أشبال الأسد.. دروس النجاحات الأفريقية
مقدم الحلقة: | خالد الحروب |
ضيوف الحلقة: | علي محسن حميد/ رئيس بعثة الجامعة العربية في لندن صلاح البندر/ مدير مؤسسة المجتمع المدني السوداني |
تاريخ الحلقة: | 19/06/2004 |
– أربعة نماذج لنجاحات أفريقية
– الخصخصة وارتفاع معدلات النمو في تنزانيا
– مقومات نجاح بتسوانا
– رواندا وموزمبيق نموذجان للمصالحة الوطنية
– الدور الإقليمي لجنوب أفريقيا
خالد الحروب: أعزائي المشاهدين أهلا وسهلا بكم، ماذا يتبادر على مخيلة الواحد منا عندما تُذكَّر القارة الأفريقية السوداء نتذكر طبعا الحروب الأهلية والفقر والكوارث والمجاعات التي لا تنتهي وتقفز إلى أذهاننا كل تلك الصورة التلفزيونية المأساوية والمثيرة للحزن والشفقة، كتاب اليوم يقدم لنا صورة أخرى عن القارة السوداء صورة فيها بعض إشراقات وفيها نجاحات اقتصادية وسياسية مكنت عددا من الدول الأفريقية من أن تقدم دروسا للآخرين في العالم الثالث خاصة لأولئك الذين يملكون الثورة والقدرة على التقدم وعندهم عوامل نهوض أكثر بكثير من عوامل النهوض الأفريقي.
عنوان الكتاب "أشبال الأسد.. دروس من قصص النجاح في أفريقيا" محررة الكتاب هي الباحثة البريطانية آنا ريد وساهم فيه عدد من المختصين في الشأن الأفريقي، يناقش الكتاب حالات لأربع دولة أفريقية هي تنزانيا وبتسوانا ورواندا وموزمبيق يجمع بين هذه البلدان أنها نجحت نسبيا في تخطي مآزق الاختناق الانسداد الديمقراطي، اليوم نتعلم من أفريقيا نتعلم الدرس الكبير وهو إمكانية صناعة مستقبل أكثر إشراقا استضيف اليوم لمناقشة الكتاب الأستاذ علي محسن حميد رئيس بعثة الجامعة العربية في لندن فأهلا وسهلا به.
علي محسن حميد: أهلا بك.
خالد الحروب: وكذلك استضيف الدكتور صلاح البندر مدير مؤسسة المجتمع المدني السوداني فأهلا وسهلا به أيضا.
صلاح البندر: أهلا وسهلا بك.
أربعة نماذج لنجاحات أفريقية
خالد الحروب: ضيوفنا الأكارم ما رأيكم في هذا الكتاب هذه النجاحات الأفريقية التي تأتي على عكس الانطباع السائد أن هذه القارة فاشلة مليئة بالفقر مليئة بالكوارث وغير ذلك؟ دكتور صلاح.
” الكتاب نجح في تقديم وجهة نظر مختلفة وصورة جديدة لأفريقيا واختار أربع دول تعد معرفة العالم بها محدودة، كما نجح في الوصول إلى الحد الأدنى المشترك بين هذه الأقطار الأربعة ” صلاح البندر |
صلاح البندر: والله أعتقد أنه الكتاب نجح في أن يقدم وجهة نظر مختلفة وأيضا اختار أربع دول معرفة الناس بها في العالم العربي دائما محدودة وتنزانيا وموزمبيق وبتسوانا ورواندا وأعتقد نجح إلى حد ما أن يوجد الحد الأدنى المشترك بين الأربعة دول ديه ولكن في نفس الوقت للأسف الشديد زيها وزي أي يعني مساهمة جايه من الغرب عندها النواقص بتاعتها أيضا ونستطيع أن نتكلم بشوية من التفصيل عن هذه المسألة ولكن النقطة الأساسية اللي يمكن لفتت نظري هو التركيز على مؤشرات النجاح الاقتصادي ومتابعة العلاقة بين هذا النجاح الاقتصادي وبين التحولات نحو الديمقراطية، إذا كانت الحالة الأولى اللي اُختيرت هي حالة تنزانيا فالتركيز كان على الخصخصة ومقدار الانتقال من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
خالد الحروب: سوف نأتي إلى هذه التفاصيل حالا ولكن بشكل عام الانطباع بشكل عام؟
صلاح البندر: ولكن بشكل عام أنا أعتقد إنه النجاح واضح من حيث أن هذه نماذج بعيدة عن الإعلام العربي وأنا سعيد بأنه البرنامج اختارها وفي نفس الوقت نماذج من دول يكاد إنه يكون الحد الأدنى اللي بيجمعها إن هي دول ضعيفة على المستويين الداخلي والخارجي.
