موعد في المهجر

هشام بحري

كاتب وناشر مقيم في السويد، من مواليد قرية صغيرة في جبل لبنان عام 1954، بدأت رحلة اغترابه عندما أسقط تجار الشواربي الانفتاحيون الشجرة الهائلة التي كانت تظلل شباكه في قلب القاهرة.

ضيف الحلقة:

هشام بحري/ كاتب وناشر مقيم في السويد

تاريخ الحلقة:

25/06/2004

– ذكريات الطفولة بين مصر ولبنان
– اهتمامه باللغة العربية والترجمة

– نشر الثقافة العربية في السويد

– حياة أسرية متكاملة



ذكريات الطفولة بين مصر ولبنان


undefinedهشام بحري- كاتب وناشر مقيم في السويد: اسمي هشام بحري ولدت سنة 1954 في قرية صغيرة في جبل لبنان على مشارق بيروت اسمها الديغون بحكم عمل والدي كان هو مصري من أصول شامية كان يعمل بالأهرام فكنا نقضي الشتويات كلها في مصر في القاهرة والصيفيات في الجبل عند بيت جدي فطبعا أخذت الاثنين معي سوا برحلتي القرية والمدينة كان فيه تناوب مستمر بين الاثنين 16، 17 سنة الأولنيات من حياتي يمكن هذا السبب اللي خلاني أجي أعيش هون في القرى السويدية اليوم بالرغم من ذلك قريب من المدينة كمان من هيك كمان صار معي اللهجتين أو شيء بين الاثنين يعني يمكن ولا هي لبناني ولا هي مصري بس ممكن نقول بين الاثنين ولها السبب هايدا فكرت نبلج ها الحديث باللبناني شوي بعد ما ننقل من الطفولة بدخل بالمصري لأن مهما كان (Darlind made in Cairo) في القاهرة قضيت أكثر أيام حياتي طفولتي شبابي، يمكن أهم ذكرى بالنسبة لي من الحياة في لبنان في الطفولة كانت البيت المفتوح شيء يمكن اليوم قل كثير اليوم ما عدت تلقيه مثل ها الزمانات كانت البيوت كلها مفتوحة على بعضها وطبعا قرى صغيرة والناس كلهم قرايب ويعرفوا بعض وهيك فكان فيه علاقات كثير حميمة وكان جدي شخصية مهمة بالقرية لأنه كنا أول ناس جبنا التليفزيون في الستينات في أوائل الستينات كانت كل القرية تجتمع عندنا بالبيت لمتابعة الأخبار.


قرار الرحيل جاء بعد أن قام تجار الشواربي بقطع أشجار المدينة، وخاصة شجرة عملاقة كانت فروعها تظلل نافذة الغرفة في قلب القاهرة

كنا ساكنين بوسط المدينة في عمارة الدور الخامس وكان فيه قدام الشباك بتاعي على طول شجرة بيوصل طولها لغاية الدور العاشر كانت آخر الأشجار الاستوائية اللي كانت زرِعت يمكن على أيام محمد علي معرفش أو يمكن أقدم من كده كمان وكانت شجرة عملاقة وجميلة فروعها تبتدي من الدور الخامس يعني قدام شباكي بالضبط وبتطلع لغاية الدور العاشر بعدين مرة واحدة في يوم جيت لقيت إية ناس قاعدين والشجرة بيقصوا فيها أنا طبعا حصل لي صدمة رهيبة إزاي شجرة زي دي مفروض أي يعني بلد يحترم نفسه المفروض يحطوا عليها يعملوها متحف دي آخر شجرة في وسط المدينة مفيش شجرة ثانية زيها بيوصل حجمها بالحجم ده فالمهم الشجرة دي كان ليها رمز بالنسبة لي رمز عميق جدا لما لقتها بتقع مرة واحدة لقيت يفط اليافطات تنتشر في الشوارع وسط المدينة تجار الشواربي يهنئون الرئيس السادات بسياسة الانفتاح تجار الشواربي ده كانت يعني مصطلح في مصر في الأيام دي اللي هم كانوا أول ناس أبتدوا يجيبوا الحاجات المستوردة ويبيعوها في الشارع وكده فيمكن سبب كمان إنه والدي كان توفى و عبد الناصر راح والعملية دي وصلت لدرجة إنه تجار الشواربي بيقصوا الشجر وبيهنئوا الرئيس على سياسته خلتني عملت لي أزمة في حياتي بقيت مش قادر أكمل الدراسة بطريقة طبيعية وأخذت قرار.. قرار كان صعب جدا طبعا بس أخذته وقررت إن أنا أسيب الشرق الأوسط عموما وأحاول أبحث عن طريق آخر أطور به نفسي أو أعمل به أي حاجة في حياتي.

