برنامج (مراسلو الجزيرة) – سيدني – أستراليا.
[فاصل إعلاني]
محمد خير البوريني: ونعرض مشاهدينا في سياق هذه الحلقة مجموعة من رسائلكم.
المشاهد العراقي خالد الكربولي، وهو مهندس يقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، بعث إلى البرنامج يطلب تقريراً حول مدينة عانة أو مدينة أناة باللغة السومارية، حسب ما ورد في الرسالة، ويقول إن بناء أحد السدود أدى إلى غرق تلك المدينة الأثرية في بداية أعوام الثمانينات من القرن الماضي، ويقول: كان فيها أطول نخلة في العراق، كما أنها اشتُهرت بمآذنها التاريخية الثمانية، التي كانت في داخل قلعة حصينة وسط نهر الفرات، وقد تم قص تلك المآذن ونقلها إلى مدينة عانة الجديدة. أما الطلب الآخر، فهو أن يقوم البرنامج بزيارة محافظة الأنبار على الحدود العراقية السورية ومنطقة القائم تحديداً، حيث موسم الكمأ في الشتاء، الكمأ الذي يصبح مورد رزق للكثيرين في شتى أماكن العراق، كما يطلب إلقاء الضوء على القذائف والألغام الأرضية التي ألقتها القوات الأميركية في حرب الخليج الثانية، وأودت بحياة كثيرين من الأهل والأقارب.
أما بالنسبة للمقترح أو الطلب الأول فسوف نحاول تسليط الضوء على تلك المدينة الغارقة، ولكن بعد بحث ما يمكن تصويره من بقاياها إذا كان هناك من بقايا، وإذا لم يكن فلماذا نبحث إذاً؟ وقد نعتذر لك حينها عن ذلك، أما موضوع الألغام.. الألغام الأرضية والقذائف غير المنفلقة التي تودي بحياة كثيرين من العراقيين فنجيب بأنا قمنا سابقاً بعرض موضوع مفصَّل بهذا الشأن، وربما نتمكن من عرض موضوع آخر في وقت آخر، أما موسم الكمأ، فسوف نحاول عرض موضوع بشأنه، ولاشك أن هذا الموسم هو موسم خير يمن الله به على الفقراء وغير الفقراء من عباده بثمار طيبة تخرج من تحت تراب الأرض.
ومن اليمن بعث إبراهيم سالم أحمد باشواعر، يطلب إعداد موضوع حول تاريخ هجرة اليمنيين الحضارمة إلى بلاد الهند، نقول للمشاهد: لا يمكن في الوقت الراهن إعداد موضوعٍ بهذا الشأن لأسباب مختلفة، ولكن إذا سنحت الفرصة فإننا سوف نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار في أقرب وقت ممكن.
والمشاهد الفلسطيني عبد الرحمن الرقب بعث إلى البرنامج يطلب فتح ملف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين لدى الاحتلال الإسرائيلي وما يتعرضون له من تجويع وضرب ومهانة ومحاولات إذلال.
نؤكد للمشاهد الكريم أننا عرضنا مؤخراً تقريراً مطولاً ومفصلاً بهذا الشأن أعدته الزميلة شيرين أبو عاقلة، نرجو أن تتابع البرنامج بشكل أفضل كي لا تخسر مشاهدة العديد من الموضوعات المماثلة.
وهذه رسالة من المشاهدة يارا، تطلب يارا من البرنامج عرض موضوع يتحدث عن المسلمين في كشمير، لقد سبق وعرضنا موضوعاً عن المسلمين في كشمير، ولكننا لا نستطيع الآن عرض موضوع آخر بسبب رفض السلطات الهندية لمثل هذه التغطيات بشدة، لأسباب وربما حساسيات تعود لتلك السلطات، عندما تتاح لنا الفرصة سنكون سبَّاقين إلى عرض موضوعات عديدة من كشمير ومن مناطق أخرى في الهند.
والمشاهد محفوظ فتُّو من المغرب يطلب مجدداً تقريراً يتحدث عن الظروف المعيشية والصحية للسجناء الموجودين في السجون المغربية والمناطق الصحراوية لدى البوليساريو.
شكراً للمشاهد، وقد عرضنا موضوعاً مطولاً عن ظروف السجون المغربية، كما شاهدتها في بداية هذه الحلقة، حيث كنا بصدد إعداده خلال الفترة الماضية، ونحن بانتظار الفرصة المناسبة لطرح الموضوع الثاني حول الأسرى لدى البوليساريو، والفكرة موجودة لدينا بناء على طلبات سابقة من المشاهدين.
