الكتاب خير جليس

تجارة السلاح

كتاب يبحث في تجارة الموت أو تجارة الأسلحة، ويعتبر جدولاً للقارئ عن هذه التجارة وأهم الدول المصدرة للأسلحة، والفساد الذي يرتبط بهذه التجارة، أثر تجارة السلاح على حقوق الإنسان، تأثير الإنفاق العسكري على التنمية في الدول الفقيرة.

مقدم الحلقة:

خالد الحروب

ضيوف الحلقة:

جدوين باروز: مؤلف الكتاب
د. مصطفى البرزكان: محلل مختص في شؤون العراق
عبد الله حمودة: صحفي مقيم في بريطانيا

تاريخ الحلقة:

22/07/2003

– الجديد في الكتاب
– الوضع الراهن لتجارة السلاح

– البعد الإستراتيجي لتجارة السلاح بين دول العالم

– تضاعف مبيعات الأسلحة الخفيفة وتراجع الأسلحة الثقيلة

– أثر تجارة السلاح على حقوق الإنسان

– تأثير الإنفاق العسكري على التنمية في الدول الفقيرة

– فائدة شراء الأسلحة للدول العربية

– وضع إسرائيل كمصدر ومستورد للسلاح


undefinedخالد الحروب: أعزائي المشاهدين، أهلاً وسهلاً بكم إلى هذه الحلقة من برنامج (الكتاب خير جليس) نقدمها لكم من لندن.

جليسنا هذا اليوم كتاب بعنوان "تجارة السلاح" من تأليف الباحث والناشط البريطاني (جدوين باروِز).

الكتاب وكما يشير عنوانه يبحث في تجارة الموت، يلاحق حركة الرساميل ومليارات الدولارات التي تجوب عرض العالم وطوله بحثاً عن أدوات القتل الجماعي.

مصدرو السلاح هم حكومات وشركات من العالم الذي يسمى متحضراً، ومستوردوه حكومات ومنظمات من العالم الذي يسمى متخلفاً.

نقرأ في الكتاب كيف أن الشراكة -بين قوسين- بين بلد متحضر وغني وبلد متخلف وفقير تقوم على امتصاص ميزانيات البلد الفقير وحقنه بالسلاح تحت مسميات التحوط من الأخطار التي يتعرض لها الأمن القومي لذلك البلد.

نتأمل في الكتاب كيف لو أن مئات المليارات التي لو أُنفقت.. التي أُنفقت وما تزال تنفق على تجارة السلاح وجدت طريقها إلى التنمية ومحاربة الفقر لصار العالم الذي نعيش فيه أكثر رفاهية وأقل قسوة على مئات الملايين من البشر.

في الكتاب أيضاً تفصيل عن البشاعات التي تستخدم فيها الأسلحة وعن الصفقات الفلكية والمشبوهة ومنها ما قامت بها دول خليجية مع الأسف، وهي صفقات اعتاشت من ورائها حكومات وشركات ومصانع غربية لسنين عديدة.

أعزائي المشاهدين، ضيفانا اليوم لمناقشة الكتاب هما: الدكتور مصطفى البرزكان (الخبير الاقتصادي في لندن)، والأستاذ عبد الله حموده (الصحفي والباحث المقيم في بريطانيا) فأهلاً وسهلاً بهما.

مصطفى البرزكان: أهلاً وسهلاً.

عبد الله حموده: أهلاً وسهلاً.

خالد الحروب: وقبل أن نبدأ تصفح الكتاب مع ضيفينا هنا في الأستوديو، لنتابع معاً ما يقوله المؤلف عن الأفكار الأساسية الواردة في كتابه وذلك في سياق الحوار التالي:

جدوين باروز (مؤلف الكتاب): الكتاب عبارة عن جدول تعريفي للمهتمين بتجارة الأسلحة وهو للمبتدئين الذين لا يعلمون الكثير عن هذه التجارة، وكُتِبَ بطريقة تثير اهتمام القارئ وتحمسه على اتخاذ إجراء ضدها، فبعد قراءته يستطيع التعمق في دراسة الموضوع والاعتراض عليها، سواء عن طريق الكتابة لممثليه السياسيين أو المشاركة في المظاهرات أو حتى الانضمام إلى الحملة ضد تجارة الأسلحة، الكتاب جدول تعريفي للمبتدئين، ويضم لائحة المؤسسات المعنية بمحاربة تجارة الأسلحة وتاريخ المعارضة لهذه التجارة والإجراءات التي اتخذناها ضد هذه التجارة.

خالد الحروب: تتحدث في الفصل الثاني عما تسميه دزينة الدول القذرة وتعتبرها الدول الأكثر قذارة في هذه.. في هذا النوع من الصناعة، لماذا تعتبرها كذلك ومن هي هذه الدول؟

جدوين باروِز: أعتقد أنه يوجد فهم خاطئ أساساً لطبيعة تجارة الأسلحة، فالاعتقاد السائد بأن هذه التجارة تتم بين مجموعات في أراضي نائية، وتصل بعض هذه الأسلحة الخفيفة لأيدي المخربين، ما أردت قوله في هذا الكتاب أنه في الواقع أسوأ تجار الأسلحة هي الدول الكبرى مثل بريطانيا، أميركا، فرنسا، ألمانيا، وروسيا، أي الدول الصناعية العظمى، فأعضاؤها هم الذين يبيعون 85% من الأسلحة للعالم سنوياً. وهي تجارة كبرى تسيطر عليها الدول الغربية وليس المجموعات الصغيرة.

خالد الحروب: ما هو أثر تجارة السلاح على حقوق الإنسان في الدول التي تباع لها هذه الأسلحة، خاصة وأن هناك تشريعات أوروبية وبريطانية وأميركية تحظر بيع السلاح للدول التي تنتهك فيها حقوق الإنسان؟

جدوين باروز: في أبسط الأحوال إن بعتهم الأسلحة واستعملوها لمحاربة دولة أخرى أو لقمع مواطنيهم فأنت عملياً توافق على ما يقومون به، وعلى سبيل المثال الولايات المتحدة وبريطانيا تبيعان الأسلحة لدول تخرق حقوق الإنسان، مثل تركيا، السعودية، وإسرائيل، وعندما تُستعمل هذه الأسلحة لقمع الشعوب أو محاربة دولة أخرى يعني أن الدول الغربية التي تبيع هذه الأسلحة تؤيد هذه الإجراءات بدون شك.

ولكن هناك الآن اتفاق مبدئي في أوروبا على مبادئ معينة تربط بين بيع الأسلحة ومراعاة حقوق الإنسان، وبريطانيا لديها مثل هذه المفاهيم وتقول بأنها لن تبيع، ولكن كل هذه القوانين لم تمنع بريطانيا وأوروبا من بيع هذه الأسلحة لدول تخرق حقوق الإنسان مثل السعودية، تركيا، وإسرائيل.

