الكتاب خير جليس

من هو العراقي.. إشكاليات الجنسية واللاجنسية

إضافة الكتاب في قضية الهوية العراقية، القانون العراقي سنة 25 وتصنيف الهوية، أسباب وجود التبعية الإيرانية لدى بعض العراقيين، تأثير ثورة 58 على الهوية العراقية، إسقاط الجنسية في العراق، أسباب التهجير وإسقاط الجنسية عن أصحاب التبعية الإيرانية.

مقدم الحلقة:

خالد الحروب

ضيوف الحلقة:

د. عبد الحسين شعبان: مؤلف الكتاب
د. محمود عثمان: سياسي وقيادي كردي

تاريخ الحلقة:

03/06/2003

– إضافة الكتاب في قضية الهوية العراقية
– القانون العراقي سنة 25 وتصنيف الهوية

– أسباب وجود التبعية الإيرانية لدى بعض العراقيين

– تأثير ثورة 58 على الهوية العراقية

– إسقاط الجنسية في العراق

– أسباب التهجير وإسقاط الجنسية عن أصحاب التبعية الإيرانية


undefinedخالد الحروب: أعزائي المشاهدين، أهلاً وسهلاً بكم إلى هذه الحلقة من برنامج (الكتاب خير جليس) نقدمها لكم من لندن.

جليسنا هذا اليوم كتاب بعنوان "من هو العراقي؟ إشكالية الجنسية واللاجنسية في القانونين العراقي والدولي" من تأليف الكاتب والباحث العراقي الدكتور عبد الحسين شعبان.

يغوص هذا الكتاب في تعقيدات الهوية العراقية الحديثة وإطارها القانوني الذي صاغه الانتداب البريطاني في عشرينات القرن الماضي، وفق سياسة "فرِّق تَسُد"، كما يقول المؤلف.

ثم يُسهب الكتاب شرحاً في إقدام الحكومات العراقية المتعاقبة على تبني قوانين اعتباطية تميز بين العراقيين، وتكرس المذهبية وعدم المساواة بدل إلغائهما.

يسجل الكتاب كيف حُرم مئات الآلاف من العراقيين من جنسياتهم، لأسباب عرقية ومذهبية وسياسية، وكيف هجر عشرات الآلاف منهم للأسباب ذاتها.

نقرأ فيه عن القوانين التي صدرت لتتماشى مع السياسات الحزبية العنصرية، رغم تعارضها مع كل بدهية من بدهيات القانون الدولي إلى درجة صدور قوانين وحشية تُشِّجع الأزواج على تطليق زوجاتهم اللواتي هن من أصل إيراني، ومنحهم مكافآت مالية إن هم فعلوا ذلك.

لكن علينا أن نقول أيضاً أن عنصرية ولا إنسانية قوانين الجنسية في العراق ليست نادرة في العالم العربي، بل إن تلك العنصرية واللا إنسانية موجودة -مع الأسف- في معظم قوانين ودساتير الدول العربية حيث نجد شرائح البدون أو شرائح المحرومين من الجنسية لأسباب تمييزية، هذا فضلاً عن حرمان المقيمين العرب وغيرهم من أن يعترف بهم كمواطنين في الدول التي أقاموا فيها عشرات السنين.

الدكتور عبد الحسين شعبان (القانوني والباحث ومؤلف الكتاب) إلى جانب نحو 30 كتاباً آخر هو ضيفنا هذا اليوم وهو ناشط حقوقي عربي، منح مؤخراً في القاهرة جائزة أبرز مناضل في العالم العربي لحقوق الإنسان فأهلاً وسهلاً به.

د. عبد الحسين شعبان: أهلاً وسهلاً.

خالد الحروب: معنا أيضاً في الأستوديو الدكتور محمود عثمان (السياسي والقيادي الكردي، هو أحد مهندسي بيان الحادي عشر من آذار لعام 1970 مع الدولة العراقية حول الحكم الذاتي الكردي)، فأهلاً وسهلاً به أيضاً.

د. محمود عثمان: أهلاً وسهلاً شكراً.


إضافة الكتاب في قضية الهوية العراقية

خالد الحروب: دكتور عبد الحسين، أولاً: ما الذي تريد أن تقوله أو تبحثه في هذا الكتاب المهم جداً، والذي ينضح بالمرارة في الواقع؟ من هو العراقي؟

د. عبد الحسين شعبان: في الواقع أن هذا البحث هو سوشيوثقافي قانوني لمشكلة المواطنة، الهوية، الجنسية، قضية التمييز، المساواة بين المواطنين العراقيين، كل هذه العناوين تدخل في سياق هذا الكتاب بعد دراستي لحالات واستماعي إلى شهادات على مدى أكثر من 20 عاماً، فضلاً عن ذلك هناك علاقة شخصية بيني وبين عدد من الشخصيات الذين حُرموا من الجنسية العراقية، مثلاً عائلة الجواهري التي يُشكِّل رمزها الجواهري الكبير شاعر العرب الأكبر، هناك عائلة الخليلي سواء جعفر الخليلي، رائد القصة العراقية، وأخيه المرحوم الذي توفى مؤخراً عبد الغني الخليلي، مثلاً الشاعر الكبير كاظم السماوي الذي حُرم من جنسيته عام 54 بإسقاط الجنسية لأسباب سياسية، على سبيل المثال الشاعر الكبير سعد يوسف، رمز الحداثة العراقية المعاصرة، الذي عاش متنقلاً في المنافي لعقود من الزمان، هذه العوامل إضافة إلى اتصال عدد غير قليل من المهجَّرين العراقيين، هذه الشريحة التي زادت عن نصف مليون إنسان، اتصال هؤلاء بي دفعني للبحث في موضوع الجنسية العراقية والقوانين العراقية لأسلط ضوء مهم على قضية الطائفية السياسية التي وجدناها مكرسة في العديد من القوانين العراقية، تلك التي وجدت طريقها إلى الدولة العراقية، حتى قبل قيامها بالقانون رقم 24 لعام.. القانون رقم 42 آسف لعام 24 أي قبل تشريع الدستور العراقي الذي عرف باسم القانون الأساسي عام 25، وقد كانت بعض المشكلات مثل ما أشرت قبل قيام الدولة العراقية كان هناك البعض لا يعي أهمية أن يحصل على جنسية عثمانية أم جنسية فارسية..

