استهداف العراق.. العقوبات والقصف في السياسة الأميركية
مقدم الحلقة: | خالد الحروب |
ضيوف الحلقة: | د. مصطفى البزركان: محلل مختص في شؤون العراق د. عبد الحسين شعبان: كاتب ومتخصص في الشؤون العراقية |
تاريخ الحلقة: | 28/10/2002 |
– الأهداف الحقيقية من وراء الحرب الأميركية ضد العراق
– انعكاسات أحداث سبتمبر على الملف العراقي
– أثر العقوبات على الشعب العراقي
– دور العامل الإسرائيلي في صياغة السياسة الأميركية ضد العراق
– موقف الدول العربية والإسلامية من الأزمة العراقية
– التعويضات والنهب الدولي لثروات العراق
خالد الحروب: أعزائي المشاهدين، أهلاً وسهلاً بكم إلى هذه الحلقة من برنامج (الكتاب).
جليس هذا اليوم كتاب صدر قبل أيام قليلة يسطر ما يمكن اعتباره فضيحة إنسانية استمرت لأكثر من عقد من السنين ومازالت قيد الاستمرار، ضحاياها مئات الألوف من العراقيين الذين دُمر بلدهم ونهبت ثرواته ويتم التوعد بضربه عسكرياً مرة ثانية.
عنوان الكتاب "استهداف العراق.. العقوبات والقصف في السياسة الأميركية" للكاتب البريطاني الجريء (جيف سايمونز) الذي يطوف بنا في فصول المأساة العراقية الناتجة عن غزو واحتلال الكويت وما تلاه من عقوبات، ويبدأ بانعكاسات أحداث الحادي عشر من سبتمبر على الملف العراقي، ثم يتوقف عند أثر العقوبات التي يعتبرها جريمة إبادة إنسانية بحق العراقيين أودت بحياة ما لا يقل عن مليون و600 ألف بريء بحسب ما يذكر، يعالج أيضاً قرارات مجلس الأمن الصادرة ضد العراق والأهداف من ورائها ويعرج على العامل الإسرائيلي في السياسة الأميركية ضد العراق.
ويتوقف بمرارة عندما يعتبره مواقف عربية وإسلامية خاذلة للعراقيين، ثم يقدم فصلاً موثقاً عما يسميه عملية النهب الدولي لثروات العراق عن طريق لجنة التعويضات التي من خلالها تقدمت أكثر من مائة دولة بمطالب تتعلق بخسائر حلت بهذه الدول أو مصالحها جراء غزو الكويت، وتتجاوز هذه المطالب الـ 300 مليار دولار، ويحتاج العراق إلى أكثر من قرن لسدادها.
نستضيف اليوم لمطالعة هذا الكتاب الدكتور عبد الحسين شعبان (الحقوقي والكاتب المقيم في بريطانيا) والدكتور مصطفى البرزكان (الكاتب والباحث في الشؤون العراقية) فأهلاً وسهلاً بهما أهلاً وسهلاً.
مصطفى البرزكان: أهلاً وسهلاً.
خالد الحروب: لكن قبل أن نبدأ المناقشة مع ضيوفنا الكرام هنا نستمع إلى ما يقوله المؤلف جيف سايمونز نفسه عن الأطروحات الرئيسية في كتابه وذلك في سياق الحوار التالي.
جيف سايمونز (مؤلف الكتاب): أعتقد المصلحة في استهداف العراق تكمن في النفط والغرب يريد السيطرة على نفط الشرق الأوسط والعراق يقع في قلب هذا الأمر، كما أعتقد بوجود مصلحة استراتيجية من خلال وجود عسكري دائم في تلك المنطقة وأعتقد أن هذا يمثل جزءً من الأجندة الخفية.
خالد الحروب: إحدى الطروحات التي تبرر الحرب ضد العراق –كما يقول الأميركان- هي انتهاكات حقوق الإنسان في العراق، كيف تنظر إلى هذا التبرير؟
جيف سايمونز: أنا لن أجادل في السجل العراقي المريع في مجال حقوق الإنسان، ولكن كل دول المنطقة عندها نفس السجل المريع في مجال حقوق الإنسان، وكذلك كمبوديا وبورما وكولومبيا، ولكنك لا تستطيع إعلان الحرب على أساس هذه القاعدة غير الواضحة، لأن الدول جميعاً عندها سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان، وفي الكتاب أشرت إلى أن الولايات المتحدة نفسها عندها سجل فظيع في انتهاك حقوق الإنسان، فنظامها القضائي مريع والإعدام يطبق على ذوي الجرائم الصغيرة، والفشل في تمثيل المتهمين بشكل مناسب في المحاكم، وهناك مجالات كثيرة تنتهك فيها الولايات المتحدة حقوق الإنسان ويمكن أن يكتب كتاب ضخم حول هذه الفكرة، فأميركا تنتهك اتفاقية حقوق الطفل، وهناك انتهاكات لحقوق الإنسان في العالم كله، وبريطانيا تتهم أيضاً بذلك بسبب معاملتها للأطفال والعنصرية، والتقرير الذي صدر مؤخراً عن الأمم المتحدة يُدين السياسة البريطانية تجاه الأطفال ويقول بأنها فشلت في الاستجابة إلى متطلبات معاهدة حقوق الطفل التي صادقت عليها الحكومة البريطانية.
خالد الحروب: تتحدث في الكتاب عن الإبادة التي يتعرض لها الشعب العراقي ويتهمك البعض بأنك تبالغ في استخدام هذا المصطلح، ما الذي يحدث بالضبط في العراق؟
جيف سايمونز: بكل تأكيد فإن الشعب العراقي تعرض ولازال يتعرض لحملة إبادة، ومصادر الأمم المتحدة تؤكد الأرقام التي يتم تداولها الآن مثل موت الآلاف كل شهر، فخلال فترة التسعينيات فقط مات نحو مليون إنسان عراقي بسبب العقوبات، ولذلك فإن تعبير الإبادة أصبح أكثر استخداماً، فشخص مثل (دينيس هاليداي) المنسق السابق عن برنامج الإعانة الإنسانية التابع للأمم المتحدة يستخدم تعبير الإبادة، وعلينا فقط أن نقرأ المعاهدة الدولية المناهضة للإبادة حتى نرى أنه بإمكاننا استخدام لفظة الإبادة، فهناك عقاب شامل ضد المدنيين العراقيين بسبب السياسة الغربية تجاه العراق.