ومن جمهورية جيبوتي أرسل المشاهد حسيم حسن معروف إسماعيل، أرسل رسالة جاء فيها: لماذا يرى المواطن الجيبوتي بأنه مهمل كعربي، وأنه مغيَّب تماماً، ولا يحظى بأي ذكر من قبلكم؟ ويسأل: أَوَ ليست جيبوتي قطعة من الوطن العربي الغالي تتمتع بعادات حميدة وتقاليد تميزها عن غيرها من الدول، ويتابع السؤال: لماذا لا تسلطون الضوء من خلال جولة ميدانية على شارعنا الجيبوتي الحر الغيور على دينه ووطنه تجاه ما يعانيه الإخوة الأعزاء في فلسطين الغالية وفي العراق وغيرها من دول العالم الإسلامي، ولماذا لا تتلمسون شعورنا الصادق ووجهة نظرنا تجاه هذه القضية الهامة بالنسبة لنا؟ ويقصد فلسطين، ويقول: إننا لا نستطيع إخفاء تلك المشاعر لو كان دمنا هو الثمن.
نشكر المشاهد على كل ما ورد في رسالته، وسوف ترى موضوعات من جيبوتي في أقرب فرصة ممكنة، ونرجو أن تنال رضاك وإعجابك وإعجاب السادة المشاهدين.
مشاهدينا الكرام، نكتفي بهذا القدر من الردود على رسائلكم، ونتابع معكم البرنامج.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد ربع قرن من قيامها
يجمع المراقبون أن الجيل الحالي من أبناء الإيرانيين يختلف عن الجيل السابق الذي حمل عبء الثورة ولواء التغيير في البلاد، كما يرون أن السلطات المعنية نزلت عند بعض رغبات الجيل الحالي، وسمحت بجزء مما كان محظوراً حتى وقت قريب، وأنها باتت أقلَّ تشدداً حسب قولهم من الحقبة التي رافقت وتلت حقبة قيام الثورة. التغيرات تشمل الداخل والخارج، أما ما يتعلق بالخارج فهو أن طروحات الانفتاح والعلاقات مع الولايات المتحدة باتت علنية بعد أن كانت من المحرمات، ولطالما وصف مرشد الجمهورية الإيرانية والأب الروحي للثورة الإسلامية آية الله الخوميني الولايات المتحدة بالشيطان الأكبر، وعدو الأمم والشعوب، لكن وفي المقابل يقلل آخرون من شأن ما يبدو تغيراً على الساحة الإيرانية، ويرى غيرهم أن المرحلة السابقة شهدت فشلاً في مخاطبة جيل الشباب الحالي والتعامل مع أفكاره. محمد حسن البحراني حاول قراءة واقع الحال في إيران، وأعد التقرير التالي.
![]() |
تقرير/ محمد حسن البحراني: قد يكون أكثر الأوصاف دقة وواقعية لجيل الشباب الإيراني أنه لم يعد ينظر للحياة بما تشتمل عليه مفرداتها باللونين الأسود أو الأبيض، كما كان عليه حال الجيل السابق الذي تحمَّل مسؤولية التغيير السياسي في بلاده، وعايش ظروف الحرب والثورة، وأصغى لما كان يوجهه الإمام الخوميني من خطابات حماسية ودعوات للجهاد والاستشهاد، من يتجول في شوارع طهران ومنتدياتها العامة لساعات قليلة سيلمس حجم التغيير الذي طرأ على نمط حياة البعض من شريحة الشباب في السنوات العشر الأخيرة نتيجة تغير الظروف والرموز والأولويات، إضافة إلى استمرار انشغال جناحي الحكم الإصلاحي والمحافظ بتسجيل المواقف ضد بعضهما.
مواطن إيراني: الأمر لم يعد كالماضي، كانت هناك أقوال وأعمال، أما ما هو مطروح الآن حول القيم والمبادئ والعدالة، فهي مجرد شعارات وكلام ليس إلا.
مواطنة إيرانية 1: لم يفعلوا شيئاً للشعب، لذلك لم نعد نثق بما يقال من شعارات ثورية.
محمد حسن البحراني: ولأن اهتمامات الشباب باتت متعددة، فقد أصبح من المشاهد المألوفة في طهران رؤية الجنسين من البنين والبنات وهم يتجولون مع بعضهما في الحدائق العامة أو مشهد قاعات السينما والمسرح، وهي مكتظة بروادها من أبناء الجيل الجديد، الباحث عن التغيير في نمط حياته الخاصة وقضاء بعض الوقت لمتابعة عرض سينمائي أو مسرحي.
وربما لا يستقيم أي حديث عن التحول الذي.. الذي طرأ على حياة الجيل الإيراني الجديد دون تناول قضية المرأة والحجاب، إذ تباينت النظرة إليه، وبدأت نسبة مهمة من الشريحة النسوية تفضل ارتداء حجاب آخر غير الشادور.
مواطنة إيرانية 2: صحيح أن الحجاب يمنح المرأة وقاراً خاصاً، لكني أرى أن شرف المرأة لا يحدده الشادور وحده، وأنا بشكل عام لا أحبِّذ التبرج، لكنني لا أميل إلى ارتداء الحجاب المبالغ فيه أيضاً.