خالد الحروب [مقاطعاً]: سوف نأتي إلى هذا دكتور عبد الحسين إذا سمحت، لكن أسأل الدكتور محمود، يعني في بداية النقاش يعني بعد مضي أكثر من ثلاثة أرباع القرن على تشكُّل الكيان العراقي الحديث يأتي علينا الدكتور عبد الحسين شعبان ويسأل من هو العراقي؟ مازال هذا السؤال البدهي الذي يفترض أن يكون قد حُسم باكراً جداً، والذي يقع في قلب طبعاً تشكيل الدولة العراقية الحديثة مازال من دون سؤال، ما هي الإضافة التي تراها في إعادة طرح هذا السؤال من جديد، والمحاولة التي يقوم فيها الدكتور شعبان في هذا الكتاب من تحديد ومعالجة من هو العراقي؟

د. محمود عثمان: هو في الحقيقة الكتاب جيد، وإحنا قرأناه بدقة يعني، مُطَّلعين على تفاصيل إجراءات السلطة حتى قبل صدور الكتاب، ولكن ليس بها التفصيل طبعاً، توثيق وتفصيل وكذا. لأن السلطات العراقية بشكل عام.. الحكومات العراقية التي لم تكن ديمقراطية بشكل عام، وخاصة الحكم الأخير، أي ثلاث عقود من حكم صدام حسين، يعني أصبحوا لا .. يعتبرون القوانين، وكل ما يتعلق بالعراق ملك شخصي لهم أو ملك شخصي له، ويتصرف حسب ما يشاء يعني ولذلك كانت عندهم دائماً سياسات تتميز بتمييز عنصري وتمييز طائفي واضح وصريح طبعاً، وعلى ها الأساس بنوا الكثير من القرارات والقوانين والقرارات اللي هم يصدروها، لأن القانون بالنسبة لهم قرار مجلس قيادة الثورة، ليست قانون طبعاً يبدله يعدله، ولذلك الأكراد مثلاً منذ نشوء الدولة العراقية لحد اليوم مواطنين من الدرجة الثانية، ودائماً كان أكو تمييز ضدهم، ولكن في عصر صدام حسين صار ضرب وقتل وعمليات أنفال وكيمياوي ومسح القرى، أكو.. توجد قرى في كردستان يمكن أحرقت عشر مرات أو 12 مرة، وغيرها، ليس لشيء إلا لكونهم يريدون الحرية ويريدون بعض الحقوق القومية لهم، كذلك مثلاً كان أكو اضطهاد ضد الشيعة وغيرهم، فهذه السياسات الطائفية وهذه السياسات العنصرية أدت إلى أن يميزون بشكل واضح بين العراقيين على أساس سياسي، ويعتبر نفسه أنه له الحق أنه يمنح العراقي جنسية وطنية، وهو يقرر من هو الوطني، يقرر من هو العراقي، يقرر من هو الشخص الذي.. على أساس علاقة هذا الشخص بالحكم وبسياسات الحكم، وأنا أعتقد أنه مثلاً أكراد عراقيين أكثر من نصف مليون أكراد وخاصة أكراد الفيلية اللي كانوا يعيشون في بغداد، وخانقين والمناطق اللي تحت سيطرة السلطة أكثر، هُجِّروا مثلاً في الثمانينات وأخذت كل ممتلكاتهم يعني، وعُذبوا بشكل كبير وإلى إيران هُجِّروا، وطبعاً إلى الآن هم يتعذبون، لأنه لا في إيران يعترفون بهم كمواطنين كاملين ولا في العراق مثلاً..

خالد الحروب [مقاطعاً]: لكن دكتور إذا سمحت لي..

د. محمود عثمان [مستأنفاً]: فقط لأنه يعتبر تبعية إيرانية..

خالد الحروب: إذا سمحت دكتور محمود هذا كله يعني وارد في الكتاب بالتفصيل وسوف نأتي عليه، وهو مهم جداً في صلب النقاش، لكننا إذا.. إذا.. وسوف أسأل الدكتور عبد الحسين الآن يعني ما هي الإضافة التي تراها الآن كعراقي سياسي أيضاً وككردي مهتم في موضوعة الهوية العراقية، ومن هو العراقي، يعني هذه الإشكالية كيف نحدد ما هو العراقي؟ وما هي إضافة الكتاب في هذا السجال؟ في النقاش الدائر حول تحديد من هو العراقي؟ ما هي إضافة هذا الكتاب في رأيك؟

د. محمود عثمان: إضافة هذا الكتاب أنه يحدد أنه قانوناً وأصلاً كل من هو ولد في هذا البلد موجود طبيعياً له الحق أن يكون عراقي، ليس لأي حكومة أو لأي سياسة أو لأي وزير أو لأي رئيس الحق أن يقرر يسحب الجنسية أو يعتبر إنه هذا عراقي، لأنه حقه الطبيعي في كونه عراقي، وطبعاً يتقدم ويتأخر بمقدار ما يخدم بلده، ولكن هذه الأسس وهذه المقاييس لم تطبق في العراق، لأن الحكومات لم تكن ديمقراطية، ولأنها دائماً تقيس أنه انتماء الشخص للوطن على أساس انتماء الشخص للحزب الفلاني، للحزب الحاكم للشخص الحاكم، ولذلك هو هنا يعني هذا الكتاب ترى أنه قانوناً يشرح أنه كيف يجب أن يكون العراقي، كيف يجب أن يُعامل كيف أنه له حق طبيعي في أن يكون عراقي.. ليس لأحد الحق أن يسلب منه هذا الحق وهذه الجنسية، الجنسية العراقية وغيرها التي جرت في كثير من الأحيان، طبعاً هذا جاء، ولكن الشيء الموجود في حكم صدام، سلب حق الحياة مننا، ليس فقط حق العراقي حق الحياة سلبها..

خالد الحروب [مقاطعاً]: حتى.. حتى قبل هذه.. الشيء المثير إنه.. إنه هذه المسألة.. هذه المأساة مثلاً.. مأساة تحديد من هو العراقي والجنسية وإسقاطها وعدم منحها للعراقيين الأصليين، هي موازية لنشوء الكيان العراقي وليست حديثة، تفاقمت طبعاً من خلال حكم حزب البعث، لكنها أيضاً موجود بوطأة وثقل ومنعكسات سلبية.