[تعليق صوتي]

بدأت رحلة اغترابه عندما أسقط تجار الشواربي الانفتاحيون الشجرة الهائلة التي كانت تظلل شباكه في قلب القاهرة ساعتها أدرك الفتى بوضوح ما لم يكن قد أدركه عندما تتابع موت أبيه وموت جمال عبد الناصر أن زمن صباه قد ولى إلى غير رجعة وأن عصرا جديدا سيغير بقسوة وجوه الحياة كلها في وطنه المزدوج مصر ولبنان باريس كانت محطته الأوروبية الأولى تابع فيها مفتونا مظاهرات التضامن مع حق شعوب الجنوب في الحرية ولم يكن قد استقر بعد على ما يريد أن يصنعه بحياته الثابت الوحيد في حياته آنذاك كان نهمه الذي لا يشبع للمعرفة.

اهتمامه باللغة العربية والترجمة


كان عام 1980 بداية مرحلة جديدة في حياتي، حيث التحقت بالجامعة في لوند لدراسة علم اللغة، وبدأت بترجمة بعض الأعمال الأدبية من العربية إلى السويدية

هشام بحري: وأنا طول عمري أنا إنسان قارئ يعني مش لأني أنا سبت المدرسة أه قبل ما أخذ الثانوية بس ده طبعا مش معناه إنه أنا مكنتش متطلع ما كنش عندي قراءات في الحقيقة كان عندي قراءات في مواضيع كثير جدا وبعدة لغات كنت قارئ كتب بالفرنساوي وبالإنجليزي وبالعربي كميات كبيرة وكنت مهتم جدا باللغة.. باللغة عموما مش بأي لغة معينة ظاهرة اللغة كانت كنت مهتم بيها وبعدين فضلت الحياة كده تلف بالواحد من بلد لبلد ومن تجربة لتجربة لغاية ما وصلت بيا إلى السويد الكلام ده كان سنة أول مرة جيت السويد فيها كان سنة 1976 وعشنا في الغابة في السويد لمدة حوالي أربع أو خمس سنين الحقيقة أول أربع خمس سنين كنا في السويد كنا عايشين في الغابة في الشمال عم بشتغل بالنجارة وبالحداده وبجميع الأعمال الأنواع اليدوية الموجودة حوالي قررت إني أرجع ثاني للمدينة الجامعية لوند والتحق بالجامعة لدراسة علم اللغة الكلام ده كان سنة 1980، 1979- 1980 من هون بدأت مرحلة جديدة في حياتي وبدأت أيضا في ترجمة بعض الأعمال الأدبية من اللغة العربية إلى اللغة السويدية، الحقيقة أول كتابين ترجمه ونزلوا بالسويدي كان كتاب لنجيب محفوظ ثرثرة فوق النيل وديوان لأدونيس إحنا أسميناه دهر من الحجر العاشق وها الكتابين ها دولا كانوا معي بالشنطة وأنا جاي على السويد أساسا يعني كان كل ما أقتني وأنا جاي على السويد ما كان معي في الشنطة إلا ها الكتابين وشوية هدوم يعني قمت بترجمتهم سنة 1986، 1985- 1986 اشتغلت بترجمة ها الكتابين بمساعدة زوجتي