هل غلاء الأسعار من النوازل؟ وما دور العلماء والفقهاء في تحقيق التكافل الاجتماعي؟

يصنّف الدكتور محمد الصغير، الأمين العام للهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، الشدة وغلاء الأسعار الذي تعاني منه الدول العربية ضمن النوازل التي تلزم العلماء والفقهاء بإصدار فتاوى للتخفيف من معاناة المسلمين.

وخصصت حلقة (2023/4/4) من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" موضوعها لفقه النوازل والمحن والتي يعدّها الدكتور جزءا من طبيعة الحياة، وهي اختبارات وابتلاءات، وقد تكون نوازل شخصية أو نوازل في صفة العموم مثل كورونا والزلازل وبقية الكوارث الطبيعية.

ولأن ما وصلت إليه الأسعار والغلاء أصبح غير مسبوق، يدعو الأمين العام للهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام العلماءَ والفقهاء إلى التعامل مع هذا الغلاء في الأسعار من خلال دورهم في إصدار فتاوى بهدف التخفيف من معاناة المسلمين وتحقيق التكافل الاجتماعي، وأن تقف الأمة وقفة واحدة في تكافلها سواء في موضوع غلاء الأسعار أو في الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في فبراير/شباط الماضي، مذكّرا بقوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وعن فقه النوازل، يوضّح ضيف برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" أنه ظهر مع الإسلام، وأن أول من أفتى فيه هو الرسول صلى الله عليه وسلم، واستمر الأمرّ مع الصحابة الكرام، وخاصة مع الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي ظهرت أمامه مع توليه الخلافة نازلة تحتاج إلى حسم تتعلق بمن ارتدوا عن دفع الزكاة ومسألة جمع القرآن في مصحف.

في حين أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان هو مفتي النوازل، وأرسى مؤسسة التعامل مع الشدائد والنوازل. فمثلا، لما أراد اتخاذ القرار الأكبر بشأن من يأتي بعده، جعل القضية محل شورى، وهذا يؤكد أهمية الرجوع إلى العقل الجمعي في مسألة النوازل والمحن التي تحل بالأمة.

إعلان

الحياة دار اختبار وابتلاء

ويقول الأمين العام للهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام إن المسائل الكبيرة الأولى في موضوع النوازل يجب أن تحال إلى المجامع العلمية والفقهية التي يكون فيها أهل الاختصاص ويكون الرأي فيها بالشورى، وواجب عين على الفقهاء والعلماء أن يوجهوا الحكومات لحلّ المشاكل ويصدروا البيانات التي تلزم هذه الحكومات.

ومن جهة أخرى، يعتبر الدكتور محمد الصغير أن نزول الفتن والنوازل طالت حتى أكرم الناس وأشرفهم ومن بينهم الأنبياء رضي الله عنهم، وأشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله "أشد الناس بلاءً الأنبياء"، ومن كان في دينه صلابة زيد له في الابتلاء، وعلى الإنسان أن يدرك أن الحياة هي دار اختبار وابتلاء، ويقول الله تعالى في سورة البلد: "لقد خلقنا الإنسان في كبد".

ويؤكد أن النوازل مثل الزلازل والبراكين تصيب المسلمين وغيرهم، لأن القوانين الربانية والسنن الكونية هي على الخلق كافة، فقد يكون إعصار في بلد غير مسلم ويكون في بلد مسلم، وهو يشبه معركة القتال التي يموت فيها الصديق والزنديق.

وعن النوازل التي لا تسلط عليها الأضواء مثل الكوارث الممتدة كالمجاعة في دول مسلمة بأفريقيا وما يحدث لمسلمي الروهينغا، يشير الدكتور إلى أن هذا الأمر يقع عل عاتق الحكومات العربية، موضحا أن الجمعيات الخيرية -خاصة الخليجية منها- كانت تسد الثغرات عبر وصولها إلى الأماكن البعيدة، لكنها اليوم تحارَب وبعضها أغلق.

المصدر: الجزيرة

إعلان