
تكوين الدولة في فلسطين
– تكوين الدولة الفلسطينية وسيطرة الاحتلال
– الاقتصاد الفلسطيني بين التبعية والاحتكار
– المعونات الدولية والأمن الإسرائيلي
خالد الحروب: مشاهدينا الكرام مرحبا بكم، عشر سنوات مرت على اتفاق أوسلو وأمل بداية قيام دولة فلسطينية بالنسبة للبعض كانت عشر سنوات عجاف وبالنسبة للبعض الآخر كانت ومازالت البداية التي لا مناص منها رغم تواضعها وتعثرها، كتاب اليوم يقيم تلك السنوات من زاوية إمكانية أو عدم إمكانية اعتبارها الطريق إلى دولة فلسطينية حقيقية، عنوان الكتاب تكوين الدولة في فلسطين وهو مجموعة أبحاث شارك في كتاباتها باحثون فلسطينيون وغير فلسطينيين وأشرف عليها وحررها وكتب أكثر من بحث فيها مشتاق حسين خان أستاذ الاقتصاد والعميد المشارك لكلية القانون والعلوم الاجتماعية في جامعة سواس في لندن، يقول الكتاب أن سبب فشل أوسلو يعود إلى بنيته الذاتية واشتراطاته غير ممكنة التحقق ففي أوسلو هناك محددات وعلاقات وأسقف وخطوط حمراء ما كان بإمكان أي سلطة أن تعمل وفقها وتصل إلى غير الفشل والتهم التي توجه إلى السلطة مثل تردي الأداء السياسي والإداري أو مركزية القيادة وسوى ذلك ليست سوى هوامش على أطراف السبب الحقيقي والجوهري المرتبط عضويا بأوسلو، هل يعفي الكتاب السلطة من أي مساهمة في ذلك الفشل وهل يتغاضى عن فسادها؟ هذا ما سنناقشه مع ضيوفنا الكرام في الأستوديو الأستاذ ماهر عثمان من صحيفة الحياة المحلل والسياسي المقيم في لندن وكذلك الأستاذ حسام زوملت الباحث في جامعة لندن فأهلا وسهلا بهما أهلا وسهلا، حسام أنت أحد المشاركين في الكتاب في أحد الأبحاث لذلك نبدأ معك ما الذي يريد أن يقوله هذا الكتاب حتى يدخل معنا المشاهد أيضا في جو مناخ هذه الأبحاث؟
تكوين الدولة الفلسطينية وسيطرة الاحتلال
حسام زوملت : الكتاب كما ذكرت في المقدمة هو يبحث عملية تكوين الدولة الفلسطينية خلال فترة أوسلو ألا وهيا منذ 1994 وحتى تحديدا العام 2000 لأنه كلنا نعرف أنه بعد العام 2000 كانت هناك الانتفاضة وكثير من المعوقات والكتاب حاول أن يقيم التجربة الفلسطينية من ناحية الحكم وإنشاء الدولة بمنظار مختلف عن النظريات السائدة والأطر التحليلية السائدة فعلى سبيل المثال جميع أو معظم الأطر السائدة من الناحية النظرية تعتمد بالأساس على الفكر الغربي، من الناحية السياسية ليبرالية الحكم والديمقراطية ومن الناحية الاقتصادية السوق الحر أو ما يسمى الكلاسيكية الاقتصادية ومن هنا تأتي النظريات، أهمها وأشهرها هي نظرية الحكم الجيد (Good Governments) ونظرية أخرى تدعمها تسمى (New Patrimonial) أو الأبوية الجديدة وكلا النظريتين تعتمد بالأساس على الأطر السابق ذكرها وبالتالي عند تقييم أداء تجربة تكوين الدولة الفلسطينية خلال هذه الفترة المقصودة دائما ما تستنتج هذه النظريات ومن يعتمد عليها في تحليله إلى أنه هناك كان إخفاقات داخلية بالأساس مما أدى إلى تراجع وتيرة تكوين الدولة وبالتالي دائما ما كانت معظم الدارسين والباحثين والمعلقين على التجربة والذين قاموا بتقييم التجربة استخلصوا بأن هناك إخفاقات داخلية، نحن نقول أن هذه النظريات غير صالحة ولا يمكن تطبيقها في حالات مثل فلسطين، لماذا؟