خالد الحروب: أستاذ علي برضه نفس السؤال هيك بشكل عام ما الذي لفت انتباهك في الأطر العامة لتلك المعالجات؟
علي محسن حميد: لفت انتباهي إنه فيه اختيار لأربعة دول مرت بظروف سياسية واقتصادية مختلفة سواء في كيفية حصولها على الاستقلاصلاح البندرل أو أنها كان مُستعمَّرة من قبل أكثر من دولة أوروبية وأيضا قربها من جنوب أفريقيا وتأثير جنوب أفريقيا على المسار الديمقراطي السائد الآن رغم أنه البعض منها بدأ الانفتاح قبل أن ينتهي النظام العنصري في جنوب أفريقيا، طبعا الكتاب لا يتحدث عن نجاح كامل وأحيانا تجد تفاجأ بين صفحة وأخرى يتحدث عن نجاح ثم يتحدث عن كوابح وعوائق لكن ملاحظتي بشكل عام على الكتاب إن هذا النجاح الذي تحقق لم يكن بفعل القوة المحلية نفسها وإنما كان بفعل دفع خارجي ساعد عليه إنهاء النظام العنصري في جنوب أفريقيا ودور جنوب أفريقيا الآن وخاصة بعد ما أعلنت ما يسمى بنيباد اللي هي..
خالد الحروب: مبادرة الشراكة..
علي محسن حميد: الشراكة الأفريقية الجديدة للتنمية وإلى الحركة اللي توجدها جنوب أفريقيا والجزائر والسنغال.
صلاح البندر: ولكن أعتقد إنه لا نستطيع أن نعزل أيضا إنتاج الكتاب من مجموعة المحررين ومن المؤسسة نفسها اللي أصدرت الكتاب لأن أنا بأعتقد إنه هذا شيء أساسي ومهم كل هذه المؤسسات البحثية ومراكز الأبحاث وأوعية التفكير مثل..
خالد الحروب [مقاطعاً]: علينا أيضا نذكر للمشاهدين حتى يتابعون أنه هذا الكتاب صادر عن أحد مراكز البحث البريطانية.
صلاح البندر [متابعاً]: نعم ولكن هذه المراكز مراكز مربوطة بمصالح ومربوطة بالتزامات حزبية وعقائدية معينة هذه المجموعة لفت نظري إنها اللي أسست وأصدرت هذا الكتاب هي مجموعة جديدة هم في سنهم وفي توجهاتهم يعتبروا نوعيا على يسار حزب المحافظين وأغلبهم متخرجين في أكسفورد في خلال الخمسة ستة سنوات الماضية ولكن اللي أشرفوا على التنفيذ وعلى التحرير هي وحدة تابعة لمجموعة الإيكونوميست الاقتصادي وهي مجموعة من الأربعينيات معروف عنها إنها دائما مرتبطة بالمصالح الاقتصادية البريطانية بشكل عام ويمكن المحررين الثلاثة الأساسيين والمقدم للكتاب ينتموا كلهم إلى وحدة الاستخبارات الاقتصادية وهي وحدة مرتبطة أيضا بتوجه إذا كان سياسي..
