موعد في المهجر

السيد يوسف عبد الحق

لبناني الأصل من قرية يانطا الصغيرة على قمة الجبل، هاجر إلى كندا وحصل على شهادة البكالوريوس في العلوم التربوية، ساهم في تنظيم المناهج التربوية للجاليات العربية وترسيخ الهوية واللغة العربية لدى المهاجرين العرب، عمل مستشاراً لرئيس الوزراء الكندي.

ضيف الحلقة:

يوسف عبد الحق: خبير اقتصادي – كندا

تاريخ الحلقة:

01/08/2003

– طفولته ونشأته في قرية يانطا
– بروزه في المجال الاجتماعي في إدمنتون

– دوره في إنشاء برنامج تعليم اللغة العربية

– مناصبه ومسؤولياته التي تولاها في مقاطعة ألبرتا


undefinedيوسف عبد الحق: عائلات عربية من مختلف الوطن العربي قمنا بوداعها اليوم، عائلات يشدها الحنين إلى أوطانها فتحمل الأمتعة والأطفال وتعود إلى أرض الأجداد، وطبعاً لهذه العودة عدة أسباب، أولها: الشوق للأهل وللأرض وللوطن.

وثانيها: أن العائلات العربية المتواجدة في هذه الديار دائماً تسعى لكي يتعرف الأبناء والنشء الجديد على الوطن الأم، فكما رأينا اليوم مجموعة كبيرة من العائلات تغادر بشكل يومي خلال ثلاث شهور الصيف، وإذا خُيرت بأن تصطاف في أي بقعة ثانية في العالم تختار العالم العربي.

المعلق: غريبة هي في عمقها لحظات الوداع وأنت تبصرها في العيون تحت سقف المطارات أو على أرصفة الموانئ، دقائق من وقت تجمع في ثناياها أضداداً من الشوق، يوحدها عنوان واحد هو الحنين، ولكن تبقى للمَهَاجر خصوصيتها المتفردة، فحين يكون الوداع لعائد للوطن، فما تقرأه في العيون ولفتاتها شيءٌ مختلف تماماً، وسر اختلافه يكمن في أنه يصدر عن تجربة خبرت معنى البعد عن الأوطان.

عائد التفت النفوس من حواليه وكأنها تستودعه عيونها للسلام على الوطن، في مطار إدمنتون كان موعدنا مع مهاجر عربي قرأنا في عيونه صورة لحنين بدا لنا مختلفاً باندفاعه وتلفتاته.

طفولته ونشأته في قرية يانطا

يوسف عبد الحق: ولادتي كانت في قرية متواضعة تقع على سفوح حرمون في لبنان، في قضاء عشية اسمها يانطا، ويانطا يُعرَّف عنها تاريخياً بأنه اسم الحمامة البيضاء وهذا اللقب تستمده يانطا بشكل طبيعي نسبةً لتراكم الثلوج في فصل الشتاء إذ يتراكم الثلج لارتفاع ثلاثة أمتار في بعض السنين، وهذه الحمامة البيضاء أيضاً هي انعكاس عن نفسية أبناءها وأهاليها يعني تقع من على.. على مرتفع حوالي 1500 متر، ويقال أنها القرية المقطونة أو المسكونة باستمرار، الأعلى ارتفاعاً في الشرق الأوسط.

بالطبع يعني الأطفال الذين يتنشؤون في القرى تتعلق في أذهانهم ذكريات الطفولة، منها قسوة الحياة اللي بيعانوها في صغرهم، إن كان في فصل الشتاء، يعني لما كنا نطلع للمدرسة ولم يكن في ذلك الحين تدفئة مركزية ولا فيه سوى ما يسمى بالوجاق أو اللي إحنا نسميه الباجور في الضيعة يعني ترى.. تشاهد عدد كبير من التلاميذ كل واحد يتأبط كتبه ويحمل خشبة في إيده، ليش؟ لأنه كل واحد منا بده يساهم في تدفئة المجموعة، يعني خذ قياساً بأنه تعلمنا أن يكون الإنسان هو إنسان المجتمع من هذه يعني النشاطات أو من هذه التقاليد اللي اضطرينا نعيشها ونحن في صغرنا، حتى الساندويتشات اللي كنا نأخذها، الساندويتش اللي كنا نأخذه في البيت للكتاب معنا على المدرسة كانت الوالدة تقول لي -الله يرحمها- إنه خذ ساندويتش آخر، لأنه بدك تشارك حدا غيرك لما بتطلع وعلى.. الفرصة، وغالباً كنا لما نطلع على الفرصة طبعاً أنا كنت أكول من صغري، فلما نطلع على الفرصة نتشارك على الساندويتش، وأكثر الأحيان يطلع لي أنا حصة أكبر من غيري، لأنه مثل ما عم بأحكي لك مثل ما أنت شايف يعني، فهذه الذكريات كمان خلقت مع مجموعة كبيرة من الأطفال اللي نحنا تنشأنا معهم، خلقت روح الود والمحبة والصفاء، بأنه إذا.. إذا تقاسمنا لقمة العيش فشو بعد فيه يعني باقي من الأمور الذي.. التي لا نتشارك عليها.

