السودانيون في لبنان، تخليد الشخصيات الوطنية في مصر
مقدم الحلقة: | محمد خير البوريني |
تاريخ الحلقة: | 28/02/2004 |
– معاناة السودانيين في لبنان
– تماثيل تخليد الرموز الوطنية في القاهرة
محمد خير البوريني: أهلا ومرحبا بكم مشاهدينا إلى حلقة جديدة من مراسلو الجزيرة، من لبنان نتناول قضية تتعلق بعدد كبير من المواطنين السودانيين العاملين هناك أو القادمين بهدف الهجرة أو العبور إلى دول أخرى ونرى كيف أن بعضهم يحملون مؤهلات علمية لكنهم يُضطرون لقبول العمل في مهن كانوا يرفضونها في بلدهم الأصل وكيف يتعرض قسم منهم للاعتقال والملاحقة لأسباب مختلفة ومن مصر نتحدث عن تخليد الرموز الوطنية من خلال تماثيل تقام في الساحات والميادين العامة كما نرى تباين وجهات النظر بشأن المعايير المتبعة في إقامة مثل هذه التماثيل ومحاولات البعض إسقاط الرؤى السياسية الخاصة التي تشيع في عالم اليوم على أدوار الرموز التي خلدتها التماثيل، أهلا بكم إلى أولى فقرات هذه الحلقة.
سودانيون في لبنان وصلوا بحثا عن فرص عمل أو بقصد العبور إلى دول أخرى يواجه هؤلاء ظروفا صعبة ويتعرض كثيرون منهم للملاحقة والاعتقال لأسباب مختلفة، تقرير بشرى عبد الصمد.
[تقرير مسجل]
معاناة السودانيين في لبنان
بشرى عبد الصمد: مهما سعوا للتقرب من المجتمع أملا في الاندماج به فهم مرفوضون، يعملون بأجور تقل عن الحد الأدنى أما من حيث الحقوق فحدث ولا حرج فغالبيتهم دخلت لبنان خلسة الأمر الذي جعلها عرضة للملاحقة والاستغلال، فتحي مثلا غادر عائلته في السودان إلى ليبيا عام 1993 حيث أنهى دراسته في الكمبيوتر والقانون وصل إلى لبنان قبل نحو عام ونصف العام أملا في تحسين ظروفه المادية قبل العودة للاستقرار في السودان لكن حلمه انتهى بانضمامه لصفوف العاطلين عن العمل.
فتحي– مواطن سوداني يعمل في لبنان: الواحد بيواجه إشكالية في الطريق في وجود عمل مناسب مثلا بيعطي الدخل الواحد اللي بيشعر إنه ها الدخل هو الكافي، أنا يعني بعد هون قعدت ها الفترة كنت بمشي ابحث إنه عن عمل أمشي عشوائيا أمشي مثلا أعرف مركز بتاع أوصاف أو كمبيوتر أو كذا أسأل فاكتشفت إنه هذه المهنة بالذات هون في لبنان يعني في إشكالية في إنك تشتغلها ممكن تشتغل أي شغل آخر قد يمكن نهاية العمل كل المهن أو.. فيها إشكالات إنه تحصل عن عمل.
بشرى عبد الصمد: فتحي ليس الوحيد الذي يواجه هذه المشكلة فقانون العمل اللبناني يقضي بعدم استخدام عمالة أجنبية إلا حسب حاجة السوق وهنا تنشأ مشكلة جديدة هي تحديد معنى عبارة حاجة السوق التي يبدو أنها لا تشمل غير مهن وأعمال يُحجم اللبنانيون عن العمل فيها.
رتيب صليبا – مدير عام بوزارة العمل اللبنانية: خلال السنوات الماضية ما وافقنا على دخول العميل الأجنبي إلى لبنان دي حتى تشتغل محل اليد العاملة اللبنانية يعني حاعطيكي مثل إذا في عندنا دباغات اللي بيشتغل بالدباغة أعمال وسخة وقذرة وكذا ما حد بيشتغلها اللبناني هون ممكن إنه يجيب كم هندي أو كذا منشان يشتغلوا بها.
بشرى عبد الصمد: وإذا كان لهذا الرأي ما يبرره في ظل ضائقة الاقتصادية والبطالة التي تمر بها البلاد فإن ذهنية التعامل مع العامل الأجنبي عموما لا تجد أحيانا ما يبررها فقانون العمل يعطي العامل الأجنبي الذي يُمنح إجازة عمل بعض الحقوق لكن الغالبية العظمى تعمل بطريقة غير شرعية.