وما يقوله الكتاب والحملة ضد تجارة الأسلحة أنه في عالم مثالي يجب منع تجارة الأسلحة كلياً، ولكن كبداية لنقوي قوانين المنع وربطها بقضايا حقوق الإنسان.

خالد الحروب: لكن أيضاً تعليقاً على ما ذكرت، أنت تذكر أن أسوأ ثلاث بلدان في انتهاكات حقوق الإنسان وتشتري أسلحة من الغرب هي تركيا والسعودية وإندونيسيا، ولكن أين هي إسرائيل والاحتلال للأراضي الفلسطينية هو أقسى أنواع انتهاكات حقوق الإنسان، أين هي إسرائيل في كتابك؟

جدوين باروز: هذا سؤال مهم إلا أن السبب الرئيسي الذي منعنا من الحديث عن إسرائيل هو عدم وجود متسع لها، وأيضاً أنه في وقت نشر الكتاب كان هناك بحث ومعلومات مؤكدة حصلت عليها كانت عن السعودية وتركيا وإندونيسيا، خاصة إندونيسيا وتركيا، بسبب أحداث شرق تيمور، والأكراد فيما يخص تركيا، ولكنني أوافقك الرأي، فبيع الأسلحة لإسرائيل قضية كبيرة ومهمة، ومنذ صدور الكتاب غيَّر وزير الخارجية مفاهيمه فيما يخص توريد الأسلحة، حتى يستطيع بيع أجزاء إلكترونية تستعمل في تصنيع أسلحة مختلفة، تبيعها أميركا لإسرائيل ويستعملها الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة.

خالد الحروب: الآن في الفصل السادس تتحدث عن الفساد، فساد مبيعات الأسلحة ودور السماسرة ودور الصفقات المشبوهة، كيف تنظر.. ما الذي يحدث في هذه.. في هذا العالم الخفي من مبيعات الأسلحة؟

جدوين باروز: الفساد أمر مرتبط عضويا بهذه التجارة، وفي الواقع منظمة الشفافية الأوروبية التي تتابع الفساد ذكرت أن تجارة الأسلحة هي أكبر تجارة فاسدة في العالم، وكما ذكرت فيما يخص صفقة اليمامة معروف، فالشركات التي وقَّعت العقود دفعت رشاوى لوزراء سعوديين لتأمين العقود وحالياً الأمر ذاته يجري فيما يخص عقود بين (BII Systems) وجنوب إفريقيا التي اختارت شراء هذه الأنظمة العسكرية، وهناك اتهامات بأن شركة (BIA Systems) دفعت رشاوى لتأمين هذه العقود، هناك فساد سواء عن طريق الرشاوى لتأمين العقود أو رشاوى من المستوردين لتأمين شراء الأسلحة وهذا يثبت وجود الفساد، ولكن في الوقت ذاته هناك سرية حول مبيعات الأسلحة لحمايتها، فالحكومة في بريطانيا تصدِّر الأسلحة دون إعلام البرلمان، ولا حق له في السيطرة عليها، وتطلع البرلمان عليها بعد مرور عام على الأقل، بالتالي لا يوجد حق للمواطن بمعرفة أكثر من معلومات مقتضبة عن هذه الكميات التي بيعت بهذا المبلغ وتختلط المبيعات معاً وفي النتيجة لا نعرف ما الذي صُدِّر أصلاً.

الجديد في الكتاب

خالد الحروب: دكتور مصطفى، لو يعني بدأنا معك كسؤال ابتدائي وأولي: ما الذي تراه جديداً في هذا الكتاب؟ وما رأيك فيه بشكل إجمالي؟

مصطفى البرزكان: بصورة عامة الكتاب كتاب معلوماتي يقدم للقارئ معلومات رقمية وتفصيلية حول تجارة السلاح والتي يطلق عليها أقذر أنواع التجارة في العالم، وهذا طبعاً تعبير فعلاً يجذب القارئ ويحاول إنه يثير في.. في نفسه أمور كثيرة للإطلاع وقراءة الكتاب.

النقطة الأخرى أنه يحاول أنه الكتاب يثير معارضة لتجارة الأسلحة في العالم من خلال إثارة نقطة وهي عدم الجدوى الاقتصادي لتجارة السلاح، وهذه طبعاً نقطة ممكن في خلال الحديث نفندها، وأنا شخصياً أتعارض مع مؤلِّف الكتاب في هذه النقطة.

النقطة الثالثة والمهمة اللي يؤكد عليها الكتاب وهي: تأثيرات هذه.. هذه النوع من التجارة على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى البيئية في دول العالم وخاصة في دول العالم الثالث، وأنا أعتقد أنه الكتاب ممكن نعتبره إضافة إلى المكتبة في هذه.. في هذا المجال.

خالد الحروب: ما رأي الأستاذ عبد الله وخاصة إذا يعني لفتنا الانتباه إلى أنه الكتاب أيضاً العنوان الفرعي له أنه دليل إلى فهم تجارة السلاح، وطبعاً هو يأتي بسياق تحريضي أو تعبوي من أجل الحملات الشعبية ضد هذه التجارة.

عبد الله حموده: هذا صحيح.. هذا صحيح، يعني هذا الكتاب رأيي فيه إنه كتاب ذا طبيعة نضالية أو تعبوية -زي ما حضرتك قلت -على وجه التحديد- في إطار حملة لإدانة وتجريم تجارة السلاح، وعنوانه بالإنجليزي the arms trade لا يعني بالضرورة تجارة السلاح لما قريته، ولأن كلمة trade باللغة الإنجليزية تعني مهنة، يعني مهنة القتل أو مهنة القتال والقتل بأي شكل مسمَّى، من الناحيتين دولت يبان العمل لتجريم تجارة السلاح ووضعها في الإطار اللاأخلاقي الذي يجب أن تكون فيه، رغم أن هناك ضرورة لتجارة السلاح، يعني يجب إن إحنا لا ندين تجارة السلاح تماماً، يعني هناك السلاح مثل أي احتياجات مطلوبة عند الضرورة وفي ظروف معينة للدفاع عن دول، لكن التهويل في احتياجات الدفاع، وبيع الدول أشياء لا تستطيع أن تستعملها أو لا تحتاج إليها بغرض ابتزاز أموال كان يجب أن تخصص للتنمية هذه قضية، الكتاب يطرح أيضاً قضية أخلاقية.. قضية أخلاقية تجارة السلاح وما يجري فيها، وبأقول مهنة القتل لأنها ما.. ما بتتطرقش أبداً يعني لصناعة السلاح فقط، وإنما صناعة السلاح، تجارة السلاح، سمسرة السلاح، عملية القتل نفسها وتجنيد الصبية والأطفال وإلى ضحايا تجارة السلاح، سواء كان ده على صعيد المعارك بين الدول أو الحروب الأهلية أو حتى في عمليات التعذيب في إطار الأمن الداخلي أيضاً.

