مثّل اختيار جي دي فانس كنائب لدونالد ترامب تتويجا لرحلة صعود مذهلة لرجل لم يبلغ الأربعين من العمر إلا قبل أيام. وُلد فانس في مدينة ميدلتاون الصناعية الصغيرة بولاية أوهايو، ونشأ وتربى في غياب أبيه، وتولت رعايتَه والدتُه المدمنة للمخدرات، ثم جدته السيدة التقليدية الفقيرة، ابنة مناطق جبال الأبالاش الفقيرة في الوسط الأميركي.
شق فانس طريقه من خلال فرص أتاحتها له مؤسسات أميركية مرموقة، بداية بسلاح مشاة البحرية فور انتهاء دراسته الثانوية، ثم كلية الحقوق بجامعة ييل العريقة، ثم شركات وادي السيليكون بمنطقة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، وصولا إلى عضوية مجلس الشيوخ عام 2022.
تسبب نشر كتاب "مرثية البسطاء.. مذكرات عائلة وثقافة في أزمة" (Hillbilly Elegy: A Memoir of a Family and Culture in Crisis) عن قصة حياة فانس عام 2016؛ في شهرته المبكرة بعدما تبوأ الكتاب قوائمَ الكتب الأكثر مبيعا في أميركا. وساهمت منصة نتفليكس في مضاعفة شهرة وثروة فانس، بعد إنتاجها وعرضها فيلما مقتبسا من الكتاب حول مسار حياته.
بدأ فانس مسيرته السياسية بالهجوم الشديد على دونالد ترامب قبل انتخابات 2016، وشبّهه بالزعيم الألماني "هتلر"، واعتبره بمثابة "هيروين ثقافي للطبقة العاملة البيضاء"، ثم تغيرت مواقف فانس خلال سنوات قصيرة ليصبح المتحدث الأكثر فعالية في الحزب الجمهوري عن الترامبية كأيديولوجية.
ويرى معلقون محافظون أنه بالنظر إلى خلفيته ونشأته، وإلى ما وصل إليه الآن، فمن الإنصاف القول بكل ثقة إن جي دي فانس "هو الشخص الأكثر نجاحا في جيله في السياسة الأميركية بلا منافس".
فقير وغريب وسط نخبة ييل
ولد فانس في بلدة ميدلتاون بولاية أوهايو، وكانت مدينة صناعية صغيرة تقع بين مدينتي دايتون وسينسيناتي، بعدما انتقل أجداده إليها عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبدء نهضة صناعية في ولايات الشمال ومنها أوهايو، حيث توفرت وظائف عديدة ذات أجور مرتفعة للطبقة العاملة.
وُلد فانس لأم هجرها زوجها مبكرا، وتزوجت 4 مرات بعد ذلك، وتعاطت المخدرات بأنواعها، ويقول فانس: "كان أجدادي فقراء قذرين، لكنهم طيبون".
يصف فانس نشأته وخلفيته العائلية أثناء عيشه في ميدلتاون، وتحدث عن تاريخ عائلي من الفقر وإدمان المخدرات، وكيف اضطر أجداده ثم والدته لقبول وظائف منخفضة الأجر، بعدما تم نقل الوظائف الجيدة إلى خارج البلاد باتجاه الصين أو المكسيك حيث تنخفض الأجور.
وتحدث فانس عن قيم الجنوب الأميركي التي حملتها عائلته معها من ولاية كنتاكي، ومنها قيم مناطق جبال الأبالاش التي يميزها الولاء وحب الوطن، رغم انتشار قضايا اجتماعية مثل الجنوح المتكرر للعنف والإساءة اللفظية.
ولم يتردد فانس في عرض إدمان أجداده للخمور والمخدرات، وإساءة معاملتهم بعضهم لبعض، وتاريخ والدته غير المستقر وعلاقاتها الجنسية الفاشلة. وبسبب إدمان والدته، كانت جدته هي الوصية عليه أثناء طفولته، وكانت شديدة الصرامة، ودفعته للاجتهاد تعليميا وأخلاقيا.
حصل فانس على شهادة البكالوريوس من جامعة ولاية أوهايو بعد عودته من الخدمة في المارينز بالعراق، ثم التحق بكلية الحقوق في جامعة ييل في خريف عام 2010، وكتب يقول "لم أشعر أبدا بأنني في غربة طوال حياتي، لكنني شعرت بذلك في جامعة ييل".