رتيب صليبا: عم بيعمل عقد عمل مع رب العمل بيذكروا في عقد العمل شو الشروط اللي بدو على أساسه يتم الاستخدام، الشغله الثاني في عندنا مع عقد العمل بوليصة تأمين.. بوليصة تأمين بِتضمن طبابه التعويض عليه في حال تعرض لحادث نقل الرفات في حال الوفاة وإعطاء القسم المتبقي من المبالغ المتواجدة ببوليصة التأمين بيعطوا للورثة، هيك حتى نقدر نحافظ على وضعية العامل الأجنبي ويتعامل مثل ما بيتعامل اللبناني.
بشرى عبد الصمد: تتضارب المعلومات المتعلقة بأعداد السودانيين في لبنان ففيما تشير وزارة العمل إلى أن أعداد الحاصلين منهم على إجازة عمل للعام 2003 لا تتجاوز الستمائة وواحد إلا أن تقديرات الأعداد الإجمالية تفوق هذا الرقم بكثير. وجود أي أجنبي بطريقة غير شرعية أمر يعرض صاحبه للسجن مدة شهر حسب القانون لكن وفي حال عدم استطاعته دفع الكفالة قبل ترحيله فإن الشهر قد يتحول إلى سنة وهو أمر يتكرر مع السودانيين.
أحمد- مواطن سوداني يعمل في لبنان: في بعض المشاكل يعني السودانيين يكون يعني شغال معهاش مائتين دولار ولا هيك بأكل فول وبيشرب فول وكمان يتمشوه يودوه السجن ما يكون عنده مصاري، هاهنا نعمل التبرعات بعضنا كل السودانيين بدفتر ندفعله 650 تسويه عشان يطلع السوداني، بس في شيء واحد يعني السوداني بيحكموه بشهر إذا ما عنده أهل ما عنده أصدقاء بيقعد سنة سنتين في السجن هون.
بشرى عبد الصمد: حول هذه النقطة لم تجد وزارة الداخلية ما تقول عندما طلبنا إجراء مقابلة مع مسؤوليها لاستكمال بحث الموضوع كما رُفِض طلب تقدمنا به لزيارة السجن. كثير من السودانيين الذين يمرون عبر سوريا إلى لبنان يسعون للجوء إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في بيروت للحصول على بطاقة لاجئ لكن شروط القبول ليست يسيرة.
مصطفى الجمالي– مدير مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في لبنان: العمل الأول اللي نقوم به هو يعني التحقق من أنهم فعلا أنهم لاجؤون وتنطبق عليهم صفة لاجئ، إذا هم يعني طبعا تتوفر فيهم صفة اللجوء وهم بالفعل لاجؤون تقوم المفوضية بالعمل على مساعدتهم بعد تقييم حاجاتهم إلى المساعدة، عندنا خبراء كذلك يقوموا بهذا العمل وتتم مساعدتهم إما يعني غالبا ماديا مبلغ بسيط كل شهر يُحدد من قبل خبراء في هذا الميدان وإذا عندهم مثلا أطفال بنشوف كيف يمكن مساعدة هؤلاء الأطفال بالمدارس، إذا فيه مثلا مشاكل صحة إلى غير ذلك نقوم بهذا العمل.
بشرى عبد الصمد: في أيلول من عام 2003 وقع لبنان مذكرة تفهم مع المفوضية تقضي بمنح اللاجئ هوية مؤقتة كان ذلك جزءا من حل مؤقت يمهد لإيجاد حل من بين ثلاثة العودة الطوعية إلى السودان أو التوطين في بلد ثالث من بلدان الغرب أو الاندماج في المجتمع أمر يبدو متعذرا في الحالة اللبنانية، نافذة لأمل بالعودة ربما تكون قد فتحت من خلال المصالحة السودانية وبخاصة لمن تمكن من جمع بعض المال.
فتحي: ظروفي الاقتصادية ما بتسمح إنه أنا أرجع فين يعني لازم يكون أنا ظروفي على الأقل وسط نفترض إنه وسط إذا بدي أرجع المفروض تكون ظروفي وسط الآن ظروفي أقل يعني تحت مستوى الخط الأحمر.
بشرى عبد الصمد: لكن بقيت روايات كثيرة تُروى بعضها لا يقبله العقل وما ينطبق على العامل السوداني ينسحب على كل العمالة الأجنبية التي تسعى لتحسين ظروفها المعيشية في بلد خرج من حرب شرسة لكنه لم يخرج بعد من همومه الداخلية. بشرى عبد الصمد لبرنامج مراسلو الجزيرة، بيروت.