خالد الحروب: هل برأيك هناك أي علاقة بين تحسن علاقات العراق مع الدول العربية وتسريع السياسة الأميركية إزاء ضرب العراق؟
جيف سايمونز: أعتقد أن أميركا أصبحت قلقة بسبب تفكك نظام العقوبات على العراق خلال الأعوام الأخيرة، وأعتقد أن النظام العراقي قام بجهد كبير لتحسين علاقاته مع بقية العالم العربي، الذين كانوا يعارضون العقوبات المفروضة على نظام بغداد، بل إن هناك بعض الأصوات داخل الكويت لا تشجع قيام حرب جديدة ضد العراق، ولهذا فإن العالم العربي كله أصبح الآن متحداً ضد أي اعتداء أميركي جديد على بغداد، ولهذا فإن فكرة استمرار العقوبات كنظام فعال لضبط العراق وإبقائه ضعيفاً أصبحت صعبة جداً بالنسبة للولايات المتحدة، وأعتقد أيضاً أن هناك أسباباً شخصية فبوش يريد القيام بعمل مهم ويريد تجريب أسلحة جديدة، ويريد تبرير النفقات العسكرية ويريد حقن الأموال للصناعات العسكرية ذات العلاقة الجيدة معه، وهناك أيضاً مستقبل الشركات الأميركية النفطية التي تنتظر قطف الثمار من وراء أي غزو محتمل على العراق.
هناك أسباب كثيرة، هناك جيل كامل من الأسلحة يريدون تجريبه على البشر، والأمر كله إبادة تثير الحنق من دون شك.
خالد الحروب: تخصص الفصل السادس في الكتاب عن العامل الإسرائيلي في السياسة الأميركية إزاء العراق، إلى أي مدى دور هذا العامل وما هي أهميته الحقيقية؟
جيف سايمونز: أعتقد أنه عامل مهم للغاية، وأعتقد أنه يناسب السياسة الأميركية في الشرق الأوسط أن يكون لديها رأس حربة في المنطقة، إسرائيل في الواقع هي امتداد للولايات المتحدة، فهي مدعومة من قِبَلها، ومسلحة من قِبَلها، وهي كذلك غير مقيدة بالقانون الدولي بأي شكل من الأشكال، وقد جمعت كل القرارات التي اتخذها مجلس الأمن بشأن إسرائيل وهي في حدود 170 إلى 180 قراراً، وإسرائيل تنتهك 80 قراراً من قرارات مجلس الأمن، أحدها مثير وصدر ضدها عندما قصفت مفاعل تموز في العراق وذلك عام 81، حيث أصدر مجلس الأمن القرار رقم 487 والذي أدان فيه العملية، لأن العراق كان حينئذٍ حليفاً للولايات المتحدة، وقد أمر القرار إسرائيل بأن تدفع تعويضات للعراق وهي بالطبع لم تدفع شيئاً حتى الآن.
خالد الحروب: "التعويض أم السرقة؟" هو عنوان الفصل الأخير في الكتاب الذي تتحدث فيه عن لجنة التعويضات التي تعوض المتضررين من غزو العراق إلى الكويت، مَنْ يسرق مَنْ وكيف؟
جيف سايمونز: جزء من مستلزمات قرار مجلس الأمن 986 ينص على أن قسماً من واردات النفط العراقي يجب أن تذهب لتعويض الناس الذين يعتقد أنهم عانوا بسبب الغزو العراقي للكويت، والدعاية الغربية بشأن هذا القرار تقول: بأن الهدف من ورائه هو توفير الموارد المالية لشراء مساعدات إنسانية للشعب العراقي والتي يجب أن تُشترى طبعاً من خلال عقود تقدم إلى لجنة العقوبات، وهي عقود عادة ما يتم وقفها من قِبَل الولايات المتحدة وبريطانيا، وبغض النظر عن ذلك فإن العنصر الآخر، أي عنصر التعويض يقول: إن الموارد التي يتم الحصول عليها تذهب إلى مقاولين مقربين من الولايات المتحدة، قدموا مطالبات تقول: بأنهم تعرضوا لخسائر اقتصادية بسبب غزو العراق للكويت، وهذا يعني أن عشرات المليارات بل ربما مئات المليارات من الدولارات، تم تحويلها من واردات النفط العراقي إلى شركات كويتية، وشركات أميركية، وإلى دول أخرى صديقة للولايات المتحدة.
هناك ما يقارب من مائة دولة قدمت مطالبات، وهناك أكثر من مليون طلب للتعويض من عوائد النفط العراقي، وهم يقولون أنه إذا استمر الوضع الحالي فإن العراق سوف يظل يدفع تعويضات لدول وأفراد وشركات لأكثر من قرن وهذا وضع سخيف، أي أن هناك أجيالاً من العراقيين لم تولد بعد سوف تدفع أموالاً تحت ما يسمى تعويضات لشركات أميركية وشركات كويتية وشركات سعودية، بل هناك شركات أزهار وفنادق إسرائيلية تقدمت بطلبات للتعويض لأنها ادعت أن أعمالها تضررت بسبب غزو العراق للكويت، وقد حصلت على ذلك، باختصار: لقد تمت المطالبة بكل شيء للحصول على جزء من عوائد النفط العراقي وذلك بسبب قرار مجلس الأمن 986.