الوضع الراهن لتجارة السلاح

خالد الحروب: أي نعم، دكتور مصطفى، إذا بدأنا بالفصل الأول.. يمكن يعني يعطي مسح أو تغطية شاملة عن الوضع الراهن خاصة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة ونهاية.. نهاية سباق التسلُّح إن شئت بين قوسين، ويتحدث عن انخفاض ملحوظ إلى درجة تقريباً الربع إلى الثلث في.. في الإنفاق على التسلُّح في دول العالم جميعها، ثم القلق الذي ساور شركات السلاح ومصانع السلاح، لأنه الآن التجارة تكسد، فلذلك تم الالتجاء إلى موضوعة افتراض سيناريوهات حرب جديدة، وبث الذعر في كثير من البلدان إنه قد تقوم حرب في هذه المنطقة أو ذاك، فعليكم أن تشتروا أسلحة، ما تعليقك على هذا.. على هذا الفصل وهذا التوصيف للانخفاض ثم لمعاودة زيادة التسلُّح؟

مصطفى البرزكان: في هذا الفصل يثير عدة نقاط، النقطة الأولى: أنه يعطي سبب لماذا انخفضت.. انخفض الطلب على السلاح ويحددها لحد عام 97، وبعد هذا التاريخ يشهد قفزة، أنا أعتقد أنه بالتأكيد الفصل يؤكد أنه انتهاء الحرب الباردة ويحدد نقطتين سقوط الاتحاد السوفيتي، وهذا كان تأثير جوهري على طبيعة تجارة السلاح في العالم، ويؤكد الفصل أنه تجارة السلاح واجهت عملية تغيير جوهري في.. في مرحلة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانهياره.

النقطة الثانية: أيضاً والمهمة في تجارة السلاح هي ما حصل من تفجيرات في 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن، هذه.. هذا العاملين عاملين أساسيين حرَّك وأثر على تجارة السلاح في العالم ككل.

النقطة اللي يثيرها هذا.. هذا الفصل، ويحاول أنه يركز عليها وهي أنه تجارة السلاح تسببت في تقارب الشركات المصنِّعة للسلاح في الغرب، ولذلك نرى أنه كان هناك عملية تكامل واستحواذ لشركات السلاح الكبيرة التي كانت تسيطر على الأسواق على شركات السلاح الصغيرة، وبالتالي من خلال هذه الشركات الاستحواذ على أسواق أو توسيع أسواق كبيرة تضاف إلى أسواق هذه..

النقطة الثالثة والمهمة وهي الشروع بتحقيق مشروعات مشتركة صناعية مشتركة بين أميركا وبين أوروبا وضمن أوروبا أيضاً، ويتطرق إلى مشروع اليورو فايتر (Euro fighter) والطائرة الهليكوبتر الأوروبية، وأيضاً في.. في أميركا، أعتقد إنه هذا الفصل اعتبره المؤلف هو الخطوة الأولى للولوج نحو بحث السوق السلاح العالمي بين المصنِّع وبين المشتري وكافة الأشخاص أو المؤسسات بين المصنِّع وبين المشتري في..

خالد الحروب: تعليق الأستاذ عبد الله أيضاً على هذه المسألة.. مسألة الانخفاض ثم زيادة المبيعات مع.. مع الانتباه أو يعني إبقاء في.. في.. في الذهن قصة العنصر الأخلاقي في هذه التجارة، إنه هذه التجارة تكسد إذا.. إذا صار فيه سلام في منطقة معينة أو سلام عالمي، وتزدهر إذا صارت حروب وصراعات، ويقول الكتاب إن هناك سنة 99 مثلاً أربعين صراع في.. في مختلف مناطق العالم، فكأنه هذه التجارة تريد لهذه الحروب أن تستمر وأن تزدهر أو أحياناً يذهب بعض المحلِّلين إلى أنها تختلق نزاعات وحروب حتى تبقى في.. في أوجها.

عبد الله حموده: يعني هو خلال فترة العشر سنين الأخيرة كان فيه حوالي خمسين حرب ونزاع محدود إقليمي في دول.. يا إمَّا داخل الدول، يا إمَّا بين دول في مناطق مختلفة من العالم، طبيعة هذه الحروب هي أنها حروب محدودة تعتمد على الأسلحة التقليدية وفي كثير من الأحيان على الأسلحة الخفيفة، اللي حصل بعد الحرب العالمية الثانية هو أصبحت نوعية الأسلحة المطلوبة للمرحلة الجديدة مختلفة، فأصبح فيه تركيز على الأسلحة الصغيرة، لأنه الأسلحة الاستراتيجية زي الصواريخ والأسلحة النووية والأسلحة الدقيقة التصويب وغيرها أصبحت مش مطلوبة كثيراً لأنه الصراع الدولي بين قطبين لم يعد موجوداً، فهذا الكساد أدى إلى انخفاض عمل شركات السلاح وانخفض عملها أيضاً لأنه إنتاج الأسلحة الصغيرة ينتشر في مختلف أنحاء العالم حتى بعض الدول من العالم الثالث تنتج هذه الأسلحة، كانت النتيجة إنه بدأ البحث عن جيل جديد من الأسلحة الذكية المتطورة التي تستطيع أن تتجاوب مع الاحتياجات الجديدة مع أيضاً محاولة خلق أو اختلاق صراعات من نوع مختلف زي الحرب ضد الإرهاب، إعادة تشكيل خريطة العالم بما يتفق مع هيمنة القطب الواحد، وده لا يعني تشكيل الخريطة بالخطوط، وإنما تغيير أوضاع الدول من مارقة إلى طيِّعة، وهذا ما يجري بالنسبة للعراق، وما ينوون اتباعه بالنسبة لدول أخرى في المنطقة وغيرها.

