اغتيالا الضاحية وطهران.. محللون: إسرائيل أمام حرب متعددة الجبهات

نتنياهو يجري مع طاقم مكتبه مشاورات أمنية عبر الهاتف مع وزير الدفاع غالانت ورئيس الأركان هاليفي وقادة الأجهزة الأمنية.المصدر: مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي الذي عممها للاستعمال الحرب لوسائل الإعلام).
نتنياهو مع طاقم مكتبه يجري مشاورات أمنية عبر الهاتف مع وزير الدفاع غالانت ورئيس الأركان هاليفي وقادة الأجهزة الأمنية (الإعلام الإسرائيلي)

القدس المحتلة- قدّرت القراءات الإسرائيلية أن الاغتيالات في إيران ولبنان، تدفع الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية، وأجمعت التحليلات على أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسملامية (حماس) إسماعيل هنية، وإعلان إسرائيل اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر في بيروت، يشكلان ضربة للمقاومة والمحور الإيراني في المنطقة.

وفي الوقت الذي كانت ترقب تل أبيب رد حزب الله على الهجوم الذي نفذه الطيران الإسرائيلي المسير على ضاحية بيروت الجنوبية في لبنان مساء الثلاثاء، والذي استهدف القيادي بالحزب شكر، أُعلن، فجر الأربعاء، عن اغتيال هنية وأحد مرافقيه بغارة إسرائيلية استهدفت مقر إقامته في العاصمة الإيرانية.

وحيال هذه الاغتيالات تتحضر إسرائيل لسيناريو مواجهة شاملة على عدة جبهات، حيث أعلنت تل أبيب عن إغلاق مجالها الجوي في الشمال لمدة 24 ساعة، بينما أجرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -الذي طالب من وزراء حكومته التزام الصمت بشأن الاغتيالات في طهران وبيروت- مشاورات أمنية بشأن جهوزية الجيش الإسرائيلي لهجمات قد تطال عمق الجبهة الداخلية.

هذا يعني، وفقا لقراءات المحللين، أنه يتعين على إسرائيل أن تستعد لحرب متعددة الجبهات، وفي مثل هذا السيناريو ستكون الجبهة الداخلية هي الجبهة الرئيسية، وستكون عرضة للهجمات الصاروخية بجميع أنواعها، إلى جانب الطائرات بدون طيار، التي ستنطلق ليس فقط من لبنان واليمن، بل أيضا من إيران التي ستحاول إرسال جماعات مسلحة من داخلها ومن العراق وسوريا إلى الجبهة الشمالية لإسناد حزب الله.

إعلان

خطر الحرب الشاملة

وتعليقا على عمليات الاغتيال وتداعيات ذلك على جبهات القتال في غزة ولبنان، يرى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" آموس هرئيل، أن إسرائيل تواجه حلقة جديدة من التصعيد الإضافي في الحرب، إلى حد احتمال نشوب صراع إقليمي أوسع.

ورجح المحلل الإسرائيلي أن تجد إيران صعوبة في عدم الرد على اغتيال هنية على أراضيها، لافتا إلى أنه ينظر في تل أبيب إلى إيران وحزب الله حتى الآن على أنهما يحاولان إبقاء الحرب مع إسرائيل دون عتبة الحرب الشاملة.

وقدر هرئيل أن إسرائيل تستعد لرد من حزب الله على هجوم الضاحية الجنوبية، لكن يقول إن "تل أبيب تأمل في إمكانية احتواء الصراع ومنع تصعيده إلى حرب شاملة على الجبهة الشمالية، فنتنياهو غير معني بمواجهة شاملة مع حزب الله وجبهة غزة مشتعلة".

وحتى لو لم يؤد الهجوم في بيروت إلى حرب شاملة، يقول هرئيل "فلا توجد حتى الآن طريقة لاستعادة الاستقرار على الحدود اللبنانية. وفي هذه اللحظة يبدو أن الطريق البديل أي التوصل إلى صفقة الرهائن مع حماس ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، قد وصل إلى طريق مسدود مع اغتيال هنية".

وخلص المحلل العسكري للقول "لا توجد للحكومة والجيش الإسرائيلي أي حلول للتهدئة والخروج من المأزق الإستراتيجي في الشمال والبلدات الحدودية التي أخليت من سكانها منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، علما أن حياة العائدين ليست آمنة، وفي مثل هذه الظروف، يصبح خطر التحول إلى حرب شاملة حقيقيا، أيضا على خلفية اغتيال هنية في طهران".

