وُصفت سياسته بالخيار الليبرالي "المتوحش".. هل يحل قيس سعيّد أزمة تونس بإقالته بعض الوزراء؟

من دون ذكر الأسباب، أنهى الرئيس التونسي قيس سعيّد، مهام وزيرة التجارة وتنمية الصادرات، فما خياراته للتعامل مع أزمة نقص المواد الأساسية وارتفاع أسعارها؟ ولماذا لجأ إلى خيار الإقالة؟

وجاءت الإقالة غداة إعلان معهد الإحصاء الحكومي، ارتفاع نسبة التضخّم لأعلى مستوى منذ 4 عقود، وارتفاع أسعار السلع والخدمات.

وانتقد الاتحاد العام التونسي للشغل، سياسات سعيّد وخياراته الاقتصادية، وهدد بأن الاتحاد لا يمكنه السكوت على هذا الوضع.

بينما اتهم سعيد خلال لقائه وزير الداخلية التونسي أول أمس الخميس، جهات لم يسمها بتلقي مبالغ ضخمة من الخارج وتوزيع أموال على المواطنين لتعطيل الدور الثاني لانتخابات مجلس النواب وتعطيل بعض المرافق العمومية لتأجيج الأوضاع وضرب استقرار الدولة التونسية، وفق قوله. واعتبر أن الحرية لا تعني الفوضى والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي.

وتعتبر إقالة وزيرة التجارة وتنمية الصادرات، الأولى من نوعها في حكومة نجلاء بودن، التي باشرت مهامها في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021. وتأتي الإقالة في وقت تواجه فيه الحكومة انتقادات واسعة بسبب أزمة حادة تتمثل في فقدان العديد من المواد الأساسية مثل الزيت والسكر والحليب.

شلل اقتصادي

وفي تحليل السياسيين، قال القيادي في جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"- إن سعيد حاول التدخل من خلال إقالته وزيرة التجارة، ولكنه غالبا ما يربك عجلة الإنتاج ومنظومة التوزيع في البلاد، الأمر الذي يحدث شللا اقتصادية ويزيد الطين بلة.

كما استغرب من قرار إقالة وزيرة التجارة، وذلك لأن سعيد طالما اتهم المحتكرين والمضاربين والمعارضين السياسيين في البلاد، ولكنه من خلال هذه الإقالة يقر بأن الأزمة تتعلق بأداء الحكومة ومنظومته السياسية.

في المقابل، رأى القيادي في التيار الشعبي جمال مارس أن إقالة وزيرة التجارة جاءت في إطار سعي سعيد إلى معالجة المسألة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية مطالبة بإيجاد الحلول وإحداث قرارات جذرية تعالج القضايا الاقتصادية في البلاد.

وضمن سلسلة انتقادات وجهتها قيادات وازنة في الاتحاد العام التونسي للشغل، لسياسات الرئيس قيس سعيد خلال الأيام الماضية، حمّل حفيظ حفيظ الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل الرئيسَ مسؤولية ما آلت إليه البلاد، وانتقد خياراته لمعالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة، التي اعتبرها تجليا لأزمة سياسية سبّبها الرئيس.

خيار "متوحش"

واعتبر حفيظ أن هذه خيارات سعيد تعتمد على ما وصفه بالخيار الليبرالي المتوحش وتحميل الطبقات الفقيرة والضعيفة كلفة الأزمة. وشدد على أن اتحاد الشغل لا يمكنه السكوت أمام هذا الوضع، وأن الهيئة الإدارية للمنظمة ستكون لها قرارات في مستوى الحدث وفي مستوى عمق الأزمة، على حد تعبيره.

كما وصف حفيظ الأزمة الحالية في تونس بالمعقدة والمركبة، معتبرا أن المسار السياسي الحالي في تونس يمثل ارتدادا وتراجعا عن مسار 25 يوليو/تموز، بعد تفرد الرئيس قيس سعيد بالحكم. وقال إن الرئيس سعيد انفرد بصياغة قانون انتخابي على مقاسه ألغى فيه الأحزاب وكل المكونات السياسية في البلاد.

وقال حاتم المزيو عميد المحامين التونسيين أول أمس الخميس إن المحاماة ستتصدى لكافة أشكال الاستبداد ولن تقبل بالارتداد عن مكاسب الثورة، وفي وقفة احتجاحية للمحامين أمام قصر العدالة اعتبر عميد المحامين التونسيين قانون المالية الجديد، تكريسا لما سماها "إملاءات" صندوق النقد الدولي. كما شدد على أن المحامين التونسيين يرفضون تبعية القضاء لأي جهة سياسية.

المصدر : الجزيرة