موعد في المهجر

غنى السويدي

من عائلة عريقة النسب، ومن بيت امتهن السياسة والمحاماة وفيه كانت النشأة، نالت شهادة البكالوريوس من أشهر جامعات إنجلترا، وفي أسكتلندا أكملت دراستها العليا في تخصص قانون النفط، بثبات وإرادة حازت على الشهرة بقضية واحدة وحققت نجاحها المستمر.

ضيوف الحلقة:

غنى السويدي: متخصصة في قانون النفط

تاريخ الحلقة:

28/02/2003

– نشأة غنى السويدي وأسباب اشتغالها بالمحاماة
– انتقالها من لندن إلى كندا وشهرتها كمحامية

– علاقتها بالجالية العربية في كندا وتعلقها بالأهل والوطن في العراق


undefinedالمعلِّق: أبيض كان الغيم من حولنا ومن فوقنا، وتورنتو من الأسفل بدت لنا مثل حبة كستناء سقطت للتو من غصنها، فغطاها الثلج أو هكذا أفصحت لنا حين نظرناها من علوٍ بعيد، وأعمدة الأسمنت المعاندة لبرد القطب أفصحت عن هويتها حين اقتربنا انخفاضاً، لم يكن غير صوت الريح المشاكسة تعكِّر وجهها الهادئ. على أبوابها كان الإوز المهاجر قد حط ليستريح، غير مبالٍ بنا أو بما خلفه من العمران المطاول لهذه المدينة التي جئنا إليها بحثاً عن قصةٍ لمهاجر، إلى هذه الأرض الشاسعة امتداد الثلج، والبعد وتفاصيل القصص في بلاد المال والأعمال، وحكايا نجاح.


نشأة غنى السويدي وأسباب اشتغالها بالمحاماة

غنى السويدي: ولدانة أنا في العراق في بغداد، في منطقة الرصافة محل ولادتي.

بغداد فيها منطقتين، منطقة الرصافة ومنطقة الكرخ، اللي يقسمهم نهر دجلة. عائلتي متكونة من والدي ووالدتي، وإخوة تنين، واحد أكبر من عندي وواحد أصغر من عندي. والدي خريج.. خريج كلية حقوق، وهو محامي هو يشتغل، والدي علي السويدي، ووالدتي خريجة أدب إنجليزي، وعندها دراسات عليا من أميركا.. والدتي من بيت العاني. عشت في بغداد في منطقة في.. على أبو نواس، بيتنا على أبو نواس في منطقة بغداد، وأبو نواس هو يعتبر الشارع الرئيسي في بغداد. من الشوارع الرئيسية اللي هو على نهر دجلة، مثل الكورنيش. في أبو نواس فيه اللي يميز هذا الشارع من الشوارع الباقية أول شيء إنه هو على نهر دجلة، وفيه مطاعم كتيرة وفيه منتزهات، على ما كنت أنا هناك كان أتذكر الأضوية بالليل، أضوية المطاعم وأصوات السيارات، خاصة.. خاصة يوم الخميس اللي هو العطلة بتاع آخر الأسبوع الخميس على الجمعة، أصوات السيارات، وبالصيف الهواء.. هواء.. هواء النهر نفسه وريحة.. ريحة السمك، السمك المذكوف اللي يعملوها.. يعملوا السمك المذكوف بالمطاعم على.. على جرف المية نفسه. بما إنه عائلة والدي هي.. والدي محامي، وعندي عمي سامي السويدي محامي، وخال بابا كان توفيق السويدي كمان كان محامي، ففيه.. فيه محاماة عندنا بالعائلة، وهذا السبب اللي خلاني أنا أتجه باتجاه المحاماة.. من ناحية والدتي إخوتي الاتنين اتبعوا اتجاه شغل أهل والدتي اللي هو بالتجارة، أخويا الكبير يشتغل بالتجارة، وأخويا الأصغر من عندي يشتغل نائب مدير بنك في البحرين، فعائلتنا متمسكة لحد الآن، حتى بما أنه إحنا كل واحد في بلد نحاول خلال السنة عدة مرات أنه نلتقي ولو لفترة قصيرة حتى تكون العائلة مجتمعة كلها مرة واحدة وواحد يشوف الثاني، ويصير الاتصال العائلي بينا إحنا كلنا.

المعلق: من عائلةٍ بغداديةٍ عريقة النسب والجذور انحدرت غنى السويدي، ومن بيتٍ اشتهر باشتغاله بالسياسة والمحاماة، كانت ولادتها ونشأتها الأولى.

