بعد 4 أيام من عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة، و3 أيام من فتح حزب الله جبهة جديدة في جنوب لبنان، قال قائد حركة أنصار الله الحوثيين عبد الملك الحوثي في كلمة متلفزة بثتها قناة "المسيرة"، "نحن في تنسيق تام مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة، لفعل ما نستطيع". وربط تدخل جماعته بتدخل الولايات المتحدة المباشر بالحرب.
في 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي اعترضت المدمرة الأميركية يو إس إس كارني أثناء تحركها في شمال البحر الأحمر 3 صواريخ سكود و 8 طائرات مسيرة أُطلقت من مناطق سيطرة حركة أنصار الله الحوثييّن في اليمن باتجاه إسرائيل حسب بيان لوزارة الدفاع الأميركية. وتزامن ذلك مع كشف وكالة بلومبيرغ أن السعودية أسقطت صاروخا أثناء مروره فوق أراضيها قادما من اليمن.
وتكررت الهجمات التي يشتبه بأن اليمن مصدرها في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما أعلنت القوات المسلحة المصرية عن سقوط طائرة مسيرة مجهولة الهُوية قرب مبنى قريب من مستشفى طابا في جنوب سيناء، وإصابة 6 أفراد. وأضافت أنها اعترضت طائرة مسيرة في خليج العقبة خارج المجال الجوي لمصر، وأن بعض حطام الطائرة سقط في منطقة غير مأهولة في منطقة نويبع.
بعد 3 أيام أعلن الحوثيون رسميا، وللمرة الأولى، وقوفهم خلف استهداف إسرائيل بمسيّرات وصواريخ عبر البحر الأحمر. أتى الاعتراف على لسان رئيس حكومة تصريف الأعمال التابعة للحوثيين غير المعترف بها دوليا عبد العزيز بن حبتور، الذي أعلن أن الحوثيين أطلقوا مسيّرات نحو إسرائيل ردا على العدوان المتواصل على قطاع غزة.
وأوضح في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية قائلا "نحن جزء من محور المقاومة. إننا نشارك بالقول وبالكلمة وبالمسيّرات". وأشار إلى أنه "محور واحد وهناك تنسيق يجري وغرفة عمليات مشتركة وقيادة مشتركة لكل هذه العمليات"، مؤكدا أنه "لا يمكن أن نترك لهذا العدو المتغطرس الصهيوني أن يقتل أهلنا دون رقيب".
العال
وكان أول حصاد للهجمات الصاروخية اليمنية على إسرائيل التي تكررت كذلك في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إعلان شركة العال الجوية الإسرائيلية وقف عبور طائراتها المجال الجوي لسلطنة عمان والسعودية في رحلاتها إلى جنوب شرق آسيا بسبب" المخاوف الأمنية".
وخلال الأسبوعين الأولين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تحولت أجواء البحر الأحمر إلى ميدان مجابهة، حيث تكرر إعلان الجيش الإسرائيلي إسقاط "تهديدات جوية" قادمة من اليمن باتجاه جنوب إيلات، واعتراض صاروخ باليستي قبل دخول مجاله الجوي. لكنه اعترف في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بأن مسيّرة "مجهولة المصدر" أصابت مبنى في إيلات.
لكن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي توعد بالمقابل في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بتوسيع مسار المجابهة المتواصلة في أجواء البحر الأحمر، لتشمل السفن العابرة للبحر الأحمر ومهاجمتها من السماء والبحر في الوقت ذاته. وقال في خطاب متلفز "سنظفر بسفن العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر وسننكّل بهم، وفي أي مستوى تناله أيدينا لن نتردد في استهدافه وليعرف بهذا كل العالم". وفي ترجمة لهذه التهديدات استولت قوة كوماندوز حوثية في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على سفينة "غلاكسي ليدرز" على بعد 120 كيلومترا من سواحل اليمن، واحتجزت طاقمها المكوّن من 25 فردا ينتمون إلى 4 جنسيات. جاء الحادث مباشرة عقب بيان تحذيري للمتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية الموالية لحركة أنصار الله الحوثيين يحيى سريع، أعلن فيه عزمهم استهداف السفن المملوكة، أو المشغلة لشركات إسرائيلية، أو التي ترفع العلم الإسرائيلي.
