الكتاب خير جليس

مفهوم الوطن في فكر الكاتبة العربية

الأدب النسوي بين المدح والذم، إشكالية المنهجية في النقد، مسألة التعصب للجنس، ليلى الجهني والفردوس اليباب، بثينة خضر وصهيل النهر، نعمة خالد ورواية عين الحلوة.

مقدم الحلقة:

خالد الحروب

ضيوف الحلقة:

شيرين أبو النجا: مؤلفة الكتاب
محيي الدين اللاذقاني: كاتب

تاريخ الحلقة:

17/04/2004

– الأدب النسوي بين المدح والذم
– إشكالية المنهجية في النقد

– مسألة التعصب للجنس

– ليلى الجهني والفردوس اليباب

– بثينة خضر وصهيل النهر

– نعمة خالد ورواية عين الحلوة


undefinedخالد الحروب: أعزائي المشاهدين أهلا وسهلا بكم، كيف يفترق مفهوم الوطن في كتابات الأديبات العربيات عن نظيره في كتابات الأدباء العرب أهو وطنا واحد أم أن وطن الإناث وتمثيلاته يختلف عن وطن الذكور؟ وهل ينطوي الوطن الأنثوي على معاناة إضافية ومركبة لا يعرفها الوطن الذكوري؟ وإلى أي مدى يتداخل الخاص بالعام فيما تخطه وتنتجه الأقلام العربية النسوية من مداد المغرب وحتى مداد الخليج؟ هذا بعض من الأسئلة التي تحاول الدكتورة شيرين أبو النجا تناولها في كتابها الذي نناقشه اليوم وهو بعنوان مفهوم الوطن في فكر الكاتبة العربية وهو من إصدارات مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت. تتناول المؤلفة نصوصا روائية لكاتبات عربيات وتغوص فيها تتابع مثلا كيف يتشكل الوطن المصري في سطور سمية رمضان في روايتها أوراق النرجس والوطن السعودي في سطور ليلى الجهني وفردوسها اليباب والوطن السوداني في سطور بثينة خضر ورواية صهيل النهر والوطن المغربي في سطور فاطمة المرنيسي ونساء على أجنحة الحلم والوطن العراقي في سطور هدية حسين في بنت الخان وكذلك الوطن اللبناني في سطور علوية صبح ومريم الحكايا والوطن الفلسطيني في سطور نعمة خالد في رواية بدد، صور تلك الأوطان الممتزجة بأصناف معاناة وتمردات على صور سالبة المجتمع يريد من المرأة أن لا تتجاوز الحدود وهو ما تعبر عنه فاطمة المرنيسي على لسان أحد شخوص كتابها عندما يقول مشاكلنا مع الجيوش الأجنبية ومع النساء هي أن كلا منهم يريد اختراق الحدود، يسرني أن أستضيف اليوم لمناقشة الكتاب المؤلفة الدكتورة والناقدة شيرين أبو النجا أهلاً وسهلاً من القاهرة والكاتب الدكتور محيي الدين اللاذقاني المهتم أيضا بالكتابات النسوية والصادر له حديثا كتاب بعنوان الأنثى مصباح الكون بين الحرية والحرملك فأهلا وسهلا به أيضا، دكتورة شيرين إذا بدأنا معك مفهوم الوطن في فكر الكاتبة العربية أي وطن وأي كاتبة ولماذا هذا الكتاب؟

الأدب النسوي بين المدح والذم


هناك اشكالية تخص مفهوم الوطن فيتم استبعاد نصوص النساء على أساس انها لا تناقش مفهوم الوطن

شيرين أبو النجا: يعني داه سؤال طبعاً عام جداً وكبير جداً بس خليني أقول ليه مفهوم الوطن لأن بأعتقد الحقيقة إن طول الوقت فيما يخص كتابات النساء كان هناك دائما إشكالية تخص مفهوم الوطن فيتم استبعاد نصوص النساء على أساس أنها لا تناقش هموم الوطن ويتم استيعاب النصوص التي تناقش هموم الوطن أو مفهوم الوطن فأنا أردت أن أعرف ما هو مفهوم الوطن ما الذي نعنيه بالوطن يعني لما أقول وطن ما الذي أقصده بالتحديد هل أقصد مكان جغرافي، هل أقصد إحساس نفسي، هل أقصد صورة ما صورة ثابتة خالدة لا تتغير، ما الذي نقصده يعني بالتحديد بمفهوم الوطن في فكر الكاتبة العربية لأن هو داه المشكلة بالنسبة لي، المشكلة بالنسبة لي كانت هي طول الوقت كتابات النساء التي يتم استبعادها على أساس أنها سطحية، على أساس أنها متحورة حول الذات الأنثوية، أنها تدور حول عالم النساء الضيق والكثير من هذه المصطلحات التي توصم كتابات النساء الحقيقة أنا لا فيه مفهوم مختلف للوطن عن المفهوم السائد وكأن الوطن هو شيء أحادي يتم تعميمه على كل الكتابات يعني الكتابة في النهاية هي رؤية، هي رؤية مع شكل جمالي فهناك رؤى مختلفة ومغايرة للرؤية الأحادية السائدة المنتشرة إذاً مفهوم الوطن في فكر الكاتبة العربية بداية عايزة أوضح إن هذا الكتاب الروايات التي أنا تناولتها هي ليست حصرية هي مجرد أمثلة وهناك الكثير من الكتابات الأخرى طبعاً اللي كان ممكن أتناولها لكني في النهاية مكنتش عايزة أحصر بل كنت عايزة أمثل ظهر مفهوم الوطن في هذه الكتابات أنه يبدأ من الخاص لكي يلتقي مع العام، لما بأقول الخاص هنا طبعاً بأقصد الخاص اللي هو المنزل وكل الأنشطة المرتبطة به، كل الأحداث التي تدور داخل المنزل الخصوصية الحميمية العاطفية، تربية الأبناء إلى آخره.. العام هو كل ما هو خارج.. بالضبط..