و1987 كتبت أول رواية إليها (كلمة بلغة أجنبية) هي بسميها قَبِّل الأرض بالجبين إذا ترجمتها ترجمة حرفية يعني من السويدي وأنكتب بسرعة عجيبة جدا يعني خلال سبعة أيام كان عندي حوالي مائة وعشرين صفحة خالصين فجبتهم لزوجتي وقالت لي هذا شيء مليح ممكن يصير منه شيء ونبعته لدور النشر نشوف شو إذا حدا بيرضى ينشره وفعلا بعتناه لحوالي 12 دار نشر وجانا 12 رفض منهم جميعا إنه عمل جيد لكن لا يكفي فتركت الأمر أنا جانبا وبعدين إيجه حدا قال لي طب جرب فيه حدا هون بلوند عنده دار نشر صغيرة شوف يمكن هلا بينزلهولك إياه فأعطاني عنوان (BO Box) صندوق بريد مش عارف أنا وين أنا كنت باعت النص هذا لـ 12 دار نشر بستكهولم يعني جميع أنحاء دول السويد مدن السويد الكبرى يعني اللي هي فيها دور النشر الكبرى المهم بعت النص لهذا دار النشر الصغيرة الموجودة عندنا إحنا في لوند على صندوق البريد واكتشفت إنه في الآخر رد عليا في خلال أسبوع قال لي هذا نص ممتاز جدا وأنا أحب أنزله لك وعايز أقابلك قلت له نتقابل وين مكانك لقيت مكانه في البدرون في البيت اللي أنا ساكن فيه فيعني شوف كيف إنه الحياة أحيانا بتروح بعيد وهو بيكون تحتك فنشر أول رواية لي بها الدر وبعدين فديته ترجمتنا لثرثرة فوق النيل وأدونيس وعجبوه كمان ونزلوا في نفس السنة فكان في خلال سنة واحدة سنة 1987 اللي هي كانت بدايتنا نزلنا أول رواية لي باللغة السويدية وترجمتين واحدة لأدونيس وواحدة لنجيب محفوظ في خلال هذه الفترة أنا بدأت أفكر إنه أحب إني أنزل كتب أخرى ترجمات جناب أخرى بس ما عنده هو إمكانيات فقررت إني أفتح دار نشر لي خاصة بي.

نشر الثقافة العربية في السويد

[تعليق صوتي]

تحكي روايته المكتوب بالسويدية عن رجل يتدفأ بحرق ما يُذكره بماضية وكأنه يريد أن يولد من جديد حرا تماما، هشام بحري فعل ذلك في روايته الأولى ولكنه ما استطاع أن يفعله في حياته إذ أدرك أن شعوره أعمق من أن تكتف دار النشر التي بدأ بها حياته العملية في مهجره تحمل اسما لافتا للغاية الهمبره وهو النطق الإسباني لأسم القصر العربي الهائل في الأندلس أيام كانت هناك أندلس والذي يمثل رمزا للحضارة العربية التي أطلقت شرارة النهضة في أوروبا قبل أكثر من ألف عام هل أراد ناقل روايات نجيب محفوظ وأدونيس إلى السويدية أن يكون هو وأن تكون دار نشره الصغيرة نقطة اتصال مشابهة بين العرب والعالم.

