الدين والنفط والوطن
مقدم الحلقة: | خالد الحروب |
ضيوف الحلقة: | عبد الله محمد أحمد: وزير سابق د. صلاح آل بندر: مدير منظمة المجتمع المدني في السودان |
تاريخ الحلقة: | 03/03/2002 |
– فرصة السلام في السودان بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول
– دور الأطراف المختلفة في إحلال السلام بالسودان
– الإرهاب وعلاقته بالسودان
– أسباب وجذور الحرب في السودان
– تقييم شامل للكتاب
خالد الحروب: أعزائي المشاهدين، أهلاً ومرحباً بكم إلى هذه الحلقة من برنامج (الكتاب خير جليس)، جليسنا هذا اليوم كتاب جديد حول قضية دائمة الغليان، هي الحرب في جنوب السودان، عنوان الكتاب "الدين، والنفط والوطن" تغيير منطق الحرب في السودان، وهذه ترجمة ليست حرفية لعنوان الكتاب بل فيها بعض التصرف، أهمية الكتاب تأتي من زاويتين الأولى كونه حديث الصدور نشر بعد أحداث أيلول الأخيرة في الولايات المتحدة، ولهذا فهو ينظر للمسألة السودانية في حقبة ما بعد تلك الأحداث، والثانية أن الكتاب هو خلاصة تقصي ميداني قام به فريق عمل من منظمة مجموعة الأزمات الدولية غير الحكومية في بلجيكا أو (I.C.G) بهدف تقديم توصيات لإحلال السلام في السودان. أستضيف معي في الاستديو لمناقشة الكتاب الأستاذ عبد الله محمد أحمد (السياسي السوداني الذي شغل عدة مناصب رسمية ووزارية في الخرطوم)، وكذلك الدكتور صلاح البندر منير (مدير منظمة المجتمع المدني في السودان) وكنت في وقتٍ سابق قد أجريت حواراً مع (جون برندر غاست) المؤلف الرئيس لهذا الكتاب، ونتابع معاً هذا.. هذا الحوار أعزائي المشاهدين في سياق التقرير التالي.
تقرير/ خالد الحروب: في جنوب السودان حرب مستمرة منذ أكثر منذ ثلاثين عاماً، تتصارع فيها الحكومات المتعاقبة في الخرطوم مع حركة التمرد الجنوبي بقيادة (جون جرنج)، جذور الحرب وأبعادها متداخلة ومعقدة، فهناك مطلب انفصال الجنوب، وهناك الصراع على النفط، وهناك قضية تطبيق الشريعة، وخلف ذلك كله هناك ما يراه البعض جهداً غربياً لفصم السودان عن عمقه الإفريقي، في تلك الحرب تصارعت مصالح الدول الكبرى كالولايات المتحدة، وبريطانيا، والكنائس الغربية، والدول الإقليمية كمصر وأوغندة وليبيا، وهذا عقد الصراع وقاده إلى طريق شبه مسدود، لكن الكتاب الذي بين أيدينا "الدين، والنفط والبلد" تغير منطق الحرب في السودان يقول إن هناك فرصة كبيرة الآن بسبب الظروف التي تولدت بعد أحداث أيلول الماضي، الكتاب أعدته منظمة مجموعة الأزمات الدولية ومقرها (بلجيكا)، وصاغه وأشرف عليه (جون برندر غاست) أحد أهم الخبراء الغربيين في الشأن السوداني والمقرب من دوائر صناعة القرار الخاص بالسودان في واشنطن.
جون برندر غاست: إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر توفر حقاً فرصة كبيرة جداً لتحقيق السلام في السودان، وهي فرصة لم نرها خلال الثماني عشر سنة من الصراع الأهلي حتى الآن، وبشكل أساسي فهي توفر وسعة للحكومة في السودان لتقليل العزلة الدولة التي شعرت بها نتيجة للارتباط مع الإرهاب ونتيجة لموضوع حقوق الإنسان والمرتبط بالحرب الأهلية التي قادت إلى عزلة جزئية، الجهد الحكومي المباشر للتعاون لمواجهة الإرهاب الدولي وخاصةً مع الولايات المتحدة وفر الحافز للخرطوم لمحاولة الخروج من العزلة وللدخول ثانيةً إلى المسرح الدولي كعضوٍ كامل، وهذا هو السبب الذي من أجله تتوفر فرصةً لعملية السلام لتتحرك إلى الأمام.