وينتمي 95% من طلاب الجامعة إلى الطبقة العليا، وهم من الأغنياء بصفة عامة، ويبقى 5% من الطلاب المجتهدين من أبناء الفقراء والمهاجرين الجدد. ويقول فانس إن زملاءه كانوا من الأبناء المدللين لمديري المستشفيات وأعضاء هيئة التدريس ومحامي الشركات.. "إنهم لا يحبونك، وأنت تبدو غريبا بالنسبة لهم".
والتقى فانس زوجته أوشا، وهي ابنة والدين مهاجرين من الهند، أثناء دراسته القانون بالجامعة. وبعد ذلك انتقل معها إلى واشنطن العاصمة، حيث عملت زوجته مساعدة لقاضي المحكمة العليا بريت كافانو، الذي كان آنذاك قاضيا في محكمة الاستئناف بدائرة واشنطن. وأمضى فانس سنوات عدة في العمل كمحام في شركة محاماة بواشنطن، ثم عمل مديرا في صندوق رأس المال الاستثماري الذي شارك في تأسيسه الملياردير بيتر ثيل.
مفتاح فهم تجربة ترامب
وسط ضجيج الحملة الرئاسية لانتخابات 2016، نشر جي دي فانس كتابا عن حياته بعد ضغط من إيمي تشوا، أستاذته في القانون بجامعة ييل المرموقة. وتزامن نشر الكتاب مع الصعود الصاروخي لدونالد ترامب في غمار الحياة الأميركية، مطيحا بكل القواعد والأعراف والقيود التي عرفتها الحياة السياسية الأميركية لعقود. ويرى معلقون كثيرون أن كتاب فانس يفصل جاذبية ترامب لدى الطبقات الدنيا من البيض ممن تأثروا سلبيا بالعولمة وهجرة المصانع من الولايات الأميركية إلى الخارج حيث الأيدي العاملة الرخيصة. وكان أحد الأسباب الرئيسية لنجاح كتاب فانس هو صدوره وتفسيره بطرق غير مباشرة وشخصية لصعود دونالد ترامب إلى قمة الحزب الجمهوري على وجه الخصوص، كما شرح سبب انجذاب ناخبي الطبقة العاملة البيضاء إلى ترامب كزعيم سياسي.
وشرح فانس قصة عائلته بلا خجل أو تردد، وكيف عكست ما شهدته ولايات حزام الصدأ الأميركية في الغرب الأوسط، ونضال الطبقة العاملة الأميركية التي أهدت ترامب الرئاسة عام 2016، ثم سهلت فوز جو بايدن في انتخابات 2020، ويتصارع عليها المرشحان في انتخابات 2024.
وقد بيعت 1.6 مليون نسخة من الكتاب خلال عدة أسابيع، إضافة إلى الطبعات الإلكترونية والصوتية، وفقا لشركة هاربر كولينز ناشرة الكتاب.
ويحكي الكتاب كذلك قصة هجرتين، إحداهما هي الحركة الواسعة للبيض الفقراء، ومن بينهم أجداد فانس لأمه، من ريف جبال الأبالاش إلى مدن وبلدات ولايات حزام الصدأ. والهجرة الأخرى هي مسار فانس نفسه من مدينة ميدلتاون بولاية أوهايو، إلى مراكز الطبقة الحاكمة في جامعة ييل ووادي السيليكون بكاليفورنيا وواشنطن العاصمة.
وبينما يركز الكتاب في المقام الأول على قصة فانس الشخصية، يلقي الضوء أيضا على القضايا الاجتماعية الأوسع داخل المجتمع الأميركي، لا سيما فيما يتعلق بالفقر والتعليم والانقسامات الثقافية. وأحد الموضوعات الرئيسية للكتاب هو تأثير الفقر على الأفراد والمجتمعات، حيث يتطرق فانس إلى التحديات التي يواجهها العديد من الأميركيين من الطبقة العاملة، بما فيها عدم الحصول على تعليم جيد، وفرص العمل المحدودة، ودورة الإدمان والعنف التي غالبا ما تضرب هذه المجتمعات.
ويتعمق فانس في الحديث عن العوامل الاجتماعية والاقتصادية المعقدة التي تساهم في دورة الفقر المجتمعية، ويسلط الضوء على قضايا مثل محدودية الوصول إلى التعليم وفرص العمل. كما يأمل في رحلته الخاصة أن يتحرر من هذه القيود، مؤكدا على أهمية المرونة والتصميم في مواجهة الشدائد. بالإضافة إلى ذلك، تطرق فانس إلى مفهوم الهوية والانتماء، حيث يتصارع مع جذوره في جبال الأبالاش ووصمة العار الثقافية المرتبطة بانتمائه إليها.