الأهداف الحقيقية من وراء الحرب الأميركية ضد العراق
خالد الحروب: دكتور عبد الحسين شعبان، في المقدمة جيف سايمونز بيتحدث عن ما يسميه الأركان الثلاثة للسياسة الأميركية إزاء العراق بحسب تصريح لـ(توماس بيكرنج) مساعد وزير الخارجية الأميركي سنة 99 في عهد (كلينتون) ويقول إنه الأركان الثلاثة هذه اللي هي الاحتواء والمساعدة الإنسانية وتغيير النظام، الآن تغيير النظام اللي الآن الجميع يتحدث عنه إذن سياسة ما قبل بوش وهي سياسة أميركية وليست سياسة خاصة بالجمهوريين، هل سقطت الأركان الأخرى، هل سقطت كل السياسات الأخرى تجاه العراق وأصبحت –يعني مثل ما يقول في المقدمة- الهدف الأساسي هو تغيير النظام بأي ثمن من الأثمان؟
د. عبد الحسين شعبان: في واقع الأمر أن هناك بعض الالتباسات في تقديم أولويات وسياسات الولايات المتحدة إزاء العراق، في البداية كان الحديث عن ما سمي بالاحتواء المزدوج العراق وإيران، ثم جرى الحديث عن الاحتواء زائد التغيير أو الإطاحة، ثم جرى الحديث عن القصف والهجوم العسكري باتجاه التغيير بحجة وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وأعتقد أن العنصر الرئيسي الذي استمر منذ العام 90 حتى هذه اللحظة والذي مازال مستمراً يرتكز على ركنين أساسيين:
الركن الأول استمرار العقوبات الدولية، والحصار الدولي الجائر المفروض على العراق منذ 12 عام ونيف، والذي أخذ يطحن عظام العراقيين دون رحمة ودون إنسانية، وفيها تحدٍ صارخ لمنظومة حقوق الإنسان ليس فقط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وإنما الحقوق السياسية والمدنية، هذا أولاً والشيء الثاني تضمين إسرائيل واعتبار العامل الإسرائيلي –وهو ما يركز عليه الكتاب أيضاً- ورقة من الأوراق التي تلعب بها الولايات المتحدة إضافة إلى النفط، العنصر الرئيسي في الاستراتيجية الأميركية للهيمنة ليس فقط على العراق وإنما على عموم بلدان المنطقة، يجب الحديث هذه الأيام أيضاً عن التغيير، ولكن عبر أطروحات عامة، هناك أسئلة كثيرة تثار بوجه السياسة الأميركية الهادفة نحو التغيير، ما هو الموقف من نظام العقوبات الدولية؟ هل سترفع العقوبات الدولية؟ هل ستُلغى التعويضات وهي مثل ما يشير الكتاب إلى أن هذه التعويضات قد تستمر قرن كامل من الزمان؟
وبأرقام فلكية وإذا ما أخذنا التضخم والتراكم، ستؤدي إلى المزيد من الأذى بالمجتمع العراقي وتحطيم وتفكيك نسيجه الاجتماعي، الفقرة الأخرى التي..
خالد الحروب: طيب اتفضل.
د. عبد الحسين شعبان: بودي أن أضيفها أيضاً إلى أن لا.. لا أجوبة لأسئلة كثيرة ما هو الموقف من النظام الديمقراطي المنشود في العراق؟
خالد الحروب[مقاطعاً]: أيضاً هذا سوف نأتيه..
د. عبد الحسين شعبان: ما هو الموقف من الفيدرالية الكردية..
خالد الحروب: سوف نأتيه دكتور ببحثه و..
د. عبد الحسين شعبان: على سبيل المثال؟ وهذه كلها أسئلة بحاجة إلى مناقشة معمقة..
خالد الحروب: هو في.. في المقدمة يذكر يعني إنه أحد الأسباب الأساسية –دكتور مصطفى- إنه القول بأنه الوضع في العراق طبعاً وضع مثلاً وضع ديكتاتوري والأمور في العراق إزاء حقوق الإنسان مأساوية والإدارة الأميركية التي تريد أن تعزز حقوق الإنسان في العراق وفي غير مكان في العالم، تريد أن تجلب هذه النعمة إلى العراق، يقول الكاتب يعني أيضاً باستهزاء إنه الوضع في العراق ليس أسوأ من بقية البلدان العربية، حتى ويحدد يعني البلدان الخليجية مثلاً وسوريا، إلى أي مدى عراقياً هذا الكلام مثلاً ممكن يكون مفهوم، يعني هذا الكلام من كاتب غربي عن بُعد يكتب من مسافة، لكن مثلاً العراقيين المطحونين من الحرب من جهة ومن الأوضاع السياسية الداخلية من جهة ثانية إلى أي مدى يعني يقبلون بأنه أوضاع جيرانهم العرب أيضاً سيئة وهذا يبرر استمرار الوضع القائم مثلاً؟
د. مصطفى البرزكان: طبعاً أنا أتفق معاك إنه أنت وصفت الكاتب بالكاتب الجريء، لأنه ما تطرق إليه.. والوثائق اللي أظهرها وأسلوب كتابة الكتاب فعلاً استخدم أسلوب الجرأة في طرح هكذا موضوع.
نعود إلى مسألة العقوبات اللي هي جزء من الحرب المشنة على الشعب العراقي منذ 12 عام، يعني أنا أتفاجأ الآن أنه الإدارة الأميركية تطلق أنه سنخوض الحرب ضد العراق.
الإدارة الأميركية الآن ستخوض الحرب ضد النظام العراقي، أما الحرب فهي معلنة منذ 15 يناير عام 91 ولا تزال مستمرة، الضحية هو الشعب العراقي بكل طوائفه وبكل طبقاته الاجتماعية بكل أجناسه، نعود أنه مدى تقبل العراقيين بعد 12 عاماً من العقوبات.. طبعاً العقوبات كانت مدروسة خطتها وأهدافها مدروسة سلفاً، أنا أختلف مع الرأي أنه هناك ارتباك باختلاف أو تغيير أهداف الحملة ضد العراق، الحملة ضد العراق اللي أخذها الكتاب وسماها (Targeting Iraq) أو استهداف العراق، الأهداف موضوعة سلفاً ولكن هناك أهداف معلنة وأهداف كامنة تُعلن في مراحل لاحقة، يعني مسألة احتلال العراق والاستحواذ على نفط العراق هذه مسألة مطروحة من عام 90، يذكرها الكاتب في أحد فصوله، ولكن لم تذكر إلا في أسابيع الأخيرة، إذن هناك حرب إعلامية ضد الشعب العراقي ومن خلال هذه الحرب الإعلامية نشوف تصاعد أمور وأهداف تظهر هي أهداف الحملة وهناك أهداف تتراجع، ولكن بالأساس أهداف الحملة موجودة.
خالد الحروب: طيب، إحنا يعني مازلنا في هذه النقطة دكتور عبد الحسين، وأنت أيضاً حقوقي ومهتم بحقوق الإنسان ورأست المنظمة العربية هنا في بريطانيا لحقوق الإنسان، يعني هذه إشكالية كبرى ليس فقط تواجه العراق، تواجه أيضاً معظم المجتمعات العربية، أن الدول الغربية في الخارج تستخدم هذا الذريعة، إن حقوق الإنسان منتهكة في هذا البلد أو ذاك ويجب تغييرها وبالتالي يضغط على هذا النظام، بينما نظام آخر.. حقوق الإنسان منتهكة بنفس الدرجة إن لم يكن أكثر يتم التغاضي عنه، أين نضع الحد الفاصل بين قبول الادعاءات الغربية بأن حقوق الإنسان فعلاً مُنتهكة -وهي فعلاً منتهكة- وبين إن استخدامها ذريعة سياسية، وإسقاط هذا الوضع على الوضع في العراق الآن؟
د. عبد الحسين شعبان: نعم، في واقع الأمر أنا أعود إلى الأولويات التي وضعتها الولايات المتحدة منذ بداية التسعينات، فأقول أن لم يكن ضمن هذه الأولويات موضوع حماية حقوق الإنسان في العراق، وهي منتهكة –كما أشرت وكما يشير الكتاب أيضاً- بدليل أن الولايات المتحدة أصرت على تطبيق العراق للقرارات الدولية وبالأخص القرار 687 الذي هو.. كما هو معروف أبو القرارات وهو أطول وأغرب قرار في تاريخ الأمم المتحدة يتألف من 3900 كلمة و34 مادة وهي لا تكبل فقط العراق بوضعه الحالي وإنما تكبل مستقبل العراق..