السيناريوهات المتوقعة

من جهته، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) السابق، آموس يدلين، إن "الهجوم في بيروت بعث برسالة واضحة مفادها أن إسرائيل تغير اتجاهها بالتعامل، ولكن الكرة الآن في ملعب حزب الله، وطريقة رد فعله ستؤثر على استمرار التصعيد".

ويعتقد أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، سيحاول الرد على استهداف بيروت، عبر محاولة اغتيال مسؤول إسرائيلي كبير أو قصف مدينة إسرائيلية مهمة، وإطلاق وابل من الصواريخ على مديات أو أهداف تتجاوز خصائص هجمات حزب الله منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

إعلان

وبشأن تطورات الأحداث والسيناريوهات المتوقعة، يقول الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية "تكتيكيا وفوريا، إسرائيل مطالبة بالاستعداد استخباراتيا وعمليا لرد حزب الله، وأن تكون بأعلى جهوزية دفاعيا وهجوميا لهجماته المضادة، وكذلك لرد إسرائيلي مؤلم على لبنان، والاستعداد عسكريا ووطنيا لتصعيد واسع وحرب شاملة".

من المؤكد يضيف يدلين، أنه "لن يكون هناك مفر من حرب شاملة مع لبنان، لكن من الضروري أن يتم فتحها بطريقة مخططة، بدلا من الطريقة والتوقيت الذي يفرض على إسرائيل، جراء تدهور الأحداث وحالة التصعيد والاستفزاز، ولا بد من الحفاظ على تنسيق أفضل مع أميركا في مواجهة مجموعة كاملة من التحديات".

ولمواجهة التحديات وسيناريو حرب شاملة مع حزب الله، يعتقد المسؤول الأمني السابق أن الحكومة الإسرائيلية مطالبة بإعادة تحديث أهداف الحرب على غزة، بما يتوافق مع الصورة العريضة لمشهد الحرب برمته، ومع رؤية إقليمية شاملة، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء يتحدث كثيرا عن "النصر المطلق"، لكنه لا يحدد الأهداف التي ستحقق من خلال النصر الذي يروج له.

التوقيت والجاهزية

وفي قراءة للهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، كتب جنرال الاحتياط غيورا آيلاند، الذي شغل منصبي رئيس قسم التخطيط والعمليات في الجيش الإسرائيلي، ورئيس مجلس الأمن القومي مقالا أجاب فيه عن أسئلة "لماذا الآن، ولماذا هناك، وماذا قد يحدث؟".

ويرى آيلاند أن توقيت الرد الإسرائيلي أتى متأخرا، مرجحا أن سلاح الجو لم يكن بجاهزية لتنفيذ عملية خاصة في لبنان كان يمكن إطلاقها مباشرة بعد حادثة مجدل شمس، وعزا ذلك لعدم توقع إسرائيل لمثل هذا الحدث الخطير مع العديد من الضحايا.

سواء بدأت الحرب على لبنان هذه الأيام أم تم تأجيلها، يقول آيلاند "من الواضح أن هذا هو التحدي الرئيسي لدولة إسرائيل. كان من المفترض أن يحاول نتنياهو خلال زيارته لواشنطن الحصول على الدعم الأميركي لشن حرب شاملة على دولة لبنان، وكذلك ضمان تدخل أميركي في حال هاجمت إيران إسرائيل أثناء الحرب".

إعلان

وقدر أن إسرائيل لا يمكنها عزل جبهة غزة عما يحصل من تطورات على الجبهة الشمالية، لافتا إلى أنه في حال نشوب حرب شاملة مع حزب الله، وهو سيناريو متوقع، فإن نافذة الفرصة السانحة للتوصل لصفقة تبادل وإعادة المحتجزين الإسرائيليين ستغلق.

ويعتقد آيلاند أنه لن يكون لدى رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار، أي سبب للرغبة في التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل في حال توسعت المواجهة مع حزب الله، قائلا "بالنسبة للسنوار، فإن حربا واسعة النطاق في الشمال، والتي من المتوقع أن تنضم إليها عناصر أخرى من سوريا والعراق، هي الحلم الكبير".

المصدر : الجزيرة

إعلان