وتكررت هجمات الحوثيين على السفن المرتبطة بإسرائيل، وامتدت جنوبا إلى المحيط الهندي حيث ألحقت طائرة مسيرة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أضرارا بسفينة حاويات ترفع العلم المالطي، ويملكها رجل الأعمال الإسرائيلي عيدان عوفر دون وقوع إصابات بين أفراد الطاقم. وفي اليوم التالي هاجم الحوثيون سفينة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي وترفع العلم المالطي أثناء مرورها عبر البحر الأحمر، إلى جانب مهاجمة مسيّرة يمنية سفينة كلاندار المملوكة للشركة الشحن الإسرائيلية زيم. ومع دخول حرب غزة شهرها الخامس كان عدد السفن التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي قد وصل، حسب وكالة أمبري للتأمين البحري إلى 40 سفينة.
في النصف الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، اتسع نطاق المواجهة بين أنصار الله الحوثيين والقوات الأميركية ليشمل القطع البحرية التي تجوب مياه البحر الأحمر . ففي 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أسقطت المدمرة الأميركية "يو إس إس توماس هندر" مسيّرتين انطلقتا من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وبعد 5 أيام أعلنت القيادة المركزية الأميركية أن صاروخين بالستيين انطلقا من مناطق سيطرة الحوثيين باتجاه باتجاه المدمرة "يو إس إس ميسون" في خليج عدن، وأنهما سقطا على بعد 10 أميال منها.
وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي صدر بلاغ جديد يفيد بإسقاط المدمرة الأميركية "يو إس إس كارني" طائرة دون طيار تابعة للحوثيين لدى اقترابها من المدمرة في مضيق باب المندب. وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعلنت القيادة العسكرية الأميركية الوسطى إسقاط المدمرة كارني خلال إبحارها جنوب البحر الأحمر طائرة دون طيار من طراز كأس- 04 الإيرانية أطلقت من مناطق سيطرة حركة أنصار الله الحوثيين في اليمن.
مع تكرار هجمات جماعة أنصار الحوثي على السفن التجارية وسفن الأسطول الأميركي واستخدامهم صواريخ بحرية وأخرى باليستية إلى جانب المسيّرات، بدأت الولايات المتحدة بداية من 5 ديسمبر/كانون الأول 2023 تحركا من حلفائها لإنشاء تحالف يتولى صد وإحباط هجمات الحوثيين ووحدات الجيش اليمني الموالية لهم. وعقد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال جولته بالشرق الأوسط اجتماعا افتراضيا ضمّ وزراء ومسؤولي دفاع كبارا من 43 بلدا، بالإضافة إلى مسؤولين من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وأبلغهم بأن هجمات الحوثيين أثّرت بالفعل في الاقتصاد العالمي، وستستمر في تهديد الشحن التجاري إذا لم يعالج المجتمع الدولي القضية بشكل جماعي.
تحالف الازدهار
وأثمرت جهود أوستن عن تشكيل "تحالف الازدهار" الذي أعلنه من البحرين في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي بعد زيارة إلى إسرائيل. وحدّد التحالف هدفه بـ"حماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن من الهجمات التي تشنها القوات الموالية لحركة أنصار الله الحوثيين". وضم التحالف الذي اتخذ من البحرين مقرا له كلا من: الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والبحرين وكندا وهولندا والنرويج وسيشل والدانمارك واليونان وسنغافورة وسيريلانكا وفرنسا وأستراليا وإسبانيا، مع تفاوت إسهام كل دولة في أعمال التحالف، وتصدر الولايات المتحدة لنشاطاته القتالية.