البعد الإستراتيجي لتجارة السلاح بين دول العالم

خالد الحروب: أي نعم، السؤال أيضاً المركزي الذي تعرَّض له ولكن بشكل طفيف الكتاب أنه تجارة السلاح ليست فقط.. ليست تجارة وحسب -بين قوسين- ليس.. لا تبحث عن الربح فحسب، هذا موضوع خطير، موضوع استراتيجي، عنده علاقات بالتحالفات بين الدول، عنده علاقات بالدول الكبرى وعن من ترضى وعن من تُعطي ومن تحرم، من يدخل في فضائها الاستراتيجي وفي سياق نفوذها الإقليمي وغير ذلك، لذلك يعني أين.. أين تتجه هذه تصنيع السلاح وتجارة السلاح في سياق تغيُّر الاستراتيجيات الكبرى وتوزيع القوى الكبرى الراهن حالياً الآن، مثلاً توسُّع حلف الناتو في شرق أوروبا -على سبيل المثال- استدعى أن تتسلح هذه الدول الجديدة بأسلحة تناظر السلاح الموجود والمستخدم في غرب أوروبا على سبيل المثال، هل هناك تعليق على هذه القضية اللي هي أنها ليست تجارة فحسب دكتور مصطفى، أيضاً هناك بُعد استراتيجي مركزي في هذا الموضوع؟

مصطفى البرزكان: بالتأكيد، وأنا هأذكر لك مثال تم قبل فترة قصيرة جداً وهي بولندا، بولندا تم ترشيحها لعضوية الاتحاد الأوروبي، وفي نفس الأسبوع بولندا قدمت طلب للحصول على ما لا يقل عن 48 طائرة F16 من أميركا، الإدارة الأميركية قدمت إلى بولندا قرض ميسَّر بـ3.4 مليار دولار لدفع ثمن الصفقة إلى الشركة الصانعة، وهذا يدل على أن هناك ضمن هذه التجارة أمور كثيرة تخدم من خلال هذه.. هذه العلاقة، يعني هذا.. هذا مثال لو نرى أنه تجارة السلاح مع دول شرق أوروبا لحد عام 2000 كانت تتراجع، الآن حصلت قفزة ومن خاصة دول أوروبا الشرقية، اللي الآن تنضم.. انضمت إلى حلف الناتو، وهي الآن بصدد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، النقطة اللي أود أن أشير إلها وهي مهمة في هذا الفصل وهي معارض السلاح، يتطرق الفصل إلى…

خالد الحروب: هذا في الفصل الثاني صحيح.

د. مصطفى البرزكان: إلى.. إلى معارض السلاح، فيتطرق مع الأسف إلى معارض السلاح في الغرب فقط، يركز في نقطة في الفصل الأول حول تواجد في معارض السلاح في لندن وباريس، ومع الأسف يغرب عن باله هناك معارض سلاح في الشرق الأوسط، وأنا أذكر لك مثال معرض سلاح (أيدكس) في أبو ظبي، هذا تم أول دورة إله بعد حرب الخليج الثانية في عام 91، وهناك دورات سنوية لهذا، فأنا أعتقد أنه أصبحت بلدان الشرق الأوسط نسبياً هي ملاذ آمن لمعارض السلاح.

خالد الحروب: ما.. ما هي المشكلة مصطفى؟ يعني أين المشكلة في معارض السلاح؟ يعني حتى إحنا أيضاً نضع المشاهد في الصورة، المعارض تجارية تعرض الأسلحة المختلفة للمنظمات أو الحكومات أولاً ثم المنظمات التي تريد أن تشتري؟

مصطفى البرزكان: لا.. لا ننسى إنه إحنا ذكرنا في البداية إنه هذه تجارة هي تجارة القتل والتدمير، وليست دفاع فقط، هناك ضمن معارض السلاح هي الشركات المنتجة المشترين، والمشكلة هي ليست بالشركات المنتجة والمشترين، هناك العوامل والأشخاص السماسرة التجار الممثلين للدول والشركات، وتواجد هذه المجموعات ككل في هذه المعارض، أنا أعتقد أنه لتفادي الاعتراضات، يعني ذكر في الكتاب أن هناك مسيرات ضد معارض السلاح في لندن وفي باريس، ولكن في الشرق الأوسط حين يحصل.. يحصل المعرض بالعكس يتصوروا إنه هو ظاهرة حضارية، تنقل إلى الشرق الأوسط، وممكن تتوسع.

خالد الحروب: تنتقل بالإعلام ويتم التفاخر فيها.

مصطفى البرزكان: بالضبط نعم.

تضاعف مبيعات الأسلحة الخفيفة وتراجع الأسلحة الثقيلة

خالد الحروب: قد يتبادر للذهن أستاذ عبد الله إنه إننا.. إننا نتحدث عن الطائرات والدبابات وفقط يعني التسلح الثقيل، لكن أيضاً في النصف الثاني من الفصل الثاني يتحدث عن الأسلحة الخفيفة التي هي أيضاً لا تقل خطورة عن الأسلحة الكبرى الكبيرة مثل الطائرات والدبابات، ولا تقل خطورة طبعاً عنها وهي التي تستخدم في الحروب الأهلية، مثلاً السلاح النووي لا يستخدم على الرغم إنه أكثر كلفة طبعاً بأرقام فلكية، لكن الأسلحة الخفيفة زي الرشاشات والقنابل هي التي سوقها رائج.

عبد الله حموده: إذا.. إذا سمحت لي حضرتك أنا عايز أضيف مجموعة من الأشياء، بالنسبة للأسلحة الثقيلة الأول، يعني عندما تغير دولة من أوروبا الشرقية نظامها التسليحي من النظام الروسي إلى النظام الغربي هذا يستغرق بعض الوقت، ويستغرق تكلفة كبيرة، ولكنه بيعني نقلة استراتيجية في نظام التسليح، لأن إحنا ما بنشتريش طيارة بس، أنت بتشتري طيارة بتبقى تابع للمنتج ومحتاج إليه في قطع الغيار، لأنه الطيارة قطع غيارها كل عدد معين من ساعات التحليق لازم تُغيَّر، وبعدين تابع له في برامج الصيانة، وتابع له في برامج التدريب وفي كثيرٍ من الأحيان المشكلة بالنسبة للبلاد العربية على وجه التحديد أنها لا تستورد طائرة كاملة، وإنما بتستورد ما يسمى بالإنجليزي Standard export model…… Standard export model.

خالد الحروب: يعني النموذج المعد للتصدير.

عبد الله حموده: يعني النموذج المنزوع السلاح الأساسي الذي يصدر، بينما تستورد إسرائيل State of the Art.. fully equipped model يعني إسرائيل بتاخد الجهاز المجهز تماماً، وإحنا بناخد الجهاز الشاسيه، بنستورد الشاسيه وهم بيستوردوا طيارة، لو بعدين إحنا بنبقى تابعين لهم برضو في التدريب وقطع الغيار وغيرها، والخبرة والتسليح، وبعدين حتى مع الثمن اللي إحنا بندفعه كدول عربية كبيرة، مازلنا محتاجين ترتيبات دفاعية معاهم، يعني بندفع هذا الثمن ونشتري الأسلحة ثم لا نستطيع أن نستخدمها ونحتاج.

خالد الحروب: هذه نقطة سوف نأتي لها.. يعني المهم..

عبد الله حموده: أما بالنسبة للأسلحة الخفيفة اللي حضرتك تفضلت بالإشارة إليها فالأسلحة دي بتستخدم في على الصعيد الداخلي، بتستخدم بينتج عنها زيادة معدل الجريمة لما بتتسرب، بينتج عنها زيادة معدل الانتحار، بينتج عنها زيادة معدل اقتراف الجرائم الإنسانية وجرائم الحرب، زي ما حصل في رواندا وبوروندي، وزي ما حصل في البلقان، وزي ما بيحصل برضو على إيدين الإسرائيليين في فلسطين، يعني فالأسلحة الصغيرة خطيرة لأنها..