[فاصل إعلاني]
محمد خير البوريني: يحاول مصريون تخليد رموزهم الوطنية التي كان لها تأثير معين في تاريخ مصر، بعض هذه التماثيل ليست لمصريين ولكنها كانت تنسجم مع مرحلة معينة من تاريخ البلاد، تقرير حسين عبد الغني.
[تقرير مسجل]
تماثيل تخليد الرموز الوطنية في القاهرة
حسين عبد الغني: في ميدان أنيق بحي غاردن سيتي بالقاهرة يقف تمثال لمحارب عدد قليل من المصريين يعرفون أنه سيمون بوليبار محرر أميركا اللاتينية وعدد أقل يعرف أنه آخر تمثال أقيم في ميدان بالقاهرة منذ خمسين عامل تقريبا وقبل الموجة الأخيرة من تجميل ميادين العاصمة الكبيرة بسلسلة من تماثيل الرموز المصرية، فعلى مدى نصف قرن انقطعت الحكومات المصرية المتعاقبة عن إقامة تماثيل الميادين لاعتبارات عدة تتعلق إما بالتكلفة الباهظة لتلك التماثيل في وقت حولت فيه حكومات الثورة المصرية مواردها لمعارك التنمية وتحرير الأرض أو بسبب أعمال التطوير المتواصلة في الميادين مما جعلها عرضة للتوسع حينا والانكماش حينا آخر أو لسبب آخر هو الجدالات المتواصلة حول الشخصيات المرشحة للتكريم ومدى أحقيتها بذلك ولكنها مع ذلك تظل أسبابا غير مقنعة خاصة في البلد الذي اخترع قبل آلاف السنين فكرة تكريم رموزه وأبطاله في تماثيل تخلدهم.
محمد عبد الرحمن المر– كاتب وقاص: في مصر وأرجو ألا يفسر كلامي بالشفونية، البلد اللي بدأ الفن وبدأ الصرحية والتماثيل وتشكيل الحجر وأعطى الدنيا وأعطى الحضارة الإنسانية وأعطى الفن منتوج عظيم جدا لغاية النهارده يعني بنفخر به كمصريين.
حسين عبد الغني: عبرت مصر أخيرا ذلك الحاجز الزمني السميك الذي فصلها عن تكريم رموزها من زعماء وقادة عسكريين وكتاب ومفكرين وفنانين. تمثال الروائي نجيب محفوظ صاحب نوبل احتل ميدان سفنكس ووقف تمثال عميد الأدب العربي طه حسين أمام نيل الجيزة وقريبا منه تمثال أمير الشعراء أحمد شوقي وفي قلب القاهرة ارتفع تمثال الشهيد عبد المنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري في حرب الاستنزاف وعلى مرمى حجر أقيم تمثال الزعيم الوطني عمر مكرم الذي مثل إرادة المصريين الحرة في اختيار حاكم لهم قبل مائتي عام وظهر إلى النور أيضا تمثال كوكب الشرق أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب. استُقبِلت فكرة تكريم الرموز بالتماثيل بترحاب كبير من عامة الشعب والمثقفين على حد سواء ذلك أن انشغال الناس بأمور حياتهم اليومية كان قد أنساهم حتى مجرد التطلع إلى التماثيل القديمة في ميادين القاهرة وإلى درجة تعذر فيها على الكثيرين منهم معرفة لمن تلك التماثيل.
منى محمود – مواطنة مصرية: ما شوفتش أحمد ماهر مثلا بيجيبوا صوره كثير في الـ (Television) مثلا كإعلامية عنه يعني أخبار عنه بس مع وشه يعني أو مع شكله، معرفش إحنا درسناه في التاريخ على أحمد ماهر وبس ده كل معلوماتي عنه يعني.
حسين عبد الغني: كما كان لعامل الزمن دوره في تفاقم حدة المشكلة وخاصة أمام الأجيال الجديدة من المصريين الذين تعرضت رموزهم إما للإغفال أو التشويه إلى درجة ظن فيها البعض أن الرمز الوطني الذي يعطي لبلاده دون انتظار مقابل قد اختفى من الوجود.
يوسف القعيد – كاتب مصري: منذ سنة 1974 حتى الآن يعني 29 سنة ليس هناك عمل في مصر غير إدانة كل رموزها وغير تحويل كل رموزها إلى خونة ولصوص ويعني أحمد عرابي كان درويش سعد زغلول كان أمرتي جمال عبد الناصر كان ديكتاتور يعني أشياء رهيبة.
