ماذا يعني انضمام معارضين سابقين لحزب العدالة والتنمية التركي؟
أنقرة- في احتفال حاشد بمناسبة الذكرى الـ23 لتأسيس حزب العدالة والتنمية في العاصمة التركية أنقرة، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان، الأربعاء الماضي، انضمام نائبين برلمانيين و13 رئيس بلدية جددا إلى صفوف الحزب.
وقلّد أردوغان، وهو رئيس الحزب الحاكم، سيدهان إيزسيز وأحمد أرساغون يوجال، النائبين المستقلين بالبرلمان عن مدينة إسطنبول واللذين انشقا عن حزب "الجيد"، شارة العدالة والتنمية بعد انضمامهما إليه ليكونا جزءا من كتلته البرلمانية.
وفي الوقت ذاته، انضم إلى الحزب 13 رئيس بلدية، من بينهم 7 رؤساء من حزب "الرفاه الجديد"، وواحد من حزب "الديمقراطية والمساواة"، فضلا عن 5 رؤساء بلدية مستقلين من مختلف الولايات التركية.
ردود الفعل
وكان نائب رئيس العدالة والتنمية، حمزة داغ، أعلن في وقت سابق أن الحزب سيشهد انضمامات جديدة خلال احتفالات الذكرى السنوية، مع تأكيده أن هذه التحركات ستستمر في المستقبل القريب.
وفي أول ردود الفعل لحزب "الرفاه الجديد"، غرّد رئيسه فاتح أربكان على منصة "إكس" قائلا "منذ انتخابات 31 مارس/آذار 2024 المحلية يتعرض رؤساء البلديات وأعضاء المجالس البلدية المنتخبين -بإرادة حرة من قبل شعبنا- لمحاولات ابتزاز سياسي من قبل حكومة العدالة والتنمية".
وأضاف أن "تعطيل عمل رؤساء البلديات المنتمين لحزبه، وحرمانهم من تقديم الخدمات، ومحاولة دفعهم للانضمام إلى العدالة والتنمية عبر وسائل الابتزاز السياسي، يعدّ تجاهلا صريحا للإرادة الشعبية التي تم التعبير عنها في تلك الانتخابات. هذا السلوك لا يتماشى مع القيم السياسية ولا الأخلاقية".
وأكد أربكان أن هذه العمليات السياسية "لن تتمكن أبدا من إيقاف صعود حزبه (الرفاه من جديد) الذي يحظى بدعم متزايد من الشعب".
من جانبه، أعرب سعاد قلج، نائب رئيس الحزب، عن استيائه من الانضمامات الجديدة خلال حديثه للصحافيين. وقال "صناديق الاقتراع تعكس إرادة الشعب، ومنذ لحظة فوزنا كان على رؤساء البلديات حماية الثقة التي منحها لهم الناخبون. ومن غير الطبيعي أن يغادر أحد رؤساء البلديات التي فزنا بها، وعددها 63 بلدية، وينضم إلى جهة أخرى".
اختيار حر
وردا على ذلك، نشر المتحدث باسم العدالة والتنمية، عمر تشليك، تعليقا عبر منصة "إكس" قال فيه "إن حزب الرفاه من جديد يحاول استغلال رؤساء البلديات الذين اختاروا بإرادتهم الحرة الانضمام إلى العدالة والتنمية والإسهام في سياساته الخدمية".
وتابع أن "هذا الحزب الذي لم يتبنّ سياسة مستقلة في الانتخابات المحلية عمل بوضوح على عرقلة العدالة والتنمية ودعم فوز حزب الشعب الجمهوري، وترشيح شخصيات كانت في السابق جزءا من الحزب الحاكم"، وهي خطوة أكد تشليك أنه "يجب عليهم تقييمها بصدق في ما يتعلق بالمبادئ السياسية".
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد الصحفي ومدير مركز القارات الثلاث، أحمد حسن، أن حزب العدالة والتنمية يواصل اتباع إستراتيجية متقنة تمتد عبر مختلف مراحله السياسية، وتتمثل في قدرته على استقطاب خصومه واحتضان المنشقين عنه.
وأوضح أن هناك أعضاء حاليين في الحزب كانوا في السابق معروفين بعدائهم له، ولكن استقطابهم منحه بُعدا آخر، مضيفا أن رئيس حزب "الحركة القومية" دولت بهتشلي ووزير الداخلية التركي السابق سليمان صويلو -اللذين كانا من أبرز خصوم العدالة والتنمية- أصبحا الآن من أنصاره.
وبرأي حسن، فإن الحزب الحاكم يجد نفسه اليوم أمام تحدّ حاسم يتعلق بالدستور الجديد، حيث يحتاج إما إلى إقناع الأحزاب الأخرى للحصول على 360 صوتا في البرلمان، أو اللجوء إلى استقطاب نواب مستقلين لتحقيق الأغلبية المطلوبة. ويبدو أنه يسير في كلا الاتجاهين، وذلك يعكس إستراتيجيته المتعددة الأوجه.
صدمة
وعن اتهامات "الابتزاز السياسي" التي وجهتها بعض الأحزاب إلى العدالة والتنمية، قال المتحدث حسن إنها تعكس "صدمة" تلك الأحزاب من فقدان أعضاء مهمّين، خاصة أنهم حققوا مكاسب شخصية داخل أحزابهم السابقة قبل أن ينتقلوا.
وبتقديره، فإنها اتهامات طبيعية في مثل هذه الظروف، "لكن الحقيقة هي أن العدالة والتنمية يعتمد على سياسة المساواة والتفاوض السياسي لاستقطاب الأعضاء".
وفي ما يتعلق بالتوقيت الذي اختاره العدالة والتنمية للإعلان عن انضمام الأعضاء الجدد، قال حسن إنه يعكس قدرة الحزب على التجدد والتكيف مع الأزمات.
ورأى أن هذا الإعلان يحمل رسالة طمأنة للمترددين بشأن مستقبل الحزب، ويؤكد قدرته المستمرة في جذب القاعدة المترددة التي غالبا ما تكون عاملا حاسما في الانتخابات.