العرب والعالم بعد الحادي عشر من أيلول
مقدم الحلقة: | خالد الحروب |
ضيوف الحلقة: | د. كامل مهدي: أستاذ اقتصاديات الشرق الأوسط – بريطانيا د. عبد الوهاب الأفندي: محاضر في العلوم السياسية – جامعة وستمنستر |
تاريخ الحلقة: | 17/03/2003 |
– دلالات التعاظم الأميركي بعد أحداث سبتمبر
– فكرة حوار الحضارات في الكتاب وطرحها بين الغرب والشرق
– إدماج منطقة الشرق الأوسط في إستراتيجيات أميركا
– خشية أميركا من بروز كتلة اقتصادية جديدة
– علاقة الإنفاق العسكري والصناعة العسكرية بتقدم أميركا
– الإستراتيجية الأميركية في حملتها على الإرهاب والمقاومة
– الحريات الإعلامية في أميركا بعد أحداث أيلول
– دوائر صنع القرار الأميركي والبُنى الثقافية والاجتماعية
خالد الحروب: أعزائي المشاهدين، أهلاً وسهلاً بكم إلى هذه الحلقة من برنامج (الكتاب خير جليس) نقدمها لكم من لندن. جليسنا هذا اليوم كتاب بعنوان "العرب والعالم بعد الحادي عشر من أيلول".
وهو مؤلَّف جماعي يتضمن مساهمات من قِبَل عدد من الكتاب والمثقفين العرب أدلوا برأيهم حول تداعيات تفجيرات نيويورك وواشنطن الشهيرة من أيلول من عام 2001، السؤال المركزي الذي تتناوله المساهمات من زوايا مختلفة هو: كيف سيكون وضع العرب والعالم إزاء الولايات المتحدة التي اندفعت بلا ضابط لتنتقم لذاتها ولجبروتها، ولتوجه ذلك الانتقام في كل الاتجاهات لمن يستحق ولمن لا يستحق.
تتوزع مساهمات الكتاب على ثلاثة فصول مطولة، الأول بعنوان أحداث أيلول وذيولها العربية والعالمية وفيه معالجات عن عالم القطب الواحد واتجاهاته ومآزق الإمبريالية الأميركية الجديدة والتحديات التي تواجه عالم ما بعد تلك الأحداث.
الفصل الثاني بعنوان: المقاومة والإرهاب والحرب عليهما، ويركز المساهمون في هذا الفصل على تحليل استراتيجية الولايات المتحدة إزاء حملتها على ما يُسمى الإرهاب، واستهداف حركات المقاومة في خضم تلك الحرب، وكذلك ضم البلدان المتمردة على السياسة الأميركية في قوائم الشر كما تسميها واشنطن.
الفصل الثالث بعنوان: جدلية الأنا والآخر بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، وفيه مساهمات تلقي الضوء على الأبعاد الثقافية والحضارية للتطورات في عالم ما بعد تلك الأحداث.
ضيفينا اليوم لمناقشة هذا الكتاب هما الدكتور كامل مهدي (أستاذ اقتصادات الشرق الأوسط في جامعة إكستر في بريطانيا، ومسؤول برنامج دراسات الخليج فيها)، والدكتور عبد الوهاب الأفندي (الزميل في مركز دراسات الديمقراطية في جامعة وستمنستر في لندن)، فأهلاً وسهلاً بهما، أهلاً وسهلاً.
د. كامل مهدي: أهلاً وسهلاً.
دلالات التعاظم الأميركي بعد أحداث أيلول
خالد الحروب: دكتور كامل، لو بدأنا معك طبعاً الكتاب بيتحدث عن السياسة الأميركية وتقريباً عن.. عن الحديث الدائر هذه الأيام، الفصل الأول أو الجزء.. مساهمة (جورج كورون) في الفصل الأول تتحدث عن عالم القطب الواحد والسياسة الأميركية بعد هذه الأحداث، إحدى الأفكار التي يطرحها وتحتاج فعلاً إلى.. إلى وقفة، يقول: إنه هذا.. هذه السياسة الحالية المندفعة والتي تريد التمدد في أكثر من مكان في العالم، قد تكون بداية نهاية هذا القطب الواحد، لأنه امتداد وتعاظم لن تستطيع الولايات المتحدة المحافظة عليه فيما بعد، كما كان ديدن الإمبراطوريات القديمة سابقاً، من الإسكندر المقدوني إلى بريطانيا إلى غيرها، ما رأيك في هذا التحليل؟ هل.. هل فعلاً هذا يشكل نقطة ضعف أم نقطة قوة للولايات المتحدة هذا الامتداد الذي نراه الآن؟
د. كامل مهدي: هو الحقيقة ذكر في.. في مداخلات أخرى في الكتاب أيضاً أن في.. وخصوصاً مداخلة (مايكل هدسون) أن في ها الفترة بالذات في ظروف العولمة الحالية اللي نجده أن هناك مجالات العولمة تأخذ مجالات مختلفة، مجال اقتصادي، مجال الهيمنة العسكرية، والمجال السياسي بشكل عام، والولايات المتحدة الحقيقة في هذه المجالات المختلفة إلها ميزة تستطيع أن تستفيد من هذه الظاهرة ومن هذه الظروف، فإن نظرنا إلى هذه المجالات المختلفة نجد أن الهيمنة العسكرية الأميركية أكيد هي هيمنة طاغية وكبيرة إلى حد بعيد، طبعاً إلها نقاط ضعف، نقاط ضعفها تظهر في حادثة 11 أيلول نفسها كما يبدو، وهناك نقاط ضعف أخرى كثير أكيد ممكن أن.. أن.. أن تثار لكن ليس هذا..
خالد الحروب: نعم، دكتور..
د. كامل مهدي: ولكن الموضوع الاقتصادي موضوع مهم جداً، هذا الانتشار بها الشكل، الانتشار الواسع سيكون الحقيقة على الأمد البعيد نقطة ضعف إذا ما ووجه بمقاومة في.. من.. من الشعوب والدول الأخرى، والذي نجده الآن هو بالفعل أن هذا الانتشار يجد مقاومة من أطراف مختلفة أطراف مهمة بما فيها أوروبية.