خالد الحروب: خلينا لماذا.. هذا مدخل جيد على الأقل حتى نفهم أنه دائما النقل للسلطة وفشل أوسلو بسبب سوء.. أو غياب الحكم الجيد عند السلطة الفلسطينية، أستاذ ماهر أيضا مرة أخرى كمدخل آخر ربما للكتاب ما رأيك بالأطروحة التي يطرحها الكتاب والتي تقول أنه يجب أن ننظر إلى فشل أوسلو من زاوية مختلفة، كيف ترى الزوايا المختلفة التي طرحها الكتاب في النظر إلى أوسلو؟
ماهر عثمان: أتفق تماما مع الأستاذ حسام كمدخل لابد من الإشارة إلى أن هذه النظريات التي تحدث عنها بالفعل لا تنطبق على حالة فلسطين لأنها حالة استثنائية، إنشاء الدولة في بلدان كثيرة حصل عندما تحررت تلك الدول من الاحتلال أو من الاستعمار فكان من الممكن تطبيق مثل هذه النظريات على تلك الحالات، أما في حالة فلسطين فعندما وُقع اتفاق أوسلو كانت إسرائيل توقع عليه وهي تقول لنفسها وتقول للعالم بالدليل هذه الأرض التي سيقوم عليها حكم ذاتي هي أرض إسرائيل الكبرى الضفة الغربية وقطاع غزة من هنا يعني السوسة موجودة في اتفاق أسلو بالفعل منذ البداية وإسرائيل.. والفلسطينيون عندما وقعوا على اتفاق أسلو كما يقول الكتاب الطرفان كانا يقامران، إسرائيل كانت تقامر على قيام كيان تابع.. كيان سياسي تابع لها خاضع لها لأنها تتحكم في أشياء كثيرة في الحدود الدولية في التجارة الداخلية وهذه أشياء حصلت فيما بعد المضاعفات والقيود الزائدة والفلسطينيون كانوا يراهنون على القبول بقدر معين من التبعية على أمل أن يتطور الكيان الناشئ لاحقا إلى دولة مستقلة إذا أمكن.
خالد الحروب: الآن هذه نقطة وصلنا فيها للنقاش جيدة، حسام إذا كان هناك تطور إنه ربما يقود الأداء في هذه المقامرة، ربما يقود الفلسطينيين إلى دولة وربما إلى كارثة أيضا هذا مسؤولين فلسطينيين قالوا هذا الكلام وكان هذه المقامرة معروفة سلفا وقيل أيضا أنه.. وهذا تغاضى عنه الكتاب أو ربما لم يذكره تماما وقيل أيضا إما إذا قاد إلى دولة أو أن يقود إلى دولة هذا محكوم بالأداء الفلسطيني؟
حسام زوملت: هذا بالضبط ما هو حاصل هو تصميم معظم من يدرس الموضوع على أن المسؤولية تماما تقع على الجانب الفلسطيني وهذا ما يرفضه تماما الكتاب.. والكتاب يعلق بالأساس معظم أسباب الفشل الأساسية إلى عوامل خارجية، نعم كان هناك مقامرة إن صح التعبير ولكن كان هناك تصادم بالنهاية السلطة الفلسطينية عندما أسست في العام 1994 كان نيتها من قبل من أسسوها أن تكون بذرة لدولة فلسطينية تمتع بسيادة ولها سياسيات اقتصادية تنموية وما وجد الكتاب وجد كثير من المؤشرات التي تدعم أن كان هناك توجه من قبل السلطة أن تكون بذرة حقيقية لدولة ذات سيادة ولكن ما حصل هو تصادم في النوايا، نية إسرائيل والتي استطاعت ونجحت في تطبيقها على الأرض هي خلق ليس فقط دولة تابعة بل دولة تابعة متفرقة بمعنى أنها.. هناك تعريفين للدولة التابعة هناك دولة تابعة متكاملة مع الدولة المسيطرة بمعنى أنه لا يوجد حدود، الدولة التابعة بتعريفها هي الدولة التي تعتمد بالأساس في حياتها وقبليها للحياة على الدولة المسيطرة وفي هذه الحالة إسرائيل، هناك دولة تابعة متكاملة مع الدولة المسيطرة وهناك دولة تابعة متفرقة ومشتته.