بدأت مشوار الغربة منذ صباها، فبعد أن أتمت مرحلة الدراسة الإعدادية ببغداد سافرت إلى سويسرا لإكمال دراسة الثانوية العامة، ومن ثم سافرت إلى إنجلترا لدراسة القانون في جامعة (باكنجهام)، ومنها نالت البكالوريوس بتفوقٍ عالٍ، ومن بعد ذلك إلى اسكتلندا للتحضير للدراسة العليا في جامعة داندي، وفيها نالت الدبلوم ثم الماجستير في تخصص قانون النفط، وبعدها ارتحلت إلى كندا للعمل في المحاماة والإقامة.

غنى السويدي: كملت الماجستير في (Dandy University) وأخذت ماجستير قانون النفط من جامعة داندي، اللي هي باسكتلندا، والسبب إن.. اللي خلاني أروح هناك لأن أبار النفط بشمال إنجلترا اللي هي باسكتلندا نفسها تكون موجودة، وهناك قابلت أبو سارة وتزوجنا، وكان هو جاء على كندا، وجيت أنا معاه كندا. أنا كنت أحب أدرس حقوق بالجامعة أول شيء، وقانون النفط من الأشياء اللي واحد ممكن يستعملها بالبحوثات أو بأي شيء ثاني، فأنا كان بالإضافة إلى التدريس كان عندي رغبة إنه اشتغل مع الأمم المتحدة، وقانون البحار وتلوث البحار، كل هاي الأشياء كان أحب أنا أتخصص بيها، بس النصيب صار أنه جينا كندا وتغير تخصصي بالمرة في كندا، بس شهادتي مثل ما هي بقانون النفط موجودة، بس عندي معلومات كتير صارت عن آبار النفط والبحار وتلوث البحار، وأرض البحار، كلها هاي معلومات صار عندي خبرة فيها، فأما جيت كندا حاولت.. كان المفروض أعادل شهادتي، وجيت بأونتاريو، بأونتاريو لازم كان أعادل شهادتي حتى أقدر أشتغل، إذا عادلت شهادتي بأونتاريو إلي حق أشتغل بأونتاريو فقط كمحامية هنانا بكندا، لو كنت معادلة مثلاً بالكيبك كان لازم أشتغل بس بالكيبك، إذا معادلة بأي محافظة ثانية لازم أشتغل بنفس المحافظة نفسها، لأن هون فيه لازم واحد يشتغل بالمحافظة اللي.. بالمقاطعة اللي تخرج منها، بس فيه فارق بين هون وبين إنجلترا إنه بإنجلترا الواحد لازم يتخصص لما إن يخلص محاماه، يا إما يصير (بارستر) أو يصير (سولستر)، البارستر يروح محاكم ويترافع بالدعاوي، والسولستر يعمل أعمال ورقية بالمكتب مثل بيع وشراء أراضي أو بيوت أو شركات.. تأسيس شركات. هنانا بكندا المحامي ممكن يأخذ الدورين، ممكن يعمل الاثنين، ممكن يعمل.. يصير بارستر وممكن يصير سولستر، ما فيه داعي للتخصص هنانا بكندا، فأنا بالنسبة إلي أعمل.. أغلب شغلي بارستر وكان أغلب شغلي أروح في محاكم وأعمل مرافعات إذا كانت جنائية أو معاملات هجرة، استئناف أو أي شيء ثاني بالمحكمة الفيدرالية.


انتقالها من لندن إلى كندا وشهرتها كمحامية

المعلق: كان البحث عن عملٍ هي العقبة الأولى التي واجهتها غنى السويدي في قصتها كمهاجرة، ولأن ندرة تخصصها في قانون النفط لم يكن متاحاً لها العمل في كندا، فاضطرت لتعديل شهادتها للعمل في القانون الجنائي، وقُدِّر لها أن تكون أولى القضايا التي توكلت بها سبباً في ذيوع شهرتها كمحامية، استطاعت بمثابرة ونشاط تحقيق استقلالية كفلت لها الاستمرار، وبنجاح في شق طريقها وبثبات في تحمل أعباء الغربة القاسية موازنةً بين متطلبات عملها ومسؤوليتها كأم.

