طالبت قوات فرنسا بمغادرة أراضيها.. محللون يكشفون دوافع قرار بوركينا فاسو ويتساءلون: هل تواطأت باريس مع "العدو"؟

طالبت حكومة بوركينا فاسو رسميا القوات الفرنسية الموجودة على أراضيها بمغادرتها في غضون شهر، وقالت السلطات في واغادوغو إن الأمر لا يتعلق بقطع علاقاتها مع باريس، ويقتصر فقط على اتفاقات التعاون العسكري.

وتشهد البلاد منذ أشهر مظاهرات تطالب برحيل القوات الفرنسية، متهمة إياها بأن وجودها لم يحسن الأمن في وجه ما تصفه بالهجمات الإرهابية. وهي مرحلة متقدمة لحالة التوتر التي سادت العلاقات بين بوركينا فاسو وفرنسا في الآونة الأخيرة، ففي محطات عدة تصاعدت الانتقادات التي سرعان ما تحولت إلى احتجاجات على الدور الفرنسي فيما يتعلق بالوضع الأمني في البلاد.

ووصل الأمر حد المطالبة برحيل القوات الفرنسية المرابطة في ضواحي العاصمة واغادوغو، على وقع هجمات متتالية تعرضت لها العاصمة وفي ظل مؤشرات على أن سلطات بوركينا فاسو ترغب في التوجه أكثر نحو روسيا، بحثا عن تعاون أنجع من وجهة نظرها في مواجهة ما تصفه بالهجمات الإرهابية التي تتهم القوات الفرنسية بالتقصير في مواجهتها، بل ويهمس غاضبون من سياسات باريس أنها تتواطأ معها.

وفي هذا السياق، قال الخبير في الشأن الأفريقي باتريك فورستييه -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" (2023/1/22)- إن فرنسا لم ترد بعد على البيان الصادر عن بوركينا فاسو، ولكن القرار كان متوقعا نظرا لقرارات حكومة بوركينا فاسو الراغبة بخروج القوات الفرنسية من أراضيها.

"تواطؤ" فرنسي

واعتبر أن مصطلح "التواطؤ" الفرنسي قوي ومبالغ فيه نظرا لأن ما يقارب 60 جنديا فرنسيا قتلوا أثناء مواجهتهم للعمليات المسلحة في تلك المنطقة، ولذلك لا يمكن الحديث عن تواطؤ مع العدو وهو تحليل لا يستند على أسس واقعية، وفق قوله.

من جهته، رأى الصحفي المختص في الشأن الأفريقي الهيبة ولد الشيخ سيداتي أن هناك "تخادم" بين القوات الفرنسية والجماعات العسكرية المسلحة في شمال مالي، مشيرا إلى أن التدخل الفرنسي تسبب في انتشار الجماعات المسلحة في مالي وبوركينا فاسو وازداد عددها، كما اتسعت رقعة عملياتها الجغرافية لتشمل العديد من الدول الأفريقية.

وأضاف أن سبب هذا "التخادم" هو أن فرنسا دخلت في عمليتها الأولى "سرفال" بأهداف محددة وواضحة بغية منع التقسيم في شمال مالي، معتبرا أنها نجحت نسبيا في هذا التدخل ولكن التغير نحو عملية مفتوحة من حيث الزمن جعلها شبيهة باستعمار جديد بالمنطقة.

اتهامات لباريس

وبهذا الصدد، نفت خريسولا زخاروبولو نائبة وزيرة الخارجية الفرنسية خلال زيارة لها إلى بوركينا فاسو اتهامات لباريس بالتدخل في مستعمراتها السابقة. وقالت زخاروبولو "فرنسا لا تفرض شيئا ولسنا هنا للتأثير على أي قرار أو خيارات معينة".

ولم يعد سرا -وفق تقارير- رغبة السلطات ببوركينا فاسو في تنويع شراكات بلادها الدولية، وفي أولى المؤشرات حديث عن تقارب مع روسيا بالذات التي قيل إن رئيس وزراء بوركينا فاسو زارها سرا مطلع ديسمبر/كانون الأول المنقضي.

وبقطع النظر عن صحة ذلك من عدمه، قال رئيس وزراء بوركينا فاسو في لقاء جمعه بالسفير الروسي مؤخرا إن روسيا هي خيار المنطق في الدينامية التي تمر بها البلاد والمنطقة. وأضاف نفس المسؤول جازما "أعتقد أن شراكتنا مع روسيا يجب أن تتعزز".

المصدر : الجزيرة