دكتور عبد الحسين شعبان، أولاً: حتى.. حتى أيضاً نضع المشاهد في إطار نظري، ما هي.. ما هو تعريف ومفهوم الجنسية؟ من ينتمي إلى ماذا؟ وكيف؟ وما هي الشروط؟ إذا أنا انتميت إلى مثلاً بلد معين، كيف أنا أُعتَبر حامل لجنسية هذا البلد؟ ما هي الشروط الطبيعية التي يفترض أن.. أن أتمكن منها وأن أحصل عليها حتى أكون طبيعياً منتمي لهذا البلد، ويكون هذا الحق حق قانوني ولا نزاع عليه؟

د. عبد الحسين شعبان: الجنسية هي علاقة قانونية وسياسية بين الفرد والدولة، لا يمكن بأي شكل من الأشكال انتزاع الجنسية تعسفاً، لكل مواطن حسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة 15 الحق في التمتع بالجنسية ولا يمكن انتزاع هذه الجنسية تعسفاً، أي أن هناك شروط تحدد طبيعة الحصول على الجنسية، حسب اتفاقية (لاهاي) لعام 1930، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 66، ومعاهدة عام 54 حول حالات انعدام الجنسية، ومعاهدة عام 1961 حول تقليص حالات انعدام الجنسية تحدد أن كل من وُلِد على أرض يتمتع بجنسية هذا البلد، يا إما على أساس البنوَّة أو.. يعني الدم أو على أساس الأرض، ويقول القانون الدولي أيضاً..

خالد الحروب [مقاطعاً]: ما معنى.. ما معنى البنوة وما معنى الأرض؟ حتى أيضاً يعني..

د. عبد الحسين شعبان: آه، نعم، البنوة كأن يكون كل من وُلِدَ من أبٍ عراقي أو أم عراقية -يمكن أن نضيف- يكون عراقيا، أو كل من وُلِدَ على أرض العراق يكون عراقياً، هذا.. هذين المعيارين يعني البنوَّة أو الدم رابطة الدم، أو رابطة الأرض يمكن بموجبهما أن يتمتع العراقي بعراقيته أي بجنسيته، أي بمواطنيته، أي بحقوقه الكاملة، وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

خالد الحروب: هذا واضح الآن، حتى.. حتى نبدأ فيها من هاي النقطة، إن كل.. كل شخص، كل فرد وُلِدَ على أرض العراق فهو عراقي، ، أو كل شخص وُلِدَ لأب عراقي أو أم عراقية فهو عراقي بالتعريف…

د. عبد الحسين شعبان: نعم.

خالد الحروب: الآن هذا التعريف البسيط والواضح، ما الخلل الذي حصل فيه من تاريخ 1924 عندما انتهى الاحتلال العثماني وبدأ السيطرة البريطانية؟

د. عبد الحسين شعبان: يُفترض بالقانون الدولي إذا تغيرت سيادة دولة إلى سيادة أخرى، أي انحلت هذه الدولة، وأقيمت سيادة أخرى كأن يكون الدولة العثمانية انتهت بموجب معاهدة (لوزان)، واعتُبِر كل رعايا الدولة العثمانية هم عراقيون، هكذا يفترض بـ 6 آب/ أغسطس عام 1923 أي بدخول معاهدة لوزان حيز التنفيذ، يعتبر عراقياً، قانون الجنسية العراقية وضع درجتين للمواطنة أو للجنسية، الجنسية (أ) العراقيون الأصليون، الجنسية (ب) اعتبرهم من التبعية أي التبعية غير العثمانية..

خالد الحروب: هذا القانون الأساسي سنة 1925.

د. عبد الحسين شعبان: نعم هذا القانون الأساسي الذي بنيت على أساسه القوانين والقرارات التي صدرت لاحقاً، وبودي أن أقول أن هناك القانون رقم 43 لعام 1963 الذي زاد قضية الجنسية تعقيداً، ووضع شروط بأن من حق وزير الداخلية أن يمنح الجنسية أو يحجبها طبقاً لقناعته، واشترط الولادة المضاعفة أي للمولود ولأبيه في أن يكون عراقياً.


القانون العراقي سنة 25 وتصنيف الهوية

خالد الحروب: لكن دعنا.. دعنا دكتور حسين.. عبد الحسين، إذا تكرمت، وأسأل محمود مازلنا في البداية حتى.. حتى نوضح هذا الفرق، إنه القانون الأساسي سنة 25 قال: هناك نوعين من الجنسية العراقية، نوع الجنسية التبعية العثمانية وهناك التبعية الإيرانية.

د. عبد الحسين شعبان: لأ قال: التبعية وليس الإيرانية.

خالد الحروب: قال التبعية.

د. عبد الحسين شعبان: التبعية، أي تبعية أخرى.

خالد الحروب: دكتور محمود، يعني أين كان الخلل في بداية هذا التصنيف بين.. بين.. بين هذين الصنفين من.. من الجنسية العراقية؟

د. محمود عثمان: أنا أعتقد الخلل من هنا طبعاً يوجد خلل واضح، لأنه لماذا تبعية عثمانية يكون عند كل حق في العراق والتبعية الإيرانية أو تبعية دولة أخرى لا يكون؟ يعني مثلاً أكو.. إنه وطبقوا هذه القوانين طبعاً بشكل آخر، ولكن في الفترات الأخيرة بشكل أسوأ بكثير طبقوه، لأنه مثلاً يتهم شخص بالتبعية الإيرانية، هو مولود في العراق، أبوه مولود، جده مولود في العراق، مو فقط أبوه وكذا، ولكن لإنه سياسياً ما يرضون عنه رأساً يضيفوا له التهمة ويطردوه مثلاً من العراق، بينما مثلاً كانت أكو معاملات بس أنا أتذكر حتى بزمن الحكم الملكي مثلاً، تقدم على كلية، تقدم على أي شيء يقول ولادة من أبوين عثمانيين بالولادة، يعني لازم تكون من أبوين عثمانيين، لماذا؟ لأنه العثمانيين الدولة العثمانية يعني الأصل التركي هو أجنبي، هو الأصل إيراني هوأجنبي، وأصل غير أجنبي، ليه لماذا هذا؟ يعني هذا التمييز طائفي، تميز عنصري واضح، تميز طائفي من الناحية، وطبقوه بأبشع صوره، في سنة الـ 80 هم أضافوا إلى هذا الكذا من.. طردوا نصف مليون كردي فيلي، طبعاً بقوا فقط قسم منهم اللي أصبحوا بعثيين، وانتموا إلى حزب البعث، وبقوا بالبعثي.. البعثيين، ولذلك اتهموهم إنهم بالتبعية الإيرانية، عندما يريد أن يدخل الجيش أو يخدم في الجيش لا يقول هذا، يخدم ويصلح ويخدم ويقوم يعني يستخدموهم لأغراضهم ولما يريدوه، ولكن عندما يطالب بحق من الحقوق أو يطالب حتى بالجنسية، قانون الجنسية يقول أنت من تبع الإيراني ويُطرَد، على أساس خطر على أمن الدولة، فهذا معناه بالأصل منشأ القانون طائفي، هي طائفية.