غنى السويدي: بالـ 97 تقريباً نقلت مكتبي من لندن أونتريو إلى تورنتو، وفتحت مكتبي هنانا في تورنتو، وابتديت أشتغل بالقضايا الجنائية، القضايا الجنائية اللي خلاني أشتغل بيها الحقيقة من القضايا الأولية اللي عملتها بعد مجيئي إلى تورنتو كانت قضية شخص عربي كان منتحل شخصية دودي الفايد، وبالنسبة إليَّ كانت قضية مهمة بمجال عملي، لأن خلت اسمي معروف بالمجتمع العربي لأن فيه ناس كتير عرب تأثروا من ها القضية نفسها، فمن يوميتها ابتديت أعمل قضايا جنائية في.. في تورنتو، والشيء الثاني (…) اللي ساعدني أتفهم المعاميل اللي عندهم القضايا الجنائية إنه أحياناً فيه كلام الشخص العربي يقوله اللي ما يعني فيه أي شيء هو بداخله، بس حسب القانون الكندي يعتبر كتهمة مثلاً إذا فيه اثنين أصدقاء بيتخانقوا، وواحد يقول للثاني والله هأقتلك، حسب القانون الكندي هنانا قضية جنائية، اتهام هيكون عليه، وهتصير قضية بالمحكمة، فأحاول أساعده بأي طريقة ممكن نحل بيها القضية بطريقة سلمية حتى ترضي الطرفين.

من ناحية الهجرة صار عندي الحمد لله سمعة هنانا بكندا من ناحية شغلي، لإني قدرت أركز نفسي، وسمعتي كويسة في المهنة نفسها. عملت قضية هجرة، قضية اسمها قضية وزير الهجرة مع قضية ثابت، اللي هي صارت تستعمل كسابقة في كندا، كان بالمحكمة الفيدرالية، وسابقة يتطبق.. تستعمل في القضايا بصورة عامة في كندا، ويتطبق عليها كثير من القضايا، لأن هون قانون كندا.. قسم منه على قوانين، وقسم منه على قضايا، اللي هو الـ (Common law) اللي هو القانون الإنجليزي، يعني قضية تثبت والقضايا اللي تتبعها تستعمل.. تستعمل نفس القضية المثبتة، أو يسموها السابقة الـ (precedent) يسموها بالإنجليزي، فهذا اللي خلى سمعتي هنانا معروفة بين المحامين و.. و.. زبايني الـ (Clients) تبعي في المجتمع هنانا.

يعني هون بكندا قدرت أركز نفسي، الحمد لله لأن كان عندي الفرصة اللي تخليني أنه أركز نفسي. بالبداية كامرأة واجهت صعوبات من.. من العرب بصورة عامة، لأن لما يشوفوا محامية، بالنسبة إلهم محامي شخص أقوى يشتغل من محامية امرأة، بس الحمد لله الزمن ونجاحي بالعمل وتركيزي بالمجتمع خلى يبين إنه ما فيه فرق الحقيقة هنانا بين رجل أو امرأة هي اللي هيؤثر وهيخلي الشيء المهم بالنهاية قدرة الشخص وقابليته على تفهم القضية، وبأي طريقة ممكن يحلها بحيث ترضى الطرفين.


علاقتها بالجالية العربية في كندا وتعلقها بالأهل والوطن في العراق

المعلق: في مجتمعات الاغتراب وما تواجهه الجاليات العربية من تحديات ثقافية ومؤثراتٍ اجتماعية تحاول هذه الجاليات الحفاظ على موروثها الديني وتقاليدها العربية، ومن خلال دور العبادة، وما توفره من فرصٍ للاجتماع والتواصل، وعبر منتدياتٍ اجتماعية ونشاطاتٍ ثقافية توفر بيئة للتلاقي والتكافل لبناء بنية منظمة ذات طابعٍ اجتماعي تكفل لأبنائها الذين ولدوا بعيداً عن الأوطان الأم النشأة في ظروف وبيئة اجتماعية تضمن الحفاظ على الموروث من العادات والتقاليد، والأمن النفسي تحت مظلةٍ يتعايش تحتها مجموعةٌ من الثقافات المهاجرة.

