ميشيل الأشقر
ضيف الحلقة: | ميشيل الأشقر: فنان ومهندس مدني |
تاريخ الحلقة: | 09/01/2004 |
– أثر النشأة على ميشيل الأشقر
– بين الهندسة والمسرح
– مسرحية الأشقر عن جبران خليل جبران
– الحنين للعودة إلى زَحّلِة
غريغ داوني: أهلاً وسهلاً بكم في بيفرلي هيلز لقد وصلتم، أُدعى غريغ داوني الممثل الرسمي لبيفرلي هيلز أحييكم بمئات اللغات، هنا يسكن النجوم والجميع نجوم عندما يقصدون بيفرلي هيلز، لقد وصلتم، كِيف حالك، الحمد لله، بيفرلي هيلز حلوة قوي، شكراً.
[شريط مسجل]
أطلق الأسبان على نهرها اسم لوس أنغلوس وتعني بالعربية الملائكة واحتفظت المدينة بهذا الاسم حتى العام 1856 ليتحول اسمها إلى لوس أنغلوس لتصبح مدينة الملائكة وقِبلة الطامحين للشهرة والنجومية، وهي اليوم أشهر مدن ولاية كاليفورنيا منذ اقترن اسمها بالشهرة والنجومية مع بناء مدينة السينما العالمية هوليوود، وتحتضن لوس أنغلوس في قلبها حي النجوم بيفرلي هيلز الحي الأشهر في العالم، وفيها كنا على موعد مع الأستاذ ميشيل الأشقر الذي قَدِم من شرق الولايات المتحدة ليقدم عرضه المسرحي تلبية لدعوة الجالية العربية اللبنانية بلوس أنغلوس.
أثر النشأة على ميشيل الأشقر
ميشيل الأشقر : ولِدت بزَحّلِة 1963، الوالد جبران الأشقر والوالدة منتهى الأشقر وأنا الولد السادس بها العائلة يعني صغير الكل، الوالد أنجبني إلى الحياة كان عمره 64 سنة والوالدة 40 سنة كان عمرها، بقى .. طبعاً ذكريات طفولتي مليئة كتير بقصص وأحاديث حلوة أمضيتها مع العائلة تبعي وبالإخص مع بيئتي ها الزحلاوية الحلوة اللي تركت انطباعات كثير حلوة عندي وأثر بحياتي، بَلِش أول شيء بذكريات البيت تبعي بيت والدي طبعاً وذكرياتي هي علاقات حميمة بَلَشْت فيها مع والدي أنا، الوالد كان شيخ مثل ما عرفته ولكن عاملني اللي أنا كصغير العائلة عاملني كأنه صديقه، يعني أعطاني حكمته بها الحياة ها الحكمة الحلوة اللي هو أكتسبها بحياته، وطبعاً بأخر أيام حياته كان مختار الحي وكان بيتنا مفتوح للناس يعني كل يوم ييجوا الناس لعند والدي بيستشيروه كانوا كتير يحترموه ويُقدِروا له تفكيره واعتباره، طبعاً الوالد مر إليّ حكمته بالحياة بها السن الصغير اللي كنت أنا فيه، ومن بعض الأمثال هيك اللي بقيت بخواطري وبذاكرتي مثلاً قال لي: "يا بني إتوقع كلمة شوك، الشين شادي، الواو وكالة، والكاف كفالة"، أو مثلاً يوم من الأيام كان كمان الوالد شاعر هو كان فنان طبعاً كان عازف عود عنده إحساس كتير مرهف وبالشعر كان يرتجل الشعر ارتجالاً، بقة يوم من الأيام قال قصيدة قدامي هوه حافظها شاف كلب وكان فيه فقير مارق على الطريق بقى ها الكلب صار ينبح على الفقير وقال ها القصيدة هايدي قدامي:
"يمشي الفقير وكل شيء ضده والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مخذولاً وليس بمذنب يرى العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب يوماً إذا رأت ذا ثروة خضعت لديه وحركت أذنابها
وإذا رأت فقيراً عابراً نبحت عليه وكشرت أنيابها"
كمان العلاقة الحلوة اللي عملتها، عملتها مع الوالدة، يعني الوالدة هي اللي ليها الفضل الكبير عليّ والأثر الأكبر بحياتي الفنية، الوالدة فنانة بحد ذاتها الله أعطاها ها الصفة الحلوة بالصوت الجميل ها الموهبة الحلوة، بقى كان طبعاً تغني لنا ونِحنَ صغار هاي كارولينا أو الوالد كان يقعد يدق بالعود وهي كانت تغني له، تغني له أغاني يعني الشيخ أمين الحسنيّن أغاني سيدة الغناء العربي أم كلثوم وعبد الوهاب هودي كلهم أُربِينا عليهم، والوالدة كمان كان عندها خيال واسع، أنا بتذكر بطفولتي إنه كانت تحكي لي قصص وهايدي القصص فيما بعد هي اللي أعطتني ها الخيال الرحب لحتى أكتب وأعبر بشكل حلو.