المعلق: ذكرياته وعبقريته يانطا حيث وُلد وبين تلالها تأسست ذاكرته الأولى، والتي أعطته فيما بعد ذائقة فنية وجمالية في تقصي الوقائع انعكست على واقعه الاجتماعي بأثر كبير، في مجتمع المهجر بكندا التي جاءها يافعاً بقصد استكمال الدراسة بمرحلتها الثانوية، ثم درس العلوم التربوية بجامعة (وينسر) بمقاطعة (أونتاريو) ونال فيها البكالوريوس في التخطيط التربوي، ثم حصل على شهادة بكالوريوس أخرى في العلوم السياسية والاقتصاد من ذات الجامعة، ثم التحق بجامعة (ألبرتا) للتحضير للدراسات العليا ومنها نال الماجستير في الاقتصاد والعلوم السياسية واستقر بمدينة إدمنتون ليبدأ مشوار حياته العملية.

يوسف عبد الحق: ولكن الذكريات الجميلة في المدرسة، يعني حياة الإنسان تبتدئ على مقعد الدراسة، أنا لا أزال أذكر التلاميذ اللي كانوا بجانبي، طبعاً من شباب وصبايا يعني من.. من الصفوف الأولى في المدرسة، والمعلمين القيمين اللي زرعوا فينا محبة العلم، إذا يعني حاولت أن أذكر بعض الأسماء يمكن أسبب أو أُلحق إجحاف في حق آخرين فمعلمينا اللي كانوا كثير يحضنوننا ويحاولوا يزرعوا فينا رغبة التقدم في العلم والنجاح، وطبعاً كانت قلوبنا ترتجف عند توزيع العلامات، كان مدير مدرستنا -رحمه الله- الأستاذ فايز شتاية يأتي عند توزيع العلامات ويقول: اليوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ولكن أنا بأؤكد لك إنه كانت كل وجوهنا تعرق، يعني كان يتصبب العرق من وجوه الكل، الوجوه البيضاء والوجوه السوداء أيضاً، فهاي أمور يعني ما بأنساها أنا في.. في حياتي.

بروزه في المجال الاجتماعي في إدمنتون

المعلق: هاجر السيد يوسف عبد الحق من لبنان إلى كندا في العام 66 وهو في سن السادسة عشر، وكان للسنوات العشر الأولى من اغترابه أثراً في توجهاته الدراسية في مجالي التربية والعلوم السياسية والاقتصادية ليبرز كعضو فاعل من بين الجالية العربية، فمن خلال عمله بالتدريس ساهم وبشكل كبير في تنظيم البرامج التربوية وتنظيم المدارس ضمن المنطقة التعليمية بمدينة إدمنتون، وكان لاهتماماته السياسية في المجال الاجتماعي دوراً أكبر في بروزه كعنصرٍ ناشطٍ أهَّله لتولي العديد من المراكز والمهام الاجتماعية ذات الصلة بالجانب السياسي المتعلق بالجالية العربية.

يوسف عبد الحق: بدايةً يعني وأنا في صفوف الجامعة من خلال جمعية الطلبة العرب كنا نتدارس بين بعض ما هي الأشياء المسؤوليات الملقاة على أكتافنا نحنا كتلاميذ عرب؟

