مراسلو الجزيرة

مدونة الأسرة في المغرب، دار الإصلاح الأردنية

مدونة الأسرة في المغرب بين المرجعية الإسلامية ومقاصدها ومظاهر الحداثة والتغريب وبين إمكانيات التطبيق، دار في الأردن تحاول إصلاح ما يرتكبه بعض أفراد المجتمع من جرائم بحق أطفالهم تؤدي إلى إلحاق الأضرار بهم.

مقدم الحلقة:

محمد خير البوريني

ضيوف الحلقة:

أحمد الخمليش: مدير دار الحديث الحسنية
مصطفى الرميد: حزب العدالة والتنمية
هاله حماد: رئيسة مؤسسة نهر الأردن
روان إبراهيم: مديرة دار الأمان
مازن أسباسي: متخصص نفسي في دار الأمان
وآخرون

تاريخ الحلقة:

21/02/2004

– حقوق المرأة ومدونة الأسرة المغربية
– العنف ضد الأطفال في الأردن


undefinedمحمد خير البوريني: أهلا ومرحبا بكم مشاهدينا الكرام إلى هذه الحلقة الجديدة من مراسلو الجزيرة، نشاهد من المغرب قصة نتناول فيها مدونة المرأة التي أثارت جدلا واسعا ونرى الرأي القائل أنها محاولة لصنع توازن بين الرجل والمرأة في مسؤوليات إدارة شؤون الأسرة ورعاية مكوناتها بينما يراها البعض نوعا من النزوع التغريبي والرضوخ للضغوط الأميركية وأن المدونة سوف تُعقِد الأمور بشكل أكبر، وفي الأردن نلقي نظرة على دار لرعاية الأطفال الذين وقعوا ضحايا لجرائم يرتكبها الأباء والأمهات بحقهم الجرائم التي قد تؤدي إلى حرفهم عن الطريق السوي وتلقي بهم بعيدا عن الجو الأسري المفعم بالحنان والحنية والرعاية، أهلا بكم إلى أولى فقرات هذه الحلقة.

حقوق المرأة ومدونة الأسرة المغربية

مدونة الأسرة في المغرب البعض يراها خطوة متقدمة تعطي المرأة مكانتها الحقيقية في إطار الشريعة الإسلامية ويراها آخرون نوعا من التغريب والرضوخ للضغوط الأميركية ويؤكد البعض أن مشكلات المرأة لا تحلها القوانين وأن المدونة قد تعقد الأمر لأنها حالمة وقد لا تُطبَّق على أرض الواقع، تقرير عبد السلام رزاق.

[تقرير مسجل]

عبد السلام رزاق: كثيرات هنا النساء المغربيات اللواتي يجدن متعة خاصة في الانتماء للعهد الجديد طريقة لباسهن وحديثهن يؤكد أننا أمام تجربة نسائية وجدت نفسها في لحظة تقاطع بين أطياف الحداثة وأصالة المواطن المغربي البسيط، بين الفينة والأخرى يتنسمن نفحات الانفتاح السياسي المسجل خلال السنوات الثلاث الماضية لكن ما أن يعود الحديث إلى العقود الخوالي حتى تتكدر لحظات الصفو الأولى وتحل محلها غمائم الحزن الكاسر، حكايات منال وحسناء ربما لا تختلف كثيرا عن النساء المغربيات اللواتي وجدن أنفسهن إما تحت رحمة رجل مزواج مطلاق أو آخر متعنس لا يعرف للرباط المقدس أي معاني أو دلالات، بعد ما ضاقت بهن الحيل ولم يستطعن الظفر بحياة كريمة والانفكاك من أسر الواقع الأليم وجدن أنفسهن في الطريق إلى مركز نجدة النساء المغربيات هناك على الأقل حيث الآذان صاغية.

منال – مواطنة مغربية: الهجر والإهمال والنفقة الثلاثة ومشكلتي أنه ديه اللي اسمه شو وفلوسي اللي خسرتها عليه بلاش اللي اتصدروا في الخارج قالت له فلوس يصبح يسيب لها فلوس قالت فلوس قال عندك (كلام غير مفهوم) كلهم مخرجون ايش لون وافقت اتصدرت خارج الدار لا سبت لا فلوس ولا رجل ولا حاجة.