خالد الحروب: هناك مبادرات سلام عديدة تجاه الصراع في السودان تتنافس فيما بينها، وهناك حاجة أولاً لإنهاء التنافس بين مبادرات السلام قبل إنهاء الصراع نفسه.
جون برندر غاست: إحدى العقبات الأساسية في وجه التحرك نحو السلام في السودان هي تعدد مبادرات السلام إزاء الصراع هناك، والمبادرتان الرئيسيتان هما مبادرة (إيجاد) التي تقودها دول شرق إفريقيا، وتستضيفها (كينيا)، والمبادرة الليبية المصرية المشتركة التي لها أهداف مختلفة، ولكنها موازية، والمبادرتان تتقاطعان مع بعضهما البعض، وطرفا النزاع هما جزء من المشكلة إذ لا يتفاوضان معاً بشكل جدي في سياق مبادرة سلام موحدة توحد كل المبادرات وتدفعهما نحو طاولة المفاوضات.
خالد الحروب: وعادةً ما ينظر إلى الموقف الأميركي تجاه الصراع في السودان على أنه منحاز ويريد تقسيم البلد، فكيف يرى الكتاب هذا الموقف؟
جون برندر غاست: إن موقف الولايات المتحدة إزاء الصراع في السودان هو أيضاً موقف صعب جداً، فخلال إدارة (كلينتون) حاولت الحكومة الأميركية عزل السودان بسبب ما صور على أنه ارتباط مع الإرهاب الدولي وبسب سجله في حقوق الإنسان، وقد كانت قادرة على أن تعيق جهود السودان لأن يصبح عضواً في مجلس الأمن، وساعدت على فرض عقوبات على السودان، وهكذا فإن الولايات المتحدة قادت ولفترة طويلة الجهد من أجل عزل السودان بسبب سياساته، أما الآن وخلال الإدارة الحالية إدارة (بوش) فإن هناك بعض الانفتاح، ومازالت نفس قضايا حقوق الإنسان والإرهاب هي التي تحدد السياسة، لكن هناك اتصالات أكثر، ولهذا فربما هناك فرصة أكبر على جبهة السلام للطرفين من خلال الحوار لتحريك عملية السلام إلى الأمام.
[فاصل إعلاني]
فرصة السلام في السودان بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول
خالد الحروب: أستاذ عبد الله، طبعاً الكتاب كما لاحظت أولاً صادر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ويعتبر إنه هناك فرصة ذهبية على الأطراف السودانية الأطراف الإقليمية، الأطراف الدولية أن تغتنمها وهو بيعتقد إنه هناك احتمال كبير الآن لانطلاق زخم جديد لإحلال السلام في السودان، ما رأيك بهذا التقييم برؤية الكتاب هذه؟
عبد الله محمد أحمد: أنا في رأيي إنه الاهتمام الأميركي بمشكلة السودان ومحاولة حلها ما هو ناتج عن الأحداث بتاعة يوليو، هنالك سبب أنا في رأيي أنه سبب كبير جداً جداً لا تريد الإدارة الأميركية أن تتحدث عنه، وفي نفس الوقت هذا السبب كذلك لا تريد الحكومة السودانية أن تتحدث عنه.
خالد الحروب: هذا السبب.. ما هو السبب؟
عبد الله محمد أحمد: السبب هو انتقال الصين من أقصى آسيا إلى موقع استراتيجي في قلب إفريقيا، وتطويراً لأسلحتها الصاروخية على مدى الآن الصين آخر تقرير طلعته قبل 3 أسابيع الـ (C.I.A) أنه عندها تمتلك 100 صاروخ قادرة على الوصول إلى السواحل الشرقية الأميركية، هذه الصواريخ الصين طورت صاروخها بيمشي الآن 13 ألف كيلو متر، المسافة من غرب السودان إلى السواحل الشرقية الأميركية 9 ألف كيلو متر ونص، معنى ذلك أنه إذا استطاعت الصين باتفاق -بعد حصولها على الموقع الاستراتيجي في السودان- باتفاق حقيقي مع حكومة السودان تستطيع أن تصل إلى قلب أميركا من داخل السودان.