غني السويدي: الشيء اللي هو زين في تورنتو إنه عدد الجاليات العربية كبير، وهذا.. هذا يخلي الجاليات كلها تتعرف واحدة على الثانية، والتواصل بيناتهم يكون موجود، والالتقاءات كجالية عربية بصورة عامة. بالنسبة إلي أنا.. أنا أحاول أساعد الجالية العربية كلهم إذا كان العرب بصورة عامة أو السوريين أو العراقيين أو الفلسطينيين بالطريقة اللي أقدر أساعدهم بيها أنا اللي هي عن طريق عملي. أحياناً أساعدهم عن طريق إلقاء محاضرات وأخلي الأسئلة مفتوحة بالمحاضرة حتى.. خاصة على القوانين الجديدة أو عن المشاكل اللي تكون بالبلد.. اللي كانت دايرة بالبلد بالوقت اللي أعطي بيه المحاضرة، أو عن طريق استشارات مجانية أوفر استشارات مجانية للجمعيات حتى أنا فكري أنا لما أسوِّي هذا الشيء هتتقوى الجمعيات عند العرب بصورة عامة، لأن هيصيروا متفتحين أكثر على القوانين الجديدة وعلى المشاكل اللي طارئة بالبلد، فهذا الشيء اللي هيقويهم.. بالإضافة إلى الاجتماعات و.. والندوات اللي.. اللي أعطيها أساعد العرب عن طريق وجودي معاهم بالمناسبات، بالأفراح، أو بالأحزان.. إذا صار مثلاً مشكلة بأي بلد من البلدان العربية هنانا إخوانا العرب راح يسوُّوا لها شيء وهيعملوا لها مناسبة، يعني مثل مناسبة بسبب هاي المشكلة، اللي.. اللي هتخلينا أحنا نحس نفس الأحساس اللى إخواننا بالبلد الموجود بيه المشكلة يحسوه، مو معناتها إحنا هنانا وهاجرنا معناتها خلاص نسينا إخواننا العرب، لأ بالعكس إحنا نحس بيه أكثر، لأن إحنا هنانا بعيدين مش عارفين اللي بيصير، والطريقة الممكن إحنا نساعدهم بيها إنه هنانا عن طريق تجمعاتنا وعن طريق نشاطتنا ممكن نساعدهم بأي طريقة ممكن فيها.

المعلق: مع غروب شمس المهاجر، وبرغم كل ما يتيحه يوم الغربة من مقتضيات العيش والحرية في بلاد المهجر يبقى للمساء غموضه الذي يثير صور الحنين، لصورٍ من زمنٍ عاشه المهاجر في الوطن بتفاصيله الصغيرة المؤسسة للذاكرة واللصيقة بالعمر والعصية على النسيان تتجدد كلَّما فتحت نافذةٌ أطل منها المهاجر على فضاءٍ يُحفِّز الصور القديمة بتفاصيل تضيء في الروح مسافات من حنين لأيام من زمن مفقود تسرب من بين الأصابع يثير شعور الشجن عندما يستعاد كرعشة بردٍ تتخلل النفس، ومعها تختصر المسافة وينكفئ الوقت.

غنى السويدي: على طول أتذكر إخوتي وأيام اللي قضيناها إحنا في بغداد، وعائلتي وأقاربي (…) وأولاد خالتي وأولاد عمي. إخوتي علاقتي كتير قوية كانت معاهم ببغداد، وكنا على طول سوا سوا، ولو بعض الأحيان لما إن كنا بنكبر أخويا الكبير لما إن وصل عمر معين صار ما يحب يطلع معانا أنا وأخويا الصغير ويحب يطلع وحده، فكان تصير -أتذكر- مشاكل كتيرة، لأن كنا نحب نطلع وياه، وهو ما كان يريد نطلع نفس الطلعة وياه سوا إحنا، فكان أتذكر والدتي كانت ترتب لنا طلعات تانية أنا وأخويا الصغير حتى نطلع إحنا وأخويا الكبير يطلع وحده، فكنا أتذكر من الطلعات اللي كنا نطلعها نروح بيت خالتي ونلعب مع ولاد خالتي أحمد وعبد الرزاق، أتذكر كان عندهم حديقة كبيرة، وبالصيف كنا نلعب بالحديقة إلى أن تغيب الشمس، وبعد ما تغيب الشمس نرجع.. نتعشى عندهم أحيانا كنا، وبعدين نرجع للبيت و.. وبوقت الصيف المعروف إنه في.. ببغداد، وبالعراق بصورة عامة، لأن الدنيا حر قوي قوي، بالليل الناس تنام على السطوح، فأتذكر أيام ما كنا في بغداد كنا ننام على السطح، وحتى كنا.. كان يعني العوائل كلها كانت تطلع تليفزيون بالسطح، و.. وننام بالسطح، هوا السطح بارد يكون بالليل، بس الصبح بس تيجي الشمس، الشمس تصير قوية ولازم ننزل وش الصبح يعني، ننزل.. نصحى وننزل، ويبتدي يومنا من جديد ببغداد.