خالد الحروب: دكتور عبد الوهاب، شو رأيك في هذه النقطة؟ هل الذي نراه الآن تعبير عن.. عن آخر.. النفس الأخير لإمبراطورية قوية الآن وبداية ضعفها كما يقول بعض المحللين مثل (وولر شتاين) مثلاً كتب مقالة شهيرة إنه هذه بداية إنحدار النسر الأميركي، أم إنها بداية مرحلة جديدة من القوة الأميركية في القرن الحادي والعشرين؟
د. عبد الوهاب الأفندي: هو يجب يعني الكتاب طبعاً ناقش هذه القضية من جوانب مختلفة، لكن في نظري إنه أهمل جانب مهم في القوة الأميركية مع إنه هو الكتاب المفروض يناقش قضية العرب تحديداً والعالم، فهو لم يُشِر إلى دور العرب ودور الشرق الأوسط في.. في تعزيز الهيمنة الأميركية الجديدة، يعني أميركا بعد سقوط القطب.. بعد سقوط الاتحاد السوفيتي لم يكن لها توجه معروف..، يعني لم تكن تعرف إلى أين تتجه حتى كانوا يتساءلوا: ماذا نفعل بحلف الأطلسي؟ ماذا نفعل بهذه الترسانة؟ أين نجد العدو؟ ما هو العدو الجديد؟ وأصبحوا يعني يتحدثوا، جاءت إحدى.. غزو العراق للكويت فأعطت فجأة للسياسة الأميركية توجه وخلقت وضع خاص لا.. لا يتكرر في مكان آخر في العالم.
أولاً: أن هناك قضية يكاد يكون هناك إجماع على أنها يعني قضية تستحق التحرك فيها، النظام العراقي في ذلك الوقت كان هناك إجماع على أنه أخطأ بغزو الكويت، وأنه يجب أن يخرج، أن هناك تهديد للمصالح الأميركية والغربية في هذا.. في نفس الوقت وجدت هناك من العرب دعم سياسي واقتصادي قوي للتدخل الأميركي، هناك أرض عربية يستطيع أميركا أن تتحرك منها هناك أموال، يعني أميركا ربحت من غزو.. من.. من.. من حربها في.. في الكويت 4 ملايين دولار أو أكثر بعد تكلَّفت تلك الحرب حوالي..
خالد الحروب[مقاطعاً]: 4 مليارات..
د. عبد الوهاب الأفندي[مستأنفاً]: 4 مليار دولار.. تكلفت الحرب 70 مليار دولار، فهذه.. الوضع العربي هذا واختلال الوضع العربي هو الذي خلق جزء كبير من الأسطورة الأميركية والقوة الأميركية، أنه وجد لها مسرح تثبت فيه قوتها، تثبت فيه فاعلية أسلحتها، وبدون تكلفة، الحرب الآن ضد العراق هناك تحديد أنها تكلف 60 أو 70 مليار دولار، ربما 100، ربما أكثر، هذه لن تستطيع أميركا أن تفعلها في مكان آخر، هذا يجب أن.. أن نقول، يعني العالم.. في خارج العالم العربي مثلاً لو كانت الحرب هذه ضد كوريا الشمالية لن يجد الكونجرس يعني أن يصرف مثل هذه المبالغ، وإذا كان أميركا ستتحرك..
خالد الحروب[مقاطعاً]: يعني إذن.. يعني مركزية الشرق الأوسط هي نفسها قد تساعد في دفع هذه الهيمنة الأميركية إلى طور جديد من القوة في القرن الحادي والعشرين.
د. عبد الوهاب الأفندي: لا قد… يعني قد تخلق وهم القوة خلينا نقول هذا، قد تخلق وهم أنه أميركا يمكن أن تكرر هذا في مكان آخر، لكن من الصعب أن يكرر هذا في مكان آخر، وهذا قد يعني أنه إذا.. إذا نجحت طبعاً.. إذا نجحت الآن مثلاً في غزوها للعراق فقد يكون هذا درس مثلاً هُمَّ يقصدوا.. (بوش) قال هذا في خطابه الأخير أنه يريد أن تنجح هذا حتى يكون هذا درس لأي دولة تتحدى أميركا أو كذا، لكن إذا فشلت طبعاً فهذا شأن آخر.
خالد الحروب: أي نعم، إذا انتقلنا إلى نقطة..
د. كامل مهدي: هذا الحقيقة.
خالد الحروب: تفضل.
د. كامل مهدي: هذا الحقيقة هذا مسألة مهمة جداً باعتقادي أنه هنا نجد أن كيف.. الضعف العربي في مجال.. في المجال السياسي والعسكري في ها الموضوع هو اللي دا يعطي ميزة القوة.
خالد الحروب: للخصم.
د. كامل مهدي: للخصم، للولايات المتحدة في ها المجال، وهناك أيضاً ضعف عربي اقتصادي من أنواع مختلفة، هناك بلدان تعتمد على دعم أميركي أو على الأقل نخبها تعتمد يعني على دعم اقتصادي أميركي.
د. عبد الوهاب الأفندي: يعني.. يعني هناك مثال بسيط مثل الأميركان لما ذهبوا للصومال في حربهم، كان الجنود اللي نفسهم اللي مشوا لحرب الخليج هم اللي راحوا يحاربوا الصومال، فأول مثلاً مشكلة واجهتهم مشكلة الأكل، لما كانوا في السعودية وفي الكويت كان يعني –ما شاء الله- الكرم العربي فكانوا يعني مرتاحين.
خالد الحروب: رفاهية على.. غير الصومال.
د. عبد الوهاب الأفندي: رفاهية من ناحية الأكل والشرب وكذا، لما راحوا في الصومال وجدوا صحراء مافيش شيء، وبعدين ياكلوا (الراشينز) و(…) الأميركي.
خالد الحروب: نعم، بس النقطة هاي تبعك الاقتصادات الدكتور كامل اللي كنت تحب أن تتابع.
د. كامل مهدي: نعم، الاقتصادات العربية اقتصادات هشة بأشكال مختلفة، يعني هشة بالنسبة للاقتصادات الضعيفة كيف.. من ناحية احتياجاتها للعملة الصعبة والدعم الخارجي، وهشة من ناحية أحادية هذه الاقتصادات واعتمادها على النفط إلى درجة بعيدة بالنسبة لبلدان أخرى، فهذه يعني القوة الكامنة.. الإمكانية الكامنة العربية هنا تستطيع الولايات المتحدة أن تستخدمها لصالحها بسبب هذا الضعف.
خالد الحروب: الميزة، أفضلية الميزة هذه.
د. كامل مهدي: ميزة..