ورد زعيم حركة أنصار الله الحوثيين عبد الملك الحوثي على إنشاء التحالف "بجعل البوارج والمصالح والملاحة الأميركية هدفا لصواريخنا وطائراتنا المسيرة وعملياتنا العسكرية". وقال في كلمة متلفزة في 20 ديسمبر/كانون الأول 2023 "من يتحرك مع الأميركي ويورط نفسه في حماية السفن الإسرائيلية يعلم أنه يقدم خدمة لإسرائيل حصرا ويضر بالملاحة الدولية"، داعيا دول العالم إلى انتقاد" الأميركي والذين يتطفلون معه من الدول البعيدة التي تأتي لتهدد الملاحة وتعسكر البحر الأحمر".
لكن المواجهة المتواصلة عبر أجواء البحر الأحمر ومياهه ما لبثت أن اتخذت منعطفا جديدا مع إعلان وحدات الجيش اليمني الموالية للحوثيين في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي "استشهاد وفقدان 10 أفراد من منتسبي القوات البحرية" بعد تعرض 3 من زوارقها لهجوم من السفن الأميركية "خلال ممارستها عمليتها في حماية الملاحة الدولية واعتراض السفن المتجهة إلى إسرائيل". وردّت الجماعة على هذا الهجوم بإعلان القيادي ورئيس مجلس حكم الجماعة يحيى المشاط ما سمّاه "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس".
كيربي وكاميرون
بالمقابل علّق رئيس مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي على التصريحات اليمنية بالقول إن الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع أوسع في الشرق الأوسط وأنها "لا تسعى إلى صراع مع الحوثيين" في اليمن، وأشار إلى أن أفضل نتيجة هي أن "يتوقف الحوثيون عن هجماتهم" ضد السفن البحر الأحمر. أما وزير خارجية المملكة المتحدة ديفيد كاميرون فقال إن على إيران مسؤولية منع هجمات حركة أنصار الله على السفن في البحر الأحمر؛ بسبب دعمها طويل الأمد للحركة.
في مسار دولي موازٍ عقد مجلس الأمن الدولي في 4 يناير/كانون الثاني 2024 جلسة طارئة استمع خلالها أعضاء المجلس إلى إحاطة من الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينيغز الذي أكد أن الهجمات تؤثر في 15% من تجارة الشحن الدولية العالمية، وهي النسبة التي تمر عبر البحر الأحمر. وبعد مداولات اعتمد المجلس في 10 يناير/كانون الثاني الماضي، القرار 2722 الذي تضمن إدانة هجمات الحوثيين على السفن التجارية وسفن النقل في البحر الأحمر. وطالب بالوقف الفوري لجميع هذه الهجمات. وأكد القرار وجوب احترام ممارسة السفن التجارية وسفن النقل للحقوق والحريات الملاحية وفقاً للقانون الدولي، وأحاط علما بحق الدول الأعضاء في الدفاع عن سفنها ضد الهجمات، بما في ذلك التي تقوّض تلك الحقوق.
ورد المتحدث باسم الجماعة، محمد عبد السلام فليتة على القرار، في بيان، على منصة "إكس" بالقول إنه «وصمة عار تاريخية». متهما المجلس بأنه "يظهر على النقيض من وظيفته، بتحوله إلى منصة لتمرير رغبات الدول النافذة». وأضاف "نحن مستمرون في موقفنا وفي منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى مواني الكيان الصهيوني، ولن نتوقف حتى يتوقف العدوان والحصار عن غزة". جاء ذلك وسط اعتراض الحكومة المعترف بها دوليا وتشديدها أمام حلفائها على أن ما يتم ليس نصرة لغزة؛ بل تنفيذا لتعليمات إيرانية حسب تعبير وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك خلال لقائه، في الرياض، مع السفيرة البريطانية عبدة شريف في 15 يناير/كانون الثاني الماضي.
