الكوليرا تفاقم معاناة السودانيين ومختصون يدقون ناقوس الخطر

A child suffering from cholera receives treatment at a rural isolation centre in Wad Al-Hilu in Kassala state in eastern Sudan, on August 17, 2024. - Sudan
مركز عزل في ود الحليو بولاية كسلا لاحتواء وباء الكوليرا (الفرنسية)

الخرطوم- ضاعفت السلطات في السودان من إجراءاتها الاحترازية بعد الإعلان رسميا عن تفشي وباء الكوليرا في محاولة للحد من انتشاره، وذلك عبر توجيهات أصدرتها وزارة الصحة الاتحادية بإطلاق حملة لمجابهة الوباء، وفق بلاغ صحفي.

وكشف قسم الاستجابة بإدارة الطوارئ والوبائيات في وزارة الصحة الاتحادية عن تأثّر 5 ولايات في السودان، وتسجيل 658 إصابة بالكوليرا. وسُجلت الإصابات في ولايات نهر النيل والجزيرة والخرطوم وسط السودان، وكسلا والقضارف شرقا.

وتحدّثت رئيسة القسم ليلى حمد النيل، في تصريح للجزيرة نت، عن رصد الإصابات بشكل يومي، لا سيما في ولاية كسلا الأكثر تأثرا بالوباء، والتي سُجلت فيها أكثر من 75% من الإصابات، وارتفع عدد الوفيات فيها إلى 28.

وأضافت المسؤولة الصحية "أُنشئت مراكز عزل للمرضى في الولايات التي رصدت فيها الإصابة بالكوليرا، وتم توفير الأدوية وتطبيق البروتوكول العلاجي وتدريب الكوادر، وحملات لتعقيم البيئة، خاصة في ولايتي القضارف وكسلا لتقليل انتشار نواقل الأمراض".

كما تحدثت عن توفير جزء من الميزانيات للولايات لتسيير العمل، ومواصلة الإمدادات عبر متابعة الاحتياجات في الولايات المعنية، مُقرّةً بصعوبة الوضع الصحي، إذ يتسبب هطول الأمطار في انقطاع الطرق مما يحول أحيانا دون وصول الإمدادات.

إعلان

كسلا والوباء

وكانت وزارة الصحة قد صرحت للجزيرة نت أن كسلا من ضمن الولايات الأكثر تأثّرا بوباء الكوليرا. وفي تصريح للجزيرة نت، كشف مدير عام الوزارة بهذه الولاية، علي آدم، عن تسجيل أكثر من 300 حالة إصابة بالكوليرا فيها، وتأثر عدد من المحليات. ولكنه وصف الوضع الوبائي بالمستقر.

وقال آدم إن الوزارة تتعامل بالطرق العلمية وبالتنسيق مع الجهات المختصة، مع وجود مراكز عزل في المناطق التي ينتشر فيها الوباء. ولفت إلى استخدام عنابر ليست مخصصة للعزل مما أحدث "فجوة كبيرة" منوها إلى أن هناك حاجة لغرف عزل خاصة بهذا الوباء لأن ولاية كسلا تشهد -بين وقت وآخر- انتشار عدد من الأمراض.

من جهته، قال تحالف القوى المدنية لشرق السودان -نقلا عن مصادر طبية- إن "معدلات انتشار وباء الكوليرا في محلية ود الحليو بكسلا في تزايد مستمر وإن السلطات فشلت في توفير المساعدات اللازمة لمواجهة الوباء رغم مرور أكثر من شهر على ظهور حالات إصابات مؤكدة".

بالمقابل، أكد مدير عام الصحة في كسلا أن الوزارة نفذت حملات تطعيم في المناطق والمحليات التي انتشر فيها الوباء مثل ود الحليو إضافة إلى حملات إصحاح البيئة.