خالد الحروب: نسأل أستاذ ماهر تعليقك على هذه المسألة خاصة أن هناك تصريحات إسرائيلية عديدة كانت تقول إنه قيام دولة فلسطينية أيضا من صالح أمن إسرائيل بعيد المدى هم.. بعض التصريحات ربما لم يكن وجهة النظر الرسمية بشكل صارم وواضح ولكن مرة أخرى هل ترى أن الكتاب يعفي الفلسطينيين من الفساد والتردي في الأداء السياسي وكل ما نسمع عنه في الإعلام؟
" |
ماهر عثمان: الكتاب لا يعفي بل يستعرض العناوين العريضة لما يسمى أحيانا الفساد أو الحسابات الخاصة أو الاحتكارات التي سيطرت عليها السلطة أو بعض الناس في ظل السلطة الفلسطينية ولكنه لا يبتعد كثيرا دائما عن أساسيات الوضع الفلسطيني الاستثنائي وهو أن هذه السلطة نشأت في ظل احتلال، الاحتلال كان لا يزال موجودا المناطق الفلسطينية قسمت إلى ألف وباء وجيم، إسرائيل متحكمة في الحدود الدولية، إسرائيل تفرض حواجز عسكرية داخلية، تتحكم في المعابر الخارجية وفي المعابر الداخلية وتسيطر على التجارة الفلسطينية وعلى الصادرات والواردات الفلسطينية، كل هذه الأمور دفعت السلطة فعلا إلى إنشاء احتكارات بعكس النظريات الاقتصادية التي تقول بإطلاق السوق الحرة و(The Privatize) الخصخصة إلى آخره ولكن هذه كانت من ضرورات العمل وقيام السلطة الفلسطينية بشكل فعال، السلطة أيضا احتاجت إلى قاعدة سياسية قوية تساندها وكان لابد لها أن تعطي احتكارات لرأس المال الفلسطيني الوجود في الشتات حتى تجذبه وكان لابد لها أن تعطيه امتيازات خاصة أكثر من المعتاد لأن لا يرفض المجيء.
خالد الحروب: مشاهدينا الكرام نوصل معكم بعد هذا الفاصل القصير.
[فاصل إعلاني]
الاقتصاد الفلسطيني بين التبعية والاحتكار
خالد الحروب: مشاهدي الكرام مرحبا بكم نواصل معكم نقاش كتاب اليوم تكوين دولة فلسطين، حسام توقفنا عند نقطة الاحتكارات وهذه نقطة أساسية ينتقد فيها الفلسطينيون ويقال لهم أن هذه الاحتكارات رعرعة من الفساد وعملت جيوب من المحسوبيات والزبانية وغير ذلك، الآن الكتاب يدافع عن الاحتكارات التي قامت بمنح السلطة الفلسطينية لمجموعة من رجال الأعمال، تبريرك أو ما يوجد بنظرتك.
حسام زوملت: دعني أصحح الكتاب لا يدافع الكتاب يحاول فهم الصورة من زاوية أخرى، الكتاب يقول أنه النظر من هذا الموضوع من الزاوية الغربية الليبرالية بالتأكيد سنخلص إلى أنها سلبية وستؤدي إلى ضعف الأداء الاقتصادي ولكن من زاوية.. الكتاب يعتمد نظريا على أهمية الدولة في قيادة تحول اجتماعي اقتصادي قابل من خلاله إلى أن يكون هناك إمكانية دولة حقيقية وتنموية واقتصادية القابلة للحياة وبما أن هذا هو العامل المهم إذن خلص الكتاب إلى أنه بعض من الأدوات التي استخدمتها السلطة الفلسطينية حتى ولو كانت منتقدة في بعض الجوانب هي.. نهايتها هدفها النهائي هدف جيد، الاحتكارات ليس معظمها كان جيدا كما يقول الكتاب ولكن في ظل وجود سلطة غير قادرة على تأكيد للمستثمر بأن غدا لن يأتي المحتل ويعود ويعيد احتلال المكان التي تقوم عليها العمل الذي يملكه، في ظل وجود أوضاع قانونية لا تستطيع إكفال الحق لأصحاب المشاريع، واحدة من الطرق القليلة التي ممكن استخدامها هو أن تضع لهم أو تعطيهم شيء من الحافز والحوافز القليلة.
خالد الحروب [مقاطعاً]: الحوافز المغرية والمغريات.
حسام زوملت [متابعاً]: الحوافز القليلة التي كانت لدى.. في جعبة السلطة الفلسطينية أن تعطي حقوق بالاحتكاريات، إذن استطاعت بعض الاحتكاريات وخصوصا في مجال الاتصالات كبال تول.. تل أو الاتصالات الفلسطينية استطاعت بعض هذه الحقوق المميزة للمستثمرين خصوصا المستثمرين الفلسطينيين في الشتات أن تجلب الكثير من الأموال الأمر الذي فاجأ الكثير من المحللين، كل من هو يعتمد على النظرية الاقتصادية الكلاسيكية سيستثني أي إمكانية لاستثمارات في فلسطين، كيف للاستثمارات أن تأتي لمنطقة.. وبالتالي لابد من استخدام أساليب غير تقليدية.