[شريط مسجل]
في بيئة عائلية تهتم بالفن وفي منزل رواد مجلسه كبار الأدباء والفنانين كسعيد عقل ووديع الصافي نشأ ميشيل الأشقر وتربى منذ طفولته على سماع الشعر والموسيقى ومساجلات الأدب واعتلت خطواته الصغيرة خشبة المسرح قبل بلوغه سن العاشرة، ومع تلك البداية الفنية المبكرة سنحت له الفرصة للاشتراك في فيلم سينمائي إلى جانب الفنانة نضال الأشقر والفنان عبد المنعم إبراهيم، ومع أولى تلك الخطوات كانت بلاده لبنان على موعد مع الحرب التي باندلاعها وضعت حداً لطموحاته الفنية الفتية وسبباً في هجرته إلى الولايات المتحدة الأميركية لاستكمال دراسته الجامعية وبقية حلمه في مواصلة مشواره مع الفن.
ميشيل الأشقر: كان بيتنا مفتوح للفنانين والشعراء يعني التقى بمجلس الوالد من عظماء الشعراء والفنانين بقى هايدا كان التأثير العظيم في حياتي، وطبعاً أنا كنت صغير العائلة خُلِقت بها البيت هايدا اللي كانوا كل أخوتي الأكبر مني، واحد كان أديب، واحد كان شاعر وفنان، الآخر كان صنائعي، أختي كانت تغني والوالدة كانت تغني، خيي كان يدق على القانون، سليم يدق على العود، جورج يرتجل الشعر ارتجال، بقي هايدا كان جو العائلة، ولكن المرحلة الابتدائية للدراسة كمان كان إليها تأثير كبير عليّ، رحت على مدرسة مار يوسف للراهبات الأنطونيات وها الصرح العظيم كان إِلُه الفضل الكبير على حياتي أنا والمسرح، أول مرة طلعت فيها على خشبة المسرح هي كانت بمدرسة الراهبات الأنطونيات، وبالفعل ها المدرسة بسيستمها (System) العظيم كانوا يِنمو ها الخيال عند الطلاب تبعهم، يِنمو الموسيقى، يِنمو الأشياء النظرية، يِنمو مواهب التلاميذ اللي عندهم مواهب ميالة للمسرح، وكان طبعاً نهاية العام الدراسي يتخللها بعض الفكاهة على المسرح أو الدراما أو الأعمال الموسيقية من الطلاب، وأنا كنت محظوظ إني إتعرفت على شخص بعتبره اليوم صديق أكتر من أستاذ أستاذي اللي بفتخر إنه كان أستاذي الأستاذ جورج كفوري اللي طبعاً فيما بعد أصبح رائد مسرحي في عالم الشرق الأوسط ونال أهم .. مسرحيته نالت أهم جائزة بمصر من سنتين أو ثلاثة بقى الـ .. مسرحيات الأستاذ جورج كفوري طبعاً اكتشفوا موهبة التمثيل عندي، كان عمري تسع سنين بأول مسرحية أنا شاركت فيها واكتشاف الأستاذ جورج كفوري طبعاً على مسارح الأنطونية بزَحّلِة خلاها .. خلاني أنتقل إلى مسرح الحي في المدينة ومسرح الحي في المدينة كان مسرح الوادي الجميل بالمعلقة، وكان فيه مسرحية عمبتنعمل بهيك الوقت اسمها هيك بدو النطور من كتابة الأستاذ إبراهيم شعنين والأستاذ أديب شعنين الله يوجه لهم الخير، اليوم هم ببلاد المهجر هم مهاجرين مثلنا بقى بيقوموا بيسألوا الأستاذ جورج كفوري على إنه بدهم شخص ولد صغير يمثل بها المسرحية وفعلاً كانت الانطلاقة إلي.