حسناء – مواطنة مغربية : تحملت أنا المصائب كلها اتحملتها كل ما اقترفت شيء منها الحين يهدينا وعندك هناك ولا يفضون عليك عندك الأوكسيد ما عندييش حاجة افضي ما نقصت حمدت الله ما انخرطت في حمدت الله ما اتهانت ما واكل مو واكلة زين حمدت الله وما هي مثلي فرحانة مع رجلي بحمد الله وكاكو صارت ما أمشي في الغمشي (كلام غير مفهوم).

عبد السلام رزاق: مشاهد العنف الجسدي والنفسي الممارس ضد النساء وتعدد حالات الزواج وارتفاع معدلات الطلاق وضياع الأطفال كل هذه القضايا مجتمعة شكلت وما تزال صورا يومية تعرضها الجمعيات النسائية الإسلامية أو المحسوبة على التيار العلماني, ولسان الحال كان وما يزال يقول إلى متى يمكن الحديث عن مجتمع مغربي عادل يقوم على المساواة؟

أحمد الخمليش – مدير دار الحديث الحسنية: هذا هو المشكل مشكلة ثقافة لأن النص القانوني بمفرده لا يمكن أن يغير الواقع الاجتماعي دفعة واحدة ولكن في نفس الوقت ينبغي أن يكون منارة لتغيير تلك الثقافة الاجتماعية فإذا كان الثقافة السائدة أن هذه المساواة تشكل نشوزا ففي اعتقادي مع البحث عن تعميق ثقافة المساواة ومع الوسائل الأخرى وبالأخص وسائل التعليم ووسائل التواصل مع الوقت سنصل إلى أن المساواة هو مبدأ أساسي إسلامي.

عبد السلام رزاق: ولأن الجمعيات النسائية المغربية بأطيافها كافة لم تقف مكتوفة الأيدي أمام ظواهر كهذه فقد عرف المغرب خلال العقود الفائتة سجالا سياسيا وفقهيا أمتد لأزيد من ثلاثة عقود كاملة حول تعديل قانون الأحوال الشخصية وخاصة منه ما تعلق ببنود الزواج والطلاق ووصاية الرجل على المرأة لكن يبدو أن هذا السجال نحى منحى سياسيا أكثر من اللازم إلى أن تدخلت الإرادة الملكية وحسمت الأمور بدعوة البرلمان للمصادقة على قانون جديد للأسرة يتضمن النقاط الخلافية السابقة بين الجمعيات ويضيف إليها أشياء جديدة وهو ما خلف ارتياحا لدى كافة الفرقاء السياسيين.

فاطمة بلمقدم – حزب الاتحاد الاشتراكي: نحن مرتاحون لما تم التصريح به الآن سواء على مستوى البند الأول من المدونة الذي يقر بأن الأسرة هي تحت رعاية الزوجين معا وهذا في حد ذاته يعني تقدم كبير لأنه يجعل المرأة.. الزوج والزوجة على قدم المساواة فيما يخص تحملات العائلية فيما يخص المسؤولية ويعطي للمرأة مكانتها الحقيقية داخل الأسرة.

مصطفى الرميد – حزب العدالة والتنمية: هذه المقترحات هي مقترحات إيجابية تستجيب لجميع الاقتراحات التي كانت تنحو منحى إيجابيا وبالطبع لا يمكن لنا إلا أن ننخرط في الموقف المؤيد الذي يخدم المرأة في إطار أحكام الشريعة ومقاصدها.

عبد السلام رزاق: حالات الإجماع المسجلة هذه عرفت استثناء واحدا تمثل في جماعة العدل والإحسان المحظورة التي رأت في المبادرة مجرد استجابة مباشرة للضغوط الأميركية على المغرب من أجل الانتصار للقيم الغربية في المجتمع المغربي على حساب الهوية الإسلامية المتجدرة على مدى أكثر من ثلاثة عشر قرنا بل إن الجماعة ذهبت أكثر من ذلك لتشكك في وجود وصدقية الجمعيات النسائية.

نادية ياسين – جماعة العدل والإحسان: نحن على كل حال من المتفرجين لقد بقي المخزي في إطار المذهب المالكي لم يخرج حتى على المذهب المالكي فليس في هذا الأمر ما يسؤونا غير أننا جد متحفظين في إنزال هذه القوانين الواقع لا نظن أن هذه القوانين ستحل مشكلة المرأة بل ستعقدها أكثر لأنها حالمة بشكل مطلق.