المعلمة والممول
لعبت أستاذة القانون بجامعة ييل، إيمي تشوا، والملياردير بيتر ثيل، دورا مركزيا في صعود فانس وشهرته ونجاحه. وبينما يرجع البعض ذلك إلى الصدفة، يُرجعه آخرون إلى رؤيتهما الصائبة المبكرة لإمكانيات فانس، وما يمثله من فرصة فريدة للصعود السياسي في الحياة الأميركية.
بادرت تشوا بنصيحة تلميذها فانس بضرورة كتابة قصة حياته المثيرة والملهمة، وعرّفته على ناشر كتبها الذي رحب بفكرة الكتاب، وطالبه بالانتهاء منه سريعا. وبعد ذلك التحق فانس للعمل بأحد الصناديق الاستثمارية للملياردير ثيل، الذي طالبه لاحقا بالتفرغ للعمل السياسي عندما فكر في الترشح كسيناتور من ولاية أوهايو، وموّل ثيل حملته الانتخابية الناجحة بملايين الدولارات.
ثم رشحت الأستاذة تشوا زوجةَ فانس للعمل مساعدةً لقضاة المحكمة العليا، وهو منصب مرموق لخريجة جديدة من كلية الحقوق، كما عرّف الملياردير ثيل فانس على دائرته المقربة من أهم رجال الأعمال الأميركيين المحافظين مثل إيلون ماسك، وآخرون من كبار ملاك ومديري شركات وول ستريت ووادي السيليكون.
وتاريخيا عرفت الحركة المحافظة الجمهورية الأميركية أزمة في "الوريث"، بعدما عرفت نجاحا في خلق جيل الآباء، لكنها تتعرض دوما لأزمة الاستمرار مع جيل الأبناء. ولم يكن هناك وريث قوي لإرث رونالد ريغان، ومع الخشية من ضياع إرث ترامب، اعتبر الكثير من الممولين الجمهوريين أن فانس يمثل فرصة جيل الأبناء بسنه الصغيرة وزوجته الهندية ابنه المهاجرين.
ومع تحول النخبة الجمهورية إلى الترامبية، كان عليها البحث عن وجه جديد يحمل شعلتها بعد فوز ترامب وعقب انتهاء حكمه عام 2028، أو حتى حال خسارته انتخابات 2024.
كراهية مبكرة وتحالف نفعي
خلال انتخابات عام 2016، أعرب فانس عن انتقادات شديدة لترامب. ففي مقابلة مع الإذاعة الوطنية العامة في ذلك العام، صرح فانس بصراحة "لا أستطيع تحمل ترامب"، وأعرب عن مخاوفه من أن ترامب "يقود الطبقة العاملة البيضاء إلى مكان مظلم للغاية"، مضيفا أنه من المرجح أن يصوت لمرشح حزب ثالث في عام 2016.
وبعد فترة وجيزة من دخوله سباق مجلس الشيوخ الأميركي في عام 2021، اعتذر فانس علنا عن تعليقاته الانتقادية السابقة حول ترامب، رغم خسارة الأخير في انتخابات 2020.
وقبل ذلك، غيّر فانس لهجته بشكل كبير تجاه ترامب، وأدان انتقاداته الخاصة باعتبارها "غبية"، ونال فانس مباركة ترامب وتأييده في الانتخابات التمهيدية لذلك العام. وأصبح فانس ترامبيًّا بامتياز، حتى تم اختياره من قبل ترامب ليكون نائبه في بطاقة الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2024.
يقول فانس "يؤسفني أن أكون مخطئا بشأن الرجل"، مضيفا بعد عدة أيام في حملته الانتخابية "أعتقد أنه كان رئيسا جيدا، وأنه اتخذ الكثير من القرارات الجيدة للأميركيين"، كما قال في وقت لاحق "إنه أفضل رئيس في حياتي".
جعل فانس دعمه لسياسات ترامب محور حملته، وانضم إلى حركة "فلنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" المعروفة اختصارا باسم "ماغا" (MAGA). كما كرر مزاعم ترامب بوجود تزوير واسع النطاق لسجلات الناخبين في انتخابات 2020. وفي خطاب قبوله الترشح كنائب لترامب على بطاقة الحزب الجمهوري، قال فانس كل ما يريد ترامب سماعه.