خالد الحروب: المتعلق بي.. أينعم.. إذا سمحتِ لي لندخل الدكتور محيي الدين في مسألة الاستبعاد، المسألة الأساسية إنه هذا الأدب النسوي بين قوسين وعليه تحفظ في الكتاب إن هو مستبعد لأنه هو خاص يتكلم عن عالم المرأة الضيق المحصور، هل هناك استبعاد لأدب المرأة ابتداءً أم أن هناك احتفاء به حتى في العالم العربي؟

محيي الدين اللاذقاني: يعني حسب تقديري هناك احتفاء واحتفاء مبالغ فيه والدكتورة شيرين نفسها في المقدمة لاحظت ذلك وكان عندها ملاحظات على هذا الاحتفاء الحقيقة يمكن الاتفاق على نوع من الاحتفاء المبرر ويمكن بعضه كنوع من التملق للنص النسوي يعني حتى معظم الكُتَّاب الذين استشهدت بهم بالمقدمة هم كتاب ذكور وأسماء كبيرة من ناصر حامد أبو زيد، عبد الله الغزامي، إدوارد سعيد ، هشام شرابي وكلهم نقدوا المجتمع الأبوي واحتفوا بالنص الأنثوي والأدب النسوي الذي أفردت له الدكتورة هذا الكتاب، المبالغة في الحفاوة بالنص النسوي مرة الكاتب المرحوم أبو علي ياسين أيضا هو الذي كتب عن حقوق المرأة في كتابات النهضة العربية يقول المرأة العربية مثل العروس جالسة في مكان مرتفع بكل زينتها وعباءتها وعطورها وتريد من الآخرين أن يدافعوا عنها، المشكلة الأساسية الآن أن لأول مرة نرى وجوه نسائية بعد الجيل الأول، الجيل المؤسس نوال السعداوي وغادة السمان، فاطمة المرنيسي نرى جيل جديد جيل الدكتورة شيرين وهو يحاول أن يمسك القضية بنفسه ولا يتركها للذكور وهذا شيء جيد لأنه حتى في قلب هذا الكتاب نرى وصية هامة لفاطمة المرنيسي لن يهدم الحرملك إلا المرأة..

خالد الحروب: نعم.. دكتورة شيرين إذا بقينا في مطلع الكتاب حتى نفهم يعني بعض..

شيرين أبو النجا: الإطار العام نعم..

خالد الحروب: الإطار العام وكيف تم تناول.. فيه سؤالين السؤال الأول كيف تم اختيار النصوص ولماذا؟ ربما يتساءل أي قارئ لماذا مثلاً ليس هناك نص لأحلام مستغانمي وهي كتبت عن الوطن الجزائري بكثافة واستغراق فما هي منهجية اختيار هذه النصوص والروايات؟


معظم النصوص التي صدرت عن النساء في العالم العربي تتضمن افتعالا في الكتابة، والحبكة غير موجودة، وهناك تسطيح تام في تناول المضمون مع اللغة

شيرين أبو النجا: الحقيقة أنا قضيت وقت طويل جدهاً أتابع جميع النصوص لا مقدرش أقول جميع كمان دي هتبقى مبالغة، معظم النصوص التي صدرت عن النساء في العالم العربي وقابلتني العديد من المشاكل وداه خلاني أفهم الصورة أكثر كمان إذا كانت مضمون الرواية جميل فاللغة مش لغة سلسة أحيانا تجده افتعال في الكتابة أحيانا الحبكة مش مضبوطة الشكل الجمالي مش مضبوط أو هناك تسطيح تام في تناول المضمون مع اللغة الرائعة يعني تحس فيه كاتبات كده بيلعبوا بالعربي بس المضمون يعني مسطح للغاية وقديم ومكرر وتجاوزناه منذ زمن وجدت أن هذه ربما تكون أفضل النصوص اللي ممكن تساعدني إن أنا أطلع منها بحاجة لأن في النهاية طبعاً النصوص هي اللي بتفرض عليَّ النتيجة النهائية للبحث فمكنش فيه منهجية معينة بقدر أن يكون هذا عمل أدبي بالفعل، عمل أدبي مش إن أنا أبتدئ أحتفي به لمجرد إن هو بيقول مقولة أنا مقتنعة بها لابد أن يستجيب للشروط الجمالية التي تجعل من هذا العمل الأدبي عمل فني مقبول ومقروء بالفعل..

خالد حروب: نعم.. نعرف دكتور محيي الدين يعني يبدو لي بأنه قد يقول قائل إن هذا المنهج فيه قدر من التقدير الذاتي أكثر ما هو منهج موضوعي إذا سألك شخص لماذا هدية حسين مثلا ليس سميرة المانع أو مثلا أحلام مستغانمي..

شيرين أبو النجا: آه طب عفواً أنا هنا افتكرت حاجة ثانية واحدة دكتور محيي أنا افتكرت حاجة أستاذ خالد كمان لما حضرتك قلت ليه مش سميرة المانع مثلا..

محيي الدين اللاذقاني: ثانية للحفاوة ولا للنقد؟

شيرين أبو النجا: لا، لا لداه ولا لداه لما حضرتك قلت ليه مثلاً مش سميرة المانع أنا كمان كنت بأدور على جيل ما يكنش جيل قديم فلو تلاحظ إن معظم النصوص دية طالعة في عقد التسعينات مقدرش آخذ حد من جيل قديم وحد من جيل جديد ليه لأن الرؤية هتختلف بالطبيعي نتيجة لاختلاف السياق داه كان أحد المعايير اللي عندي إن هي يكون حاجات في أزمنة متقاربة بحيث إن يكون السياق السياسي والاجتماعي اللي بيطلعها..

خالد الحروب: متقارب..

شيرين أبو النجا: متقارب مقدرش آخذ حاجات مختلفة..

خالد الحروب: دكتور محيي.