خالد الحروب: نعم حسام هذا كان في الفصل اللي هو فصل الذي يتحدث عن الاحتكارات الفصل الخامس، أستاذ ماهر إذا سألناك عن الفصل الذي يليه يتحدث أيضا عن مسألة جمع الضرائب وسيطرت إسرائيل مرة أخرى على كل المداخيل الضرائبية للسلطة الفلسطينية وتقريبا الإفراج أو منع الإفراج يعني هذه العوائد بحسب الظروف السياسية وغير ذلك، ما رأيك في هذا الفصل وخاصة ما يبرره الكتاب من أن حجب إسرائيل لبعض الموارد كان يدفع السلطة إلى محاولة إيجاد موارد أخرى بطرق ربما خارج الميزانية؟
ماهر عثمان: نعم يعني.. المشكلة في الوضع الاقتصادي الفلسطيني ناشئة بالأساس عن أولا الاحتلال كون الأراضي محتلة وليست محررة، أثنين في إطار اتفاق أوسلو وقع أيضا اتفاق أو بروتوكول باريس الاقتصادي الذي كان جائرا جدا، هذا الاتفاق أول شيء كرس ما فعلته إسرائيل وهو إنشاء وحدة جمركية ما بين الأراضي المحتلة وإسرائيل هذا بعد الاحتلال مباشرة فجاء بروتوكول باريس الاقتصادي وكرس هذه الوحدة الجمركية لمصلحة إسرائيل في الأساس، أثنين هذا الاتفاق.. اتفاق باريس الاقتصادي قنن كميات السلع التي يمكن للسلطة الفلسطينية أن تستوردها من خارج إسرائيل خصوصا من الأردن ومصر وحَدَث كمياتها، ثلاثة يفرض على السلطة أن تقوم إسرائيل بجمع الضرائب من العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل وأيضا بجمع عائدات الجمارك على أن تعيدها فيما بعد للسلطة الفلسطينية ورابعا هذا البروتوكول لا يعترف بعملة فلسطينية أو بإنشاء عملة فلسطينية وفرض استعمال العملة الإسرائيلية الشيكل إلى جانب الدولار والدينار الأردني فكل هذه الأمور لم تكن لمصلحة الاقتصاد الفلسطيني وكان بيد إسرائيل متى شاءت أن تعطل صادراتك وأن تعطل وصول وارداتك وأن تحتجز لك الضرائب والعائدات الجمركية وهو ما ألحق خسائر فادحة بالاقتصاد فلسطين حتى الآن وهذا ما رفضه اتفاق أوسلو.
خالد الحروب: نعم يمكن.. نعم نسمع ملاحظة حسام على هذه الفكرة وعلى مسألة كل الضرائب وتدخل إسرائيل فيها خاصة أن هناك بعد سياسي أيضا في هذه المسألة أن إسرائيل كانت تحجب هذه الضرائب لأن السلطة مثلا لا تقمع ما يسمى بين قوسين بالإرهاب أو لا تقوم بهذه المسألة أو تلك ففي هناك أيضا عنصر سياسي متعلق بأداء السلطة من زاوية أخرى مما يؤدي إلى تدهور مثلا العلاقة الاقتصادية.
حسام زوملت: للأسف الشديد أتفق معك تماما وأقول للأسف لأن الضرائب وجلبها وتوزيعها هي مسألة اقتصادية ولكن مرة أخرى في التجربة الفلسطينية الضرائب كانت مسألة سياسية نظرا لأن فلسطين لم تكن دولة بعد ونظرا للاحتلال وتدخلاته وبالتالي دائما ما كانت إسرائيل تريد استخدام جني الضرائب لصالح السلطة الفلسطينية، وضعها في حسابات إسرائيلية كوسيلة ضغط وقد استخدمتها طوال السنين ورأينا كثير من هذه النماذج، السؤال الأهم وهنا نعود إلى الكتاب بأنه يطرح بديل للتفكير السائد بأن السلطة لأنها كانت تتوجه بتوجه يختلف عن النوايا الإسرائيلية ألا وهو تشكيل دولة مستقلة بحد ذاتها كان لابد أن تجد طرق للالتفاف على هذا التحكم في المصادر المالية ولأي دولة سيادية ولأي دولة لها برنامجها السياسي المختلف لابد من نوع من الاستقلال المالي وبالتالي اضطرت القيادة الفلسطينية إلى توفير بعض المصادر المالية الخارجية التي تعتبر استثناء التي تعتبر في بعض.