حسين عبد الغني: وإذا كان احتفاء النخبة المصرية بتماثيل الرموز يرجع لدورها المؤكد في إحياء الذاكرة الوطنية وربط المصريين بتاريخهم عبر التكريس البصري لملامح هؤلاء الرموز في أذهان الأجيال واستدعاء المعلومات عن الأدوار المهمة التي لعبوها في تاريخ الأمة إلا أن النخبة المصرية تعلق آمالا أكبر على أثر تلك التماثيل في مواجهة تيارات جديدة تحاول فرض التغريب وتغريب رموز أجنبية دخيلة على الضمير الوطني المصري.
يوسف القعيد: مهم جدا الشاب أو الطفل أو المراهق حتى وهو راكب الأتوبيس أو الميكروباص ومعدي يشوف عبد المنعم رياض أو يشوف نجيب محفوظ أو طه حسين أو أحمد شوقي، يقول مين ده؟ يقولوا له ده فلان يقول عمل إيه؟ يقولوا له عمل كذا، يقول ميزاته إيه وعيوبه إيه؟ فده يعني يشغل خيال الشباب بأنه في قدوة.
حسين عبد الغني: كان الخوف من التيارات الإسلامية المتطرفة خلال الثلاثين عاما الماضية واحدا من أسباب الإحجام الخفي عن إقامة التماثيل في ميادين المدن المصرية بعض المتطرفين اعتبروها وكافة الآثار المصرية أصناما يجب أن تهدم لا أن تقام، لكن خطأ هذا التوجه سرعان ما انكشف أمام ما يتمتع به الشعب المصري وفي مقدمهم المتدينون منه من إدراك عميق لسماحة الدين الإسلامي ووسطيته.
فتحي محمد عبد الغني– مواطن مصري: إحنا لا نعبد هذه التماثيل هي تخليدا أو ذكرى أو تعظيم أو تكريم، إحنا مش هنعبدها يعني بعض الناس بيقولوا يعني إن هي تماثيل تقليدا للكفار والحاجات دي كلها لا إحنا ناس مسلمين بنعبد إله واحد بنسجد لإله واحد في الأرض ما نسجدش لصنم ولا لحد.
حسين عبد الغني: لكن البعض يرى أن التماثيل الجديدة جاءت مخيبة للآمال من الناحية الفنية والجمالية وحتى التمثال الوحيد الذي أقيم لتكريم رمز على قيد الحياة وهو نجيب محفوظ وكان إتقان صورته ميسورا قالوا إنها أقرب للمسوخ ولا تعكس شخصيات أصحابها ولم يراعى فيها المنظور المكاني والبصري للميادين التي أقيمت فيها فجاءت صغيرة ومنصوبة على قواعد هزيلة لا تتفق مع هيبة أصحاب التماثيل.
زينب محمد العسكري– مواطنة مصرية: أنا حاسة يعني من خلال رؤيتي للتمثال إنه زي ما يكون نجيب محفوظ قزم على.. يعني عمود طويل جدا ما يتناسبش مع طول قامة نجيب محفوظ بالنسبة للأدب المصري.
حسين عبد الغني: ما كانت تلك الانتقادات لترى النور لولا أن المنتقدين من العامة والمتخصصين على حد سواء يقارنون الجديد بالقديم، فميادين القاهرة تزخر بمجموعة مُبهرة من التماثيل التي بدأت تُنصب فيها منذ أواخر القرن قبل الماضي، إبراهيم باشا أحد رموز العسكرية المصرية فوق حصانه في ميدان الأوبرا القديمة تمثال يملأ العين ويرتكز على قاعدة رخامية رائعة وفي قلب القاهرة هناك تماثيل جميلة لطلعت حرب أبو الاقتصاد المصري الحديث ولاثنين من دعاة الاستقلال والتحرر هما مصطفى كامل ورفيق كفاحه محمد فريد وفي ميدان الجلاء يقف تمثال سعد زغلول شامخا على قاعدة من أعواد اللوتس الفرعونية وهي في حد ذاتها تحفة فنية وتمثال آخر أنيق لمحتسب القاهرة العثماني لاظوغلي كان رجلا قاسيا ولكنه له أياد بيضاء على عمارة المدينة، معظم هذه التماثيل نُحِتت قوالبها في مصر ثم سُبِكت من البرونز في إيطاليا وفرنسا. من قال إن تمثال الميدان يجب أن يكون لزعيم سياسي ومن قال إن الفنان الذي يصيغ وجدان أمته يقل مكانة عن المقاتل أو السياسي الذي يصنع قراراتها المصيرية ومن قال أخيرا إن الأمم لا تُخلد إلا رموزها من الرجال تمثال أم كلثوم الفنانة التي أجمع عليها العرب من المحيط إلى الخليج. قِسم النحت في كلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان هنا يتعلم الطلبة المبادئ الأساسية للفن التشكيلي بعض التماثيل التي صَبَّها الطلاب في قوالب متواضعة من الطين والجبس وجدت طريقها فيما بعد إلى البريق والشهرة في الميادين، هل يصدق أحد أن هذا التابوت الجسي القبيح هو قالب تمثال بالحجم الطبيعي لجمال عبد الناصر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ويؤمن له أن يوصل في مسقط رأسه وهي قرية بني مر في صعيد مصر.