فكرة حوار الحضارات في الكتاب وطرحها بين الغرب والشرق
خالد الحروب: طيب غسان سلامة في يعني.. في موضوع آخر أيضاً في الفصول.. في الفصل الأول من الكتاب بيتحدث عن نقطة لها علاقة بصدام الحضارات، وهي يعني هذا موضوع ممل من كُثر ما طُرق، لكن طرح نقطة مثيرة يعني هذا السبب الذي يعني دعاني إلى أن أطرحها هنا، وهو يقول: أن.. أن المثقفين العرب وربما المسلمين يطرحون هذا المفهوم.. مفهوم صدام الحضارات أكثر مما يطرحه الغربيون، أو مما هو متداول في أدبياتهم، فتوقفت عندها، يعني هل هذا فعلاً التقاطة حقيقية ودقيقة، أم إنه ما نراه أيضاً على الجانب الآخر من الصورة في.. في الإعلام الغربي، وفي معالجة هذا.. هذا الموضوع تداعيات الحادي عشر من أيلول إنه هناك أيضاً ولو مستبطن خطاب صدام.. صدام الحضارات، عبد الوهاب..
د. عبد الوهاب الأفندي: هو الحقيقة أنا أعجبتني أيضاً أكثر تعليق جورج كورون في.. في أيضاً في مداخلته هنا ضد نفس.. في نفس النقطة يعني، هو قال إنه: إنه يجب أن لا نطالب نحن بحوار الحضارات، لأنه هذه قضية بتضعنا نحن في.. كأننا نستجدي شيء مخصوص لنا نحن كعرب وكمسلمين، إنما يجب أن يكون حوارنا هو حوار الحقوق..
خالد الحروب: والعدل..
د. عبد الوهاب الأفندي: والعدل والمساواة في المجتمع الدولي، وهذا طبعاً صحيح له ميزة من ناحية أن.. أنك تستطيع لو مثلاً حدث المظاهرات اللي حصلت هنا مثلاً في.. ضد الحرب، عندما يكون القضية قضية عدل، قضية لا تتحدث عن مثلاً حقوقنا كمسلمين، فهي تجمع ولا تفرق، لكن من ناحية أخرى ليس صحيح طبعاً أنه يعني المسألة الثقافية والحضارية نحن وحدنا الذين نثيرها، يعني أساساً هذا الحديث عن حرب ضد الإرهاب يستبطن مكونات أو.. أو يعني مُسَلَّمات حضارية وثقافية كثيرة، لأنه مثلاً نحن لو.. لو لم يكن هناك هذا الاستبطان، و.. وهو ظهر يعني مثلاً في معاملة المسلمين خاصة في أميركا، و.. والزائرين لأميركا من العرب والمسلمين، هناك يعني.. فهم كامل إنه هذه الحرب هي حرب ضد العرب والمسلمين، أو أنه العدو –خلينا نقول هذا- أنه العدو هو العرب والمسلمين، وأن هناك.. يعني في هذه الحالة أنه أميركا ولو أنها لا تتحدث عن الأمر كصدام حضاري، و.. ويردد (جورج بوش) وغيره: أنه هذه ليست حرب ضد الإسلام، لكن من ناحية أخرى كل الدلائل تشير لأن لو كان مثلاً حرب كما يقول مثلاً حرب ضد المخدرات أو ضد الكوكايين أو ضد الجريمة، إذن الحرب ما جريمة … الحرب ضد الجريمة، لما نقول حرب ضد الجريمة لا.. لا تتوجه هذا إلى منطقة معينة، أو إلى ناس معينين، لكن هناك فعلاً يعني المقولتين لحدٍ ما فيهم صحة، يعني أنه يجب أنه نحن لا نركز نحن على حوار الحضارات، لكن يجب أن نفهم أنه أيضاً هناك مكون حضاري.
خالد الحروب: لو انتقلنا وربطنا هذه النقطة وأسأل التعليق الدكتور كامل، يعني هذه النقطة مع نقطة أخرى بيطرحها فواز جرجس في مساهمته، بيقول فواز: إن كثير من التحليلات العربية تلقي باللائمة على الولايات المتحدة وسياستها، إنه هي التي أنتجت تفجيرات.. أو أنتجت البيئة التي أفرزت المجموعة المتطرفة أو سمها ما شئت التي قامت بما قامت فيه في نيويورك وواشنطن، وأنه هناك تغاضي وعدم تحليل للبيئة، للأسباب الذاتية العربية، الاستبداد العربي، القمع مثلاً، بعض عناصر التخلف الثقافي والاجتماعي التي هي أيضاً عناصر مساهمة وفعالة جداً في إنتاج التطرف وظواهر الإرهاب في المنطقة، فما رأيك بهذا.. بهذه الرؤية أيضاً؟
د. كامل مهدي: والله هو.. هذا تعليق فواز.. فواز جرجس هو يكاد يكون فقرتين في الكتاب كله التي تشير إلى العرب بشكل مباشر وإلى البُنية العربية أساساً في الكتاب، وهذا الحقيقة..
خالد الحروب: هل هذا نقد؟ نقد هذا أم..؟
د. كامل مهدي: فهذا.. لا لا مش نقد، هذا الحقيقة، أنا طبعاً يعني ما بالضرورة اتفاق مع فواز جرجس بس.. بس..
خالد الحروب: لا أنا أقصد بالنسبة للكتاب، إنه الكتاب يعني ما غطى الجانب الذاتي..
د. كامل مهدي: نقد الكتاب.. نعم.. نعم الكتاب.. الكتاب.. الكتاب عنوان العرب والعالم أهمل العرب في.. في الموضوع إلى.. إلى درجة بعيدة، كما ذكر الدكتور أيضاً، لأن.. لأن اللي.. اللي حاصل أن باستمرار هو تحدث الكتاب عن مثلاً فيه كثير إشارات إلى نظرة الغرب إلى العرب إلى ما يجري في الغرب.. إلى ما يجري في الولايات المتحدة بشكل خاص، ورد فعل الولايات المتحدة لأحداث أيلول، لكن لم يأتِ أي تساؤل في إطار الكتاب على ما هي هذه الظاهرة؟ ما هي ظاهرة أحداث 11 أيلول؟ من أين أتت إن.. طبعاً هناك تساؤلات حول هل.. هل هي فعلاً عربية الأصل أو لا؟ كما موجودة في الكتاب، لنطرح ذلك جانباً، العالم كله يفترض ذلك، ومعظم الأدلة هي تدل على هذا أيضاً، فلنبدأ من هنا، كيف.. ما هي.. كيف أصول هذه الظاهرة في.. في المجتمعات العربية نفسها، نعم هناك.. كيف؟ غبن للأمة العربية وللمسلمين من قبل الولايات المتحدة، وهو غبن تاريخي وقديم، ليس حديثاً بها الشكل، لكن كيف حصل؟ لماذا حصل هذا الرد؟ هل حصل مثلاً بسبب عدم وجود رد عربي رسمي حقيقي؟ بسبب هزال الرد العربي الرسمي، بسبب تواطؤ الأنظمة العربية مع العدوان الأميركي على الأمة العربية؟ هل.. هل الأنظمة هاي مسؤولة؟ هل الثقافات مسؤولة؟ هل الحركات..