إشكالية المنهجية في النقد

محيي الدين اللاذقاني: يعني أنا في تقديري إنه الاختيار يظل يخضع للذوق الشخصي للناقد هذا بالدرجة الأولى لكن الدكتورة شيرين عندها مشكلة في المنهج يعني هي لم تشأ أن تعترف في بداية الكتاب بأنها تعتمد المنهج الانتقائي ما يلائم المزاج، ما يلائم فكرة جاهزة في رأسها حول ما يمكن أن يكون عليه الوطن يعني الإشكالية الأساسية في كتاب من هذا النوع أنك تأسس في أرض خام عندنا في البلاد العربية ليس عندنا مواطنة لأنه ليس عندنا وطن كل تراث السرد العربي يقوم على مفهوم الأمة، يقوم على مفهوم القومية حتى في بداية الكتاب أيضا الدكتورة وهي تعرف الوطن أيضا بدأت تخلط بين الوطن والقومية وبين الوطن والأمة وهذه إشكاليات منهجية كان يجب أن تحسمها في البداية قبل أن تصل إلى الخيارات، فيما يتعلق بالخيارات أنا أتفق معك إنه لماذا فلان وليس فلان لماذا ليس النص الجيد يعني أنا أستطيع أن أعدد عشرات النصوص الجيدة مثلاً من الإبداع العراقي يمكن تكون أهم من النص هدية حسين فيما يتعلق بالمغرب العربي أيضا الجزائر بعيدا عن أحلام مستغانمي أيضا فيها نصوص كان يمكن أن تفيد في تقديم حالات من هذا النوع أنا لو خُيرت من السعودية مثلاً وهي اختارت الكاتبة ليلى الجهني في الفردوس المفقود أنا ربما اخترت رجاء عالم وعندها روايتين عن فضاء مكة والطريق الحرير وسيدي وحدانه فإذاً نترك الجانب المزاجي في الانتقاء ونؤكد على المشكلة المنهجية الدكتورة شيرين عندها مشكلة منهجية في هذا الكتاب وقد تعيد النظر في بعض فصوله..

شيرين أبو النجا: لا أنا عايزة.. أنا عايزة أعرف إيه هي المشكلة المنهجية ما أنا مفهمتش..

خالد الحروب: دكتورة شيرين بس نركز باختصار حتى لا نتحدث في المفهوم الوطني هذه نقطة يعني بالإطار العام لمنهجية الكتاب..

شيرين أبو النجا: لا الحقيقة لأن أنت لو ضربت في منهجية كتاب يبقى مفيش كتاب فاهم قصدي فأنا حابة إن أنا أعرف إيه المشكلة المنهجية في الكتاب؟

محيي الدين اللاذقاني: المنهج الانتقائي منهج..

شيرين أبو النجا: اللي هو قصد وضح لي أكثر يا دكتور لو سمحت.

محيي الدين اللاذقاني: يعني في المنهج قلتي أوظف ما يصلح لفك شفرات النص وتحليل العلاقات الداخلية من داخل الإطار المعرفي العربي بشكل عام مما لا يعني تجاهل أية أدبيات نقدية تلائم الإطار الثقافي للنصوص التي سيتم تحليلها هذا الناقد يقول لك أنا انتقائي..

شيرين أبو النجا: لا يا دكتور ثانية واحدة..

خالد الحروب: على كل حال حتى لأنه حتى في نهاية المطاف أنا لما أثرت هذه النقطة قد يكون الرد بكل بساطة إنه هذه مجموعة ممثلة للنصوص لا تستطيع طبعاً أن تدخل كل النصوص الروائية العربية في بين دفتي الكتاب ولو اختارت مجموعة أخرى لأنا سألت نفس السؤال..

شيرين أبو النجا: بس أنت عندك أسهل حاجة إن مؤلف الكتاب قاعد قدامك فممكن تسأله ليه مش كده أسهل..

خالد الحروب: عشان إحنا بنحيل إحنا يعني استشففنا شوية انتهزنا فرصة وجودك..

شيرين أبو النجا: لا إطلاقاً لا بالعكس أنا دائما يعني نقطتي المفضلة فعلاً في نقاش الكتب بتبقى المنهج وأنا بأشوف إن دية نقطة أساسية ومهمة جدها في مناقشة أي كتاب فعلا إيه المنهج اللي هو معتمد الدكتور تفضل وقال جزء من مقولة هولاون بارت اللي هي فك شفرات النص الدلالية من داخله وكذا، وكذا الحقيقة أنا قائلة بوضوح وبصراحة جدا إن أنا معتمدة على النقد الثقافي أو اللي هو كما سماه عبد الله الغزامي النقد الثقافي أو كما سماه إدوارد سعيد النقد المدني أو الدنيوي اللي هو (Secular Criticism) اللي هو كيفية ربط بيدور على كيفية ربط النص بالعالم وقصة طويلة جدها النقد الثقافي بيدخل تحته العديد من الأسماء اللي ممكن أوظفها لدوت هو داه الـ (Cultural Criticism) مش مثلا النقد الجديد أو النقد البنيوي أو ما بعد البنيوي أو التفكيكي وليس حتى النقد النسوي لأن له مناهج خاصة به فاللي أنا معتمدة عليه هنا النقد الثقافي اللي هو بيسمح لي اللجوء إلى العديد من الأسماء إن أنا زي مثلا زي ما استخدمت فوكو، ميشيل فوكو مما يخص الخطاب..

خالد الحروب: يعني ربط هذا المنهج أو هذا الاختيار باختيار الأسماء والشخوص حتى ننطلق من النقطة حتى ما نقع أسرى لها يعني أخذت وقت أزود من اللازم.

شيرين أبو النجا: طيب.. نقطة مهمة والله..

خالد الحروب: هي نقطة مهمة بس..

محيي الدين اللاذقاني: يعني فيما يتعلق آسف.

خالد الحروب: اسمح لي دكتور محيي الدين، اسمح لي..

محيي الدين اللاذقاني: تفضل.

خالد الحروب: نأتي إلى أوراق..

شيرين أبو النجا: لازم نكمل النقاش فيما بعد في هذا الموضوع..

خالد الحروب: أوراق النرجس اللي هي الفصل الأول ومفهوم الوطن الآن عند في هذه الرواية عند سمية رمضان ما هو الجديد كيف كان مفهوم الوطن مصر كيف كان عند سمية رمضان من خلال هذه الرواية؟

شيرين أبو النجا: يعني الحقيقة أهم حاجة قدمتها سمية رمضان في هذه الرواية إنها سمحت لنفسها بدون حرج وبدون أي حسابات إنها ترى مصر عن بعد لما تشوف المكان عن بعد وأنت مش داخل المكان وهي بتراه عن بعد وبتعمل في نفس الوقت نقد شديد جدها للطبقة البرجوازية اللي هي نشأت وتربت فيها..