خالد الحروب: المستقبل أي نعم.
د. عبد الحسين شعبان: وترتهن سيادته وموارده لآجال طويلة، فضلاً عن ذلك تفرض عليه نمطاً من أنماط القسوة والتشريع الدولي لم يعرفها المجتمع الدولي من قبل، بالشكل التي مورست به على العراق.
هناك كثير من البلدان تعرضت لحصار.. لنظام عقوبات، نظام روديسيا على سبيل المثال، نظام جنوب إفريقيا، ولكن ما مورس ضد العراق من عملية عقوبات دولية كانت عمليات شاملة بالكامل، ابتدأت من قلم الرصاص ومن حبة الدواء ومن لقمة الغذاء إلى آخر قضية يمكن استخدامها باستخدامات متناقضة.
خالد الحروب[مقاطعاً]: إذن هذه القصة كل هذه الذريعة ذريعة حقوق الإنسان وإحلال وضع ديمقراطي في العراق، وهذا الاكتشاف المفاجئ للأوضاع الداخلية في العراق يعني هذه مجرد يعني بروباجندا ويعني مادة دعائية يعني..
د. عبد الحسين شعبان: دعني أقول أيضاً أن الولايات المتحدة عندما تصر على تطبيق هذا القرار تصر على تطبيق قرار آخر هو 715 الخاص بنزع أسلحة الدمار الشامل وتصر أيضاً على تطبيق قرار سبق أن أيضاً للأمم المتحدة أن استصدرته وهو شكل جديد من أشكال التشريع الدولي رسم الحدود بين بلدين وهو القرار 833 الخاص بترسيم الحدود العراقية – الكويتية، لكنها تتغاضى أو تغص النظر طيلة 12 عام عن قرار دولي صدر عن مجلس الأمن هو القرار 688، هذا القرار أطلقتُ عليه في البداية القرار اليتيم، لأنه القرار الوحيد من بين دزينة من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن كلها صادرة ضمن الفصل السابع إلا هذا القرار لم يصدر ضمن الفصل السابع، ثم أطلقت عليه مصطلح القرار التائه، لا أحد يسأل عنه لا الولايات المتحدة التي أصرت.. لا الأمم المتحدة التي استصدرت هذا القرار من مجلس الأمن، ولا الولايات المتحدة التي تصر على العراق لتطبيق.
خالد الحروب: طيب، القرار يتيم وتائه..
د. عبد الحسين شعبان: جميع القرارات الدولية.
خالد الحروب: لأنه يتحدث عن..
د. عبد الحسين شعبان: ولا الحكومة العراقية التي وافقت على جميع القرارات الدولية المجحفة والمذلة قد وافقت على هذا القرار باتجاه إجراء انفراج وتغيير في الوضع الداخلي، ولا حتى بعض أطراف المعارضة العراقية تتحدث عن هذا القرار، لأن هذا القرار يتحدث عن كفالة احترام حقوق الإنسان عبر حوار واسع، لضمان كفالة واحترام حقوق الإنسان.
خالد الحروب: إذن يعني.. يعني هذه يعني في نهاية الموضوع إنه أهداف الحرب..
د. عبد الحسين شعبان: أقول أن..
خالد الحروب: أهداف الحرب -يعني إذا سمحت لي- إنه أهداف الحرب فيه عندك نزع السلاح، فيه.. فيه النفط، فيه.. فيه أشياء يجب هي التي تقود البوصلة الأميركية والغربية، الآن ما يُعبأ من هنا إلى البوصلة أمام ما يملأ الفراغات من.. من دعاية وإعلام حول حقوق الإنسان والديمقراطية ليس إلا مجرد مادة استهلاكية كما يقول يعني على الأقل المؤلف وكما طبعاً ما نتفق جميعاً.
الآن الدكتور مصطفى، في الفصل الذي يلي الذي يتحدث عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وكيف سرَّعت من الملف العراقي، فجأة تسارع بشكل مذهل يعني المسار على.. لإنهاء الملف العراقي كأنه استثمار بالغ الفجاجة وبالغ الوضوح لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، انتهت الآن، ليس هناك حديث عن طالبان أو بن لادن، الحديث كله عن العراق وصدام حسين، يعني ما الذي.. ما الذي حدث، كيف حصلت هذه الانعطافة الفجائية الرهيبة يعني؟
انعكاسات أحداث سبتمبر على الملف العراقي
د. مصطفى البرزكان: برأيي أنه مسالة العراق و تسريع التركيز على قضية العراق لم تكن هي مجرد 11 سبتمبر، لكن نعود الكتاب إذن يذكر في الفصل الثالث هناك رسالة أو في الفصل الثاني هناك رسالة من وزير الدفاع الأميركي حالياً، ومساعده ومساعد وزير الدفاع.. وزير الخارجية الأميركي، وجملة من الأشخاص في الإدارة الأميركية وجهوها إلى (كلينتون) عام 98.. يناير 98 يطالبون بالجدية نحو الملف العراقي.
هناك نقطة أخرى في.. في سبتمبر قبل أحداث 11 سبتمبر هناك أيضاً ملف صدر بالتركيز على القضية العراقية، بمعنى أنه القضية العراقية كانت هي جزء من الأمور المهمة للإدارة الأميركية، ولكن استغلت القضية العراقية بعد فشل الحملة الأميركية تجاه طالبان، وإسقاط القاعدة بمعنى أن هناك عدو وهمي، لم تتمكن الإدارة الأميركية من إحراز نصر حقيقي واضح تجاه هذا العدو، فلابد من إحلال عدو آخر ممكن نحقق أهداف استراتيجية تجاه هذه الحملة، وممكن أيضاً نخلق رأي عام ونقنع الرأي العام الأميركي ولا نزال نؤمن أنه قضية العراق أيضاً هي قضية.. إحدى القضايا الانتخابية، يعني الآن الكونجرس الأميركي هناك انتخابات نصفية، فلابد أنه تفوير وتحريك قضية العراق لتحقيق مكاسب انتخابية، لحزب الرئيس الأميركي بوش على حساب المعارضة.
