إندونيسيا والأقلية الصينية، ليبيا وحرب التصحر
مقدم الحلقة: | محمد خير البوريني |
ضيوف الحلقة: | سوريا بالو/ رئيس قناة مترو تي في الإندونيسية عمر مسلم/ أمين الهيئة العامة للبيئة مير هونيسا زوكيتش/ رئيسة اتحاد اللاجئين العائدين ياسر الصباغ/ الأمين العام لهيئة التضامن الدولي البوسنية |
تاريخ الحلقة: | 31/07/2004 |
– الأقلية الصينية في إندونيسيا
– مقاومة ظاهرة التصحر في ليبيا
– اللاجئون في البوسنة
محمد خير البوريني: أهلا ومرحبا بكم مشاهدينا إلى حلقة جديدة من مراسلو الجزيرة، نعرض من إندونيسيا تقريرا يتحدث عن الأقلية الصينية هناك التي تتمتع بحقوق المواطنة وتقوم بواجبها في نهضة البلاد ونرى كيف تمكنت من إثبات وجودها في مجالات مختلفة من أبرزها التجارية والسياسية والتعليمية وغيرها ومن ليبيا نعرض موضوعا نتحدث فيه عن حرب زحف الصحراء وتآكل مساحات الأراضي الخضراء كما في العديد من الدول العربية نتحدث عن الأسباب والمسببات وعن خطوط الدفاع التي تقام لوقفه ونسأل هنا هل حسابات هذا النوع من الحرب صحيحة أم أنها حرب عربية جديدة خاسرة ولكن من نوع آخر ومن البوسنة نتحدث عن بقاء قضية اللاجئين المسلمين داخل بلدهم على الرغم من مرور سنوات عديدة على توقف الصراع الدامي هناك، أهلا بكم إلى أولى فقرات هذه الحلقة.
الأقلية الصينية في إندونيسيا
الأقلية الصينية في إندونيسيا ورحلة التحول من جالية إلى أقلية انخرطت مضطرة في المجال التجاري بسبب إغلاق الأبواب أمام أبنائها في المجالات الأخرى لكنها أثبتت وجودها وهيمنت بقوة على أكثر من نصف رؤوس الأموال في البلاد وتميزت في مجالات عديدة أخرى، تقرير صهيب جاسم.
صهيب جاسم: تغير واضح في أحوال الأقلية الصينية في إندونيسيا خلال الأعوام القليلة الماضية تمثل في الجرأة على إبراز مظاهر الثقافة الصينية لأهم القوميات المهاجرة غير المسلمة في هذا المجتمع الإندونيسي ذي الأغلبية المسلمة وذلك بعد أن رُفِع الحظر المفروض سابقا على استخدام اللغة الصينية في الحياة العامة أو حتى في تعليم أبنائهم وهو ما أدى إلى حصرهم في المجال التجاري ليبرزوا فيه مسيطرين على ما بين 50 إلى 60% من رؤوس الأموال المستثمرة مما شكل عازلا نفسيا بينهم وبين أغلبية السكان الأصليين من الفقراء ومتوسطي الدخل.
أرمين عمر – المجتمع الملايوي المتحد: على الصينيين أن يثبتوا وطنيتهم الإندونيسية ولا يضروا ببلدنا لأن أحد أسباب الأزمة المالية هم الصينيون الذين باستغلالهم أموال صندوق الطوارئ المالية في البنك المركزي دمروا مؤسساتنا البنكية وأشعلوا الأزمة واليوم لو سألوا ما إذا كانوا يستحقون حقوقا متساوية مع غيرهم فإن ذلك يعتمد على سلوكهم ولو أصروا على صينيتهم فسيتم طردهم.