خالد الحروب [مقاطعاً]: أي نعم.
د. كامل مهدي: هذا.. هذا السؤال لم يرد في.. لم يأتِ في الكتاب، وأنا أتصور هذا نقص كبير، أشار إله بشكل غير مباشر.
[فاصل إعلاني]
خالد الحروب: هناك أيضاً في الغرب بالتأكيد كما تطالع أحياناً الانتقاد للمثقفين العرب من قِبل الغربيين إنه صحيح أنهم أدانوا تفجيرات أيلول، لكنها إدانة سريعة، إنه نحن ندين هذا العمل ضد.. ضد الأبرياء، ولكن.. وهناك استعجال للوصول إلى ولكن..
د. كامل مهدي: لأ عفواً الموضوع قبل.. قبل المثقفين العرب.. قبل المثقفين العرب هو البنية السياسية والاجتماعية العربية الآن، الكيانات العربية..
خالد الحروب [مقاطعاً]: أي نعم هذا.. هذا..
د. كامل مهدي [مستأنفاً]: والنظم.. والنظم العربية وضعفها وتخاذلها، هذا.. هذا..
خالد الحروب [مقاطعاً]: هذا.. هذا سؤالي إنه الإدانة للمثقفين العرب من قبل يعني نظرائهم الغربيين أنهم لا ينظرون في هذه البُنيات الثقافية والاجتماعية التي أنشأت هذه الظواهر، ما رأي عبد الوهاب؟
د. عبد الوهاب الأفندي: هو الحقيقة هذا نفسه كان تعليق على الكتاب إنه يعني هو يتحدث على العرب والعالم، لكن نصفه على أميركا والسياسات الأميركية، وبعدين ثلثه على الإرهاب وتعريفه كذا وكذا، وبعدين جزء بسيط على حوار الحضارات، لكن يجب أن نقول أنه مقالة مايكل هدسون بالذات تحليل أشارت إلى هذه الناحية، أشارت إلى أنه فشل الدولة العربية والبنية العربية كانت فيها.. فيها أزمة، وأنه يعني يمكن نقول أنه ربما هذا يعني يشير إلى أنه يمكن هذا الصمت على العرب وحالهم يبدو بليغ، ويريد أن يقول أنه لا شيء يجب أن يُقال عن العرب، أنه العرب غير موجودين أساساً، لكن إذا يعني حاولنا إيجاد شيئاً ما، صحيح أنه هناك لمسات هنا وهناك كما ذكرت في مقالة مايكل هدسون، في حديث فواز جرجس، فيه إلى حد ما فيه كلام كورون.
د. كامل مهدي [مقاطعاً]: الحقيقة في مقالة مايكل هدسون طبعاً مهمة جداً، لكن جاءت بالإشارة إلى العرب في ها الوضع من ناحية تبعات الحدث وليس من ناحية تفسير ظاهرة.. الظاهرة نفسها، فأنا هذا..
خالد الحروب [مقاطعاً]: أيضاً حتى نضع..
د. كامل مهدي: يعني أتفق معاك.. نعم.
إدماج منطقة الشرق الأوسط في إستراتيجيات أميركا
خالد الحروب: نضع المشاهدين في صورة يعني مقالة مايكل هدسون، لأنه يعني رُجع إليها أكثر من مرة اللي هي مازلنا بالفصل الأول، وهي المساهمة الثالثة بعنوان "مآزق الإمبريالية. إدارة المناطق الجامحة"، وهو يدعو فيها أو يعالج فيها بعض الدعوات الأميركية التي تدعو إلى إدماج منطقة الشرق الأوسط في سياق الاستراتيجيات الأميركية، لتهدئتها بما يتسق مع المصالح الأميركية، وهو يقول: إنه هذا ربما تكون مهمة صعبة جداً، يعني لا.. لا يمكن أن تحدث وأنه الاستراتيجيات الأخرى اللي تدعو إلى الانفرادية الأميركية، وأميركا تفرض ما تريد في المنطقة بما يتوافق مع مصالحها هو الأجدى، ثم يقول إنه هناك عوامل قد تعيق إدماج الشرق الأوسط في.. في السياسة الأميركية، منها إنه البنية الثقافية والاجتماعية العربية بنية فيها استبداد وغير.. وغير ديمقراطية إلى.. إلى حد ما.
د. عبد الوهاب الأفندي: أيوه.. يعني فشل، بيقول أنه حصل فشل في الدولة العربية، الدولة العربية كما قال أنها تحولت إلى دولة مخابرات وانفصلت عن المجتمع، وهذا.. هذا هو اللي خلق هذه الظاهرة، لأنه الدولة مثلاً في.. يعني هذه الظواهر المسلحة والإرهابية جاءت من دول حليفة لأميركا مثلاً، مثل السعودية ومصر، مفترض فيها أنه أميركا يعني الآن فيه مراجعة طبعاً في أميركا لهذه الأمور، أنه أنت صرفت على هذه الدول ودعمتها، وجدت.. وضعت قواتك فيها، وهذا مفترض أن تكون هذه لحمايتك، ولحماية أمنك، فجاء الخطر من هذه الدول، السبب في هذا طبعاً أنه يعني أنا تحدثت عنه في السابق، أنه هناك ما يسمى بظاهرة الانتفاضة، الانتفاضة الفلسطينية مثلاً جاءت من.. من اليأس من النظام العربي، يعني الدولة.. أو منظمة التحرير الفلسطينية أو الدول العربية مفترض فيها ظلت حتى الثمانينات هي تعطي الانطباع بأنها هي التي تتولى يعني تصحيح الظُلاَم التي وقعت على الفلسطينيين، وإعادة الأرض المحتلة وكذا، في النهاية اقتنعت الجماهير بأنه هذه الدول، وهذه –حتى منظمة التحرير بعد ما خرجت من لبنان- لم تفعل شيئاً، فأصبح المواطن أو المجتمع العربي يتحرك لوحده، ومنفلت من كله.. من كل تعبير، فهي فعلاً الظواهر هذه نتيجة لانهيار النظام العربي، ولانهيار الدولة العربية، وأنها أصبحت الآن عند المواطن لا تعني شيئاً.