خالد الحروب: دكتور محيي الدين لعل هذا الفاصل والشعور باللهفة للوطن ونحن خارجه لكن عندما تعود لبطلة الرواية إلى وطنها تشعر بهذا الانتماء.

مسألة التعصب للجنس


الاغتراب لا علاقة له بالجغرافية، الاغتراب حالة نفسية يولد بها الانسان وغالبا ما يكون الذين يعيشون داخل الوطن أكثر غربة من الذين يعيشون خارجه

محيي الدين اللاذقاني: يعني أنا اعتراضي على ضبط الغربة بالجغرافية حين تكون البطلة في أيرلندا أعتقد يعني دائما الاغتراب لا علاقة له بالجغرافية الاغتراب حالة نفسية نولد بها وغالبا ما يكون الذين يعيشون داخل الوطن أكثر غربة منا لأنه في العلاقات الاجتماعية وهي التي زعمت الدكتورة أنه المرأة أكثر تمثيلاً لها فيما تسميه الخاص الذي هو العائلة والعواطف والانفعالات موجود في كتابات الذكور يعني أنا مثلا لا أستطيع أن أجده كل الروائيين العرب يهتموا بالخاص ربطوه بالعام، جعلوه متاخم للعام، أوغلوا في حكاية تحليل الغربة النفسية بعضهم فعلا لم يربطها بالغربة الجغرافية فيه نوع من التعصب للجنس يعني شيرين عكس هدى بركات مثلا، هدى بركات في نقدها ودراستها للأدب النسوي تقول أنا لا أتعصب حتى لجنسي بينما أجده أنا عند الدكتورة شيرين تعصب حقيقي للكتابات النسوية حتى وإن كانت لا تصمد لمقياس النقد.

خالد الحروب: دكتورة شيرين..

شيرين أبو النجا: مش فاهمة يا دكتور أنا عندي مشكلة فعلا إن أنا مش فاهمة، يعني أنا ممكن دلوقتي حضرتك لما تعمل عن رجال مثلا فأقول أنت متعصب لجنسك لازم تطلعي دليل من الكتاب إن أنا متعصبة لجنسي الكتاب أصلا كله عن روايات النساء دي نمرة واحد ثانية واحدة.

محيي الدين اللاذقاني: لا أنا لا أبالي تعصبك لجنسك حقك.

شيرين أبو النجا: لا ثانية واحدة لا، لا أصل أنا ناقدة أنا مش (Activist) مدافعة ماشية أقول النساء، النساء أنا هنا بتكلم على نقد أدبي واخد بالك وهنا مهم جدها ففي جملة هنا محورية حضرتك قلتها أن هناك تعصب للجنس حتى عندما يكون العمل لا يخضع لمعيار النقد يعني إيه لا يخضع لمعيار النقد؟

محيي الدين اللاذقاني: يعني أذكر الأستاذ خالد في بداية الحوار لماذا ليس أحلام بستغانمي، لماذا ليست غادة السمان، لماذا ليست فلانة فأنا جوابي الشخص افترضت أنك تحتفي بالجيل الأحدث يعني هذا حكمي الموضوعي.

شيرين أبو النجا: (ok).

محيي الدين اللاذقاني: لكن حكمي الشخصي ربما لم تجدي ما يمثل ما في ذهنك إلا هذه الروايات هذه حالة تعصب..

خالد الحروب: دكتور..

شيرين أبو النجا: لا إحنا خلينا في الحكم الموضوعي أفضل يا دكتور بما إن إحنا بنتكلم عن النقد..

خالد الحروب: دكتور بالنسبة لـ .. ربما كان نقطة خلافية قصة التعصب للأدب النسوي لأنه في الكتاب فيه أكثر من موقع بوضوح تذكر إنه هذا الكتاب هي شاهد ودليل وعملية على أنها على تمرد على الخطاب المهيمن والسائد هي تمرد في الهامش ليس لذاتها بل لأجل أن تخلق تغير كيفي عام رجولي وذكوري ونسوي على..

شيرين أبو النجا: نعم التراكم في النهاية يؤدي إلى التغيير في الكيف..

محيي الدين اللاذقاني: أنا نفسي توضح لي شيء لأنه فيه ركزت كثير على أنه الكتابات الأنثى ضد المؤسسة في العالم العربي ليس عندنا مؤسسة لا ثقافية ولا سياسية ولا اقتصادية ولا اجتماعية مشكلتنا في غياب المؤسسة ودائما الشيء المحوري في هذا الخطاب الذي تقدمه الدكتورة من خلال كتاب مفهوم الوطن وفكر الكاتبة العربية أنه ضد المؤسسة إذا كان لا يوجده عندنا المؤسسة..

خالد الحروب: طيب دكتور محيي..

محيي الدين اللاذقاني: بماذا نحكي، هل نحكي عن مؤسسة في طور التشكل مثلا؟

خالد الحروب: على كل حال إذا بس تسمحوا لي لأنه هذا إذا انخرطنا في موضوع المؤسسة قد لا ننتهي.

شيرين أبو النجا: مش معقولة كل حاجة يا أستاذ خالد تبقى على كل حال..

خالد الحروب: نظلم النصوص الواردة في الكتاب سوف ننتقل إلى النصف السعودي.

شيرين أبو النجا: طيب المؤسسة، طيب المجتمع الأبوي.

خالد الحروب: إذا سمحت لي بعد هذا الفاصل قصير أعود إليك مباشرة أعزائي المشاهدين نتواصل معكم بعد هذا الفاصل القصير.