[شريط مسجل]
بين الهندسة والمسرح
في العام 1983 التحق ميشيل الأشقر بجامعة ماساشوسيتس لدراسة الهندسة المدنية وخلال سنوات الدراسة عاوده حنينه للفن وخشبة المسرح وبدأ بتلقي بعض الدروس في فن التمثيل المسرحي في أستوديو (Geninlend Hein) في بروكلين، وبعد حصوله على دراسة الماجستير في الهندسة المدنية في العام 1989 التحق بهارفارد لدراسة التمثيل وفنون الإخراج وإلى جانب ذلك كان اهتمامه منصباً على دراسة اللغة الإنجليزية التي بإتقانها أثمرت نصه المسرحي الأول ابن الحياة والذي تناول سيرة حياته رائد الأدب المهجري جبران خليل جبران بمعالجة إنسانية ركزت على الجانب النفسي والإنساني لتأتي حرب الخليج الأولى والأزمة الاقتصادية التي عصفت بأميركا لتُوقِف مرة أخرى مشروعه الفني.
ميشيل الأشقر: المسرحية إنعرضت لأول مرة في المؤتمر العالمي عن جبران خليل جبران الذي حدث في جامعة ميرلاند في الولايات المتحدة الأميركية، وجامعة ميرلاند بالذات هي فيها فرع للأبحاث الجبرانية عن جبران خليل جبران، وجوا لُه (cholars) من جميع أنحاء العالم يعني الذين درسوا جبران خليل جبران وتعمقوا في دراساته الفلسفية وعملوا إجازات حول جبران خليل جبران كانوا حاضرين بها المؤتمر، بقى ذروة الليلة هايدي طبعاً المؤتمر عندما عَرضت المسرحية ونالت إعجاب الجميع كان إليها أثر كبير بحياتي.
[مشهد من المسرحية]
كفنان تبهره دوماً لحظة الولادة أردت التقاط لحظة ولادتي لالتقطها عبر لوحة .. لوحة لطفل صغير تائه ينظر إلى وجه أمه الحزين أمه التي وهبته الحياة بألم، تعالوا دعوني أدعوكم جميعا إلى وطني، دعوني أصطحبكم إلى بلدتي بِشِرّي لنتجول في شوارعها الضيقة ويستقبلنا سكانها بحرارة، دعوني أعرفكم على حسن الضيافة اللبنانية.
ميشيل الأشقر: وحدثت قصة صغيرة قبل عرض المسرحية هي إنه خي اللي أكبر مني كان مدير مكتب وزارة السياحة اللبناني في باريس ومن باب الصدفة صادف الأستاذ سهيل بُشرُقي اللي هو رئيس مركز الأبحاث بجامعة يرلاند، ومن باب الحكي تم التعرف من إليه على الأستاذ بُشرُقي وخَبَّره عن شغلي حول جبران والأستاذ بُشرُقي طبعاً هو اللي كتب سيرة .. سيرة حياة جبران خليل جبران كان من جملة الباحثين اللي كتبوا السيرة عن جبران، وهيك تم التعرف على الأستاذ بُشرُقي ورحت قابلته في جامعة ميرلاند، قرا النص وأُعجب فيه كتير ولكن قالي إنه "أنا زلمة أكاديميكي"، يعني (I"m an Academic man) مش هأقدر أحكم على الوجه المسرحي تبعه، بدي أعرضه على صديق إلي في بريطانيا اللي هو مسرحي عالمي، وها الصديق هايدا طبعاً بعتلّه أنا الإسكريبت .. النص ونال إعجابه وأرسل لي رسالة كتير مستحبة بيُقدِر العمل اللي عملته، وهيك نِلت ثقة اللجنة اللي قايمة بالمؤتمر العالمي في جامعة ميرلاند حتى أعرض مسرحية جبران، وبعد عرض المسرحية طبعاً طريق المسرحية من باب أول كتابة أول سطر منها إلى عرضها كان طريق شاق وطويل .
[مشهد من المسرحية]
الحرب في الشرق الأوسط عندما اندلعت وُلِدت شخصية جديدة بداخلي، عندما رأيت أن الحرب تُضاعِف مأساة شعبي بلبنان الذين لا يموتون كثوار أو على ساحات المعركة بل يموتون من الجوع، آذان الإنسانية باتت صماء وسط صراخ أطفالهم.