خالد الحروب [مقاطعاً]: خارج الميزانية وانتُقدت بسببها.
حسام زوملت [متابعاً]: خارج الميزانية نعم وبالتالي ضغطت إسرائيل بكل قوتها على المجتمع الدولي وعلى السلطة الفلسطينية إلى إغلاق هذه الحسابات، ليس لأن إسرائيل معنية بشفافية وديمقراطية المجتمع الفلسطيني على العكس إسرائيل معنية من خلال إغلاق هذه الحسابات إلى الضغط على.. أو أن تكون المصدر المالي الوحيد لهذه الدولة التابعة المتفرقة المتشتتة التي تنوي كالقيام بها.
المعونات الدولية والأمن الإسرائيلي
خالد الحروب: حسام إذا سمحت لي ننتقل إلى الفصل الذي بعده الفصل السابع ويتحدث عن المعونات الدولية أستاذ ماهر وهنا أيضا فيه أرقام، أرقام مفاجئة، أرقام فعلا تلفت الانتباه مثلا يقول أن الدعم الذي تلقته السلطة الفلسطينية بالمعايير الدولية يجعلها ثالث.. يجعل الفرد الفلسطيني ثالث أكبر فرد مدعوم عالميا بعد إسرائيل وبعد البوسنة فبهذا القدر من المعونات يأتي السؤال الآن بهذا القدر من المعونات والرغبة الدولية الحقيقية لإنجاح المسألة المشروع التسوية هذا ومشروع فلسطين، مع ذلك حصل الفشل، الآن تتجه الأنظار إلى من كان يصرف هذه الأموال وإلى السلطة الفلسطينية.
" |
ماهر عثمان: السلطة الفلسطينية حققت وبدأت تحقق الشيء الكثير من خلال المعونات الدولية لأن هذه المعونات كانت هي الخميرة التي عن طريقها بدأ إنشاء المؤسسات الفلسطينية وإعادة الأعمار في المجتمع الفلسطيني وفي البنية التحتية الفلسطينية على سنوات كثيرة ولكن يعني تظل السوسة الأساسية هي وجود الاحتلال وعودة الاحتلال متى شاء وقيام الاحتلال بالهدم فكل هذا كان نزيف للموارد كل ما بناه الفلسطينيون يعني هدم منذ الانتفاضة وحتى الآن تقريبا عمليا هدم إلى حد كبير، تبقى السوسة الأساسية حتى في المعونات الدولية هو أنها وجهت في الأساس حسب المنطلق الأساسي في اتفاق أوسلو وهو الأمن أولا والمقصود هنا الأمن أولا لإسرائيل ومن هنا أعتقد أن حتى مشروع بناء الدولة الفلسطينية لا يمكن أن يتم عن هذا الطريق إذا كان المقصود هو الأمن لإسرائيل أولا، الواجب هو أن ينتهي الاحتلال أولا وبعد إذ يشار إلى إنشاء الدولة وإلى تأمين الأمن للطرفين بالتساوي.