خالد الحروب: حتى أنّ.. حتى نفهم.. حتى نفهم من البداية دكتور عبدالحسين، لأنه كان هناك تأثير بريطاني على صياغة هذا القانون، يعني صيغ في أجواء طبعاً السيطرة البريطانية، ما.. ما.. ما الدوافع الخلفية لهذا التصنيف؟ ما الذي كان في ذهن المُشرِّع البريطاني –إن شئت- لوضع التصنيف (أ) ، (ب) أمام جنسية عراقية أصيلة ذات تبعية عثمانية أصلها عثماني، وأخرى محطوطة يعني (س)؟

د. عبد الحسين شعبان: هناك سبب سياسي بالدرجة الأولى أولاً: لمعاقبة رجال ثورة العشرين الذين هبوا ضد الاحتلال البريطاني، وقادوا ثورة معروفة بثورة العشرين في 30 حزيران/ يونيو 1920 واستمرت بضعة أشهر، هذا أولاً.

الشيء الثاني: أُرِيد أن.. أُرِيد بالحكم أن يوكل إلى أقلية، وبالتالي يمكن التحكم بالأقلية وتسليطها على الأغلبية من خلال التمييز بين المواطنين العراقيين، دعني أقول لك أن الذي حصل كان يفترض بالبريطانيين أن يعتبرون -بموجب قانون الجنسية هذا-كل العراقيين الذين كانوا في العراق عندما تأسست الدولة العراقية عراقيين، وهذه جنسية بالتأسيس تُسمَّى، جنسية التأسيس المواطن كان موجوداً قبل ولادة الدولة العراقية، فهو إذن عراقي بهذا المعني، بموجب قانون الجنسية اعتبر.. اعُتبر بعض الأرمن والأتراك والجورجيين.. الجورج والجورجيين والألبان وسكان البلقان هم عراقيين بينما اعُتبر.. اعُتبر أبناء من قبائل بني كعب وبني أسد وغيرهم غير عراقيين لأنهم كانوا يتنقلون بين.. على الحدود الشرقية بين العراق وإيران.


أسباب وجود التبعية الإيرانية لدى بعض العراقيين

خالد الحروب [مقاطعاً]: دكتور عبد الحسين، ذكرت في الكتاب وضحها هاي النقطة إذا سمحت أيضا حتى المشاهد يعني يدرك شو.. ما معنى أن.. أن يكون عراقي موجود في العراق في تلك الفترة في العشرينات، وعنده تبعية إيرانية؟ لماذا كان هناك بعض العراقيين عندهم هذه الصفة؟

د. عبد الحسين شعبان: نعم.. كان كما تعلم أولاً لم يكن للجنسية من معنى، لم تكن لها من دلالة، ليست تعبيراً عن الهوية مثلما هي بالوقت الحاضر، الجنسية حتى في أوروبا إلى القرن الثامن عشر والى بداية القرن التاسع عشر لم يكن لها من دلالة، لكن بالفتوحات الاستعمارية، وباتساع نطاق العملية التجارية، بدأت مفهوم الجنسية المعاصرة يكون لها معنى ودلالة ومواطنة وفرض حماية، بما فيها على الأقليات في هذه البلدان اللي نعتبره اليوم بمعيار التدخل الإنساني، هذا أولاً.

الشيء الثاني: أن العراقيين الذين كانوا يعيشون في العراق، قسم منهم تبنوا الجنسية العثمانية، والقسم الآخر تبنى الجنسية الفارسية، لأن هناك كان صراعاً فارسياً عثمانياً على العراق وعلى حكم العراق، ولذلك لن يضر، لم يجد ضير بعض العراقيين خصوصاً سكان الجنوب أخذ.. أخذوا بموجبه..

خالد الحروب [مقاطعاً]: هناك أيضا سبب جوهري ذكرته في الكتاب، اللي هو خدمة الجيش، التهرب من خدمة الجيش العثماني، فيه جماعات من الناس ما عاوزين يخدموا في الجيش العثماني.

د. عبد الحسين شعبان: نعم.. نعم. هو أريد أن أقول إنه قسم منهم لم يجدوا ضيراً في أن يتبنوا الجنسية ياخد الجنسية الفارسية للتخلص من قانون الجندية العثمانية، هذا من جهة. الشيء الثاني كان يمكن لبعضهم الحصول على بعض الامتيازات باعتبارهم أجانب يعيشون في العراق، هذا دفعهم لأن يأخذوا الجنسية الإيرانية، هناك حادثة ظهرت في النجف لها دلالة كبيرة، وأنا وضعتها كمقدمة لهذا الكتاب عندما تحدثت عن المجابهة الأولى بين الجنسية والشِعر من خلال قصة الجواهري، كان السيد علي الجواهري يراد تجنيده من قِبَل السلطات العثمانية.

خالد الحروب: الشاعر طبعاً العراقي المعروف.

د. عبد الحسين شعبان: لأ، السيد علي الجواهري من عائلة الشاعر، جاءوا إلى بيته، احتجزوه، ساقوه، مرُّوا في الطريق على الحاج سعيد شمسة، استوقفهم قال لهم هذا ابن النجف كيف؟ لا يمكن وهذا رجل دين أيضاً، ثارت ثائرة النجف، فاضطرت السلطات العثمانية إعادته والاعتذار منه، بعد أيام جاءه القنصل (البريطاني) فعرض عليه الجنسية الإيرانية، فوافق عليها خصوصاً إنه يتجنب أية مماحكة أخرى، ويتجنب من جهة ثانية الذهاب إلى العسكرية، ومن جهة ثالثة يحصل على امتيازات، هناك حوار كان كثير له دلالة بين (وزير المواصلات الأسبق) السيد حسن الدجيلي مع رئيس الجمهورية عبد السلام محمد عارف في العام 63، قال له حسن الدجيلي للسيد عبد السلام عارف: أتَعلم إنني عربي بالصدفة ورغم أنني من خزرج، وأنا من أرومة عربية، قال له كيف؟ قال له كان جدي.. كان والدي يدرس في النجف، وبعد فترة جاءه القنصل الإيراني وعرض عليه أن يأخذ الجنسية الإيرانية، للحصول على بعض الامتيازات، وللتخلص من مشكلة الجنسية فوافق والدي، ولكنه ذهب إلى القنصل الإيراني فلم يجده وتقاعس في المرة الأخرى، وهكذا تجدني أنا بمحض الصدفة الآن عربي، وهذه الحالة يمكن تطبيقها على عشرات الآلاف من الحالات، من هذا المنطلق كانت قصة الجواهري مع ساطع الحصري التي بدأت في العام 27، عندما أراد الجواهري أن يتعين بوظيفة مدرس ابتدائي أو بوظيفة مدرس ثانوي، فاكتشفوا أن لا جنسية له عثمانية أو عراقية، وإنما لديه جنسية إيرانية، فحصل على الجنسية العراقية، لكن بعد شهر واحد جرى فصله انطلاقاً من قصيدة كان قد نظمها في مدح هواء وجبال إيران والمصايف الإيرانية…