أثر تجارة السلاح على حقوق الإنسان

خالد الحروب: إذا انتقلنا في الكتاب هذا الفصل مهم الفصل الثالث، اللي بيربط فيه بين تجارة الأسلحة وحقوق الإنسان، وهناك مزاعم وادعاءات غربية عديدة جداً، بل وليست مزاعم أيضاً، الحقيقة بنود وتشريعات في كثير من المواثيق الأوروبية، وحتى مواثيق الكونجرس، تُحتِّم عدم بيع أي سلاح لأي نظام مثلاً ديكتاتوري أو ينتهك حقوق الإنسان أو غير ذلك، بينما في نفس الوقت نرى أنه مجمل هذه المبيعات، الغالبية الكاسحة لها تذهب إلى دول تتصف بهذه الصفات، كأنه يعني 180 درجة تَعارُض مع مثل هذه المواثيق، ما رأيك دكتور مصطفي؟

مصطفى البرزكان: أنا أعتقد أنه تفسير هذه الظاهرة يعود إلى نقطة أساسية، وهي الانتقال من موقع العدو إلى الصديق أو بالعكس، بخلال فترة زمنية محددة، يعني نرى أنه أميركا أو أي دولة أخرى تخوض حرب ضد أفغانستان، ولكن نرى أنه القوات التي قُصِفت بأسلحة أميركية كانت في نفس الوقت في زمن ما قبل سنوات عديدة قليلة أنه تأخذ سلاح أميركي، فنشوف إنه أنا أعتقد إنه ما.. ما أثرت النقطة وهي تغيير التحالفات بين فترة وأخرى فنرى أنه ممكن تركيا كانت تتهم بمخالفة حقوق الإنسان، ووضعت عليها شروط لتزويدها بالسلاح، ولكن ضمن ظروف معينة خلال الأشهر الأخيرة، تتحول تركيا إلى دولة تدافع عن حقوق الإنسان، وترشحها أميركا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي اللي خلال فترة العشر سنوات الأخيرة تركيا في حاجة إلى هذا الانضمام، وأعتقد إنه التفسيرات والمواقف السياسية والعسكرية تحتم تغيير المواقف أو العلاقات بين دولة وأخرى، وبالتالي ينصب أنه مخالفة شروط حقوق الإنسان تكون هي أيضاً أنا نقدر نطلق عليه هو سلاح للضغط على هذه الدول، وتخفيف هذا السلاح فيما إذا لا تحتاج أميركا أو الدول الكبرى إلى الضغط على هذه الدولة، والتغيير إلى دولة أخرى.

خالد الحروب: في نفس هذا الفصل أستاذ عبد الله، اللي هو متعلق بحقوق الإنسان، يسهب الكاتب في تصنيف أسوأ ثلاث دول في حقوق الإنسان، ومع ذلك تحظى بصفقات تسلح كبرى مع.. مع الدول الغربية، ويقول إنه هذا البلدان الثلاثة بالترتيب تركيا ثم إندونيسيا ثم السعودية، أولاً: ما رأيك بهذا الترتيب؟

وثانياً: الشيء الملفت هذا يعني أكثر شيء ربما ينتقد في هذا الفصل اللي هو غياب إسرائيل إذا أنت حذفت إسرائيل من الدول المنتهكة.. من أسوأ الدول المنتهكة لحقوق الإنسان، والتي تستخدم السلاح الغربي، ليس فقط لحقوق الإنسان أيضاً الاحتلال. يعني احتلال زائد حقوق.. زائد انتهاكات حقوق الإنسان.

عبد الله حموده: شوف حضرتك بالنسبة لتجارة السلاح فيه حاجة عند شراء أي صفقة عسكرية اسمها The end user certificate بيتم إغماض العين عنها إذا كان ذلك النظام صديق.

خالد الحروب: اللي هي هدف استخدام السلاح.. الهدف الأخير.

عبد الله حموده: حتى ولو كان فيه سمسار وغيره، يعني البلد الذي سيصل إليه السلاح، ودي قضية بتستخدم في حقوق الإنسان سياسياً عند الضرورة، أما بالنسبة للنقطة اللي حضرتك أثرتها بالنسبة للـ 3 دول، فهي دي الـ 3 دول تعتبر مهمة جداً بالنسبة لأميركا تركيا كانت الجناح الشرقي من حلف الأطلنطي تحت بطن الاتحاد السوفيتي لإزعاجه، وما زالت لها أهمية دلوقتي باعتبارها دولة إسلامية تشارك في الحرب ضد الإرهاب، ويمكن الاستفادة منها في شن حرب ضد العراق، هذه وجهة النظر الأميركية بالنسبة لتركيا، وتظل تركيا حليف استراتيجي، تخشى أميركا من سيطرة الإسلاميين عليه، لأن هناك نقاش جاري في تركيا حالياً حول مكانة حكومة حزب العدالة والتنمية.

خالد الحروب: أهمية الدول هذه أستاذ عبد الله طبعاً، لا نختلف عليها، إندونيسيا والسعودية وتركيا لا نختلف، السؤال هو التقاطها كأسوأ ثلاث دول من ناحية انتهاكات حقوق الإنسان، ومع.. مع بقاء صفقات التسلح..

عبد الله حموده: هو.. من وجهة نظر.. وجهة النظر بالنسبة لتركيا أنها دولة عسكرية الطابع، لا تعترف بحقوق الإنسان للأكراد، والديمقراطية فيها شكلية، ودا معيار غربي في الحكم، بالنسبة للسعودية وإندونيسيا فالمعيار الأساسي هو إنه دول إسلامية ملتزمة في تنفيذها للإسلام على أرضها سواءً كان طبقاً للمدرسة الوهابية في.. في السعودية أو بالنسبة لمدارس تصل إلى مرتبة الأصولية رغم علمانية الدولة في إندونيسيا، والدليل الوحيد على طرح إندونيسيا هو دليل مغرض في هذا الكتاب، لأنه يتعلق بتيمور الشرقية فقط وبعض الأقليات المسيحية، ونحن نعلم أن الهوامش.. الدول الإسلامية التي ليست في المركز في القلب من المنطقة العربية وما حولها بتعتبر مستهدفة للقصقصة والتقزيم، ومنها إندونيسيا مرشحة في المقام الأول، لأنها تتكون من مجموعة جزر متباعدة ويمكن ممارسة هذا الأمر فيها بسهولة، على عكس ماليزيا القوية اقتصادياً التي تدعم قوتها الاقتصادية قدرتها على المحافظة على البقاء.