خالد الحروب: من داخل السودان، أنت بتعتقد إنه هذا.
عبد الله محمد أحمد: هذا السبب.
خالد الحروب: الكتاب ما تطرق إلى هذا السبب الرئيسي؟
عبد الله محمد أحمد: لن.. لن يتحدث عن هذا السبب الحقيقي ولن يتحدث انه السبب الحقيقي في عملية الصواريخ اللي قام مما دخلت الإدارة بتاعة (بوش)، وبدت تتكلم عن shield لحماية السواحل الشرقية من أن بعض العصابات قد تمتلك أسلحة نووية ده كله كلام فارغ، هم حسبوا حسابات دقيقة، وهم على معرفة، والصين نفسها على معرفة أنها حصلت على موقع وهي تهدد السواحل الشرقية الأميركية.
خالد الحروب: في الأميركية، دكتور صلاح.
عبد الله محمد: للحصول..
خالد الحروب: دكتور صلاح، هل تحليل الكتاب في وجود فرصة ذهبية لإحلال السلام في السودان الآن تحليل دقيق، رؤية عملية وواقعية؟
د. صلاح البندر منير: والله أنا بأمِّن على الكلام اللي قاله أستاذنا عبد الله محمد أحمد، العامل الصيني عامل أساسي، وليس مقصور على موضوع الأسلحة، إنما لسوق الأفريقي مهم جداً، وهذا صراع يعني استمر سنين طويلة منذ أن بدأت الصين تضع يعني أرجلها في منطقة شرق إفريقيا.
خالد الحروب: إحنا خلينا في تحليل أحداث سبتمبر.
د. صلاح البندر: ولكن.. ولكن.
خالد الحروب: لأنه هو بيعطيها زخم كبير دكتور صلاح، يعني أنا حابب إنه نعرف هل هذا التقييم تقييم أحداث سبتمبر على المسألة السودانية اللي هذا الحد اللي كل زخم الكتاب يسير بهذا الاتجاه؟
د. صلاح البندر: أنا في.. في.. في تقديري بدون ما نعرف خلفية الكاتب والمؤسسة بيصبح تقييمنا لمحاولة أو النظر إلى أبعاد الكتاب قاصرة لسببين: الكتاب عنده أهداف معلنة، وعنده أهداف مضمرة بيهمنا إنا نحنا نربط بين الأهداف المضمرة للكتاب مع الأهداف المعلنة، الأهداف المعلنة: معالجة المشكلة السودانية ومحاولة ربط ترتيب الأوضاع في السودان بعلاقاتها الإقليمية، ولكن أتفق تماماً هنالك أهداف مضمرة للكتاب، الحرب في السودان مستمرة مش 30 سنة، 50 سنة وأميركا أكثر دولة غربية معنية بالشأن السودانية بأنها استثمرت في خلال العشرين سنة الماضية 2 مليار دولار، مليار دولار في.. في البترول ومليار دولار في.. في.. في..
خالد الحروب: طيب دكتور صلاح، يعني هل هذا بيعني للقارئ مثلاً للذي يطالع هذا الكتاب إنه هذا التحليل ليس هناك فرصة ذهبية، الوضع قبل أحداث سبتمبر وبعد أحداث سبتمبر تقريباً فيما خص الشأن السوداني هي واحدة وأن هناك مبالغة مثلاً في مثل هذا الموضوع؟
د. صلاح البندر منير: نعم، أنا أعتقد إن مجرد استخدام الأحداث لتغطية الأهداف الحقيقية للتحرك الأميركي.
