
امحمد مالكي:
هناك قضية أخرى يبحثها الكتاب في الفصل الثالث منه يتعلق بالدولة، الدولة في تصور الوطنيين المغاربيين أو النخب الوطنية المغاربية لم تكن مفهوما واضحا، هذا ما دافع عنه الكتاب، ثم مفهوم الدولة، الدولة كمفهوم خلال مرحلة المقاومة من أجل الاستقلال، الوطنيون لم يطرحوا ولم يتساءلوا عن مفهوم الدولة كما لم يتساءلوا عن مفاهيم أخرى لها أهمية كبرى لم يتساءلوا عن مفهوم الديمقراطية ولا عن مفهوم الصراع داخل المجتمع ولا عن مفهوم الدولة ومفاهيم كثيرة هم كانوا يؤجلون التفكير فيها لاعتقاد منهم أن المرحلة التاريخية لا تسمح لهم بالخوض في مثل هذه الموضوعات ولهذا مفهوم الدولة لم يكن مؤسسا على أي تأصيل نظري ولا تأصيل فكري، عندما استقلت بلاد المغرب طرح عليهم سؤال الدولة، الدولة التي نريد إعادة بنائها بعد الاستعمار ما هي؟ وكل الأسئلة التي لم يطرحوها خلال فترة المقاومة من أجل الاستقلال طرحت عليهم بحدة عميقة بعد الاستقلال. يقول المؤلف "إن مرور نصف قرن على استقلال المغرب العربي لم يكن كافيا لجعل القضايا التي استبدت بفكر نخبته الوطنية وهي تشرع في استكمال بناء الدولة واستعادة مقوماتها متجاوزة أو عديمة الجدوى، فقد ودع المغاربة القرن العشرين وفي وعيهم حرقة الأسئلة التي استفاق على وقعها المؤسسون فانتابتهم حيرة التفكير وأعوزهم عسر الاجتهاد في الإنجاز، لعل أهمها أسئلة الدولة والهوية والآخر، بيد أن تلك الأسئلة لم تكن مما يدخل في خصوصية المغرب ويقتصر على أبنائه فقد توحد المغرب والمشرق في الإشكالية نفسها وقد لا يجد الباحث كبير عناء في استخلاص انطواء الفكر العربي على الأسئلة نفسها مهما تعددت مدارسه وتنوعت مساربه". الكتاب يتساءل لماذا المغاربيون الذين جمعتهم الهوية ووحدتهم وجعلتهم متضامنين من أجل مقاومة الاستعمار لماذا هذه الهوية التي وحدت المغاربة وجعلتهم يتوحدون من أجل مقاومة الاستعمار لماذا بعد الاستقلال فرقتهم؟ الكتاب يؤكد على أن الهوية مفهوم متجدد ليس مفهوما جامدا ليس مفهوما استاتيكيا، مفهوم متجدد وأن الهوية نفسها خلال مرحلة الاستعمار لم تكن.. كانت مفهوما ملتبسا وبإرادة لم يرد الوطنيون أن يطرحوا أسئلة حولها من نحن كمغاربة؟ عندما استقلت بلاد المغرب وجد المغاربة أن هذا المفهوم الذي وحدهم هو مفهوم فرقهم، لماذا؟ لأن أصبحت مغارب وليس مغربا واحدا كما كان خلال فترة المقاومة من أجل الاستقلال. في الفصل الأخير يتناول العلاقة بين المغرب والمشرق ويؤكد الكتاب ويشدد الكتاب ويدافع عن فكرة مركزية هي أن المغرب ظل دائما مرتبطا بالمشرق، هناك محاولات من طرف الاستعمار من أجل فصل المغرب عن المشرق ولكن مع ذلك بقي المغرب متوحدا مع المشرق على الرغم من أن المغاربة أي المغاربيين أبدعوا وابتكروا أساليب في إدارة شؤونهم وفي إدارة بلدانهم وابتعدوا نسبيا عن خلافات الدولة في المشرق ولكن مع ذلك بقوا متمسكين ومرتبطين بالمشرق من حيث هويتهم أي من حيث انتمائهم العربي الإسلامي.
[معلومات مكتوبة]
أسئلة المغرب المعاصر
تأليف: امحمد مالكي
الناشر: دار الأهالي - دمشق
فهرس الكتاب:
الفصل الأول: صورة المغاربة في الكتابات الاستعمارية |
الفصل الثاني: النخبة الوطنية المغاربية والآخر.. وعي الهزيمة |
الفصل الثالث: بناء الدولة المعاصرة في فكر النخبة الوطنية المغاربية |
الفصل الرابع: المغرب العربي وسؤال الهوية |
الفصل الخامس: في العلاقة بين المغرب والمشرق |