[فاصل إعلاني]

خالد الحروب: أعزائي المشاهدين أهلاً وسهلاً بكم مرة ثانية نواصل معكم مراجعة كتاب اليوم مفهوم الوطن في الفكر الكاتبة العربية دكتورة شيرين كنا نتحدث عن المؤسسة الثقافية والنقطة التي أثارها الدكتور محيي الدين تنتقدين المؤسسة الثقافية بين قوسين لأنها تستبعد المرأة تنظر كذا تقوم بكذا تنشر خطاب ما هي المؤسسة الثقافية التي تتحدثي عنها؟

شيرين أبو النجا: يعني في كلمتين يعني بالنسبة لي تعبير المؤسسة طبعا بيحمل عدة معاني فيه المؤسسة اللي هو زي ما الدكتور محيي قال إنه يبقى عندنا مؤسسة واضحة مفهوم أولها من آخرها عشان حتى لما آجي أقومها أبقى عارفة أنا بأقوم أية وهناك أيضا المؤسسة بالمعنى المجازي يعني ما تعارف على قراءته، ما تعارف على قبوله، ما تعارف على أنه عمل أدبي الرسمية دي اللي هو يدخل في الخطاب السائد والمهيمن أي شيء مخالف لما هو سائد ومهين وما هو مقبول ومألوف ومعترف به أي ما يخالف هذا أنا بأعتبره بيضرب في المؤسسة بالنسبة لي كمان تعبير المؤسسة زيه زي المجتمع الأبوي يعني فكرة المجتمع الأبوي ليست فقط متعلقة بالنساء هي أيضا متعلقة بالرجال يعني غالبا أنت يا دكتور تعاني من المجتمع الأبوي فاهم قصدي..

محيي الدين اللاذقاني: هذا الإحساس اللي جاني أنا إنك عم بتستخدمي المؤسسة كي تتحاشى استخدام المجتمع الأبوي لأنه من كثر تكراره قد يكون وصل نوع عمل لكِ شيء..

شيرين أبو النجا: إزاي لا بالعكس بس أنا مستخدمة المجتمع الأبوي لأنه فيه إشارة إلى كتب هشام شرابي اللي هو متكلم عن المجتمع الأبوي..

ليلى الجهني والفردوس اليباب

خالد الحروب: دكتورة شيرين.. إذا انتقلنا إلى ليلى الجهني في رؤيتها الفردوس اليباب وتعرضت إلى خديعة حب ثم علاقتها مع جده وتداخل جده المدينة بكل الحاجات الخاصة.

شيرين أبو النجا: ما هي ليست إلا قصة مكروره يعني زي ما..

خالد الحروب: لكن أنا بأسألك عن النهاية، النهاية أن صبى البطل انتحرت فكأنه يعني هل هذا هل هو اليأس من الوطن؟

شيرين أبو النجا: يعني ومن هي المرأة التي لم تنتحر في موقف مثل هذا يعني خلينا نبقى واقعيين جدا يعني أنا بيتهيء لي لو كانت كتبت أي حاجة ثانية أنا كنت هبقى مستغربة الحقيقة يعني من هي المرأة التي ستواجه هذا الفضيحة والعار والخديعة وإحساس يعني كل الكلام داه خلينا نحاول نبص بقه للنهاية مش أنها يأس من الوطن.

خالد الحروب: علاقتها مع جده المكان.

شيرين أبو النجا: مش يأس من الوطن لأن كمان خذ بالك مشهد الانتحار مش عارفة يعني يا ريت تكونوا قرأتم النص الأصلي مشهد الانتحار شيء بديع فكوني أقول إن مشهد الانتحار شيء بديع مفارقة كمان في الوصف ما فيش مشهد انتحار بيبقى بديع هو في النهاية موت وقتل للذات لكن الطريقة اللي هي صورتها به ما قلتش لنا في لحظة واحدة أن هي بتنتحر ولم تستخدم هذه الكلمة مطلقا هي طول الوقت بتراجع علاقتها بمدينة جده وبضفر جده مدينة جده في العام جدها في التاريخ كله مع أحاسيسها وقصتها تجاه جده هي بتشعر أن جده خانتها هناك خيانة من المكان لها لكنه ليس يأس من الوطن لأنها لحد اللحظة الأخيرة وهي تقول جده مثل امرأة مجنونة كيف تتعامل معها ويعني حتى أنها حولت جده إلى امرأة رغم أن يعني مش أنها رمز لا لكن جده متقلبة كل شوية بحال وكأن المكان يعني يقبلني أحيانا ويرفضني أحيانا ليس يأس من الوطن بقدر ما هو فيه إشكالية الحقيقة هنا، فيه إشكالية الحقيقة هنا في كيفية التعامل مع هذه المشكلة الفظيعة جدا في هذا المكان الذي له قواعده وله حدوده وله قوانينه.

خالد الحروب: نعم.. محيي الدين.

محيي الدين اللاذقاني: يعني خارج إطار الجنس والخطيئة وهي مسائل أساسية في هذه الرواية وأنا من الروايات الحقيقة التي أحبها قرأتها منذ فترة طويلة..

شيرين أبو النجا: بديعة..

محيي الدين اللاذقاني: المرأة العربية خارج إطار الجنس..

خالد الحروب: محيي الدين حتى بس إذا سمحتم لي بهذه الملاحظة حتى نركز النقاش على المفهوم الوطني لأن كلما هو عنوان الكتاب كيف رأيت هذا المفهوم علاقتها مع جده، مع الوطن وتمازج الخاص بالعام كيف هذا انعكس كيف رأيته؟


النص النسوي يعمل ضمن منطقتين: منطقة المكان فيما يتعلق بالمدن، ومنطقة استعادة التاريخ لأن المرأة كانت مغيبة عبر التاريخ تماماً طيلة الفترة الماضية

محيي الدين اللاذقاني: النص النسوي سواء هذا النص الفردوسي أو غيره يشتغل حاليا على منطقتين منطقة المكان فيما يتعلق بالمدن ومنطقة استعادة التاريخ لأنه المرأة كانت مغيبة عن التاريخ تماماً طيلة ها الفترة هاي الماضية يعني كل شغل أحلام مستغانمي في قسنطينا أحلام نجوى عندكم نجوى شعبان على دمياط فليلى الجهني اشتغلت على موضوع جده رجاء علم اشتغلت على موضوع مكة المكان يعطيك فكرة للانتماء حين تربط الوطن بالأرض لكن الوطن ليس أرضا يظل الوطن مفهوما ذهنيا مجردا والدكتورة أشارت إلى ذلك باقتدار وأنا من كثرة ملاحظاتي النقدية آمل أن لا يفهم الكتاب ليس هاما بالعكس كتاب هام وقيم لكنني أبحث دائما عن الكمال يعني هذه وظيفة النقد أن نبحث عن صورة مكتملة لما يمكن أن نقدمه فمفهوم الوطن عند ليلى الجهني في الفردوس المفقود مفهوم يرتبط بالأرض وليس فيه أي تجريدات ذهنية في حين لو أخذه مثلا عند فاطمة المرنيسي وأعتقد أنك في صدد ذلك لأنه أهم فصول الكتاب ستجد أنه فضاء فاس التاريخي ليس حجارة فقط لكنه أيضا فضاء ذهني هذا الفرق بين الاثنتين..

