محللون: خلاف بايدن ونتنياهو يدفع كلا منهما للمراهنة على فشل الآخر
اتفق خبراء ومحللون على أن الخلافات بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بلغت حدا غير مسبوق غابت فيه المساحات الرمادية، وبات كل منهما يراهن على فشل الآخر.
وكان آخر فصول هذا الخلاف ما أبرزته شبكة "إن بي سي" نقلا عن مسؤولين أميركيين أن الخلافات بين إدارة بايدن ونتنياهو، باتت أكثر وضوحا بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخيرة إلى إسرائيل، وأن واشنطن باتت تتطلع إلى ما بعد مرحلة نتنياهو، من أجل تحقيق أهدافها في المنطقة.
وتقول الشبكة -نقلا عن المسؤولين- إن البيت الأبيض يحاول التنسيق مع قادة إسرائيليين، من أجل تشكيل حكومة تخلف حكومة نتنياهو، وسرعان ما رد نتنياهو عليه بالنفي ليقطع الطريق أمام أي تفاعل معه معتبرا إياه تسريبا من إدارة بايدن يهدف لشيوعه في الداخل الإسرائيلي.
وخلال مشاركة في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال الدكتور لقاء مكي الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، إن نتنياهو حرص على الرد على هذه الأنباء، ليقطع الطريق أمام أميركا من أن تجد أعوانا خارج إطار الحكومة، وحرص -أيضا- على إرضاء اليمين المتحفز لمواجهة أي قوة تنافسه على السلطة حتى ولو كانت مدعومة أميركيا.
وفي الإطار ذاته، يشير مكي إلى أن نتنياهو نقل الحرب ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة من مرحلة الدفاع عن الدولة إلى مرحلة الدفاع عن الحكومة، مشيرا في هذا السياق إلى أن كل نظام يحتاج إلى حرب يحشد خلفها أتباعه للاستمرار، وهذا ما يفعله نتنياهو.
تباين واضح
وأكد مكي أن الأمر بذلك أصبح في مرحلة خنادق واضحة، تتسم بالتباين الواضح واللونين الأبيض والأسود، فالإدارة الأميركية لديها رؤيتها للصراع ومستقبله، والتي تختلف بشكل كامل عما يراه نتنياهو.
ويرى مكي أن إدارة بايدن في ورطة، فهي غير قادرة على وقف الدعم لإسرائيل، لأنها ليست نتنياهو، كما أنها لا تستطيع الاستمرار في دعم رئيس وزراء إسرائيلي يعارضها بالمطلق، وربما يؤدي لإسقاط رئيسها في الانتخابات حيث يراهن نتنياهو على ذلك بشكل واضح، ويأمل في عودة دونالد ترامب للسلطة مرة أخرى.
ويلفت الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات إلى أن نتنياهو في سبيل بقائه في السلطة مستعد للذهاب إلى أبعد حد ممكن، ومن ذلك شن حرب على إيران أو لبنان، لأنه إذا حدث ذلك لن يكون هناك متسع من الوقت للكيد به، حيث تتحول الحرب إلى إقليمية تجبر واشنطن على المشاركة فيها.
وهو ما وافقه عليه الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، الذي يرى أن نتنياهو بات يستخدم قضية الإبهام لإبقاء حالة البلبلة على المشهد للاستمرار في السلطة، وهو ما يهمه بشكل أساسي خلال هذه المرحلة.
وأضاف جبارين أن تحركات نتنياهو خلال السنوات الأخيرة باتت جميعها تكتيكية، يحاول من خلالها الهروب من القضاء بأي شكل، وبالتالي فهو مستعد للقيام بأي شيء، حتى لو اضطر للارتماء في أحضان اليمين المتطرف وممثليه في الحكومة، بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، الذين كان يحاول إقصاءهما سابقا.
حرب انتخابية
ويرى جبارين أن هناك حربا انتخابية في المقام الأول بين نتنياهو وإدارة بايدن، فكل منهما يرى أنه من سيذهب للانتخابات أولا سيخسر، لافتا إلى أن نتنياهو حريص على أن "يتسخ الكل بالفشل الحاصل في غزة"، وأن لا يتحمل تبعات الأمر وحده.
وفي هذا السياق، يوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي أن المعضلة الموجودة فيها إسرائيل الآن هي معضلة انتخابية، فوقف الحرب سيكون بمثابة هزيمة إستراتيجية، وإسقاط الحكومة من شأنه أن يوقف الحرب، وهو ما لا يريد أي من قيادات المعارضة أن يسجل باسمه.
ويؤكد وليام لورنس المسؤول السابق في الخارجية الأميركية أن إدارة بايدن كانت سعيدة بانتهاء ولاية نتنياهو السابقة، وهو ما يؤكد تجذر الخلاف بين الجانبين، ورغبة بايدن في العمل مع حكومة مختلفة، لكن هجمات حماس كانت شديدة لدرجة دفعت الرأي العام الإسرائيلي لليمين.
ولذا، فإن الحكومة التي ينتظر أن تخلف حكومة نتنياهو، لا بد أن تكون من اليمين كذلك -حسب رأي لورنس- لكن ربما لا تكون من اليمين المتشدد، والذي يمكن أن يتقبل رؤية الإدارة الأميركية بضرورة إنهاء الحرب في أقرب فرصة.