كتاب ألفته - الطنطورية - صورة عامة
كتاب قرأته/كتاب ألفته

رواية الطنطورية لرضوى عاشور

تتناول الحلقة رواية “الطنطورية” الصادرة عن دار الشروق في القاهرة، ويشير العنوان إلى الشخصية الرئيسية في الرواية وهي التي تحكي وهي امرأة من قرية الطنطورة الفلسطينية.

– الطنطورة المكان، الطنطورية الشخص
– عفريت الرواية بين المتخيل والتاريخي

الطنطورة المكان، الطنطورية الشخص

رضوى عاشور
رضوى عاشور

رضوى عاشور: "أسعى للقاء ختيارات المخيم، أحب أن أنصت لحكاياتهن حتى وإن كانت حزينة في البداية، فالحكايات دائما تبدأ بـ"هناك"، ما حدث حين استحلوا البلد وطلعوني فشردنا عن لبنان، تمضي الحكاية ولا تمضي تماماً لأنها وهي تتقدم إلى الزمن التالي تظل تراجع وتسترجع، تتشابه الحكايات وأيضا تختلف كالوجه وهو يحكي". رواية "الطنطورية" رواية صدرت مؤخرا عن دار الشروق في القاهرة، قد يستغرب البعض الاسم، العنوان يشير إلى الشخصية الرئيسية في الرواية وهي أيضا الراوية هي التي تحكي وهي امرأة من قرية الطنطورة، والطنطورة قرية فلسطينية تقع على الساحل الفلسطيني على بعد كليومترات معدودة حوالي 24 كليومتر من مدينة حيفا. سقطت الطنطورة في أيدي العصابات الصهيونية في مطلع صيف 1948 كان الإسرائيليون يقومون بالهجوم على قرى تلك المنطقة في محاولة للسيطره الكاملة على الساحل، في ليلة 22، 23 مايو 1948 هجموا على القرية، كانت هناك مقاومة شديدة ولكن لعدم تكافؤ القوة وفي السلاح سقطت الطنطورة صباحا وقامت القوات الإسرائيلية بمذبحة كبيرة قد تكون في حجم مذبحة دير ياسين، قتلت عددا كبيرا من شباب القرية يقدره البعض بما يقرب من مائتي شخص وفي أقل التقديرات تتكلم عن أكثر من تسعين شابا قتلوا ودفنوا في مقابر جماعية، وقام الجنود الإسرائيليون بترحيل نساء القرية وأطفالها وبعض الشيوخ إلى قرية قريبة هي الفرديس ومن الفرديس إلى الخليل ثم توزع الخلق في المنافي وبعضهم تسلل وعاد مرة أخرى إلى المنطقة لكن ليس إلى الطنطورة لأنها هي قرية من الخمسمائة قرية وأكثر اللي دمروا ولم يعودوا أو لم تعد قرى عربية كما كانت. الطنطورية لأن الشخصية الرئيسية التي تتبع الرواية حكايتها ومصيرها ومسيرتها هي بنت الطنطورة هي رقية الطنطورية أنا أتتبعها منذ صباها منذ كانت بنتا عمرها 13 سنة وأتتبع الهجرة إلى لبنان والإقامة في صيدا ثم في بيروت ثم في مدن عربية أخرى، أتتبع حكايتها وحكاية أهلها وزوجها وأبنائها ثم زوجات الأبناء والأحفاد، يعني الرواية تبدأ في نهاية 1947 وتنتهي في 2000. الرواية كانت بتطرح صعوبات حقيقية جدا ليس فقط الأحداث الكثيرة واللي على الإنسان أن يختار بصرامة لأنه ممكن تزدحم الرواية بالأحداث وتكف عن كونها رواية وتكف عن إمتاع القارئ وأيضا لأن هذا التاريخ فيه من القسوة ومن أسباب الحزن الكثير كمان هذه صعوبة، كم مذبحة تتحمل رواية؟ كم مذبحة يتحمل قارئ في رواية دون أن يبتعد من ثقل ما ينقل إليه؟ فأنا اجتهدت في إيجاد مخارج وكان مهما بالنسبة لي لأنه ده أعتقد مهم دائما بالنسبة للروائي أنه في خيط ما يفضل رابط الأمور وأن القارئ يألف هذه الشخصيات.

عفريت الرواية بين المتخيل والتاريخي


رضوى عاشور: دعواي أن الرواية كجنس أدبي على غير الأجنسة الأدبية الأخرى على غير الشعر مثلا هي لا تستطيع أن تنبت وتنفصل عن التاريخ، التاريخ بمعنى واقع تاريخي معيش حتى لو كان الحاضر، ما فيش رواية من غير نسيج اجتماعي ما فيش رواية من غير تاريخ وجغرافيا ضمنا أو صراحة، هذا أمر لكني أيضا منشغلة بهذه العلاقة الخاصة بين المتخيل والتاريخي ويمكن بطبعي لأنني أنا كمان باحثة وظيفتي يعني البحث الأكاديمي وكذا، فعادة يعني أي عمل فني يكون مزجا وتضفيرا بين ما هو متخيل وبين وقائع تاريخية بعينها، مثلا على سبيل المثال، رقية متخيلة يعني أسرتها كل الشخصيات التي تتناولها الرواية هي من خيالي لكن القرية والمذبحة واللجوء إلى لبنان والمخيمات وصبرا وشاتيلا والحرب الأهلية في لبنان واجتياح لبنان عام 1982 هذه وقائع تاريخية، مثلا هذه الرواية اللي كل شخصياتها متخيلة هي أيضا رواية يظهر فيها بشكل عابر رموز فلسطينية كثيرة ولبنانية أيضا، معروف سعد تاريخ البطل اللبناني الكبير ابن صيدا بطل معركة المالكية، في فلسطين أيضا، دكتور أنيس صايغ، غسان كنفاني، نجلاء علي هم لا يظهرون في الرواية يعني ممكن الدكتور أنيس صايغ يظهر في مشهد عابر لكن مثلا هذه الشخصيات تشارك في جنازة غسان كنفاني، هذه الشخصيات تتابع رسوم ناجي العلي وبعضها يعرفه شخصيا إلى آخره. فأنا أضفر التاريخي بالمتخيل أسلوب أميل له قد يميز كتاباتي وقد يضيف إليها وقد لا يضيف، هذا الحكم للقارئ طبعا. يصعب على أي كاتب أن يختزل عمله في رسالة واحدة لأنه لو كان لدي فكرة مسبقة لكتبت كتابا رديئا يعني أنا أعرف كباحثة أنه حين أبدأ في كتابة بحث لدي تصور ما أو لدي فرضية ما أو لدي سؤال أريد أن أجيب عليه، لكن في حالة الرواية أنت.. يعني قلت مؤخرا يوم توقيع روايتي في القاهرة إن الإنسان لا يختار لا موضوع الرواية ولا الوقت الذي يكتبها فيه، الروايات بتطلع زي العفاريت بتلاقيها عفريت وطلع لك وتضطر تتعامل معه، في هذه الحالة أنت تتبع الشخصيات وهي تقودك أنت لا تعرف قبل ثلاثة أيام مثلا إلى أين ستذهب بك الرواية أو الحكي أو الشخصية المعينة ولكن هنا يأتي الخيال ويأتي ما قد تكون في داخلك أنت تعرفه لكن أنت لا تعي كل تفاصيله.