هشام بحري: وفعلا فتحنا دار نشر الهمبره سنة 1988 في الربيع وفي نفس الوقت أنا كنت صرت أفكر في المائة سنة الأخيرة قبل ما نجيب محفوظ أخذ جائزة نوبل لم يترجم إلى السويدية أكثر من 15 كتاب من اللغة العربية فجمعت كل شيء لقيته لنجيب محفوظ بالفرنساوي وبالإنجليزي الترجمات اللي موجودة لنجيب محفوظ يعني باللغات الأجنبية لقيت حاولي عشرين كتاب منها الثلاثية وأولاد حارتنا وأعمال كثيرة أخرى وبعتها كلها على ستكهولم على الأكاديمية السويدية ولجنة تقرير جائزة نوبل كهدية وفعلا في نفس السنة إحنا بعتنا الكتب في الربيع وكان ثرثرة فوق النيل نزلت في الخريف اللي قبله كان عندنا ميرامار وحضرة المحترم في طريقهم إلى النزول ومرة واحدة في أكتوبر نسمع نجيب محفوظ يأخذ جائز نوبل للآداب عملت الهدية يعني اللي بعتها طبعا مكنتش الهدية اللي بعتها ما كنتش متوقع إنه راح تصير بها السرعة يعني قلت راح يأخذوا وقت على ما يقرؤوا الكتب ويعرفوا من هو نجيب محفوظ وإلى آخره بس كان القرار سريع جدا ومن وقتها وإحنا عم بنزل حوالي كتاب كل شهر يعني وصلنا اليوم لحوالي مائة وثمانين عمل في ها الـ 17 سنة اللي فاتوا.

[فاصل إعلاني]

عندما أوشكت الهمبره للنشر على الإفلاس العام الماضي أصدر مائة من كبار المثقفين السويديين ومن بينهم أعضاء الأكاديمية السويدية مانحة نوبل أصدروا بيانا يدعون فيه الشعب السويدي لمساندة تلك الدار التي تمثل النافذة الوحيدة للسويد على عالم كامل هو العالم العربي، هشام بحري الذي استطاع إنقاذ دار نشره ليفخر بذلك البيان ولكنه يأس لأن الصحف السويدية كلها امتنعت عن نشره فالضغوط اليهودية حاضرة هنا بقوة كما هو الحال في العالم الغربي كله السباحة ضد التيار في السويد شاقة ولكنها ممكنة فناشر مقدمة ابن خلدون ومترجم حامل نوبل نجيب محفوظ والمرشح لها أدونيس شرعا في الانتقال إلى نطاق جديد بنشره أعمالا سياسية تحمل بشكل أو بآخر رؤيته لمستقبل وطنه ولحل مشاكله المزرية حتى وإن كانت تلك الأعمال بقلم كاتب إسرائيلي.


ريان الغضبان أحد الشباب اليافعين الذين يمتكلون إمكانيات كبيرة، وينتظر أي ناشر أن تقع يديه على أحد أعمالهم

