لماذا يثير التلويح بالعمليات الاستشهادية ذعرا إسرائيليا؟

يشكل تلويح المقاومة الفلسطينية بعودة العمليات الاستشهادية في العمق الإسرائيلي ذعرا كبيرا في دائرة صنع القرار بتل أبيب، وهو ما من شأنه أن يحدث انعطافة حادة خلال الحرب الحالية على غزة، وفق محللين.

ويعتقد الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد أن العمليات الاستشهادية قد تعود بشكل أكبر بعد المجازر غير المسبوقة التي ارتكبتها إسرائيل خلال الحرب.

وأمس الأحد، أعلنت الشرطة الإسرائيلية عن وقوع تفجير بتل أبيب، في حين تبنت العملية كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالاشتراك مع سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي-، مؤكدة أن العمليات الاستشهادية بالداخل المحتل ستعود ما دامت مجازر الاحتلال وسياسة الاغتيالات متواصلة.

وأوضح زياد -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن العمليات الاستشهادية كانت قد انطلقت مع انتفاضة الأقصى ردا على المجازر في غزة والضفة الغربية، مضيفا أن عربدة إسرائيل أفضت إلى هذا الصدام الكبير.

ووفق المتحدث، فإن ما فعلته إسرائيل خلال الحرب بتدمير المشروع الفلسطيني من شأنه أن يواجه بأقصى رد ممكن، وقد يكون هناك قرار جدي بعودة العمليات الاستشهادية.

وشدد على أن حالة الاحتقان والثأر في صدور الفلسطينيين لا يمكن إلا أن تؤول إلى صدام حقيقي، لافتا إلى أن المقاومة تتشدد بموقفها بسبب إجرام الإسرائيليين.

ونبه إلى أن المجتمع الغزي دفع فاتورة ضخمة من الدماء "لذلك فإن المقاومة مدينة له بمواصلة القتال في الميدان وعلى طاولة التفاوض حتى يحقق الشعب الفلسطيني ما يريد".

وبشأن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لإسرائيل، قال زياد إن واشنطن لا يمكن أن تظهر بمظهر وسيط حيادي وضامن حيث تواصل الكذب بعدما نسف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتفاق المقترح، كما يواصل اللعب بمختلف الأطراف.

وتساءل في هذا الإطار "كيف يفاوض الأميركي طرفا واحدا ويطلب من الطرف الآخر الالتزام؟"، قبل أن يؤكد أن حماس غير مخولة بأي اتفاق لا يضمن خطوطها الحمراء بالانسحاب الكامل من القطاع وعودة النازحين وعمليات الإغاثة والإعمار، إلى جانب صفقة تبادل أسرى حقيقية.

وخلص إلى أن واشنطن تدرك أن نذر الحرب الإقليمية تزداد، حيث تحاول لجم هذا التصعيد لكنها تذكي نيران الحرب بتزويد إسرائيل بالسلاح والشرعية والوقت، والضغط على حماس سياسيا.

تهديد حقيقي

بدوره، قال الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إن إسرائيل كانت تحاول الهروب من وضع تجد فيه نفسها بحالة استنزاف مثلما حدث في الضفة الغربية بين عامي 2000 و2006.

وأشار جبارين إلى أن العمليات الفلسطينية بين عامي 2006 و2023 كانت محصورة بنطاق الضفة الغربية، مؤكدا أن إسرائيل تتعامل الآن مع تهديد حقيقي ومباشر لتل أبيب وهو ما يؤرقها.

وأكد أن الاحتلال يؤدي إلى الاضطهاد ومن ثم فإن الطرف الآخر يقاوم هذا الاضطهاد والاحتلال "لذلك سارع رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي للتأكيد بأن الجيش لا يريد البقاء داخل غزة".

ويعتقد أن ما يجري منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي "حرب إسرائيلية انتقامية"، منبها إلى حساسية الظرف الحالي حيث تسعى واشنطن لإدارة المرحلة بدقة تحسبا للانتخابات الأميركية المقبلة.

لكن نتنياهو -وفق جبارين- يعتاش على حالات الفوضى، إذ لم يكن يفاوض على شروط الدخول إلى صفقة وقف إطلاق النار وإنما الخروج منها، مضيفا أنه يحاول البحث عن الذرائع وتحميل الطرف الآخر المسؤولية والتنصل منها.

وخلص إلى أن نتنياهو غير معني بأي أطروحات للحل وإنما يريد العيش بحالة فوضى لا إستراتيجية في هذه المرحلة بهدف استمرار الحالة وحتى وإن دخل في المرحلة الأولى من الصفقة، حيث باتت أميركا تخشى ما بعد ذلك.

المصدر : الجزيرة

إعلان