الخصخصة وارتفاع معدلات النمو في تنزانيا
خالد الحروب: يعني في مجلة الإيكونوميست ربما يعني التوجه العام للمعالجات المختلفة هو الاقتصاد الـ(Neo) ليبرالي والتركيز على أن النجاح يتم تحديده بحسب هذه المعايير مقدار الانفتاح الاقتصادي مقدار الانخراط في التجارة العالمية مقدار اللبرلة الاقتصادية والخصخصة وسوى ذلك، إذا انتقلنا إلى الفصل الأول بدأنا فيه الذي يتحدث عن تنزانيا الذي أشرت إليه دكتور صلاح يرصد طبعا الكاتب هنا كيف أن معدلات النمو مثلا في تنزانيا على مدار عقد ونصف مثلا كيف أنها ارتفعت كيف أن التضخم انخفض وسوى ذلك ويربطه أيضا بالنقطة التي أشرت إليها اللي هي الخصخصة ما تعليقك على هذا الفصل؟
صلاح البندر: والله في تقديري أيضا هو الكتاب زي ما قلت إنه متوجه أيضا إلى دائرة معينة من المستمعين في الغرب والقراء هم الدول المانحة وهذه المؤسسة اللي أصدرت الكتاب عندها مجهود يرتبط بمجهود آخر هدفه التأثير على متخذي القرارات والسياسات المتعلقة بالعون الخارجي البريطاني والأوروبي بشكل عام في خلال السنوات القادمة فاختيارها أيضا اختيار محدد ويجب أن نضع هذه المعلومة في إطار محاولة دراستهم لتنزانيا، تنزانيا دولة استقلت تقريبا في منتصف الستينات وموجودة يعني بنفوذها الأدبي وبمحاولاتها من خلال حزبها الواحد وتواجهها الاشتراكي الأفريقي أن كانت تطرح برنامج بديل على أعتاب فجر جديد في أفريقيا ولكن من سنة يمكن منتصف التسعينات تحول الاتجاه بالضغوط المحلية والعالمية والمتغيرات اللي معروفة لكل الناس إلى تبني وجهة النظر الغربية في تطورها واستفادت إلى حد ما ولكن الملفت إلى النظر مش مجال الخصخصة لأنه إحنا تجربة الخصخصة خبرنها في العالم العربي في التجربة المصرية ودلوقتي شايفين أثارها في سوريا ويمكن في المشروع اللي ماشي في العراق تأثيرات الخصخصة وارتباطها بالتغيرات السياسية كانت دائما مشكلة أساسية لأنها هي بتخرج الدولة من نطاق الخدمات الأساسية، نعم حققت نجاحات ولكن نجاحات في أي اتجاه؟
خالد الحروب: نعم لكن هو أيضا يذكر في الكتاب مثل ما أشار الأستاذ علي حتى في الفصول الأربعة التي متعلقة بالبلدان الأربعة أنه نجاح نسبي وهم حذرين جدا في عدم التبشير بين قوسين بأي نموذج أفريقي إنه مازال في أوائله وهذه النجاحات نجاحات نسبية تقاس بالمقارنة مع فشل الدول الأخرى، تعليقك أستاذ علي هذا الفصل وإذا تمكنت من الإشارة إلى نقطة المساعدات وأنه هذا متوجه إلى الدول المانحة خاصة أنه في هذا الفصل يقول أن المساعدات ليس بالضرورة مفيدة وأحيانا تكون مضرة حتى للتنمية في البلد المعني.