دور الأطراف المختلفة في إحلال السلام بالسودان
خالد الحروب: طيب أنا أرجع للأستاذ عبد الله لأنه الحديث عن.. عن الدور الاستراتيجي ودخول الصين بينقلنا إلى الفصل اللي بيتحدث فيه الفصل الثاني بيتحدث فيه عن دور الأطراف المختلفة، الأطراف الإقليمية والأطراف الدولية، الذي يقرأ الكتاب يلاحظ أنه هناك فيه تهميش لدور الأطراف الإقليمية العربية وغيرها لصالح استدعاء الطرف الخارجي فأنا أريد رأيك، هل هذا رؤية صحيحة؟ هل قراءتي مثلاً أنا دقيقة لمثل هذا تقييم الكتاب، أم كيف ترى تقييمه للأطراف المختلفة؟
عبد الله محمد أحمد: هو في الكتاب بيقول أنه حتى هذه الأطراف الإقليمية تآمرت على حل قضية السودان، يعني هو يتهم مجموعة (الإيجاد) كما يتهم (ليبيا) و(مصر) أنهم ما.. يعني غير يعني راغبين في حل المشكلة السودانية، كما بيتهم الأطراف السودانية نفسها أنها غير راغبة في حل المشكلة وإنه هو عايز يتقدم علشان يحل المشكلة نيابة عن الأطراف الإقليمية والأطراف السودانية، التقييم ده ما صحيح أنا في نظري.
خالد الحروب: طيب لكن.
عبد الله محمد أحمد: الأطراف السودانية راغبة في حل المشكلة، الأطراف الإقليمية برضو راغبة في حل المشكلة، لكن فيه أجندة تختلف، الأطراف الإقليمية حل المشكلة كله يقوم على تأسيس نظام ديمقراطي، جميع الدول اللي من حولنا بما في (مصر) ليست فيها نظام ديمقراطي، كلها أنظمة شكلية استبدادية، والنظام الديمقراطية الموجود في (مصر) نظام شكلي، قيام نموذج ديمقراطي حقيقي.
خالد الحروب: طب خلينا إحنا خلينا في الكتاب، لأنه أستاذ عبد الله، إحنا.. أنا حابب إنه نفهم إنه هو لما يعني هذا التركيز على دور الولايات المتحدة وبريطانيا وبلجيكا هو أيضاً بيدخل مثلاً إنه هذه.. والنرويج إنه هذه الدول عندها مصالح أساسية في إحلال السلام في السودان، هذه الرؤية لدور الطرف الخارجي وأخذ.. إذا أخذنا بالاعتبار إنه هناك ما فيه تقدم محلي، يعني الأطراف المحلية أثبتت نوع من عدم التقدم نحو -كما يذكر في الكتاب- نحو إحلال السلام، إذاً بحاجة إلى ضغط خارجي؟
عبد الله محمد أحمد: أنا أقول لك يعني الحقيقة الأمور متشابكة والوقت ضيق، لكن أنا أقول لك أنه الأطرف السودانية (جون جرنج) وحكومة السودان أداروا مباحثات منذ عهد (كارتر)، و(أبوجا) و(الإيجاد) ووصلوا إلى اتفاقات محددة في كل النقاط اللي أثيرت، توزيع الثروة وتوزيع السلطة، وإعادة العلاقات الداخلية السودانية، ده كله وصل فيها، ولكن الغرب ممثل في أميركا كان باستمرار كل ما نصل إلى مرحلة اتفاق تجهض هذا الاتفاق، وأدي لك نموذج منا واحد، عشية التوقيع على اتفاق (أبوجا)، لو قرأت اتفاق (أبوجا) شمل كل حاجة (جون جرنج) وصل إلى (أبوجا) طلب مهلة بتاع 3 أيام يروح واشنطن جه راجع رفض يوقع على الاتفاق.
الإرهاب وعلاقته بالسودان
خالد الحروب: أي نعم، دكتور صلاح، أنتقل معك إلى.. إلى الفصل الثالث محور مهم أيضاً، ونجده ليس فقط في الفصل الثالث، بل منتشر في فصول الكتاب كما لاحظتم اللي هو قصة ما يسمى بـ "الإرهاب" وعلاقة السودان بما يسمى بـ "الإرهاب"، هو خصص فصل كامل حول هذا الموضوع، ما تقييمك لهذا الفصل؟ ولما يضفه.. دائماً.. بالعلاقة القوية والقديمة للسودان مع الإرهاب؟
د. صلاح البندر منير: أنا في تقديري إنه الكتاب في مجمله حاول يوضع مشكلة الإرهاب كجزء من المشكلة السودانية، وهذه هي مشكلة الكتاب في إنه المنهج بتاعه حاول يعالج ظواهر المشاكل ويوجد بشكل يعني غريب إنه كل المشكلة السودانية صار حلها تحت مظلة الإرهاب، دي نظرة تكاد أن تكون مربوطة بالأحداث اللي موجودة بالارتباطات السياسية اللي موجودة يمكن في واشنطن أكبر من السودان، بالنسبة للسودانيين اليوم المسالة بالنسبة لهم الإرهاب، لأنه الإرهاب تجاوزته حتى الأحداث، بالنسبة لهم الحرب، السلام، الديمقراطية، التنمية، وفي النهاية نظام حكم يستطيع أن يستوعب كل السودانيين باختلاف ألوان الطيف السياسي بتاعهم فيعيشوا في بلدهم.