خشية أميركا من بروز كتلة اقتصادية جديدة
خالد الحروب: أضيف عليك وإن كانت شغلة طريفة أيضاً ذكرها مايكل هدسون في بداية المقالة، قال إنه درجة الانفصال بين الأنظمة الحاكمة و.. العربية والشعوب تصل إلى أن بعض الحكام العرب يشعرون بالراحة أكثر في واشنطن، ويتصرفون بأريحية، وأحدهم ذكر إنه يذهب إلى دار سينما، حتى يحضر مثلاً فيلم سينمائي، بينما لا يجرؤ على فعل نفس هذا الشيء في بلده.
طب بالفصل الثاني بأول مساهمة دكتور كامل، دكتور إسماعيل الشطي (النائب السابق في البرلمان الكويتي) بيتحدث عن التحديات الاستراتيجية بشكل عام، وأيضاً الجزء الأهم منها حول أميركا، ما.. ما التقطته هنا وفكرة أسألك فيها بسبب تخصصك في الاقتصاد، هو يقول: إنه هناك أميركا تخشى من بروز نطاق اقتصادي، قوة اقتصادية ما خارج سيطرتها وخارج تحكمها وثم يحلل هذا، سواء من جنوب أوروبا إلى آسيا إلى غير ذلك، ما رأيك في هذا التحليل؟ وهل هناك فعلاً إمكانية بروز مثل هذه القوة إلى درجة تدفع أميركا إلى القيام بحرب وقائية استباقية تقطع عليها الخط؟
د. كامل مهدي: يعني في.. في المسألة هي مرتبطة أساساً –الحقيقة- بطبيعة القوة والهيمنة الأميركية، طبيعة القوة والهيمنة الأميركية هي ليست اقتصادية بحتة، هي اقتصادية عسكرية وأيضاً تكنولوجية، فـ.. وهيمنة سياسية ففي ها الحالة طبعاً أن الولايات المتحدة تخشى فقدان أحد هذه العناصر، والولايات المتحدة كدولة مهيمنة على النطاق العالمي كدولة.. كالقوة الرئيسية الوحيدة في.. في العالم، تحاول الحفاظ على هذا الوضع، بس أنا أتفق مع.. يعني ما قيل أن الولايات المتحدة الآن تحاول أن تحافظ على مواقعها، بغض النظر إن كان هناك فعلاً.. وأيضاً تستفيد من ها الفرص الموجودة، وأحد الفرص الرئيسية الموجودة هو إمكانية سيطرتها على الموارد النفطية في المنطقة سيطرة سياسية، بمعنى إن مثلاً وضع سوق النفط الآن وربما لفترة لا بأس بها .. مستقبلية ليس بذاك.. بذاك الوضع السيئ.. سوق.. سوق النقط والشدة في سوق النفط تأتي من الحقيقة من.. من التدخلات السياسية، من.. مثلاً فرض الحصار، من مقاطعة إيران، من مقاطعة ليبيا لفترة، واتخاذ إجراءات مختلفة، هذا.. هذا.. هذا اللي.. العامل الرئيسي في التأزم المؤقت في.. في أوضاع سوق النفط.
خالد الحروب: أي نعم..
د. كامل مهدي: فالحقيقة الولايات المتحدة ما تفعله الآن هو محاولة سيطرة سياسية على منابع النفط والمنطقة النفطية هذه، فما بالضرورة هو موضوع بروز.
خالد الحروب: كتلة اقتصادية منافسة..
د. كامل مهدي: كتلة اقتصادية أخرى لكن..
علاقة الإنفاق العسكري والصناعة العسكرية بتقدم أميركا
خالد الحروب [مقاطعاً]: في نفس.. في نفس المساهمة دكتور عبد الوهاب بيذكر الدكتور إسماعيل الشطي إنه بسبب كون الإنفاق العسكري في الميزانية الأميركية يأخذ حصة الأسد، وحصة الأسد بشكل كبير جداً، بشكل يعني كل البنود الأخرى في الميزانية من التعليم إلى.. إلى غير ذلك، كلها تتهمش مقابل الإنفاق العسكري، يقول: أن هناك ضغط في.. في البنتاجون وفي دوائر صناعة القرار الأميركي لإيجاد مسوغات للإبقاء على مستويات الإنفاق العسكري عالية، بكون أن هذا الإنفاق العسكري والصناعة العسكرية هي المحرك الأساسي للتقدم، حتى الاقتصادي والعلمي والتقني الأميركي، ما رأيك في ها النقطة؟
د. عبد الوهاب الأفندي: وهذا طبعاً كان قبل يعني لما جاءت نهاية الحرب الباردة، وتخوَّفت المؤسسة العسكرية من أنها يعني تفقد أولويتها، حاولوا أن يبتكروا الأخطار وكذا وكذا..، ولما جاءت –لكنها- 11 سبتمبر، الآن يعني الإنفاق العسكري قفز يعني قفزة هائلة جداً، وحرب النجوم البرنامج الذي كان أُجِّل، الآن أعيد طرحه، لكن هذا قد يقودني للنقطة الأولى التي يعني أثيرت إلى أنه هل أميركا تستطيع أن يعني أن تحتفظ بهذا المستوى من الإنفاق؟
هو إلى حد ما طبعاً ليس هذا هو العقبة الأكبر، أنه موضوع العولمة الذي تحدث عنه الكتاب أيضاً بصورة كثيرة، في النظر عندنا نحن، وحتى في بعض الناس الكتاب، يفتكروا إنه العولمة هي يعني مرادفة لأميركا، أنه امتداد العولمة يعني.. واضح من.. من الآونة الأخيرة أنه أميركا هي من أكبر أعداء العولمة الآن، وبعد 11 سبتمبر أيضاً أصبحت يعني تضع كثير من العصي في دولاب العولمة، مثلاً يعني الرقابة على البنوك والتحويلات البنكية، محاولة فرض العقوبات، محاولة تعقب النشاط الاقتصادي.
من جهة أخرى طبعاً أميركا برضو.. يعني تأكل بسلاحها أكثر مما.. من أي دولة ثانية، ليس فقط من تجارة السلاح، ولكن من فرض نفوذها العسكري مثلاً والسياسي، اللي مثلاً كما حدث في الخليج، لما يكون مثلاً فيه منافسة بين (البوينج) و(الأيرباص) يروحوا يضغطوا ضغط سياسي، حتى تُتخذ قرار، يعني تجارتهم الآن أصبحت يعني تعتمد على قوتهم العسكرية، هذا أيضاً قد يصطدم بحلفاء آخرين، وقد يصطدم بالعولمة، فهذه يخيل لي.. هذه التحديات تواجه القوى الأميركية كلها، أنه الإنفاق العسكري غير المنضبط الذي الآن أصبح يعني لا ينظر إليه بأي ميزان من الموازين حتى.. ومعاداة أميركا للعولمة، مواجهة العولمة.