73 غارة
بعد يومين من صدور القرار الدولي 2722 شنّت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عمليات قصف على أهداف في محافظات صنعاء والحديدة وحجة وذمار وتعز وصعدة. وقال المتحدث العسكري باسم قوات الحوثيين يحيى سريع إن "العدو الأميركي البريطاني أقدم في إطار دعمه لاستمرار الإجرام الإسرائيلي في غزة على شن عدوان غاشم على اليمن بـ73 غارة". وأوضح أن الغارات استهدفت العاصمة صنعاء ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة، مشيرا إلى أنها أسفرت عن مقتل 5 عسكريين حوثيين وإصابة 6 آخرين. من جهته شدد الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام على أنه لا مسوّغ مطلقا لهذا العدوان على اليمن، "فلم يكن من خطر على الملاحة الدولية". وأكد أن "الاستهداف كان وسيبقى يشمل السفن الإسرائيلية، أو تلك المتجهة إلى مواني فلسطين المحتلة"، وقال لم نستهدف أي دولة في العالم باستثناء إسرائيل.
مع اقتراب حرب غزة من نهاية شهرها الخامس وصلت حصيلة ضحايا المواجهة التي خاضها اليمنيون في سياقها 35 شخصا غالبيتهم من العسكريين ورجال "ميليشيا" أنصار الله الحوثييين. وقد نعت الجماعة 10 من قتلاها في بيان صدر في 31 ديسمبر/كانون الأول 2023 وحمل اسم "الفتح الموعود والجهاد المقدس". وفي 10 فبراير/شباط 2024 أعلنت الجماعة مقتل 17 ضابطا من قواتها في غارات شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على اليمن، ولم تحدد مكان وزمان مقتلهم.
ونشرت الجماعة أسماء 17 شخصا يحملون رتبا عسكرية جرى تشييع جثامينهم من مسجد الصالح الواقع أمام دار الرئاسة بميدان السبعين، بحضور قيادات عسكرية ومدنية شاركوا في صلاة الجنازة عليهم، قبل مواراة جثامينهم الثرى كل إلى مسقط رأسه بمناطقهم. وهذه المرة الثانية التي يعلن فيها أنصار الله الحوثيون عن سقوط قتلى من عناصرها جراء الغارات الأميركية البريطانية التي تستهدف مواقعهم العسكرية في المحافظات اليمنية.
وكانت المرة الأولى لسقوط قتلى عسكريين في اليوم الأول لبدء الضربات الأميركية البريطانية في 12 يناير/كانون الثاني 2024 بأكثر من 73 غارة جوية وصاروخية. وأعلنت الجماعة وقتها في بيان للمتحدث العسكري للجماعة العميد يحيى سريع حينها مقتل 5 من قواتها وإصابة 6 آخرين، دون الإفصاح عن أسمائهم أو رتبهم العسكرية، ولا الأماكن والمواقع التي سقطوا فيها جراء الغارات الأميركية البريطانية. أما المدني الذي سقط جراء غارة أميركية بريطانية على محافظة تعز فأعلنت قناة "المسيرة" عن مقتله في 24 فبراير/شباط الماضي. وذكرت أن القصف الأميركي البريطاني استهدف مواقع أبراج إتصالات ونتج عنه مقتل "مواطن وإصابة 6 آخرين جميعهم من أسرة واحدة، كانوا على مقربة من الموقع". والقتيل والجرحى هم من منطقة الأقحوز في مديرية مقبنة بمحافظة تعز.
وأدى التوتر العسكري في البحر الأحمر وانتشار القطع الحربية الأميركية والأجنبية وهجمات جماعة أنصار الله الحوثيين على السفن الإسرائيلية أو تلك التي تنقل بضائع لإسرائيل، إلى تصاعد المخاطر على حياة عشرات الصيادين اليمنيين. وفي تصريح للجزيرة نت أفاد فؤاد دوبلة مسؤول الإنزال السمكي في مرفأ الصيادين بمديرية الخوخة بمحافظة الحديدة، بأن هناك 8 صيادين مفقودين منذ 19 ديسمبر/كانون الأول 2023.