أسباب وجذور الحرب في السودان
خالد الحروب: أستاذ عبد الله، طيب إذا انتقلنا إلى الفصل الذي يليه الفصل الرابع هو تحدث عن الأسباب وجذور الحرب في جنوب السودان، يتحدث عن الدين الخلاف الديني، بيتحدث عن الموارد، الصراع على النفط، بيتحدث عن الصراع على الحكم إلى آخره، أنا توقفت عند لمعالجته البسيطة للدين إنه في خلال 10 صفحات هو عالج كل موضوع الدين، بينما الدين تقريباً في عنوان الكتاب، ما رؤيتك وتحليلك لمعالجة لأسباب وجذور الحرب في هذا الفصل؟
عبد الله محمد أحمد: أولاً: أنا في رأيي أنه الدين ما كانش أصله عنصر من عناصر الصراع الداير في السودان، القضية كلها هي تظلم اجتماعي وتظلم سياسي، وتظلم.. اقتصادي هو اللي دارت حوله هذه المشكلة.. طيلة زي ما قال أخي صلاح هذه القضية اتفجرت في 18 أغسطس 55، الآن لها أكثر من 45 سنة، كلها دارت حول هذا الصراع.. حول هذه المسألة مسألة التظلم، وكانت المحاولة كلها في أنه كيف نجد صيغة علشان نزيل هذا التظلم اللي واقع على الجنوب، ولكن أقحمت على مدى مرور الأيام.. السنوات أقحمت بعض المسائل، مسألة الدين أقحموها هم الغربيين، أدخلونا في دوامة الدين الغربيين هم نفسهم، إنه كانت الكنيسة الكاثوليكية لعبت دور أساسي في أنها تحاول عشان تستعطف الدور الغربي لازم تقول إنه فيه صراع ديني.
خالد الحروب: أين؟
عبد الله محمد أحمد: هذا الصراع الديني ما كان موجود في القضية ولا عمره ولا جزء منا، ولا حتى لما الناس أثاروا قضية الشريعة بغباء في عهد (النميري) قالت بعض القسس وكده، في النهاية استدرك إنه ده خطأ ما.
لأنه لا تنطبق هذه المسائل.
خالد الحروب: أيضاً أسمع رأي الدكتور صلاح برضو في نفس قضية الدين هو حتى بالصفحة أنا هنا صفحة 145 بيرسم خريطة إثنية للسودان، يعني القبائل والإثنيات المختلفة، بينما لا يرسم خريطة دينية، وبينما الدين على عنوان الكتاب مرة أخرى وليست الإثنية، فما هو تقييمك أيضاً لتحليله في.. لكل قضية الخلاف الديني هل هي مفتعلة مبالغ فيها أم هي دقيقة وجوهرية؟
د. صلاح البندر منبر: أنا في تقديري إن هي مبالغ فيها أيضاً، لأنه كمية المسيحيين وكمية الجنوبيين اللي شاركوا في النظام اللي مسمى "نظام إسلامي في السودان" أكبر من أي عهد سابق لهم، والفرص اللي أخذوها في الإطار الديني أو في الإطار الإثني العرقي أكبر من أي نظام آخر.
خالد الحروب: على فكرة أستاذ عبد الله، أنت ذكرت لي نسبة المسيحيين في السودان إنه الغرب يتصور إنه هناك 50% فيها صراع إسلامي مسيحي.
عبد الله محمد أحمد: هو قال في الكتاب أنه السودانيين بلغوا الآن 36 مليون، أنا في تقديري قريب من كده يعني في الـ 35 مليون.
خالد الحروب: لكن كم هي نسبة المسيحيين في الجنوب؟
عبد الله محمد أحمد: لكن المسيحيين كل المسيحيين بما فيهم الأقباط لا يزيدوا عن نصف مليون في السودان لكن الآن المبالغة في أنه..