صهيب جاسم: السماح للصينيين بتنظيم عروضهم الفنية بعد منع طويل دفعهم إلى حوار داخلي وبحث عن الذات الثقافية وأبرز الفوارق بين القلة المحافظة على لغتها من الكبار وبين من وُلِد منذ عقد الستينيات ليسميه والده باسم إندونيسي ويحدثانه بلغة إندونيسية وليجد صعوبة بعدها في التعرف على هويته الصينية ومع انطلاق عهد الحريات فإننا نجد تقبلا في المجتمع الإندونيسي لظهور الثقافة الصينية كأحد مكونات مجتمعهم الملون وربما كان التمييز الوحيد في دستور البلاد الأصلي ضد الصينيين أن رئيس البلاد يجب أن يكون من سكانها الأصليين، التمييز ضد الصينيين تراكم بفعل سياسات الرئيس السابق سوهارتو التي اختلفت تماما عن اقتسام جيرانه من مسلمي ماليزيا السلطة والثروة مع الصينيين والهنود فمنذ عام 1966 ولثلاثة عقود تجمع أكثر من ستين قرارا ومادة قانونية تمييزية ضد الصينيين مقابل تحويلهم إلى أداة استثمارية شكلت مع الجيش والحزب الحاكم ثلاثي الحفاظ على حكم سوهارتو.
تشاندرا – محلل سياسي إندونيسي من أصل صيني: كبار التجار الصينيون عملوا مع الحكومة الإندونيسية وذلك خلال حكم سوهارتو وانتفعوا من ذلك كثيرا وكان يحصل ذلك عبر مؤسسات الدولة وأروقتها.
” |
صهيب جاسم: وعند سقوط سوهارتو في مايو من عام 1998 تكرر التدبير الخفي من قوى سياسية لأحداث أعمال عنف وشغب طالت حياة الصينيين ومصالحهم كما حصل خلال عهد الاستعمار والعقود السابقة تحقيقا لأهداف سياسية لا علاقة لهم بها فهُرِب الكثير من أموال الصينيين إلى الخارج غير أن ذلك لا ينطبق عليهم جميعا.
تشاندرا: ليس كل الصينيين منتفع من حكم سوهارتو القلة منهم فقط وحتى من استفاد منهم من سوهارتو فإنه دفع ثمن ذلك غاليا بعد ذلك.
صهيب جاسم: ومع ترأس عبد الرحمن وحيد البلاد لفترة قصيرة شهد الصينيون بداية لإنهاء العنصرية المسيسة ضدهم وصار لهم حزب ووزراء في حكومته وذلك امتدادا لعلاقاتهم الجيدة بجمعية نهضة العلماء التي رأسها.
القس أوغستين لي – كنيسة سانتا ماريا فاطمة: نشعر اليوم بأمان أكثر كما أننا نمارس شعائر ديننا ممزوجة بتقاليدنا وثقافتنا بينما كنا نشعر سابقا بشيء من الخوف وعندما حكم عبد الرحمن وحيد منحنا بيئة متسامحة مع ثقافتنا.
صهيب جاسم: وقد ظهرت عشر صحف باللغة الصينية وكانت هذه أولى غرف تحريرها غير أن الناشرين واجهوا صعوبة في بحثهم عن القراء فالأجيال الجديدة من الصينيين هنا متأثرة بالثقافة الغربية والإندونيسية ولا تعرف لغتها.
سوسي أونغ – محررة في صحيفة إندونيسيا شانغ ياو باللغة الصينية: أكبر مشكلة تعود إلى أنه منذ ثلاثين عاما لا توجد هناك مدارس صينية لتعليم أبناء الأقلية ومعظم من يقدر على قراءة صحيفتنا من كبار السن ممن تعلم قبل السبعينات.
صهيب جاسم: لا بل إن قناة إندونيسية خاصة تبنت بث أخبار وبرامج باللغة الصينية لأول مرة محققة بذلك ما كان مستحيلا ظهوره في الإعلام الإندونيسي وبهدف اجتذاب المعلنين الصينيين.
سوريا بالو – رئيس قناة متروتي في الإخبارية الإندونيسية: اليوم وفي عصر الحرية علينا أن نمنح إخواننا الصينيين تقديرهم الحقيقي ونرجع لهم حقوقهم وبخاصة الاعتراف بلغتهم.