خالد الحروب: حتى بأمل الوصول إلى فصل فاطمة المرنيسي حتى نختصر النقاش دكتورة شيرين أيضا بإيجاز كيف كان كيف تجسد هذا المفهوم، مفهوم الوطن في رواية صهيل النهر لبثينة خضر التي رأت في النهر ماء الحياة المقدس ورأت فيها أيضا التماسيح القاتلة والمميتة؟

بثينة خضر وصهيل النهر

شيرين أبو النجا: النيل يصب جنوبا في صهيل النهر جنوبا طبعا اللي هي ما تقصدش شمالا حيث كانت في إنجلترا أعتقد أو حاجة كده البطلة يعني راحت إنجلترا أو حاجة كده هذه الرواية غريبة جدها بتبدأ بفكرة حزن هذه المرأة لأن زوجها تزوج واحدة أخرى وبتنتقل بعد كده في كل معاناتها مع نفسها إلى الخلط بين هذه المعاناة وبين معاناة الوطن وهي الحقيقة كانت واقعية جدا لأن هي ورتنا كمان قصص نساء أخريات سودانيات يعيشن في هذا المكان كما أتذكر كان إنجلترا يعيشن في هذا المكان ويعني عانين الكثير من امرأة تعمل في بار وامرأة مش عارفة وهكذا أمثلة متنوعة وبعدين بتبتدي تدخل في قصة حكايات الجدة جدتها اللي هي طول الوقت بتتكلم عن أسطورة فاطمة السمحة، فاطمة السمحة اللي هي وصديقتها كلهم انتحروا علشان فكره كمان هنا كمان فيه فكرة إعادة كتابة التاريخ من هذا المنظور من المنظور الغير رسمي هذه حكايات غير رسمية إطلاقا وقصة فاطمة السمحة يعني لم تذكر في الكتب الرسمية اللهم إلا إشارة عارضة لها وفي النهاية هي عادت إلى الوطن هذه الصوت السردي عادت إلى الوطن وكأن النيل بيصب جنوبا وليس شمالا بتفكرني برواية الطيب صالح.

خالد الحروب: صورة مجازية.. أينعم الطيب صالح موسم الهجرة إلى الشمال.

شيرين أبو النجا: موسم الهجرة إلى الشمال هنا هي رجعت بالنيل إلى الجنوب عادت مرة أخرى إلى موطنها الأصلي بمنتهى الحب وبمنتهى القبول لكل ما فيه من شقوق وشروخات وبكل معرفة المعاناة والمعاناة اللي هي نفسها عانتها في هذا الوطن قبل أن تغادره فأنت كان فيه أهم حاجة بالنسبة لي هنا قصة إعادة كتابة التاريخ غبر تطوير النهر مع..

خالد الحروب: نعم إذا انتقلنا إلى الفصل الذي ننتظره ربما جميعا فاطمة المرنيسي.

شيرين أبو النجا: مش هنسأل الدكتور محيي طيب عن صهيل النهر.

خالد الحروب: لا مش راح أسأله عن صهيل النهر راح نقفز عن هذا..

محيي الدين اللاذقاني: لكن برضه هحكي عنه..

خالد الحروب: أسأل بإيجاز محيي لو سمحت عن فاطمة المرنيسي ونساء على أجنحة الحلم فيه مفاهيم عجيبة جدا في هذا الفصل وهو فعلا مثير فكرة الحدود فكرة الحريم الحدود والذي مثير فن القادة وأنا اقتبسته في المقدمة اللي هو النظر إلى المرأة بنفس النظرة إلى الغازي الأجنبي يقول على لسان أحد الشخوص.

شيرين أبو النجا: القبض..

خالد الحروب: إنه النصارى أي الغزاة الأجانب والمرأة يريدون اختراق الحدود كلاهما محيي الدين ما تعليقك على هذا الفصل؟

محيي الدين اللاذقاني: يعني هذا الفصل بالذات هام لأنه رواية هامة ولأنه فاطمة المرنيسي إحدى أهم من كتب في النسوية العربية يعني سلطانات منسيات الحريم السياسي عشرات الكتب.

شيرين أبو النجا: الخوف من الحداثة.

محيي الدين اللاذقاني: الجنس كهندسة اجتماعية، أهمية فاطمة المرنيسي في الكتابة الاجتماعية أنها تختلف عن الكاتبات المثقفات اللواتي يحصرن مشاكل المرأة في إطار المعلمات الموظفات اللواتي وصلن إلى الجامعة فاطمة المرنيسي تحاور العاهرات، تذهب إلى الريف تقابل الريفيات، تذهب إلى البدو تقابل البدويات هذا هام لأنه أكبر جزء من شرائح المجتمع العربي النسوي هو يهمل في كتابات أمثال الدكتور شريف.

خالد الحروب: كيف رأيت مفهوم الوطن في هذا الجزء من الكتاب اعتمادا على نص فاطمة المرنيسي؟

محيي الدين اللاذقاني: فاطمة المرنيسي تؤسس لحرملك فاس كما كان في طفولتها وهو مختلف تماما الآن وتؤسس أيضا لفاس كفضاء مغلق لا يمكن للإنسان أن يتطور إن لم يغادره حلمها في أن تكون حمامة مطوقة وأن ينبت لها أجنحة ثم تطير خارج ذلك..

شيرين أبو النجا: تطريز ويظهر ذلك في التطريز..