أولاً: صيانة بعض من النزوح لأن بعض من.. أو عدد كبير من المهاجرين يصبحون بالتالي من النازحين فنحن كنا نحس كتلاميذ عرب بأنه علينا مسؤوليات كبيرة، ومنها صيانة اللغة العربية والحضارة العربية، بعدين صرنا نتصادم بالواقع كان مرير جداً إنه نتعرف على تلاميذ من جيلنا في الجامعة من أصل عربي ما بيعرفوا عن اللغة العربية إلا التبوُّلة والكبة يعني، إنه يعني عربي بالجامعة مثلك مثله، بيقول لك: أيوه أنا أصلي عربي، شو بتعرف عن العرب؟ بتحكي عربي؟ يقول لك: لأ، أنا ما بأحكي عربي، بأحب أعرف معلوم بأعرف عربي بأعرف التبولة، بأعرف الكبة، يعني صرنا نشعر نحنا كتلاميذ وخاصة اللي كنا في كلية التربية بأنه هناك فجوة عميقة جداً ما بين انطباع الإنسان عن الحضارة وبين ممارسة هذه الحضارة يعني إذا الواحد بيتصور إنه أصبحت التبولة والكبة مع شوقي الكبير لها الأكلتين الطيبين، يعني إذا أصبحت الكبة والتبولة هي أساس الحضارة، يعني هناك واقع مرير جداً يجب علينا أن نتفاداه، فأنشأنا حتى ونحنا تلاميذ في الجامعة أنشأنا صفوف في تعليم اللغة العربية، صرنا نعلم التلاميذ اللي من جيلنا بالجامعة صرنا نعلمهم عربي، كيف يكتبون عربي ويقرءون عربي ويتكلمون عربي، وعملنا في الجامعة فرقة تمثيل وفرقة دبكة، وصرنا نعمل مسرحيات في العربي، وصرنا نشاركهم يعني معنا للعرب المتحدرين يعني من أصل عربي، وبالفعل هايدي خلقت لهم حافز مهم إنه بالنسبة لإلهم ما عادت.. ما.. يعني موضوع تعلُّم اللغة العربية مش كمان.. مش مادة ثانية بدنا ندرسها وثقل وصارت خلينا نسميها يعني مجال للترفيه، وصار اكتساب اللغة العربية هدف عندهم، فعدد كبير منهم تعلَّم اللغة العربية وشعرنا إن نحنا بالفوز الأكبر إنه هؤلاء التلاميذ استعادوا وسيلتهم للتعرف على.. على الحضارة العربية.

دوره في إنشاء برنامج تعليم اللغة العربية

المعلِّق: ولما للغة من دور فاعل في تأصيل الهوية الثقافية والحفاظ على ملامحها ومفرداتها التراثية من عاداتٍ وتقاليد تصون الانتماء وخصوصية الدين والعمق التأريخي والتواصل معه، وفي هذا الخصوص بدأ اهتمام السيد يوسف عبد الحق منذ سني دراسته الجامعية، وظل هاجس الحفاظ على اللغة العربية ونشرها في مجتمع الجالية العربية وخصوصاً بين النشء الجديد الذي يولد في مجتمع المهجر وهو محاط بثقافاتٍ متعددة وأنماط سلوك اجتماعي يختلف كلية عن الموروث الاجتماعي للمجتمعات العربية وخصوصياتها الدينية وأعرافها.

يوسف عبد الحق: برنامج تعليم اللغة العربية في هذه المدرسة مدرسة (جلينجيري… سكول) ابتدأ حوالي.. منذ حوالي 20 سنة بالـ1984، وبالطبع هذا البرنامج يأتي كثمرة جهود للمهاجرين العرب، الجالية العربية بمقاطعة (ألبرتا) لأن اتخذت على عاتقها بأن تعليم النشء الجديد لغة الآباء والأجداد هو من المسؤوليات الملحة حينذاك، وطبعاً الجالية تضافرت جهودها كلٌ من موقعه، أنا بصفتي كان لي دور متواضع جداً كمستشار لوزير التربية، يعني أعطيت ما أستطيع أن أعطيه، وطبعاً كل المعلمين اللي تعرفت عليهم اليوم والقيِّمين على هذا البرنامج كان لهم الدور الفعَّال الأكبر في إنشاء البرنامج والمحافظة عليه، فنحن اليوم كتير يعني نحن فخورون، ويحق لنا أن نكون فخورين لأن لدينا برنامج لتعليم اللغة العربية يحتضن حوالي الأربعمائة تلميذ من صف الحضانة وحتى الصف التاسع، وبعد تخرج هؤلاء التلاميذ من صفوف العربية في المدرسة.. في مدرسة (جلينجيري) وفي المدارس التكميلية يستطيعون أن يستمروا في تعلم اللغة العربية في الجامعة، لأنه كمان فيه عندنا برنامج دراسات عربية وإسلامية في الجامعة، يعني يستطيع التلميذ من الصف الأول الابتدائي وإلى صفوف الجامعة أن يستمر في عملية تعلم لغة عربية وحضارة عربية، وهذا يعني طبعاً يساعد الجالية العربية في.. كما قلنا في الحفاظ على النشء الجديد ويسهل عملية عودة المهاجرين والمغتربين إلى أوطانهم، يعني إذا كان فيه.. في الماضي كانوا العائلات يعني كانوا كتير حذرين من عودتهم للأوطان العربية خوفاً من تأخر أبنائهم وبناتهم من يعني بالبرنامج التعليم، لما بيروح تلميذ منهم ما بيحكي عربي وبده يفوت على مدرسة فصعوبة كتير بيجابهها، أما اليوم تستطيع عائلة معينة أن تعود إلى أي وطن من الأوطان العربية، ويستطيع الأبناء والبنات في الانخراط في صفوف التعلم في المدارس بشكل طبيعي، فيعني نحن عم بنساهم كمان في يعني مكافحة النزوح عن الأوطان العربية.