عبد السلام رزاق: ومن موقع يكاد يكون مختلفا عن النقاشات السياسية الدائرة استطاعت السيدة لطيفة أخرباش أن تقدم جوابا شافيا لما تمر به الساحة النسائية بالمغرب فبعد حصولها على شهادات علمية في فرنسا استطاعت أن تنحت لنفسها موقعا صلبا كأول مديرة لأكبر مؤسسة إعلامية في المغرب وتنال اعتراف الصحافة الدولية كواحدة من أهم النساء اللواتي فرضن أنفسهن في مجتمع مطبوع بثقافة وقيم الذكورة من خلال تقديم تصور خاص للممارسة السياسية والنضال النسائي.

لطيفة أخرباش – مديرة المعهد العالي للإعلام والاتصال: أحسن خدمة سياسية نوصلها للمجتمع هي أن نصبح عناصر مساهمة أن نكون منخرطين في حركية المجتمع وأقول بأن أقصى شيء يمكن أن يحصل في مجتمع ما هو أن يصبح المواطن على الهامش بعيدا عن المجتمع السياسي.

عبد السلام رزاق: وقد سُجِلت حالة استنفار واسعة النطاق وسط الجمعيات النسائية التي شرعت في حملات إعلامية لتعميم وتبسيط المقتضيات الجديدة في مشروع مدونة الأسرة الجديدة وإن ظل التركيز منصبا على قضايا الولاية على اعتبار أن القوانين السابقة كانت تنظر للمرأة باعتبارها كيانا قاصرا ملزما بطاعة الزوج مقابل الإنفاق.

ليلى الرحيوي – مركز النسيج الجمعوي لحماية المرأة: إذا طبق نص اسمه شو واتبع هذه الفلسفة التي يجيء بها اللي هي مبدأ احترام حقوقها، حقوق الأسرة حقوق الطفل والمرأة وحمايتها من الظلم الذي تعيشه من خلال سلطة الرجل في حل العلاقة الزوجية إذا اتبعنا هذا المبدأ أظن أنه سنعطي أهمية كبرى للعلاقة الزوجية ويبدأ الرجل والمرأة يفكران وهو بالأخص الرجل يفكر ثلاث أربع خمسة ست سبع مرات قبل أن يجيء اسمه شو بقرار حل العلاقة الزوجية وتأسفه حل هذا القرار هو لوحده.

عبد السلام رزاق: وقد تضمنت المدونة الجديدة بنودا بدت لجميع المراقبين متقدمة جدا لأنها تقدم تصورا جديدا للأسرة التي أضحت تحت رعاية الزوجين معا مما قد يفتح النقاش على مصراعيه حول مسألة القوامة في الشريعة الإسلامية كما أن مسألة ولاية الرجل في الزواج أضحت لاغية بالنسبة للمرأة الرشيدة وإن ظلت المسألة قائمة بالنسبة للفتاة القاصر.

نزهة العلوي – محامية في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب: بالنسبة للولاية في الزواج يعني أصبحت البنت الرشيدة مثلها مثل الفتى الراشد يزوجان أنفسهما بدون حاجة إلى ولي إلا إذا اختارت البنت الرشيدة غير ذلك بمعنى أنه وضعت لها إمكانية الاختيار يمكن أن تختار والدها وأن تختار غيره من أقارب ليزوجها كذلك بالنسبة لسن الزواج كان سن الزواج سابقا 15 سنة بالنسبة للبنت و13 سنة بالنسبة للفتى في حين أصبح الآن سن الزواج موحدا وهو 18 سنة وأعتقد إنه في هذه النقطة بالذات هناك بعد نظر لأن هناك محاولة توحيد المركز القانوني للفتى والفتاة.

عبد السلام رزاق: ورغم أن مسألة تعدد الزوجات في المغرب لا تتجاوز 5% فقد اعتبرها الكثيرون من أهم النقاط الشائكة حيث ينص القانون الجديد على ألا تتم عملية التعدد إلا بعد رضا الزوجة الأولى وهو ما زاد من مخاوف التيار الإسلامي من السقوط بصورة هادئة في نزعة تغريبية على شاكلة التجربة التونسية وذلك بالرغم من أن الإحصائيات تؤكد وجود 35% من النساء المغربيات اللائى يحملن شهادات عليا نصفهن عازفات عن الزواج أو لم يجدن الزوج المناسب.