محيي الدين اللاذقاني: تطريز على الحرير بالمناسبة الحرير لا أعرف لماذا يرد عند عشرات الكاتبات..

شيرين أبو النجا: تطريز على الحرير..

محيي الدين اللاذقاني: على الحرير..

شيرين أبو النجا: لأنه مساحة فاضية بتعيد عليها خلق..

محيي الدين اللاذقاني: فكأنه فاطمة المرنيسي في هذا الكتاب تحاول أن تقول بأنها لم تتحقق إلا حين غادرت المكان وهذه مسألة كارثية حين لا يوجده الوطن إلا حين تغادره..

خالد الحروب: أينعم أسأل الدكتورة شيرين تعليق على هذا أيضا.

شيرين أبو النجا: الحقيقة..

خالد الحروب: وألفت انتباهك إذا سمحت تشيري..

شيرين أبو النجا: تفضل..

خالد حروب: أيضا في نص لا أعرف في نفس الفصل يقول ما معناه إذا كانت الموانع في داخلنا فنحمل الحرير حيثما نذهب..

شيرين أبو النجا: هو داه اللي أنا كنت هقرأه نعم ياسمين اللي هي جدة الصوت اللي بيسرد اللي هي فاطمة الصغيرة بتقول ليست الحيطان ضرورية إذا تعلمنا الموانع نحمل الحريم في ذاتنا وداه المهم جدها إنه الحريم اللامرئي الموجود في رؤوسنا والمسجل في الجبين والجلد فاهم إزاي فهنا الفكرة إن مفهوم الحريم داه بيبقى جوانا اللي هي الأيام دي حديثا بنسميه الرقابة الذاتية فكرة إنك تستوعب كل الممنوعات وتعيد إنتاجها على نفسك فالحيطان مش ضرورية إطلاقا داه مثلا عند ياسمين يعني كان مهم كمان في الرواية دية يا دكتور محيي عارف فكرة اللي هي التطريز والطهي والتجميل والشعر وكل الحاجات دي إزاي فاطمة المرنيسي حولت كل هذه الأشياء التي ينظر إليها على أنها مستبعدة وتافهة وأشياء خاصة بالنساء إزاي حولتها إلى مكان للمقاومة حولت نفس هذه الأشياء إلى بؤرة من بؤر المقاومة اللي هو أنا لا أخجل مما أفعله ولكني أحوله إلى نوع من أنواع المقاومة ظهر داه مثلا في حكاية التطريز اللي هو الصراع بين الأجيال فالجيل الكبير الجدات عايزين يطرزوا على القماش رسوم كلاسيكية، الجيل الصغير ابتدأ يطرز رسوم حديثة اللي كلها طيور عايزة تحلق وتطير اللي هو بيعبر طبعا عن ما يدور في الذهن وفي الخيال..

خالد الحروب: الحرية والانطلاق..

شيرين أبو النجا: الحرية والإحساس بالانطلاق وكل داه فيه شخصية مثلا كانت مهووسة بركوب الخيل فاللي هو كما مرة ثانية بيعبر عن فكرة الحرية والانطلاق كل شخصية أوجدت لنفسها بؤرة كده بؤرة مقاومة..

خالد الحروب: طيب دكتورة شيرين..

شيرين أبو النجا: اللي هو زي الحب أسمهان وتفضيلها على أم كلثوم..

خالد الحروب: أم كلثوم أي نعم إذا تحدثنا أيضا عن النص..

محيي الدين اللاذقاني: إذا تسمح لي ثلاثين ثانية تصحيح لأنه ها الفصل بالذات.. خالد الحروب: باقي لنا ثلاث مساهمات وما أحب إنه نظلمهم الحقيقة يعني كل واحد فيهم فكرة مثيرة فإذا سمحت إنه ننتقل لهذا النص العراقي هدية حسين ورواية بنت الخان طبعا خلفية الرواية الحرب العراقية الإيرانية كل هذا الدم والدمار والألم ثم كأنها تختصر كل العلاقة والخاص والعام في فكرة الصندوق الذي ترثه عن أمها وجدتها..

شيرين أبو النجا: بالضبط أرشيف الوطن..

خالد الحروب: كيف يتبلور ويتجسد هذا المفهوم غير المكتمل للوطن في هذا الصندوق؟

شيرين أبو النجا: لأن هو الوطن الحقيقة غير مكتمل يعني إحنا متفقين على داه طول الوقت في المقدمة إن الوطن ليس معطى ثابت مكتمل، الوطن طول الوقت في عملية صيرورة الحقيقة داه كانت ربما أسوء خطوة في هذه الصيرورة اللي هي الحرب، الحرب الأولى في العراق الصندوق داه بيحوي الكثير من الأشياء، بيحوي الكثير من الذكريات المؤلمة وبعض صور وبقايا من ملابس الأم وبعض الخطابات الغرامية وأشياء كلها غير مكتملة ولكنها بتثير كل صورة وكل جزء من هذه الملابس وكان فيه كمان حاجة زي أجنده فيها ذكريات وأشياء كل شيء من، كل مفردة موجودة في الصندوق كأنها بتفتح صفحة في أرشيف هذا الوطن فهي بالتالي بتأخذنا طول الوقت لذكريات الماضي اللي هي المتعلقة بالأم وحياتها مع الأم والأب الذي وقع في حب امرأة أخرى اللي هي كوثر وكل المنطقة دية وبعدين الحاضر هي بتحكي لنا كمان عن الحاضر بتاعها والمستقبل اللي بيتجلى في الحبيب الذي أحبته اللي هو مات شهيد في الحرب والجيران فيه عندنا كمان الجيران اللي بيرجع وهو عنده هستيريا من الحرب لأنه شاف مناظر لا يقوى على وصفها أو سردها وهكذا طول الوقت أنت عندك الماضي والحاضر والمستقبل، المستقبل قتل في مقتل هذا الحبيب. خالد الحروب: ما رأيك محيي الدين عن هذا الفصل؟

محيي الدين اللاذقاني: روايات الحرب العراقية، روايات النضال الفلسطيني فيها دائما إشكال وأعتقد الدكتورة كانت منتبهة له لأنه دائما حينما يكون العام على درجة كبيرة من الطغيان فيصبح الحديث عن الخاص..