خالد الحروب: وبزعم أنه عنده.. عنده تبعية إيرانية، إذا انتقلنا لمراحل لاحقة بعد ذلك دكتور محمود، ثم قامت طبعاً ثورة 58، ثم انقلابات الستينات، وجاء حزب البعث، لو خلال هذه الفترة كيف.. كيف اشتد تعريف العراقي؟ وكيف ضاق واستثنى شرائح كردية وشرائح عراقية أصيلة كثيرة؟ كيف رأيت هذا التطور من خلال ثورة 58 وما تلاها الآن؟ ومن ضيق أكثر لحق بتعريف من هو العراقي؟


تأثير ثورة 58 على الهوية العراقية

د. محمود عثمان: طبعاً قبل هذا أنا أريد أضيف ملاحظة فقط على ها الشيء، أنا أعتقد الإنجليز عندما كان لديهم انتداب في العراق، وبعدين تركوا العراق، هم كان يطبقون سياسة فرق تسُد في العراق، يعني على أساس مثلاً يحط أقلية سنية يحكم البلد، فيخلق مشاكل بين السنة والشيعة، ومع هذا ما راضيين عن الأكراد، لأن الأكراد ما وافقوا كثير على سياستهم في وقتها، صارت ثاروا الشيخ محمود وغيرها، ولذلك عاقبوا الشيعة والأكراد بشكل في هذه السياسات العنصرية، وتسلط أقلية من السنة اللي لحد الآن، نعاني منها، كلنا نعاني منها، طبعاً هذه كان جزء من سياستهم والحكومات العراقية طبقتها، أما .. تفضلتم بالسؤال يعني في الزمن الملكي وإشي كان هذه يعني الجنسية وغيرها، مثلاً يحرمون عدد من الأشخاص من الجنسية العراقية، لأسباب سياسية.. ولكن فيما بعد تطور هذا الأمر، وأصبح النطاق أضيق يعني والاضطهاد أكثر، ومكافحة.. أذكر مثلاً ضد الحركة الكردية صار قتال ومشاكل وكذا، لأنه كان أكو تطرف شوفينية عربية عنصرية كذا ضد الحركة الكردية، وكذلك صار الاضطهاد زاد أكثر عن.. على الشيعة، لأنه صار حكم عسكري، وانقلابات وكذا، إلى أن وصلنا إلى حكم صدام حسين اللي هو كان أسوأ هذه الحكومات، فأخذ يطبق هذه السياسة، هذا الحكم بشكل دموي، ليس فقط أنه يحرم شخص من جنسيته أو كذا، وإنما أخذوا.. حجزوا عشرات الألوف من الناس بحجة أنه تبعية وكذا، ولحد الآن ألوف منهم ما معروف مصيرهم، يمكن راح نشوفهم في مقابر جماعية كما رأينا في الوقت الحاضر، وكذلك عملوا مع الأكراد وغيرهم، يعني قصدي أخذوا يطبقون هذا بشكل دموي، وبشكل شوفيني، فزادت العنصرية، زادت الطائفية، زادت الشوفينية، ومعها قسوة يعني قسوة كبيرة وعنف في تطبيق هذه المسائل، ولذلك أخذ الحكم، والحكم تقريباً تقلَّص إلى حزب ومن حزب إلى شخص، يعني في الحقيقة الحكم، هو يقيس كل شيء على نفسه، يعتبر أنه 100% من العراقيين في آخر استفتاء معاه، فكل من لم يكن معاه فهو ليس عراقي، يعني ها الصيغة…

خالد الحروب: يعني تقلَّص تعريف الجنسية في النهاية إلى.

د. محمود عثمان: إلى أنه من هو مع صدام؟

خالد الحروب: مع.. تعريف حزبي ومن هل أقل من ذلك.

د. محمود عثمان: حزبي وشخصي.


إسقاط الجنسية في العراق

خالد الحروب: طيب دكتور عبد الحسين، هنا في يعني.. في الفصل الذي يلي فيه حديث مطول ومهم جداً عن مفهوم أو إن كان مفهوماً يعني، إسقاط الجنسية، وهو مفهوم ضد حقوق الإنسان وغير موجود بالأصل، لأنه الجنسية حق طبيعي مكتسب، فلذلك ليس من حق أي حكومة أو نظام أن ينتزعها من هذا الفرد، باعتبار الفرد سابق على النظام، وسابق على.. على الدولة، الآن أريدك أن.. أن تشرح لنا يعني ما الذي حدث في السياق العراقي لناحية تشريعات إسقاط الجنسية مع إلقاء الضوء على ما تذكر هنا في الكتاب عن إسقاط الجنسية مثلاً عن الشيوعيين العراقيين في مرسوم سنة 54، ثم والأهم من ذلك إسقاط الجنسية عن اليهود العراقيين خلال مرحلة قيام إسرائيل وما تلاها، وما أدى ذلك إلى هجرة اليهود إلى إسرائيل، ودعم للكيان الإسرائيلي.

د. عبد الحسين شعبان: نعم، هناك في الواقع ثلاث أسباب رئيسية لإسقاط الجنسية أو لنزع الجنسية التي تكرست بالسنوات الأخيرة، هناك أسباب قديمة أشرت إلها بعضها طائفي أو مذهبي، وشوفيني والبعض الآخر لأسباب سياسية كما أشرت بخصوص حالات اليساريين والشيوعيين، والسبب الآخر العنصري بحق اليهود، وهذا واحد من الأسباب الذي دفعني للغوص في هذه القضية، لاهتمامي أولاً بالقضية الفلسطينية والبحث المستمر عن موضوع (الترانسفير) ضد الفلسطينيين، وإجلائهم من أراضيهم وكذا، بحثت أيضاً بهذا المعني ما تعرض له اليهود في العراق في العام 50 من إجراءات تعسفية جرى فيها نزع ممتلكاتهم وأموالهم وتهجيرهم إلى خارج العراق، أو مساعدتهم في الخروج من العراق للالتحاق بإسرائيل مما زاد المشروع الصهيوني عنصراً بشرياً جديداً، وأعتقد أن جميع الأطراف تحملت مسؤوليتها آنذاك….