صهيب جاسم: دينيا مثلت إقامة الصلوات باللغة الصينية في ثلاث كنائس كاثوليكية إعادة تلوين الطقوس والشعائر بخصوصية ثقافية استفادت من الحريات التي غمرت الجميع في السنوات الأخيرة.
القس أوغستين لي: نخطط لإضفاء مزيد من الطابع الثقافي على عملنا الكنسي حتى لا تبدو الكنيسة غريبة التوجه.
صهيب جاسم: ومع أن غالبية الصينيين قد هاجرت إلى إندونيسيا في أخر قرنين ونادرا ما تزاوجوا مع غيرهم إلا أن المسلمين منهم قد قدم مبكرا وساهم في نشر الإسلام وامتزج بأهل البلد وصار من الصعب التعرف على ذريته المسلمة اليوم من بين السكان الأصليين.
إمام مسجد- جمعية أوى للمسلمين الصينيين بجاكرتا: عندما يعتنق الصينيون الإسلام فإنهم سيذوبون بشكل طبيعي في المجتمع الإندونيسي لأن غالبية السكان هنا من المسلمين.
صهيب جاسم: غير أن الممارسة الشكلية للطقوس لن تثبت مستقبلا هوية الأقلية الصينية في نظر مفكريها الداعين إلى إنشاء مؤسسات تعليمية تجمع بين ثلاث لغات هي الإندونيسية والإنجليزية والصينية فبعد إطلاق الحريات يتطلع الصينيون لخطوة مقبلة تحفظ تميزهم الثقافي والديني ووضعهم الاقتصادي المؤثر، عمر هذا المعبد البوذي وسط العاصمة جاكرتا يؤكد على قدم الوجود الصيني في إندونيسيا الذي أرتبط بصور ذهنية متعددة لدى عامة الإندونيسيين ابتداء من عهد الاستعمار الهولندي ثم سنوات المد الشيوعي في عهد سوكارنو في الستينيات ثم تقدمهم اقتصاديا في عهد سوهارتو كل ذلك قبل حصولهم تدريجيا مرة أخرى على حقوقهم الدينية والثقافية لكنهم ما يزالون الأقل نشاطا في الحياة السياسية مقارنة بالقوميات الأخرى، صهيب جاسم لبرنامج مراسلو الجزيرة جاكرتا.
[فاصل إعلاني]
مقاومة ظاهرة التصحر في ليبيا
محمد خير البوريني: ظاهرة التصحر خطيرة وبخاصة بالنسبة للدول التي تشكل الصحراء جزءا من مساحة أراضيها أو تلك التي تقع على تخوم الصحارى، ليبيا إحدى الدول العربية التي تعاني من هذه المشكلة لا سيما بالنسبة للمدن التي كان يعتقد أنها في منأى عن الصحراء، الأسباب عديدة والحرب ضد التصحر قاسية ومريرة، تقرير خالد الديب.
[تقرير مسجل]
خالد الديب: بالرغم من أن التصحر ظاهرة عالمية لكن خطورته وآثاره تزداد في المنطقة العربية باعتبار أن تسعة أعشار هذه الأرض هي في الأصل مناطق صحراوية أو شبه صحراوية ويُعرَّف التصحر بأنه تدهور شامل يصيب الأنظمة البيئية للأرض ما يفضي إلى أن تأخذ التربة مجموعة من الصفات الجديدة تشبه صفات المناطق الحارة.
عبد اللطيف رجب – اللجنة الوطنية للمناخ: طبعا من الصعب جدا أن الواحد يقدر يعزي ظاهرة التصحر للتغيرات المناخية لوحدها لإن أساسا التغيرات المناخية ناتجة عن النشطات الاقتصادية للبشر في عموم الأرض كيفية التعامل مع الأرض الصناعة التلوث البيئي الزراعة هذه كلها النشاطات بتؤثر أو بتسبب ظاهرة تغير المناخ.