خالد الحروب [مقاطعاً]: هذا ما ذكره يعني، في الفصل اللي حكاه عن تصوير إنه صراع ديني صراع إسلامي، صراع إسلامي مسيحي.
عبد الله محمد أحمد: ما فيه، هو فيه إسلام وفيه غير المسلمين خالص.
خالد الحروب: مبادرات السلام، هو ذاكر طبعاً المبادرات الأساسية (الإيجاد)، والمبادرة المصرية الليبية، وبعدين الجهود النيجيرية والاتحاد الأوروبي وغيرها، وبعدين يكاد يعني كلها يلقي بها يعني جانباً حتى يفسح المجال لمبادرة جديدة بعد أحداث سبتمبر، يعني ما رأيك في تقييمه بهذا الفصل.. الفصل الخامس لمبادرات السلام المتعددة نحو إحلال السلام؟
عبد الله محمد أحمد: أنا في تقديري.. كل المبادرات مشكلتها وأزمتها الحقيقية إنها كانت مربوطة بحاجتين يا إما اللي قايمين بالمبادرة عندهم مصلحة حقيقية مباشرة خاصة بيهم أو عندهم تأثير على المعارضة أو على الحكومة، المصريين عندهم تأثير على المعارضة والحكومة، (كينيا) مستفيدة استفادة مباشرة لأنه 50% من الدخل القومي الكيني جاي من نتيجة وأصبح عندهم يعني مصلحة حقيقية في استمرار الحرب مش في حلها، وحتى أميركا هي داخلة بمصالحها، في تقديري كل المبادرات انتهت والأحداث تجاوزتها إذا كانت مصرية أم (إيجاد) أم غيره، هي كلها الأحداث تجاوزتها في النهاية الحل هو الغايب عن كل هذا الكتاب الحل السوداني.. السوداني.. السودانيين..
خالد الحروب: وهذا ما أريد أنتقل له.. لأن إحنا نيجي دكتور صلاح، لهذا الفصل تقريباً يعني نحو الأخير اللي هو بيتحدث فيه عن التوصيات نتوقف عند بعض أشياء والمهمة جداً، اللي هو بفصل كما نعلم هذا الكتاب عبارة عن تقرير لمجموعة مهتمة بالشأن السوداني وذهبت.. أرسلوا فريق عمل إلى هناك وقابل الأطراف المختلفة وخرج بهذا الكتاب التقرير، الآن أستاذ عبد الله فيه توصيات عديدة في الكتاب، وأنت توقفت عنده طويلاً، أريد أن أسمع منك أولاً يعني ما رأيك بهذه التوصيات؟ إلى أي درجة تتجاوب مع المطالب ومع الهموم السودانية؟
عبد الله محمد أحمد: ما يتحدث عنه أنا في رأيي لا يمثل جوهر أزمتنا ومطالبنا نحنا، نحنا عايزين نظام ديمقراطي.
خالد الحروب: هو يذكر إنه هناك حكم ديمقراطي.
عبد الله محمد أحمد: وإحنا عايزين نظام ديمقراطي يقوم على حل يمكن السودانيين من أنهم كلهم يشتركوا في القرار جنوبي، نوباوي أو.. نوباوي أو عربي، كلهم يكونوا أصحاب حق في القرار، ويكون فيه نظام إداري فيدرالي يرضي الناس ويوزع السلطات فيما بينهم، بحيث إنه الناس كلها تكون عارفة أنها هي صاحبة حق في ما.. يدور في السودان، ده.. ده عنصر هام جداً جداً، نحنا عايزين سياسة خارجية، ده واحد من عنصر من عناصر القضية، سياسة خارجية تدينا مركز في الوسط اللي إحنا عايشين فيه الإقليمي العربي والإفريقي، بينما.. النوايا الغربية كلها عايزه تنقلنا من القائمة العربية إلى القائمة الإفريقية عشان كده هو في الكتاب بيركز على أنه (السودان) و(جنوب إفريقيا) و(نيجيريا) دول عايزين يعلموا منهم الـ super powers تدير نيابةً عنهم بالوكالة الشؤون الإفريقية، نحنا ما عايزين كده، نحنا عايزين عندنا وسط تأني كمان نعيش فيه، وعندنا الوسط العربي، عندنا الوسط الإسلامي.