خالد الحروب [مقاطعاً]: علي أي.. الدكتور حسين إذا سمحت حتى يعني.. يعني.. حتى لا ننتقد هنا لأنه البعض يقول و.. وهذا محق وموثق تاريخيا أنه هناك كانت محاولات صهيونية أيضاً جاءت إلى العراق وعملت نوع من التفجير ومحاولة إخافة يهود العراق باعتبار أنه العراقيين ضدهم وهكذا، فهناك كانت نوع من الأصابع الصهيونية أيضاً اشتغلت في هذا الموضوع، لكن هذا لا ينفي أيضاً أنه جزء كبير من المسؤولية كان يقع على.. على الشكل السياسي في العراق في تلك الفترة وأنه سهّل هذه الموضوعات، بل حتى تغاضى عنها واعتبر أنها يعني جاءت في.. في سياق ما كان يطمح إليه أصلاً..

د. عبد الحسين شعبان: نعم، في العام 50 عندما صدر قانون إسقاط الجنسية عن اليهود، الحكم في العراق أراد أن يتماشى مع الموجة القومية التي كانت مناوئة لليهود آنذاك فاختَّط هذا النهج، وبتشجيع من بريطانيا كما جاء على لسان كثيرين، التيار القومي آنذاك مع الأسف الشديد انتهج نهجاً معادياً لليهود بمعنى من المعاني رد فعل اعتبر جميع اليهود العرب أو العراقيين جزءاً من الطابور الخامس.

الشيوعيون العراقيون وكما يذكر السيد بهاء الدين نوري في مذكراته وافقوا على إسقاط الجنسية عن اليهود لكي يذهبوا إلى مكان لا يضطهدهم، ولكنهم عادوا وانتقدوا أنفسهم على هذا الصعيد مثلما يذكر أيضاً السيد بهاء الدين نوري أيضاً هذا..

الشيء الآخر: أن بعض المستفيدين من أركان الحكم كانوا قد تعاقدوا مع شركات للحصول على أرباح مقابل تسفير اليهود إلى الخارج، لا شك أن الحركة الصهيونية لعبت دور في عمليات تفجير لكِنِس، لمحلات يهودية، لأسواق، لغير ذلك لدفع اليهود إلى الهجرة، ويذكر الباحث المتعمق دكتور عباس شبلاق أنه في العام 60 أقام أحد اليهود العراقيين دعوى على حكومة إسرائيل طالبها فيها بالتعويض لأنهم.. لأنه تعرض إلى حادث أدى به إلى إعاقة دائمة بسبب من تفجيرات قامت بها الحركة الصهيونية مثلما جرى الاعتراف عنها في وقت لاحق..

خالد الحروب: في أوقات لاحقة.

د. عبد الحسين شعبان: هذه القضية لابد من وضعها بنظر الاعتبار، لذلك قلت أن جميع الأطراف مسؤولين مسؤولية كبيرة عن عملية نزع الجنسية عن اليهود.

خالد الحروب: أي نعم، دكتور..

د. عبد الحسين شعبان: ما حصل في العراق بودي أن أقول في العام 63..

خالد الحروب: بإيجاز..

د. عبد الحسين شعبان: صدر قانون ضاعف من الشروط لمنح الجنسية ولاكتساب الجنسية مشدداً على الولادة المضاعفة أي لا يكتفي أن يكون الولد قد ولد في العراق من أب عراقي، لأ، أن يكون الولد والأب قد ولدوا في العراق ومن أبٍ عراقي مقيم إقامة اعتيادية مستمرة في العراق لكي يكون عراقياً كما اشترطوا موافقة وزير الداخلية، من 63 وخصوصاً بعد 68 صدرت العديد من قرارات مجلس قيادة الثورة التي كرَّست هذه المفاهيم العنصرية في العام 72، في العام 77 وفي العام 80 وأخطر ما هو في العام 80 بالقانون أو بالقرار الذي صدر عن مجلس قيادة الثورة في 7/5 عام 1980 قرار رقم 666 الذي قال بالحرف الواحد: تنزع الجنسية العراقية عن العراقي.. العراقي -تصور- الذي لا يثبت ولاءه لتربة الوطن ولأهداف..

خالد الحروب: الثورة..

د. عبد الحسين شعبان: الثورة الاجتماعية و.. وإلى آخره هذه القضية كرَّست على نحو كبير الطائفية السياسية التي خلقت مقابلها وخصوصاً في السنوات الأخيرة طائفية مجتمعية أو مذهبية مجتمعية أرادت بهذا المعنى أن توازن بينها وبين الطائفية السياسية تلك التي وصفها المرحوم العلامة علي الوردي عندما قال: إن هذه طائفية بلا دين من كلا الفريقين، بمعنى من المعاني دعني أقول أن الدين الحقيقي أو المسلم الحقيقي لابد أن يكون غير طائفي.

خالد الحروب: استناداً إلى القوانين التي كانت تصدر وتنزع الجنسية عن العراقيين المشكوك في عراقيتهم ومن ضمنهم الآن الأكراد الفيلية باعتبار أنه بعض أصولهم تعود إلى إيرانية وفارسية وغير ذلك، في نفس الوقت دكتور محمود أريدك أن تلقي الضوء على.. على.. على قصة الأكراد الفيليين وتهجيرهم ونزع الجنسية عنهم بموازاة منح الجنسية أو يعني القوانين التي تحاول دغدغة العواطف القومية وتمنح الجنسية للعرب.. للعرب غير العراقيين من خارج العراق تمنحهم الجنسية، وفي نفس الوقت تنزع الجنسية عن العراقيين أنفسهم الذين كانوا في العراق لمئات السنين.