وأصبح فانس من أبرز منتقدي الدعم الأميركي لأوكرانيا، وقال "يجب أن أكون صادقا معك، لا يهمني حقا ما يحدث لأوكرانيا بطريقة أو بأخرى". وادعى أن إدارة بايدن تسمح بتهريب مخدر الفنتانيل من الحدود الجنوبية كجزء من استراتيجية متعمدة لقتل الناخبين الجمهوريين: "إذا كنت تريد قتل مجموعة من ناخبي ماغا في قلب البلاد، فالأفضل استهدافهم وأطفالهم بهذا الفنتانيل القاتل.. يبدو متعمدا.. يبدو الأمر كما لو أن جو بايدن يريد معاقبة الأشخاص الذين لم يصوتوا له".
ويعتقد فانس أن "الحرب الثقافية حرب طبقية بالأساس، والتصدي للقيم الثقافية للنخب التقدمية ضروري لتعزيز المصالح الاقتصادية والسياسية للطبقة العاملة الأميركية".
كما يؤكد أنه لو كان في محل مايك بنس، نائب ترامب السابق في عام 2021، لما صدّق على نتائج انتخابات 2020: "لو كنت نائبا للرئيس، لكنت أخبرت الولايات، مثل بنسلفانيا وجورجيا والعديد من الولايات الأخرى، أننا بحاجة إلى قوائم متعددة من الناخبين، وأعتقد أن الكونغرس كان يجب أن يقاتل من أجل عدالة الانتخابات".
وبعدما أصيب ترامب برصاصة في أذنه في يوليو/تموز الماضي، خلال تجمع حاشد بمدينة بتلر في ولاية بنسلفانيا، كان فانس ضمن أوائل المسؤولين الذين سيّسوا الحدث. وفي غضون ساعات، غرد فانس يقول إن "الفرضية المركزية لحملة بايدن هي أن الرئيس دونالد ترامب فاشي استبدادي يجب إيقافه بأي ثمن.. هذا الخطاب أدى مباشرة إلى محاولة اغتيال الرئيس ترامب".
وبعد اختيار ترامب لفانس نائبا له، بثت حالة من الحماس الكبير للحملة الرئاسية الجمهورية، وجاء الإعلان في اليوم الأول للمؤتمر الوطني للحزب الجمهوري بمدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن، حيث حضر قادة الحزب ومندوبو جميع الولايات الخمسين، إضافة إلى العاصمة واشنطن، والأقاليم الأميركية الخمسة.
وأشاد المندوبون باختيار ترامب لفانس، لكونه شابا ومتزوجا من ابنة مهاجرين من الهند. زوجة فانس الهندية الأصل، وابنة مهاجرين شرعيين، ستضمن الكثير من الدعم لترامب بين ناخبي الأقليات ممن اعتقدوا أن ترامب لا يرحب بالمهاجرين.
وتوقع دانيال ستاماتوس، وهو مندوب احتياطي من ولاية أيداهو، أن يؤدي اختيار ترامب لفانس نائبا له إلى جذب الناخبين المستقلين من ولايات "حزام الصدأ" للتصويت لصالح الجمهوريين مرة أخرى، كما فعلوا في انتخابات 2016.
ويقصد بتسمية "حزام الصدأ" مجموعة ولايات كانت صناعية في شمال وسط الولايات المتحدة، وأدت العولمة وتصدير الوظائف للخارج إلى تدهور قاعدتها الصناعية، والتخلص من مئات الآلاف من العمال. ومن هذه الولايات أوهايو وبنسلفانيا وويسكونسن وميشيغان، وكلها -باستثناء أوهايو- ولايات متأرجحة.
فضيحة سيدات القطط
ارتكب فانس العديد من الأخطاء السياسية التي لا يُعرف حتى الآن حجم الأضرار التي تسببت فيها على الحملة الانتخابية لترامب. فقبل أشهر، وصف فانس في حديث تلفزيوني نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، والنساء المؤيدات لها بأنهن "نساء قطط بلا أطفال"، في إشارة إلى عدم إنجاب هاريس لأطفال. واقترح فانس أنه يجب تمتع الآباء "بسلطة سياسية أكبر" ممن لا أطفال لهم.