مفقودون
وأضاف فؤاد أن هناك 4 صيادين يمنيين أُعلن فقدانهم بتاريخ 25 فبراير/شباط 2024 وكانوا قد ذهبوا في رحلة صيد بالبحر الأحمر، ولم يعلم مصيرهم حتى اليوم. وعما إذا كانت هناك معلومات عن حقيقة وضع الصيادين اليمنيين المفقودين وهل اعتقلوا من قوات إرتريا كما هي العادة خلال السنوات الماضية، أو أنهم تعرضوا لقصف في البحر الأحمر وتسبب في فقدان التواصل معهم، قال فؤاد إن كلا الاحتمالات واردة، وما زلنا نبحث عن معلومات تفيد عن سبب فقدانهم .
وكان 8 صيادين من أبناء مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة غربي اليمن قد عثر على جثثهم في 25 يناير/كانون الأول 2024. وذكر الصحفي بسيم الجناني، بصفحته على موقع إكس، نقلا عن مصدر في ميناء الاصطياد بمديرية الخوخة، أن الصيادين كانوا في رحلة صيد وأعلن اختفاؤهم في 25 ديسمبر/كانون الأول 2023 . وأفاد الجناني أنه "عُثر على الصيادين المفقودين، بالقرب من جزر ذو حراب بالبحر الأحمر، وعلى أجسادهم آثار طلقات نارية، وقد تم التعرف إليهم من خلال هوياتهم ومقتنياتهم الشخصية". ولم يستبعد كثير من الناشطين اليمنيين أن يكون الصيادون قد جرى استهدافهم من بارجات أميركية أو ناقلات شحن ظنا منها أنهم مسلحون تابعون لجماعة أنصار الله الحوثيين.
على المستوى الاقتصادي أدى تصعيد جماعة أنصار الله الحوثيين في البحر الأحمر ومضيق باب المندب إلى إضرابات في الشحن والتجارة العالمية. ففي 2023 على سبيل المثال؛ قُدّر عدد السفن التي عبرت من خلال المضيق المذكور بـ21ألفا و344، أي بمعدل 59 يوميا عبرت من الجنوب باتجاه قناة السويس المصرية مما شكل ما معدله 12 من التجارة الدولية.
وكان رد الفعل الأولى والمباشر لشركات الملاحة الدولية على الهجمات تحويل مسار أساطيل السفن من البحر الأحمر وقناة السويس، إلى طريق بحري أطول هو رأس الرجاء الصالح في أقصى جنوب القارة الأفريقية.
وقالت المنظمة البحرية الدولية في 3 يناير/كانون الثاني الماضي أن 18 شركة شحن بحري غيّرت مسار سفنها من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح؛ بسبب الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر. وفي اليوم التالي دعت وزارة الصناعة في كوريا الجنوبية شركات الشحن البحري لاستخدام طرق بديلة للبحر الأحمر لتجنب الهجمات. وفي اليوم الموالي أعلنت "ميرسك" الدانماركية عملاق النقل البحري تغيير مسار جميع سفنها التي كان مقررا لها أن تمر من البحر الأحمر وخليج عدن، إلى مسار رأس الرجاء الصالح بالنظر إلى "بقاء الخطر الأمني في مستوى مرتفع في البحر الأحمر". وفي 16 يناير/كانون الثاني الماضي أدرجت سوق التأمين في لندن جنوب البحر الأحمر -حسب وكالة رويترز- ضمن المناطق عالية المخاطر، وذلك حتى قبل هجمات الحوثيين الأخيرة، وقالت إنه يتعين على السفن إخطار شركات التأمين الخاصة بها عند الإبحار عبر هذه المناطق ودفع قسط إضافي.
فريق العمل:
إعداد وتحرير: محمد العلي، عبده عايش.
إنفوغراف: محمد الحداد.
تصميم رئيس: قسم الوسائط.