خالد الحروب: هذا طبعاً يعني.. يعني همَّ الديمقراطيين يتهمون (ريجان) والجمهوريين بأنهم يحاولون إزاحة الاهتمام الشعبي إلى قضايا خارجية، بينما القضايا الداخلية هي التي يخسر بها الجمهوريون، فأيضاً هذا يعني مناورات انتخابية داخلية، لكن الرسالة اللي.. اللي أشرت إلها، وهو أيضاً ذكرها المؤلف هنا، يعني من المفيد إنه نتوقف عندها دقيقة، وهي موجهة من.. من ساسة وكبار إلى إدارة كلينتون بـ 98، بتدفعه.. تطالب بالقيام بحملة عسكرية ضد العراق وتغيير النظام مباشرة، ومن الموقعين عليها 10 على الأقل ذكرهم الكاتب (رامسفيلد) منهم لما كان يعني.. لم يكن وزير دفاع آنذاك، (بول وولفويتس) اللي هو الآن نائب وزير الدفاع، منهم 10.. الـ 10 هؤلاء الآن في إدارة بوش، فالذين قدموا رسالة إلى كلينتون يطالبون بتغيير النظام هم الآن صناع القرار، فالآن يعني آلت إليهم الأمور، حتى يعني ينفذوا ما كانوا يطالبون به.
لكن ما زال الأمر –دكتور عبد الحسين- في إطار الحادي عشر من سبتمبر، كيف.. كيف انعكست.. كيف انعكست هذه الأحداث على الملف العراقي؟ وهل كان بالإمكانية تفادي هذه الضربة لولا الحادي عشر من سبتمبر برأيك؟
د. عبد الحسين شعبان: أعتقد أن الموضوع العراقي ظل على طاولة البحث، وقيد التنفيذ طيلة الاثني عشر عاماً الماضية وأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر فقط سرَّعت أو صعَّدت من احتمالات الهجوم العسكري والعدوان على العراق إلى مدايات وحدود كبير.
أتذكر أن الإدارة الأميركية أصدرت تقريراً موسعاً حول الإرهاب الدولي، وصدر هذا التقرير في نيسان/ أبريل 2001، أي قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بخمسة أشهر، وذكرت فيه 37 حركة وتياراً إضافة إلى عدد من البلدان التي تطالها قائمة مكافحة الإرهاب، ومن.. وعلى رأس هذه القائمة كان العراق يتصدر البلدان التي تشجِّع وتنظم وتقوم بعمليات إرهابية، فضلاً عن ذلك كان بن لادن وتنظيم القاعدة وحكومة طالبان من الجهات الرئيسية التي وضُعت في هذا التقرير.
بعد الحادي عشر من سبتمبر وضع الملف العراقي ضمن دائرة محور الشر، ومحور الشر شمل ليس فقط بلدان عربية، وإن كان ابتدأ في بلدان عربية، فبعد العراق إيران، وبعد إيران كوريا، وشملت فيما بعد..
خالد الحروب: كوريا الشمالية.
د. عبد الحسين شعبان: كوريا الشمالية، وشملت فيما بعد سوريا ويتبعها لبنان وحزب الله وحماس والجهاد والشعبية.. والشعبية القيادة العامة.
خالد الحروب: يعني على كل حال، إذا سمحت لي بس في مداخلة قصيرة يعني، بعض الآراء الأميركية الناقدة بتقول حتى أن إضافة كوريا الشمالية إلى هذا المحور.. محور الشر كانت إضافة تجميلية، فقط حتى لا يقال إنه كل محور الشر متكون من دول عربية وإسلامية.
د. عبد الحسين شعبان: وإسلامية، نعم.
خالد الحروب: أو منظمات عربية وإسلامية، وأنها إضافة لا معنى لها يعني.
د. عبد الحسين شعبان: نعم، فلهذا أقول أن 11 سبتمبر أعادت بناء الاستراتيجية الأميركية على نحو جديد، وهناك مرحلة جديدة بدأت بالحرب على أفغانستان، أولاً أن استراتيجية الأميركية ونظرية الأمن العسكري الأميركي اهتزت بعد 11 سبتمبر.
2: أن ما سمعناه وما قرأناه وما تابعناه عن أنه من الصعوبة، بل من الاستحالة بمكان اختراق نظرية الأمن الاستراتيجي الأميركي انهار ببضعة سكاكين وبأمواس حلاقة جرى اختراق الأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة وفي عقر دارها. وبالمناسبة الرئيس الأميركي بوش الثاني قال أن الولايات المتحدة لم تشهد حرباً على أراضيها وفي عمق الأراضي الأميركية منذ 140 عام تقريباً بعد أحداث..
خالد الحروب: طيب إذا سمحت دكتور عبد الحسين، في..
د. عبد الحسين شعبان: إذا ما استثنينا (بيرل هاربر).
أثر العقوبات على الشعب العراقي
خالد الحروب: آي نعم. في الفصل الذي يليه –دكتور مصطفى- تحدث سايمونز عن العقوبات.. أثر العقوبات على مدار الـ 11 سنة أو تزيد على الشعب العراقي وعلى المجتمع العراقي، ويذكر يعني أرقام وتفصيلات مذهلة، وحتى عنوان الفصل إنه يعني.. يعني ترجمته مليون وستمائة ألف من الضحايا أو القتلى والعد مازال جارياً، يعني بهذه الطريقة، أسألك بعض القراءات الغربية، طبعاً الأميركية والبريطانية تحديداً تقول أنه هذه الأرقام أرقام غير حقيقية وأرقام مبالغ فيها ومصادرها.. مصدرها النظام في العراق، ولذلك ما عندها مصداقية، ما هي الحقيقة؟
د. مصطفى البرزكان: الكاتب طبعاً أدرك هذه النقطة اللي أنت أثرتها، ولذلك يذكر في نفس هذا الفصل يذكر الأرقام الموثقة دولياً، وفي نفس الوقت يذكر الأرقام التي حصل عليها من مصادر تابعة للحكومة العراقية، ولو نرى أنه حتى المقارنة، ولو نأخذ الأرقام اللي مسندوة دولياً، أرقام خيالية، أرقام يعني عالية جداً، بحيث فعلاً يطلق.. ممكن يطلق عليها إبادة للشعب العراقي، يعني في سبيل أنه أقرب للقارئ أو المشاهد الرقم، الرقم المتفق عليه أنه هناك 6 آلاف طفل عراقي وشخص عراقي يموت بسبب العقوبات شهرياً، بمعنى لو تقرب الرقم 20 طائرة جامبو تسقط، ركابها من العراقيين، طيب..