خالد الحروب: خلينا نأخذهم واحدة واحدة، خليني أسأل دكتور صلاح..
عبد الله محمد أحمد: دقيقة.
خالد الحروب: نيجي للموضوع الإقليمي لأنه مهم هذا..راح أسألك عنه..
دكتور صلاح، في التوصيات هو بيقول إنه يجب أن يكون هناك جهد كبير جداً في ترسيخ أرضية ديمقراطية في السودان، وهذه توصية منصفة والكل يعني طالب فيها سودانيين وغير سودانيين، فما المشكلة في مثل هذه التوصية؟
د. صلاح البنذر منير: أنا في تقديري إنه دي ميزة الكتاب، لأول مرة ربط قضية السلام في السودان بقضية الديمقراطية، في المبادرة المصرية في (الإيجاد) في الدور الأيمركي اللي قبله في الـ (E.E.C) المسألة مأخوذة من وجهة نظر حقوق الإنسان، ما فيش حد بيتكلم عن الديمقراطية كنظام وكمؤسسة ونظام حكم، أنا في تقديري أيضاً إنه الكتاب رغم إنه ذكر موضوع الديمقراطية، ولكن برضو كالعادة نظرته للديمقراطية بالمفهوم الغربي للديمقراطية ومش بالمفهوم الغربي وبس حتى بالمفهوم القاصر اللي هم حاولوا يتكلموا عنه، الحقيقة مؤلف جون برند غاست من.. من أهميته إن هو كان مستشار ورئيس قسم إفريقيا في مجلس الأمن القومي خلال إدارة (بيل كلينتون) وكان مسؤول ومستشار خاص لوزارة الخارجية الأميركية وما يزال المستشار الخاص لها في شؤون القرن الإفريقي، هو من ناحية مؤهل، ولكن للأسف لشديد في كل كتاباته اللي فاتت كان يفتكر إنه الديمقراطية في إثيوبيا وفي إرتريا هي نموذج.
خالد الحروب: طيب لويس هذا.. هذا فيما يتعلق.. ما يتعلق بـ.. بتوصيات الديمقراطية، الآن أرجع لك أستاذ عبد الله في اللي بدأت التحليل فيه اللي هو التوصية اللي تتعلق في أوسع من هيك، وأنت عندك ملاحظة فيها اللي هي انتزاع السودان كأنه من البعد العربي وربطه بأبعاد أخرى مثلاً منها الدولية، منها مثلاً إفريقية، اتفضل.
عبد الله محمد أحمد: أنا أرجع أأمِّن على الكلام اللي قاله أخي صلاح أنه واحدة من الحاجات اللي هو أكدها حكاية الديمقراطية، ولكن المشكلة أنه في الديمقراطية اللي هم بيتكلموا عنها ما هياش الديمقراطية المؤقلمة بالطريقة اللي تنفع معنا نحنا من ناحية، من ناحية ثانية هي الديمقراطية هو لو دايق ديمقراطية حقيقية كان في.. في المبادرة دي اللي هو اخترعها يربط حاجة واحدة قيام أحزاب ديمقراطية حقيقية واحد، 2 جون جرنج ده عصابة عسكرية، أنت كيف بتجيب عصابة عسكرية تقعد مع مدنيين حاملة سلاح عشان تناقش معاهم؟ لابد منه زي ما حصل في.. في.. في أيرلنداDecome tioning ينزع السلاح منه ويتحول هو إلى حركة سياسية مدنية عشان يجلس علشان يتخذ قرارات مدنية، لكن مش هو ببندقيته وأنا أعزل ويجي يقول لي أنه داير يعمل معاي ديمقراطية، ده كلام فارغ.