مناصبه ومسؤولياته التي تولاها في مقاطعة ألبرتا

المعلق: سبعٌ وثلاثون عاماً مثمراً هو عمر اغترابه، فقد عمل السيد يوسف عبد الحق مستشاراً لمجلس الوزراء، ومستشاراً لوزير الإسكان، ومستشاراً لوزير الاقتصاد والتجارة الدولية بمقاطعة ألبرتا وهو عضوٌ في أهم أربع لجان اقتصادية بالمقاطعة ومفوض لتحرير التشريعات الفيدرالية والسياسات والبرامج وإعداد التزكيات لمشاريع الطاقة والبيئة والصحة، وممثلٌ لمقاطعة ألبرتا في التفاوض مع الجمعيات التجارية الكندية والمؤسسات الدولية وجميع الإدارات الفيدرالية والسفارات بكندا، هذا بالإضافة للعديد من المسؤوليات والمهام الحيوية التي يتفادى الحديث عنها بتواضع.

يوسف عبد الحق: بعد وزارة الاقتصاد والتجارة في سنة الـ1997 منذ حوالي خمس سنوات تقريباً تركت الوزارة وبدأت في عمل خاص كمستشار للعلاقات الدولية والتجارية لعدة شركات ولبعض الوزارات، وخلال الثلاث سنوات الأخيرة يعني أكرمتنا حكومة ألبرتا بتعيينين مهمين منهم التعيين الأول في مجلس القضائي في مقاطعة ألبرتا، والمجلس القضائي هو كناية عن مجلس يشمل الرؤساء الثلاث للمحاكم في المقاطعة ورئيس نقابة المحامين و شخص متواضع عادي مثلي أنا يعني، فرؤساء المحاكم ورئيس نقابة المحامين ويوسف عبد الحق، يعني طبعاً أنا دوري متواضع جداً في المجلس وإنما يعني هذا المجلس تقع عليه مسؤوليات جسام.

في ألبرتا عملية اختيار القضاة تتم كما يلي: يتقدم المحامون بطلباتهم لتبوء مركز قاضي إلى هذا المجلس، يقوم هذا المجلس بمراجعة طلبات المحاميين ويستدعي بعضهم للمقابلة، ويُعطى المحامي في المقاطعة فترة زمنية محددة قصيرة جداً لا تتجاوز الربع ساعة لكي يقنع هذا المجلس بأنه جدير بأن يصبح قاضياً، بناء على رغباته وخبرته وعلمه وطبعاً على وضعيته النفسانية وعلى طموحاته في الوصول إلى هذا المركز، نحن نقوم بدور انتقاء من هؤلاء الذين يتقدمون بطلباتهم بانتقاء مجموعة مصغرة، صغيرة جداً ورفع هذه اللائحة لمعالي وزير العدل، وبالطبع القرار يعود لوزير العدل، نحن لا نُعيِّن قضاة، ولكن نحن.. نحن نساهم في اختيار القضاة، والأمر المهم في هذا أنه يعني عندما تم اختياري لهذا المنصب المتواضع جداً لم أُسأل لا عن جنسيتي ولا عن ديني ولا عن مذهبي ولا عن لمن اقترع في الانتخابات، ولا لأي زعيم عشائري أنتمي، ولا لأي زعيم طائفي أنتمي، قد يكون أنهم نظروا إلى تاريخي العملي وتاريخي الاجتماعي وبنظرهم قدَّروا بأن لديّ مقدرات قد تفي بيعني القيام بمهام هذا المنصب بدون النظر إلى لوني أو شكلي كما قلنا أو إلى أي اعتبار آخر، اعتبروني بأنني كندي من هذا المجتمع أساهم في هذا المجتمع ويحق لي من خلال مساهمتي في هذا المجتمع أن أتوصل إلى يعني وأتشرف جداً أن أقول إلى مركز مهم بالنسبة لي.