خالد الحروب: أو.. أو بمعنى آخر حتى أساعدك إنه ضعف عدد الذين قتلوا في انفجارات نيويورك في اللي.. كل هذه الزوبعة.
د. مصطفى البرزكان: بالضبط.. شهرياً.. شهرياً.
د. عبد الحسين شعبان: كل شهر.
خالد الحروب: كل شهر.
د. مصطفى البرزكان: فيعني أرقام.. أرقام لابد أنه يوقف عندها صاحب القرار الغربي، الأميركي، البريطاني، والشعب العربي والحكام العرب أيضاً، وإنه..
خالد الحروب: يعني هذه الأرقام صادرة عن مين، حتى إحنا نبروزها أكثر، هذا الأرقام الـ 6 آلاف هل هي مصدر حكومي عراقي، أو هي مصدر..؟
د. مصطفى البرزكان: لا.. لأ هذا أنا ذكرت الرقم اللي هو مصدر..
خالد الحروب: الأمم المتحدة.
د. مصطفى البرزكان: منظمة الصحة الدولية، وهناك أرقام.. نترك حتى مسألة الوفاة، نأخذها إلى جانب آخر، أرقام مؤلمة، أنه كل طفل من ثمانية أطفال عراقيين ما.. ما ممكن يصل إلى 5 سنوات، ويتوفى واحد من ثمانية عراقيين، كل طفل من أربعة أطفال عراقيين يترك المدرسة بسبب الجوع وعدم القدرة على مواصلة الدراسة، وفي سبيل أن يعين عائلته، أرقام فعلاً ممكن نطلق عليها إبادة للشعب العراقي، الإبادة اللي مثل ما ذكرت إذا.. إذا تسمح لي أيضاً أذكر حادثة تاريخية، هناك سمي التقويم العراقي وزع في المؤسسات.. في بعض المؤسسات البريطانية، وأنا شفته في دائرة البريد البريطانية، التقويم العراقي على شكل روزنامة ينهي التقويم العراقي في 15 يناير 1991، واللي نيجي نشوف الأحداث بعد 11 سنة من هذا، فعلاً العراق كشعب يباد.. يباد يومياً، إن كان عدم توفر المتطلبات الصحية، المتطلبات التعليمية، الأدوية، محطات تنقية المياه، عملية إبادة مبرمجة، أهدافها واضحة جداً، وما يعلن وحتى ما يخفي، المقصود هو الشعب العراقي، ولذلك أعود وأكرر أنه الحرب الأميركية التي ستبدأ هي حرب ضد النظام فقط، وإنما الحرب الأميركية بدأت من عام 91 ضد الشعب العراقي.
خالد الحروب: طيب دكتور عبد الحسين، أيضاً في نفس هذا السياق، في الفصل الثالث بيتكلم عن إيقاف.. أو السياسة الأميركية والبريطانية المشتركة أحياناً في إيقاف الإمدادات الغذائية وإمدادات الدواء إلى العراق تحت ذريعة أن هذه الإمدادات، خاصة ما يتعلق بالدواء ممكن أن تستخدم في صناعة أسلحة كيمياوية أو إلى آخره، وبعض الأصوات تقول أنه العراق هناك يستخدم بعض هذه الأمور، وهذا هو.. هذا سبب حقيقي وليس.. وليس ذريعة، حتى أقلام الرصاص –مثل أيضاً ما أشرت- بدل المدارس يتم استخدامها استخدامات أخرى، وهناك تصريح شهير لـ(بيتر هين) اللي هو كان وزير الشؤون البرلمانية هنا في.. في بريطانيا بيقول إنه هذه مجرد أسطورة يعني خرافة للحديث عن إنه بريطانيا وأميركا تمنع إمدادات الأدوية والأغذية عن العراق، مرةً أخرى يعني بين الادِّعاء وعكس الادِّعاء أين تقع الحقيقة؟
د.عبد الحسين شعبان: في الواقع هو في الفصل الثالث يتحدث عن منع التجهيزات الأساسية، وأعتقد أن هناك شكاوى ليس فقط من جانب العراق أو من جانب شركات وجهات تجارية واقتصادية مختلفة إزاء عرقلة الولايات المتحدة وبريطانيا وضغوطهما، لتعطيل عقود مبرمة بين العراق والأمم المتحدة تسهل انسيابية وصول الغذاء والدواء والمواد التي يمكن أن تستخدم استخدامات مختلفة، وأصبح من …. يعني من الشائع الحديث عن أن المجتمع العراقي يعاني من شحة ويعاني من قحط في الكثير من الأمور، صحيح أن هناك بعض الموارد تصل، وأن هناك بعض الأغنياء يستطيعون شراء هذه المواد، لكن الفئات الواسعة من السكان –حسب إحصاءات الأمم المتحدة- أن هناك نحو 4 مليون.. 4 مليون يتعرضون للمجاعة الحقيقية، وأن هناك مجموع السكان الآن يعانون من دون خط الفقر، هم دون خط الفقر أيضاً، وأن نسبة السرطان وخصوصاً سرطان الدم وسرطان المعدة –مثلما يشير الكتاب أيضاً- بلغت بين 7:6 مرات ازدادت أو ارتفعت هذه النسبة خلال..
خالد الحروب [مقاطعاً]: عما كانت عليه قبل الحرب.
د. عبد المحسن شعبان [مستأنفاً]: عما كانت عليه قبل الحرب، يضاف إلى ذلك أن الثقافة العراقية جرى تدميرها باتجاهين، إما بهجرة العقول والأدمغة المفكرة والمثقفين بحثاً عن لقمة العيش، أو تجنباً لتأثيرات الحصار الدولي الجائر، أو بسبب سياسات الاستبداد الطويلة الأمد أيضاً من جهة، ومن جهة ثانية يجري حرمان المجتمع العراقي والمثقفين العراقيين والجامعات العراقية من أية إحصاءات وأرقام وكتب ومطبوعات..
خالد الحروب: صادرة حديثاً.
د.عبد الحسين شعبان: صادرة حديثاً، ما فيها صادرة من الأمم المتحدة، يضاف إلى ذلك أنه انتشرت في داخل المجتمع العراقي حالات لم يألفها المجتمع العراقي من قبل، فيها شيء من الدعارة مما اضطرت إجراءات حكومية شديدة القسوة إلى إنزال عقوبات بحق النساء.