خالد الحروب: إنه هو على كل الأحوال حتى أيضاً يعني ننتقده وننصفه في نفس الوقت، من ناحية هناك انتهاكات حقوق الإنسان في هذه البلدان، لا ندافع عن.. عن ما يحدث فيها، ومع ذلك ما تزال مثلاً صفقات التسلح هذه قائمة، بما يناقض -هنا الشاهد- بما يناقض المواثيق النظرية في.. الأوروبية أو الأميركية.

عبد الله حموده: عارف حضرتك ليه، لأنه فيه فلوس في الدول دي، والبائع يبحث عن مشتري.

خالد الحروب: هذا المسألة التي.. نريد أن نصل إليها..

عبد الله حموده: البائع يبحث عن.. البائع يبحث عن المشتري.

خالد الحروب: أنه ما يكتب في هذه المواثيق، يعني يشطب بجرة قلم عند المصلحة مثلاً المصلحة الاستراتيجية والمصلحة المالية، هي التي تحسم الموضوع، فلذلك الاحتكام إلى ما هو مكتوب على جماليته في النهاية احتكام يعني غير دقيق وغير.. ومضلل.

عبد الله حموده: صح.. هذا صحيح طبعاً..

تأثير الإنفاق العسكري على التنمية في الدول الفقيرة

خالد الحروب: طيب دكتور مصطفى في الفصل الرابع يتحدث الكتاب عن تأثير الإنفاق العسكري على التنمية، إنه هذه بلدان فقيرة مواردها قليلة أصلاً، فهذه الموارد القليلة أصلاً إذا ذهبت إلى التسلح وتم امتصاصها من قِبل شركات التسلح العالمية فانتهت إذن كل عمليات التنمية وحطمت قبل أن تبدأ، ويذكر يعني بعض الأرقام حتى أيضاً نشارك المشاهدين إنه في نيكاراجوا، إيران، موزمبيق، أثيوبيا، تصل أحياناً إلى 34% من حجم الإنفاق الحكومي، الإنفاق على.. على الجيش، في إيران في.. في خلال الحرب مع العراق وصلت إلى.. إلى 80% أيضاً إيران وحتى ذكر الهند وباكستان وصلت إلى.. إلى هذه النسب، كيف يؤثر هذا الإنفاق.. كيف يدمر هذا الإنفاق التنمية من وجهة نظر اقتصادية وكخبير اقتصادي؟

مصطفى البرزكان: طبعاً يعني من.. من.. من الصحيح أننا نطلق على تجارة الأسلحة هي عملية نزح الأرصدة في دول العالم الثالث ويتم بعدة أساليب منها إثارة المشكلات السياسية وحتى العسكرية في هذه الدول، هو يذكر في الفصل أنه هناك مليار وثلاثة بالعشرة مليار نسمة تحت خط الفقر غالبيتهم في الدول.. دول العالم الثالث ما يطلق عليه الفصل، فنرى إنه عملية إثارة أية مشكلة ونزاع سياسي وعسكري يصاحبه عملية شراء أسلحة، وبالتالي هتكون الدول هنانا ممكن أنه نطلق عليها الدول المصنعة للسلاح هي اللي تدخل على الخط وتتلاعب ببرامج التنمية إن كان هناك برامج للتنمية في هذه الدول، وهذه البرامج على تواضعها في هذه الدول نرى أنه تُبرمج لدفع ميزانيات التسليح، وهناك نقطة مهمة جداً نرى أنه حكومات الدول البائعة للسلاح هي تحاول أنه تشجع هذه الدول وتمنحهم قروض ميسرة، وتمنحهم اعتمادات لدفع ثمن هذا السلاح من.. من جانب ولتأمين ثمن هذه السلاح لشركات صُنع الأسلحة نفسها، فنرى أنه عملية التنمية عملية مؤجلة لحين القضاء على هذه النزاعات العسكرية وأنا برأيي أنه النزاعات العسكرية مستمرة وبالعكس هناك نزاعات عسكرية ليست داخلية فقط، وإنما هناك نزاعات إقليمية ممكن تكون هي بؤرة لإثارة أي مشكلة حالياً وفي المستقبل، وازدهار هذه التجارة أنا أعتقده هو الطابع اللي ممكن نضفيه على هذا النوع من التجارة.

خالد الحروب: أستاذ عبد الله، يتوسع في نفس هذا الفصل التنمية من البحث في التنمية، أثر التسلح على التنمية المحلي ويربط تجارة السلاح العالمية والمعولمة بمنظمة التجارة العالمية وكل اتفاقيات التجارة الحرة، اتفاقية الجات، ويلاحظ وهذا طبعاً يعني ليست ملاحظته يعني ملاحظة الجميع، أنه تجارة السلاح هذه خارجة عن أية اتفاقات للتجارة الحرة، هذه تجارة مستقلة مقدسة يعني بين قوسين لا تُمس، ما رأيك؟

عبد الله حموده: هو اتفاقية الجات ومنظمة التجارة العالمية بتطالب بفتح الأسواق وإزالة الحواجز الجمركية، بمعنى أن تحدث منافسة، وفي هذه المنافسة القوي يغلب الضعيف، ومعروف مَنْ القوي ومَنْ الضعيف، إذا جينا بقى لمجال تجارة السلاح، فنجد أن القوي هو القوي، القوي في.. في تجارة السلاح هو.. هو القوي في تجارة أي شيء آخر، هي الدول النامية.. الدول المتقدمة، أما الدول المعروفة بالنامية وهي المتخلفة فهي ضعيفة على كل المستويات، ويصبح من المهم طرح نقطة إنه غير مسموح لها بصناعة السلاح الاستراتيجي أو الأسلحة الأساسية فيما عدا بعض الأسلحة الصغيرة حتى تظل معتمدة على الدول الأخرى، بينما ترى تلك الدول الصغيرة أنها في حاجة إلى إنتاج أنواع معينة من الأسلحة توفر احتياجات أمنها الأساسية، وترى في ذلك أهمية استراتيجية وتدعمها إنتاج السلاح حتى تنتجه بتكلفة أعلى من التكلفة التي.. التي تستورده بها، وفي هذه الحالة يكون ذلك عبئاً على التنمية أيضاً، لكن لو عدنا إلى نقطة شراء الأسلحة من الخارج، يجب أن ندري بعدة أمور، أولاً: صفقات السلاح تظل سرية ولا يعلن عنها أحد، والسرية مدعاة للفساد ودخول الوسطاء والسماسرة، والنقطة التانية شديدة الأهمية هي إنه لا تستطيع أن تشتري السلاح في.. في سوق مفتوح، بمعنى أن تختار بسهولة، فيه عدد من الدول تنتج هذا السلاح وأنت محتاجه سواءً كان طائرات أو غيرها، وعندما ترتبط بإحداها فما بتشتريش بسعر يمكن المفاصلة عليه، لا تستطيع أن تساوم، والأسعار مش أسعار سوبر ماركت تاخده كده، لو.. لو حسبنا أسعار السلاح التي تباع فنجدها تختلف من دولة لأخرى، ونجدها تحدد من قِبل المنتج بشكل احتكاري، ونجدها في الأغلب تزيد بنسبة تتراوح بين 30 و 40% عن التكلفة زائد الربح الذي يمكن أن تباع به لدول أخرى، يعني وهذا يمثل عبء شديد على الدول النامية التي تستورد هذه الأمور.