وبعد ذلك بأيام، حاول فانس لفت انتباه الصحافة إلى الوضع الذي يتكشف في سبرينغفيلد بولاية أوهايو، وهي مدينة يقلّ عدد سكانها عن 60 ألفا، وكانت تعاني من تبعات وصول أكثر من 20 ألف مهاجر من جزيرة هاييتي الواقعة بالبحر الكاريبي بعد اندلاع حرب أهلية فيها. ووعد فانس هؤلاء المهاجرين بوظائف في مصانع لم يعد كثير منها موجودا في المدينة بعد انتقالها إلى المكسيك والصين خلال السنوات الأخيرة. وكرر فانس ادعاءات روّج لها على منصات التواصل الاجتماعي اليمينية، مفادها أن "مهاجري هاييتي يختطفون الحيوانات الأليفة لسكان سبرينغفيلد ويأكلونها! ولا ينبغي لهم أن يبقوا داخل الأراضي الأميركية".
وفي اليوم التالي، كرر ترامب هذا الادعاء خلال مناظرته الرئاسية مع كامالا هاريس بطريقة خرقاء ومهزوزة، دون تقديم أي دليل على ذلك. وبعدها بأيام، أغلقت سلسلة من التهديدات بالقنابل مدارسَ سبرينغفيلد، وأفزعت السكان المحليين. وناشد عمدة المدينة الجمهوري وحاكم الولاية الجمهوري فانس التوقفَ عن تكرار هذا الادعاء، لكن الأخير رفض القيام بذلك. وعلى شاشة شبكة "سي إن إن"، رفض فانس الاعتراف بالخطأ، وتمادى في الدفاع عن موقفه، وقال إن "وسائل الإعلام الأميركية تجاهلت حقيقة هذه الأشياء تماما حتى بدأتُ أنا ودونالد ترامب نتحدث عن القطط. إذا كان عليّ أن أخلق قصصا كهذه حتى تُولي وسائل الإعلام الأميركية اهتماما فعليا لمعاناة الشعب الأميركي، فهذا ما سأفعله".
أفضل من ترامب
عقب المناظرة الوحيدة بينه وبين تيم والز، نائب المرشحة الديمقراطية هاريس، خرجت وول ستريت جورنال المحافظة بافتتاحية تؤكد فيها أن "فانس يقدم حجة أفضل لترامب من ترامب نفسه".
وأشارت الصحيفة، القريبة من الحزب الجمهوري، أن فانس ساهم في زيادة حظوظ ترامب الانتخابية، حيث ظهر فانس محترما، ومستعدا جيدا، وواضحا، ولم يتردد في تذكير الناخبين بعيوب ما أسماها "إدارة كامالا هاريس". وأشارت الافتتاحية إلى عدم تمكن دونالد ترامب نفسه من عرض سجل هاريس ومهاجمته، بنفس الطريقة القوية التي اتبعها فانس.
كما اعتبرت الصحيفة أن السيناتور فانس كان فعالا بشكل خاص في تجميل السياسات الحادة للحزب الجمهوري التي يصورها الديمقراطيون والصحافة على أنها قاسية. ولفتت إلى أن فانس نجح في تناول سياسة الإجهاض الشائكة من خلال الاعتراف بأن ناخبي أوهايو اختاروا تمرير سياسة عارضها، ولكن في النظم الديمقراطية هذا ما عليك قبوله. كما أقر بأن على الجمهوريين بذل المزيد من الجهد لاستعادة ثقة الأميركيين في هذه القضية. وأبرزت الصحيفة تكرار فانس أن التعريفات الجمركية والتصنيع المحلي هما مفتاح الازدهار.
وخلال الأسابيع والأيام الأخيرة، أصبح من أهم مهام فانس تنظيفُ (إعادة صياغة) ما يقوله ترامب، وتصحيحه لما يتناوله الإعلام الأميركي من سلبيات عن المرشح الجمهوري غير الملتزم بأي تقاليد أو أعراف سياسية.
وفي ظهور على شبكة "سي إن إن" صباح الأحد 27 أكتوبر/تشرين الأول، دافع فانس عن تعليقات ترامب الأخيرة التي وصف فيها الديمقراطيين وخصومه السياسيين الآخرين بأنهم "العدو الداخلي"، ثم ادعى أن تعليقات ترامب حول استخدام الجيش ضد أعدائه كانت في الواقع تتعلق بمثيري الشغب الذين يحتجون من أجل العدالة العرقية خلال صيف عام 2020.
وقال في ختام اللقاء إن كلمات ترامب "لا تخضع لأي مراجعة.. هو يقول ما يخطر على باله"، وردّ باستخفاف على سؤال حول خطورة ما يقوله ترامب بالقول إن "ترامب كما نعرفه.. يتحدث من القلب".