خالد الحروب: دكتور كامل أيضاً بحكم اختصاصك، وفي نفس هذا الفصل.. يعني هناك المقولة الشهيرة إنه أميركا بتستفيد من الحرب يعني الحرب نوع من التجارة إنه كل.. بعد كل حرب ينتعش الاقتصاد الأميركي، وأنه في النهاية الصناعة العسكرية.. المؤسسة العسكرية مرتبطة ارتباط عضوي ووثيق بالنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، ما تعليقك؟
د. كامل مهدي: أولاً تعليقي على المعلومات الموجودة في المداخلة هذه، أن أولاً فيه.. فيه فرق فيما بين الإنفاق.. إنفاق الحكومة الاتحادية في الولايات المتحدة، وفيما بين الإنفاق العام بمجموعه في الولايات المتحدة، إذا نأخذ إنفاق أيضاً الولايات، فسنجد أن الأرقام اللي نجدها الآن هي الفعلية للإنفاق العسكري أقل بكثير نسبياً من الحجم اللي موجود، هنا هذا المستوى من الإنفاق اللي موجود في الأرقام يعني أكثر من نصف.. من نصف الإنفاق العام حسب المعلومات، هنا غير صحيح. ولا يمكن أن.. لا يمكن للولايات المتحدة أن تستمر بهذا المستوى إن كان صحيحاً بهذا.. بهاي النسبة، بس مع ذلك طبعاً الإنفاق العسكري الأميركي عالي جداً، لكن الولايات المتحدة تستفيد من كونها قوة عظمى، تستفيد بأشكال مختلفة، تستفيد من هيمنتها الاقتصادية، من قدرتها على فرض مثلاً –مثل ما تفضل تفضلتم سابقاً- أن.. أن من هيمنتها تستفيد أن تستطيع أن تفرض علاقات غير متكافئة على الدول الأخرى، على القوى الاقتصادية الثانية، تستفيد.. تستفيد من تجارة السلاح نفسها، تستفيد من قوة الدولار، و.. و.. ومن كونه عملة التداول الرئيسية في.. في التجارة الخارجية، فهذه كلها إلها..
د. عبد الوهاب الأفندي: والدَيْن العام أيضاً يعني الدول مثل الأرجنتين الآن 100 بليون دولار أرادت أن تسقطها يعني، أميركا الآن تريد أن..
الإستراتيجية الأميركية في حملتها على الإرهاب والمقاومة
خالد الحروب: طيب عبد.. دكتور عبد الوهاب في الفصل الثاني اللي مخصص إلى موضوعة المقاومة والإرهاب، هناك يعني ثلاث مساهمات، لكن كلها تقريباً تناقش الموضوع الأساسي الوحيد، وهو محاولة الولايات المتحدة تمييع قضايا المقاومة وإدغامها فيما يسمى بالإرهاب، ووضع الجميع في سلة واحدة، ثم معاقبتهم، يعني أولاً يعني يقول الدكتور عبد الغني عماد من الجامعة اللبنانية: أنه هذا هو الهدف الأساسي الآن، استهداف مثلاً المقاومة الفلسطينية في فلسطين، طبعاً في لبنان، في أكثر من مكان، حتى في كل مكان في العالم هناك تمرد ضد السياسة الأميركية، هذا هو الهدف الوحيد، وتقريباً نفس الشيء يُكرره سميح فرسون أيضاً (الأستاذ في الجامعة الأميركية في واشنطن)، ما تعليقك على هذا الفصل بشكل عام وعلى هذه الموضوعات؟
د. عبد الوهاب الأفندي: تعليقي على الفصل الحقيقة أنه صحيح هو يعني ذكر المشكلة أنه أميركا لا تريد المقاومة، وتريد أن تنتهي منها، وهذا يفسروه الساسة الأميركيين وجورج بوش في خطابه أيضاً أول أمس حدد بوضوح أنه الهدف من غزو العراق هو تجفيف المنابع التي تدعم المقاومة في فلسطين ولبنان، وبعد.. و.. وإنذار الدول الأخرى التي تدعمها حتى تخيف وكذا وكذا، و.. وهذا يسمح بتسوية الصراع…، لكنه يخيل لي هذه الفصول كلها وقعت في الخلط العربي يعني المعروف بين.. يعني محاولة يعني عدم فهم الفصل بين الإرهاب والمقاومة، يعني هناك –حقيقةً- بعد يعني هناك إرهاب فعلاً، يعني هناك شيء اسمه الإرهاب، اللي هو دائماً إذا استهدفت المدنيين، أو استهدفت الجهات غير المعنية مباشرة بالحرب، و.. وأميركا وإسرائيل استغلوا هذا الأمر، يعني إذا مثلاً جُرحوا ناس في قهوة في كافيه أو في.. في مطعم، ويجيبوا صور الأطفال وكذا وكذا، هذا طبعاً يعني واضح أنه نوع من الإرهاب، مهما سُمي مقاومة أو غيرها يعني، ففي حين أنه استهداف الأهداف العسكرية بوضوح، العرب عموماً ما.. لم يستطيعوا أن.. أن يكيفوا نفسهم في هذا الوضع، أنه يجب نحن أن نفرق.. نحن أيضاً يجب أن نفرق بين المقاومة والإرهاب، المقاومة هي الموجهة للعدو، تضرب مؤسساته العسكرية والاقتصادية والمؤسسات… الأشياء التي مصدر قوته، المقاومة العربية طبعاً بسبب حزب الله مثلاً في.. في لبنان، يعني نجح في هذا الأمر، وكان يعني معروف عنه أنه حتى أميركا نفسها في النهاية قبلت بحزب الله في اتفاق نيسان 96، و.. و.. وبصمت على أنه حزب الله له الحق في أنه يضرب العسكريين في مكان احتلال، لكن هو وإسرائيل يمتنعوا عن ضرب المدنيين.
خالد الحروب: لكن عبد الوهاب مش هذا تعريف يعني أكاديمي، يعني أنيق للإرهاب، استهداف.. استهداف الأهداف العسكرية والاقتصادية وغيرها، ماذا لو لم تستطع الوصول إلها؟ مع إنه لا.. يعني ليس.. ليس موضوعنا، لكنه لأنه تعرض له الكتاب إنه..
د. عبد الوهاب الأفندي: هو..