نزهة العلوي: أعتقد بأنه التعديلة التي رأيناها الآن في المدونة لم تخرج عن سياق الشريعة الإسلامية ومقاصد الشريعة الإسلامية بالعكس ذهبت إلى عمق الشريعة الإسلامية بما فيها هذه المبادئ التي أشرت إليها إذاً إذا حاولنا أن ننصف المرأة ونكرم الرجل ونكرم الأطفال وننصف الجميع أعتقد أن هذا ليس فيه أي مساس بالشريعة الإسلامية بل بالعكس هو غاية الشريعة الإسلامية ومقصدها.

عبد السلام رزاق: ويحلو للكثيرين القول بأن ميزة القانون الجديد هو أنه ضم القضايا الكبرى للمرأة المعضلة الأكبر للأسرة المغربية التي تعيش حالة من التوزع بين مرجعية الإسلامية ومظهرية الحداثة وأن هذه الأسرة أضحت بحاجة إلى رؤية دينية وثقافية مخالفة لما هو سائد بل وقادرة على طرح البدائل بطريقة لا تثير حفيظة لا هاتي الجهة ولا تلك وهو ما تحقق فعلا.

عبد السلام بلاجي – عضو جمعية الإصلاح والتجديد الإسلامية: الإصلاحات الجديدة في مدونة أسرة لم تخرج عن هذا الإطار فأخذت بالقرآن والسُنة ورأيتم أن جميع التعديلات التي قدمها جلالة الملك أمام البرلمان قدمها مستندة إلى أصولها التشريعية من قرآن وسنة واجتهاد وإلى غير ذلك، في المسألة الثانية مسألة الاجتهاد ويدخل ضمنه العرف والمصالح المرسلة هنا نُدخِل يمكن أن ندخل الاتفاقيات الدولية التي أبرمها المغرب وصادق عليها فهي أصبحت جزءا من العرف والمصالح المرسلة التي أخذها المغرب بعين الاعتبار وبطبيعة الحال ما يتنافى مع مرجعيته التي نص عليها الدستور يتحفظوا عليها.

عبد السلام رزاق: ومع ذلك تبقى المخاوف قائمة في حالات الطلاق التي تضج بها المحاكم الشرعية والمدنية المغربية قد تزداد وتيرتها مع تنفيذ القانون الجديد لا سيما في ظل تراجع معدلات الدخل الفردي للمواطن إلى جانب سيادة الثقافة التقليدية في المجتمع وانتشار الأمية بين النساء، ربما كانت مطالب الحركات النسائية في المغرب كثيرة ومتعددة وربما أيضا تكون مدونة الأحوال الشخصية في صيغتها الحالية قد استجابت لبعض هذه المطالب ومع ذلك يبقى الرهان معلقا حول مجتمع مغربي ديمقراطي حدثي لا مكانة فيه للفوارق الاجتماعية أو الجنسية، عبد السلام رزاق لبرنامج مراسلو الجزيرة، الرباط.

[فاصل إعلاني]

العنف ضد الأطفال في الأردن

محمد خير البوريني: كم هي بريئة عيون الأطفال لكن هذه البراءة قد تضل طريقها إلى الشوارع ومرابع العنف لتخبو وتموت وتجرفها قسوة الحياة، في الأردن محاولة قد تكون الأولى من نوعها في المنطقة بدأت بتأسيس دار تعنى بإعادة شيء من بريق البراءة إلى عيون الأطفال، تقرير عثمان البتيري.

[تقرير مسجل]

عثمان البتيري: العنف ضد الأطفال ظاهرة بدأت تطفو على السطح في المجتمع الأردني بما تحمله من تأثيرات سلبية ومخاطر تهدد مستقبل كثير من الأطفال الذين يُنتظَّر منهم أن يكونوا الدعامة الأساسية للمجتمع، الظاهرة لا تزال في مهدها كما يؤكد المتخصصون لكنها تظل من البشاعة والقسوة بحيث أنها تستدعي دق ناقوس الخطر إذ تتحول الأيدي المفترض أن تكون مصدرا للحنان والعطف والحب للأطفال إلى أيادي تزرع الرعب والألم والحزن في قلوب الكثير منهم.

دكتورة هالة حماد – رئيسة مؤسسة نهر الأردن: من دراستنا للحالات اللي بنشوفها وبنشتغل معها والحالات اللي بنشتغل إما على معالجتها أو الوقاية بنشتغل معها على الوقاية لاقينا إنه الحجم صغير لكن قادر وقابل على النمو هذه من ناحية، إحنا بنفرق بين العنف اللي إحنا بنتعامل معه في دار الأمان وبين التربية القاسية اللي بنتعامل معها عموما في الوقاية في برامج الوقاية تبعتنا علشان نخلي التربية القاسية تخف حدة قسوتها وتقل وتختفي من قِبَّل الأهالي اللي بيحبوا ولادهم عادة.