خالد الديب: تعتبر غالبية الأراضي الليبية امتدادا طبيعيا للأطراف الشمالية للصحراء الكبرى ولا يشكل الشريط الأخضر فيها سوى 5% من مجموع هذه الأراضي ومع ذلك فانجراف التربة وندرة المياه ساهم في تقليص هذه المساحة الخضراء والقضاء على العديد من المراعي التي تحولت إلى مسطحات من الحجارة أو التربة الجافة.
عمر مسلم – أمين الهيئة العامة للبيئة: الأمطار في الجماهيرية كما نعرف هي محدودة جدا محدودة من حيث توزيعها المكاني والزماني أي أنها محدودة على طول الشريط الساحلي الضيق والذي لا يتجاوز ربما بضعة مئات الكيلومترات من ساحل البحر حيث تتناقص هذه الكميات تدريجيا وبصورة سريعة إلى أن تصل ما دون الخمسين ملليمتر قرب منطقة مزدة وهذا الخط ثم التوزيع الزماني أي أن الفترات التي تسقط فيها هذه الأمطار محدودة جدا أي لا تتعدى بضعة أيام على مدار السنة.
خالد الديب: في ظل النقص الحاد في مياه الأمطار وانعدام الأنهار لجأ الناس إلى باطن الأرض حيث تمثل المياه الجوفية أكثر من 90% من مياه الشرب والزراعة ما أدى إلى نقص مستمر في منسوب هذه المياه فضلا عن تداخل مياه البحر في المناطق الساحلية مع المياه الجوفية لتصبح غير صالحة لأي استعمال.
” |
عمر مسلم: المياه الجوفية في الجماهيرية تمثل تقريبا 98% من إجمالي الموارد المستعملة أي أن المياه السطحية التي تم السيطرة عليها حتى الآن من خلال إقامة بعض السدود في مناطق متفرقة من شمال غرب وشمال شرق ليبيا كميات متواضعة جدا وكثير منها يُستغَّل محليا إما في الزراعة أو في الشرب.
خالد الديب: بالرغم من المحاولات العديدة التي جرت لمنع انجراف التربة وتعريتها واللجوء إلى زراعة الأشجار التي تعتبر إحدى أهم المثبتات للتربة إلا أن قسوة الطبيعة كانت أقوى من إرادة الإنسان فانجرفت التربة تحت جذوع الأشجار وتحولت هذه الأشجار إلى هياكل عظمية تتفتت مع مرور الزمن دون أن يجد الإنسان حيلة لإنقاذها.
خليفة الخطابي – خبير تربة: الطبقة الخصبة من التربة هي الطبقة السطحية العلوية هي اللي فيها الأحياء الدقيقة وفيها التفاعل بمختلف أشكاله إذا جُرِفت هذه الطبقة بواسطة الماء أو بواسطة الرياح يبقى زالت الخصوبة من تلك المنطقة وتبقى إما تصبح تربة غير منتجة وغير ذات جدوى أو تسبب في تعرية مثلا طبقة صخرية تحت منها وبالتالي تصبح أيضا التربة غير منتجة وتنقل إلى منطقة أخرى وبالتالي تنعدم الخصوبة في تلك المنطقة.
خالد الديب: المواطن ساهم بدوره في تسريع عملية التصحر وانجراف التربة بل والقضاء على الغطاء النباتي في بعض الأحيان فالغابات التي لا تتجاوز مساحتها بضعة آلاف من الهكتارات شهدت عملية تدمير منظمة خاصة على الشريط الساحلي سواء لإقامة المحاجر أو المباني السكنية أو المصانع والورش أو حتى ملاعب كرة القدم وفي منطقة الجبل الأخضر شمال شرقي ليبيا التي تعرف بأنها رئة البلاد يوجد نحو ألف نوع من الأعشاب الطبية المهددة بالانقراض.