” مؤلف الكتاب اتخذ موقفا سلبيا من التجربة التنزانية السابقة في عهد نيريري المعروفة بالاشتراكية، وظهر توجه الكتاب نحو ما هو سائد حاليا في العالم نحو الخصخصة ونظام الاقتصاد الحر ” علي محسن حميد |
علي محسن حميد: هو بالنسبة لتنزانيا مؤلف هذا الجزء من الكتاب اتخذ موقف سلبي من التجربة التنزانية السابقة في عهد نيريري المعروفة بالاشتراكية وإعلان أروشا المعروف ويعني إن توجه الكتاب هو التوجه السائد حاليا في العالم اللي هو الخصخصة ونظام الاقتصاد الحر فلا يذكر أي إيجابية للنظام السابق رغم أنه في ثنايا الكتاب سواء بالنسبة لتنزانيا وبالنسبة للدول الأخرى يتحدث عن مطبات كبيرة وعن فشل للخصخصة وعن استفادة فئة محدودة من الخصخصة وعن عدم فهم أيضا الطبقة السياسية الحاكمة لأهداف الخصخصة وعدم وجود إطار سياسي لها واستراتيجية لها بحيث أنها تنفع أكبر عدد من الناس، بالنسبة لتنزانيا التجربة السابقة برأي الكتاب أنها فشل كامل ونجاح تنزانيا يبدأ من الآن لكن تنزانيا بلد كغيرها من الدول الأخرى اللي يهتم بها الكتاب يعني فقيرة الموارد الآن تنهض بعون خارجي والكتاب يحذر من هذا الدعم الخارجي لأنه يخلق حالة استرخاء لدى الطبقة الحاكمة بأنها.. بحل مشاكلها على يتم على حساب الغير ولا تهتم هي بهذه المشاكل وأيضا يزيد من الفساد، الفساد هذا أيضا يحذر الكتاب من أنه حتى الدول المانحة لا تستطيع أن تتحكم فيه.
خالد الحروب: ربما هو أيضا حتى عندما قارن بتجربة نيريري السابقة الدليل في ذلك الأرقام هو يذكر أرقام ويقول كيف أن ارتفع معدل الدخل كيف كان معدل.. سواء على مستوى قومي أو على مستوى فردي كيف اختلف وتحسن هو ليس فقط انطباع على كل حال سوف ننتقل إلى بتسوانا بعد هذا الفاصل القصير، أعزائي المشاهدين نتواصل معكم بعد هذا الفاصل القصير.
[فاصل إعلاني]
مقومات نجاح بتسوانا
خالد الحروب: أعزائي المشاهدين أهلا وسهلا بكم مرة ثانية نتواصل في مناقشة كتاب أشبال الأسد دروس من تجربة النجاحات الأفريقية، دكتور صلاح إذا انتقلنا إلى فصل الذي يحدث يتحدث فيه عن بتسوانا هنا أيضا مرة أخرى يسرد كيف هذا النجاح النسبي مرة أخرى في حقبة الثمانينات وصل معدل النمو الاقتصادي إلى 11% في عقد التسعينات تراوح بين 5% و9% والشيء المثير مثلا عربيا على الأقل أن معدل دخل الفرد يذكره تسعة آلاف وخمسمائة دولار وهو بالمقارنة مع المعدلات العربية أكثر منها جميعا ماعدا الدول النفطية.
صلاح البندر: نعم هو يعني للأسف الشديد بتسوانا تقريبا هي تعتبر دول الخليج بالنسبة لأفريقيا في حجمها وفي شكلها هي مساحتها أكبر من العراق وأكبر من اليمن ولكن تعدادها أقل من اثنين مليون أقل من الكويت تقريبا، اليمن تعدادها 16 مليون والعراق 21 مليون هذه من حيث المساحة ولكن المشكلة الحقيقية أنا عايز أربط ما ذكرته قبل الوقفة عن تنزانيا وعن بتسوانا إنه المشكلة الأساسية في كل هذا الاستعراض لمصلحة مَن هذه النجاحات وهذه الاستثمارات اللي اتعملت وهذه المتغيرات الهيكلية في الاقتصاد..
خالد الحروب: لمصلحة سكان البلد في بتسوانا معدل دخل الفرد ارتفع.