عثمان البتيري: هذا الحرص تم ترجمته إلى دار فريدة من نوعها في المنطقة العربية اعتمدت ضم الأطفال الذين تعرضوا للإساءة من قبل ذويهم في مجموعات هي أقرب للأسر مع وجود مربية مُؤهلَّة تقوم بدور الأم لهؤلاء الأطفال.

روان إبراهيم – مديرة دار الأمان: دار الأمان هو المركز الوحيد اللي بالأردن وبالوطن العربي اللي بيقدم خدمات لإعادة تأهيل الأطفال المُساء إليهم من كافة أنواع الإساءات وبيعيد تأهيل الأسر،أو الأسر البديلة، بيشمل طبعا خدمات أساسية صحية تعليمية وطبعا الخدمات النفسية اللي بتكون ضمن جلسات فردية على نظام معين وجلسات ضمن مجموعات وضمن كمان الجلسات لإعادة تأهيل الأسر بيكون الطفل أو الطفلة مع أسرتهم.

عثمان البتيري: الأطفال يمارسون هنا حياتهم الطبيعية بكل تفاصيلها البسيطة التي افتقدوها في منازلهم وعند ذويهم مما يشعرهم بأنهم يعيشون حياة طبيعية لا تختلف عن بقية الأطفال وهو أمر تراه إدارة الدار ضروريا من أجل إعادة الثقة إليهم مما يسرع في عمليات علاجهم من إساءات جسدية ونفسية وحتى جنسية.

روان إبراهيم: تجينا نحن جميع حالات الإساءة تجينا جنسية بأنواعها تجينا الإساءة الجسدية المبرحة جدا بيجينا إهمال كمان شديد من جميع النواحي من نواحي طبية من نواحي صحية من نواحي تنموية للطفل فيه عندنا أولاد بيجونا بيكونوا مكويين كوي فيه عندنا فتيات بيكون اغتصاب تام فيه عندنا حتى أولاد صغار يعني خمس ست سنين كمان اغتصاب.

عثمان البتيري: ولعل الدور الذي تلعبه المربية الأم هو الأصعب والأهم حيث تحاول بث جو من الحنان والحب الأمومي في قلوب الأطفال إضافة إلى متابعتها اليومية لكل شؤون حياتهم ورعايتهم وهي مهمة يؤكد المتخصصون أنها غاية في الصعوبة نظرا للاضطرابات النفسية التي يعاني منها هؤلاء الأطفال، الأطفال يصلون إلى دار الأمان للإقامة فيها ضمن فترات تتراوح بين عام وخمسة أعوام وفقا لقرار قضائي تصدره المحكمة بعد تأكدها من تعرض الأطفال إلى الإساءة من قبل ذويهم وقد دخل الدار منذ إنشائها قبل عدة سنوات تسعون طفلا تم علاج ستة وستين منهم حتى الآن في حين لا يزال الآخرون يتلقون العلاج، خطة العلاج وإعادة تأهيل الأطفال تبدأ منذ لحظة دخولهم الدار وتحت إشراف طاقم من المتخصصين النفسيين الذين يحددون مدى خطورة الضرر النفسي الذي تعرض له الطفل بسبب الإساءة ونوع العلاج الذي يحتاجه ولا تقتصر عملية إعادة التأهيل على الطفل فحسب لكنها تشمل ذويه الذين أساؤوا إليه مما يضمن حصول الطفل على بيئة آمنة بعد خروجه من الدار.

مازن أسباسي – متخصص نفسي في الدار: دور المعالجات الفردية خلينا نبلش للطفل هي بناء على التشخيص للطفل إيش الأعراض اللي عنده إياها، بنحط له خطة علاجية فردية وبيتعامل معها المعالج النفسي، بعد ما نوصل لمراحل متطورة من العلاج الفردي بنبلش ندمج الطفل ضمن مجموعات العلاج الجماعي اللي هي هاي المرحلة اللي بتسبق المرحلة الثالثة اللي هي عملية الدمج الأسرى (Ok) إذا شفنا إن الطفل وصل لمرحلة متطورة من العلاج ببنبلش بعلمية الدمج الأسرى.