مسرحية الأشقر عن جبران خليل جبران
[شريط مسجل]
حتى العام 1996 ظل ما كَتبه ميشيل الأشقر عن حياة جبران حبراً على ورق حتى عرضه على إدارة مشروع بحوث ودراسات جبران خليل جبران بجامعة ميرلاند وبعد إطِّلاع النقاد عليه حظِي النص بحظ كبير من الإطراء من اثنين من كبار النقاد المسرحيين لِما تضمنه النص من تركيز كبير على تقديم صورة جبران خليل جبران الأديب والمفكر والإنسان والفنان عبر تسليط الضوء على رحلة حياته المليئة بصور المعاناة في نفس دقيقة المشاعر والإحساس تعاطت الأدب وكتبه بروح شفافة حالمة وقلم طفح حبره بمداد المحبة وخبايا نفس الإنسان وتغزُّلاً بمفاتن الطبيعة وأسرارها برحلة فصولها قرية مولده بِشِرّي ثم بوسطن فنيويورك مروراً بباريس، رحلة عمر أبدع في تجسيدها الفنان ميشيل الأشقر ببطولة متفردة.
ميشيل الأشقر: مسرحية ابن الحياة مسرحية شخص واحد اللي هو أنا .. أنا الممثل الوحيد فيها، والمسرحية تدور حول حياة جبران خليل جبران طبعاً الذي تخللتها ها العناصر أو الناس المهمة كتير اللي مرأت بطريق حياته ومنهم طبعاً من لبنان إلى أميركا ومروراً بباريس من لبنان أُمثل يعني من خلال اللي هتشوفه بعدين بالمسرحية أنتقل من دور إلى دور ثاني، الدور الأساسي هو دور جبران ولكن له محطات في حياته بتشوف فيها بَيّه بلبنان بتشوف فيها أمه بلبنان وبعالم الغرب في أميركا حتى خيه حتى أخته .. أخته ماريان اللي رافقته طوال عمره، وطبعاً تدخل أهم الأدوار للأناس اللي أثروا تأثير عميق لجَبّل ها الشخصية تبع جبران خليل جبران اللي منها كان أول من أكتشف أنه فنان اللي هي كانت مُعلمته ببوسطن اسمها مسز بيرد، ومُعلمته اللي ببوسطن كان عندها خوف كثير عليه إنه يمكن ما حدا يوجهه إلى طريق الفن مثلما هو لازم، عرفَته على شخص صاحبها اسمه فريد هوننديه، وفريد هوننديه هنا هو إليه التأثير العظيم على جبران خليل جبران من الناحية الفنية ومن الناحية الأدبية كمان هو اللي فتح له ها المجالات هاي أن ينطلق إلى أبعاد الفن ويستذوق الفن فن عالم الغرب، وفريد هوننديه ما كانش بس هو فنان لكن صاحب مطبعة وهايك.. والأستوديو اللي كان عنده ببوسطن كان ملتقى لمفكرين لفنانين لعمالقة في هذاك الوقت وطبعاً فريد هوننديه وجود جبران في أستوديو عنده اللي سمح له إنه يعرض بعض لوحاته بعد ما أنجزهم جبران، كانت هايدي الليلة هي البداية العظيمة لتعريف جبران خليل جبران على ماري هسكل اللي إليها أثر عظيم في حياته، ماري هسكل مش بس كانت الصديقة والمرأة العطوفة اللي عطفت على جبران اللي فتحت له مجالات واسعة قدامه اللي خَلِت إنه تتفجر عنده ها الثقة النفس العظيمة اللي بتكون عند كبار الفنانين والعظماء، ولكن ماري هسكل هي إليها أثر كبير على مؤلفات جبران الإنجليزية أنها نقحتها باللغة الإنجليزية المظبوطة الصحيحة، ومن هُون طبعاً ننتقل من محطة إلى محطة إلى محطة وماري هسكل كان إليها الأثر الكبير لحتى تخلي جبران يصير يفكر بها التفكير المستقبلي العظيم طبعاً لأنها وجّهته إلى الحياة الأميركية وإلى حياة عالم الغرب.
[مشهد من المسرحية]
وظل مصطفى مختار الحديث الذي كان ثغراً لذاته ينتظر سفينته في مدينة أورفليس، وفي السنة الثاني عشر في السابع من شهر الحصاد صعد إلى أعلى الجبال ونظر صوب البحر ورأى سفينته آتية فصلي في شجون نفسه وقال في ذاته أنا ابن حتى لا تعرف عمقها إلا ساعة الفراق .