صلاح بندر: أبدا بالعكس هو أنا أعتقد مؤشر خاطئ لكن تعدد السكان أقل من الكويت ولكن المساحة أكبر من العراق يعني اللي فيها 21 مليون ولكن لصالح مَن؟ الأقلية والنظام حقيقة يمكن يرتبط وفيه مؤشرات مما موجود في منطقة الخليج على إنه مبني على أساس عشائري وجهوي في نفس الوقت مناطقي، النخبة أو الصفوة الريفية مع وجود السياسيين اللي بيمثلوها في الحضر هما الاثنين في وجود الاستثمارات اللي مشت في اتجاهات معينة لخدمة هذه الصفوة أو هذه النخبة تركت في نفس الوقت آثار عميقة على المجتمع زي ما قلت إنه تأثير الخصخصة زي ما وضح في تنزانيا لأنها انتقلت من نظام إلى نظام ولكن استغراب الأوضاع من سنة 1966 الاستقلال في بتسوانا إدى الناس انطباع سلبي أو على الأقل غير حقيقي عن هذه الإيجابية اللي مذكورة في الكتاب.
خالد الحروب: طيب أستاذ علي ما رأيك في النجاح البتسواني؟
” بتسوانا هي الدولة الوحيدة تقريبا التي تعتبر دائنة لصندوق النقد الدولي وليست مستدينة، حيث يتوافر في البلاد استقرار ممتد منذ عام 1966 ” علي محسن حميد |
علي محسن حميد: أنا أرى طبعا إنه بتسوانا نجحت والذي ساعد على نجاحها أولا الاستقرار اتخاذ سياسات اقتصادية سليمة من البداية، بتسوانا استطاعت أن تحيد العامل القبلي حتى جعلت القبيلة تتبع الدولة وليس العكس ولا تؤثر القبيلة على الدولة وعلى سياساتها، استفادت من ثروتين رئيسيتين هما الماشية رغم أنها يعني مع فئة محدودة والطبقة الحاكمة أساسا عندما حددت سياسة معينة كانت مرتبطة بهذه المصالح وبهذه الثروة والماس أيضا، الماس بتسوانا المنتج الثاني بعد أستراليا واستطاعت أن توجد يعني اتفاق يعادل بينها وبين الشركة المستثمرة للماس وفيه تنمية في البلد صحيح فيه سلبيات كثيرة صحيح فيه فئات أيضا جبلية محرومة ولكن بتسوانا ليس في هذا الكتاب فقط وإنما في كتابات أخرى تعتبر من الدول النموذجية في أفريقيا هي وموريشيوس وجزر الرأس الأخضر..
خالد الحروب: مثلا عندما نقارن بعض.. عندما تكون أفضل من معظم البلدان العربية بما فيها لبنان و الأردن والمغرب والجزائر وغير ذلك طبعا شيء الملفت للانتباه والانطباع السائد في أفريقيا..
صلاح البندر: ولكن نسبة البطالة عالية جدا في بتسوانا 40%.
علي محسن حميد: يعني هي مشكلاتها الإيدز مشكلة أساسية لكن عندها مثلا احتياطي نقدي عالي عندها استقرار لم تعرف.. طبعا فيه أيضا هيمنة للحزب الحاكم وفيه تهميش للأحزاب الأخرى الصغيرة يعني هذه المشكلة الإفريقية..
خالد الحروب: هو ذكر إنه كل هذه المشكلات مرة أخرى حتى بالفصل هذا إنه نقول ليس هناك تجربة باهرة النجاح هناك نجاحات نسبية وهذا ما ربما من المهم التركيز عليها عندما نقارن مثلا بالوضع العربي أن هناك ربما تراجعات نسبية..
علي محسن حميد: لكن على خلاف الدول الأخرى مثلا في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لا وجود لهم غير مؤثرين في سياسة بتسوانا، بتسوانا..
خالد الحروب: كما قال في هذا الفصل أن بتسوانا هي الدولة شبه الوحيدة التي هي دائنة لصندوق النقد الدولي.
علي محسن حميد: أيوه لأن عندها إمكانياتها عندها استقرارها ماكنش عندها نظام مختلف والآن تبنت نظام آخر يعني فيه استمرارية من 1966 حتى الآن.