د. محمود عثمان: صحيح هذا كان يعني فاد شيء جداً واضح ويظهر طبيعة الحكم يعني المعادي للوضع العراقي بشكل عام، مثلاً هم في سنة الـ80 من طلعوا ها القوانين كلها رأساً كان ها مربوط بالحرب الإيرانية العراقية، ومن شن الحرب صدام حسين على إيران رأساً يعني ربط ها الشيء يعني على أساس دولا تبعية إيرانية ويمكن يصلون مع إيران ويمكن ما يصلون مع العراق بالحرب وكذا، فقدم كل ها التهجير وهذه صار إن الحملات الكبيرة، في نفس الوقت هم يهجر عراقي اللي هو أباً عن جد مولود بالعراق، كثير منهم مولودين بالعراق خادمين الجيش خادمين بالعراق كانوا بالسلطة، كانوا موظفين، كانوا تجار كبار، طبعاً أخذوا كل ممتلكاتهم في نفس الوقت هو يعلن أنه إحنا أي عربي يقدر يصير عراقي وعنه حق وكذا، يعني يحرم أبناء بلده اللي خدم البلد وعاش فترة طويلة ويهجره ويعتقله ويقتله يمكن أو.. ويهجر قسم منهم للخارج بالقوة بعد أخذ ممتلكاتهم، ولكن لدغدغة العواطف العربية، يعني هذا هم غير صحيح فقط مسألة إعلانية أنه العراقي يستطيع.. العربي يستطيع أن يكون، مثلاً يأتي بمصريين وغير مصريين من مختلف البلدان حتى أجانب لكي يعملوا في العراق وليعطوهم.. إذا أرادوا يعطوهم جنسية، ولكن أهل البلد الأصلي ويطردهم، يعني هذه سياسة مدمرة للبلد بشكل أساسي، وليس فقط أنه طردهم، هؤلاء طبعاً أنا أعرف ناس يعني من هؤلاء الفيليين الذين طردوا يعني من شو اسمه؟ ظلماً وقسم منهم مختفين لحد الآن ما نعرف مصيرهم يعني مثلاً يطلب منا أنه إذا يصير بعثي يصير مع الحزب ما يطرد، وبعدين ثاني ما يطلب منا يستطلع للمخابرات، يعني ما يرضى إنه كثير حالات إحنا شوفناها، إجوا عندنا واشتكوا عندنا، لأنه إحنا في ذاك الوقت كنا نعيش بكردستان، يعني منه أنه يصير بعثي، حتى لو سجل اسمه بعثي، ثاني يوم يجي يطلب منه أنه يصير جزء من المخابرات، من يصير جزء من المخابرات لازم يعمل تجسس على أبناء بلده وتعرف يعني مسائل أخرى، لأنه الحكم العراقي مثلاً يقرر إعدام شخص، أخوه لازم يجي يطلق عليه النار الأخ أخَّه يعني حتى يخلق [مشاكل].

خالد الحروب [مقاطعاً]: هذا طبعاً لخلق مجال للشر و.. و العداوات طيب إذا سمحت ما هو دكتور محمود.

د. محمود عثمان: فيعني الناس اللي انتموا للبعث والي عملوا مع السلطة بشكل أساسي أيضاً فيما بعد هجروهم، يعني ما بقوا لفترة طويلة.


أسباب التهجير وإسقاط الجنسية عن أصحاب التبعية الإيرانية

خالد الحروب: طيب ممكن نسأل الدكتور عبد الحسين شعبان، لأنه هذه نقطة مهمة أيضاً ولها علاقة بكل حركة التهجير هذه وإسقاط الجنسية وطرد الناس إلى إيران و.. ورسم علامات الاستفهام حول ولائهم وانتمائهم للعراق، كان أحد التبريرات للنظام على الأقل في فترة الثمانينات وما تبعها إنه هؤلاء طابور خامس وفيه جزء منهم كان يخدم مع إيران إما عن طريق التجسس خاصة بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران وبسبب طبعاً الولاء الديني و.. والجنوب الشيعي هذا فكانت قلوبهم مع إيران وكانوا ينتظرون لحظة سقوط حكم البعث في.. في بغداد فكان موقف الحزب آنذاك موقف الحكم آنذاك من الشك -بين قوسين- فيهم موقف مبرر، وهذا هو كان سبب عمليات التهجير وما.. وخلافه، ما رأيك في هذا الموضوع؟

د. عبد الحسين شعبان: في الواقع يعني مثل ما أشرت في البداية أنه هناك أسباب سياسية وأسباب عنصرية وأسباب طائفية لعملية التهجير، مثلاً على سبيل المثال خذ الأكراد الفيلية تجتمع بهم هذه الشرور الثلاث -إذا جاز لي التعبير أن أقول-هم أكراد، فهم غير مرغوبين من جانب السلطات الحاكمة خصوصاً ذات النزعة العنصرية، هم سياسياً أقرب إلى اليسار وإلى التيارات القومية الكردية الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني فهم غير مرغوبين سياسياً..

د. محمود عثمان: والشيوعيين..

د. عبد الحسين شعبان: يساريين نعم شيوعيين، هم أيضاً مذهبيين من الشيعة..

خالد الحروب: الشيعة..

د. عبد الحسين شعبان: فهم غير مرغوبين أو مثل ما تعتبرهم بعض الدوائر داخل أطر الحكم من الطابور الخامس خصوصاً في فترة الحرب العراقية الإيرانية، المفارقة الكبرى أن هؤلاء الذين اعتبروا غير عرب أو غير عراقيين في الكثير من الحالات وهُجِّرو إلى إيران اعتبرتهم إيران عراقيين أو عرب، وبالتالي غير موالين، ولذلك منعت إيران حصولهم على حقوق المواطنة أو حقوق الإقامة الطويلة..

خالد الحروب: الإقامة.. حقوق الإقامة بكرامة.

د. عبد الحسين شعبان: حقوق الإقامة الطويلة الأمد، على سبيل المثال كان يمنع عليهم حق التملك في إيران، حق العمل، حق الزواج من فارسية، حق نصب تليفون أحياناً، نصب التليفون يحتاج موافقة خاصة، عدم حصولهم على الـ green card على الكارت الأخضر.

خالد الحروب: اللي هو كارت الإقامة.

د. عبد الحسين شعبان: كارت الإقامة، عدم حصولهم على المساعدات التموينية التي كانوا قد حصلوا عليها في الأيام الأولى وفي السنوات الأولى خصوصاً خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية، بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية تغيَّرت حالة العراقيين الذين أقاموا في إيران وتعرضوا لانتهاكات شديدة لحقوق الإنسان، حتى أن أوساط إسلامية اعترضت على..

خالد الحروب: سوء المعاملة..

د. عبد الحسين شعبان: الآراء التي تحدث بها عدد من أعضاء البرلمان والقوانين التي صدرت في إيران ضد المهجَّرين العراقيين والأفغانيين، مثلاً سماحة السيد محمد باقر الحكيم وجَّه مذكرة وكذلك سماحة السيد محمد بحر العلوم والشيخ الأنصاري والتشكيري وآصفي وغيرهم….