خالد الحروب: طب أسأل دكتور صلاح أن التوصية حول.. حول حقوق الإنسان وإيقاف الانتهاكات وإنها أيضاً هذه يجب أن تكون في.. في قلب أيه عملية.. أية عملية سلام وهو يستشهد بمنظمات حقوق الإنسان اللي عندها تقارير ضد السودان حول مثل هذه الانتهاكات وأنت مدير منظمة المجتمع المدني في السودان، فما رأيك في هذه التوصية تحديداً؟
د. صلاح البندر منير: من الأهمية بمكان، لا يمكن الحديث عن أي تقدم في مجال السلام بدون التوقف عند ضمانات حقوق الإنسان، ولكن ده بيرجعني للعامل الديني اللي ذكره واللي تكلم عنه أستاذنا الجليل، مسألة.. بالنسبة لينا نحنا حكاية إنه 1%، والـ 10%، والـ 15% مسيحيين أم مسلمين أم أصحاب كريم معتقدات بالديانات الإفريقية المحترمة أيضاً عندنا في السودان وعند الغالبية أيضاً هي اللي موجودة في الجنوب والمسلمين، حق المواطنة هو الأساس، حقك أنت كمواطن بعض النظر عن عقيدتك وديانتك ووضعك هو ده الحق اللي سوانا في الماضي، وخلانا كلنا نعيش كسودانيين ودافعنا عن السودان كسودان لما كان فيه غزو أجنبي، إذا كان جة متدثر باسم الدين الإسلامي أو جه متدثر باسم الكنيسة، هزمنا الأتراك وجايين بيتكلموا عن الخلافة الإسلامية وأقمنا دولتنا بأبعادنا الوطنية، وشاركنا فيها، وهزمنا أيضاً..
خالد الحروب [مقاطعاً]: طب دكتور.. هذا هو.. هذا أننا يعني يمكن يكون النقطة هذا هو بيذكر في التوصيات فإذا إحنا اتفقنا معه على توصية الديمقراطية واتفقنا معه على توصية المجتمع المدني وحقوق الإنسان، واتفقنا معه على توصية ضرورة السلام فمعناته الكتاب بأنه مفيد ومهم يعني، فيعني على عكس ما أنا أسمع يعني فيه انتقاد شرس للكتاب، اتفضل أستاذ عبد الله.
عبد الله محمد أحمد: أنا أقول لك أنا في هذه التوصيات فيه جانب خطر جداً جداً، إذا كان نحنا أقمنا نظام اتفق عليه ديمقراطي فيدرالي، يوزع الثروة، عمل كل حاجة هو بيقترح علينا أنه يقوم إشراف.. إشراف دولي على توزيع عائدات النفط، أولاً هنا بيفهم الثروة ذات فهم خاطيء مع احترامي إلى مناصبه وكل حاجة، الثروة ما هي عائدات النفط، ولا الثروة هي الجمارك، الثروة هي جماع الإنتاج القومي كله.
تقييم شامل للكتاب
خالد الحروب: إذاً خلينا.
عبد الله محمد أحمد: دي الثروة إذا كان هو هيجيب لي جهاز آلي، ده عايز يعمل لي.. المفاوضين اللي سيطروا على الخديوي وعلى عائدات.. يعيدنا إلى القرن الـ19.
خالد الحروب: طيب بـ.. بتقييم ختامي أستاذ عبد الله بإيجاز بتقييم ختامي كيف ترى هذا الكتاب؟ بكلمات معدودة.
عبد الله محمد أحمد: أنا.. أنا بأفتكر إنه إذا… إذا.. إذا هذه هي النظرة الأميركية لحل القضية أحسن يبعدوا مننا.
خالد الحروب: دكتور صلاح، ما رأيك بهذا الكتاب، تقييم ختامي؟
د. صلاح البندر منبر: أنا في تقديري إنه الكتاب إضافة ويشكر عليها، ولكن الغايب هو أين الدور السوداني في حل المشكلة السودانية؟
خالد الحروب: شكراً جزيلاً. أعزائي المشاهدين، بهذا التقييم الختامي لم يتبق لي إلا أن أشكر لكم مرافقتكم لنا جليس هذه الأمسية الذي كان كتاب "الدين، النفط والوطن تغير منطق الحرب في السودان" لمؤلفة (جون برندر غاست)، وأشكر ضيوفنا الأعزاء الأستاذ عبد الله محمد أحمد (السياسي السوداني والوزير السابق)، والدكتور صلاح البندر (مدير منظمة المجتمع المدني في السوداني)، وإلى أن تجالسونا مع جليس جديد في الأسبوع القادم هذه تحية من فريق البرنامج ومني خالد الحروب ودمتم بألف خير.