رواندا وموزمبيق نموذجان للمصالحة الوطنية
خالد الحروب: نعم إذا انتقلنا إلى الحالتين الأخرانيات رواندا وموزمبيق هنا في رواندا وموزمبيق حالة حرب أهلية تلاها استقرار سياسي وبعض مؤشرات النمو الاقتصادي بعكس حالة تنزانيا وبتسوانا حيث لم يكن هناك الحرب الأهلية حرب حاسمة، فيما يتعلق برواندا دكتور صلاح وأنت طبعا متابع وتعرف كل هذا النزاع بين أقلية التوتسي والهوتو والحرب الدامية سنة 1994 والتي أيضا حتى لمشاهدينا الكرام متابعتنا معا إنه مائة ألف شخص قُتِل في تلك الحرب سنة 1994 خلال عقد تم نوع من التسوية السياسية الداخلية والنمو الاقتصادي.
” موزمبيق ورواندا مطروحتان في الكتاب باعتبارهما نموذجا للمصالحة الوطنية ومحاولة إدراج القوى المخالفة في مسيرة الإصلاحات، ويشار إليهما في نجاح برنامج إعادة التأهيل ما بعد الحرب الأهلية ” صلاح البندر |
صلاح البندر: لكن هي تسوية ناقصة أيضا موزمبيق ورواندا مطروحين في الكتاب باعتبار إنهم نموذج للمصالحة الوطنية ولمحاولة إدراج القوى المخالفة في مسيرة الإصلاحات وفي نفس الوقت إلى نجاح برنامج إعادة التأهيل ما بعد الحرب الأهلية ويمكن في هذا قريبا للشبه للأوضاع اللي إحنا نواجهها في السودان وإلى حد ما تعكس بعض النجاحات اللي ممكن يستفيد منها الأخوة في العراق ولكن هنالك مشاكل حقيقية لأنه الأربعة اللي بيربط بين الأربعة دول ديه خيط أحمر بينهم الأربعة هو وجود حزب غالب وهذا هو نهج جديد موجود يبشر به هذا مركز الأبحاث، مركز الأبحاث اللي موجود ده بيبشر بأنه أفريقيا تحتاج إلى وصفة هذه الوصفة لابد أن يكون فيها حزب غالب مهيمن وتكون الأحزاب الأخرى غائبة..
خالد الحروب: الصبية الخلدونية.
صلاح البندر: صبية الخلدونية وفي نفس الوقت هذا الحزب الغالب..
علي محسن حميد: فيه أرث تاريخي يعني في كل دولة فيه أرث تاريخي يعني أحزاب ناضلت أو جبهات ناهضت ضد الاستعمار البرتغالي..
صلاح البندر: ولكن لا يعطيها الشرعية في إنها لأنه برضه هذا الحزب الغالب يملك من الآليات ما يهمش الأحزاب الأخرى ويقاومها..
خالد الحروب: دكتور صلاح إذا كنا موضوعيين في يعني الكتاب ينتقد سيطرة الأحزاب الحاكمة الآن هو يعرضها لكن في كل فصل من الفصول يقول مثلا ما لم يحصل انفتاح سياسي والمعارضة تحتل مواقع حقيقة وإيجابية ومتقدمة وعلنية وغير مترددة فإن هذه التجربة سوف تكون مثار تساؤل حول نجاحها.
علي محسن حميد: هذا واضح في الحديث عن موزمبيق يعني بين الجبهتين الرينامو وفريليمو ويعني كيف أن الفريليمو لا تزال تصر على تهميش رينامو باعتبار أن رينامو قامت بأعمال وحشية أثناء المقاومة وكانت مرتبطة بالنظام العنصري وطبعا بالرغم هذا ماضي لكن من أجل أن تبقى فريليمو هي المسيطرة فإنها تستخدم الماضي حتى الوقت الحاضر وترفض الائتلاف ترفض أن حتى أن تكون رينامو شريك بشكل أو بآخر في إدارة الأمور أو حتى في الإدارة المحلية، طبعا فيه حرص وفيه مصالح للمؤسسة للطبقة الحاكمة على أن تستبعد الآخر كما هو الحال في كثير من دول العالم الثالث.