خالد الحروب [مقاطعاً]: يعني دكتور عبد الحسين يعني هؤلاء الذين اعتبروا طابور خامس في العراق وبسبب ذلك هُجِّروا إلى إيران، لاحقاً اعتبروا طابور خامس، لكن عراقي هذه المرة، اعتبروا كذلك في إيران وأصبح غير مرغوب بهم.. بهم أيضاً في إيران نفسها الدولة الإسلامية التي..

د. عبد الحسين شعبان: قد يكن مختلف شوية المصطلح لم تعتبرهم إيران طابوراً خامساً، وإنما اعتبروهم عراقيين..

خالد الحروب: غير مرغوب فيهم..

د. عبد الحسين شعبان: غير مرغوب فيهم، وبالتالي قالت إحدى السيدات في البرلمان الإيراني أن هؤلاء والأفغان ينافسونا على العمل، وأن هناك عطالة أو بطالة في إيران، وبالتالي إخراج هؤلاء سيحل جزء من المشكلة، أما الأُخوَّة أما الدين الواحد، أما المذهب الواحد، أما الروابط الإنسانية الأخرى، الجيرة، كونهم مضطهدين لابد أن تقدم لهم مساعدات فهذه تقدمت عليها مصالح الدولة على مصالح أو على المبادئ والقواعد الإسلامية التي نعرفها.

خالد الحروب: دكتور محمود، هذا القانون الذي صدر بشأن تشجيع تطليق الأزواج لزوجاتهم أو العكس إذا كان.. إذا كنت متزوجاً إيرانية أو عراقية متزوجة إيراني فصدر تشريع يشجع على.. على.. على التطليق وهي حالة غريبة جداً ربما لم تحدث يعني في كل تواريخ التشريعات القانونية، بهذه.. وإعطاءهم مكافآت، إعطاء.. كل من يطلق زوجته الإيرانية فعنده مكافأة مقدمة من الحكومة أيضاً بهدف حصر من هو العراقي بشكل.. بشكل قاطع، وبشكل صارم يتسم بالوحشية، ما.. ما رؤيتك؟ كيف كان أثر هذا من ناحية إنسانية على.. على.. على شرائح مجتمعية عديدة؟

د. محمود عثمان: كان له تأثير كبير جداً يعني وسلبي وسيئ خاصة على الوضع الاجتماعي يعني مثلاً عائلة عندهم أطفال، أسرة، كذا، يجي رأساً.. يجبرك إنه تطلق الزوجة، وإذا ما تطلقها طبعاً العقاب معروف يعني مو قضية أنه قانون يقول طلق، لأنه اللي يطلق طبعاً يعطوه مكافأة واللي ما يطلق يهجروه مع زوجته أو يقتلوه أو شيء من ها القبيل، وأنا أجيب لك مثل.. مثل كُلِّش واضح جداً، دكتور فرحان باقر هو كان طبيب أحمد حسن البكر، معروف أخصائي معروف هسه في أميركا دا يعيش، زوجته يعني عندها الكلام أنه على أساس تبعية وما تبعية وها المسائل، يعني أنا أتذكر جداً هم في وقتها يقال أنه هو هو في.. في حفلة.. في كذا…

خالد الحروب [مقاطعاً]: باختصار يا دكتور معنا دقيقتين.

د. محمود عثمان: طبعاً يعني تقريباً أجبروه يعني أنه هي أخذوه وحققوا معاه بالرغم من أنه كان.. لأنه صدام كان يريد.. يعتبره أنه من ناحية سياسية، يعني قاسي لها الدرجة، فلذلك هم أحلوا هذا مثل الإجراءات الأخرى اللي يسوون للتأثير سلبياً جداً على الوضع الاجتماعي، تفكيك الوضع الاجتماعي، لأنه أثروا عليه بشكل أساسي، يجي عليه يقول أنت شيعي وأنت كردي وأنت طبعاً في نفس الوقت يعني لا يؤيده سياسياً فيطرده وما يهمه إنه العائلة تتفتت الوضع يتفتت وهذه كلها لأغراض حزبية ضيقة ولأغراض السيطرة وتفتيت للمجتمع العراقي وسيئ جداً طبعاً أثر على المجتمع طبعاً.

خالد الحروب: يا سيدي، يعني الكتاب عميق وكثيرة جداً فيه أشياء، لكن بدقيقة واحدة دكتور عبد الحسين في إحدى الشهادات، الشهادات عديدة وواردة فيه ومهمة جداً، فيه شهادة أيضاً ملفتة للانتباه شهادة المخرج السينمائي قاسم حَوَل الذي كتب.. تمثل نفسه جواز سفر متنقل فكان يكتب بلغة أنا جواز سفر تنقلت وكذا وذهبت، وهي شهادة مريرة، وعرفت.. عرفت أيضاً.. حصلت على نص سيناريو هو يريد أن يحول بعض المشاهد في الكتاب يعني من هو العراقي إلى.. إلى.. إلى فيلم سينمائي أو هكذا كما عرفت، هل هذا يعني الوضع هل هذا دقيق؟

د. عبد الحسين شعبان: نعم، هو كتب السيناريو والفنان قاسم حَوَل يعني فنان معروف ومخرج لعدد من الأفلام الروائية والأفلام الوثائقية، وهذا السيناريو أدخل فيه مرئيات وصور مختلفة وعمل Background خلفيات لكي يظهر بمشهد هذا العراقي الذي يتمثل منذ سبعة آلاف سنة حتى الوقت الحاضر، ما هي هواجسه؟ ما هي إرهاصاته؟ كيف يفكر في مسألة الهوية والجنسية والمواطنة؟ كيف يكون مواطناً يتمتع بأبسط حقوقه وأعني بها.. به حقوق الإنسان.

خالد الحروب: أي نعم، يا سيدي شكراً جزيلاً، سامحنا انتهى.. انتهى معنا الوقت وإن كان لم ينته الكتاب، لكن أعزائي المشاهدين أشكركم أيضاً على متابعتكم معنا جليس هذا اليوم كان كتاب "من هو العراقي؟ إشكالية الجنسية واللاجنسية في القانون العراقي والدولي" من تأليف (الكاتب والباحث العراقي) الدكتور عبد الحسين شعبان الذي أشكره على مشاركته معنا، وأشكر كذلك الدكتور محمود عثمان (السياسي والقيادي الكردي) الذي ناقش معنا الكتاب، وعلى أمل أن نجالسكم في الأسبوع المقبل مع جليس جديد، هذه تحية من فريق البرنامج ومني خالد الحروب، ودمتم بألف خير.

المصدر : الجزيرة