خالد الحروب: نعم أسأل حسام أيضا حول مسألة المعونات الدولية، إن القائمة المذكور أحيانا عالميا وتناقش عالميا تخفي تحتها هذه المسألة أنه معظم هذه المساعدات لإنشاء أجهزة أمنية متعددة وأجهزة شرطة و.. وإلى آخره بينما ترى من الخارج وكأنها دعائم مثلا للمسألة التنموية الفلسطينية التي يدعمها هذا الكتاب ويقول هي يجب أن تكون أساس المشروع بناء الدولة، ما رأيك؟
حسام زوملت: نعم وهذه هي المشكلة في حد ذاتها أن الدول المانحة والمجتمع الدولي يعي تماما من تحت الطاولة طبعا حساسية الموقف وخصوصيته وبالتالي يدعم إنشاء مؤسسات أمنية قوية ويدعم فتح حسابات شخصية في بعض بنوكها لأنهم يعوا أن لابد للسلطة أن توفر نوع من التوازن والاستقرار السياسي والطريقة الوحيدة لتوفير استقرار سياسي في وضع جدا مختل هي عن طريق التوظيف في المؤسسات العامة، عن طريق شراء بعض الولاءات السياسية، عن طريق توفير بعض السياسات التنموية وإلى ما شابه ولكن في العلن عندما يكون هناك مؤتمر صحفي كما حصل في واشنطن أيام قليلة بين بوش وبلير يطلعون عليك ويقول أن ما يفتقده الفلسطينيون ليس تحريرا وليس دولة سيادية وليس حقوق إنسان وليس.. وليس، ما يفتقده الفلسطينيون هو ديمقراطية، هذا المنطق المعكوس هو الذي يحاول الكتاب الرد عليه، الكتاب يركز بالأساس على رسالة مهمة ألا وهي لننظر إلى الصورة الكبيرة ليست الصغيرة، إذا نظرنا إلى الصورة الصغيرة ونظرنا إلى أن هناك بعض من إدارة سيئة في هذا الجانب أو ذاك سنخلص أن كان هناك مشاكل جمة، الصورة الكبيرة أن السلطة الفلسطينية شكلت بذرة حقيقية لدولة حقيقية وهذا ما أزعج الإسرائيليون وهذا ما أزعج من يساند الإسرائيليون وحصل التدهور في كامب ديفد
خالد الحروب: المحور الأخير ملاحظتين من الأستاذ ماهر والأستاذ حسام حول الانطباع العام من الكتاب، هناك قدر من السوداوية في النهاية خاصة عندما ينتقد الكتاب أيضا خارطة الطريق وينتقد مبادرة جنيف ويقول أن هذه الحلول كلها لا تبتعد عن أوسلو كثيرا وتبقى مرهونة بنفس الاختلالات الهيكلية التي جاء بها أوسلو فلا أمل أيضا من وراءها، ما تعليقك أستاذ ماهر؟
ماهر عثمان: تعليقي أن الكتاب ممتاز جدا لأسباب منها أنه جيد التوثيق ويعطي مقارنات ما بين حالة فلسطين وحالة بلدان أخرى كان فيها استعمار وانتهى وكان فيها احتلال وانتهى ولكن حالة فلسطين تبقى حالة خاصة واستثنائية جدا.
خالد الحروب: حسام حول هذه المسألة أيضا شطب خارطة الطريق، شطب مبادرة جنيف.
حسام زوملت: لم يكن شطب الكتاب حاول في نهايته أن يحل هذا اللغز، اللغز الذي يقول أن إسرائيل معنية بقيام دولة فلسطينية كي تستطيع البقاء كدولة صهيونية يهودية، التخلص من العامل الديمغرافي الفلسطيني العربي هو في مصلحة المشروع الصهيوني وكيف لإسرائيل أن تفعل ذلك بما ينتهي إلى عدم قيام دولة فلسطينية اسأل.. الرد الرئيس في الكتاب أو التبرير الوحيد الذي أستطاع مؤلفين الكتاب الوصول أليه أن إسرائيل من الواضح وصلت إلى نتيجة أن حل القضية الفلسطينية بما يتعلق بدولة سيادية لن يحل مشكلتها هي لأنه أي دولة قائمة على أساس أيديولوجي عرقي دائمة لديها مشاكل عندها واحد من كل خمسة إسرائيليون هم فلسطينيون وعندها اللاجئين الذي دائما ما اعتبرت قضية محورية أساسية وبالتالي إسرائيل من الواضح أنها أخذت على.. استراتيجيا.. الاستراتيجية القائلة بأن الحل الوحيد هو إدارة الصراع إلى الأبد ونحن نقول في هذا المضمار أنه على الفلسطينيون أن أولا يتفادوا أي اتفاقية انتقالية لأن أي اتفاقية انتقالية..
خالد الحروب [مقاطعاً]: طيب نبقى بالحل النهائي على عكس ما هو منطوق.
حسام زوملت [متابعاً]: أي اتفاقية نهائية ستكون لصالح إسرائيل.
خالد الحروب: حسام شكرا جزيلا وأستاذ ماهر شكرا جزيلا لك أيضا، مشاهدينا الكرام شكرا لكم أيضا على مرافقتكم لنا، كتاب اليوم تكوين الدولة في فلسطين لمجموعة من الباحثين الفلسطينيين وغير الفلسطينيين من ضمنهم الأستاذ حسام زوملت وإلى أن نلقاكم في الأسبوع المقبل مع جليس جديد هذه تحية من فريق البرنامج ومني خالد الحروب ودمتم بألف خير.