خالد الحروب: طب يعني تحدثنا أكثر من مرة تلميحاً أو تصريحاً عن دور السماسرة، والحلقات الوسيطة ما بين المنتج الغربي والمستهلك العالم الثالثي، الآن ما الذي يفعله هؤلاء السماسرة؟ وكيف يربحون؟ وهو خصص تقريباً فصل لهم علماً إذا تذكرنا أيضاً ومن أجل أن نُدخِل أرقام في الحديث إنه مثلاً أميركا حجم المبيعات ذكر بين سنة أعتقد 93 و 96، 124 مليار دولار، فإذا.. وكما يذكر أحياناً تبلغ نسبة هذه السمسرة مثلاً 10% مثلاً، إذن أنت تتحدث عن أرقام فلكية حقاً يعني.

مصطفى البرزكان: أنا إذا تسمح لي هناك نقطة ذكرها الأستاذ وهي الاختلاف في أسعار الأسلحة، أنا أعتقد أنه القضية معاكسة، القضية أنه عدم دخول تجارة السلاح تحت غطاء أو خيمة منظمة التجارة العالمية وهذا تطرحها ويثيرها المؤلف في الفصل الخامس وهي بالعكس أنه تجارة السلاح تجارة مدعومة بمعنى الدولة المصنعة للسلاح تطلب من إحدى شركاتها تزويدها.. تزويد الدولة الفلانية الحليفة إلها بسلاح بالعكس رخيص السعر، والحكومة المصنعة هي اللي تدعم هذا السلاح، بمعنى أنه الدولة.. الدولة المشترية تشتري سلاح أرخص مما أنه لو هي كانت بعلاقات مباشرة مع هذه الشركة المصنعة، وهنا يدخل أنه قضية الدعم بالعكس هنا.. هنا الدعم.. الدعم مالي لخدمة قضية سياسية، للدولة المصنعة، فأنا أعتقد أنه عدم..

خالد الحروب [مقاطعاً]: يعني ليست تجارة حرة والعنصر التجاري فيها عنصر..

مصطفى البرزكان: بالعكس هذا.. هذه نقطة، النقطة الأخرى اللي أحب أنه الآن أذكرها إنه مع.. مع سوء الحظ أنه دول العالم الثالث وهنانا نركز الشرق الأوسط والدول العربية هناك مادتين أو سلعتين لم تدخل تحت غطاء منظمة التجارة العالمية، سلعة السلاح والنفط، وإحنا في الحالتين شعوبنا خسرانة من هذه النقطة، نبيع النفط بأسعار متدنية جداً أسعار قبل ثلاثين عام، ونشترى الأسلحة بما تفرض علينا الدول…

خالد الحروب: بأسعار السوق الحالي.

مصطفى البرزكان: الدول البائعة، فأنا أعتقد أنه من سوء حظنا نتوصل إلى هذا.. هذا الوضع.

فائدة شراء الأسلحة للدول العربية

خالد الحروب: أستاذ عبد الله حتى ننتقل إلى نقطة أخرى أنا أذكرك في نقطة ذكرتها أنت وأنا أجلتها، لكنها مهمة جداً اللي هي ذكر في الكتاب عن الصفقات التي قامت بها بعض الدول العربية وخاصة الخليجية وهي صفقات فلكية يعني، مثلاً صفقة اليمامة ذكرها في الكتاب وأيضاً عاد بمقتبسات من جريدة "الجارديان" البريطانية وغيرها بسنة الـ 85، ثم اليمامة.. صفقة اليمامة رقم 2 سنة الـ 93، وهذه الأرقام الفلكية التي يذكرها في الكتاب والسماسرة أيضاً في الوسط، أعود بك إلى سؤالك، إذا كانت هذا الإنفاق الهائل على هذه الأسلحة وكما يقول لشراء طائرات من دون طيارين محليين حتى يقودوها، ثم في النهاية يتم اللجوء إلى الغرب لحماية.. لتقديم الحماية الإقليمية أين التناقض؟ كيف؟ لماذا هذا الشراء إذن؟

عبد الله حموده: يعني هذا الشراء هو كان أساساً يعني محاولة لاستيعاب الوفرة المالية التي جاءت نتيجة الطفرة في أسعار النفط، دا جزء من عملية استيعاب، ما لا يمكن استيعابه في صورة استثمارات يتم استيعابه في صورة مبيعات سلاح عن طريق تخويف دول الخليج بفزاعة كانت الاتحاد السوفيتي والخطر الشيوعي، دلوقتي أصبحت خطر العراق، خطر إيران، سمها ما شئت لابد وأن يكون هناك خطر حتى يشتروا، النقطة المثيرة للاهتمام هي إنه المعدات التي تصدر هي معدات غير قادرة على أداء المهمة المطلوبة، و.. والأفراد لا يدربون على مستوى رفيع من الكفاءة فليس لديهم الأجهزة وليسوا مدربين بما يكفي، ولذلك تظل هناك حاجة للخارج.

النقطة اللي أثارها الدكتور مصطفى وهي مهمة جداً لما قال إن بعض الدول بتاخد أسلحة مدعومة ومعونات هو دا الصحيح، بس دعونا نرى كيف تصل هذه المعونات وكيف تأتي، يعني مثلاً مصر وإسرائيل والأردن بياخدوا معونات، هذه المعونات بتصل في حالة مصر إلى 2 مليار معونة عسكرية و1.2 مليار معونة اقتصادية، إسرائيل بتصل المعونة العسكرية إلى قرابة 4 مليار تقريباً، الأردن بتاخد لها بتاع مثلاً 300 مليون أو حاجة، ما يحدث إن إحنا لو حسبنا كل دولا هنلاقيهم أقل من عشرة مليار، وهنلقى إنه الفائض التي تحصل عليه صناعة السلاح الأميركية من صادراتها لمنطقة الخليج يزيد عن ضعف ذلك، فأصبحت أميركا في الحالة دي عاملة زي القرد اللي قسم الجبنة تاخد حقها بأكثر مما يجب من دولة ما من مجموعة دول ما وتعطي بعض منه للتانيين وتبقى اسمها هي اللي بتبيع بيع عادل ثم تعطي معونات منها هي، يعني لما حصل نوع من التعاون بين مجموعة من الدول العربية في الهيئة العربية للتصنيع للسلاح التي دلوقتي بتعاني من مشاكل.. فشلت يعني وأصبحت في حكم المصرية مع مشاركة إماراتية الآن، يعني دي كانت محاولة في وقتها لو ماكنتش تعرضت لمشاكل عديدة سواء في الإدارة أو في عضوية الدول المشاركة واختلاف السياسات كان دي ممكن تكون محاولة عربية جيدة للتعاون بين رأس المال والخبرة و.. و.. ولإنتاج سلاح عربي يحقق تلبية الضرورات الأمنية والاستراتيجية للعرب، لكن للأسف هناك صناعة سلاح في السعودية، وصناعة سلاح في مصر، وصناعة سلاح في مكان، وكلها لا تكفي.