أعظم ناصري (نائب في البرلمان الإيراني): مادامت المرأة الإيرانية تدين بالإسلام فمن الطبيعي أن تلتزم بالحجاب كما جاء في الشريعة، طبعاً هناك من النساء من لا يتعاملن مع الحجاب من منطلق ديني، فيتساهلن فيه كما هو شأن إي إنسان مسلم يتساهل مع فرائض الصوم والصلاة.
محمد حسن البحراني: ولم يقتصر التغيير لدى البعض على رؤيته للداخل، إنما تجاوز ذلك ليشمل العلاقة مع الغرب وأميركا أيضاً هذه العلاقة التي كانت حتى وقت قريب تعد ضمن المحرمات في قاموس السياسة الإيرانية، لكنها باتت الآن ضمن المسائل القابلة للنقاش.
إسماعيل زادة (رئيس حزب الطهر – باك): العداء مع أميركا لا ينبغي أن يكون هو القاعدة في سياستنا الخارجية، ولابد من إعادة العلاقات معها ووضع حد للشعارات المتطرفة، وإذا كان لدينا مطالبات فعلينا طرحها على طاولة المحادثات بشكل علني وصريح.
محمد حسن البحراني: غير أن هناك من يرى أن الحديث عن تحول جذري في قناعات الشباب هو حديث مبالغ فيه، لأن الغالبية –كما يقول هؤلاء- تواصل حرصها على إظهار احترامها للقيم والتقاليد الدينية بدرجة لا تقل عن احترام جيل الآباء لها، ويعتقد العديد من أصحاب وجهة النظر هذه، ومنهم طلبة جامعة بأن التغيير الذي طرأ على أولويات بعض الشباب لا يعكس حقيقة الساحة الإيرانية، ويشدد هؤلاء على أن تمسك الأكثرية من أبناء الجيل الجديد بمبادئ الثورة الإسلامية وإرثها ورموزها الدينية ما يزال صلباً.
مواطن إيراني 2: من يريد معرفة مدى تمسك الشباب بمبادئ الثورة، فعليه أن يرى حجم مشاركتهم في المسيرات الحاشدة لإحياء يوم القدس العالمي وعيد الاستقلال، وحينها سيكتشف المرء أن ما يعبر عنه بعض المنافقين من آراء شاذة لا يمثل قناعة الأكثرية.
مواطن إيراني 3: مثلما صمد آباؤنا في جبهة الحرب، ودافعوا عن استقلالنا وحريتنا فإننا سنصمد بوجه محاولات الغزو الثقافي، ولن نتخلى عن قيمنا الإسلامية.
محمد حسن البحراني: وبغض النظر عمن بقي من الجيل الإيراني الجديد متمسكاً بمبادئ الثورة الإسلامية أو تنصَّل منها فإن بعض المهتمين بشؤون الشباب لا يخفي قلقه من احتمال اتساع المسافات في المستقبل بين الجيل الجديد ومفاهيم الثورة داعياً إلى مراجعة نقدية، والاستفادة من تجارب الماضي.
د. محمد صادق محفوظي (رئيس دائرة البحوث والمعارف الإسلامية في إيران): لابد أن نقر بأن هناك انفصالاً ذهنياً قد حصل بين شريحة من الشباب ومبادئ الثورة وشعاراتها، وهذا يعود إلى الفشل في مخاطبة هذه الشريحة، لذلك فإن على المسؤولين وطبقة النخبة في النظام مراجعة أساليبهم والتعامل بحكمة مع هموم الجيل الجديد للحيلولة دون اتساع هذه الفواصل.
محمد حسن البحراني: والحقيقة المهمة التي بدأ يقر بها المسؤولون الإيرانيون هي ضرورة مخاطبة الشباب بأساليب عصرية تنسجم مع قناعاتهم وحاجاتهم، وإلا فإن الهوة بين الجيلين القديم والجديد ستتزايد يوماً بعد آخر ومهما اختلفت الآراء حول نمط وأسباب التغيير الذي طرأ على قناعات أو أولويات الشباب الإيراني تبقى الحقيقة التي لا يختلف عليها المعنيون بالأمر هي أن مخاطبة هذا الجيل بلغة الجيل القديم لم تعد مجدية كثيراً في ظل الاستحقاقات التي بدأ يفرضها عالم القرن الحادي والعشرين.
محمد حسن البحراني – لبرنامج (مراسلو الجزيرة) – طهران.
محمد خير البوريني: إلى هنا مشاهدينا الكرام نأتي إلى نهاية هذه الحلقة من البرنامج.
يمكن لجميع متابعي البرنامج مشاهدة تفاصيل هذه الحلقة بالصوت والصورة والنص من خلال موقع (الجزيرة) على شبكة الإنترنت، كما يمكن مراسلة البرنامج عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: reporters@aljazeera.net
أو من خلال العنوان البريدي على صندوق بريد رقم: 23123 الدوحة – قطر. وكذلك من خلال الفاكس على رقم: 4860194.
في ختام هذه الحلقة هذه تحية من صبري الرماحي مخرج البرنامج، ومن فريق العمل، وهذه تحية أخرى مني.. محمد خير البوريني، إلى اللقاء.