موازين

رائد الوسطية ومناصر ثورات الربيع العربي.. الشيخ القرضاوي الذي فضّل أن يكون عالم الأمة وليس عالم الإخوان

يُجمع ضيوف حلقة برنامج “موازين” على أن العلامة الراحل الدكتور يوسف القرضاوي هو رائد الوسطية والاعتدال، والصوت الذي يصدع بالحق في مناصرته قضية فلسطين، وفي وقوفه مع ثورات الربيع العربي في وجه الطغيان.

ويصف عصام البشير، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ القرضاوي بأنه رائد الوسطية، وإمام في الاجتهاد والأصول، وفي الفقه والفكر والدعوة، وفي الأدب والشعر.

فمن خلال النهج الذي سلكه العلامة الراحل، استطاع ترسيخ مفهوم الوسطية والاعتدال وترسيخ معالمها وأصولها ومرتكزاتها، وقدم الإسلام -يضيف البشير في مداخلته بحلقة (2022/9/28) من برنامج "موازين"-  باعتباره منهجا هاديا للزمان والمكان والإنسان، موصولا بالواقع، مشروحا بلغة العصر، منفتحا على الاجتهاد والتجديد، لا على الجمود والتقليد، منفتحا على الحضارات من دون ذوبان، ميسّرا في الفتوى ومبشرا في الدعوة.

وفي مقابلة حصرية أجريت معه قبل سنوات وبثتها حلقة برنامج "موازين"، يعرّف الشيخ القرضاوي الوسطية بأنها منهج في قراءة الإسلام ومصادره وتراثه وحضارته وتاريخه، ومنهج يقوم على التوازن والاعتدال، ومنهج وسط للأمة الوسط، ويتجنب الغلو والتطرف.

أما سالم الشيخي، عضو المجلس الأوروبي ووزير الأوقاف الليبي السابق، فيركز على موقف الشيخ القرضاوي من قضية فلسطين، بقوله إن قضية مقاومة الاحتلال الإسرائيلي كانت حاضرة في حياة الراحل، في خطبه وكتبه ومؤتمراته، وكان صوته يصدع بالحق في هذه المسألة.

وكان العلامة القرضاوي يمثل المرجعية الفقهية لحركة لمقاومة الاحتلال في فلسطين بكل أصنافها، إذ تكلم عنها بشكل عميق سواء في كتبه المتقدمة أو في ما أظهره في كتابه "فقه الجهاد"، وفق قول الشيخي.

ويؤكد الشيخ القرضاوي -في المقابلة الحصرية التي سجلت قبل وفاته- على أن مقاومة الاحتلال تدخل في باب المقاومة المشروعة ويسميها العلماء جهاد الدفع، وهي فرض عين.

ويتحدث عصام تليمة، المدير السابق لمكتب الدكتور القرضاوي، عن الحملات الشرسة التي تعرض لها العلامة الراحل، بسبب مواقفه المناصرة للمظلومين والمعارضة للطغيان والجبروت والظلم قبل الربيع العربي وفي أثنائه وبعده.

وحسب تليمة، كان الدكتور الراحل الصوت الديني الذي دعم الثورات العربية منذ بداياتها الأولى، كما أنه وقف ضد الثورات المضادة، ولذلك حكم عليه بالإعدام في بلدين اثنين بتهمة باطلة جائرة. وبسبب مواقفه، كان التضييق عليه وعلى أبنائه والمحيطين.

ترشيد الصحوة الإسلامية

وتناول الشيخ الراحل في المقابلة الحصرية جانبا من حياته الفكرية واجتهاداته الفقهية وبصمته الكبيرة التي تركها. ويؤكد في هذه المقابلة أنه استفاد من الشيخ محمد عبده ومن تلميذه رشيد رضا الذي يقول إنه يدين له أكثر مما يدين للآخرين. ويقول: " لا أرى التقليد لقديم ولا لحديث، ولا أقلد أهل الشرق ولا أهل الغرب"..

ويكشف العلامة الراحل -في المقابلة المسجلة- أنه بدخوله جماعة الإخوان المسلمين حدثت نقلة نوعية في حياته، إذ انتقل من التدين الفردي إلى التدين الجماعي الذي يعنى الذي يعنى بشأن الأمة توسعت، لكنه يؤكد أنه بعدما اتسع نشاطه أصبح الناس ينظرون إليه على أنه عالم الأمة وليس عالم الإخوان، ويقول إنه أحب أن يكرس هذا المعنى..

ومن جهته، يوضح الشيخي أن تأثر الشيخ القرضاوي بالإمام حامد الغزالي كان واضحا عبر الكتاب الأساسي للإمام الغزالي "إحياء علوم الدين"، كما تأثر بالروح الإصلاحية والتجديدية والإحيائية التي أراد الإمام أن يبثها في كل العلوم الإسلامية.

ويؤكد المدير السابق لمكتب الدكتور القرضاوي أن العلامة الراحل كتب عدة مؤلفات وطرح وجهات نظر مهمة، وعرض حقائق الإسلام الكبرى والمهمة، والتجديد الفقهي.

وعن مشروع ترشيد الصحوة الإسلامية، يقول تليمة إن الشيخ القرضاوي -بحكم أنه كان مجددا ومجتهدا وإماما- رأى بعض المظاهر التي تبتعد بالصحوة عن الرشد، فكتب كتبا في عدة قضايا، في ظاهرة التشدد والتكفير، وظاهرة الغلو في التكفير، وفي التشدد الفقهي.

ويذكر أن الشيخ القرضاوي والمؤسس والرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كان قد توفي في 26 من الشهر الجاري في قطر عن عن 96 عاما.