خالد الحروب: ماذا لو كنت من الضعف، بحيث لم.. لم تصل.. لم تستطع أن تصل إلى هذه الأهداف و.. والخصم عنده قوة جبروتية؟
د. عبد الوهاب الأفندي: هو.. صحيح هو هذا يعني أنت.. أنت عندك ضعف مزدوج طبعاً، يعني هو الحرب.. الحرب جزء منها معنوية، جزء منها (تصير) حرب عسكرية، فإذن أنت أعطيت خصمك المبرر، يعني أنت فعلاً قد تكون يعني قتلت طفلين أو ثلاثة، لكن أعطيت مثلاً خصمك المبرر حتى يعني يدينك، يعني مثلاً العراق اليوم وهو يُضرب، لم يضرب لأنه يعني فقط أضعف عسكرياً، سوريا أيضاً أضعف عسكرياً، لكن أنت لما تضع نفسك في وضع معين، وخصمك يشتغل عليك معنوياً، بحيث إنه الآن أفضل أنصار العراق هو الذي يدعوه إلى الامتثال إلى يعني الإملاءات الأميركية غير.. غير العادلة يعني، واللي هي غير مستحيلة (…..) هناك..
خالد الحروب: إذن دكتور..
د. عبد الوهاب الأفندي: فأنت لما تضع نفسك في موقف أخلاقي ضعيف إذن أعطيته سلاح، وهو يستخدم الآن السلاح ضدك يعني.
خالد الحروب: أي نعم.
د. كامل مهدي: أتصور موضوع الإرهاب موضوع مهم جداً في المجال، وخصوصاً في إطار هذا الكتاب، يعني فعلاً المقاومة إلها أساليبها، والمقاومة إن كانت تعطي لخصمك.. وحتى تضعفك معنوياً أنت، بس تعطي لخصمك قوة سياسية، فعليك أيضاً أن.. أن.. أن تبحث إن.. إن كانت فعلاً هذا.. إن كان فعلاً هذا الأسلوب الأنجح في المقاومة، إلى.. إضافة إلى ذلك فهي أيضاً تضعفك معنوياً، المسألة أن هذه الممارسات اللي نتحدث عنها، واللي تسمى بالإرهاب كل الأطراف قادرة على ممارستها، وفي وضع الضعف أعداؤك أيضاً قادرين، وهم يمارسوها بالفعل، يمارسوها في.. في كثير من الأحيان، أنت إن جرى التصعيد في هذا المجال، فالحقيقة العرب هم الخاسرين.
الحريات الإعلامية في أميركا بعد أحداث سبتمبر
خالد الحروب: في مساهمة البروفيسور نصير عروري من جامعة (ماساشوستس) بيتحدث أيضاً في مجال يعني الحرب أو حملة بوش ضد الإرهاب، يتحدث عن التعبئة الإعلامية الداخلية، في داخل الولايات المتحدة بتفصيل مثير، وكيف إنه يعني الخطاب الإعلامي، ونوع من الشعبوية أيضاً تنزل إلى.. إلى.. إلى الشارع وتحرضه بحيث الهدف هو إبقاء التحفز في أقصى درجاته، وهذا طبعاً للتسويغ للقيام بما يريد.. تريد الإدارة الأميركية القيام فيه، هل هناك تعليقات دكتور عبد الوهاب على هذا الفصل، وعلى الذي يحدث داخلياً داخل أميركا، حتى يقول..
د. عبد الوهاب الأفندي: صحيح.
د. خالد عبد الوهاب: عفواً، آخر ملاحظة يقول: إنه أحد المعلقين الأميركان قال المؤسف الشديد في هذا.. في الذي نراه الآن أن أهم فضائل الديمقراطية انعدمت، وهي فضيلة حق المعارضة، حق الانشقاق عن التيار الرسمي.
د. عبد الوهاب الأفندي: صحيح، هو صحيح أنه حصل تحول، وأشار له يعني بعض الناس هنا، إنه استيلاء اليمين الديني المتطرف الآن على السلطة، وهذه برضو أشار لها إدوارد سعيد في مكان آخر يعني، ولُوحظ.. يعني لُوحظ أن الآن كان في اليمين المتطرف الديني و.. و.. واللوبي الصهيوني، أيضاً التطرف الليكودي، تمكن من أنه يحتل مواقع القرار في الولايات المتحدة، وأصبح له أجندته، طبعاً له أجندة كانت يعني موجودة من.. منها ضرب العراق، يعني هذه الأجندة بتاع ضرب العراق –كما ذكر أيضاً في الكتاب، وذكر في أماكن أخرى- كان (ريتشارد بيرل) قدمها (لنتنياهو) 6.. سنة 96 في خطة أنه هذه خطة.. يعني خطة الليكود المتطرف، يجب أن يعمل كذا، وفي ذلك الوقت كان مستبعد أنه إدارة أميركية تقبل بمثل هذه الخطة، هي الآن الإدارة الأميركية أصبحت تستقبل بهاي…. بل.. بل تنفذها، و.. وهذا طبعاً تطور خطير، لكن من ناحية هذا أيضاً يشير إلى عدم إمكانية استمرار هذا الوضع، يعني هذا الوضع حتى في أميركا نفسها يعني غير مقبول، حتى الآن فيه سكوت عليه لأن.. يعني ما.. ما فيه.. يعني وحقيقة فيه.. مش فيه سكوت، فيه تحرك، يعني فيه مظاهرات حصلت في نيويورك وغيرها ضد.. ضد الحرب على العراق، ولو أنه صدام حسين يعني من الصعب أنه يجد أصدقاء داخل الإدارة الأميركية وداخل المجتمع الأميركي، لكن إذا استمرت هذه.. إذا ذهبت إلى ما بعد العراق، أو إذا حصلت أزمة في العراق فقد يحصل انعكاس لهذا.