عائلتي.. والدتي، إلها تأثير قوي علينا إحنا كلنا، عليَّ أنا وإخوتي الاتنين، لأن إحنا أغلب الوقت يعني عندنا اتصال قوي مع والدتي، ووالدي هو موجود بس يسافر هو كتير، فوالدتي لازم أنا بكندا هنانا على الأقل اتصل بيها مرتين باليوم، بس كاتصال عائلي بيني وبينها، وإخوتي نفس الشيء يتصلون بيها على طول، وإلها تأثير قوي عليَّ، هي اللي كانت يعني سبب تعليمنا إحنا و.. بالخارج وأخذ الشهادات إلنا، كان من الأشياء المهمة بالنسبة إلها، لأن هي كانت تقول خاصة إلي أنا اللي أتذكره هذا: إنه أقوى سلاح للامرأة اللي عندنا العربية هو أن يكون عندها شهادة و.. و.. وتكون معتمدة على نفسها، وهذا ثبت صحيح بالنسبة إلي أنا، لأن أنا وصلت للحد اللي وصلت له ما كان.. ما كان ممكن أقدر أوصل له لو ما كان عندي شهادة بتسندي بظهري.

المعلق: من دائرة إلى دائرة، ومن زحام إلى زحام، وليس من عين لها ما يميزها غير عين الغريب الحائرة، عندما تشتاق إلى ما يشبهها، ولا شيء يشبه طعم الموت غير غربة المنفى مسيراً نحو شعاعٍ ما عاد يغري، إلى أين والكل حواليك مرتاع ضجر ينتظر، والحلم ما عاد غير بقايا طوفٍ يتأرجح فوق أديم الماء، حنيناً إلى معنى الوطن؟ ما سدَّ بابه يوماً هو (ابن عباس).

غنى السويدي: أغلب الناس لما إن تهاجر لكندا.. يعني أكثر الناس عندها أسباب لما تهاجر من بلدها إلى بلد غريب وبلد أجنبي، وعدد كبير من الناس سبب الهجرة إلهم يكون سبب اقتصادي بالبحث عن مستقبل أحسن. أنا بحالتي أنا يعني ما كنت متوقعة أبداً راح أهاجر إلى أي بلد أو.. خاصةً بالذات كندا، يعني بالنسبة إلنا كندا كان بلد بعيد جيداً، بس كان فيه فرصة وانتهزت الفرصة ورجعنا نقلنا على كندا.. صعب الحياة كبلد أجنبي بالبداية صعبة جداً تكون طبعاً، وكل شخص يعاني فيه عنده صعوبات، و.. بس لازم يحاول، ولما إن بحالتي أنا مثلاً شفت فرصة أنه موجودة بالنسبة إليَّ كامرأة ممكن.. يعني احتمال بأي بلد ثاني ما ممكن تكون موجودة عندي ها الفرصة، فانتهزت الفرصة وركزت نفسي وابتديت أشتغل. بعد ما الشخص يركِّز نفسه ببلد غريب يشوف من الصعوبة أنه ينسى كل شيء ويرجع لبلده مرة تانية، من ناحية الأطفال صعب لأن الأطفال يولدوا هنانا، وبالنسبة إلهم اللغة والأصدقاء والمعارف كلهم يكون.. بالنسبة إلهم البلد المهاجرين إلها هو بلدهم، بس مهما حاولنا يعني وخلينا ارتباطهم بالبلد.. بلدنا إحنا اللي هو بحالتي أنا العراق صعب جداً الواحد ياخذ الأطفال ينقلهم من.. من كندا مثلاً إلى العراق، بس بالنسبة إلي أنا ولو أنا هنا بكندا مركِّزة نفسي بكندا بس بالنسبة إلي العراق هو بلدي وجذوري هي من العراق. صعب جداً الواحد ينسى بلده والحياة اللي عاشها بالطفولة.

المعلق: لا شيء مثل الصمت حين تضيق العبارة عند حدود المرافئ، فلا مفر من الحنين، وهل تجدي السطور عن معنى العناوين؟ لا يا دمعتي، لا تتحجري وتداعي على عجلٍ مثل صلاة مسافر، مَرَّ الجميع من هاهنا، ووحدها سفني ستبقى حبيسة العبارات والمعنى المراوغ.

المصدر : الجزيرة