هشام بحري: بعد كده نزلنا كتاب لكاتب يهودي إسرائيلي من أصل روسي أسمه إسرائيل شامير والكاتب ده أتصل فيه مرة من حوالي سنتين بيتهيألي أو سنتين ونصف كده سلم عليه وقال إنه والله أنا كاتب يهودي إسرائيلي أنا أعرف إن أنت بتنزل كتب عن الحضارة العربية والأدب العربي وشفت أعمالك على الإنترنت وأعمال مهمة جدا وأكون فخور جدا لو نزلت كتابي كمان أنا طبعا جالي نوع من الصدمة لأني ما كنتش منتظر واحد إسرائيلي هيتصل بيه ويقول لي أنا عايز أنزل كتابي عندك قلت له هو أنت إيه كتابك دوة قال لي والله أنا بأطالب بديمقراطية حقيقية في المنطقة كلها وبرجوع جميع الفلسطينيين اللي طردوا من ديارهم إلى قراهم ومدنهم قلت له بقى إذا هو ده المبدأ الأساسي بتاعك يبقى إحنا متفقين يبقى مفيش أي مشكلة ممكن أقرأ النص بتاعك ونشوف إذا ممكن ننزله لك وفعلا لقيت النص بتاعه نص ممتاز جدا والراجل ده بيمثل الحقيقة جبهة بتتزايد وبتنموا من يوم إلى يوم يعني مش وحيد هوه فيه عدد كبير جدا النهارده من الأدباء والصحفيين واليهود والإسرائيليين بيطالبوا بنفس الحاجة مع أن أصواتهم غير مسموعة يمكن لأنها طبعا بتختفي هنا في بسبب الضغط اللي موجود على الإعلام الغربي عموما بس بدأت النهارده تظهر بشكل واضح الحقيقة يعني حتى في الصحافة السويدية اللي كانت من بس من ثلاث أربع سنين كان لا يمكن تقرأ أي مقالة بتهاجم إسرائيل فيها النهارده كل يوم تقريبا في جريدة من الجرائد حتى الجرائد اليمينية أو اليسارية كلها بيخلوا ناس بينشروا مقالات لناس بيطالبوا بتغيير في الموقف من هذه القضية، وشهر ديسمبر اللي فات دوة أتصل فيه واحد بالإيميل بيقول لي أنا أسمي ريان الغضبان وشاب عمري ستة عشر سنة عايش في هيرسن بوري مدينة جنبنا هنا وكتبت رواية عايز أبعتهالكم إذا ممكن أنا قلت طبعا شاب عمره ستة عشر سنة (ok) ليه لا ممكن نقرأها نشوف إيه الموضوع وبعت لنا الرواية دية وقرأتها والحقيقة حصل معايا يعني دهشة عجيبة فرحت فرح ده العمل اللي أي ناشر بينتظر إنه يقع في إيده عمل لشاب صغير عنده إمكانيات كبيرة جدا للمستقبل روايته أسمها هنترجمها ترجمة حرفية كنا عائلة في بيت لحم والطريقة اللي هو سرد بيها الرواية دية يعني فيها اقتصاد في السرد وفي الفن الروائي كبار المؤلفين يمكن من الصعب أنهم يوصلوا له وكأنه فعلا هوه عايش في المنطقة وحاسس بآلام الناس مع إنه هو عمره ما راح فلسطين مولود هو في كندا وإجا السويد عمره سنتين وعايش مع أهله هنا في سينبوري في المدرسة ومعندوش حتى يعني آمال إنه يبقى أديب أو حاجة كده عايز يدرس طب أساسا.

ريان الغضبان: بلجت من أن أكتب الشعور من صغير عن فلسطين وخليت أصحابي يقرؤوا الشعور وحبوا الشعور يعني قالوا لي إنه يعني إنه بعبر مليح باللي بكتبه وقالوا لي إنه لازم أكتب يعني أكتب شعور أو كتاب أو شيء هيك وبعدين كنت دائما بشوف في التليفزيون والأخبار عن الفلسطينية اللي الفلسطينيين كيف بيتعذبوا يعني حياة ما مليحة وكنت يعني بدي أعمل شيء عشان أساعد ضلتي وبلجت يعني إنه أكتب كتاب عن فلسطين عن العائلة الفلسطينية اللي عايشة ببيت لحم وكل ما أكتب شويه كنت أخلي صحابي يقرؤوا يعني وكانوا يحبوا اللي بكتبه وكنت أحس إنه متحمسين عن إنه بدهم إنه أكمل الكتاب عشان بيصير وهيك كتبت كتابي بالغة السويدية.

حياة أسرية متكاملة

[تعليق صوتي]

كتكامل أصابع البيانو السوداء والبيضاء تتكامل حياة هشام بحري مع حياة زوجته السويدية أسترايد أريكسون يترجمان معا ويديران معا دار الهمبرة ويتشاركان في تربية أولادهما الثلاثة أسترايد مفتونة بدورها باللغة والثقافة العربيتين وهي في انتظار أن يحصل شاعرها المفضل أدونيس على جائزة نوبل للآداب فحينها ستكون إحدى أكثر اللغات شعرية في العالم قد نالت بعض ما تستحقه كما أن دار الهمبرة ستنتعش دون شك لأنها تنفرد بنشر شعر أدونيس المترجم في كولديسكاندينافيا.