[شريط مسجل]
الحنين للعودة إلى زَحّلِة
تروي الحكاية أن كان لأوطاننا قمراً للحب سرق الجيران منا لونه وأهدوه بوجه زائف لما توهمناهم أحبة، وزُوِر القمر واستدار وجه الحياة إلى ما ليس يشبهنا وأغوت لعبة الحرب شادي وغاب خلف التلال الغوية لتبدأ حكاية هجرة الأوطان والعشق البعيد، أوطان تركناها خلف الظهور بلوزها وأرزها وفراتها والنخيل وصعيد نيلها الدافئ وتركنا ابنة الجيران الحقودة تسرق القمر كلما أهلّ لتُزوِر وجهه وتُزوِر وجهنا حد الأفول فلم نعد نملك منه غير الحنين إليه.
ميشيل الأشقر: هجرتي إلى عالم الغرب كان إليها دوافع والدوافع كانت الأولوية هي الحرب الأليمة اللي تعرض لها الوطن الحبيب لبنان، والهجرة تاريخياً بالشرق الأوسط بعدة مجتمعات كان أسبابها هي عدم الاستقرار السياسي في الشارع، وإن إحنا نطلب الهجرة لسبب بين أو عدة أسباب مش بس إنه كان عندنا الدافع الأليم تبع الحرب ولكن عندنا الدافع الثاني اللي هوه طلب العلم، هاجرت إلى الولايات المتحدة طلبا للعلم هايدا كان يعني الهدف الأول وطبعاً الهروب من الواقع الأليم اللي تعرض له الوطن، وجينا على عالم الغرب وجابهنا كتير صعوبات، وبالإضافة إلى صعوبة اللغة كانت عدة صعوبات كمان هي الانخراط في ها الجو المجتمع الأميركي، طبعاً نِحنَ جايين من مجتمعات شرق أوسطية ومقدساتنا غير مقدسات الأميركان وطريقة التفكير تبعنا غير طريقة التفكير تبعهم، بقى طبعاً هايدا كان إلُه أسبابه ولكن حاولنا أن نجتاز ها الصعوبات هايدي بالتعرف والتقبل القضايا اللي همتنا نِحنَ، مثلاً أخذت من المجتمع الأميركي أنا ما استلذت نفسي إليه واللي ما استلذت له نفسي تركته، وكمان من مجتمعي أنا في قضايا كمان بمجتمعي الشرق أوسطي خليت .. حافظت على ها المقدسات هايدي تبعي لأنها تعني لي أشياء، دايما في البال لبنان وشعب لبنان وعائلتي وأهلي وأحبابي في مدينتي مدينة زَحّلِة الحبيبة مدينة الشعر، يعني ما في نهار بيمر إلا ما بفكر ببيئتي بمجتمعي الحلو، ويعيش الإنسان بها الحنين هايدا كل يوم بيوم وساعة بساعة في أيام الهجرة تبعه، وطبعاً أمنيتي أنا الوحيدة في ها الحياة إني أعود وأتقاعد يعني أمضي أيامي الأخيرة في وطني الحبيب لبنان وبالأخص في مدينة زَحّلِة، مدينة زَحّلِة اللي بتعني لي كل شيء بجمالها ببيئتها الحلوة بشعبها الحلو بتفاعلها الحضاري وبجمالها الطبيعي كمان، وهايدي هي الهجرة بواقعها الحلو والأليم بالنسبة إلىّ.
[شريط مسجل]
ونعود لنكذُب الأوطان كلما ارتفعت بنا الدنيا، تعالى في داخلنا التنكر لعهد قطعناه لعناقيد تدلت عاماً تلو عام بانتظار عودتنا فإلى متى نكابر صبرنا وإلى ما يطول صبر التلال التي فوق عشبها أَشهدنا العندليب عند المنحنى بأننا سنعود يوماً إلى حَيِّنا ودافئات المنى وناس الحنين وتلال الحنين حتى الغيم ورفوف الحمام يعود فما بالنا نحن البشر ننكر عهدنا وننسى الديار، أهكذا علمتنا الحياة نكران صوت الناي وكأننا حقاً سطور ماء في دفتر الحياة خاصمها الشتي.