فورين بوليسي: مستقبل الهند ببنغلاديش في مهب الريح

قالت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية إن رئيسة الوزراء البنغلاديشية الشيخة حسينة استقالت بعد 15 سنة في الحكم، بسبب الاحتجاجات المناهضة لحكومتها، واستقلت مروحية عسكرية وفرت إلى الهند، ليستقبلها مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال، وربما تحصل على اللجوء هناك، ولو كان ذلك على حساب العلاقات مع حكومة جديدة في بلادها.
ورأت المجلة -في عمود للكاتب سوميت غانغولي- أن نفوذ نيودلهي قد يتضاءل في بنغلاديش بعد حل البرلمان وقيام الرئيس محمد شهاب الدين بتعيين محمد يونس الحائز على جائزة نوبل لقيادة حكومة مؤقتة، في تحول مفاجئ سوف يشكل معضلة للهند، وربما يؤثر على التجارة والأمن الإقليمي والعلاقات الخارجية.
حفاوة الاستقبال
وقد عبر لقاء دوفال مع الشيخة حسينة -كما يقول الكاتب- عن الأهمية التي أعطتها حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لعلاقاتها الثنائية وشراكتها الوثيقة مع بنغلاديش تحت قيادة حسينة، ما دامت تواصل قمع الإسلاميين داخل بنغلاديش والعمل مع الهند بشأن القضية الشائكة المتمثلة في الموارد المائية المشتركة.
وذكر الكاتب بأن الهند التي تربطها علاقات راسخة وقديمة مع جار لعبت دورا أساسيا في تأسيسه واستقلاله عن باكستان عام 1971، كانت على استعداد لتزويد بنغلاديش بمساعدات اقتصادية وعسكرية كبيرة، بسبب مخاوفها من الهجرة من بنغلاديش.
ومع استقالة حسينة، أصبحت لدى الهند الآن مخاوف ملحة -حسب الكاتب- فهي أولا قلقة بشأن طبيعة الحكومة التي قد تنشأ في بنغلاديش، خاصة أنه من غير المرجح أن يتمكن حزب عوامي من العودة إلى السلطة في الانتخابات القادمة بسبب حملة القمع القاسية التي شنتها حكومة زعيمته، وإن كانت الهند تستطيع التواصل مع المؤسسة العسكرية هناك.
الصين في الأفق
وثانيا، سوف تكون الهند حذرة من أي حكومة مستقبلية تتجه نحو الصين، علما أن بنغلاديش موضوع للمنافسة بين الجارتين، ويبدو أن علاقاتها مع الصين أصبحت أكثر دفئا، وهي تسعى إلى الحصول منها على معدات عسكرية، وقد قررت مؤخرا إجراء مناورات عسكرية معها بكين، كما وقعت على مبادرة الحزام والطريق الصينية.
ورغم أن الهند على استعداد تام لمساعدة بنغلاديش في تطوير البنية الأساسية، فإنها لا تستطيع التوغل في منافسة من المرجح أن تغذيها التطورات المتلاحقة في بنغلاديش، خاصة مع إطلاق سراح خالدة ضياء، زعيمة حزب المعارضة الرئيسي التي شغلت منصب رئيس الوزراء في التسعينيات، ولم تظهر أي عاطفة خاصة تجاه الهند، وعملت أيضا مع أعضاء الأحزاب الإسلامية في بنغلاديش.
الهند لم تتوقع
وعلى الرغم من قرب بنغلاديش من الهند والروابط العرقية والثقافية بينهما، فقد فشلت حكومة مودي في توقع قوة وشراسة المعارضة التي واجهت الشيخة حسينة، شريكتها المفضلة في داكا، وهي الآن تواجه أزمة إقليمية لها تداعيات على سياستها الداخلية والخارجية.
ولكن حتى يعود القانون والنظام في بنغلاديش، يتعين على الحكومة الهندية -حسب الكاتب- أن تسعى لمنع التراجع الحاد لنفوذها في داكا، وبين احتمال عودة الحزب الوطني البنغلاديشي وبعض حلفائه الإسلاميين إلى السلطة وتدخل الصين لسد الفجوة، تظل العلاقات بين الهند وبنغلاديش معلقة في الميزان.