خبير في الأمن الإلكتروني: هجوم "البيجر" الإسرائيلي في لبنان غيّر العالم

جهاز من الأجهزة اللاسلكية التي فجرتها إسرائيل بلبنان الأسبوع الماضي (الفرنسية)

قال خبير في الأمن الإلكتروني إن الهجمات "الوقحة" التي شنتها إسرائيل على حزب الله في لبنان الأسبوع الماضي عبر تفجيرها مئات أجهزة النداء الآلي (البيجر) وأجهزة الاتصال اللاسلكي الثنائية الاتجاه أظهرت "بشكل صادم" مدى التهديد الذي ظل يحذر منه خبراء الأمن السيبراني طوال سنوات.

وأضاف الخبير في تكنولوجيا الأمن بروس شنايدر، في مقاله التحليلي بصحيفة نيويورك تايمز، أن التفجيرات التي أزهقت أرواح ما لا يقل عن 37 شخصا تهدد سلاسل التوريد الدولية لأجهزة الحاسب الآلي وتجعل العالم عُرضة للخطر "لأننا لا نملك وسائل جيدة للدفاع عن أنفسنا".

ورغم أن التفجيرات التي وقعت في لبنان يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين كانت "صاعقة"، حسب وصف الكاتب، فإن العناصر التي استُخدمت لتنفيذها لم تكن جديدة على وجه التحديد. وأكد شنايدر أن إسرائيل استخدمت أساليب ظلت متبعة على مدى سنوات في "خطفها" سلاسل توريد دولية وزرع متفجرات بلاستيكية في أجهزة إلكترونية كانت متجهة إلى حزب الله.

غير أن الجديد برأي شنايدر، الذي يعمل محاضرا في مدرسة جون كينيدي للإدارة الحكومية التابعة لجامعة هارفارد، هو أن إسرائيل جمعت هذه العناصر بطريقة مدمرة ومبالغ فيها، وذلك يبرز بوضوح كيف سيبدو مستقبل المنافسة بين القوى العظمى في زمن السلم وزمن الحرب وما بينهما.

إعلان

وتوقع الكاتب ألا تستهدف مثل هذه الهجمات "الإرهابيين" وحدهم، ذلك أن أجهزة الحواسيب التي بأيدي الناس معرضة هي أيضا للخطر، "كما أصبحت سياراتنا وثلاجاتنا وأجهزة تنظيم الحرارة في منازلنا والعديد من الأشياء المفيدة حولنا مهددة أيضا".

ومع أن إسرائيل استخدمت أسلوب زرع المتفجرات في الأجهزة الشخصية للشخصيات التي اغتالتها من قبل، فإن شنايدر يعدّ استهدافها لسلاسل التوريد الدولية وتعريض المعدات الإلكترونية للخطر على نطاق واسع هو الجزء الأكثر تعقيدا في خطتها.

وأكد الخبير في الأمن الإلكتروني أن الولايات المتحدة نفسها استخدمت الطريقة ذاتها، وإن كان لأغراض مختلفة. فقد سبق لوكالة الأمن القومي الأميركية أن اعترضت أجهزة اتصالات -لشركة اتصالات سورية- أثناء نقلها وعدلتها، ليس لأغراض مدمرة ولكن للتنصت.

إن تأسيس شركة صورية لخداع الضحايا ليس تطورا جديدا، إذ يُقال إن إسرائيل أنشأت شركة وهمية لإنتاج أجهزة محملة بالمتفجرات وبيعها إلى حزب الله، وفق المقال. وفي عام 2019، أسس مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي شركة تبيع هواتف محمولة لمجرمين؛ ليس لاغتيالهم بل للتنصت عليهم ثم اعتقالهم.

وأفاد الكاتب بأن العالم بدأ بالفعل التأقلم مع هذا التهديد، إذ أصبحت العديد من الدول تتوخى الحذر الشديد من شراء أجهزة اتصالات من بلدان لا تثق بها، وقال في هذا الصدد إن الولايات المتحدة ودولا أخرى تحظر استيراد أجهزة توجيه (راوتر) كبيرة من شركة هواوي الصينية خوفا من استخدامها في التنصت عليها، أو أن تلجأ الصين إلى تعطيلها عن بعد في حال تفاقم العداء بينها وبين تلك الدول.

وأشار إلى أن قادة حزب الله وعناصره لن يثقوا بعد اليوم بمعدات متصلة بشبكة، ويبدو أن "هذا هو على الأرجح أحد الأهداف الأساسية" في تفجير أجهزة النداء الآلي (البيجر) الثلاثاء والأربعاء الماضيين.

إعلان

وتابع قائلا إن العالم سيضطر إلى الانتظار لمعرفة ما إذا كانت هذه الهجمات ستخلّف أي آثار طويلة الأمد، أو كيف سيرد حزب الله عليها. أما الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة، فستكون تحت تهديد مماثل بشكل خاص، لأنها ببساطة تملك عددا هائلا من الأجهزة المعرضة للخطر، على حد تعبير شنايدر.

المصدر : نيويورك تايمز

إعلان