خالد الحروب: لكن أنا أيضا أريد تعليق دكتور صلاح ثم تعليق الأستاذ علي على شيء عملي مثلا في رواندا هناك حرب أهلية دامية وهناك عدوات عميقة بين طائفتين في البلد خلال عقد من السنوات صارت نوع من التسوية ليست ناجحة بالمطلق ولكن نوع من التسوية المعقولة نوع من التعايش التي وازاها برنامج لتخفيض الفقر برنامج ناجح بالمعايير والأرقام التي ترد هذا الكتاب يعني هذا النجاح النسبي يعطينا درس أيضا في البلدان العربية سواء سياسيا كتسويات وتعايش بين الطوائف المختلفة أو اقتصاديا أن هناك من الممكن صياغة برنامج ينجح على هذا الأرض.
صلاح البندر: ولكن التسوية اللي حصلت في رواندا، رواندا بلد بسيط وضعيف اقتصاديا من أضعف هذه الدول اقتصاديا في الأربعة ولكن المشكلة الأساسية إنه الكنيسة بتلعب دور أكبر في رواندا من كل الدول الأخرى، الكنيسة في بتسوانا 15% مسيحيين والغالبية أصحاب معتقدات أفريقية، الكنيسة في تنزانيا 30% أو 35% والمسلمين بنفس العدد أيضا، 20% من موزمبيق مسلمين و30% مسيحيين ولكن في رواندا الميزة الأساسية إنه هنالك وجود كبير وهيمنة لدور الكنيسة يمكن ده يكون مؤشر لأن هي لعبت..
خالد الحروب: مؤشر إلى ماذا يعني؟
صلاح البندر: مؤشر في التصالح وفي لعب دور إيجابي رغم إنها هي مسؤولة عن لعب دور سلبي أيام المذابح واستفادتها في إنها هي تغير دورها من دور تحريضي إقصائي للأطراف الأخرى إلى دور توحيد لأنه..
خالد الحروب: ربما يعني ما أعرف مش متأكد إذا كان دورها تصالحي في مرحلة التسوية والتعايش الكتاب ربما يذكر الآخر..
علي محسن حميد: هي يا أستاذ خالد الكنيسة يذكر أن الكنيسة كانت طرف في المذابح ومتهمة..
صلاح البندر: لكن طرف حسي في المصالحة أيضا.
علي محسن حميد: وللأسف أن الكتاب لم يذكر أن المسلمين والمسجد في رواندا حموا كل الأطراف التي تلجأ إليهم من المذابح فالكنيسة أعتقد أن دورها مُهمَّش الآن لأنها كانت طرف في صراع أيضا كان الاستعمار البلجيكي يشجعه يعني مسألة إنه فيه عرق أفضل من عرق وعرق نبيل وعرق يعني كانت هذه إحدى أسباب المذبحة وليست هذه المذبحة الأولى يعني كانت مذبحة في الخمسينات ومذبحة في السبعينات ولكن العالم وقتها لم يهتم ربما كان المجتمع المدني في العالم كله ضعيف.