هشام بحري: قابلت زوجتي أول مرة في لوند في جامعة لوند في أوائل الثمانينات كنا ندرس اثنيناتنا هناك بكلية علم اللغة (Linguistics) وصار اتفاق مباشرة بينتنا وجدنا إنه عندنا نفس الاهتمامات أدبيا وحاولنا نشتغل سوا ونجحنا فعلا في ترجمة كتابين في سنة 1987 وبعد ذلك أولادي عندي ثلاث أولاد رجاء الكبير عمره اليوم أربعة وعشرين سنة والوسطانية ليندا خمسة عشر والصغير هنريك عمره أحد عشر بيتم أثني عشر سنة ومولدين كلهم هون في السويد طبعا أنا زعلان شوية إنه أنا ما حكيت معهم عربي من الأول يعني كان لازم اعملها يمكن من الأول بس صعب شوي أعتقد ناس كثير بيتفهموا الموضوع لإنه وقت اللي بيكون شخص واحد في العائلة بيتكلم اللغة صعب إنك تنقل اللغة للأطفال بسهولة خصوصا إذا كان المجتمع اللي أنت عايش فيه كله مجتمع سويدي مثلا مثل ما إحنا عايشين هون بالأرياف بس الشيء اللي فعلا أدهشني وأسعدني جدا هو يوم ما رجاء جاني كان الكلام هذا من حوالي ثلاث أربع سنين وقالي لي إن بده يبلج يتعلم عربي وفعلا نجح في خلال سنتين ثلاثة من تكوين لغة سليمة.

رجاء- ابن هشام بحري: قبل ثلاث سنوات أن زرت جدتي بمصر أنا كنت ساكن عندها خلال ثلاث أشهر فكمان زرنا أهلنا بلبنان وبمصر وكل الناس حكوا بالعربي أنا ما فهمت وهناك أنا قررت إني أنا بدي أتعلم هايدا اللغة لغة أبوي لغة جدتي لغة جدي فبعدين رجعت للسويد وبديت أدرس العربية اللغة العربية بجامعة لوند هون بالسويد ودرست سنة واحدة وكملت دراستي بالأردن بالجامعة الأردنية خلال عشرة أشهر فسافرت بكل الشرق الأوسط وزرت الناس شفت الثقافة هناك وبالناس بتقولي هايدا اللغة.. اللغة العربية هي من أحلي اللغات بالعالم هي زي البحر كبير وجميل جدا.

[تعليق صوتي]

لبناني مصري سويدي روائي ومترجم وناشر وصفه مرة ناقد سويدي بأنه من معدن نفيس موصل جيد للثقافة قبل ثلث القرن قطعوا الشجرة التي كانت تظلل شباكه في القاهرة ولكن أحدا لا يستطيع أن يمس الشجرة الوارفة التي تنمو كل يوم بداخله شجرة تظلل جسرا من التواصل بين عالمين.


لعل أهم شيء خرجت به من الغربة تكوين أسرة مشتركة في العمل، حيث كرست حياتها في نشر الثقافة العربية بالسويد

هشام بحري: يمكن أهم حاجة الغربة إديتهالي هي الحياة العائلية اللي أنا عايشها النهاردة لأنها لأننا كلنا مشتركين في العمل اللي إحنا كرسنا حياتنا ليه اللي هو نشر الثقافة العربية عموما في السويد فتلاقي مثلا إنه زوجتي بتشتغل معايا وأبني كمان دلوقتي أبتدأ درس عربي وعايز يبتدي شوية يشتغل معانا كمان فمن الناحية دي أنا بحس نفسي فعلا محظوظ جدا لأنه في نفس الوقت اللي اكتشفت الآخر تعرفت على نفسي ولما ببص ورايا وبشوف أنا عملت إيه لغاية دلوقتي بحس إنه دي بداية والأجيال القادمة إن شاء الله هيقدروا يكملوها يبنوا عليها.

المصدر : الجزيرة