تأثر القضارف

ووفق وزارة الصحة، أُعلنت القضارف شرقي السودان -كذلك- كإحدى الولايات المتأثرة بوباء الكوليرا. وفي حديثه للجزيرة نت، كشف وزير الصحة والتنمية الاجتماعية بالقضارف أحمد الأمين آدم عن تسجيل حالات اشتباه بوباء الكوليرا بالولاية، وأنه تم فتح مراكز عزل في عدد من المحليات التي استقبلت بعض الحالات وتم اتخاذ التدابير الصحية اللازمة مؤكدا أن الأوضاع "تحت السيطرة".

وتشهد عدد من ولايات السودان معدلات أمطار عالية وسيول أدت إلى انهيار آلاف المنازل وظهور عدد من الأمراض والأوبئة، وأعلنت وزارة الصحة عن وفاة 114 شخصا وإصابة 281 آخرين إثر السيول والأمطار التي شهدتها ولايتا الشمالية ونهر النيل.

إعلان

وأوضح الأمين آدم أنه تم اتخاذ الاحتياطات اللازمة من تنقية المياه ومكافحة النواقل وتعزيز الصحة، وذلك في إطار دور الوزارة في عملية مكافحة الأوبئة والاستعداد المبكر ونتيجة لبعض الحالات القادمة من محلية ود الحليو كسلا وللأوضاع الصحية في القضارف.

A man disinfects a rural isolation centre where patients are being treated for cholera in Wad Al-Hilu in Kassala state in eastern Sudan, on August 17, 2024. - Sudan's health minister on August 17 declared a cholera epidemic after weeks of heavy rain in the war-torn country, in a video released by his ministry. The northeast African country has been engulfed in a war since April 2023 between the Sudanese army under the country's de facto ruler Abdel Fattah al-Burhan and the paramilitary Rapid Support Forces (RSF), led by his former deputy Mohamed Hamdan Daglo. (Photo by AFP)
تطهير مركز عزل ريفي لعلاج المرضى من الكوليرا في ود الحليو بولاية كسلا (الفرنسية)

ودعا المتحدث ذاته المنظمات والشركاء إلى مساعدة وزارة الصحة في القضارف، وكشف عن إطلاق حملة مطلع الأسبوع المقبل في هذه الولاية لتعزيز الصحة ومكافحة نواقل الأمراض.

ومع انقطاع شبكات الاتصال والإنترنت -في بعض الولايات- وهطول الأمطار مع الفيضانات التي اجتاحت عددا من المدن، تصف نقابة أطباء السودان (غير حكومية) الوضع الصحي بـ"الكارثي" وتقول إن تراكم المياه يولّد الذباب مما يؤدي إلى سرعة انتقال المرض.

وأفاد المتحدث باسم النقابة سيد محمد عبد اللّه -للجزيرة نت- أن هناك صعوبة في الرصد الدقيق للحالات، إلى جانب توقف أكثر من 80% من المرافق الصحية، وأضاف أن "نسبة الوفيات في تضاعف ويتعرض الآلاف للموت مع انعدام تطعيم الأطفال وزيادة حالات سوء التغذية".

تدهور بيئي

من جهته، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة بشرى حامد -للجزيرة نت- إن السودان يشهد تدهورا بيئيا كبيرا جدا جراء الحرب التي استهدفت كل المجالات الخدمية خاصة الصحة.

وتحدث عن "تدمير معظم المستشفيات والمعامل ومخازن اللقاحات والدواء، وتوقف عمليات خدمات البيئة، واكتظاظ المدن الآمنة بأعداد من المواطنين دون مراعاة الاحتياطات الصحية".

وأضاف حامد أن انعدام المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي يعزز من انتشار الإسهالات المائية، إضافة إلى انعدام الموارد المالية لمجابهة الأزمة والأدوية والمعامل مما فاقم من انتشار وباء الكوليرا.

وبرأيه، فإن غياب الوقاية والمكافحة هو السبب الأساسي في انتشار هذه الأمراض، حيث تعزز الأوضاع الحالية من تفشي الأوبئة في ظل ضعف النظام الصحي وغياب فاعلية المجتمع الدولي، على حد تعبيره.

إعلان
المصدر : الجزيرة

إعلان