تصعيد سياسي وعقوبات اقتصادية وتصريحات دبلوماسية.. هل ستنجح أميركا بجذب الصين إلى جانبها بالحرب الأوكرانية؟
تطلعت أنظار المتابعين لآخر تطورات التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة الأميركية والصين إلى تايوان، حيث يتقاطر مسؤولون صينيون وأميركيون في زيارات لا تخلو من دلالات رمزية وعملية، فما الذي آل إليه التوتر بين البلدين؟
الحديث عن مصير هذا التوتر تجدد بعد وصول 6 مسؤولين صينيين إلى تايوان في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 3 سنوات بدعوة من السلطات في العاصمة تايبيه لحضور فعالية ثقافية. وتزامنت الزيارة مع أخرى يؤديها مسؤول السياسة الصينية في البنتاغون إلى الجزيرة التي تمثل أحد محاور توتر متصاعد بين واشنطن وبكين، حيث تصر الأخيرة على اعتبارها جزءا من أراضي الصين العظمى، وترفض اعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة.
وتأتي زيارة مسؤولي البلدين إلى تايوان بعد فترة قصيرة من التصعيد السياسي بينهما، على خلفية حادثة المنطاد الصيني الذي أسقطته الولايات المتحدة فوق أراضيها.
ورغم التوتر في علاقات البلدين، فإن ديفيد سيدني نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الأمن القومي في آسيا اعتبر -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" (2023/2/18)- أن هناك مصلحة حقيقية لدى أميركا والصين بأن تكون علاقتهما تسمح ببحث مباعث القلق بينهما، من قبيل اجتياح روسيا لأوكرانيا والتغير المناخي.
واعتبر أن حادثة المنطاد تشتت الانتباه عن مصلحة البلدين الأساسية، فالتهديد الأمني الأول في العالم هو اجتياح روسيا لأوكرانيا، "وهنا يتعين على الصين أن تؤدي دورها لتنسحب روسيا من أوكرانيا"، وفق قوله.
تهديدات حقيقية
وفي حديثه عن التهديدات التي تواجه البلدين، أشار إلى أن كوريا الشمالية أطلقت صاروخا باليستيا آخر، وهو أمر -وفق رأيه- يشكل تهديدا لأميركا وكذلك منطقة شرق آسيا، معتبرا أن الصين يمكنها أن تساعد في خفض التوتر، ومعربا عن أمله بأن تتباحث الصين وأميركا في هذه القضايا الأساسية وتبتعدان عن مصطلحات تصعيدية لتسهيل عملية الحوار بينهما.
أما من وجهة نظر الصين، فأوضح الإعلامي والباحث في الشؤون الآسيوية رونغ هوان أن الصين ترى أن أميركا لا يمكنها الحوار والتعاون معها في الوقت الذي تقوم به بتحركات "مستفزة"، ولذلك من "الأجدى بها" بذل جهود مشتركة لتوسيع نطاق التعاون وتحقيق التعايش السلمي بين البلدين، موضحا أن الصين ترحب بالاتصال المباشر مع أميركا شريطة الاحترام المتبادل.
كما أشار إلى أن أميركا تعمل على زيادة وجودها العسكري جوار الصين وتعمل على تشكيل تحالفات مع دول الجوار، معتبرا أن إرسال وفد رسمي لتايوان يشنج علاقتها بالصين، فضلا عن فرضها عقوبات اقتصادية على بكين، مما يجعل من غير المنطقي أن يكون هناك اتصال مباشر بينهما في ظل الإستراتيجية التي تعتمدها أميركا.
سياسة "هستيرية"
وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي قد شدد -في تصريحات بمؤتمر ميونخ- على أن تايوان لم تكن يوما ولن تكون في المستقبل بلدا مستقلا، مشيرا إلى أن ما وصفها بالقوات الانفصالية التايوانية تهدد وحدة الصين. وأضاف أن واشنطن لم تنصت لدعوات بكين للتعامل مع أزمة المنطاد بهدوء ومهنية، وفضلت أن تنتهج سياسة وصفها بالهستيرية، قائلا إن إسقاط المنطاد الصيني لم يظهر قوة الولايات المتحدة بل العكس.
أما الولايات المتحدة التي قالت إنها أنهت عملية انتشال بقايا المنطاد الصيني، فقال رئيسها جو بايدن إن واشنطن لا تريد حربا باردة أخرى، مؤكدا أنه يعتزم لقاء نظيره الصيني ويجري معه حديثا في العمق بشأن ملابسات قضية المنطاد.
وفي حين تطلعت الأنظار إلى لقاء محتمل بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الصيني، قال المبعوث الأميركي الخاص لشؤون المناخ جون كيري إن على الصين والولايات المتحدة تجاوز قضية المنطاد لمناقشة قضايا أخرى أهم بكثير.
وفي سياق ما يمكن وصفه بحرب التصريحات بين الصين والولايات المتحدة، قال المتحدث باسم البنتاغون العقيد مايكل مينرز، إن الدعم الأميركي والعلاقة الدفاعية مع تايوان لا يزالان قويين ضد ما وصفه بالتهديد الحالي الذي تشكله الصين.
كما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times) أن البيت الأبيض سيعقد اجتماعا مع مسؤولين تايوانيين كبار الأسبوع المقبل في واشنطن لإجراء محادثات تـقرّر أن تكون خاصة لتجنب رد فعل غاضب من الصين.