جولة البرهان الخارجية.. سعي حقيقي لدعم إنهاء الحرب أم هروب من واقع مأزوم؟
تباينت آراء ضيفي برنامج "ما وراء الخبر" بشأن دلالات جولة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الخارجية، والتي كانت محطتها الثالثة في الدوحة، وتصريحاته الأخيرة بشأن أولويات المرحلة المقبلة، وقراره الذي سبقها بحل قوات الدعم السريع.
ففي الوقت الذي رأى فيه الأكاديمي السوداني المختص في الشؤون السياسية والعسكرية الدكتور أسامة عيدروس أن ذلك يتسق مع رؤية الدولة السودانية وتصورها للأزمة اعتبر الدكتور إبراهيم مخير عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع تصريحات البرهان "عدائية" وتتعارض مع موقف قطر الداعي لتحقيق السلام عبر المفاوضات بين كل الأطراف.
جاء ذلك خلال حلقة ما وراء الخبر (2023/9/7) التي تناولت تصريحات البرهان في محطته الثالثة من جولته الخارجية حيث أنهى زيارة إلى الدوحة وصرح فيها بأن الأولوية في هذه المرحلة هي لإنهاء ما سماه التمرد وهزيمته، وحرص القوات المسلحة بعد ذلك على استكمال المرحلة الانتقالية والانتقال إلى حكم مدني.
وجاءت تصريحات البرهان غداة إصداره قرارا بحل قوات الدعم السريع وإلغاء قانون إنشائها، فيما جدد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال لقائه البرهان في الدوحة تأكيد موقف بلاده الداعي لوقف القتال في السودان وانتهاج الحوار والطرق السلمية لتجاوز الخلافات.
وتساءلت حلقة "ما وراء الخبر" عن الأهداف التي سعى البرهان لتحقيقها بزيارته الدوحة والرسائل التي حملتها تصريحاته خلالها وكيف ستستقبلها الأطراف المعنية بالأزمة السودانية، ودلالة توقيت إلغائه قانون قوات الدعم السريع بعد 140 يوما من القتال، والقيمة العملية لهذا القرار، ودلالة تزامنه مع عقوبات أميركية ضد قيادات بالدعم السريع.
جولة لجمع الدعم
وبحسب الدكتور عيدروس، فإن زيارة البرهان إلى الدوحة تأتي ضمن سلسلة زيارات لجمع الدعم الكافي لجهود وقف الحرب، بدأت بدول الجوار وتلتها قطر "كونها الأقرب لوجدان الشعب السوداني، وصاحبة الأدوار المعروفة في دعم السودان سياسيا وإنسانيا في مختلف المراحل".
وأضاف أن جهات عدة سعت إلى تدويل ملف الحرب في السودان، وذلك بعد أسبوعين فقط من بدء المواجهات، وذلك من خلال محاولة فرض البند السابع في مجلس الأمن، وتقديم مبادرات من شأنها نزع السيادة السودانية، وهو الأمر الذي كان مرفوضا.
وأكد عيدروس على أن اختيار قطر لا يعني استهداف مبادرات جديدة في ظل استمرار مسار جدة وما تقدمه منظمة إيغاد رغم التحفظات، لكنه يرى أن أهمية الدور القطري ينطلق من خصوصيته وتفرده في ملفات محددة، مثل ملفات الأسرى والمختطفين الذين تجاوز عددهم 5 آلاف شخص، وكذلك ملف الدعم الإغاثي.
واعتبر الأكاديمي السوداني أن جولات البرهان تؤكد عودة الدولة ودولابها للعمل، نافيا وجود تناقض بين دعم مسار وقف الحرب وتأكيد البرهان على ضرورة إنهاء التمرد، في ظل إصرار قادة الدعم السريع على عدم الالتزام ببنود اتفاق جدة.
واعتبر الحديث عن عدم دستورية قرار حل الدعم السريع "أمرا مضحكا" كون المرسوم الدستوري بشأن تبعيتها للقوات المسلحة صادر عن البرهان نفسه، ومن ثم فإصداره قرارا آخر بشأن حلها لا يمكن اعتباره غير دستوري.
تصريحات عدائية
في المقابل، ومع اعتباره تصريحات البرهان "عدائية" يرى الدكتور إبراهيم مخير أنها لا تتسق مع دعوة قطر لضرورة تحقيق السلام عبر المفاوضات بين جميع الأطراف، متسائلا عن الصفة التي يجري بها البرهان زيارته الخارجية تلك.
وذهب مخير إلى التأكيد أن البرهان منذ انقلابه على الديمقراطية في السودان "لا يملك شرعية قانونية أو دستورية" على حد تعبيره، مضيفا أنه انتهى عسكريا، وهو "هارب من الخرطوم" في وقت تلقى فيه قواته الهزائم تلو الأخرى.
واعتبر ما سماها "المزاعم" بشأن جرائم قوات الدعم السريع غير حقيقية ولا تعتمد على معلومات صحيحة، وأن المنظمات التي تتحدث عن تقارير صادرة بهذا الشأن خرجت من السودان منذ بدء الحرب رغم دعوات قوات الدعم السريع لها وللصحافة للوجود في مناطق سيطرتها للوقوف على الحقائق على الأرض، حسب قوله.
وشدد على أن قوات الدعم السريع تدعم كل مبادرات وقف إطلاق النار، لكنه يطالب بتوحيدها عبر منبر واحد، وهي مستمرة في انتصاراتها على الأرض، وتدعو البرهان ومن معه لتسليم أنفسهم إلى العدالة، وستجبره على الرضوخ لقرارات مسار جدة التي يحاول التنصل منها.