” |
عبد اللطيف رجب: لا زال نعتقد أن طريقة تعامل الإنسان مع الأرض والنشطات الاقتصادية الأخرى هي اللي بتساهم في عملية التصحر أكثر من ظاهرة تغيير المناخ لأن ظاهرة تغيير المناخ هذه نسبية بيعتمد وين أنت في بعض مناطق هتؤثر عليها تأثير إيجابي في بعض المناطق هتؤثر عليها تأثير سلبي نعتقد إن إحنا في ليبيا نستطيع نؤكد إن طريقة تعاملنا مع الأرض وتعاملنا مع مصادر المياه وتعاملنا مع المناطق المشجرة له أثر مباشر في ازدياد مساحات الصحراء في البلد.
خالد الديب: في ظل الانشغال الدولي بهذه الظاهرة الخطيرة وصدور الاتفاقية العالمية لمكافحة التصحر أُنشئت في ليبيا اللجنة الوطنية لمقاومة التصحر ووقف الزحف الصحراوي لرأب الصدع البيئي واسترجاع بعض النباتات المنقرضة حيث أقيمت مصانع خاصة لتجميع البذور ومزارع رعوية تتحمل مختلف الظروف المناخية بالإضافة لإنشاء السدود التعويقية والأسلاك الشائكة.
خليفة الخطابي: هذا البرنامج يشمل سلسلة من حلقات الإنتاج تبدأ ببرنامج لجمع البذور بحيث إن إحنا نعمل بذور يعني نجمع بذور محلية باعتبارها بذور متأقلمة ونعيد زراعتها وننتجها في مشاتل ونعيد زراعتها مرة أخرى في المنطقة والبرنامج بحدود الأربع وعشرين مليون دينار تقريبا على خمس سنوات لتشجير المناطق اللي تضررت واللي تصحرت في الموقع هذاك.
خالد الديب: في مواجهة النقص الحاد للمياه الجوفية منها والسطحية أقام الليبيون ما أطلقوا عليه النهر الصناعي العظيم الذي يعتبرونه محاولة أخيرة لإنقاذ الحياة في شمال إفريقيا بأسره حيث تم اللجوء إلى مخزونات المياه الجوفية في عمق الصحراء وجلبها في أنابيب ضخمة إلى الساحل على امتداد ثلاثة آلاف كيلو متر وبالفعل وصلت هذه المياه إلى كل البيوت الليبية في انتظار أن تصل أيضا إلى مزارعهم كي تحيي الأرض بعد مماتها، الغطاء النباتي والتربة والماء هذه هي أضلاع المثلث الحيوي للبقاء والمشكلة هنا تكمن في أن الأضلاع الثلاثة مهددة بالتدهور وهي في تراجع مستمر ما يعني أن السنوات القادمة قد تحول هذه المنطقة إلى بحيرة من الملح غير قابلة للحياة، خالد الديب مراسلو الجزيرة السبيعة ليبيا.
اللاجئون في البوسنة
محمد خير البوريني: نحو عقد من الزمان يمر في البوسنة وكثير من أهلها المسلمين مازالوا يعانون من مأساة اللجوء على أرضهم نتيجة الحرب الطاحنة التي وقعت عام 1992، يقدر عدد اللاجئين بنحو مليون إنسان يعيشون بدون منازل ولا رعاية بينما تعاني الحكومة من ضآلة المخصصات لهذا الجانب الإنساني على أي حال الأمر لا يقف عند هذا الحد، تقرير سمير حسن.
[تقرير مسجل]
سمير حسن: يبدو أنه كُتِب على هؤلاء البوسنيين أن يظلوا في عداد اللاجئين حتى بعد مرور تسع سنوات من التوقيع على اتفاق دايتون للسلام، البند السابع من هذا الاتفاق شدد على حق جميع اللاجئين البوسنيين في العودة إلى ديارهم التي أُرغِموا على مغادرتها باندلاع الحرب عام 1992.
ميرهونيسا زوكيتش – رئيسة اتحاد اللاجئين العائدين: اتفاق دايتون لم يحدد النموذج أو الآلية التي تضمن عودة اللاجئين ومن يكون مسؤولا عنها فالمفوضية العليا للاجئين التي كان من المفروض أن تقوم بذلك هي فقط هيئة إغاثة.