خالد الحروب: هي النقطة اللي هي فعلاً.. كمان نسمع رأي الدكتور كامل إن هذا.. هذا الانحطاط في.. في الحريات الإعلامية المفاجئ و.. والتردي المذهل الحقيقة، يعني الميزة الأساسية في الغرب عند مقارنتها بدول العالم الثالث هي هذه الميزة ميزة نسبية، حق الاعتراض، حق الانشقاق، ثم فجأة إذا أنت خرجت عن الخط الرسمي تحرم يعني من أشياء كثيرة جداً، إلى درجة بعض الكتب، أحياناً لا تجد ناشرين لها الآن في الولايات المتحدة يضطرون إلى القدوم إلى أوروبا ونشرها هنا في أوروبا، أحد الكتب الشهيرة تتحدث عن أيضاً جورج بوش، هذا الذي.. الذي حدث معه، ما رأي.. تعليق الدكتور كامل؟
د. كامل مهدي: والله تعليقي على ها الموضوع أولاً أن الحقيقة المداخلات اللي موجودة في الكتاب في ها الموضوع مهمة جداً، وتفصح عن.. عن تطورات خطيرة هناك، لكن كان بودي أيضاً أن أجد إلى جانبها شيء آخر، اللي مثلاً يعكس علاقة هذا التطور بالمؤسسات الاقتصادية، السياسية القوية في الولايات المتحدة، كيف جرت هذه السيطرة من قِبَل اليمين المتطرف على هذه السياسة؟ وما هي علاقتها بما يجري الآن؟
من الواضح أن السياسة الحالية للولايات المتحدة بمجال العدوان على العراق هي أنها وضع الولايات المتحدة في حالة من عدم إمكان التراجع، يعني المجموعة اليمينية المسيطرة على السياسة الأميركية الآن وضعت الولايات المتحدة في وضع أن التراجع يعتبر –بحد ذاته- شيء من الهزيمة، فنجد أن كثير من الزخم السياسي العسكري الحاصل الآن هو أن من.. يأتي من هذا الموقع، أن فشل الإدارة الأميركية في إقناع حلفائها، في إقناع جزء لا بأس به من المجتمع الدولي، في.. في إقناع جزء كبير أيضاً من المجتمع الأميركي بما.. بكل سياساتها، هذا الفشل يواجهه عدم وجود خيار حقيقي آخر في.. في هذا الوضع. أنا اللي أعتقده من.. من المهم هو.. في.. في المجال هو تفهم ماذا حصل، ما هي مثلاً المؤسسات الاقتصادية الكبيرة، الشركات الكبيرة، أصحاب.. يعني المصالح الصناعية، التجارية، أيش هو وضعها و.. وعلاقتها بهذه السياسة –بالذات- المتطرفة اليمينية في.. في..
دوائر صنع القرار الأميركي والبنى الثقافية والاجتماعية
خالد الحروب: باقي معنا.. عبد الوهاب اسمح لي، باقي معنا دقائق معدودة، بس فيه موضوع مهم هذا في الفصل الثالث، والذي ابتدأه الدكتور حسن الحاج علي من جامعة الخرطوم، وتحدث عن حرب أفغانستان التحول من الجيواستراتيجي إلى الجيوثقافي، مهم هذا الموضوع، لأن إحنا تطرقنا له يعني ولو بشكل غير مباشر، يتحدث يقول: إنه هناك الآن اهتمام في دوائر صنع القرار الأميركي، ليس فقط بالمسائل الاستراتيجية، المواقع، الأراضي، العسكر، الجيش، إلى آخره، بل الآن إلى منزلة أدنى وهي البُنى الثقافية والاجتماعية –عفواً- وهي كيف تنشأ هذه الحركات المتمردة ضد السياسة؟ ما هي.. ما هي العوامل المختلفة التي تُنشئها؟ ومن هنا مثلاً المطالبات بتغيير مناهج التعليم وغير ذلك، الآن يعني نزلوا من المستوى الاستراتيجي إلى المستوى الثقافي، ما تعليقك عبد الوهاب؟
د. عبد الوهاب الأفندي: صحيح يعني هو هذا جزء أيضاً من تأثير اليمين المتطرف، ومن تأثير اللوبيات إياها، هناك شعور مثلاً عند الإسرائيليين بأنه الإسلام يقوي المقاومة مثلاً ضدهم بالذات بعد ما سقطت الأيديولوجيات مثلاً الغربية، فهو محاولة أنا أسميها لنزع السلاح الثقافي من المسلمين بإضعاف هذه البُنى الإسلامية.
من جهة أخرى الحقيقة يعني يجب أن نشير إلى نقطة برضو مهمة يعني لها علاقة بهذا الموضوع أغفلها الكتاب يعني، هو أنه ذكرنا إنه أغفل الوضع العربي، أنه قوة.. يعني ماذا يفعل العرب مثلاً المسلمون الآن حتى يستعيدوا شيء من.. من مواقعهم في..؟ يعني من ناحية النظام العالمي و.. وحتى النظام الديمقراطي لا يعطي حقوق لمن لا يطلبها، ولا يتعامل.. مثلاً إذا كنت أنت الآن وضعك كفلسطين مثلاً أو كعرب أنت صامت و.. وتقول بعض.. يعني بعض يعني (…) إنه هذا العرب إذا يعني قمعتهم فسيستسلموا، وضرب مثال مثلاً الواحد..
خالد الحروب: طيب عبد الوهاب بإيجاز … يعني بقي بس نسمع آخر تعليق من الدكتور كامل على هذه النقطة اللي هي أحياناً يعني البنيات الثقافية والاجتماعية إحنا انتقدناها في هذا.. قبل قليل، يعني أين هو الخط؟ إذا طلبوها منا يُصبح نحن نتحفز وندافع عنها مباشرة.
د. كامل مهدي: يعني.. يعني الحديث الآن من قِبل الأطراف المهيمنة على السياسة الأميركية خصوصاً في مجال البلاد العربية والإسلامية هو هذا الحديث حقيقة، انتقال من الهجوم العسكري والاحتلال إلى التغيير الثقافي، ويأتي هذا باسم شعارات الديمقراطية، وشعارات العدالة، وشعارات حقوق الأقليات، حقوق النساء وغير ذلك، الموضوع هو طبعاً كل هذه مسائل أساسية، ما.. من.. من لا يريد الديمقراطية، من لا يريد حقوق النساء؟ طبعاً المثقفين العرب بشكل عام يريدوا حقوق النساء، يريدوا.. يريدوا الديمقراطية، يريدوا حقوق الأقليات والدفاع عنها.
المسألة هي أن.. أن هذه تأتي من.. من تطور طبيعي في المجتمع ومن صراعات المجتمع، ولا تفرض من..
خالد الحروب: فرضاً من الخارج.
د. كامل مهدي: فرضاً من الخارج، وخصوصاً لا تفرض عسكرياً.
خالد الحروب: سيدي، شكراً جزيلاً. وهذا يعني ما أتاح لنا وقت البرنامج.
وأعزائي المشاهدين، شكراً لكم أيضاً على مرافقتكم لنا جليس هذا اليوم الذي كان كتاب "العرب والعالم بعد الحادي عشر من أيلول" وهو مؤلف جماعي من إصدار مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، واسمحوا لي أن أشكر ضيفينا الدكتور كامل مهدي (محاضر اقتصادات الشرق الأوسط في جامعة إكستر في بريطانيا، ومسؤول برنامج دراسات الخليج فيها)، والدكتور عبد الوهاب الأفندي (الزميل في مركز الدراسات الديمقراطية في جامعة وستمنستر في لندن)، وعلى أمل أن نجالسكم في الأسبوع المقبل مع جليس جديد، هذه تحية من فريق البرنامج، ومني خالد الحروب، ودمتم بألف خير.