خبراء: أميركا تضغط لمنع إصدار "الجنائية" مذكرات اعتقال لنتنياهو وتؤخّر المساءلة

اتفق خبراء على وجود ضغوط من جانب أميركا وإسرائيل على المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بطلب الاستعجال في إصدار مذكرات اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، مشيرين إلى أن تل أبيب تحاول تجنّب المساءلة، وتتهم المحكمة بمعاداة السامية.

وقال الخبير في شؤون الأمم المتحدة الدكتور عبد الحميد صيام إن هناك 3 قاضيات هن المخولات بإصدار مذكرات الاعتقال بالمحكمة، منبها إلى أنهن يمكن أن يخضعن للضغط الذي يمكن أن تتعرض له حكوماتهن، كما أشار إلى أن تهديد أميركا للمحكمة سبق أن عطل إجراء ضد جرائم إسرائيل عام 2014 بدأته رئيسة المحكمة السابقة فاتو بن سودا.

واتفق الكاتب والباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر مع رأي صيام، مشيرا إلى أن انزعاج إسرائيل من المذكرات وردها باتهام المحكمة بمعاداة السامية وترهيب العدالة الدولية هو سلوك إسرائيلي متواصل، موضحا أنها تحاول دفع الاتهامات عنها بالدعاية وليس بالسلوك الذي يعزز براءتها.

وأكد شاكر أن سلوك إسرائيل يثبت أن لديها ما تخشاه أمام العدالة الدولية والمحكمة الجنائية والقانون الدولي، ولكنها تظل رغم ذلك مصرة على المواصلة في نهجها الإجرامي وغير مستعدة للتراجع عنه.

وبحسب صيام، فإن الاستعجال في إصدار مذكرات التوقيف قبل جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة وخطاب نتنياهو فيها، يحمل وزنا معنويا -لو أصدرت المذكرات- مشيرا إلى عدم تأكده من ذلك يعود إلى التاريخ الطويل بين المحكمة الجنائية وإسرائيل بهذا الخصوص، والذي لا يشير إلى أن المحكمة متحمسة للتدخل في حل القضية الفلسطينية.

خشية نتنياهو

وأرجع الخبير الأممي تجاهل حكومة نتنياهو لنصيحة قانونية بأن تقوم بتشكيل لجنة تحقيق داخلية تبحث قائمة الاتهام الموجهة من المحكمة لإسرائيل إلى أن نتنياهو يخشى أن يعتبر ذلك قبولا منه بأن يتم التحقيق معه شخصيا، لافتا إلى أنه لا يزال يعول على أميركا أن تحول دون إصدار مذكرات اعتقال بحقه أو أحد من مسؤولي حكومته.

وانتقد صيام مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة واصفا إياها بـ"غير متوازنة"، وطرح سؤالا حول السبب في عدم إصدار مذكرة بحق رئيس الأركان الإسرائيلي الذي يمارس القتل بمحاور غزة، والاكتفاء بمذكرتين لاعتقال نتنياهو وغالانت فقط، كما تساءل عن معقولية إصدار مذكرة اعتقال بحق الشهيد رئيس المكتب السياسي لحركة المقامة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، الذي أكد أنه لم يشارك في القرار العسكري، وكان موجودا خارج غزة.

ولفت إلى أن محكمة العدل الدولية تعتبر أكثر استقلالا من المحكمة الجنائية من ناحية التوزيع الجغرافي للدول التي ينتمي لها القضاة الـ15، موضحا أنهم يصدرون "رأيا قانونيا" يفترض أن يكون ملزما، ولكنه لا يطبق لأن المحكمة ليس لديها قوة لتنفيذ هذا الرأي القانوني.

وبالمقابل أوضح أن الوضع في المحكمة الجنائية مختلف، لأنها تصدر إجراءات عقابية ومذكرات اعتقال تنفذ بالتعاون مع الدول الأعضاء بالمحكمة.

ونوه شاكر إلى أن إسرائيل تعاني من هواجس وجودية عميقة "من الخروج من التاريخ"، وهذه يمكن أن تبدأ بالملاحقة الجنائية الدولية، رغم ما وصفه بـ"الحصانة المزيفة" التي يوفرها حلفاء الاحتلال الغربيين للتهرب من جرائمه.

الضغط الأخلاقي

ورغم ادعاءات المحكمة الجدية بإصدار المذكرات، عبّر شاكر عن قلقه بشأن تباطؤ المحكمة في الأداء، وضعف ما صدر منها حتى الآن فيما يتعلق بموضوع الإبادة الجماعية في غزة.

ولفت الكاتب والباحث إلى ضغوطات كبيرة تمارسها إسرائيل وأميركا على توجهات المحكمة الجنائية، لكنه أوضح أن ذلك يقابله "ضغط أخلاقي" يجعل المحكمة تواجه السؤال حول دورها إذا لم تقم بواجبها في إدانة أكبر عمليات الإبادة الجماعية المرئية التي حدثت في تاريخ العالم بغزة.

وحول التوقيت المتوقع لإصدار المذكرات، قال شاكر إن ذلك يمكن أن يحدث في أي لحظة، لكنه نبه إلى أن صدور المذكرات لا يعني تنفيذها إذا أخذنا في الحسبان أن بعض المتهمين يتمتعون بحصانة أحيانا.

وأشار الكاتب والباحث في الشؤون الدولية إلى أن أميركا لديها موقف مناهض لتأسيس المحكمة الجنائية، وحاولت الضغط على الدول الموقعة على ميثاق روما، خوفا من ملاحقتها في جرائم ارتكبها الجيش الأميركي بالعراق أو أفغانستان.

وكان المقرر الأممي السابق لحقوق الإنسان في فلسطين مايك لينك أكد، أمس الثلاثاء، أن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار أوامر اعتقال عاجلة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت هو بسبب جرائم الحرب المستمرة والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب داخل قطاع غزة، ووصف هذا "الإلحاح" من قِبل المدعي العام بأنه تطور مهم جدا.

المصدر : الجزيرة

إعلان