خالد الحروب: نعم، بسبب طبعاً الفقر والحاجة..
د.عبد الحسين شعبان: بسبب حالة الفقر وكذا، وهناك أيضاً تمزق النسيج العراقي، ازدياد حالات السرقة، الإجرام المنظم.
خالد الحروب: يعني كل الظواهر التي ترافق أي انهيار مجتمعي يعني.
د.عبد الحسين شعبان: كل الظواهر اللي يمكن أن تتفشى في مجتمع يعاني من الحصار، يعاني من ضنك العيش.
دور العامل الإسرائيلي في صياغة السياسة الأميركية ضد العراق
خالد الحروب: طيب خلينا في.. في.. في موضوع إذا سمحت أيضاً في الفصل السادس، في غاية الأهمية حبينا نتوقف عنده شوي، اللي هو بيتحدث سماه العامل الإسرائيلي في الفصل السادس، وتحدث عن أثر هذا العامل في صياغة السياسة الأميركية إزاء العراق، وطبعاً بيتحدث الحقيقة بجرأة حتى في.. عن تاريخ تأسيس يعني إسرائيل وبجرأة نادراً ما تقرأها من كاتب غربي يقول إن الأموال اليهودية هي التي اشترت قرار الاعتراف بقيام دولة إسرائيل عبر تمويل الحملة الانتخابية لـ (هاري ترومان) في.. في الـ49 في الـ48، الآن سؤالي للدكتور مصطفى: إلى أي مدى ممكن إن موضع فعلاً هذا العامل الإسرائيلي، ما هو وزنه الحقيقي إزاء ما يحدث حالياً؟ هل تسوية العراق بكونه جزء بارز وناتئ عن السياسة العربية المهادنة -فلنقل بين قوسين- هي أيضاً تأتي في.. في هذا السياق سياق العنصر الإسرائيلي وإرضاء إسرائيل؟
د.مصطفى البرزكان: طبعاً أنا كنت مسرور إن أنا أقرأ هذا الفصل وسماه عامل إسرائيل في المنطقة، لأن هو العامل الرئيسي اللي أثر على القضية العراقية، وحتى على قضية.. قضية السلام والعلاقات الإقليمية بين الدول العربية، ما ينكر أنه العامل الإسرائيلي هو العامل الأساسي والمحور الأساسي في السياسة الأميركية، ليس تجاه العراق فقط، وإنما تجاه كافة الدول الإقليمية عربية وغير عربية، ونشاهد أنه موقف العراق تجاه إسرائيل كبلد وككيان تأسس في الـ48، بالتأكيد يلعب دور رئيسي في موقف أميركا تجاه العراق كدولة وكبلد وكشعب، ويُذكر في الفصل أيضاً أنه لماذا التغاضي عن جرائم إسرائيل الإنسانية، والمطالبة بمحاسبة النظام العراقي اللي حسب ما يذكر في الفصل أنه جرائمه أقل مما يتم على يد إسرائيل تجاه الفلسطينيين؟ ويذكر أمور كثيرة، يعني عمليات القتل، عملية التهجير، عملية هدم وتدمير القرى الفلسطينية، عملية.. عمليات إبادة واضحة جداً، وفي نفس الوقت يذكر في الفصل أنه أميركا ما تطلب من إسرائيل الالتزام بالقرارات الدولية مثل ما تشترط وحتى في القوة الالتزام.. التزام النظام العراقي في هذا، هنانا نعود إلى مسألة أنه الموازين، وهل أميركا خلف إسرائيل، أم إسرائيل خلف أميركا.
موقف الدول العربية والإسلامية من الأزمة العراقية
خالد الحروب: هو.. هو السؤال اللي.. يعني المهم إنه هناك مثلاً هناك فيه قدر كبير الآن في السياسة العربية الإقليمية، قدر كبير –بشكل أو بآخر- من الموافقة على السياسة الأميركية تجاه الملفات المختلفة، يأتي من العراق أو من أي.. تحديداً الآن من العراق، ليس هناك أي بلد آخر مثلاً ممكن أن.. أن يعمل تحالف مع.. مع روسيا أو علاقات مع فرنسا مثلاً تثير حفيظة واشنطن أو لندن، فيبدو إن الاستراتيجية الأميركية تقول: إنه يعني هذا الصداع الذي يأتي من ذلك المكان، الذي لا يسمع الكلام، الذي لا يوافق على السياسات بمختلفها، يجب الانتهاء منه، فضلاً عن.. والمشكلة أن هذا الصداع يأتي من مكان يعني فيه مصدر ثاني مصدر.. أكبر مصدر في العالم في النفط ويجب أن ينتهي ويضاف إلى ذلك مستقبلات التسلُّح الذي قد يشكل خطر على التوازن الإقليمي وبما فيه والخطر طبعاً على أمن.. على أمن إسرائيل، الآن هذا يعني عنده علاقة بموقف البلدان العربية دكتور عبد الحسين، هو بيذكر فصل هنا عن موقف البلدان العربية والإسلامية، بيذكر.. بيكتب بمرارة يعني وكأنه كاتب.. يعني مجروح من هذا الموقف وهو كاتب غربي إنه أين الموقف العربي؟ أين التضامن العربي مع.. مع مجتمع العراق الذي سمعنا توصيف منك وهو كما يذكر بالكتاب.
د.عبد الحسين شعبان: وبالعودة إلى كتابه السابق أيضاً.
خالد الحروب: "التنكيل بالعراق"
د.عبد الحسين شعبان: "التنكيل بالعراق" اللي هو من أهم الكتب التي صدرت عن تأثيرات العقوبات الاقتصادية ونظام الحصار الدولي الجائر مما يؤكد أن هذا شيء من الإبادة الجماعية، إبادة بكل ما تعني الكلمة، وهي جريمة دولية تستحق العقاب، خصوصاً الجريمة ضد الإنسانية، جريمة.. جريمة حرب أيضاً، لأنه الحرب إذا كانت الحرب قد استمرت 42 يوم الحرب العسكرية، فالحرب الاقتصادية تستمر منذ عام 90 حتى هذه اللحظة، وهناك أكثر من 50 قرار تطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والولايات المتحدة –تحديداً- العراق بتطبيقها في الوقت الذي تغض النظر عن خروقات إسرائيل للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني ولاتفاقيات جنيف، وما جرى على يد (شارون) في الأراضي العربية المحتلة في جنين، ونابلس، والخليل، ورام الله، وغزة، خير دليل على أن إسرائيل لا تحترم المجتمع الدولي ولا تحترم الأمم المتحدة، وتعلِّق القرارات 242، 338، 425 بخصوص إعادة مزارع شبعا وغيرها.