صلاح الدين عبد الرحمن– أستاذ النحت بكلية الفنون التطبيقية: لما نيجي نمجد رمز في المجتمع المصري بنرجع لأصوله وبنرجع بنتتبعه بحيث إن الرائي ليه أو اللي بيشوفه بيتتبع مراحل حياته بيبقى قدوة فلما نعمله قدوة لازم يتحط بتشكيل عالي المستوى رفيع بحيث إن الناس كلها تبصله.. تبصله بأمل أما آجي أعمل تركيبة أو تكوين لشخصية لازم أشوفها.. أشوفها في إيه؟ في هي في عنفوانها الأدبي أو العلمي أو السِني مجيش أحط شخصية مثلا رمز من الرموز وهو في آخر أيامه.
حسين عبد الغني: في كلية أخرى هي الفنون الجميلة نرصد المراحل الأولى لعملية نحت التماثيل هذه المرة من الحجر الأنامل الرقيقة تضرب الكتلة المصمتة بالإزميل والقدوم وهنا أوشك المثال الشاب على الانتهاء من نحت تمثال صغير، في هذه الكلية أيضا قابلنا الرجل الذي نحت وسبك تمثال البطل عبد المنعم رياض وهو تمثال استأثر بمعظم سهام الانتقادات للتماثيل الجديدة.
فاروق محمد إبراهيم– أستاذ النحت بكلية الفنون التطبيقية: تمثال عبد المنعم رياض تمثال شخصي ومن الصور بتاعته وأهله جم شافوا التمثال والشكل والـ(Character) والروح وهكذا، إنما هو المشكلة اللي فيه إن المكان كَال التمثال أو المكان كبير أوي واسع على التمثال وده إمكانية يعني متقدرش أنت تعمل تمثال في مكان زي ده عاوز تمثال عشرة متر واخد بالك علشان تعمله.
حسين عبد الغني: برع المصريون في فن النحت منذ البدايات الأولى للحضارة الفرعونية وعبروا عن حبهم لرموزهم وقادتهم إلى حد تقديسهم يقف تمثال رمسيس في الميدان الذي يحمل اسمه في القاهرة دليلا على أن النحات لم يكن يُنجز عملا فنيا فحسب بل كان لديه ذلك الإحساس العميق بالحب لتلك الشخصية التاريخية والانحياز التام لها فلم يتنازل لحظة عن تناسب الأبعاد ولم يعجز أبدا عن إظهار العظمة والهيبة، أين إذاً تقف التماثيل الجديدة من ذلك كله؟ تمثال سعد زغلول هو النقيض الفني لكل التماثيل الجديدة إذ جاء مهيبا ومعبرا بحق عن الرجل الذي قاد المصريين في ثورة 19، كما أنه النقيض السياسي للتقليد المتردد الذي يسود الآن والذي يبدو أنه يتحاشى الزعماء السياسيين المُحدَثين إذ ليس مصادفة أنك لا تجد في القاهرة كلها تماثيل ميدان للرجال الأربعة الذين حكموا مصر منذ انتهاء الملكية وحتى الآن. حسين عبد الغني لبرنامج مراسلو الجزيرة، القاهرة.
محمد خير البوريني: إلى هنا نأتي مشاهدينا الكرام إلى نهاية هذه الحلقة من البرنامج، يمكن لجميع المشاهدين أن يتابعوا تفاصيلها بالصوت والنص من خلال موقع الجزيرة على شبكة الإنترنت والصورة عند البث كما يمكن مراسلة البرنامج عبر البريد الإلكتروني reporters@aljazeera.net أو من خلال العنوان البريدي في الختام هذه تحية من مخرج البرنامج صبري الرماحي وفريق العمل وتحية أخرى مني محمد خير البوريني، إلى اللقاء.