شيرين أبو النجا: رفاهية..

محيي الدين اللاذقاني: مسألة محرجة ونوع من الرفاهية تماما ففيه حالة بلاد كالعراق من حرب إلى أخرى ومن تشريد إلى أفضل ومن الماجدات إلى المشردات يعني مأساة إنسانية مهما رسمتها ومهما حاول أي قلم أن يصورها سوف تحس بالنقص لأن ما يجري على أرض الواقع من تراجيديا حقيقة أكبر من طاقة أي قلم وأي كاتبة وأنا أظن يعني إنه روايات هذه المرحلة لم تكتب بعد المحاولة الهامة في هذا المجال اللي بتعرفها الدكتورة رواية الغلامة لعالية ممدوح التي حكت عن النظام الذي سبب كل هذا الحروب لكن كيف المرأة دي يعني بكل على مدرا التاريخ هي التي تدفع الثمن دائما وأنا أتوقع إنه أهم ما سيكتب في الأدب الفلسطيني والأدب العراقي سوف يصدر عن النساء المتضررات الأوائل من هذه الحروب كلها الإشكال في هذا النوع من الروايات..

خالد الحروب: بإيجاز..

محيي الدين اللاذقاني: نعم الإشكال في هذا النوع من الروايات أنك دائما لا تنظر إلى الخاص نفس النظرة المتعاطفة التي تنظر فيها الناقدة..

خالد الحروب: نعم دعني ابني السؤال التالي التعليق التالي على هذا ما تفضلت فيه مؤخرا في الفصل الذي تحدث عن بدد رواية بدد للروائية الفلسطينية نعمة خالد كأن النساء ناقصات حظ مقاومة، ناقصات حظ في المقاومة يعني كأنما..

شيرين أبو النجا: داه عنوان مقال..

خالد الحروب: هو لأحد الاقتباسات في هذا… وهو مرتبط أيضا في نفس المطالعة العراقية إنه المرأة الرجل هو الذكر في الجبهة والمقاومة والبطولة بينما المرأة في البيت آمنة وكذا فيه قدر من التراتبية حتى في قدر البطولة والإعلاء أريدك أن تتحدثي عن الرواية الفلسطينية تحديدا لأنها أيضا تقدم صورة مغايرة للصورة الرومانسية الطوبوية الفلسطيني المناضل والمكتمل والذي لا تشوبه عائبة.

شيرين أبو النجا: مضبوط.. يعني مشكلة أعتقد الروايات الفلسطينية كمان إنها طبعا خليني اتفق الأول مع الدكتور محيي إنه دائما الروايات الفلسطينية عندها مشكلة أن ما يجري على الساحة هو ضخم جدا.. فأنت طول الوقت بتحاول تستعيد الوطن بتحاول تحرر الوطن، تحرير الوطن هو أهم حاجة دلوقت بتحرر الوطن وبتحاول تستعيد وطن صورته طوبوية جدها ثابتة خالدة في حين إن مش دي الحقيقة أيوه إنك تستعيد الوطن داه حاجة وإن الوطن متغير داه حاجة ثانية لازم نعترف بها فطول الوقت إحنا العرب مثلا زي ما ذكرت في الخاتمة عندنا صورة عن القدس، القدس عربية، القدس جنة بتاعتنا القدس صورة بالنسبة لنا، صورة لا نعرف عنها شيء سوى إن عدد الشهداء، عدد القتلة، عدد الجرحى لكن القدس نفسها هي مكان يدور فيه حياة وفيه علاقات بين الناس فيه حب وفيه كره وفيه كل الأشياء..

خالد الحروب: وماذا عن رواية نعمة خالد في مخيم عين الحلوة؟

نعمة خالد ورواية عين الحلوة

شيرين أبو النجا: رواية نعمة خالد بتدور عن هي رواية فلسطينية في مكان آخر اللي هي فكرة المخيمات، فكرة المخيمات كمان منقدرش ننكر أن هناك الكثير من المقاومة داخل هذه المخيمات ضد المؤسسة، ضد المؤسسة، ضد فكرة السلطة يعني كأنك بتخرج خارج السلطة علشان تعيد تأسيس سلطة أخرى كان فيه كمان نوع من أنواع مقاومة الفساد يعني كان مهم بالنسبة لي في موضوع البدد هي مقاومة الفساد في الداخل داخل المخيم وفي الخارج وفي خارج المخيم اللي هو ضد إسرائيل وكذا وكذا ولكن هي عملت هنا الوطن الصغير كأنها أعادت تشييد الوطن في هذا المخيم ففيه مقاومة فساد في الداخل كانت واقعية جدا كانت واقعية..

خالد الحروب: أينعم محيي الدين في تعليق قصير يعني قدر ما تستطيع من الإيجاز حتى نختم؟

محيي الدين اللاذقاني: أيضا بعض المخيمات محظوظة يعني مخيم عين الحلو الذي اختارته مسرح للرواية هو مخيم ناجي العلي والذي فيه خلفيات جيدة في ذهن القارئ العربي عن مكان في عن هذا المكان بالذات وعن الإطار الفلسطيني بشكل عام رواية نعمة خالد من الروايات الهامة ليس لأنها تبحث عن المرأة المقاومة على العكس يعني حتى اختارت أسم البطلة سراب ومدلول له أهميته فأهميته في أنه الكاتبة ليس عندها أوهام، أوهام الناقد..

خالد الحروب: يا سيدي شكراً جزيلاً اسمحوا لي أشكركم وأشكر أعزائي المشاهدين أشكركم أيضا على مرافقتكم لنا جليس هذا اليوم الذي كان كتاب مفهوم الوطن في فكر الكاتبة العربية من تأليف الدكتورة والناقدة شيرين أبو النجا التي أشكرها على حضورها ومشاركتها لنا في الأستوديو كما أشكر أيضا الناقد الدكتور محيي الدين اللاذقاني وإلى أن نلقاكم في الأستوديو المقبل مع جليس جديد هذه تحية من فريق البرنامج ومني خالد الحروب ودمتم بألف خير.