عثمان البتيري: عمليات إعادة التأهيل قد تنجح في بعض الحالات كما في حالة هذه الطفلة التي دخلت الدار بعد تعرضها لإساءات شديدة أفقدتها معظم أنفها واحتاجت إلى أربع عمليات تجميل حتى الآن من أجل إنقاذ وجهها الصغير من التشوه، الوالد الذي يعول ثمانية عشر طفلا غير طفلته هذه يداوم باستمرار على زيارة أبنته ويشارك معها بجلسات العلاج النفسي مما أعاد بناء الثقة بينه وبين طفلته وهو يؤكد أنه أدرك مدى الخطأ الذي أرتكبه بحق طفلته وأنه ينتظر بفارغ الصبر لحظة عودتها إلى حضنه كما أنه يعتبر جلسات التوعية التي تلقاها على يد المتخصصين في الدار قد أفادته في طرق تربيته لأطفاله الآخرين.

والد الطفلة: الأب اللي غلط يمكن في حق بنته هاي بالتحديد طبعا غلط غير مقصود يعني فبتمنى يعني إني أحسن تربيتي في أولادي الباقيين ويمكن أنا إتعلمت الصحيح يعني في وجود بنتي هون إتعلمت كيف أعامل أولادي الباقيين.

عثمان البتيري: حالات أخرى لا تجد ناجحا لأسباب تعود إلى عدم تجاوب الأهل أو لكون الإساءات التي تعرض لها الطفل كانت من البشاعة والقسوة بحيث أنها قضت على أي فرصة لإحياء الثقة في قلب هذا الطفل.

روان إبراهيم: هلا عندنا طفلة حاليا الإساءة الجسدية مبرحة جدا وبعدين عرفنا إنه كمان إساءة جنسية من ابن عمها، الأب داخل طالع من السجن عنيف هو ومرته اللي هي مش أمها الحقيقية كانوا يعلقوها على الباب يعروها من ملابسها بالسكاكين يشطبوها بالبرابيش يضربوها يربطوها ويقعدوها ومن دون إخوانها هي لأنهم إخوانها من مِرات أبوها على حسب قولتها هي الخادمة كانت.

عثمان البتيري: مقابلة هذه الطفلة كان أمرا صعبا خوفا من إعادة الذكريات المؤلمة إلى مخيلتها وشعورها هي بالرعب والخوف من احتمال انتقام أهلها منها في حال رؤيتهم لها على الشاشة مما اضطررنا للاستعانة بالمعالج النفسي من أجل الحديث معها.

مازن أسباسي: بدي أسألك حبيبتي صار لك عندنا هون بالمركز بدار الأمان تسعة أشهر بهالفترة هاي كيف شعورك كان؟

الطفلة التي تعرضت لاعتداء والدها بالضرب: كثير منيح وأكثر إيشي يعني بحبه أنا إنه بيحمونا من أهالينا وبيوفرولنا كل شيء بنروح رحل وكثير بنفرح لما نروح الرحل ونلعب.

عثمان البتيري: ومع خروج الطفل من الدار وعودته إلى ذويه أو إلى الأسرة البديلة يستمر دور الدار بالتعاون مع وازرة التنمية الاجتماعية في مراقبة حالة الأسرة مع الطفل إلى حين التأكد من أنه ينعم بالأمن والحياة الطبيعية، لعل الأطفال هنا وجدوا دارا للأمان ويدا حانية تمسح على جروحهم التي خلفها واقع أسري صعب لكن ما هو مؤكد أن المشكلة أكبر بكثير من إمكانيات هذه الدار وأنه لابد من حل جذري يساهم المجتمع الأردني بأسره في تحقيقه من أجل حماية من نسميهم برجال الغد، عثمان البتيري، مراسلو الجزيرة، عمان.

محمد خير البوريني: إلى هنا نأتي مشاهدينا إلى نهاية هذه الحلقة من البرنامج، يمكن لجميع مشاهدي الكرام أن يتابعوا تفاصليها بالصوت والنص من خلال موقع الجزيرة على شبكة الإنترنت والصورة عند البث كما يمكن مراسلة البرنامج عبر البريد الإلكتروني reporters@aljazeera.net أو من خلال العنوان البريدي، في الختام هذه تحية من مخرج البرنامج صبري الرماحي وفريق العمل وتحية أخرى مني محمد خير البوريني إلى اللقاء.