هل تنجح الجهود الدولية بالتصدي لاقتصاد الكبتاغون السوري؟

يجزم خبراء ومختصون تحدثوا لبرنامج "سيناريوهات" بأن تجارة أقراص الكبتاغون مصدرها النظام السوري بالتواطؤ مع مليشيات وشبكة من تجار مخدرات، وأن النظام في دمشق يستخدمها كورقة سياسية في تعامله مع الدول العربية المتضررة من هذه السموم.

وتشهد المناطق الحدودية بين سوريا والأردن تصاعدا لعمليات تهريب المخدرات بكل أنواعها، وخاصة أقراص الكبتاغون التي باتت تهدد أمن الأردن ودول الخليج بشكل خاص.

ووفق وزير الإعلام الأردني الأسبق، سميح المعايطة، تحول الكبتاغون إلى اقتصاد في سوريا، له علاقة بمليشيات وبتواطؤ جزء من النظام السوري وشبكة كاملة تقوم بالإنتاج والتهريب إلى الأردن وبقية الدول العربية، مشيرا إلى وجود شبكة من المصالح بين المليشيات والنظام السوري، وكلاهما يستفيد من هذه التجارة التي تدر عليهم أرباحا بالعملة الصعبة.

ويعتقد أن تجارة وتهريب الكبتاغون التي تنشط خصوصا في جنوب وشرق سوريا، زادت العبء على الجيش الأردني الذي يقوم بمحاربة الظاهرة، متهما في السياق ذاته الإيرانيين بمحاولة استخدام المخدرات لاختراق الساحة الأردنية.

وبينما أكد أن الأردن لا يريد التدخل عسكريا في الأراضي السورية، شدد المعايطة -في حديثه لحلقة (2023/9/7) من برنامج "سيناريوهات" على أن الأردن سيواصل جهوده مع القيادة السورية وسيدافع عن حدوده بنفسه، بالإضافة إلى التنسيق مع الأميركيين ودول أخرى لمحاربة الظاهرة، لكنه لن يصبر على ما أسماها ابتزازات ومماطلات النظام السوري الذي قال إنه لا يمكن الوثوق به.

ويشاطر المستشار السابق في وزارة الخارجية السعودية، سالم اليامي الوزير الأردني الأسبق في كون قضية أقراص الكبتاغون تثير قلق المملكة العربية السعودية ودول الخليج، بسبب الضرر الذي يطالها من هذه التجارة المعروف مصدرها.

ويرى اليامي أن النظام السوري تنصل من الوعود التي قدمها لدول عربية بعد تصالحها معه، حيث تعهد لهم بتقديم قوائم مفصلة بالمنتجين والمصدرين للمخدرات ولطرق التهريب، ثم صرح الرئيس بشار الأسد بعد ذلك قائلا: "إن من أتوا بالإرهاب إلى سوريا هم من أتوا بالمخدرات".

وفقد نظام الأسد -كما يضيف المتحدث- ورقة الكبتاغون التي قامر بها من أجل عودته إلى المنظومة العربية، مؤكدا فشله الذريع في إيقاف السموم التي تهدد أمن وسلامة الناس.

تحالف دولي لمحاربة الكبتاغون

ومن جهته، أشار كبير الباحثين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أندرو تابلر، إلى خطورة تجارة الكبتاغون على العالم، متحدثا عن شبكات تمول من قبل نظام الأسد وتشكل خطورة على الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها.

وقال إن النظام السوري لن يوقف تجارة المخدرات لأن وقعها سيكون كبيرا عليه من الناحيتين المالية والاقتصادية، لكنه شدد أيضا على أن بلاده لن ترفع العقوبات المفروضة على هذا النظام.

وبشأن التحالف الدولي الذي أعلنت واشنطن مؤخرا تشكيله لمكافحة تصنيع وتهريب المخدرات حول العالم، شدد على ضرورة وجود عمل دبلوماسي دولي منسق من أجل الضغط على نظام الأسد لوقف تهريب وتصنيع المخدرات، مؤكدا أن هذا النظام يستفيد من الوضع الراهن ولا يريد تغيير سياساته، رغم التقارب الذي حصل بينه وبين دول عربية.

وبينما توقع الضيف الأميركي أن يستمر نظام الأسد في استخدام ورقة المخدرات ضد العرب، لكنه لن يفلح في ذلك، دعا الوزير الأردني الأسبق لأن تقوم بلاده والدول الأخرى بتحجيم عمليات تهريب الكبتاغون وجعلها قضية سورية داخلية دون نقل الموضوع إلى الخارج.

في حين يقر المستشار السابق في وزارة الخارجية السعودية بأن العملية صعبة ومعقدة، وأن وقف تدفق ما سماه اقتصاد السموم والكبتاغون يحتاج إلى خطة بديلة تكون فعّالة وتتخلص من الأطر الأميركية بعيدة المدى مثل فرض العقوبات.

يذكر أن تجارة حبوب الكبتاغون المخدّرة توسعت في الشرق الأوسط إلى حد كبير خلال عام 2021 لتتجاوز قيمتها 5 مليارات دولار، وأكد تقرير لمعهد "نيو لاينز" الأميركي، أن النظام السوري يستخدم هذه التجارة كوسيلة للبقاء سياسيا واقتصاديا إثر العقوبات المفروضة عليه، ليصنف كأبرز مُنتِج ومصدر لهذه الحبوب.

وفي مارس/آذار الماضي، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية شخصيات مقربة من عائلة الأسد ضمن قائمة العقوبات، على خلفية دورهم في إنتاج وتهريب "الكبتاغون".

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد وقّع في أواخر عام 2022، عقب إقرار الكونغرس، مشروع قانون لمكافحة إنتاج الكبتاغون الذي يصنعه النظام السوري.

المصدر : الجزيرة

إعلان