الموقف العربي إزاء الموجة الإسرائيلية أو إزاء الورقة الإسرائيلية فيه شيء كبير من التراخي..
خالد الحروب: هذا العامل إلى أين ممكن أن نفهم كما ذكر في هذا الفصل في الفصلين معاً، فصل العامل الإسرائيلي والموقف العربي، إنه ضرب العراق وإنهاء أي احتمال لبروز قوة عراقية هو عملياً ضرب أيضاً للقضية للفلسطينية، ضرب يعني من الظهر في.. في القضية الفلسطينية، إضعاف للموقف العربي، وإفساح المجال لأية صيغة تسووية يعني تكون ترضي إسرائيل، أو صيغة حتى إسرائيلية تفرض على الفلسطينيين وعلى العرب من دون أي معارض أو مقاوم لها، دكتور مصطفى.
د.مصطفى البرزكان: أنا بصراحة في هذا الفصل إذا تسمح لي بس أعود تسميته أيضاً "نحو إجماع عربي"، تسمية الفصل تسمية صحيحة جداً، وتنطبق على هذا الواقع.
أنا اللي أعتقد أنه إذا أطلقت عليها عملية تسريع التركيز على القضية العراقية كان مرده هو الإجماع العربي تجاه العراق، لو نعود إلى مؤتمر عمان في مارس 2001 من هناك بدأت عملية تقارب عربي تجاه العراق، هناك الوحدة الاقتصادية العربية، بدأت هناك اتفاقات اقتصادية ثنائية مع العراق، كسر الحصار عربياً، رحلات الطيران المدني إلى العراق، الرحلات الإنسانية، تزويد الأدوية، تزويد المعدات الطبية، المواقف السياسية العربية ضمن البرلمانات وحتى المواقف السياسية الرسمية، هذه أعطت ضوء أحمر إلى الإدارة الأميركية، أنه هكذا تقارب مع العراق موقف خطر تجاه الاستراتيجية الأميركية، ولذلك لابد من وضع حد لهذا، ونشوف إنه عملية تسريع تجاه القضية العراقية كان مردها هذه النقطة.
النقطة الأخرى اللي تفضلت فيها، أنه إذا كان هذا التقارب مع بلد تحت حصار لمدة 12 سنة ممكن أنه ينعكس هذا على التقارب مع الفلسطينيين، وهذا تجاه إسرائيل، وما ممكن أنه الإدارة الأميركية تعطي مجال لهكذا تقارب عربي عربي.
التعويضات والنهب الدولي لثروات العراق
خالد الحروب: طيب بقي معنا دقائق عديدة فقط نركز فيها فقط على السؤال اللي هو التعويضات هذه، يعني كل.. كل قصة التعويضات، اللي هي عملية فعلاً نهب مباشر يعني وفج وغير خجول، أترك الكلام للدكتور مصطفى يعني تعليقاً على الفصل الأخير اللي هو.. فصل التعويضات.
د.مصطفى البرزكان: والله تسمية الفصل تسمية موفقة جداً، "التعويضات أم السرقات"، لو نيجي ننظر أنه عملية التعويضات، التعويضات وصلت في عام 2001 إلى 320 مليار دولار، 180 مليار دولار هي من طلبات من الجانب الكويتي، أفراد وشركات، ونعود وهو يذكر عملية رياضية بسيطة، أنه مسألة لو نفترض هذا.. هذا المبلغ عليه فائدة قليلة جداً هي 3%، بمعنى إنه ها المبلغ يتضاعف فما ممكن تأديته لحين 2115 بمعنى العراق مرهونة كل ثرواته الطبيعية ومصادره المالية لعام 2115، هل هذا.. هذا يا ترى جاء عفوي؟ هل.. طبعاً بالتأكيد هذه نتائج العقوبات اللي..، يذكر نقطة.. نقطة جديرة بالانتباه أنه العقوبات من فُرضت كانت هناك نقطة أنه استمرارها إلى ما لا نهاية، لماذا؟ لأنه عملية رفع العقوبات الشرط تأدية التعويضات هيكون شرط غير.. غير ملزم ليس قانونياً، وإنما ليس هناك ما يجبر.
خالد الحروب: يعني دكتور حسين، يعني بآخر نصف دقيقة أيضاً على التعويضات أسمع رأيك حتى يعني..
د.عبد الحسين شعبان: أولاً: تسمية صحيحة جداً، تعويضات أم سرقة، حقيقة هذا ارتهان كامل ليس فقط في الحكومة العراقية الحالية، وإنما للعراق كبلد، كشعب، ككيان، لمدايات طويلة، هذا أولاً وهو عملية محق أيضاً وابتزاز وامتصاص للثروة العراقية.
خالد الحروب: باختصار.
د.عبد الحسين شعبان: أريد أن أقول قضية رئيسية أيضاً فيها نقد يعني مبسط إلى بعض ما ورد في الكتاب أيضاً.
خالد الحروب: اتفضل بسرعة.
د.عبد الحسين شعبان: إنه قضية الازدواجية والانتقائية في المعايير، يتحدث عن تخريبات في الوقت الذي لا يتحدث عن بعض الممارسات الحكومية تجاه الشعب العراقي والتي فيها خرق واضح وسافر لحقوق الإنسان المدنية والسياسية، ضعَّفها الحصار الدولي الجائر المفروض على العراق، هذه القضية وددت أن أشير إليها لأن هناك شيء أو اختلاف في لغة الترمينالوجيا، لهذا يعني في المصطلح.
خالد الحروب: شكراً.. شكراً جزيلاً، نأخذ هذه الملاحظة ضد الكتاب.
وأعزائي المشاهدين، بهذه الملاحظة لم يتبقَ لي إلا أن أشكركم أيضاً على مرافقتكم لنا جليس هذا اليوم، الذي كان كتاب "استهداف العراق.. العقوبات والقصف في السياسة الأميركية" من تأليف الكاتب البريطاني (جيف سايمونز)، وأشكر ضيوفنا الأعزاء هنا في الأستوديو الدكتور عبد الحسين شعبان (الحقوقي والكاتب المقيم في بريطانيا) والدكتور مصطفى البرزكان (الباحث المختص في الشؤون العراقية)، وعلى أمل أن نجالسكم في الأسبوع القادم مع جليس جديد، هذه تحية من فريق البرنامج، ومني خالد الحروب، ودمتم بألف خير.