خالد الحروب: إذا حاولنا ربما نختم بمسألة موزمبيق مرة أخرى دكتور صلاح لأنه هذا قد يكون له دروس ولو جزئية في المسألة السودانية عربية مثلا إنه هناك كان صراع دامي وكان فيه جبهتان جبهة حكم وفيه معارضة ثم أصبحت التسوية تسوية روما سنة 1992 وتم التصالح بعدها دستور جديد وقامت انتخابات، الآن من الملاحظ إنه أحيانا جبهة المعارضة تكسب أصوات لأن الناس ناقمة على الحكم أكثر ما أنه هذه الجماعة عندها برنامج سياسي إلى أي مدى ممكن نستفيد من هذا الدرس في غياب البرامج السياسية وأنت تشتغل في المجتمع المدني سودانيا وعربيا؟
صلاح البندر: أنا أعتقد أنه دور المجتمع المدني متنامي في موزمبيق وهذا شيء إيجابي عكس الاتجاه الآخر، الارتباط عميق بمتغيرات الأحدث فيما بعد مؤتمر المصالحة والفرص للمجتمع المدني اللي موجود في موزمبيق أفضل وفرصته أكبر التجربة نفسها شكلها مختلف لأن هي استعمار برتغالي عكس الدول الثانية اللي هي بريطانية وفرنسية فارتباطها أيضا كان عميق بمتغيرات الأحدث في جنوب أفريقيا وأنا بأعتقد أنه هذا الوجود أو الأقوى نسبيا للمجتمع المدني أثر تأثير إيجابي، أنا أعتقد إنه تجربة موزمبيق إلى حد ما يمكن تكون لها علاقة بما يحدث في العراق والسودان ولكن هنالك خصوصية في الاختلاف، الاختلاف يجي أساسا من إنه نوعية المشاكل اللي بتواجهها موزمبيق في الوقت الحاضر تختلف نوعيا عن المشاكل اللي إحنا بنواجهها في الوطن العربي، الوطن العربي إحنا بنواجه مشاكل بتاعت انفجار سكان ضخم جدا دول المغرب العربي الثلاثة الأردن العراق اليمن مواجهة فعلا أعداد من السكان هائلة ومصر أيضا هذه مشكلة أساسية.
الدور الإقليمي لجنوب أفريقيا
خالد الحروب: نعم إذا سألنا يعني بدقيقتين أستاذ علي تختم لنا برسم مقارنة بين الدور الإقليمي الواضح والبارز لجنوب أفريقيا من ناحية الاستثمار في هذه الدول ومن ناحية التدخل السياسي من ناحية إقامة أحيانا حل النزاعات هناك دور فعال وبارز جدا لجنوب أفريقيا مقارنة مثلا بالوضع العربي الإقليمي عندنا وغياب دور مثلا الدولة الرائدة لمصر أو للسعودية أو غير ذلك.
” تلعب جنوب أفريقيا بعد أن تخلصت من النظام العنصري دورا مركزيا في القارة الأفريقية اقتصاديا وسياسيا ” علي محسن |
علي محسن حميد: أنا وأنا أقرأ في الكتاب وأتأمل في المصالح اللي حققتها جنوب أفريقيا بعد انتهاء النظام العنصري في هذه الدول أجد بأن تفكيك النظام العنصري كان لمصلحة الأقلية البيضاء أيضا أنه تفقد السلطة السياسية في جنوب أفريقيا لكنها تستثمر في كل هذا المنطقة حتى نيجيريا تشتري خطوط في نيجيريا، دور جنوب أفريقيا دور مركزي اقتصاديا ودور مركزي سياسيا، من الناحية السياسية واضح دور جنوب أفريقيا في نيباد وفي المؤتمر اللي عقد سنة 2002 وحضرته الدول الغربية حول التنمية المستدامة في أفريقيا ولا يزال دور جنوب أفريقيا مركزي حتى بالنسبة لدول أخرى مثلا لحل مشكلة الأرض في زيمبابوي.
صلاح البندر: ولكن هذا لا يذكرك أيضا بالدور المنتظر لإسرائيل أن تلعبه اقتصاديا في المنطقة العربية بعد الوصول إلى أوسلو؟
خالد الحروب: هذا موضوع آخر دكتور صلاح لكن اسمحوا لي أشكركم على هذه المداخلات وأعزائي المشاهدين شكرا لكم أيضا على متابعتكم وقد كان كتاب اليوم الذي ناقشناه هو بعنوان أشبال الأسد قصص من النجاح الأفريقي للدول الأفريقية وقد حررته الباحثة البريطانية آنا ريد وساهم فيه عدد من المختصين في الشأن الأفريقي وأشكر ضيفينا الكريمين الأستاذ علي محسن حميد رئيس بعثة الجامعة العربية في لندن والدكتور صلاح البندر مدير مؤسسة المجتمع المدني السوداني وإلى أن نلقاكم في الأسبوع المقبل مع جليس جديد هذه تحية من خالد الحروب ومن فريق البرنامج ودمتم بألف خير.