اليوم يوم أغر في تاريخ الأبحاث الطبية في هذه المقاطعة، حكومة ألبرتا وكل القيمين على الأبحاث الطبية أعلنوا اليوم عن افتتاح المعهد.. معهد الأبحاث الطبي، سيما فيما يخص مرض السكري، وبصفتي المستشار الدولي في كلية الطب في المقاطعة حضرنا مع عميد الكلية، ومع وزير البنية التحتية لهذه المقاطعة ومع القيِّمين على.. على برنامج الأبحاث الطبية، أهمية الموضوع يعني تتركز على أمرين مهمين الأول أن كندا بشكل عام وألبرتا بشكل خاص توظف كثيراً من جهودها وأموالها في الحفاظ على صحة الإنسان، والأمر الأهم أو ما يوازيه في الأهمية هو أن كل ما توصلوا إليه من أبحاث لا تُحتَكر داخل الحدود الضيقة للمقاطعة، يعني كلية الطب في مقاطعة ألبرتا التي تحتضن عدداً كبيراً من أطبائنا العرب من عدة دول عربية سيَّما من المملكة العربية السعودية ومن الإمارات ومن قطر أعتقد ومن سوريا ومن لبنان ومن عدة.. ومن فلسطين، هذه الجامعة وهذه المؤسسة التي تسعى حثيثاً لمشاركة العالم العربي بشكل عام، وخاصة ما يسمى بالقيِّمين على.. على صحة الإنسان في العالم العربي للمساهمة في مركز الأبحاث الطبي وخاصة في المركز المزمع إنشاؤه، وهو يختص في أبحاث مرض السكري، وطبعاً ونحن نقف في هذا المكان لا يسعنا إلاَّ أن نتذكر الجدود، يعني أهلنا الذين كانوا يعني رُوَّاد في الأبحاث الطبية، وهذه أحد أعداد (Arabco world) التي تذكر بشكل مفصل عن جذور الأبحاث الطبية عند العرب، فنحن نقف في هذا المكان بشموخ واعتزاز، لأن ما يتوصلون إليه الآن جذوره قد تكون في بلادنا.

المعلق: حلوٌ رحيلك حين يكون بحثاً عنك، وأبداً لم تكن هجرةً تلك التي قادتك للوصول إليك، وأعادتك إلى أصل أصلك، أو قاب قوسين أو أدنى من حقيقة تعصى على التصريح بالواقع الذي خلَّفته خلفك، والذي قادك إلى حيث أنت الآن، كُن عربياً كما أنت، وابقَ على ما أنت عليه، فليس المهم الاسم والعنوان، بقدر ما أن تكون للدماء التي تجري في عروقك ثورة عربية.

يوسف عبد الحق: كل مغترب في رأيي.. كل مغترب يعني في نفسه توق كبير للعودة إلى الوطن، وشوق كبير لجبال الوطن ولأشجار الوطن، وخاصة أبناء القرى، نحن نتحدر من قرية حكينا عنها قرية اسمها يانطا على قمة عالية في.. في لبنان، فأنا أصبح لي في.. في المهجر عدد من السنين أكبر بكثير مما عشته في يانطا، ولكن في روحي شوق كبير يانطا، فدائماً لما نكتب هيك بعض الشعر النبطي تسموه أوالشعر العامي المتواضع دائماً يانطا في بالي في شعري في خَلَدي، فلها قصيدة خاصة طبعاً، أقول بعض الأبيات اللي قايلهم يانطا، نقول:

يانطة يا أعلى القمم.. يا زينة التلات

التاريخ اسمك حفر على صفحة كتابه

يانطا يا وجه الحلا، يا أجمل البسمات

يا عيون من ها الليل بيكحل أهدابه

لما على ذكرك بأجي أكتب أنا الكلمات

وأذكر زمان المضى، وسنينا اللي غابوا

بأقف على سطح الشوق، وبأراقب الثلجات

بختيار حامل زحف ومرنخة ثيابه

وعصفور دوري بيجي بينقوا بالقشات

نرديس بده حدل، ومقبي على ترابه

وبنته تطلع هدا، على سلم الصخرات

تحمل بأيدها الدبس محلول أحسابه

بينده يا جار الرضى كيفك بها الرحمات

مسكر طريق الجبل، تلمسي شعابه

النسوان صاروا بيجوا وبيشعلوا الوقدات

شرف لعندنا، الكشك راح يضرب أطنابه

وستي العجوز بتجي تحكي لنا حكايات

عن ذيب ركَّع سبع تحمله قرابه

وبنت الجيران بتجي تستقرض الخبزات

وبتقول قرضة فكانوا أهلها جابوا

وعايش يا يانطا أنا على هيك ذكريات

وقلبي وروحي أنا بمحبتك ذابوا