وضع إسرائيل كمصدر ومستورد للسلاح

خالد الحروب: أي نعم، بقى عندنا دقائق قليلة الحقيقة، أسأل مصطفى كيف رأيت معالجته لموضوع إسرائيل كدولة مستوردة للسلاح وفي نفس الوقت مصدرة للسلاح؟ يعني إسرائيل من الدول الفريدة في الكتاب كما لاحظت التي تتمتع بهذا الصفة المزدوجة.

مصطفى البرزكان: في هذا الفصل يذكر معلومة إنه المفكر (ناعوم تشومسكي) يذكر أنه ما يصدر من السلاح الأميركي لإسرائيل ليس هناك شرط ضمن الشروط أنه ما يستخدم ضد المدنيين، ولذلك نرى أنه إسرائيل تستخدم هذه.. هذه الحجة لاستخدام السلاح الأميركي في ذبح الفلسطينيين يومياً، النقطة اللي تفضلت فيها فعلاً نقطة جديرة بالملاحظة وهي أنه إسرائيل ضمن الدول السبعة الكبرى في تصدير السلاح وأيضاً ضمن الدول يعني في قمة الدول المصدرة للسلاح، فهذا يجدي..

خالد الحروب: المستوردة للسلاح.

مصطفى البرزكان: المستوردة للسلاح، فهذا يجدي بأنه نظراً أنه موقعها.. موقعها الاستراتيجي والعسكري ومن خلال الصناعة العسكرية وتأثيرها السياسي إن كان تأثيرها الفردي أو من خلال الإدارة الأميركية بمعنى أنه هناك موطئ قدم أميركي في هذه المنطقة وممكن خلال السنوات القليلة القادمة نرى أنه إسرائيل تشارك في معارض السلاح اللي تقام في الشرق الأوسط وفي الخليج.

خالد الحروب: أستاذ عبد الله، أيضاً بيذكر الكتاب أنه من.. من بشاعات هذه التجارة التي أيضاً أنت سميتها مهنة القتل وأنت محق في ذلك أن ما ينتج عنها في أحيان كثيرة وفي مناطق كثيرة نوع.. يعني أنواع مختلفة من.. من الوحشية مثل بروز جيوش المرتزقة، وهناك شركات متخصصة الآن في.. في الأمن وحتى يعني كأنه يعني جاء إلى ذهني لفظة خصخصة الحروب، يعني كأنه حتى الحروب أصبحت مخصخصة.

عبد الله محمود: هذا صحيح.

خالد الحروب: إذا أردت أن تشن حرباً تأتي إلى شركة تقدم يعني.. تقول هذا عدوي وتقدم الطلب والشركة تقوم بالمهمة المطلوبة.

عبد الله حموده: هو يعني حتى مهنة الارتزاق العسكري، المرتزقة هي مهنة متخصصة ويقوم بها ضباط سابقون، في بريطانيا وفي الولايات المتحدة وفي دول غربية أخرى يؤسِّس هذه الشركات ضباط متقاعدين من الجيش، وهؤلاء الضباط المتقاعدون يؤدون.. يحصلون على تراخيص رسمية ويعملون عملهم في ظل القانون، وتستخدمهم حكومات بلادهم في أداء المهام التي لا تريد أن تتحمل مسؤوليتها، بل بتستخدمهم بشكل مشروع في تقديم خدمات التدريب لبعض الجيوش، وزارة الدفاع تقبل العقد وتحيله على إحدى الشركات الخاصة لأداء المهمة، وهذا يتم، ده الجزء المشروع، لكن الجزء الغير مشروع أنها ترسلهم وتجنِّد، وفي بعض الأحيان يبقى ضابط من دولة غربية مع جنود من دول أخرى، ويتم تشكيل مجموعة تنزل في إفريقيا أو في آسيا أو في مكان ما، أو حتى في بعض الدول العربية حدث هذا.

خالد الحروب: طيب دكتور مصطفى، آخر تعليق، يعني بقي معنا دقيقة واحدة للتعليق حول الفصل الأخير، الآن نقول يعني إذن ما.. ما الذي نريده بالضبط إلغاء.. إلغاء تجارة السلاح وهذا غير ممكن، لأن هذه مثالية ورومانسية زائدة لأن السلاح موجود والحروب ستظل موجودة والجيوش موجودة، ما تعليقك على ما الذي بالضبط يريده.. تريده الحملات والنضاليين والتعبويين الذين يعارضون توحُّش تجارة السلاح؟

مصطفى البرزكان: أنا أعتقد أنه الكاتب لم يكن موفقاً في طرح السؤال..

خالد الحروب [مقاطعاً]: باختصار لو سمحت.

مصطفى البرزكان: مختصر جداً أنه لماذا تجارة السلاح مادام تجارة السلاح غير مجدية اقتصادياً ولا تقضي على البطالة فلماذا تجارة السلاح؟ أنا أختلف معاه 100%، بالعكس تجارة السلاح تجارة مجدية اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وأنا أعتقد أنه تجارة السلاح باقية طالما هناك من قمة أربع دول منتجة للسلاح هي في دول مجلس الأمن الدولي، وأعتقد أنه هي هاي تخدم مصالحهم حالياً ومستقبلاً.

خالد الحروب: يا سيدي، شكراً جزيلاً وهذا ما أتاحه الوقت لنا، وأعزائي المشاهدين أشكركم أيضاً على متابعتكم معنا جليس هذا اليوم الذي كان كتاب "تجارة السلاح" من تأليف الباحث والناشط البريطاني جدوين باروز، وشكراً أيضاً لضيفينا الكريمين: الدكتور مصطفى البرزكان (الخبير الاقتصادي في لندن) والأستاذ عبد الله حموده (الصحفي والباحث المقيم أيضاً في بريطانيا) وعلى أمل أن نجالسكم في الأسبوع المقبل مع جليس جديد. هذه تحية من فريق البرنامج، ومني خالد الحروب، ودمتم بألف خير.

المصدر : غير معروف