سمير حسن: الحكومة تقول إن ثلثي اللاجئين البالغ عددهم مليونا ونصف المليون لاجئ عادوا إلى البوسنة حتى نهاية عام 2003 بينما تؤكد المؤسسات غير الحكومية المعنية بملف اللاجئين أن العائدين أقل من ذلك بكثير.
ميرهونيسا زوكيتش: الإحصاءات المختلفة التي تصدر عن الوزارة المعنية مصدرها المستندات التي تمنحها للعائدين الذين يصل عددهم إلى 959 ألف شخص لكن للأسف هؤلاء غير موجودين لأنهم حصلوا على المستندات لكنهم لم يستطيعوا العودة.
سمير حسن: وقد سلمت المؤسسات الدولية المتخصصة ملف عودة اللاجئين إلى الحكومة البوسنية التي أنفقت مائة وعشرة ملايين يورو على عودة 46 ألف لاجئ عام 2003 فقط نصف هذا المبلغ من التبرعات الدولية غير أن أوضاع معسكر اللاجئين العائدين في منطقة دوبوي الشرقية شمالي البوسنة تميط اللثام عن معاناة من نوع مختلف لا تتمثل فقط في الأوضاع المعيشية المتردية ولا في صعوبة الرعاية الصحية لكبار السن أو علاج مثل هذا الطفل المعاق.
عليا ياياتس – لاجئ من زفورنيك: في مقدونيا كانت الرعاية الصحية أفضل الأدوية كانت مجانية وكان أمامنا على الأقل خمسة مستشفيات كبيرة للعلاج مجانا.
سمير حسن: الحكومة البوسنية لم تنفق على هذا المعسكر سنتا واحدا منذ عام 1999.
ماريو نيناديتش – نائب وزير اللاجئين والشؤون الاجتماعية: وزارة اللاجئين لم تتخل عن مسؤولياتها تجاه هذا المعسكر لكن ليس لدى الوزارة مصاريف للإنفاق عليه وعلى السلطات المحلية في الأقاليم أن تتحمل هذه المصاريف.
سمير حسن: قاطنو المعسكر من الذين كانوا لاجئين في مقدونيا وتركيا أجمعوا على أن وفدا حكوميا من البوسنة زارهم بعد انتهاء الحرب وأغراهم بتحسن الأوضاع في البوسنة من أجل العودة وقد مولت المنظمات الدولية عمليات نقلهم إلى البوسنة التي كانوا يظنون أنها إزينت لهم وأن مساكنهم التي دمرتها الحرب عُمِرت وأن وظائفهم التي فقدوها تنتظرهم.
صافت ديزدارافيتش – لاجيء من فيشيغراد: كنت في تركيا سبع سنوات ونصف سنة لكنهم نصحونا بالعودة طواعية للاسترداد ممتلكاتنا وكنت أظن أن الأمور في البوسنة تحسنت.
سمير حسن: وقد اتفقت هيئة إغاثية فرنسية مع وزارة اللاجئين البوسنية على تجهيز المعسكر وتمويل إقامة اللاجئين في مقابل أن تتحمل الوزارة تكلفة المرافق والخدمات مثل الكهرباء والماء والتدفئة لكن الوزارة لم تف بالتزاماتها وأحيلت هذه المعضلة إلى القضاء الذي حكم بأن تدفع الوزارة للمعسكر حوالي 42 ألف يورو لكن الوزارة أيضا لم تدفع.
ياسر الصباغ – الأمين العام لهيئة التضامن الدولي البوسنية: أعتقد يعني في نهاية الأمر إذا أن ماطلت الحكومة البوسنية في تسديد هذه الديون، الديون سوف تسدد يعني المؤسسة الفرنساوية والمؤسسة الفرنسية يعني بنهاية الأمر راح تعيد هذا المبلغ لهيئاتنا أو للهيئة المحلية اللي نشرف عليها اللي تشرف على المخيم.
ماريو نيناديتش: فكرتنا لحل المشكلة هي إغلاق معسكرات الإقامة الجماعية حسب الأولوية بحيث نبدأ بإصلاح البيوت المدمرة لكن المشكلة هي أن معظم النزلاء ليست لديهم بيوت لإصلاحها.
سمير حسن: انسحبت الهيئة الفرنسية وتركت المعسكر لهيئة التضامن الدولي البوسنية غير الحكومية التي نجحت بمساعدة من المفوضية العليا للاجئين وهيئات إغاثية أوروبية وعربية في إعادة حوالي ثلاثمائة شخص إلى ديارهم فيما بقي مائة آخرون ينتظرون الخلاص في ظل ديون تراكمت على المعسكر لصالح شركات الكهرباء والماء والتدفئة في حين اعتمدت وزارة اللاجئين مؤخرا مساعدة شهرية للمعسكر.
ياسر الصباغ: أخروا لنا مبلغ حوالي الخمسة آلاف مارك أو ما يعادل ألفين وخمسمائة يورو كمساعدات شهرية للمخيم نقوم بتغطية التدفئة المياه والكهرباء والتليفون طبعا هذه المساعدات لغاية الآن لم تصل إلى حسابنا أو لحساب المخيم.
ماصفو أحمد – لاجيء من تريبينيا: نحن الآن في عالم مجهول لا ماء وقريبا نكون بلا كهرباء كيف ستتطور الأمور في المستقبل إلى الأسوأ؟ لا أعلم.
سمير حسن: معسكر اللاجئين في منطقة دوبوي الشرقية ليس إلا نموذجا لما يحدث مع اللاجئين الذين تصعب عليهم العودة إلى ديارهم ومازالوا يمثلون شريحة كبيرة من أعداد اللاجئين في البوسنة ولن يعرف عددهم الرسمي إلا بعد إجراء إحصاء للسكان الذين لم يعودوا إلى بيوتهم ليس من باب الزهد وإنما لأن أطلال البيوت المدمرة والخيام أمامهم والمتطرفين القوميين الذين يريدون مدنهم خالية من القوميات الأخرى وراءهم أما بالنسبة للذين سولت لهم أنفسهم من المسلمين وسكنوا بيوتا هجرها الصرب أو الكروات في سراييفو فإن القانون صريح الشرطة في خدمة القانون وجميع الجهود تتناسق وتتحد من أجل طردهم وإعادة هذه البيوت لأصحابها الذين يقوم بعضهم بتأجيرها أو بيعها لأنهم لا يريدون العيش في مناطق القوميات الأخرى.
” |
فاتمير علي سباهيتش – محلل سياسي: من جانب السياسيين الصرب والكروات المتعصبين يتعرض مسلمو البوسنة إلى ما يقرب من ثلاثمائة هجوم واعتداء إرهابي سنويا لكن لا أحد يتكلم عن ذلك ولا أحد يصف هذه الأعمال بالإرهابية.
سمير حسن: وبعد 12 سنة على الحرب توزع الحكومة ما يسمى بجمهورية صرب البوسنة أراضي المسلمين في مناطق الصرب إلى صرب البوسنة ولم يتورع الكروات عن تنفيذ السيناريو نفسه وبقي للمسلمين قليل من المظاهرات وبعض الشكاوى وكثير من الدموع، سمير حسن الجزيرة دوبوي الشرقية.
محمد خير البوريني: نهاية هذه الحلقة يمكن لجميع المشاهدين الكرام أن يتابعوا تفاصيلها بالصوت والنص من خلال موقع الجزيرة على شبكة الإنترنت والصورة عند البث كما يمكن مراسلة البرنامج عبر بريده الإلكتروني reporters@aljazeera.net أو من خلال عنوانه البريدي على صندوق بريد رقم 23123 الدوحة قطر هذه تحية من مخرج البرنامج صبري الرماحي وفريق العمل وتحية مني محمد خير البوريني إلى اللقاء.